المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام قارئة مميزة فريق كتابة الروايات الرومانسية مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 335 - ليلة واحدة أخرى - ليندسي ارمسترونغ - المركز الدولى
و لماذا فعلت ذلك؟ لم تكن إيفون تدرى السبب فى الواقع ماعدا حقيقة أنها – باختصار- لم تكن لديها الرغبة فى الاستمرار فى التشاجر معه. كما لم تكن لديها الارادة لكى تقابل بالدهشة أو الفضول أو أى شئ آخر اعتباراً من هذه اللحظة فصاعداً. لهذا عندما نزلا إلى خارج المدخل الرئيسى, تحيط بهما أمتعتهما و أحضر أحد الخدم سيارة زرقاء من طراز بورسكى وقفت أمامهما. أدركت فى هذه اللحظة أنها سيارة ريك واكتفت بالنظر إليها خلسة.
قال ريك :
ـ اعتقد أننا سوف نسلك شارع بوتى, أعرف أنه متعرج بعض الشئ, و لكن فكرة التعامل مع زحام المرور فى هورنسبى لا تروقنى.
هزت كتفيها بدون اكتراث قائلة:
ـ أى شئ تريده.
منتديات ليلاس
ـ تريدين أن تقولى بكلمات أخرى إنك غير مهتمة بأى طريق نسلكه إلى الجحيم.
ـ ريـــــــــكــــ......
نطقت اسمه ثم وضعت يدها فوق فمها. رمقها بنظرة سريعة ثم قال بهدوء:
ـ أنا آسف.
ثم أدار مفتاح الراديو, لم يحاول إجراء أى حوار آخر معها.
كانت السيارة قد تجاوزت وندسور و أوغلت فى شارع بوتى و الجبال الزرقاء, عندما اكتشفت إيفون بغرابة أنها المسؤولة عن صمتها, و عن جلوسها فى تعاسة مدة ساعتين بدون أن تفتح فمها بكلمة واحدة, و أدارت رأسها لكى تنظر من الشباك فى جانبها. ثم رفعت يدها لتدلك مؤخر رقبتها, و بدأت المناظر الجميلة التى تمر بها السيارة تستولى على مشاعرها أمامها بطء....الضباب الذى كان يحيل الجبال إلى اللون الأزرق, و أشجار الصمغ الضخمة بألوانها البيضاء و الصفراء و أزهار الشجيرات الصغيرة البنفسجية.
قالت إيفون أخيراً على سبيل التجربة:
ـ المنظر بديع, اليس كذلك؟
أومأ ريك برأسه.
مرت السيارة بسرعة أمام علامة للطريق, و سألته:
ـ هل سوف نذهب إلى سنجلتون؟
هز كتفيه قائلاً:
ـ لا. سوف ننحرف عند ثنية بروك, و ربما كانت على بعد نصف ساعة من هنا, هل تشعرين بأنك أحسن حال؟
ـ نــــعـــــم.
عندما وصلت السيارة إلى منتديات ليلاس منحنى بروك كانا قد بلغا – ولا شك- الريف الذى تغلب عليه زراعة الكروم. و كان المنظر جميلاً كذلك على الرغم من أنه كان مختلفاً عن شارع بوتى. كانت منطقة تلال, إلا أنها زهرة منسية أكثرقة.
قال لها ريك:
ـ تستمد بروك أسمها من هذه التلال , سلاسل بروكن باك.
قالت تشجعه على الكلام:
ـ حدثنى عن بيبرز.
ـ إنه بيت للضيافة. صمم لكى يكون قريب الشبه ببيت المزرعة فى العهد المبكر لاستعمار استراليا, و به قاعة طعام رائعة, و هو محاط بأرض و حدائق بديعة- و احيانا تفوح من المكان رائحة نفاذة.
قالت إيفون :
ـ اشبه بجبل القمر .
و عندما تجاوزت السيارة علامة الطريق قالت:
ـ يا له من اسم جميل!
ـ هممم. لم يعد بعيداً الآن, هاهى ذى تيربل تبدو الآن على يسارنا.
قالت إيفون فجأة:
ـ ـ وهـ!
ـ ماذا؟
ـ الورد! ألم تر فى الممر كل تلك الأشجار حاملة الورود؟
ـ سوف نعود إليها لنتذوق رائحته, و نشاهد ألوانه بعد الظهر إن شئت.
أنحرف ريك بالسيارة نحو طريق فرعى على اليمين و قال:
ـ و هناك فوق التلة مباشرة, يوجد بيبرز.
بعد عدة دقائق, عندما وقفت السيارة وقفت السيارة البورسكى, تطلعت إيفون حولها إلى بيبرز الذى كان غارقاً فى ضوء شمس ما بعد الظهر, و كان منظره يسلب اللب. كان يضم عدة مبان كل جدرانها بلون القشدة المائل للاصفرار, و أسقفها من الحديد المعرج الأخضر الداكن. و كان المكان الذى وقفا فيه يطل على فناء و حديقة باجنحة على ثلاث جوانب, و ممرات حولها مظلمة, و إطارات نوافذ الطوابق العليا مطلية باللون الأبيض, و لو لم تكن تعرف الحقيقة لظنت أنها عادت خطوة فى الزن إلى الوراء.
سألت إيفون بدهشة:
ـ هل.....هل هو جديد؟
نظر إليها ريك باسماً و قال :
ـ انتظرى حتى تشاهديه من الداخل.
إلا أن الإحساس بالافتتان الذى شعرت به فى البداية خف اخيراً, عندما وجدت نفسها وسط غرفة جميلة مزينة بالطريقة القديمة . و فيها منضدة عتيقة الطراز للزينة و خزانة ثياب و صور و مطبوعات قديمة على الجدران. و أصيص أزهار فوق المنضدة مملوء بالورود المختارة بعناية و أغطية جميلة للوسائد الموضوعة على السرير المزدوج فى غرفتهما.
قالت إيفون بعصبية:
ـ لم تقل لىّ شيئاً عن كل هذا.
هز ريك كتفيه و قال :
ـ لم أكن أعرف أن كل غرف الفندق محجوزة, و لكن ذلك الذى كان يدور فى ذهنى... على
اى حال حجز غرفتين مضيعة للمال .
ـ أستطيع أن أتصور ذلك!
ـ هل تستطيعين؟ ربما كان باستطاعتك....لقد جئت معى بعد كل شئ.
جلست إيفون على طرف السرير و قالت:
ـ لقد قلت عندما كنا نغادر برامبتون إنه لن يكون هناك....لن يكون هناك....
ـ إجبار؟ لن يكون هناك إكراه, كما أنه يوجد كذلك سرير إضافى.
كما أشار إلى اريكة تتسع لفرد واحد, عليه عدة وسائد.
ـ باستطاعتك دائماً أن تحكمى على بالنفى إلى تلك الأريكة إن شئت. قال ذلك و فى عينيه بريق اللهو.
ـ أنت تعرف أنك إنسان لا يحتمل.
ـ اعرف ذلك, استمعى إلىّ قبل أن تبدئى فى الإحساس بكل ذلك الحزن مرة أخرى. هل استطيع أن اعرض عليك اقتراح؟
رمته إيفون بنظرة شرسة و عضت على شفتها و هى تفكر فى الرد على إهانته, و فكرت فيما إذا كانت ميالة إلى الحزن.....و هى فكرة جعلتها تجفل. و قالت ببرود:
ـ لا بأس هات اقتراحك.
وبعد ساعة, كان لابد لها من الاعتراف بينها و بين نفسها أن ذلك كان الجزء الأول من اقتراحه على الأقل.
ـ أننى أفهم ما تقصده.
قالت ذلك بصوت يغلبه النعاس من فوق مقعد الاسترخاء الأصغر الذى كانت ترقد عليه فى الحديقة أمام غرفة البحيرة التى تتضمن حمام البخار, و ينبوع المياه المعدنية و بحيرة صغيرة من الماء الساخن, حيث كانت توجد مدلكة تقدم خدمات تدليك الجسم و الوجه, و غير ذلك من أساليب العلاج التجميلى .
كان على المائدة الموجودة بينهما زجاجة عصير تطل بعنقها الرفيع من فوق حافة دلو فضى مملوء بالثلج, و أمامها كوبان ممتلئان بالعصير, و طبق فيه بقايا شطائر من سمك السلمون المدخن الشهى.
كان ريك قد تحايل على إحضارها من المطبخ, لأن موعد وجبة الغداء كان فاتهما, و قال ريك من فوق مقعد الاسترخاء الذى يجلس عليه:
ـ سحرى, أليس كذلك؟
ـ جميل.
قالت إيفون موافقة و هى تمر بأصابعها فوق العشب الأخضر الكثيف الذى تخرج منه أزهار البرسيم, و شعرت برغبة فى الرقاد عليه, لكى تحس بخشونة ملمسه فوق جسمها, و بمرونته تحت ثقلها. كانت السماء فوقها زرقاء تتخللها بقع من السحب الكسلى, و تهبط الأرض على البعد فى اتجاه اليمين إلى غابة من الادغال التى تضم مجموعة هائلة من اشجار الصمغ و شجيرات لم تمسسها يد البشر, ثم ترتفع الأرض برفق مرة أخرى, حيث تزرع الكروم فى صفوف كثيفة, و لم يكن يعكر صفو السلام سوى اصوات ملايين الحشرات ذات الأجنحة الشفافة فى ذلك الوقت من فترة بعد الظهر, و صوت طلقات متفرقة لابعاد الطيور عن أشجار الكروم. و كان النشاط الوحيد الذى تستطيع إيفون رؤيته أرتفاع كرة التنس فى الهواء فوق ملعب التنس الموجود على الجانب الآخر من الموقع.
سألت إيفون:
ـ أين ذهب الجميع؟ أكاد أشعر بأننا الوحيدان الموجودان على سطح الأرض.
ضحك ريك ضحكة قصيرة و قال :
ـ هذا عامل آخلا من عوامل سحر بيبرز فى وسط الأسبوع على أى حال, أعتقد أنهم يقضون معظم وقت النهار هنا فى المؤتمرات و الاجتماعات لهذا يكون أغلب رواد الفندق فى قاعات الاجتماعات, منشغلين فى العمل, و قد تدب الحياة فى المكان فى أثناء الليل.
و استطرد ريك بهدوء:
ـ هذا أفضل من كونك فى حالة عصبية.
قالت بجفاء:
ـ لا داعى لذلك, فذلك شئ آخر أحب أن أكونه, و من المضحك حقاً أنه لا يوجد الشئ الكثير الذى يمكننى قوله.
ـ حول روبرت راندال؟
ـ لا....أنا لم أنم معه قط.....أنا.....لم يكن فى الواقع يعرف حقيقة مشاعرى حتى....
جلس ريك, و وضع يده فوق يديها و قال :
ـ لماذا لا تبدئين من البداية؟
ـ لقد حدثتك عن البداية, كانت لدينا فى أول الأمر تجارب مماثلةلو أنك تتذكر.
ـ ألم تكن لك علاقات قبل ذلك؟ قبل ظهور روبرت راندال فى حياتك؟
سألته إيفون بسرعة:
ـ هل تعرفه؟ ثم عضت بعد ذلك على شفتها.
ـ التقيت معه, و لكننى أعرف الجانب الخاص بأسرة زوجته بدرجة أفضل....أسرة كنجستون من ميرابيللا و لقد ذهبت إلى نفس المدرسة التى كان فيها إيان كنجستون و مكثت فيها فترة قصيرة, على الرغم من أنه كان يسبقنى بثلاثة أعوام ول قد لقى حتفه فى حادث سقوط طائرة. ووجهت إلينا الدعوة فى إحدى المرات إلى ميرابيللا حيث التقيت مع كلاريسا كنجستون التى اصبحي الآن مسز روبرت راندال على ما أعتقد.
اغمضت إيفون عينيها و قالت:
ـ نعم .
ـ و لكن استمرى.....فى غضون تلك الفترة, هل كنت على علاقات متعددة؟
ارتفعت أهداب إيفون بعنف:
ـ لم أكن أحلم بتوجيه سؤال كهذا إليك!
قال ريك و شفتاه تلتويان:
ـ هذا هو الفرق بيننا يا باترسون. و لكن ربما يتملكك نفس الفضول فى يوم ما.
زمت إيفون شفتيها ثم فكرت فى غضب مفاجئ: لماذا لا أخبره بكل شئ؟ ربما احسست ببعض الراحة لو أننى فعلت ذلك. و سألته بسخرية:
ـ هل وجود علاقة مزدوجة يعتبر تعدداً للعلاقات؟
قال ببطء :
ـ ثلاث علاقات طوال كل تلك السنوات؟ لا, لا أستطيع أن أقول ذلك.
أجابته بوجه عابس:
ـ شكراً لك.
ـ هل كان لهم وزن؟
قالت بحزم:
ـ لا, لم يكونوا جديرين بالاهتمام, كان الأول – وهذا ما ظننته- حباً آخر فى حياتى إلا أن ذلك الحب لم يدم طويلاً, و على الرغم من ذلك لم يتركنى خالية الوفاض, و كانت كذلك علاقة عمل, و بدلاً من السوار الماسى حصلت على ترقية, و استطعت فى النهاية أن أسيطر على زمام نفسى.....
توقفت عن الحديث ثم تنهدت و رشفت رشفة آخرى من العصير, واستطردت قائلة:
ـ و لم أكن دهشة فى المرة الثانية. و كنوع من صعود درجة أخرى للسلم, لم أثر أى ضوضاء أو مشاجرات, و لكن......
توقفت مرة أخرى و لم تواصل الحديث هذه المرة, إلى أن قال ريك:
ـ اعرف ذلك الاحساس زهرة منسية.
التفتت إيفون نحوه و قالت:
ـ هل تعرفه؟ لا أظن أن باستطاعتك أن.....
ـ يتاتى لأى أنسان أن يتحول إلى الزهد, سواء أكان رجلاً أو امرأة.......
ـ الزهد....نعم. كان الأمر كذلك.
ثم استطردت قائلة بملل:
ـ و لكنه كان أكثر من ذلك...كانت معرفتى لأننى لم اتغير. و كنت لا أزال....فى حالة من التوتر الشديد, كنت مستعدة لتصديق أننى ما زالت غارقة فى الحب و كان أخطر ما يواجهنى هو ذاتى, لهذا قررت الحصول على الترقيات و الأسورة الماسية.....
توقفت عن الاسترسال و ابتسمت بمرارة ثم تابعت حديثها:
ـ لقد كنت على الاستعداد لسلوك الطريق الأصعب, و لكن أيا كان ذلك فقد كان على قدمى لا على ظهرى.
ابتسم ريك ابتسامة خفيفة .
مالت إيفون بظهرها إلى الخلف و قالت :
ـ لقد كانت صفقة حقيقية أن أحصل.....على الوظيفة عند راندال.
ـ ووقعت فى غرامه.
ـ نعم....
ـ لقد قلت أنه لم يعرف قط؟
أغلقت إيفون عينيها و قالت:
ـ لا لم يعرف إلى أن اضطررت إلى مصارحته.
كانت حرارة الشمس ساخنة فوق جفنيها.
ـ و كيف منعته من معرفة ذلك حتى ذلك الوقت؟
قالت بعد صمت دام فترة طويلة:
ـ لا أعرف, لم يكن الأمر سهلاً. إلا أنه لم يكن يسعى إلى ذلك الحب. لقد كان.....كما ترى كانت تسكن قلبه فتاة. هى التى تصادف أن أصبحت زوجته, و لكنها كانت فى ذلك الوقت صغيرة جداً كلاريسا....كلارى. و لكنها كانت جد صغيرة لقد كانت بريئة للغاية, إلا أن العلاقات بينهما لم تكن على ما يرام, و أنا.....
اهتز صوتها قليلاً و هى تقول:
ـ اصبحت صديقة لها . و كا ذلك آخر شئ أريده, أو أصدق أنه يمكن أن يحدث, لقد كانت كل شئ لم أكنه, و أتمنى يائسة أن أكونه و لقد نفرت منها بسبب ذلك.....كما استأت منه. إلا أنى لم أستطيع مقاومة دفئها و ظُرفها....لقد كانت من ذلك الطراز كما كانت ساذجة كذلك تصدق كل شئ, و بناء على تلك الظروف لم استطيع السيطرة على الموقف حتى يزداد التقارب بيننا. و أصبحت في إحدى المراحل السكرتيرة الرقيقة كما كان يحلو لها أن تسمى ذلك, و بقيت في ميرابيللا و ساعدتها......لم تكن تشارك بأى قدر في حياته الاجتماعية, أو على الأقل الجانب الاجتماعى من العمل......و ككانت شديدة العصبية بالنسبة لذلك.
انتظر ريك في صمت.
ـ ثم اكتشفت ذات يوم حقيقة مشاعرى نحوه....و بلا تيقظ, كشفت عن حقيقة مشاعرى تماماً, و بسبب.......بسبب المشاكل التى كانت قائمة في العلاقة بينهما, اعتقدت أن الحب المتبادل بيننا, و لم يكن باستطاعتى إقناعها أن الأمر لم يكن كذلك. و لم يكن باستطاعتى أن انفذ إلى قلبها بالمرة, كما أننى كنت أعرف أن تلك الفترة من زواجهما كانت تمر بأزمة لاسباب أخرى, لهذا.....
توقفت إيفون عن الاستمرار في الحديث و فتحت عينيها ثم قالت :
ـ وجدت نفسى مضطرة إلى الذهاب لاخبره بما حدث, و كيف كانت مشاعرى نحوه و كيف أننى كشفت عن ذلك لـ كلارى بدون أن أعرف أنها كانت موجودة طوال الوقت....و كيف أنها لم تستمع إلىّ و تصدق, معتقدة أنه يبادلنى نفس المشاعر, كان ذلك هو الشئ الوحيد الذى استطعت أن افعله.
في هذه المرة عندما طال الصمت خلدت الحشرات ذات الأجنحة الشفافة إلى فترة من الهدنة و قالت إيفون أخيراً:
ـ لقد كانت الفتاة الوحيدة التى اقتربت منها طوال حياتى.
و ما زالت تشعرين في قرارة نفسك بأنك غدرت بها؟
تنهدت و قالت:
ـ نعم, و لكن ذلك لم يقف حبى له و على الرغم من أننى هجرته.........أعنى أننى استقلت و لم أره منذ ذلك الحين ما عدا مرة واحدة, رأيتهما معاً ذات مرة, و من المنظر الذى كانا عليه لم أشك في أنها قد كبرت أخيراً بالنسبة إليه .
مررت يديها فو عينيها و قالت:
ـ أنت تعرف الآن القصة المحزنة كلها و تعرف كل شئ عنى.
ابتسمت ابتسامة ملتوية.
ـ بالاحرى يبدو كل شئ مبتذلاً و....جعجعة بدون طحن, ألم يكن كذلك؟
ـ ما عدا أنك تصرفت بشرف, ربما كان في داخلك من اللطف أكثر مما تدركين يا إيفون.
قالت:
ـ نعم...لقد تصرفت بشرف. و على الرغم من ذلك, لم يكن ينبغى لىّ في النهاية أن اسمح للامور بالوصول إلى تلك المرحلة. كان ينبغى لىّ أن أرحل منذ اللحظة التى أدركت فيها ما يحدث لىّ و لكننى بطريقة ما لم استطيع.
ـ و لم يكن باستطاعتك نسيانه؟
حملقت في الأفق و هى لا ترى شيئاً و لم تقل شيئاً. أراد ريك ظهره و قال:
ـ حسناً, لسوء الحظ أو ربما لحسن الحظ أننا كلنا لا نستطيع أن نكون روبرت راندال......من المؤكد أننى لا أستطيع أن أقدم لك نوع الامبراطورية التى عنده و لكننى أملك شيئاً ليس عنده.
اعتدلت إيفون في جلستها و ملأت كوب العصير و قالت:
ـ لست في حاجة إلى ذلك, إننى لست آسفة من أجل نفسى أو حزينة, و من ثم لست في حاجة إلى أن تخرجنى مما أنا فيه, أو أن تعرض عليا مسكنات حكيمة, أو إهانات من أجل ذلك الموضوع. دعنا نكتف بنسيان الأمر, لقد أردت أن تعرف, و أنت تعرف الآن.
ـ كل ما في الأمر أننى أوشكت أن أسير إلى شئ يبدو أنك لا تعرفينه عنى, شئ أنا لا أتاجر به في العادة و هو يمثل في الواقع عنصر مضايقة شديد لى, و لكن.....يبدو أن نفسى قد جرحت , قد جُرحت بعض الشئ.
سألت إيفون
ـ أى شئ ذلك؟
كرر ريك و في عينيه بريق شرير:
ـ الأنا, و هكذا.......فى سياق محاولة قياس نفسى بالنسبة لـ روبرت راندال فقد فكرت في أنه يجدر بىّ أن أخبرك, بالاضافة إلى أى شئ آخر يتعلق بىّ, أنا أحمل لقب بارونو كان المفروض أن يذكر أى إنسان ذلك.
كانت إيفون ترتشف في تلك اللحظة عصيرها و غصت بالشراب فجأة . ثم قالت بسرعة:
ـ أنت تمزح!
و لكنها تذكرت ى الحال باسيل براش و عدة أشياء أخرى صغيرة , مثل النظرة المتأملة التى لاحت في عينيه عندما نادته في إحدى المرات بـ مستر إيمرسون و الارتباك الذى حدث في برامبتن عندما سألت عن المستر إيمرسون.......
و قال ريك:
ـ أوهـ, لكى أكون أمينا معك , أنا لم أفعل شيئاً لاستحق اللقب. إذ يكفى أن يكون الإنسان أبناً لأب , إلا أننى رأيت نفسى في الواقع أوصف في إحدى المرات بأننى مرشح لحمل اللقب .
رفع ريك حاجبيه و استطرد قائلاً:
ـ و نظراتى بالتأكيد , توجد ضيعة قديمة في انجلترا ترتبط بذلك...و كان ذلك الأمر يثير استياء أبى قبل موته عندما بدا له أننى أفضل استراليا. و لكن أمى كانت استرالية بعد كل شئ. كيف تريننى الآن في تقديرك؟
تفرست إيفون في وجهه, ثم بدأت تضحك ضحكة خافتة و قالت:
ـ أنت......
لم تستطيع الاستمرار في الكلام فترة و هى تهتز من كثرة الضحك من قمة رأسها حتى أخمص قدميها, و لكنها استطاعت مواصلة الكلام في النهاية.
ـ سير ريتشارد, أنت رائع, لا أظن أننى قابلت أى أنسان يشبهك تماماً.
ضحك ضحكة قصيرة, و مد يده لها مرة أخرى:
ـ أنا أحبك زهرة منسية عندما تضحكين, تعالى معى إلى ينبوع المياه المعدنية, ثم سنسبح بعد ذلك.
قالت برزانة:
ـ أنا لم أقصد..........
ـ أعرف أنك لم تكونى تقصدين.....كل ما في الأمر أننى أردت أن أغير المزاج, كما أننى فكرت أنك ربما شعرت بالحيرة لو أن أحداً غيرى أخبرك.
قالت إيفون بأنفة:
ـ انتظر حتى تطول يدى خالك إموس.
|