ومارسوا تلك الهواية اللعينة , وهي خطف السيارات , والاستمتاع بها ثم تركها في اي مكان حقيقة إن خطف السيارات لم يكن بغرض السرقة , ولكن كان نوعاً من الطيش الذي سبب رعباً لأهالي قريتهم الريفية البسيطة , مما اضطر الشرطة في النهاية للبحث عن هؤلاء الصبية ثم القبض عليهم , فوقعت ليز في هذه الورطة التي لم تكن تعرف لها حلاً , حتى ظهر ذلك المحامي الداهية نيكول حفيد الجد جيسون , ذلك الرجل الثري صديق جدهم , والذي رحل عن قريتهم الفقيرة منذ زمن بعيد الى العاصمة المزدحمة لندن.منتديات ليلاس
لقد استطاع نيكول ذلك الشاب الوسيم القوي البنية ذو البدلة الرسمية الفخمة والشعر الأسود الكثيف والقوام الممشوق ان يقنعها , او يجبرها باسلوبه الفاتن ان تقبل الذهاب الى لندن بعد ان اخرج فرايد من القضية لتسكن مع جده في منزلهم بلندن على وعد منه بأن تعمل في مكتبه , لكنها لا تعرف كيف قبلت هذا الفرض رغم احساسها بأن العرض يجرح كرامتها , لكنها القت التبعة في ذلك على حبها لفرايد اخيها الذي اصبح من المؤكد التحاقه بالجامعة على نفقة الجد , وقد كان شديد الحماس لفكرة ذهابهما الى لندن.
منتديات ليلاس
لكنهما الآن واقفان على رصيف المحطة الكبير و المزدحم وهي لم تأتي لمثل تلك الاماكن من قبل, وقد تعجبت من هؤلاء الناس التي لا تكترث بهم ولا يتحمس احد لمساعدتهما بما في ذلك حمالي المحطة , فقد كان زيهما الريفي وحقائبهما التي حزمت بحبال من التيل دليل على طبيعتهما , اخيراً حزمت ليز امرها وهي تطلب من فرايد:
- اذا كنت تنتظر مساعدة من أي من هؤلاء البشر فأنت حالم .. اسرع بإحضار سيارة.
جرى فرايد وهو لا يعلم الى اين يذهب , ولا كيف يحضر سيارة , بينما عادوت ليز , رغماً عنها , التفكير في نيكول , فقد وعدها بالانتظار خارج المحطة , فهل يا ترى تخلى عن وعده؟
احضر فرايد العربة الى خارج المحطة الضخمة ليصيح فرايد فجأة :

- يا إلهي .. لم اكن اتخيل ان ترى عيناي زحاماً على هذه الصورة !
ليز :
- إنني لم اكن اريد رؤيتها .. إنني افتقد المساحات الجميلة الواسعة الخضراء.
فرايد :
- ليس هذا مهماً .
- اعرف انك طفل صغير تلهو في عيد الميلاد .
فضحك فرايد من تعليق ليز , فلم تجد هي مفراً من مبادلته الضحك الريفي الودود , ثم جاء صوت نيكول من خلفهما برنته العميقة لينبههما من حالة المرح بقوله :
- حسناً , لقد استطعتما تدبير اموركما كما ينبغي .
كان يقولها وهو يتفحص ثوب ليز بإمعان , مما اشعرها بالخجل , لكن الأمر لم يكن بالنسبة لفرايد كذلك الذى اجاب :
- لقد كان الأمر في غاية السهولة .منتديات ليلاس
اجاب نيكول بكلمة واحدة وهو يحمل الحقائب الثقيلة في رشاقة متناهية :
- عظيم.
وتحرك بخطوات سريعة , فجرت ليز خلفه وهي مفتونة بعضلاته وجسمه الرشيق , فقد كان رجلاً يملأ عيني اية فتاة .
كان فرايد يبدو حميم الصداقة مع نيكول وكأن كليهما يعرف الآخر منذ زمن بعيد , تعجبت ليز بعض الشيء , لكنها لم تستطع ان تتمالك نفسها عندما انبهر فرايد من سيارة نيكول الفخمة , فصاحت في وجهه قائلة :
- إنها مجرد سيارة .. فرايد , لاتزيد عن قطعة من الحديد على اربع عجلات لتقلك من مكان لآخر , لكنها في قرارة نفسها كانت مفتونة بفخامتها .
- ملايين النساء تفتنهن قطعة الحديد هذه.
قالها نيكول وهو يدير محرك السيارة , في حين ردت ليز في هدوء وبرود نسائي :

- نعم اعرف السبب في إعجباهن, ولكنني لست من هؤلاء النسوة اللاتي يفتن بالسيارة الفخمة والبيت الأنيق , فهذه امور قشرية تافهة لا تنبئ عن حقيقة الانسان , وانا يفتنني الرجل لا مايملك.
ونظرت من النافذة في حين لدغها سؤاله :
- هل انت على علاقة برجل ما؟
ارادت ليز ان تصفعه لسؤاله هذا وتدخله في حياتها الشخصية , لكن فرايد من الخلف قطع تفكيرها بقوله :
- لا.. ليست على علاقة بصديق منذ وقت طويل جداً.
صرخت ليز في اخاها آمرة اياه بالصمت ومهددة له بالعقاب , فابتسم نيكول فرحاً مما زاد من غيظ ليز لاطلاعه على اسرارها , فعاجلته بسؤال :
- هل اخترت هذه السيارة لجذب انظار الفتيات والتغرير بهن؟
منتديات ليلاس
اجهدت ليز نفسها لقول السؤال لكنه لم يعط الأثر الذي ارادته في نفس نيكول الذي اجاب باستخفاف :
- انا لا اصاحب فتيات ايتها الساذجة , انا اصاحب النساء واظنك تفهمين لماذا , وانا لست في حاجة لهذه السيارة الفارهة لجذبهن.منتديات ليلاس
لم ترد ان تعرف منه طريقته في جذب هؤلاء النسوة ولا مايفعله معهن , ولكنها اطلقت لخيالها العنان ليتصور ماذا يفعل هذا الشاب الوسيم المفتول العضلات مع النساء الجميلات اللاتي لاشك يفضلن امثاله في المضاجعة العنيفة .
اخيراً وصولا الى منزل نيكول , فكان منزلاً ضخماً ذا حديقة واسعة واسوار حديدية .
صاح فرايد في دهشة من فخامة المكان , في حين لم تستطع ليز كتمان مشاعرها من الدهشة وهي تقول :
- إن منزلك أكبر وأفخم من اكبر فندق في قريتنا !
في هدوء ودون مبالاة رد نيكول :
- كنت اظن ان مثل هذه الامور القشرية التافهة لا تلفت نظرك.

تراجعت ليز وقد شعرت بالشرك الذي وقعت فيه قائلة :
- انا لا اهتم بمثل هذه الاشياء , لكنني اقرر حقائق وحسب , ولكن هل تعيش انت وحدك فقط في هذا المبنى الضخم... اقصد هذا المنزل البسيط؟
ابتسم نيكول وهو ينظر في عينيها ويجذب يدها ليتوسط الصالة التي يغطيها الاثاث الرائع باللون الابيض الهادئ واللوحات الزيتية المعلقة على الجدران , بينما هي مبهورة بالسجاد الذي يغطي السلم العريض ويصل الى غرف النوم.
قال نيكول رداً على سؤالها :
- بل يأتي والدي لمدة شهرين كل عام الى جوار عدد لا بأس به من المشرفين على المنزل .
تنهدت ليز قبل ان تقول :
- انا لا اعرف كيف اشكرك وجدك على رعايتنا , لقد فرح فرايد لدخوله الجامعة.ريحانة
نيكول :
- هل افهم من ذلك انك لا تشاركينه السعادة ؟
في عنف ردت ليز :
- كلا.
- كنت تستطيعين البقاء في قريتك الرثة وفي الكوخ المتهالك حيث لا تجدين قوت يومك.
ليز:
- انا لست راغبة في الوجود هنا لولا فرايد.
نيكول :
- لكنك هنا الآن رغماً عن ان جدي كلفني برعاية اخيك؟
ليز :
- يعني هذا انك لا ترغب في وجودي.ريحانة
نيكول :
- لعلك تفهمين انني انقذتك من موقف صعب فحسب!

ليز :
- لذا فأنت تستحق الشكر.. حسناً , شكراً نيكول .
نيكول في غضب:
- إنني اعرف انك صعبة المراس , ولكن ألا يمكنك التوقف عن تمثيل دور شهيدة التقاليد و المبادئ وان تمرحي كأية فتاة او تذهبي لتستريحي؟
ليز :
- اين غرفتي ؟
نيكول في صبر متناه:
- سأساعدك للوصول اليها.
شعرت ليز ان نيكول شاب يختلف عن كل الفتية الذين قابلتهم من قبل في اسلوبه وفهمه وثقته بنفسه.
كان نيكول يحدثها عن جده الذي لا يخرج من المنزل .. واصبح متشائماً يحصى ايامه المتبقية في الحياة ولا يخرج من غرفته إلا لتناول الطعام , بينما عقدت ليز مقارنة مع جدها الذي ظل مليئاً بالحيوية حتى نهاية ايامه الأخيرة , وكيف كان نشيطاً متألقاً يمارس الرياضة ليحافظ على رشاقته .
منتديات ليلاس
دخلت ليز الى غرفتها وخلفها نيكول , فإذا بها تصيح في دهشة :
- إنها رائعة .
وراحت في غيبة عن المكان كأية امرأة رغماً عنها تتلمس اثاث الغرفة بفرح ودهشة وإعجاب , وقد فتحت عينيها على اتساعهما وتتعجب من الحمام البرتقالي الملحق بالغرفة , فتقدم منها نيكول في حنان وهو يهمس لها :
- إنه منزلك .
واكمل وهو ينظر من النافذة :
- إنني اعشقه , فلقد اصبح كل كياني .منتديات ليلاس
ردت ليز بطريقة غريبة :
- إن امثالك من المنعمين لم يعرفوا قسوة الحياة , فهذا الثراء يبعدك لاشك عن كل ماهو مؤلم , فلا تشعر بأناس يعملون ليل نهار بالحقول والمصانع وهم لن يصلوا الى ذلك الرخاء طيلة حياتهم.
- لماذا تنتهجين هذا التصنيف الطبقي للبشر؟ اليس لكل إنسان نصيبه؟
- انت متعجرف , فأنا لا أصنف احداً طبقياً.