كاتب الموضوع :
الاميرة الاسيرة
المنتدى :
المنتدى الاسلامي
رد: هاجر وسارة عليهما السلام خامس حلقة من سلسلة نساء خالدات فى القرآن والسنة
هاجر والسعي من أجل الماء:
عندما نفد الماء والطعام لم يكن هناك بد من السعي من أجل الطفل وبقلب الأم الحنون أخذت هاجر-عليها السلام – تسعي بين الصفا والمروة لتنظر عسي أن تري ما يبقيها هي وأبنها علي قيد الحياة..
وذكر البخاري القصة في صحيحه : عن ابن عباس قال : أو ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ، اتخذت منطقاً لتعفى أثرها على سارة ، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه ، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعها هنالك ووضع عندهما جراباً فيه تمر ، وسقاء فيه ماء
ثم قفى إبراهيم منطلقاً فتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها ، فقالت له : الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم قالت : إذن لا يضيعنا ثم رجعت
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال :
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) "إبراهيم "
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ، فقامت عليه ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحداً ، فلم تر أحداً فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت بطن الوادي رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعى الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت عليها ، ونظرت هل ترى أحداً ، فلم ترى أحداً ، فعلت ذلك سبع مرات
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ذلك سعى الناس بينهما "
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتاً فقالت : صه ، تريد نفسها ، ثم تسمعت فسمعت أيضاً ، فقالت : قد أسمعت إن كان عندك غواث ، فإذا هي بالملك عند موضع زمزم ، فبحث بعقبه - أو قال بجناحه - حتى ظهر الماء ، فجعلت تحوضه وتقول بيدها هكذا وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف قال ابن عباس :
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أم إسماعيل ! لو تركت زمزم - أو قال : لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عيناً معيناً "
قال : فشربت وأرضعت ولدها فقال لها الملك : لا تخافي الضيعة فإن هاهنا بيتاً لله يبنيه هذا الغلام وأبوه ، وإن الله لا يضيع أهله .
وكان البيت مرتفعاً من الأرض كالرابية ، تأتيه السيول فتأخذ يمينه وعن شماله ، فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ، أو أهل بيت من جرهم ، مقبلين من طريق كداء ، فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائراً عائفاً ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء ، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه من ماء فأرسلوا جرياً أو جريين فإذا هم بالماء ، فرجعوا فأخبرهم بالماء فأقبلوا
قال : وأم إسماعيل عند الماء ، فقالوا : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم ولكن لاحق لكم في الماء عندنا قالوا : نعم
قال عبد الله بن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس ، فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام وتعلم العربية منهم ، وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم, وماتت أم إسماعيل ، فجاء إبراهيم بعد ما تزوج إسماعيل يطالع تركته فلم يجد إسماعيل ، فسأل امرأته عنه فقالت : خرج يبتغي لنا ، ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بشر ، نحن في ضيق وشدة ، وشكت إليه ، قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه فلماء جاء إسماعيل كأنه آنس شيئاً فقال : هل جاءكم من أحد ؟ فقالت : نعم جاءنا شيخ كذا وكذا فسألنا عنك فأخبرته ، وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة قال : هل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم ، أمرني أن أقرأ عليك السلام ، ويقول لك غير عتبة بابك.
قال : ذاك أبي ، وقد أمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك ، وطلقها وتزوج منهم أخرى ، ولبث عنهم إبراهيم ما شاء الله ، ثم أتاهم بعد فلم يجده فدخل على امرأته فسألها عنه ، فقالت : خرج يبتغي لنا قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم ، فقالت : نحن بخير وسعة ، وأثنت علي الله عز وجل فقال : وما طعامكم ؟ قالت : اللحم ، قال : فما شرابكم ؟ قالت : الماء قال : " اللهم بارك لهم في اللحم والماء "
قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم حب لدعا لهم فيه " قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه
قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ، ومريه يثبت عتبت بابه ، فلما جاء إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم ، أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا بخير ، قال : فأوصاك بشيء ؟ قالت : نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك قال : ذاك أبي وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك ثم لبث عندهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبرى نبلاً له تحت دوحة قريباً من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال :
يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر قال : فاصنع ما أمرك به ربك ، قال : وتعينني ؟ قال : وأعينك قال :
فإن الله أمرني أن أبني هاهنا بيتاً وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها
قال : فعند ذلك رفعاً القواعد من البيت ، وجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "
قال : فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان : " ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم"
وبقية القصة عن البح والفداء بينهما معروفة لا أري من اللازم روايتها هنا لأننا أنما نتكلم عن هاجر وسارة –عليهما السلام
عودة إلي سارة والبشري بإسحق:
كما ذكرنا أن سارة كانت عاقر لاتلد وعندما صارت عجوز جاءت الملائكة تبشرها هي وزوجها الخليل بأسحق فأثار هذا دهشتها وعجبها ..لماذا؟ لنتدبر هذه الآيات البينات ندرك الأمر جيدا.
قال تعالي:
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ *24* إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ *25* فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ *26* فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ *27* فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ *28* فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ *29*- الذريات
قال صاحب الظلال في تفسيرها:
إنها آية أو آيات في تاريخ الرسالات . كتلك الآيات التي أشار إليها في الأرض وفي الأنفس . وإنه وعد أو وعود تتحقق من تلك الوعود التي أشار إلى تحققها في القطاع السابق .
ويبدأ الحديث عن إبراهيم بالسؤال:*هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين ?*. . تنويها بهذا الحديث , وتهيئة للأذهان . مع وصف ضيف إبراهيم بالمكرمين ; إما لأنهم كذلك عند الله ; وإما إشارة إلى إكرام إبراهيم لهم كما ورد في القصة .
ويبدو كرم إبراهيم وسخاؤه وإرخاصه للمال واضحا . فما يكاد ضيفه يدخلون عليه ويقولون:سلاما . ويرد عليهم السلام , وهو ينكرهم ولا يعرفهم . ما يكاد يتلقى السلام ويرده حتى يذهب إلى أهله - أي زوجه - مسارعا ليهيئ لهم الطعام . ويجيء به طعاما وفيرا يكفي عشرات:*فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين*. . وهم كانوا ثلاثة فيما يقال . . تكفيهم كتف من هذا العجل السمين !
*فقربه إليهم . قال:ألا تأكلون ?*. . وجاء هذا السؤال بعد أن رأى أيديهم لا تصل إليه , ولا يبدو عليهم أنهم سيأكلون طعامه .
*فأوجس منهم خيفة*. . إما لأن الطارئ الذي لا يأكل طعام مضيفه ينبئ عن نية شر وخيانة ,وإما لأنه لمح أن فيهم شيئا غريبا ! عندئذ كشفوا له عن حقيقتهم
أو طمأنوه وبشروه: *قالوا:لا تخف . وبشروه بغلام عليم*. . وهي البشارة بإسحاق من زوجه العقيم .
ثم قال:
*فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها . وقالت:عجوز عقيم*. . وقد سمعت البشرى , فبغتت وفوجئت , فندت منها صيحة الدهش , وعلى عادة النساء ضربت خديها بكفيها . وقالت:عجوز عقيم . تنبئ عن دهشتها لهذه البشرى وهي عجوز . وقد كانت من الأصل عقيما . وقد أخذتها المفاجأة العنيفة التي لم تكن تتوقعها أبدا , فنسيت أن البشرى تحملها الملائكة ! عندئذ ردها المرسلون إلى الحقيقة الأولى . حقيقة القدرة التي لا يقيدها شيء , والتي تدبر كل أمر بحكمة وعلم:
*قالوا:كذلك قال ربك , إنه هو الحكيم العليم*. .
وكل شيء يكون إذا قيل له:كن . وقد قال الله . فماذا بعد قوله ؟ إن الألفة والعادة تقيدان الإدراك البشري , وتحدان من تصوراته . فيدهش إذ يرى ما يخالف المألوف له ; ويعجب كيف يكون ; وقد يتبجح فينكر أن يكون ! والمشيئة المطلقة ماضية في طريقها لا تتقيد بمألوف البشر الصغير المحدود ; تبدع ما تشاء , بغير ما حدود أو قيود !
عند ذلك راح إبراهيم يسأل وقد عرف حقيقة ضيفه عن شأنهم الذي أرسلوا فيه:*قال:فما خطبكم أيها المرسلون ?*. .*قالوا:إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين*. . هم قوم لوط . كما ورد في سور أخرى .*لنرسل عليهم حجارة من طين , مسومة عند ربك للمسرفين*. .
وفاة سارة وإبراهيم الخليل:
ذكرنا أن هاجر أم إسماعيل ماتت بعد أن تزوج وقبل ان يزوره الخليل ليذبحه ويساعده في بناء البيت العتيق, أما سارة فقد ذكر ابن كثير في القصص:
وماتت سارة قبله بقرية حبرون التي في أرض كنعان ، ولها من العمر مائة وسبع وعشرون سنة فيما ذكر أهل الكتاب فحزن عليها إبراهيم عليه السلام ، ورثاها رحمها الله ، واشترى من رجل من بني حيث يقال له عفرون بن صخر مغارة
بأربعمائة مثقال ، ودفن فيها سارة هنالك.هذا والله اعلم وأحكم.
وإلى لقاء آخر فى حلقة جديدة إن شاء الله
انتظروناااااا
لا تنسونى من صالح دعواتكم
دمتم فى رعاية الرحمن
|