كاتب الموضوع :
عاشقـة ديرتها
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: حبك خطيئة لاتغتفر/بقلمي
الثــــاني والأربعـــون (1)
عصـر الأول من شــــــوال عصـر العيــد في أحد مقابر الرياض أجتمعت مجموعة صغيرة من الرجال يدفــنون ميتهـــم ... وجيههم لاتحمل الكثير من التعابير يبدو حزن طفيف على ملامح بعضهم والجمود على البقية ,, بعض من كان يحــثو التراب على كفن ذالك الميــت كان للمرة الأولى يشاهده ...
كان يجــلس بأنكسار يسند رأسه على عصــائة ...عاد هو من الموت ليخطـف حفيد أخيه الذي لم يبلغ نصف عمــره بعد .. من كان يفكر أنه سيدفن من هو بعمر حفيدة وهو مازال على قيد الحياة لما أصبح الشباب يسابقــون شيوخهم على المــوت ..
أبو بشـاير بحزن :أذكر الله ياصلاح المــوت حق ولله ماأخذ ولله ماعطـــى الله يرحمه ويغفرله ولايفتنا من بعده ...
زاهد يزيح لثمته ويعيد ترتيب شماغة ويفتح ثوبة الذي رفعه ليربطه على وسطه حتى لايتسخ من تراب الدفن ينحــي على رأس صلاح :أحسن الله عزاكم وجبر مصيبتكم وغفرالله لميتكم ...
نايف الذي ألقى النظرة الأخيرة على قبر أبن أخية الذي لم يــراه من قبل أقتـرب من صلاح ليعـزيه هو الأخــر ومن خلفه عادل الذي جــر لهذا المكــان ولم يكن برغبته ... بعض من جاءو لزيارة قبر موتاهم عزوهم هم أيضاً...
صلاح بتعب :قومني ياأحمد ودني لأخوانه لحالهم مايندرى بحــالهم ...
ينفض أحمد يدية من التراب الذي علق به ويقتــرب ليسند عمه الذي خرج من المستشـفى ليصلي على حفيد أخية ويدفنه ...
أبو بشاير يجارية بخطــواته البطيئة :وين بتســوون عزاه ..تعال بفتح لكم المجــلس خل الرياجيل ياخذون عزاه منك ..
صلاح بعجــز:ماحنا مخربين عيدكم ياأبوبشـاير لاتكدرون على حالكم خلونا نعيش حــزنا بأنفسنــا مانبي نكدرأحد ...
أحمد يقف أمام سيـارته ليساعد العم صلاح على الصعـود للسيارة ويشكـر أبو بشـاير الذي رافقهم للمقبرة رغم مشقة ذالك عليه :جزاك الله خيـر ياعم حنا بندبر أنفســنا ماقصرت تعبت نفسك معنا ...
وغادروا بسيارتهم ومن جهــة أخـرى زاهد أعاد أبوبشـاير معه وهو من أحضــرة من البداية ....
نايف وعادل بسيارة واحد رغم تبرم الثاني كان نايف هاديء للغاية وهو يفكر كيف وصله الخــبر حين أتصلت به هيـــا وهو بمجلس العيد مع أخوته للأبية لقد جزع بل فــزع من صوت نحيبها الذي يقطع نياط القلـــب
كان بكائها مفجع لم يسمع من قبل ماهو أشد حـزن ووجع وفزع منه وهو من واجه الكثير من الموت بحيــاته ... لم يكن يعرف أخيها حتى أنه نسي أنه تملك أخ أكبر منها لكن حزنها عليه وفجيعتها أوجعته وجعلته يذهب مباشرة للمستشفى الذي كان فيه ويشارك في أخراجة والصلاة علية ودفنــه.. رغم أنه مضى عليه يوم كامل بساعته الأربعة وعشرين وهو لم ينــم .. ربما لوجاءة الخبر من جهة أخرى لما فعل هذا ولكن حزنها وألمها الذي عجز قلبه عن أحتماله هو مادفعه لفعل كل هذا وكأن وجعها وألمها رفع من منزلة أخيها بعينية وهو الذي لم يراه من قبل ....
***
كانت تجلس على أرضية الصالة تبكي تارة وتضحك تارة وتفقد الوعي أحياناً نوم أو إغماء وكل من حولها يشاهدونها دون حيلة لايملكون مايساعدونها فيه ....
أم بشاير بصوت عالي كانت تذكرها بالله لكن دون جدوى ... بشاير فقط تنظر إليها وتبكــي وتتذكر محمد المسكين لتبكــي أكثر هي ليست أخته وتشعر بالألم لفقدانه فكيف سيكون حال هيــــا ... هيا المسكينة التي فجعت به كان صباح العيد حين أتصل بها متعــب أخ زوجة محمد ليخبرها دون رحمــة أنه وجد محمد بأحد المستشفيات وكان مجهــول لم يصل إليه إلا وقد لفظ أنفاسة الأخيرة مع أول ساعات العيد وفجره لم يظهر بعد ... صابتها حالة هسترية لتتصل بجميع من تعرف وتنقل لهم الخبر أخــوي مات محمد راح أبوي مسجون ومحمد راح وحازم ذبحني وسافر والكثير من الهستريا التي أمطرتها بها هي وغيـــــرها ...
كانت تجلس على كرسي تسريحتها تتزين للعيــد زاهد قد خــرج للصلاة العيــــد بعد أن أمطرها بالعديد من القبل والأحضــــان وهي يخبرها أنها العيد بالنســــــبة له ووجودها معه هي فرحة العيد التي سرقت منه منذ أن تخطى سنوات الطفـــولة ...
وقتها عضت على شفتيها وهي تتذكـــــــر ترجياته لها أن تعطية عيــدية خاصه به ليصبح أسعد شخــص بهذا اليوم ولن ينافسه بسعادته أحد لاتعلم ماذا قالت ساعتها أو ماذا رأى وبوجهها ليقرر أنها موافقة ويقفز من الفرح وهو يخــبرها أن لن يتأخر دقيقة واحد بعد الصلاة وسيحضر مباشرة لها ....
ووصلها أتصال هيونة أعتقدت أنها ستعايدها لم تعلــم أي خبــر كانت تحمــله لها الخبر الذي حــول عيدهم للعـــــزاء ...
شهقت بألم وهي تتذكر كيف فزع زاهد بمنظــرها حين عاد وعندما نقلت له الخـــبر شاهدت بعينية الأرتياح وكأن لسان حاله يقــول لحسن الحظ من مات لم يكــن شخص قريب لي ...رغم أنه قال غير هذا وأحتــوى حزنها وأخذها لوالدتها التي وصل لها الخبر أيضاً من هيــونة وجاء بهم إلى هنا وذهب بوالدهــا للعم صلاح بالمستشـفى والذي علموا عن خبـره اليوم ...وبعد ذالك ذهـبو لدفنه وصلاة عليه قبل قليل أتصل بها ليخــبرها أنهم أنتهوا من دفنه ...
صراخ هيـونة الهستـري المفاجيئ يفزعها :محمد ماااااات مااااات لليتني أنا مت ليش هو يمــوت ليش إلا متى بتحمـــل ياربي إلا متى ياررررب خذني وريحنـــــي ليش ماأمووووت ليش يارررررب خذني برتاح عندك تعبت تعبت ...
ليبدأ الصغار بصياح من خلفها وكأنهم ينتظر كل لحضة هسترية تعتريها ليخــرجوا مايكتمـــونة من صراخ ومايكبتــونة من دمــــــــوع ....
نور الحزينة تضم على صدرها مروان الذي يشاركهم البكاء وتمزح على رأس سارا التي غطاء شعرها الذي سرحته جيداً ليلة العيد على وجهها و أبتل بدموعها :خلاص هبيبي مافي يبكــي مافي كـــويس ....
أم بشــاير :لاحول ولاقوة إلا بالله ياهـيا يايمة مايجـوز اللي تســوينة حرام عليتس أخوانتس حسي فيهم فكــري بوجعهم صبريهم لاتزيدينهم ....
هيــونة تشد ملابسها من القهر :وانا من يصبرني من يحس فينــي من بقى لي كلهم راحـــوووو كلهم من بقى لي ليه مارحمنـــي الموت قبل ماياخذه ليه ليه ليه أنا اللي يموت أخوي ليه الناس معيدة وحنا نبكـــي ليش مافيه يــوم فرح بحياتناااااااا ليش كل حياتناااا أحزان يارب خذنا مرة وحدة وريحنا تعبنا من هالحيــــاة تعبنــا ....
بشاير :خلاص هيا بس ذبحتينا خلااااص قولي لاحول ولاقوة إلا بالله أنا لله وأنا إلية راجعـــــون....
هيــونة بقهر من وسط دموعها :ماماتو كلهم عايشين وأخوي أنا ماااات الأرض مليانة شيبان ماماتو أخوي أنا ماااات وولده بيجي لدنيا يتيم وتقولين لي أصبري يابشاير من وين لي صبر قولي من وين أنا مليت الصبر تعبت منه لاتقــولين أصبري قولي مــوتي وأرتاحي ...
نور ببكاء :هيا مافيه يبكي خلاص هبيبي مافيه يبكي قلب أنا والله تئبان لايبكي ...
هيونة بصيحة قهر :ماشفتي شي يانور توك ماشفتي شي .. بتبكين دم قريب حياتنا كذا ليه دخلتيها والله غير تتمنين الموت وماتلقينه ...
بشاير بصبر :لاحــول ولاقوة إلا بالله حسبنا الله ونعم الوكيــل ...
معتــز الذي يجــلس بأخر الصالة منطــوي على نفسه :مو مات بس مات مقتــول ذبحــوه اللي مايخافون الله أخوي مات مقتــول أذبحـــوووه ...
هيـونة بصيحة قهر :أيوة مذبوح ومحد أخذ حقــة من له يامعتــز من له عشان يأخذ حقة والله حتى مايبحثــون عن ذباحة ضاع دمك ياأخوي وآآآه ياقهــــــــــررري ...مت ولاحد درى عنك ...مرمي بالمستشــفى نص شهـر ولا علمــونا فيك ...ذبحـوك اللي مايخـافون الله عساهم مايسعدون بحياتهم عساهم للمـرض اللي يتمنــون فيه المــوت ومايلقــونه ...
الأنظار الحزينة المتسلطة عليها تنصرف عنها لتــرى القادمة إمراءة كبيرة بالسـن تسندها خادمة لتستقبلها هيــونة بضحكة شماتة موجهه حديثها لأم بشاير :شفتي ياخالة قد ايش الدنياغريبة هذي هي جدتي اللي ماعمرها أعترفت فينا وعرفنا عنها بالخطأ جاية تعزي بمحمد اللي عمرها ماشافته ...
كانت تضحك وتبكي بنفس اللحضة وكأن ماتبقى من عقلها عقد ذهب ... تقف أم بشاير بألم على حالة هيا وتستقبل أم فهد وتعزيها وتسلك بشاير مسلكها وتلحق بهن زوجة العــم أحمد التي قابلت اليــوم هذه العائلة لأول مرة وبكت دموع على حالهم لم تبكيها بحياتها كلها ....
وبعد ان أخذت مكانها بالمجــلس ام بشاير تنادي الأطفــال بأسمائهم ليسلموا على العجــوز ولكن من تعلم ؟؟!! .. فقد تربوا على أن لايفعلوا شيء هيـا لم تفعلــه ...
بشاير تهمس لأمها :يمة خليهم بكيفهم ماهو وقت سلام أنت شايفه كيف حالهم حتى لو بوضعهم الطبيعي والله مايسوون شي هيا ماسووته بس بتحرجين المــرة ماهو وقته ...
يـرن هاتفها لترد على زاهد ليخـبرها أنه أقل والدها المتعــب للمنـزل وسيذهب لبعض أمــوره ... أعادت هاتفها لشنطتها وهي تفكـر كيف تحـول عيدة للمأتم بسببها هل تمنـى لو لم تكن زوجته وأنها نحس على حياتهم وقد دخلته في مشاكل وأحزان لاشأن لهم بها ..هزت رأسها لتزيح الأفكار السيئة ..
طرقات على الباب الخارجي للشقة وصوت رجـولي ينادي معتـــز ...
ليخرج الفتية جميعاً للمجلس الرجال وتذكـرت وقتها كيف أن الجارة بالأسفل والجـارة بالشقة فوقهم قد أرسلن خادماتهن لتــرتيب قسم الرجال وتجهيزة للمعزين من الرجال وكيف رتبن المكان وأحضرن مستلزمات القهـوة والشاي ويبقين الآن بالمطبخ ليعدن مايحتاجون إلية ...
***
بمجـلس الرجال يجـلس العم صلاح وأحمد ونايف وعادل ,, يدخل الصبية الذي ناداهم أحمد ويجلســوا ليجهـش صلاح بالبكاء حين رأهم ويغطي وجهه بطرف شماغه :راح أخوكم راااح ماشف من الدنيا شي ورووووح ...
معتــز بحقد وقهر :ماراح ياعمي ذبحـــووه وأنت دفنته قلت لك لاتدفنه لين نذبح اللي ذبحــــــوووووه ...
أحمد بحزم: خلاااص يامعتز لاعاد تقول هالكلام عند أخوانك محد ذبحة أخوك مااات موتت ربه ...
معتز يشخر بسخرية من وسط دموعه : قلي ياعمي وأنت الدكتــور بينا اللي يموت موتت ربه يطعن فوق الثلاثين طعنه ويحــرق ويهشم راسه مابقى شي ماسووه فيه ...
عادل يهمس لنايف جواره :ذولي مايخافون الله كيف يعلمــون الورعان كيف مات ...
نايف بصوت منخفض :وأنا وش عرفني اللي جاب لهم الخبر أكيد هو اللي معلمهم يقـولون نسيبة هو اللي جاب خبــره ...
يقاطعم أحمد بصوت عصبي :يانايف أنت وأخوك ليه ماتكلمــون ولد عمكم يتنازل عن دعوته على فهد ترى اللي سـواه فيه ماهو طيب الغدر ماهو من شيم الرياجيل يستغله بعدين يغدر فيه ...
نايف يردعة مباشرة :يا أحمد ماهو من طيب اللي مسوية فيه فهد من البداية بس خلنا ساكتين مالنا دخل بأحد ولنا وجه نحامي عنه قدام أحد ...
صلاح بصوت مغبــون :كذب عليه وقاله بسدد ديــونك وزوج ولدي بنتك
وصدقة المسكين وزوجهم وبعدها لاسدد ديونه وزودن عليها شاكي عليه أنه خاطف ولده 17 سنه ... مير يوم علمني فهد بالتلفون بسواته فيه ماوعيت عن نفسي إلا بالمستشــفى حسبنا الله ونعم الوكيل على الظالم ....
معتز يتدخل بعصبية : مين اللي تزوجت عمي عن مين تتكلم ....
أحمد :خلاص ياولد بعدين تفهم كل شي لاتدخل بكل كلمة تنقـــال ..
زيد بقهر :ليه مانتدخل أنت أصلاً اللي وش دخلك بيننا اللي مات أخونا واللي يتكلمون عنها أختنااا لحد يتدخل فينااا طول عمرنا عايشين لحالنااا ....
يقاطع أحاديثهم دخــول أحد الرجـال الذي يتفاجأ به الجـالسين ...
معتــز يقف ليسلم على القادم ويقبل يده ليحتذي بحــذوة أخــوته ...
بدر يربت على رؤسهم بحزن :عظم الله أجــــركم والله يرحم أخوكم والعــوض فيكم ...
تصـرف معتز الذي حير بعض الجالسين بتجاهلهم والسلام على بدر الذي يتعقدون أنه يراه للمرة الأولى كان نابع عن مبدأ وضعه معتز بعقله فهو فكر دائماً بفضل الدكتور بدر عليهم وأنه أنقذ مروان حين أستقبله بمستشفاه وأجراء له العمليــة رغم أنه أستغرب مجيئة لمنزلهم لأنه لايعلم بعد بسر زواج هيـا من شهـاب ...
عادل يهمس لنايف :هذا وش جابه من اللي قايل له ...
نايف يهمس له بسرعة قبل أن يقف ليسلم عليه :أنا وش قايل لك اليوم ولده أخذ بنت فهد يعني صاير نسيبهم ويمكن هي قالت له لأنها مابقت أحد ماأتصـلت عليه حتى أمي متصلة عليها ...
يسلمــون على بدر الذي عزاهم بأبن أخيهم وأخذ مكانه بالمجـــــلس ....
صلاح بحزن :دامك جيتنا لحد عندنا يابدر تراني ناخيك تنازل عن فهد خله يطلع يأخذ عزاء ولده ترى اللي يصــير مايرضي الله ...
بدر يهز رأسه بهدوؤ :يصير خير أن شاءالله ...
أحمد بجدية :ترى عياله مابقى لهم أحد من بعدة وأشر بيده على معتز الضئيل :هذا أكبــرهم لاتأخذهم بجريرة غيـــــرهم وتظلمهم..
بدر بحلم :ليه وين رحت ياعمهم ولف على نايف وعادل المتجاوريين :وأنتم وين رحتوا ياعمانهم أذا أنتم عجزانين عنهم أنا ماعندي مانع أتكفل فيه وهم حسبة أيتــام وفيهم أجــــــر ...
نايف بضيق لايحب أن يجد عليهم أحد مدخل وخصوصاً بالأمور التي تمس الرجولة :مشكور ياأبوفيصل خيرك سابق لكن عيال أخونا ماحنا عجزانين لانقــوم فيهم ...
معتز الغير معجب بأحاديثهم يلقي نظرة عدم أستحــسان على الجالسين ويخرج ليجلس أمام الشقة ويلحق به أخوية ...
زيد لمعتز :أبوي زوج هياا مين ؟؟
معتز الذي فهم بعض الكلام ولم يفهم الأخر :ماأدري بس هو قال ولده ولد مين ماأدري ...
عيد بملاحظة ذكية :مازوجها واحد شايب صح لأنهم عمي صلاح قال ولده ...
زيد بتفكير :وش نسوي اللحين نقول لهيا أن أبوي زوجها ولابتنجن أكثر ...
معتز بتحذير :لاتقولون لها أن أقول بالوقت المناسب ...
عيد :متى الوقت المناسب هيونة بتجلس تبكي لين تموت ...
زيد :لاتصير غبي حنا بنبكي اليوم وبكرة وبعد أسبوع بس بعدين خلاص بنتأقلم مانقدر نحزن طول عمرنا بس عشان اللحين أنصدمنا أن فجأة محمد مات ...
معتز يشهق بدموعة :أخر مرة شفته فيها تهاوشت معه لو كنت أدري بيموت ماسبيته وقلت رخمــة وماأنت رجال وهيونه أرجل منك ...
عيد بحزن مشابة :وش نسوي لو كنا عارفين أنه بيموت أكيد ماأزعجناه بس حنا وش درانا ...
زيد :اللحين صدق اليوم كان عيد ...
عيد بعبرة مكتومة :ماأدري أنا صحيت على هيونة تصرخ وتبكــي يمكن كان عيد بس حنا ماعيدنااا ...
زيد بقهر :الله يلعن متعب الكلب ليه يدق على هيونة ليش ماكلم أحد ثاني خالتي ام بشورة تقول الحمدلله مانجنت لأنه صدمها بالخبر ...
عيد :يمكن أنجنت أنت وش دراك ماتسمعها تقول كلام غريب ...
زيد :لاماأنجنت أنا متأكد هيونة دايم كذا ...
معتز :تدرون أن حازم خلاص سافر لأمريكا ...
زيد :ايه سمعت هيونة تقول خلاص سافر بعد ماذبحني ...
عيد :ليش ذبحها ...
زيد :أكيد عشان سافر وتخلى عنااا..
عيد :بس هو أكيد بيرجع ..
زيد :أكيد بيجلس عشر سنين وبعدين يرجع وقتها مانحتاجة نكون حنا صرنا رياجيل وش نبغى فيه ...
عيد :صح خلاص حنا بنصير رياجيل ونعتمد على انفسنا عشان هيونة ماتحس أن حازم راح ومحمد مات بنغطي مكانهم ...
ومد يده أمام الأثنين حتى يضعو يديهم عليها ويعقــدوا أتفاقهم الطفــولي الــنقي ...
***
نهار ذالك اليوم ومع بداية بزوغ الفجــر وقبل أن ينفض المـصلين من صلاة الفجـر خرج من البناية على عجــل بخطـوات يسابق فيها أفكــارة أنحنــى ألى شارع فرعي وأتكأ على أحد الجدران ليتقيأ مافي جــوفة ... وأعادة الكرة مرة وأثنتين لم تجعل الأمر سهل عليه فعلت كل مابيدها لتصعب الأمور رغم أنه ترجاها وهمس لها ألف المرات أن لاشيء سيحـول بينه وبين مبتغــاة وعليها أن تستلم حتى لايؤذيها ..أن يؤخذها دون رغبتها كان متعب بالنسبة له فقلبة ومشاعره كلها ضده لاتريده أن يؤذيها لاتــريد أن تجرح مشاعرها بسببه ...ولكن كان له هدف يجب أن يحصل عليه ووقته ضيق لو لم يكــن سيسافر فوراً لما فاجئها بهذة الطريقة وأخذها على حين غرة بلا لتودد لها أكثـر وأنتظرالعلاقة بينهم لتنضج بطريقة سليمة وقطفها باللحضة المنـاسبة .. ولكن الظروف كانت ضدة وآخر موقف حدث بينهم جعل في نفسه غضب عليها تفاعل مع هدفة ورغباته الدفينة لينتج عنها هذه الليلة المأساوية ...
أحتاج عدة دقائق ليتدارك نفــسه صعد لسيارته وأبتعد عن الحـي قليلاً فتح مؤخرة سيارته ليخـرج حقيبته المتــوسطة ويخرج ملابسه له ويدخــل لحمامات أحد المساجد ويستحــم بها قبل أن يصــلي ويتوجه مباشرة للمطــار ... كان لايشعر بنفسه يتصرف بطريقة آلية حرب تدور داخلة طرفين متخاصمين عقله وقــلبه .. العقل يخبــره أنه فعل الصـواب وقلبه يبصق عليه كما بصــقت هي بوجهه وهو يجبرها على مالاتـريده ...
عقله يعــود هناك ليرى الموقف من بعيد ويرى كيف كان قوته ضد ضعفها هل أساء لها كثيراً هل أصيبت بالهلع بعد خروجة هل تشعر بالضعف الآن وتحتاجة ليهدأ من روعها ويخبرها أن يسافر لأنه مجبر على ذالك وليس يتخـــلى عنها
قد يكون كسر كل شـيء ولكنه خرج بذكــرى تجمعهم بشكل جديد يناسب وضعهم الحالي ..
وصل أخيراً للمطــار وهناك قابل خـالد الذي سيرافقة برحلته وطـراد الذي جاء لتوديعهم وكان منفعل للغاية بسبب تأخره :أنت وين رحـــت مابقى على الطــيارة شــي هذا النداء الأخيــر يالله تحـــــرك ودفعه لليلحق بخالد الذي هز رأسه بأستــياء حين رأه وأندفع للداخـل ..
لحق به بهدؤ ولكن طراد سحبه بلحضـة الأخيرة وأحتــضنة وهمس له :أنتبه على نفسك قبل أن يفلته ويعطيه ظهــره وكأنه حزين على فراقة أثر به المــوقف قليلاً ولكن لاوقت له لشعور بأحد فمـشاعره بعد كل مامر به هذا الــفجر باردة أقرب ماتكــون لتجلد ..
***
كانت تجلس بغرفتها في منزل أهلها والتي مشتركة مع بقية أخواتها لاتعلم لما قررت ان تغادر المنزل فور ســفره الذي لم يخـبرها عنه إلا برسالة على برنامج الواتس أب قبل الفجر بقليل وبعد أن غادر المنزل حين وصلتها رسالته ركضت لغرفة النوم تبحث عنه دارت المنزل تفتش عنه بكل مكان غير مصدقة أعتقدت أنها دعابة منه رغم أنه ليس من الأشخاص الذي يلقون النكت ويفتعلون المقالب ...لكن تمنت و تأملت لو كان هذا مقصده ليعيد المياة لمجراها بينهما ولكن لم يكن كذالك أصر على تعنته وغضبه التافه ولم يكتفي بذالك بل وسافر فجر العيد وهما متخاصمــين وكأنه لايأبها لرضاها من عدمــه أخطأت وأعتذرت ولكن لم يقبل أعتذارها وأستمر بغضبة الصامت ولكن أن يتركها للعيد وحدها العيد الذي يتراضا فيه المتخاصمين ويسقط فيه كل عتب .. يسافر دون أن يعطيها خبر مسبق وكأنها لاشيء وتصبح أخر من يعلم بشئونة كان جرح مؤلم قـــاسي على قلبها المحــب ...
لاتستطيع أن توقف دموعها تحاول أن تتظاهر بالقوة وتقسى على قلبها وتهمس لنفسـها إذا بكيتي ستصبحين الخـاسرة لاتظهرين حتى لنفسك خسارتك كوني قوية من الداخل تصبحين قوية من الخارج ولكن لاجدوى دموعها مصرة على الخروج وكأنها تعبت من كونها حبيسة ,, الحمل أضعفها وأصبح البكاء لها ديدن وجزء من سلوكها اليومــي ....
تدخل عليها سجـى بعد المغرب بقليل :بنت قومي كتمتيني بحزنك الغبي هذا أفرحي يابنتي وأرمي القلق ورى ظهرك أصلاً الرياجيل كذا مايجي منهم إلا الغثى كيف لو كان رجال مثل زوجك ملي حاله معروف هالأشكال ماينوخذ منهم إلا وجع القلب قلت لك من البداية ماراح تتحملين الحياة معه رجال أكبر منك بعشر سنين وطالع على الدنيا وعارفة الكفت وين يخبي عياله ماينفعلك خوذي شاب صغير من ثوبنا وطبعنا أحسنلك بس طول عمرك عنيدة وراسك يابس ...
فجر بصوت مبحوح :اللحين وش تبغيني فيني أنتي وكلامك اللي ماأخوذ خيره ...
سجى :كذا بس ماأحب النكد عيد ياعاالم قسم عيد خلونا نفرح شوي ...شوفي مصايب الناس وتهون عليك مصيبتك دريتي وش يقولون بالقروب أخو هيــونة محمد ماااات ...
فجر تشهق وتعتدل بجلستها :وش تقولين أنتي من جدك ...
سجى التي خافت من شهقتها :بسم الله بشويش على نفسك تراك حامل ..ايوة صحيح مسكين يقولون حالته بشعة يوم لقوه وله فوق الأسبوعين بالمستشفى ومسجل مجهــول شكل أحد ذابحة ومحرق فيه عشان ماأحد يلقى له طريق بس سبحان الله وجهه ماأنحرق ...
فجر والدموع عادت لعينيها :قسم بالله البنت هذي مدعي عليها وش ذا الحالة ياربي لاتبتلينا كنت حاقدة عليها ودي أخنقها بسبب المصيبة اللي جابت على راسي بس وش شوفي حظها أستغفرالله ياربي ...
سجى :وش رايك نروح بكرة نعزيها ..
فجر تمسح دموعها التي لاتعلم على حالها أو على خبر الموت :طيب أن شاءالله مع اني مالي خلقها بس وش نسوي هذا عزاء واجب نروحلها ...
سجى بعباطة :بالله ماتحسين أنك أرتحتي شـوي بعد ماسولفت معك ...
فجر بأندهاش :خبلة أنتي قسم غلقتيها بوجهي صح ماأعرف الشخص بس حزنت عليه وخصوصاً أني أعرف أخته الله يعينهم بس ...
***
تجلس لوحدها بالصالة المظلمة على الأرض التي أفترشتها طوال اليوم تضم ساقيها لبطنها وتريح رأسها عليها ... مات أخيها وأجتمع الكثير من الناس حزنو بكوا قليلاً تناول الطعام وغادروا هي فقط من تبقى هنا وتذوق ألم فراقة ... هي من ستعيش الحياة القادمة بدونه .. الكل سيمضي بطريقة وهي ستتذكره دائماً هنا كان بجــوارها معها منذ والدتها,, خرجت على الدنيا وهناك شخص يركض حولها وعلى وجهه أبتسامة ..دائماً هكذا شب وكبر ووجهه الضاحك لم يتغيــر ؟؟!!.. من أستطاع قتل تلك الضحكة كيف فعلوا ذالك به ومن أجل ماذا .. تعلم أنه ليس بالأنسان السوي ولكن مهما بلغت خطورة أفعالة لن تصل لما فعلوه به ... كيف قتلوه بتلك الطريقة القاسية الوحشية وكأنه بينهم ثأر سابق .. تهز رأسها بأسى ودموع تعاود الأنسكاب ماذا سيتغير لو عرفت من فعل به ذالك ولماذا لن يتغيــر شيء هو ذهب للأبد ولن يعــــــود ...ذهب هكذا بلاسعادة أقتطف من حضن الشقـاء مباشرة لم يذق حلاوة الدنيـا بعد ... لما هذه الحياة قاسية لما البعض يعيش ويمـوت بنفس العيشة الحقــيرة التي يمضي عمــرة العفن بها ... كيف للأنسـان أن يعيش بلا راحة أبداً يتذوق المر خلف المـر وخلفة العلقم ولاتحسن بحياته .. هل سيكون هذا مصيرها أيضاً هل ستموت قريباً قبل أن تعيش حياة مريحة هل ستخرج من هذه الحيــاة بوجعها وألمها دون لحضة سعادة إلا تستحق البعض منها كما يعيشة الآلاف من البشـــــر ... وهناك طفل بالطــريق سيخرج لدنيا بلا أب وربما يكمل مسيرة الأب الشقية المليئة بالحــرمان والقهــــر ليته يمــوت في بطن أمه قبل أن يخرج لهذة الحياة التعيسة ..
أرتجفت من البرد وحركت أطرافها أخير التي ئنت من شدة تصلبها وقفت وسارت بخطــوات ثقيلة للحمام تشعر وكأن أقدامها مقيدة ببعضها ..
غسلت وجهها عدة مرات ورفعت رأسها لتنظر وجهها بالمـرآه كان شعرها بحالة فوضوية ولكن لفت أنتباهه شيء ما في عنقها وأسفل نحرها .....
ضحكت من وسط دموعها ضحكة قهــر ...هذا ماتركه لها ذالك القذر الذي تجرد من أخوته لها وأنقض عليها كحيــوان مفترس ... ياءالله هل كانت حقاً أمس تقف هنا متباهية بلباسها الجديد سعيدة فيه فقط عدة ثواني كانت الفارقة بين حزنها وسعادتها ثواني التي عبرت بها خارج الحمام وبعدها أنتهت السعادة من حياتها للأبد بداية بالتدميــر الكامل لحياتها من خلال حازم وأنتهاء بخــبر موت محمد الذي زف لها مع أول ساعات الصباح بدل تباشير العيـــد وتهانية ...
جرت نفسها خارج الحمــام ودخلت للمجلس لم يكن هكذا يوم أمس كان يعج بالفوضوية لم يكن أبداً هاديئ هكذا بل كانت جدرانه تتحرك وتصرخ معها وسقفة يدور فوقها ...
هنا حيث قتل كل حب للحياة فيها ,, لقد ذبحها بالمعنى الحرفي الكملة لقد غدر بها لم تصدق أنه سيستمر بذالك حتى النهاية لقد ترجته وهو من كان لايحتمل الدمعة بعينيها صرخت بوجهه بصقت عليه عضته مع كتفه بكل قلة حيلة ليسد فمها بكفة وعضته حتى شعرت أن فكها سيتحطم لم تكن لتستلم أبداً كان عليها أن تفعل كل ماتستطيع حتى لاتندم بعد ذالك ...ولكنها نادمة مقهــورة تشعر بالخيــانة وأكثر مايؤلمها ويسبب لها الجنــون أنها لاتستطيع تمني الأذى له ولاحتى الدعاء عليه أو تصنيفه عــدو ..كانت ستصرخ فيه لسبب أتفه من هذا وتمطــرة بأبشع الأدعية وهي لاتقصدها ولكن هذه المرة تشعر أنها لو دعت عليه لأستجيبت دعوتها ولو تمنت له الشر سيحدث له ...فقط تريد أن تنسى ماحدث ويذهب هو بلاعـــودة لاتريد أن تراه مرة أخرى في حياتها ولاتتذكر حتى أسمه تريد أن تنساه ولكن كيف الطريق لهذا وهي حتى حين تنظرة لوجهها بالمـرآءة ستتذكره ...ياءالله كيف ستعيش حياتها بعد الآن بدون محمد وحازم وهل ستكون هناك لها حياة من غيرهم كل لحضة من لحضات حياتها كانوا بها كيف ستنهي الأثنين من حياتها للأبد ...
حين يخونها عقلها ويسترجعهم ماذا ستفعل بنفسها هل ستعيش كل يوم نفس الألم بذكراهم ألن ترتاح أبداً ...عقلها الغبي الذي لايعـرف أن يخط النهايات حين يفتح أحد الأبواب وتعتقد أنه أحد الأثنين القادم ماذا ستخبر قلبها المكلوم لحضها أي ألم مكتوب لتعيشة بعد .. ألم تكتفي من أوجاع الفراق حتى تتعذب بسياط الذكــــريات ....
نتوقف هنا
|