عينٌ وأعيُن
عينٌ جميِلة واخُرى قبيِحة , عينٌ ضاحِكة واخُرى باكِية , عينُ مُنكسرة واخُرى مستورة , عينٌ نظيفة واخُرى قذرة , عينٌ حزينة واخُرى سعيدة , عينٌ ساهِرة واخُرى نائِمة , عينٌ واسِعة واخُرى ضيقة , عينٌ هادئة واخُرى ضائِعة , عينٌ طاهِرة واخُرى وقِحة , عينٌ شاردة واخُرى ساكنة .
عينُ الأنسانِ واحدة , ربما ألوانِها تختلفُ بين زرقاءَ وخضراءَ وسوداءَ , رُبما مداها يختلفُ بين بعيداً وقريباً ومتوسط , رُبما نظرتُها تختلفُ بين حلالٍ وحرام! , حتى الحيواناتِ كذلك , أعيُنهِم تختلفُ وتختلفَ بين زواحفَ وأسماكَ وطيور , فكيف تختلفُ في كُل ذلك (الوانِها مداها نظرتُها) , سُبحان خالِقُها .
لكِن دعونا نتعمقُ , ونتعمقُ ونتعمقُ في أعيُنِنا , أعيُنٍنا نحن , ماذا تخبئُ خلفها ؟ وماذا تختزنُ بداخلها ؟ كيف نعرف ؟ لن نعرف , صاحِبُها وصاحِبتُها وحدهم يعرفون , لأنهم من يُعانون , لأنهم من يحتفلون , لأنهم من يشعرون , لأنهم من يكتمون , لأنهم من ينظرون , عيونِنا وعيونِهم , أعيُنِنا وأعيُنِهم , فلا نامت أعينُ الجُبناءَ .
عينٌ تقرأُ ما لم تُشاهِد , وعينٌ تذرِفُ مِما تُشاهد , عينٌ لم تشبعُ مِما تُشاهِد , وعينٌ شبِعت مِما تُشاهِد , عينَ زورٍ شهِدت ما لم تُشاهِد , وعينَ صدقٍ لم تشهدُ ما تُشاهِد , عينٌ تتمنى حيِنما تُشاهِد , وعينٌ تحسِدُ وقتما تٌشاهِد , وعينٌ تضحكُ كيفما تُشاهِد , وعينٌ تشمُتُ لِما تٌشاهِد , وعينٌ تنظَرُ في النورِ "ظلامٌ حالِك" , وعينٌ تنظرُ "نورً" في الظلام الحالِك .
عينٌ بكتناَ , وقرىً كاملةً باعتناَ , "وقرىً باعتنا بِسعرِ التُرابِ وأُخرىَ بكت علينا" , عينٌ بكت لَنا واُخرىَ بكت مِناَ , عينٌ بكت من حُزنِناَ , وعينٌ بكت لِمُصابِنا , وعينٌ بكت على أوجاعِنا , وعينٌ سهِرت حِقداً لِما نعيِش , وعينٌ فزِعتَ كيف نعيِش , وعينٌ فرِحت لَأننا نعيِش , وعينٌ تنظِرُ إلى عينَ , وعينٌ تنظِرُ داخِلَ عينَ , وعينٌ تنظِرُ وراءَ عينَ .
لعيونِهم تنظُر! تتحيرُ لاتعرِفُ مابِها , أو رُبما تقرأُهاَ وتكتشِفَ سِرها , حتى أنهم يقولون (بنظرةٍ واحدةٍ تفهمُها) , بالطبعِ ليس الجميع أو "ليس للجميع" , هُناك أعيُنٌ تفضحُ نفسهَا , وأخُرى يُحيرُك غموُضِها , تباً! أهذهِ "مُعادلةُ بصر ؟ أم فلسفةَ نَظر" ؟
عينُ الفقيرِ بائسة وعينُ الثري فرحة , عينُ الطفلِ بريئة وعينُ الطاعنِ مُتململة , عينُ الصادقِ وفية وعينُ الغدارِ خائنة , عينُ السفيهِ جاهلة وعينُ العاشقِ مُعذبة , عينُ الظالمِ ساهرة وعينُ السارقِ حذرة , عينُ المرأةِ فاتنة وعينُ الرجلِ قارئة , عينُ الحاسدِ مُحترقة وعينُ البخيلِ قذرة , عينُ الحالمِ كاظمة وعينُ الصابرِ مُبشرة , عينُ المنافقِ كاذبة وعينُ الحاقدِ مُترقبة , عينِ الأم خائفةِ وعينُ الأب مُتعبة .
عينٌ وعيونٌ وأعيُن , كم كثيرةٌ هي الأعيُن , وكم كثيرةٌ هي أسرارِها وغموضِها , من يدري ومن يعرف , "صاحِبُها وخالِقُها" , عينٌ يُبصرُ بِها الدُنيا , وعينٌ يُبصرُ إِليها الدُنيا , ستنتهي كُل عين في طرفةِ عين , أكانت عابدةٌ أم فاسقة , طاهرةٌ أم نجسة , نادمةٌ أم مبتسمة , مطمئنةٌ أم خائفة .
وحدنُا ننظرُ بأعيُنِنا , وحدنُا نعرفُ ماتخبئُ أعيُنِنا , وحدنُا نُراقبُ أعيُنِنا , أو يجب أن نُراقِبها , قبل أن يُراقِبها الآخرون , والآخرون كذلك يجب أن يُراقِبوا أعيُنِهم قبل أن يُراقِبها غيرهِم , وغيرهِم سيُراقِبُهم غيرهِم , وغيرهِم وغيرهِم وغيرهِم , ثم ماذا ؟ كُل تلك الأعيُن ستنامُ "ليلة" , ولن تُبصرَ ولن يُبصِرها أحد , أُنظر بِها وانظُر إِليهاَ , راقِبها جيداً قبل أن تنام "فهُناك عينٌ لاتنام" .
(بقلمي)
لي عودة مفصلة فيما بعد .. للرد على الأعضاء في باقي المواضيع