لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-04-14, 04:50 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28430
المشاركات: 27
الجنس أنثى
معدل التقييم: katy_1989 عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 70

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
katy_1989 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : katy_1989 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Wavey رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -

 

* شـئ من الحـنان*


وبعدما وضعت نيكولا فى سريره .. توجهت لورا كالعاده الى غرفة ابنة عمتها لتفيدها بتقرير مفصل حول حالة الصبى وتطوراته وقالت : " نيكولا نائم الآن .. كان النهار مرهقا بالنسبه اليه ."
كانت كليوباترا تنتظر فرصه كهذه لتغضب وتقول : " نيكولا ولد مزعج وانت لا تفعلين شيئا من أجل تحسين العلاقات بينه وبين عمه دومنيك ! وانت ايضا .. أعتقد انك تفضلين بيريغرين ولا تخفين أحاسيسك هذه ."
أصبح الحقد الذى يشعر به الولد اتجاه عمه الكبير قضيه مزعجه حقا لكن هل يصح اجباره على محبة شخص ما خدمة لمصالح الغير؟ حاولت لورا مرة أخرى ان تشرح هذا الأمر لابنة عمتها التى كانت قليلا ما تصغى اليها .. قاتمة الوجه .. تدخن وهى ممده فى كسل على سريرها .. وكررت قولها ثانية : " انت تفضلين بيرى .. اليس كذلك ؟ "
" فى الحقيقه أشعر بارتياح كلما وجدت نفسى مع بيرى .. تصرفه الصبيانى أقل رعبا وارهابا .. هذا كل ما فى الامر ."
" ارجو ان يكون ما تقولينه صحيحا .. لاتكذبى على يا لورا ..لأننى أعرف أشياء كثيره عنه .. هل فهمت ما أقصد ؟ "
فوجئت بكلام ابنة عمتها وراحت تقهقه وتقول : " ياالهى .. أنت تغارين من دون شك ؟ "
انتفضت كليوباترا فى سريرها وقالت : " نعم .. ومهما يكن الأمر .. فأنا لست معتاده أن أتقاسم حب رجل مع امرأة اخرى !"
أكدت لها لورا قائله : " صدقينى يا كليوباترا .. انا لا أريد ان أحظى بحبه ولا أنوى ذلك أبدا .. صحيح أن بيرى يتمتع بجاذبيه معينه .. ولكننى لا تعجبنى تصرفاته اطلاقا ."
" اذن قلبك يخفق لدومنيك ؟ "
" يا الهى .. ما بالك يا كليوباترا .. لماذا تصرين على انى متعلقه بأحدهما؟ الاثنان مليئان عقدا ! يكفى ما سأواجهه من مشاكل اذا حاولت العيش فى هذا المنزل معها ...."
هدأت كليوباترا وراحت تتأمل بامعان ابنة خالها مدت لها يدا كسوله وشدت فى مزاح على طرف فستان لورا وقالت : " هذا الفستان يليق بك ويملأ جسدك النحيل .. وشعرك بدأ يتضح أكثر ..قال لى بيرى بعد ظهر اليوم ان النساء مثلك يوقظن لدى بعض الرجال حب العطف والحمايه .. ولاشك انه يلمح بذلك الى دومنيك .. والظاهر ان سيد المكان اذا أحب فانه يمتلك .. لا تنخدعى يا حبيبتى .. انه يشبه والده لأنه يتمتع ببعض الهوس والهوى المضاد للعقل .. انه يعتبر نفسه متمتعا بروح الفروسيه .. وتكونين على خطأ اذا وهبتيه قلبك ."
هذه السخريه السهله لم تعجب لورا التى قالت فورا : " لا يجب ان تهزأى بروح الفروسيه التى يتمتع بها دومنيك .. ألم يبرهن عليها عندما أراد فى الماضى ان يستدرك الخطأ الذى ارتكبه ترويلوس فأصلحه ؟ "
رمقت كليوباترا ابنة خالها بنظره براقه ومرحه وقالت : " الظاهر انك على معرفه واسعه بالفضيحه الصغيره التى حدثت فى الماضى !لم يقم دومنيك الا بواجبه فى ان يعترف بابن ترويلوس ."
احتجت لورا قائله : " لا تقولى انك مقتنعه جدا بما أخبرك به ترويلوس .. انت تعرفين جيدا ان قصته ملفقه."
لا شك ان احتجاج لورا قد فعل فعله فى نفس كليوباترا التى لم تحاول الاستمرار فى مناقشة الموضوع واكتفت باطلاق زفره عميقه .. فسألتها لورا فجأة : " كم سنبقى هنا فى بانسيون ؟ "
" سأبقى انا قد المستطاع .. بفضل بيرى لا أضجر هنا .. وانت ؟ هلى انت مشتاقه للعوده الى غرفتك الحقيره ؟ لن تجدى فرصه كهذه يا لورا .. هنا لديك غرفه .. وتأكلين... وطبعا اذا استقرت أحوالى انا هنا بشكل نهائى .. فستكونين فى وضع أحسن ."
" هل تنوين الاستقرار هنا مع بيرى ؟ "
" كلا .. ليس مع بيرى .. عليه ان يتغير قبل انا أقتنع به .. لكنى أنوى استمالة عواطف السيد الكبير .. صحيح ان بيرى يعجبنى أكثر يوما بعد يوم .. لكن ماذا أستطيع ان أفعل .. عندما يكون المرء أمام احتياجات .. فلا يمكنه الاختيار !"
ذهلت لورا لهذه الوقاحه المتطرفه وسألت : " كيف بامكانك تحمل الزاوج من دومنيك وانت تفضلين بيرى وتحبينه ؟"
ابتسمت لها كليوباترا ابتسامه متسامحه .. كم تبدو لورا فتاه صغيره وغير ناضجه !
" اذا تمت الأمور كما أرغب .. فلن أكون بحاجه الى التخلى عن بيرى .. آه يا لورا .. أرجوك لا تنظرى الى كالفتاه المصدومه !"
صوت قرع على الباب جعل كليوباترا تتوقف عن الكلام فى الحال .. وقالت: " نعم ؟ "
هتف بيريغرين من وراء الباب : " كليوباترا انت بمفردك ؟ "
" لا تدخل اننى برفقة لورا !"
" استعدى سنخرج "
" اتفقنا "
وما هى سوى لحظه حتى كانت كليوباترا خارج السرير فأمسكت بيد لورا وقالت : " سامحينى يا عزيزتى .. فما قلته حتى الآن تفاهات ناتجه ربما عن عراكى مع بيرى لدى عودتنا من النزهة ."
" انت تحبين بيرى .. اليس كذلك ؟ "
اكتفت كليوباترا بالضحك .. ثم قالت : " هيا .. اخرجى الآن من غرفتى .. على الأسراع بارتداء ملابسى وتزيين وجهى لأبدو جميله كملكه ."
خرجت لورا من الغرفه ولم تفاجأ عندما رأت بيريغرين فى آخر السلالم .. فجمدت لورا مكانها وقال لها بلهجه ناعمه : " لا تصرخى ! أخى الكبير قريب من هنا .. فهو فى مكتبه الآن .. وهذه النزهه التافهه جعلته متوتر الأعصاب ."
أجابت لورا بجفاف : " أعتقد أنك تسليت ما فيه الكفايه اليوم ."
أجابها ساخرا : " انت تتكبرين على من جديد على ما يبدو !"
ارتفع صوت دومنيك .. الواثق من نفسه .. فى الممر قائلا : " أمازلت تلعب دورك الكريه ..يا بيرى ؟ تعالى اذن الى هنا .. أريد التحدث اليك .. اما انت يا لورا .. اذهبى الى غرفة نيكولا .. ربما احتاج اليك قبل ان يحين موعد العشاء ."
هذه اللهجه القاطعه جعلت الاحمرار يعلو وجه الفتاه .. فدومنيك يعاملها كمجرد خادمه .. انها تفضل وقاحة بيريغرين على هذا الاحتقار .. أخفضت لورا رأسها وراحت تتسلق السلالم بحزن .. بينما أغلق الشقيقان باب المكتب وراءهما.
وبدأ دومنيك حديثه مع بيريغرين وقال : " دعنا نتحدث بهدوء ."
وجلس بيريغرين فى زاوية المقعد وراح يجول بنظره فى الرفوف المليئه كتابا لا يقرأها أحد .. لم يسبق له أن شعر بارتياح داخل هذه الغرفه التى أصبحت تلقائيا مخصصه لأخيه .
" بيرى .. انا لا أريد الشجار معك .. لكن يجب عليك أن ترى الفرق بين الانتصارات السهله وبين الضيوف لدينا ."
" أنا لا أؤذى أحدا من مدعوينا يا دومنيك .. أما لورا فلا شك انها فرحه لأنى أبدى لها اهتماما .. لكنها ليست تلك المرأة التى تهمنى ."
سأل دومنيك بلهجة هادئه : " هل تعتقد انك الرجل الذى تحلم به أى فتاة صغيره ؟ "
لا شك ان دومنيك يعرف أخاه تمام المعرفه ولم يكن فى استطاعة بيريغرين انكار ذلك .. فأسرع بالأعتراف قائلا : " حسنا .. حسنا .. لقد تصرفت خطأ .. ماذا تريد أن أفعل ؟ ميريام دللتنا كثيرا خاصة ترويلوس وأنا .. كان يجب عليك أن تتزوج .. وهكذا يصبح فى البيت مرأة .. وبالتالى نضطر الى مراقبة تصرفاتنا .. فتختلف الأمور كثيرا وربما يقوم الجيران بزيارتنا ... "
ابتسم دومنيك غصب عنه .
" صحيح أننى أهملت واجباتى .. كان يجب علينا أن نعيش حياة أكثر تطورا ."
" وربما أصبح لدينا وريث .. لكن مازال هناك حظ بذلك يا دومنيك .. اما اذا كنت مصرا على البقاء عازبا .. فسيرث نيكولا ابن ترويلوس سيادة بانسيون عنك ."
أجاب دومنيك حالما : " لن يعود الأمر كما هو ."
" بل انه الحفيد الوحيد ومن السلاله نفسها ."
" دعنا من هذا الأمر الآن .. فى الوقت الحاضر .. أود ان أنبهك الى شئ واحد .. لن أسمح مطولا بتصرفاتك الوقحه والبذيئه تجاه ضيفتنا الصغيره ."
أضاف بيرى قائلا : " هل الفتاة توقظ لديك غريزة الأبوه .. لقد سبق ان قلت هذا الكلام لكليوباترا بعد ظهر اليوم وهذا لم يعجبها قطعيا ."
وظهر بريق فرح واعجاب فى نظرات بيريغرين .. اذا انفتحت أمامه افاقا جديده ليلعب بأعصاب أخيه .
قال دومنيك فى غيظ وهو يرمى حطبه فى النار : " دعنى من تفاهتك ! فهمت؟ "
فرح بيريغرين لأنه نجح فى مشاكسة أعصاب أخيه وقال : " لا تقلق .. لا يجب على نعجتك ان تخاف منى .. مادامت الأرمله الجميله هنا .. آه .. كليوباترا هى فعلا امرأة رائعه ! وحتى معك .. ما رأيك ؟ قل لى يا دومنيك .. ألم تفكر فى اغراء أرملة أخيك ؟ "
ذهب بيريغرين بعيدا فى حديثه .. واشارات الغضب عادت تحتل وجه دومنيك من جديد .. فرفع نحو أخيه معصميه ونبهه بشده : " أعرف أنك تتسلى بأعصابى .. حذار يا بيرى .. فأنت لم تعد طفلا وكفاك سخريه ! .. أنا سئمت لعبتك وتصرفك المقيت .. لقد عشت حياه سهله حتى الآن ."
" سهله جدا ! أنا الذى أنزف دما وعرقا كل يوم فى غبار المصنع !"
" لا تبالغ .. لا أنت ولا تروى عرفتما فعلا معنى الأعمال القاسيه التى يقوم بها العمال .. كان يجب على والدنا ان يلقنكما كما لقننى .. معنى المعاناة وقسوة العمل والمسؤوليه .. لو فعل ذلك لربما أصبحت اليوم انسانا ناضجا ومتعقلا! لست جادا فى اهتمامك بمؤسستنا كما يجب ."
" ولماذا افعل ذلك وانت الوريث الوحيد للمؤسسه !"
" أعرف ان ذلك يجرح شعورك .. غير انى المسؤول الوحيد ..ألا يكفيك المرتب المرتفع الذى تتقاضاه كل شهر لقاء عملك .. ماذا تريد أكثر من ذلك ؟ هل نسيت كم مره دفعت عنك ديونك ؟ ليس لديك من سبب للشكوى أو التذمر."
" بما أنك ضممت اليك حصة تروى ..فبامكانك أن تكون أكثر سخاءا."
" تروى ترك ابنا .. هل نسيت ذلك؟ "
" هل قررت اذن ان تهتم بالصبى ؟ ستفرح والدته بالأمر .. لكن للأسف لم يستلطفك نيكولا ."
قال دومنيك فى مراره : " أننى أخيف الصغار .. على ما أعتقد ."
وفى اللحظه انفتح الباب وهتفت كليوباترا باستغراب : " أنت هنا! أنا جاسه وحدى فى قاعة الأستقبال يقتلنى الملل ."
وفى فضول راحت تتأمل الرجلين .. حول ماذا كانا يتكلمان .. ياترى؟
فقالت : " من الذى يخافك يا دومنيك ؟ هل هو ابنى تصرف معك مره أخرى فى حماقه أم أن الموضوع يتعلق بلورا ؟ قالت لى الآن انك طردتها بعنف وقسوه ."
" نعم .. صحيح هذا الكلام ."
كانت لهجته تحتوى على ندم واضح .
" اذن .. ستتصالحان الآن .. وهاهى على عتبة الباب ."
كانت لورا تقف على عتبة الباب .. تتردد فى الدخول .. فقالت لها كليوباترا بوقاحه : " ادخلى يا حبيبتى لن يأكلك سيد المكان ."
تقدمت لورا بضع خطوات من دون أن تنظر لدومنيك .. كانت تبدو كفتاه صغيره .. فى جبهتها المكسره وعقدة شعرها الناعمه .. ظهر على وجه سيد بانسيون بريق حنان ناعم .. فقال مقترحا : " دعونا نذهب الى قاعة الاستقبال "
ارتاحت لورا لأن دومنيك لم يعتبر انه من الضرورى ان يعتذر لها عن كلماته الغاضبه .
وفى هذا المساء .. اعتذرت ميريام عن قدرتها لتحضير عشاء ملائم بسبب نزهة الهواء الطلق .. فأسرع بيرى فى مغادرة الطاوله وقال : " كليوباترا تعالى .. سنجد عشاء أفضل فى ميرينبورث.. هل يريد أحد مرافقتنا ؟ دومنيك .. تفضل الانسحاب الى مكتبك .. على ما اعتقد .. وأنت يا لورا ؟ "
ترددت لورا قليلا .. وقررت البقاء فى بانسيون .
ران صمت ثقيل فجأه فى المنزل .. وندمت لورا لأنها لم تحضر من غرفة المكتب كتابا تطالعه فى وقت الفراغ .. أما الآن فانها لا تجرؤ على الدخول مادام دومنيك قد اقتحم المكان قبلها .. لذلك قررت أن تتفقد نيكولا والنوم باكرا .
توقفت فى البهو لتداعب رويلى .. كبير الكلاب .. ولما نهضت واقفه رأت دومنيك أمام عتبة باب غرفة المطالعه .
" رويلى يحبك كثيرا .. يالهذا الكلب العجوز المسكين .. انه لاشك بحاجه الى عاطفه وحنان مثلنا جميعا ."
" هل تنقصك العاطفه والحنان ؟ "
" آه ! .. الظاهر أنه لا ينقص الانسان ما لم يحصل عليه ابدا .. ولكن هذا خطأ.. ما رأيك أنت ؟ "
" حتى يحصل المرء على شئ ما .. يجب ان يعطى شيئا بالمقابل ."
" صحيح يا آنسه سميث ."
" يشعر الواحد عندما يعيش هنا فى بانسيون .. انه منزل للرجال .. هذا واضح تماما .. ألا تتذكر والدتك ؟ "
" بلى .. أتذكرها جيدا .. كان عمرى ثمانية أعوام عندما توفت ."
تصورت الحين انها تفهم الآن تصرف دومنيك الغريب أحيانا .. وراحت تتخيله ذلك الولد الذى ينقصه الحب والذى ترعرع خلافا عن أخيه لأنه البكر ."
تجرأت فى سؤاله : " كيف كانت والدتك ؟ ألم يعرفها أخوك ؟"
" كلا .. لأنها توفت لدى ولادة بيريغرين .. وتروى لم يكن يبلغ من العمر الا ثلاث سنوات .. سأحدثك عنها يوما ما .. هل أنت ذاهبه الى حجرة نيكولا ؟"
" نعم .. على أن أرى نيكولا "
طلب دومنيك منها اذا كانت تسمح له فى مرافقتها .. فاندهشت ووافقت فى ترحيب وقالت : " عادتا لا يستيقظ .. يكفى ألا نقوم بأى ضجه .. وهذا المساء كان متعبا للغايه ."
" أنت أيضا تبدين متعبه .. نزهتنا لم تكن ناجحه ."
الضوء كان خافتا قرب سرير نيكولا .. راحت لورا ودومنيك يتأملان الصبى النائم .. ولاحظت لورا أن ملامح دومنيك حزينه وأليمه .. هل يأمل فى منح نيكولا الحنان الذى لم يعرفه ؟
همست تقول : " انه يشبهك ."
تقلب الصبى فى نومه .. فرجع دومنيك بعنف الى الوراء خوفا من اخافة الولد لو استيقظ .. انحنت لورا فوق الصبى وراحت تهمس بكلمات مريحه .. فجأه فتح نيكولا عينيه وقال فرحا : " مومو ."
وحين لمح الشبح الطويل فى الظلام سأل : " من هذا ؟"
" انه عمك دومنيك .. جاء ليتمنى لك ليلة سعيده ."
واقترب دومنيك وجلس على طرف السرير قائلا : " هل تعرف اننى عندما كنت صبيا صغيرا .. كنت أنام مكانك ؟ "
دهش الولد وقال : " كنت تنام هنا .. فى هذا السرير؟ "
لم يرفض وجود دومنيك كالعاده .. هل لأنه لم يستيقظ تماما ؟ أم أنه يكتشفه من منظار آخر وهو يتخيله صبيا صغيرا ؟
راح دومنيك يلامس شعر الصبى ويقول : " نعم .. وهذا الحصان ملكى ."
" كنت تمتطيه .. يا عمى ؟ "
أخذت لورا تضحك بالرغم منها وهى تتصور دومنيك فوق هذا ال حصان الهزاز .. فضحك نيكولا بينما قال دومنيك : " لا شئ يضحك فى الأمر .. فى ذلك الوقت كنت فارسا قويا يا بنى .. وفى أحد الأيام سقطت على المغسله وكسرت أحد الأباريق الجميله !"
" هلى وبختك مربيتك ؟ "
" لم يكن لى مربيه .. لكن والدتى لم تكن توبخنى ."
تجهم وجه الصبى وقال : " حظك كبير يا عمى .. غالبا ما تغضب منى كليوباترا منى ."
" ليست الغلطه دائما غلطتها .. اليس كذلك ؟ لكن لماذا لا تدعوها .ماما. ؟"
" هى لا تريد ذلك ."
" هل تعرف لماذا ؟ "
أجاب الولد بلا مبالاه : " كلا .. أريد منك يا عمى دومنيك أن تخبرنى قصه ."
" يجب أن تطلب ذلك من مومو ."
" كلا .. أنت .. اخبرنى قصه .. أرجوك ."
كان الولد مصرا فرمقت لورا دومنيك باشارة تشجيع .. وفى لهجه متردده بدأ يخبره قصة الحوريات .. كان الدور جديد بالنسبه اليه .. فكان يشعر بالتردد لكن الولد ظل يحدق فيه بعينين ساحرتين .. مما جعل دومنيك يتحلى بالثقه والعفويه .. وبعد قليل تغلب على نيكولا النعاس .. فغط فى نوم عميق .
وضع دومنيك عليه الغطاء وطبع على خده قبله وخرج من الغرفه وراء لورا.
قالت وهى ترمقه بنظره براقه : " هل رأيت ! لقد تصرفت كما يجب ! "
كان يبدو سعيدا ومتحمسا .. لكن فجأه عاد الحزن يعم قلبه فقال : " أنا متأكد من انى سأفقد غدا ما ربحته الآن .. من المستحيل أن أصل يوما الى منافسة بيرى ."
" لا تبال به ! يتعمد دائما ابعاد نيكولا عنك ."
" أعرف ذلك جيدا .. لكنى كنت لا أتصورأنك لاحظت ذلك ."
قالت فى خيبة أمل : " صحيح يا دومنيك ؟ لقد أبديت رأيك بأخيك بتسرع وأرجوك ألا تقلق على .. أنا متأسفه أنك لا تثق بى تمام الثقه ."
حدق فيها بنظرات حالمه .. فظهرت تقطيبة قلق على جبينه وقال : " ربما قدرتك بأقل من الحقيقه .. لكن يا لورا .. اذا تكلمت معك بقسوه بعد ظهر اليوم .. فلا يجب ان تعتقدى ان ....."
قاطعته لورا بابتسمه لطيفه وقالت : " لا أعتقد شيئا يا دومنيك .. لكن يبدو .. انى أعرفك الآن أكثر مما كنت عليه قبل هذا الحديث ."
" حسنا يا لورا .. وفى المره المقبله عندما أتصرف برعونه .. فلا تترددى فى تقليم أظافرى .. تصبحين على خير ! "
اختفى من دون ان يتسنى للورا ان ترد عليه التحيه .. فتوجهت الى غرفتها فى الحال .
كانت تخوفات دومنيك ثابته .. ومنذ صباح اليوم التالى .. لم يبق أى أثر للنصر الصغير الذى حققه دومنيك اتجاه نيكولا .. وبيرى يقوم بكل ما فى وسعه لجذب الصبى نحوه .. فقررت لورا ان تحدث كليوباترا بهذا الامر .
" يجب أن تطلبى من بيرى ألا يعرقل أخاه بشكل مستمر ."
" ماذا تقصدين بذلك ؟ نيكولا يفضل بيرى لأنه يشبه والده ."
" ألا تودين أن تتحسن العلاقات بين نيكولا ودومنيك ؟ والطريقه الوحيده لتحقيق ذلك هى التحدث لبيرى فى الأمر ."
" فى الحقيقه .. ليس لهذا الأمر أهميه كبرى كما كنت أتصور من قبل .. دومنيك رجل عادل ويجب الاعتراف بمزاياه العديده .. وتصرف نيكولا تجاه دومنيك لن يؤثر على القرار الذى سيتخذه سيد المكان تجاه الصبى ."
وفى وقت لاحق كانت تفكر لورا بصوت مرتفع كعادتها : " ربما .. من المستحيل معرفة النشوه وفرح القلب .. مادمت وحيده ؟ "
سمعت أصواتا خلفها فى ساحة بانسيون حيث كانت تجلس مستمتعه بشمس نيسان .. واعتقدت أن ميريام هى القادمه .. لكنها سمعت صوت دومنيك يقول : " هل اكتشفت هذه الحقيقه لتوك ؟ "
تلعثمت وقالت : " عدت مبكرا اليوم ."
" ذهبت لشراء بعض الأشياء ولا داعى للعوده للمصنع قبل الغداء .. لماذا تشعرين بانزعاج وعدم ارتياح كلما كنت معى يا لورا ؟ "
هتفت فى صدق وصراحه :" لا أعرف ."
هذه العفويه جعلته يبتسم فقال : " أنت تتقاسمين مع نيكولا عدم الثقه بى أو الحذر منى ؟ "
رفعت عينيها نحوه فى سرعه وهتفت فى حده عنيفه : " كلا .. ثقتى بك كبيره وبامكانى أن أضع حياتى بين يديك من دون أى تردد ."
" يا لهذا التملق والاطراء ."
قهقهت لورا وقالت : " قلت أمورا تافهه .. اليس كذلك؟ اتكلم مثل بطلة قصه باليه .. وأنت تكلمنى غالبا كما تكلم نيكولا .. هذا هو الذى يزعجنى فى الامر."
" بما انى غير معتاد على معاملة النساء .. لذلك لست قادرا على صياغة فن الحديث ."
وكان دومنيك منزعجا ومتوترا .
فقالت لورا : " أنت لاتعامل كليوباترا كما تعاملنى ."
" لست فى حاجه لأن أتصرف بتأن معها .. رددى ما كنت تقولينه عندما وصلت ."
" كنت أقول ان النشوه وفرح القلب لا يعرفهما الانسان الوحيد ."
" انا لست الانسان الذى يوحى بالعاطفه ."
هتفت لورا قائله : " لايجب أن تفسد حياتك من أجل الماضى ."
ندمت على ما قالته .. وغابت الابتسامه عن وجه دومنيك الذى قال : " أنت اذن على علم بما حدث فى الماضى ! أفضل يا آنسه سميث الا تتدخلى فى شؤونى."
ووقف دومنيك تاركا اياها من دون أت تنبس بكلمه .
بعد هذا الحادث بدأت لورا تتحاشى الوجود معه .. وذات يوم قالت لميريام : " لا أعرف كيف أتصرف مع دومنيك .. فى داخله رجلان ."
" أنت قلقه على مصير نيكولا .. اليس كذلك ؟ "
مشاكل آل تريفاين بدأت تزعجها .. لكن بما أن الفرصه مناسبه قررت لورا أن تتدخل من أجل الولد .. اذ لا يجب اهمال تأثير ميريام على أهل المنزل .. فقالت : " لا تعتقدين أن لنيكولا حقوقا شرعيه ؟ "
" بكل تأكيد .. انه ابن تروى والعجوز زكارى كان يريد حفيدا باصرار ..."
ارتفع صوت وراءهما.. وقال دومنيك فى جفاف : " من الأفضل أن تناقشا مصير نيكولا معى ."
دافعت لورا عن نفسها قائله : " كنت اكتفى بالقول ان نيكولا يحمل اسم عائلة تريفاين وأنه آخر أنسباء العائله ."
" صحيح . لكن لا تنسى أنه باستطاعتى أن أتزوج يوما ما ."
" طبعا .. انى .. انى ..."
ابتسم وقال : " هل طلبت منك كليوباترا أن تفتحى هذا الموضوع مع ميريام؟"
غضبت لورا فجأه ونظرت اليه فى تحد وقالت : " أبدا ! انها لا تحتاج لمن يتحدث عنها."
قال ساخرا: " آه .. اننى أصدقك تماما ! "



*نهــاية الفصــل الخـامس*

 
 

 

عرض البوم صور katy_1989   رد مع اقتباس
قديم 01-04-14, 12:06 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28430
المشاركات: 27
الجنس أنثى
معدل التقييم: katy_1989 عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 70

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
katy_1989 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : katy_1989 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Wavey رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -

 

* واشتعلت القنــاديل *


عاد دومنيك ليفتح الموصوع نفسه فى المساء .. كانت كليوباترا قد رافقت بيرى كالعاده فى سهره فى ميرينبورث ووجدت لورا نفسها وحيده مع دومنيك .. تناول طعام العشاء كالعاده بسرعه وانتظرت لورا أن يغادر الطاوله بدون الاهتمام بها .. لكنه لم يفعل ما كانت تتوقعه إنما أبعد كرسيه قليلا الى الوراء ليجلس فى ارتياح يراقب الفتاة بصمت ثم قال فجأه : " ألا تحبين أن ينظر المرء إليك بينما تأكلين ؟ "

" كلا .. لا أحب ذلك .. إذ أشعر باضطراب وتوتر."

" يخيل إلى توترك فى صوره دائمه ."

رمقته لورا بنظرة استغراب وأجابته بصدق : " فعلا .. أشعر أحيانا بالتوتر معك ."

" ولا تشعرين بذلك مع أخى بيرى ؟ "

" كلا .. لأنى لا أخاف أن أصده وأعيده إلى مكانه ."

" ومعى .. لا تجرؤين على ذلك ؟ هل هذا بسبب كبر سنى ؟ "

" أبدا ! ليس مسنا من كان فى الخامسه والثلاثين من العمر !"

" لا طبعا .. لكن فارق خمسة عشر عاما بيننا ."

" بيننا ! وأى أهميه لذلك ؟ "

" لا أحد يعرف .. ربما .... "

فوجئت بهذا الرد وقالت : " العمر لايلعب دورا هنا ."

" أين ؟"

" عندما أشعر بالانزعاج كلما وجدت نفسى معك ... إنك تفعل كل ما فى وسعك لتشوش عقلى يا دومنيك!"

ارتسمت على وجه دومنيك ابتسامه ساخره بينما همست لورا : " أرجو ألا ترغم نفسك على البقاء معى .. أعرف جيدا إنك مشغول فى المساء ."

" لن تتهربى منى بسهوله .. لدى حديث معك بشأن نيكولا."

" ما الذى تريد أن تعرفه ؟ لا شك أن نيكولا صبى لطيف جدا .. ومع الوقت سيتغلب بكل تأكيد على ... على الخجل الذى توحى له به ."

أجاب موافقا بسخريه : " يا لهذا الكلام المتقن ! وما تسمينه خجلا .. يبدو لى أنه واضح صريح .. لكن على كل حال .. لا يمكننا أن نفعل شيئا بهذا الصدد .. فماهى واجباتى نحوه حسب رأيك ؟ "

اندهشت لورا قائله : " هل تطلب رأيى أنا ؟ "

" هل ترفضين الاعلان عن رأيك مع أنك تطرحينه على ميريام بكل طيب خاطر ؟ "

قالت باحتجاج : " رأيى .. لا أثر له ! يجب أن تناقش الموضوع مع كليوباترا ."

" سأتناقش معها أيضا ..و الآن يا لورا .. تدفعيننى الى الرجاء .. صباح اليوم كنت تقولين إن عائلتى لها واجبات نحو ابن تروى ؟ "

" ألا توافق على ذلك ؟ "

" بلى .. حاولت أن أعيد العلاقات بينى وبين تروى بعد وفاة والدنا .. لكنه كان عنيدا وحقودا مثل والدى.. ولوكنا نعرف أن تروى أنجب ولدا لتغيرت الاوضاع جذريا .. إذن ما هى واجباتى .. حسب رأيك؟ ."

ترددت لورا مطولا فى الرد .. كانت جالسه معقودة الذراعين فوق ركبتيها.. وتبدو كتلميذة مدرسه .. ودومنيك يتأملها فى حنان ...

" لا أعرف ما أقوله .. أنى .. أنى أعتقد أن لديك مسؤوليه تجاه نيكولا بعد موت والده .. من الصعب على أرمله شابه أن تربى ابنها بمفردها."

" أن ابنة عمتك امرأه جذابه جدا .. ولن تبقى وحيده طويلا."

عارضت لورا فى صوت ناعم : " الصبى يمكنه أن يعرقل لها أمر زواجها ثانية ."

" هل تعتقدين أنه اذا أمنت مستقبلا لنيكولا .. فاننى بالتالى أسهل عليها الزواج من جديد ؟ "

" وبالتالى لن يكون لديها شئ تطلبه من رجل آخر ."

صرخ دومنيك بعنف مفاجئ وقال بغضب : " أنتما .. خططتما كل شئ ."

وفى طريقه آليه .. أخفى دومنيك بيده الكدمه على وجهه .. فشعرت لورا نحوه بقليل من الضيق وقالت : " لا تبالى بالكدمه التى فى وجهك يا دومنيك .. لا أحد يلاحظها ."

أكد فى حزن : " ما عدا نيكولا."

ابعد يده واستراح فى مقعده فقالت : " فى البدايه .. لا شك أنه ذعر لوجود كدمه .. لكن الآن يعتقد أنك قرصانا وأن قرصانا آخر قد هاجمك ."

قهقه دومنيك وقال : " آه يا لورا .. يأيتها الفتاة الصغيره .. انى معجب بقصصك مثل نيكولا ! أخشى أن تكونى قد اخترعت هذه القصه انت بالذات .. القراصنه وتمثال القارن .. ستبدو لى بانسيون فارغه عندما تغادرينها ."

هذه الملاحظه الاخيره أعادت الحزن الى وجهها .. كانت تحاول جاهده من وقت قليل ألا تفكر فى الغد .. غير أنها كانت تعرف أن عليها العوده الى لندن متى تحسنت أحوال كليوباترا .. كما تعرف أيضا أنها لا تشعر برغبه فى الرحيل من هنا .

أصر دومنيك قائلا : " يبدو لى أنك لا تصدقيننى."

فاعترفت له بحزن : " أنا الذى سيحن الى بانسيون ."

" إذن بدأت تتعودين على تصرفتنا الموحشه والوحشيه يا لورا ! اننى أمل أن أربى نيكولا هنا ."

فتحت لورا عينيها باندهاش وقالت : " هذا رائع .. نيكولا يحب بانسيون .. لكن كيف ستتدبر الأمر ؟ هل تنوى تنبيه ؟ "

" لا .. لديه أم وهناك وسائل أخرى ."

أحنت لورا راسها تفكر بهذه الوسائل الأخرى .. الزواج ؟ هل ينوى الزواج من كليوباترا .. قالت بصوت متعب : " سبق إذن ووضعت مخططاتك ..."

وافق دومنيك على ما قالته .

"إذن ستحقق ما سبق أن خططت له .. ورأيى لا أهمية له ."

شعر بخيبة أمل لسماع هذه الكلمات وفى الوقت نفسه تقلص وجهه القاتم .. يالمزاجه المتقلب .. صحيح أنه مزدوج الشخصيه ولن تفهم أبدا تقلبات مزاجه العنيفه.

همست تقول : " سأذهب الى فراشى ."

لم يحاول استبقاءها وتمنى لها ليله سعيده بلا مبالاه .. غير أنه أضاف عندما تناولت كتابا من الرف وهى فى طريقها الى غرفتها : " أنت تحبين المطالعه .. اليس كذلك ؟ باستطاعتك أن تأتى إلى غرفة المطالعه فى أى وقت تريدين وخذى الكتاب الذى يعجبك ."

" شكرا .. وحتى لا أزعجك .. فلن أدخل المكتب فى المساء ."

" انت لا تزعجينى أبدا .. سأبوح لك بسر .. نادرا ما أعمل فى المساء .. وفى إمكانك الانضمام الى اذا أردت."

كانت لورا قد فتحت الباب للخروج وقبل أن يتسنى لها الوقت للرد عليه .. دخل بيريغرين وكليوباترا فى ضجه الى البهو .. شاهدت كليوباترا لورا واقفه على عتبة المكتبه فسألتها : " هل مازال دومنيك هنا ؟ "

ثم دخلت من تلقاء نفسها الى المكتب وقالت : " آه .. نعم .. أنت هنا ! لقد أمضينا سهرة رائعه فى إحدى الحانات الصغيره الواقعه على شاطئ البحر .. برفقة البحاره الذين يضعون الحلق فى آذانهم .. لو رافقتنا لورا لتخيلت نفسها بين أعزائها القراصنه .. يجب أن نصطحبها معنا فى إحدى الأمسيات يابيرى ! "

" ليس واردا أن تأتى لورا معكما .. هل سمعتنى يا بيرى ؟ "

كان دومنيك واقفا وتكلم بلهجه قاطعه .. واكتفى بيريغرين بالابتسام .. فقالت كليوباترا فى سخريه : " وأى ضرر فى ذلك ؟ لماذا تحمى ابنة خالى .. بينما تدعنى أنا أذهب حيثما أشاء ؟ "

حديثه الى كليوباترا : " أنت من طينة آل تريفاين نفسها."

" طبعا .. فأنا من عائلة تريفاين .. لكونى زوجة تروى .. شئت أم أبيت."

تابع بيرى هذا الحديث من دون ان يتلفظ بكلمه .. لكن فجأه بدأ فى الهجوم وقال : " وانت يا اخى العزيز .. لم تضيع وقتك سدى ..انت ايضا ! هل كانت لورا العاقله تساعدك فى عملك ؟ "

أسرعت لورا فى القول لتوقف كل التلميحات : " كنت فى صدد الذهاب الى فراشى."

اجابت كليوباترا بسخريه : " وجه لورا الصغيره مشع بعد هذه السهره التى قضتها برفقة السيد الكبير .. هل وصلنا فى الوقت غير المناسب يا حبيبتى ؟ "

قال دومنيك مازحا : " لم تستحسن ابنة خالك الشرف الذى أكنه لها .. كانت فى عجله للذهاب الى النوم ...."

قالت كليوباترا وهى تجلس : " هل ستذهبين حقا الى فراشك يا لورا ؟"

" نعم ."

وفى الصباح التالى ..عندما حملت لورا صينية الفطور الى غرفة كليوباترا لتخفف عن ميريام كانت كليوباترا فى انتظارها بفارغ الصبر : " إذن .. اخبرينى ما حدث بينك وبين دومنيك .. مساء أمس ."

أجابت لورا فى هدوء : " لا شئ.. حدثنى عن نيكولا ."

تغير تعبير وجه كليوباترا فى الحال ولم تعد تريد مضايقة ابنة خالها .. فسألتها بالحاح : " ماذا جرى من الحديث ؟ "

" لماذا تناقشين قضاياك معه ؟ "

" لورا ! مازلت تحلمين ! ماذا قال دومنيك ؟ هل ستجيبين عل أسئلتى .. أخيرا؟ "

" انه يتمنى أن ينمو نيكولا ويترعرع هنا .. وقال لى لديه مشاريع بهذا الصدد .. هذا كل ما قاله . "

" اى مشاريع ؟ لورا .. انا متأكده انك استطعت أن تنتزعى منه تفاصيل أكثر ... "

" ليس هذا من شأنى."

صرخت كليوباترا عاليا : " صحيح .. انت تثيرين جنونى ! كيف يمكن لأحد ان يكون فى مثل حماقتك ؟ الرجل المسكين لا شك أنه أراد أن تخبريه برغباتى .. كان عليك أن تلمحى له بأنى مهتمه باقتراحاته ! "

وراحت كليوباترا تهزأ قائله : " لا تتأثرى يا حبيبتى .. ربما سأكون انا بحاجه الى الأخ الكبير .. ألم تفكرى ان من المحتمل ان يكون لديه مطامع بى ؟ وسنستفيد معا بهذا التدبير .. فهو بحاجه الى زوجه وانا فى حاجه لأب لنيكولا ."

وفى صمت استقبلت لورا هذا التصريح .. وانكمشت على نفسها .. كما يحدث كلما جرحتها الحقيقه .. وبعد برهه سيطرت على انطوائها وشعرت برغبه حاده فى فهم موقف ابنة عمتها .. فهمست تقول : " كليوباترا .. كنت أعتقد انت بيرى وانت ...."

انتفضت كليوباترا منزعجه من هذا الحديث وقالت : " كفى مناقشة ! هذا الكلام لن يفيدنا كثيرا .. هل تعرفين أن بيرى ميال الى خوض مغامرة السفر والذهاب الى استراليا .. كما فعل تروى ؟ استراليا بلاد جذابه ومليئه بالاشياء الخلابه ولا تثير الملل مثل انجلترا العجوز .. وانا الآن أحب العوده الى هناك بكل طيب خاطر."

" لا احد يمنعك من العوده ابدا !"

" وماذا أفعل بابنى ؟ اريد ان اؤمن له اولا مستقبله .. ان سيد بانسيون الكبير ربما ينوى ان يبقينى هنا .. آه .. لورا .. لا تنظرى الى هكذا ! من الافضل لك ان تذهبى وتتفقدى نيكولا .. لقد وعده دومنيك ان يصطحبه الى المصنع معه بعد الغداء .. والله وحده يعلم السبب .. أرجوك أن تقنعى نيكولا أن يتصرف حسنا مع عمه الكبير."

اعتنت لورا بنيكولا طيلة فترة ما قبل الظهر .. وذكرته مرارا بتلك الليله عندما جاء عمه دومنيك ليتفقده وهو نائم .. ثم قص عليه حكايه .. كما أكدت له ان عمه سيقص عليه حكايه أخرى لو انه تصرف تصرفا حسنا بعد ظهر اليوم فى المصنع .. لكن الزياره الى المصنع كانت فاشله .. ربما لأن كليوباترا قررت ان ترافقه فى آخر لحظه .

عاد الجميع الى البيت بعد ساعتين تقريبا .. كل واحد مقطب الوجه من جهه .. وكان من الصعب معرفة السبب فى فشل هذه الزياره .

وضعت لورا الصبى الباكى فى سريره بعدما أخبرته قصه صغيره .. لأن عمه لم يقص عليه شيئا .. وبعد ان غرق فى نومه .. انسحبت لورا بهدوء من المنزل لتتمتع ببقية النهار فى وحدتها .

فوجئت بسيارة دومنيك فى الممر .. كانت تعتقد انه عاد الى عمله فى المصنع .. لكنه فجأه خرج من قفص الكلاب ووقف أمامها والكلاب تتبعه .. فقالت مندهشه : " انا آسفه لفشل زيارة المصنع .. ألم يتصرف نيكولا جيدا ؟ "

" نيكولا ؟ آه الصبى كان ممتازا .. لكنه غضب عندما رفضت والدته ان يجرى كما يريد ."

" يجب ان تصطحبه معك مره أخرى ."

" كلا .. لا اعتقد ان ذلك ضرورى .. ان سكان المنطقه وخاصة العاملين فى المصنع لم ينسوا العراك القديم .. وكبار العمال هم من أنصار والدى ومن رأيه ."

" هل تعنى انهم يتحاشون رؤية زوجة تروى وابنه ."

" تقريبا .. بالنسبه اليهم كليوباترا غريبه .. والقصه لم تكن جميله ولأهالى المنطقه ذاكره غريبه ."

" لا .. لم تكن القصه جميله .. لكن لا شك انك أحببت تلك المرأة كثيرا كى تتقدم للزواج منها بدلامن أخيك .. هل انا اتدخل الآن فى شؤونك؟ "

" كلا.. انت لا تتدخلين فى شؤونى .. يا لورا .. لكنى كنت ما أزال شابا حينذاك ."

نظر اليها بعينيه الزرقاوين فى حده وعرفت ان الماضى لم يعد واردا الآن .. فقالت : " لم يمض على هذه الحادثه الا سبع سنوات."

" نعم .. سبع سنوات .. لكن الانسان يتغير ايضا ."

توقفا على حافة الطريق .. فنظرت لورا اليه باشفاق .. فقال : " اسمعينى أيتها الفتاة العاطفيه .. المرأه المعنيه تزوجت .. وزواجها ناجح .. وانا سعيد من أجلها ."

صرحت لورا بعفويه جعلته يبتسم .. اذ قالت : " آه .. انا ايضا سعيده من أجلها ! واسمح لى ان أقول لك اننى لست شديدة العاطفه كما تظن ."

" هل سبق ان وقعت فى الغرام ؟ "

أجابت ببساطه : " كلا .. صحيح اننى تعرفت الى قليل من الشبان فى حياتى .. ولكنى لست أملك سحر وجاذبية كليوباترا ."

ندمت لذكر اسم ابنت عمتها لأن وجه دومنيك تجهم فى الحال .. وأطلق صفيره للكلاب .. وعادا معا الى المنزل بصمت .

كان العشاء فى وقت متأخر فى ذلك المساء .. بسبب تأخر دومنيك فى العوده من عمله لأنه أنهى بعض الاعمال .. وكانت كليوباترا فى حاله شديدة السأم والمزاج العكر .

نظرت كليوباترا الى الساعه وصرخت : " لماذا تأخر الرجلان ؟ "

كانت كليوباترا ترتدى بدله شديدة الاناقه كأنها تنوى الخروج بعد العشاء برفقة بيريغرين .. وهذا التأخر ربما أدى الى تعطيل مشاريعها . قالت فجأه : " شاهدت اليوم رئيس عمال دومنيك .. يا له من انسان كريه !"

" مثل جميع سكان منطقة كورنويل .. لاشك انه يتصرف بقلة ثقه خاصة أمام الغرباء."

احتجت كليوباترا قائله : " انا لست غريبه .. انى انتمى الى آل تريفاين !"

" هذا النوع من الناس لا يعترفون الا بصلة الدم .. والفتاه كانت تنوى الزواج من تروى كانت ابنة البلد ."

هزت كليوباترا كتفيها باستغراب واحتقار وقالت : " الظاهر انك تعرفين هذا البلد تمام المعرفه ! هل أخبرك دومنيك بكل هذه القصص عندما اخذتيه قسرا فى نزهه معك ؟ "

" لم اخذه قسرا .. كنت افضل الخروج وحدى .. اذا اردت معرفة الحقيقه ."

صفق باب المدخل وسمعت أصوات الرجلين فى البهو .. فنسيت كليوباترا فى الحال ابنة خالها وانتفضت واقفه عندما دخلا .

قال بيرى وهو يغلفها بنظرة اعجاب : " كم تبدين مرتاحه يا أرملة أخى العزيزه !"

" يحق لى ان اشعر بالارتياح هنا .. اليس كذلك ؟ "

رمقت دومنيك بنظره ساحره وقالت : " هل أبالغ يا دومنيك ؟ هل أتصرف أكثر من اللزوم .. كما لو كنت سيدة المنزل ؟ "

أجابها بيرى بابتسامه ساخره : " على اى حال .. هذه ليست الطريقه المفضله للحصول على حصانك المفضل !"



*نهاية الفصل السادس*

 
 

 

عرض البوم صور katy_1989   رد مع اقتباس
قديم 01-04-14, 12:22 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28430
المشاركات: 27
الجنس أنثى
معدل التقييم: katy_1989 عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 70

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
katy_1989 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : katy_1989 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Wavey رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -

 

*ريــــاح وغيــــوم*


اليوم التالى .. كان يوم الجمعه العظيمه .. ومثل كل سنه يغلق المصنع أبوابه لمدة عشرة أيام .. وتساءلت لورا كيف ستتم هذه العطله فى صحبة آل تريفاين .. كان عليها ان تتقبل الظروف .. ولكن ياللأسف.. بالرغم من كونها غريبه .. كانت تتأثر جديا بمشاكل وقضايا بانسيون .. كما انها كانت تأمل فى المحافظه على مسافه فى العلاقات مع عائلة ابنة عمتها الرهيبه .. لو لم تشعر تجاه دومنيك بعاطفه عميقه حقيقيه !

همست لورا وهى تساعد ميريام فى ترتيب الغسيل فى غرفة صغيره تقع قرب المطبخ : " لم أعد أ عرف شيئا .... "
قالت ميريام بلطف : " ماذا هناك ؟ "

" لا شئ !"


تقلصت لورا اذ كانت على وشك ان تفضح نفسها .. لكن ميريام استقبلت هذا الانقباض بتسامح وقالت : " عندما يكون المرء فى أوج الشباب اليافع يخلق لنفسه المشاكل .. لكن الامور تنجلى فى آخر المطاف .. صدقينى .. عشر مناشف .. دستة وجوه مخدات .. آه نعم يا ابنتى .. هناك دائما حل .. هل تنوى ابنة عمتك البقاء هنا طويلا ؟ "

أجابت لورا وهى تطوى ملاءة : " ستبقى هنا حتى يتم العثور على حل لمشكلة نيكولا .. اما بالنسبة لى .. فأعتقد انه يجب أن أرحل عما قريب .. لم آت الى هنا الا تلبية لطلب كليوباترا وتقديم خدمه صغيره لها ."

" لست فى حاجه الى الرحيل ."

أطل رأس بيرى من الباب المفتوح وأطلق مزحه كريهه .. بينما وصل بالصدفه دومنيك وراءه ولم يكن فى مزاج يقبل المزاح .. فقال وهو يبتعد : " حافظ على هذا النوع من الكلام لأشخاص من طينتك ."

اطلق بيرى صفيرا ساخرا وقال موجها كلامه الى ميريام : " ما الذى أصاب أخى يا ترى ؟ كأن ذبابه قرصته ؟ هل يميل الى لورا الناعمه بالرغم من جاذبية وسحر ابنة عمتها ؟ ان شعوره بالحمايه الأبويه شديدة الحساسيه .. وانا أقول لها هذا الكلام من زمان ."

أكدت ميريام قائله : " دومنيك ورث وحده محبة وحنان وعطف والدته ."

صرخ بها بيرى : " ماذا تقولين ؟ بدأت تنحازين الى صف العدو ؟ "

" هل دومنيك عدو يا بيرى ؟ "

هز كتفيه وقال : " لا ..لا .. انه يثير أعصابى فقط ليس الا ."

كان يشبه ولدا صغيرا مضطرا ان يفصح عن غلطه .. لكنه ما ان لاحظ انزعاج لورا من هذا الحديث حتى استعاد رباطة جأشه وقال : " يا ميريام .. باتت لورا فى صفك واتصور أيضا أنها تكن لسيد المكان عاطفه سريه .. ما رأيك ؟ انظرى ! انظرى انها تحمر خجلا !"

لم تحاول لورا الدفاع عن نفسها من شدة توترها .. فرمقها بنظره حاده قبل ان يخرج الى الحديقه حيث كانت كليوباترا بانتظاره .. واعلن بدون مقدمات بغية احداث صدمه عندها : " أتساءل ما اذا كان السيد الكبير قد وقع فى الحب ."

أجابت كليوباترا على الوتر نفسه : " ولم لا ؟ انا مناسبه له .. نحن نؤلف ثنائيا جميلا .. ما رأيك ؟ "

" لا أعنيك أنت بل ابنة خالك ! "

غضبت كليوباترا.. ففرح بيرى وتابع يقول : " تماما .. لقد حققت الهدف الأول .. أما بالنسبه الى الهدف الثانى ..... فهل لديك نوايا تجاه سيد العائله ؟"

" نعم .. انا تعبت من الحياة غير المستقره وأريد الاستقرار .. من أجلى ومن أجل ابنى .. على اى حال .. لست المستوى المطلوب لتربية الاولاد ..مثل تروى .. وانت كذلك يا بيرى .. لاشك ان هذا السبب الذى ...."

" منعنى من الزواج منك ؟ أنت على حق وأنا معجب بصراحتك .. مع ذلك ليست فكرة الولد وحدها التى منعتنى من ذلك .. فأنا مصر على أن أحافظ على حريتى ."

" لا تخترع قصصا الآن .. لو لم يكن نيكولا .. لتزوجتنى من دون تردد."

" ربما .. لكنك لا تدرى حتى الآن أن هناك من ينافسك !"

" تعنى لورا ؟ لا تتفوه بالحماقات يا بيرى ! ما أراه هو أنها تركت نفسها تنجذب الى بطل أحلام سن المراهقه .. وهذا شئ عابر ."

قهقه بيريغرين ساخرا وقال : " كلا.. لم تفهمى بعد .. حسب راى ميريام .. دومنيك يبادلها الشعور نفسه ."
" ميريام امرأة مجنونه ! "

" ليس تماما .. لا شك أنك لاحظت بأى تيقظ واهتمام يرعى أخى شباب وبراءة نعجته البيضاء .. انه لا يسمح لها ان ترتاد الملاهى الليليه و ......"

" لكن هذا لا يدل على أن دومنيك يكن لها عواطف عميقه .. بل انه يتمتع بحس المسؤوليه ويعتقد ان من واجبه السهر على لورا كأنها فتاه صغيره .. وحتى لو كان يشعر تجاهها بعواطف قويه .. فان لورا فتاه ساذجه وليس باستطاعتها الاستفاده من ذلك ."

سألها بيريغرين بفضول يميل الى الاستياء : " بينما أنت تنوين استعمال كل ما لديك من مواهب للوصول الى الزواج منه بالرغم من العلاقات القائمه بيننا حاليا؟"

" لا تقلل من قيمة حظوظى .. اننى أملك الورقه الرابحه .. ذلك أن دومنيك يريد نيكولا ."

" ماذا تقولين ؟ "

" لقد كشف عن نيته للورا بأنه يأمل أن يشرف بنفسه على تربية نيكولا هنا فى بانسيون .. وان لديه مشاريع بهذا الصدد .. ولذلك يحق لى أن أتوقع أن دومنيك قد أدخلنى فى هذه المشاريع .. لكن لو لم يكن مغرما بى فيمكننى على الأقل أن أجعله يرغبنى ويتزوج منى ."

" لا تطلقى أحكاما بسرعه !"

وصلت ميريام لتعلن بأن الغداء سيصبح جاهزا عما قريب وأنها تقترح ارسال نيكولا لتمضية بعض اللحظات معهم .

قالت كليوباترا مازحه وبلطف : " يا لهذا الولد المسكين ! "

وسألت ميريام : " هل سيذهب أحد منكم إلى مينبورث غدا ؟"

استفهم بيرى قائلا : " ولم ؟ ألم تقومى بالتموين اللازم لهذه العطله ؟ "

" بلى .. لدى كل ما يلزم وسأحضر لكم المأكولات الشهيه .. لكن مازلت بحاجه الى البيض ."

" البيض ! ليس أمامك الا الحصول عليه من عش الدجاج !"

" أقصد بيض الفصح .. ففى الوقت الحاضى .. عندنا ولد فى المنزل ."

قالت كليوباترا : " لا سبب للقلق من أجل نيكولا .. لم يسبق أن أستلم أى هديه فى عيد الفصح .. مهما كان نوعها ."

قالت لورا متحمسه بعدما سمعت الحديث : " يا للاسف .. كليوباترا .. هل تتذكرين كم كنا نفرح عندما نكتشف البيض والفراخ الصغيره المصنوعه من الشوكولا .. والتى كانت تقدمها لنا العمه فلورا ؟ هل هناك حافله نهار السبت تذهب الى ميرينبورث يا ميريام ؟ "

اقترح بيريغرين عليها قائلا : " سأخذك فى سيارتى ."

قالت كليوباترا : " لا تعتمد على فى مرافقتك .. لست أنوى أضاعة الوقت فى شراء بيض العيد .. سأستغل فرصة غيابك لقضاء بعض الوقت برفقة دومنيك ."

" اتفقنا يا حلوتى .. سنتيح لك المجال لتجربى حظك قرب أخى الكبير .. اما من جهتنا نحن .. لورا وانا .. فلم تسنح لنا الفرصه للخروج معا .. وانى أنوى أن أحقق ذلك ."

فى صباح اليوم التالى .. ذهبت لورا مع بيريغرين .. فرحه مثل ولد سيحصل على جائزه .. وقد سمح لها الطقس الجميل الدافئ أن ترتدى فستانا جميلا .

كانت كليوباترا قد رتبت خططا لهذا النهار لكن الامور لم تجر تماما كما كانت تتوقع .. وبينما كانت تودع باشارات حماسيه من يدها .. لورا وبيرى.. كان دومنيك يراقب من دون حركه خروج أخيه الصاخب .. وكعادته .. أقلع بسيارته فى ضجه رهيبه وسرعه غير عاديه .

فسأل دومنيك : " فكرة من مشاريع التسوق هذه ؟ "

لكن كليوباترا لم تفقد شجاعتها وأخذته بذراعها ورافقته الى المنزل .

" لا يوجد سبب يا دومنيك .. لأن تفسد على لورا هذا العيد الكبير دعها تمرح وتلهو .. فحتى الآن تصرفت بأنانيه .. وخرجت من دونها .. أنى ألاحظ أن لورا معجبه ببيرى كثيرا ...."

قطب دومنيك حاجبيه وقال : " صحيح .. كنت أعتقد أن تحرشاته بها لم تكلل بالنجاح ."

" آه .. لكن لورا تستطيع أن تخفى عواطفها ! ان معظم الشباب فى سنها يخفون انفعالاتهم .. وذلك لأنهم يخجلون .. هل فهمت ؟ بيرى رجل جذاب جدا ."

ارتاحت فى أحد المقاعد فى قاعة الاستقبال .. وتوجه دومنيك الى زاوية القاعه وقال: "نعم .. أخى يتمتع بجاذبيه وسحر كبيرين ."

" وما همك أنت ؟ أنت غير مسؤول عن لورا ."

" وانت ؟ أنت الوحيده التى بقيت لها من عائلتها ."

" لورا ؟ نعم .. أشعر أننى مسؤوله عنها بطريقة ما .. لكن ماذا تريدنى أن أفعل ؟ ماتت العمه فلورا .. ويجب على لورا أن تعيش حياتها .. على كل حال .. لست قادره على أن أقدم لها مسكنا .. إذا كان هذا ما فكرت فيه .. فليس عندى مسكن أنا بالذات ."

" لست من الاشخاص الذين يستقرون فى مكان واحد يا كليوباترا ."

وعاد يسألها : " الم تسعدك الحياة البدويه التى عيشتها فى استراليا ؟ "

تأملت كليوباترا لحظه ظهر دومنيك فى صمت .. فأى جواب يتعين عليها اعطاؤه ؟ بدأت تقول فى حريه : " إنه بلد يستحسنه الشاب ."

" هل ترغبين فى العوده الى هناك ؟ "

" إلى أستراليا ؟ "

أرخت جفنيها وراحت تراقبه عن كثب .. هل تقول ما يرد فى رأسه من أفكار .. من أجل الحديث فقط ليس الا؟ غير أنها تعرف أن دومنيك لم يسبق له أن تكلم من دون أن يعى ما سيقوله .

" كنت أحب أن أعيش فى استراليا لو كان الوضع مختلفا .. لكن تروى مات ونيكولا بحاجه الى استقرار وانا كذلك ."

كان دومنيك يدرسها بإمعان .. وبتلميحها عن نيكولا .. أعطته فرصة عرض مشاريعه التى تحدثت عنها لورا .. لكنه لم يفهم قصدها واكتفى بالاستفهام عن وقت عودة لورا .

فأجابته كليوباترا فى غيظ : " لماذا تريدنى أن أعرف .. لست بحاجه لأن تتصرف مثل أب عطوف .. لا شك أن لورا ما تزال ساذجه .. لكنها ليست حمقاء حتى ولو كانت تميل قليلا الى بيرى ."

أجابها دومنيك فى برود : " أنت من يضخم الامور .. سألتك فقط متى ينويان العوده .. اننى انتظر بيريغرين كى يساعدنى فى اصلاح السياج .. هل فهمت ؟ "

هزت كليوباترا رأسها .. كانت مستاءه لأنها أفصحت عن نفسها .. وفى الوقت نفسه ملت من تحفظ دومنيك بدلا من الافصاح عن مشاكله.. ثم قالت أن تجرح شعوره .

" الذى أفهمه هو أن لورا تشعر بالضيق كلما كانت معك ."

أجابها دومنيك بهدوء : " أنا أخيف الصغار والغرباء .. أعرف ذلك ."

أكدت له كليوباترا اعتقادها أنها بدأت تسيطر على الوضع من جديد : " لكنك لا تخيفنى أنا .. باستطاعتى أن أقاوم أى واحد من آل تريفاين ! "

قال فى نظره ساخره : " وكذلك ابنة خالك .. لكن على طريقتها الخاصه ."

بعد أن شعرت كليوباترا أن معركتها خاسره قالت : " طبعا إن لورا تدافع عن نفسها دائما حتى لو كانت مسمره مكانها تحت تأثير الصدمه .. معك .. تتصرف بحذر أكثر من بيرى .. وهذا أمر طبيعى ,, اليس كذلك ؟ إن بيرى شاب لا يبلغ من العمر سوى 26 سنه وهو المفضل ."

لا شك ان ما قالته أصاب الهدف المطلوب .. فقد كان دومنيك قد بدأ يشعر تجاه لورا بمشاعر عميقه .. وانه كان يحيره الفرق الشاسع بين عمره وعمرها .. قالت كليوباترا : " هل على أن أحضر نيكولا الآن ؟ "

لكن هذه المبادره لم تكن سعيده لأن الولد بدا كئيبا فى غياب النجمين المحببين إليه .. وظل لا يبالى بمحاولات عمه الفاشله لارضائه وتسليته .. أخيرا عدل دومنيك عن المواصله فى ارضاء رغبات ابن أخيه وانصرف الى العمل فى الحديقه برفقة آموس .. ولما حان وقت الغداء كانت كليوباتراوحدها مع دومنيك .. حتى هذا اللقاء أمام مائدة الطعام كان مملا وبدأت كليوباترا تندم على عدم ذهابها الى ميرينبورث مع لورا وبيرى .

عادا فى أواخر الظهيره .. وما أن دخلت سيارة بيرى الباب الرئيسى حتى بدأ باطلاق زماميره الصاخبه .. فاسرعت كليوباترا للقائهما .. ووصل دومنيك أيصا رافعا أكمام قميصه .. كانت لورا جالسه فى المقعد الخلفى وسقف السياره مفتوحا .. وكانا يغنيان بأعلى صوتيهما .

كان دومنيك ينظر بصمت الى أخيه الذى كان يخرج من صندوق السياره علبا كثيره من جميع الاحجام .. ثم قال بفرح : " لقد اشترينا عددا من لبيض يكفى لأعالة مئات الأطفال ."

ظلت لورا مكانها غير مستعده للهبوط .. فقال دومنيك مازحا وفى لطف : " لينزل الجميع !"

شرح له بيرى قائلا : " نعجتك البيضاء مترنمه .. مترنمه من الفرح ."

فأعلنت بحماس وفرح : " وجدت أشياء رائعه لنيكولا ."

كانت عيناها تلمعان ولم يسبق أن رأها دومنيك براقه من الفرح .. فشعر بضيق بسيط عندما قالت : " شكرا يا بيرى على هذا النهار الجميل ."

" وأنا لم أصدق أنه بإمكانى أن ألعب و ألهو مثل الأولاد ."

قال له دومنيك بجفاف وهو يحمل العلب الى المنزل : " إنى مسرور جدا لأن نزهتكما كانت ناجحه ."

وخلال العشاء لم تلاحظ لورا أنها تزعج دومنيك بينما كانت تتحدث عما حدث لها خلال النهار .. فهى مازالت متأثره بسحر الرحله و للمره الأولى لم يحاول بيرى تحديها كما هى عادته .. فقد تصرف نحوها بلطف غريب حتى أنها لم تعد قادره أن تفرقه عن أخيه .. مثلما حدث لها ذلك المساء .. لكن خيبة أملها كانت فى أوجها عندما التجأ دومنيك الى مكتبه .. وفى الحال شعرت لورا أن وجودها سيزعجهما فقررت الذهاب الى فراشها.

وقبل الصعود الى غرفتها مرت بالمكتب لتتمنى لدومنيك ليله سعيده وتقول له انها قامت بشراء البيض كما يجب .

قالت له : " تصورت أنك لن تفكر بشراء البيض .. لا شك أنك لم تحلم من زمان بأن تتلقى هذه الهدايا الصغيره."

أجابها بعنف : " لا يجب أن تذكرينى بأننى رجل مسن كلى لا أنسى طفولتى !"

انتفضت لورا وقالت متلعثمه : " لم أكن أعنى ذلك ."

نهض دومنيك واقفا .. يبدو أن مشكله ما تشغل باله .. فقال : " لو كنت أعرف هدف خروجك مع بيرى اليوم .. لكنت رافقتكما .. ادخلى أذن يا لورا ."

" ألم تعلمك كليوباترا بالأمر ؟ فكر بيرى أن نذهب كلنا معا .. لكن كليوباترا رفضت ذلك .. هل ترغب فى معرفة ما هى هديتك ؟ "

قال فى مراره : " لا أعتقد أنى سأنال محبة أبن أخى بواسطة بيض الشوكولا .. وفراخ الدجاج البلاستيك !"
" ليست الفراخ المصنوعه من البلاستيك ! الدجاجه جميله وناعمه .. كما اشتريت أرنبا من جلد الفرو .. لكنك إنسان كريه ! "

" هل جرحت شعورك يا لورا الصغيره ."

جلس على مكتبه وأفرغ محتوى غليونه فى المنفضه و أضاف قائلا : " لم أكن أقصد أن أؤذيك ..ولا أزعج نهارك."

لكن نهارها بات فاشلا وشعرت لورا ان دومنيك ينتابه القلق والهم .

لقد قضى قسما كبيرا من النهار برفقة كليوباترا .. ماذا جرى بينهما ؟ لا شك أنه أعلمها بمشاريع .. وكما أن كليوباترا تعرفه تماما .. .. فقد راحت تضايقه فقالت له باحترام : " لم تزعج نهارى ."

" بلى ! لقد تصرفت بعصبيه وفراغ صبرلأسباب لا يمكنك فهمها .. ادخلى ."

" أنا أفهم تماما ."

ظلت جامده على عتبة الباب لم تحاول التقدم خطوه .

" صحيح ؟ هذا يدهشنى ."

" تصبح على خير يا دومنيك .. ليله سعيده ! "

ثم اختفت بسرعه هائله .

خابت آمال الجميع بالنسبه إلى يوم الفصح الذى كان ممطرا .. واجتاح المزاج العكر جميع سكان بانسيون الذين اضطروا الى البقاء داخل المنزل طيلة النهار .. والعيد الصغير الذى تمنته لورا لنيكولا كاد أن يكون مأساه حقيقيه فانتصر بيرى على دومنيك فى استمالة عواطف نيكولا وعلم بمزاجه المرح وألعابه وطريقة تفخيم هداياه .. لكن كل الجهود التى قام بها دومنيك لجذب انتباه الولد باءت بالفشل .. وبصوره استثنائيه تم التوصل إلى أن يتناول الصبى طعام الغداء برفقة العائله .. لكن هذه البادره انتهت بالبكاء وشعر الجميع بارتياح عام عندما اصطحبته لورا إلى غرفته فى فترة القليوله.

اقترحت لورا على دومنيك قائله : " يجب عليك أن تذهب الى غرفته وتقص عليه قصه كما فعلت من قبل ."

أجابها بلهجه بارده : " لا أنوى أن أستعطى محبة نيكولا .. لقد اهتممنا به كثيرا اليوم وهذا يكفى ."

ثم أدار لها ظهره وذهب إلى الحديقه للقيام بنزهه مع الكلاب برغم تساقط المطر .

لم يظهر دومنيك الافى المساء .. التقته لورا على السلالم .. فتوقف بضع درجات أسفل منها ولدى رؤيتها شعره الاسود مبلل والشعث تتخلله شعرات بيضاء .. شعرت بالذوبان يحتلها .. فرفع نحوها عينيه الزرقاوين الجميلتين : " هل تعرف أن فى رأسك شعيرات بيضاء ؟ "

أجاب بلهجه ساخره : " آه نعم .. إن مرأتى تظهر لى هذه الحقيقه المخيفه .. صباح كل يوم ."

تغير تعبير وجهه عندما لاحظ ظلال دموع على وجه لورا .. فسألها : " ما بك ؟ "

أسرعت تقول لتطمئنه : " لاشئ .. لا شئ ..."

" هل بكيت بسبب بيريغرين ؟ "

كانت تعاستها ناتجه عن تصرف بيريغرين وكليوباترا .. لكن دومنيك وياللأسف لم يتمكن من تفسير صحة جوابها .. فقال لها فى صوت قاس كأنه يذكرها : " بيريغرين شاب جذاب .. وفى الوقت نفسه شاب فاسق أيضا .. لا تنسى ذلك يا لورا ."

لم يكن دومنيك طبيعيا هذا اليوم وعاد يصعد السلالم من دون إضافة كلمه .

الريح طردت الغيوم خلال الليل وفى اليوم التالى كان الطقس جميلا وجافا .. ذهب بيريغرين ينزه الكلاب وكان دومنيك يعمل فى انحاء البيت مع آموس .. فقررت لورا اصطحاب نيكولا فى نزهه صغيره .. ولدهشتها أعلنت كليوباترا رغبتها فى مرافقتها .. هذا ما كانت تخشاه لورا .. أن تضطر إلى تحمل وقاحة ابنة عمتها واصرارها على استقصاء الاسرار من لورا .

قالت كليوباترا : " اعتقد أنك أفدت جدا من خروجك مع بيريغرين نهار السبت ..وانا فى هذا الوقت نجحن فى مهمتى يا حبيبتى .. ان الظروف بدأت فى التحسن ! "

" صحيح ؟"

انتظرت آمله الا تتأخر كليوباترا فى خوض الموضوع .. وسرعان ما صرخت تقول : " تخلى عن دومنيك يا لورا !"

فوجئت لورا وقالت : " اسمعى يا كليوباترا .. دعينى وشأنى .. لست أنا من سيؤخر تحقيق مشاريعك .. وسبق أن رددت على مسمعى بأن دومنيك ليس مهتما بى ولا يهمه أمرى ."

تغلبت كليوباترا على اضطرابها وأمسكت بذراع ابنة خالها وقالت : " لا أريد أن أجرح شعورك يا حبيبتى .. لكنى أشعر فقط بأنك تميلين الى دومنيك قليلا ولا أريدك أن تتألمى .. لكنى أحذرك بأننى إذا قررت أن أغريه .. فليس لديك أى حظ ينافسنى ."

" إذن .ز عرض عليك دومنيك مشاريعه ؟"

" اتفقنا على مستقبل نيكولا .. هل أنت مسروره الآن ؟"

أجابت لورا باشمئزاز : " كلا .. أنت على علاقه مع بيرى .. ولا يمكن أن تفكرى فى الزواج من دومنيك قبل أن تقطعى مع بيرى .. ألا تشعرين بواجبات تجاه دومنيك ؟ "

وبختها كليوباترا قائله : " آه اسكتى ! لا تتدخلى فى شؤون لا تعنيك !"

وران صمت ثقيل .. ثم اخيرا قالت كليوباترا : " لنتصالح يا لورا .. أنت أصبحت فتاة ناضجه وبالرغم من أن الخبره تنقصك .. فباستطاعتك أن تعرفى مدى تعقيد الوضع الذى أجد نفسى فيه .. اليس كذلك ؟ "

أجابت لورا فى نعومه : " طبعا .. بيريغرين بالنسبه اليك يجسد لك ترويلوس .. ولا يمكن التخلى عنه من أجل دومنيك الذى يستحق كل الحب والحنان ."

ما كان عليها أن تكون صريحه هكذا .. فقالت كليوباترا التى أحمر وجهها : "لا تعتبرى نفسك العمه فلورا لايمكنك أن تحكمى على الصفات الحسنه لدى كل من بيريغرين ودومنيك ."

خاب أمل الفتاة فنادت نيكولا أن يقترب منها .. وفى الوقت نفسه ظهر بيريغرين مع الكلاب التى هرعت بفرح الى الصبى الذى انبطح أرضا وراح يطلق صرخات مرعبه .

هتفت لورا غاضبه وقالت : " مر الكلاب ان تبتعد عن الصبى .. أنت تعرف تماما أنه خائف !"

" لن تؤذيه الكلاب ."

لكنه أمرها بالسكوت والابتعاد عن الولد فاقتربت لورا من نيكولا وركعت قربه محاوله أن تهدئه وهو لا يكف عن البكاء .

فقالت كليوباترا مشمئزه : " يا له من جبان ! يا بيريغرين .. اصنع منه رجلا شجاعا ! "

فقال مادا ذراعيه للصبى : " تعال يا نيكولا ."

وبالرغم من صدمته .. تقدم الولد بتردد من عمه الذى كان يشجعه مرددا " تعال .. تعال !"

وبعدئذ حمل بيريغرين نيكولا على اكتافه ومشى حتى طرف الصخره .. فصرخت لورا فى رجاء قائله : " توقف .. لقد أصيب بدوار ."

لم يعى بيريغرين وكليوباترا قسوتهما .. كانا يشعران معا بلذه بدائيه ليبرهنا على جرأتهما ووقاحتهما فى الاضرار بانسان أضعف منهما .

فجأه رجعت الكلاب التى كانت تلحق بيريغرين الى الوراء وهى تهز بأذيالها .. فالتفتت لورا الى الوراء و رأت دومنيك يتقدم فى خطى سريعه وهو يصرخ : " ماذا يجرى هنا ؟ لقد وصل صراخ نيكولا حتى المنزل ."

أجابت كليوباترا ضاحكه : " آه .. قامت قيامته ولم يعد يتوقف عن الصراخ والبكاء لأن الكلاب لحست وجهه .. وبيرى يعلمه الآن أن يصبح رجلا ."

قالت لورا فى صوت خفيض : " الشراسه والعنف لا يحدثان الا الخوف ."

لاحظ دومنيك شحوب وجهها .. فنصحها فى نعومه قائلا : " اجلسى على العشب يا لورا .. سأهتم بك بعد قليل ."

ثم التفت الى كليوباترا من جديد وسأل بقسوه : " أريد ان اعرف تماما كيف تنوين أن تشفى ولدا من خوفه من الكلاب وهو على الاكتاف ؟ "

بانفعال وقفت كليوباترا مظهره بعض الارتباك لرؤية قسوة دومنيك الواضحه.

اضاف قائلا لبيريغرين :" هل جننت يا بيريغرين ؟ انصرف من هنا بسرعه .. سأهتم بالصبى !"

قال بيرغرين ساخرا : " حتى الآن لم يقبل منك أن تهتم به ."

كان نيكولا واقفا من دون حراك مثل العصفور الخائف .. مسمرا فى الارض بفعل الرعب .
قال له دومنيك فى لطف : " تعال .. لن تؤذيك الكلاب .. انى اعدك بذلك .. تعال .. فسنلعب لعبة حصان القارن وسأعيدك الى المنزل ."

قال بيريغرين وهو ينخنى ليحمل الولد فى ذراعيه : " من الأفضل أن تأتى الى العم بيرى ."

فصرخ الولد وهو يجرى نحو دومنيك : " كلا.. كلا ! سيكون عمى دومنيك حصانى الى الأبد ."

لم يقدر بيريغرين أن يخفى تحديه وقال صارخا : " يا لك من ولد سافل ! لنذهب يا كليوباترا .. يبدو أن ليس لنا ما نفعله هنا !دعى دومنيك مع نيكولا ! لورا ؟ لا .. أعتقد انها ستبقى .

تأبط ذراع كليوباترا ومشيا من دون مبالاه .



*نهــاية الفصــل الســابع*

 
 

 

عرض البوم صور katy_1989   رد مع اقتباس
قديم 01-04-14, 12:33 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28430
المشاركات: 27
الجنس أنثى
معدل التقييم: katy_1989 عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 70

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
katy_1989 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : katy_1989 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Wavey رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -

 

*صـــراع الـبـقـاء*



تمددت لورا لعى العشب وأغمضت عينيها .. محاوله جهدها أن تسيطر على الأضطراب العصبى الذى هزها .. ما كان يجب عليها أن تشغل بالها بنيكولا .. اذ يبدو أن عمه نجح فى تسليته .. لكن ليس بامكانها أن تعود طفله لتتمكن هى أيضا من اللجوء الى ذراعيه .. وفجأه شعرت بيد توضع على جبينها .. فانتفضت صارخه : " نيكولا ؟"

جلس دومنيك قربها وراح يتأملها بنظرات قلقه ويقول : " نيكولا على ما يرام .. ربطت حول عنقه منديلا وهو يلعب الآن لعبة القرصان . "

ولما انتصبت واقفه اكتشفت فعلا أن الصبى يجرى كأن شيئا لم يكن .. حاملا فى يده قضيبا بدل السيف .. فهتفت تقول : " الأولاد رائعون !"

حاولت أن تضحك .. لكنها انفجرت فى البكاء وقال دومنيك : " يمكنك البكاء اذا كان البكاء يخفف من آلامك ."

فبكت مده طويله ثم انتهت إلى القول هامسه : " اعذرنى .. أنا آسفه ."

" هل تشعرين بتحسن الآن ؟"

" أنا آسفه ان حملتك مثل هذا المشهد يا دومنيك .. يكفيك ما عانيته من مشكلات اليوم ."

قال مازحا : " ألم تلاحظى أن المشاحنات المستمره تتكاثر فى حياة آل تريفاين ؟ ليست هذه هى المره الأولى التى تبكى فيها ."

" لا تكلمنى عنها .. أرجوك .. انى خجوله من أمرى !"

" كنت تظنيننى الشيطان بعينه .. هل تتذكرين ؟ "

كانت تعبه من سخريته الطيبه .. الن يكف دومنيك عن معاملتها كفتاة صغيره ؟ بدا وكأنه عرف ما يدور فى ذهنها .. لذا تابع يقول بصوت واضح : " أنا .. أنا كذلك يا لورا .. لكن أرجوك ألا تغضبى منى .. إنه نوع من الدفاع عن النفس ."

" سبق أن قلت لى هذا الكلام فى المره الماضيه .. لكن انا لست بفتاة صغيره ."

شد دومنيك ذراعه وهو يقول : " أعرف ذلك .. لكنك ما تزالين صغيره .. وسريعة الغضب .. أحيانا أخاف أن ....."

توقف عن الكلام كأنه على وشك أن يفضح أمره .. وشعرت لورا بالاحمرار يملأ وجهها .

وفهمت لورا أن كليوباترا وبيريغرين لم يفصحا لدومنيك عن معرفتهما للعواطف التى تكنها لورا له والتى لاحظاها منذ الوهله الاولى .. والآن دومنيك يحاول أن يحذرها .. فهو لا يريد أن يشجعها حتى لا تتعذب .

صرخت لورا : " لقد مللت !"

" مما ؟ من شبابك ؟ "

كانت نظرات دومنيك مليئه بالحنان بينما .. أسرعت لورا بالموافقه على كلامه .. فقال معلنا : " الشباب شئ ثمين .. ومتى أصابه الكلل .. يكون قد فات الاوان .. هل سبق أن أخبرتك عن وقواق زينور ؟ "

" كلا."

" يحكى أنه مرة فى زينور .. فى منطقة كورنويل .. قام القرويون ببناء سياج حول وقواق .. آملين بذلك استبعاد فصل الربيع ."

كانت لورا مستنده على كوعها وتصغى اليه باضطراب وتوتر .. وقالت : " يالهذه الاسطوره ! لقد أثرت بك .. اليس كذلك ؟ "

" وجدت تعريفا لكلمة قارن فى أحد القواميس القديمه ."

" آه صحيح ! وماذا هو ؟ "

" حفظته غيبا : " حصان القارن حيوان خرافى .. له قوائم الايل .. وذنب الاسد ورأس وجسم حصان .. وقرن واحد .. وعيناه زرقاوان ... "

توقفت لورا فجأه ونظرت الى دومنيك .. قميصه المفتوع يظهر عنقه .. وشفتاه تبتسمان فرحا وعيناه زرقاوان صافيتان فى وجهه الاسمر .. فقال ضاحكا : " يالهذا التطابق ."

" وبعد ذلك ... يلمح الكتاب الى تاريخ و .. و ... هل أنت الوحيد من بين آل تريفاين الذى يحمل العينين الزرقاوين ؟ "

" نعم .. أشبه بذلك والدتى .. وبما أننا فى حديث القارن .. حان لنا أن نعيد قرصاننا الى المنزل ! "

سمع نيكولا كلمات دومنيك الأخيره وأسرع نحوه فى حماس وصرخ قائلا : " حصان القارن ! حصان القارن ."

فحمله عمه فى لطف على كتفيه .. وبينما كانوا يجتازون الارض الفائضه بالنباتات الربيعيه .. اجتاحت لورا غيمه من السعاده .. مهما كانت تصرفات آل تريفاين نحوها .. فسوف تحتفظ دائما فى أعماق قلبها بهذه الاحلام الرائعه التى سترافقها عندما تدق ساعة الرحيل .

لم يحبس بيريغرين الكلاب فى أقفاصهم .. فأسرعت للقائهم .. فتعلق نيكولا بخوف فى عنق عمه لكنه لم يصرخ .

قال له دومنيك : " حسنا . أنت شجاع يا نيكولا تريفاين ! هل تحب أن يكون لك كلب صغير ؟ "

أجاب الولد مترددا وفخورا بلقب شجاع : " لا أعرف .. هل سيكون لى وحدى أنا ؟"

أنزل دومنيك الولد عن كتفيه وقال : " طبعا ."

" لن تسمح لى كليوباترا أن أصطحبه معى ."

" ما تزال هنا يا نيكولا ."

وكليوباترا التى كانت بانتظار ابنها سمعت جواب دومنيك فأسرعت نحوه وقالت : " هذا لطف منك .. اننا نشعر فى بانسيون كأننا فى منزلنا وبامكان نيكولا أن يحتفظ بكلبه مادمنا نحن هنا .. دومنيك .. أرجوك أن تعذرينى .. كان يجب ان امنع بيريغرين أن يلهو بأحاسيس ابنى .. بدأت الآن أفهم تفاهة تصرفاته .. اعذرنى !"

قالت هذا فى سهوله حتى لورا بدأت تشك فى انها قد حضرته بانتظارهم .. ثم أضافت : " على كل حال .. لقد حققت نجاحا كبيرا .. هذه المره فضلك نيكولا على بيرى .. وذلك بفضل سوء تصرفات هذا الاخير ."

صرخ الولد وهو يتعلق بطرف معطف عمه وقال : " إنه حصان قارنى !"

اقترح دومنيك من دون ابتسام : " هيا بنا .. لورا فى حاجه لأن تنسى ما حصل وتريح وترتاح من توترها ."

قالت كليوباترا فى دهشه : " لورا؟ "

كأنها تذكرت وجود ابنة خالها فجأه .. ثم قالت باصرار كأنها ربة المنزل : " آه ..نعم ! تعالى يا لورا لنشرب شايا .. قضيت فتره عصيبه بسببنا .. إنى آسفه لما حصل يا حبيبتى ."

فقالت لورا فى لهجه قاطعه : " لا شكرا .. أفضل أن أصعد الى غرفتى قبل الغداء ."

سأل دومنيك مستعلما : " هل تشعرين بتحسن يا لورا ؟ "

" نعم .. شكرا ."

بدت كليوباترا فرحه لأنها ستكون وحدها برفقة دومنيك قبل حلول الغداء .. فقالت : " افعلى ما تريدين يا حبيبتى .. اذا كنت ستصعدين الى غرفتك .. فاصطحبى نيكولا اذن ."

قال دومنيك : " أعتقد أن لورا بحاجه الى بعض الهدوء .. اما بالنسبه لنيكولا .. فيستحق هو أيضا أن يشرب عصيرا .. تعال معنا يا بنى ."

لم تعارض كليوباترا بل ابتسمت ابتسامه عريضه وتبعته الى الدار .. وفى هذه اللحظه ظهرت ميريام لتعلن أن الغداء سيكون حاضرا بعد عشر دقائق .

فقالت ميريام : " لورا يا ابنتى الحبيبه .. تبدين مرهقه .. سأقدم لك كوبا من شراب الورد ."

وافق دومنيك على اقتراح ميريام وقال : " انها فكره جيده .. اهتمى بها يا ميريام .. وقدمى لها طعام الغداء فى المطبخ .. أعتقد أنها لا ترغب بتناول الغداء معنا ."

وبينما كان يدخل الى الدار مع كليوباترا ونيكولا .. امتلأت عينا لورا دموعا .. إنه يقصد بوضوح أنه يتمنى البقاء وحيدا مع ابنة عمتها .

راحت لورا تتأوه وتقول : " آه يا ميريام !"

اختفت الفتاه وراحت تصعد الدرج بسرعه فائقه .. لم تعد قادره على تحمل ميريام وملاحظاتها وألغازها وشراب الورد .. خارت قواها وفقدت صبرها .

اختفى بيريغرين عن الأنظار بقية النهار .. لا شك أنه ينتقل من ناد الى آخر .. وكليوباترا ودومنيك وجدا وجها لوجه فى حفلة غداء صامته وممله .. ولما سأل دومنيك كليوباترا لماذا لم ترافق بيريغرين.. تعذرت بالتعب .. لا تريد ان تقول له انها تأمل فى ان تزداد العلاقات معه عمقا .

ولما عبر عن رغبته فى الخروج فى نهاية الغداء .. قالت : " حان الوقت للقيام بمحادثات جديه يا دومنيك .. ما رأيك ؟ نحن هنا منذ عدة أسابيع .. ولا يمكن لهذا الوضع ان يستمر نهائيا .. وخاصة فيما يختص بلورا ."

وافق معها قائلا : " بعد حاثة هذا الصباح .. من الأفضل أن نتناقش فى الأمر ."

جلست كليوباترا قرب المدفأه المشتعله برغم حرارة الطقس وجلس دومنيك وراء مكتبه بدلا من أن يجلس قربها .. فراحت تحاول المزاح وتقول : " تبدو مثل معلم مدرسه يا عزيزى ! يتهيأ لى انك ستوبخنى ."

" انا لا أوبخ احدا .. ما عدا بيريغرين الذى اضطر أن أذكره بواجباته من وقت الى آخر ."

" لورا ؟"

" لم يسبق أن وبختها قط ! الى ماذا تلمحين ؟ "

كان رد فعله عنيفا .. فكاما دار الحديث حول لورا تراه سريع الغضب .. فقررت اغتنام الفرصه والقول : " غير انه يبدو لى .. ربما انا على خطأ .. لكنك تخيفها بعض الشئ .. لا شك انك تلاحظ ذلك .. هناك عدد كبير من الفتيات اللواتى يحببن ان يخيفهن الرجل ؟ هل أصبت الحقيقه ؟ "

" كلا .. ابدا .. أرى ان لديك وجهة نظر رديئه فى ابنة خالك ."

تابعت كليوباترا بلهجة اعتذار : " آه .. لا شك أنى مخطئه ! كن متأكده يا دومنيك .. أنى لا ألومك اذا كانت تعجبك .. لكنها فى الوقت الحاضر .. لاتفكرالا فى بيرى .. سبق وقلت لك ذلك .. أخيرا فلننسها ونتحدث عن نيكولا .. هل فكرت بمستقبله ؟ "

كانت كليوباترا فرحه لأن كلماتها أحدثت فى دومنيك نوعا من الاضطراب الظاهرى لم يتمكن من اخفائه .. إذن بيرى على حق .. لورا الصغيره نجحت فى اضرام نار الحب عند الأخ الكبير .. ولحسن الحظ أنها ما تزال ساذجه وبالتالى غير قادره على الافاده من الوضع .

قال دومنيك ببرود : " لقد ... لقد فكرت بمستقبل نيكولا .. انت برهنت لى بما فيه الكفايه عن خبرة الحياة وأنك لا تنجرفين بسهوله فى سياق العواطف مثل معظم النساء .. لذلك يمكننى ان أكلمك دون مواربه ."

شبكت المرأه ساقيها الجميلتين فى أناقه وبطء .. وخيل اليها أن دومنيك لم يجد طريقه عاطفيه ليعرض عليها الزواج .. لكنها تنبأت بالأمر .. فالحب لم يجعلهما .. لكن هنام تسويه وتدبيرا لصالحهما معا .. استرخى دومنيك فى مقعده وحدق فى كليوباترا فى نظره زرقاء فاجتاحتها قشعريره ناعمه .. إنه يملك بطريقته الخاصه جاذبية وسحر آل تريفاين .

قالت له فى نفاذ صبر : " تكلم إن ما يلائمك يا دومنيك يلائمنى أنا أيضا بكل تأكيد ."

" هكذا كنت أظن ."

" ليس هناك أى شك .. تكلم .. على كل حال أعرف ماذا ستقول لى ."

" صحيح يا كليوباترا ؟ فى هذه الحاله اجرءاتى ستكون سهله .. كنت أجهل أنك تملكين قراءة أفكار الغير إضافه الى جاذبيتك وسحرك ."

" فى الحقيقه لورا وضعتنى على الطريق .. تريد نيكولا .. اليس كذلك ؟ "

" آه بأت أفهم أفضل ! بالفعل يا كليوباترا .. إنى أتمنى .. ليس فقط ان أؤمن له حياة مستقره من الناحيه الماديه .. بل أنوى أيضا تربيته .. أريد أن أبذل جهدى كى لا يصبح مثل والده .. واسمحى لى أن أقول لك أن تروى كان مليئا بالأخطاء ."

عارضت كليوباترا مبتسمه : " لا تنس أن نيكولا ورث شخصيته عنى أيضا ."

" ألست أول من يقول علنا انك لست مؤهله للاهتمام بالأولاد .. يا أرملة أخى العزيزه ؟ "

" قلت انى لا أستطيع ان أقوم بهذا الدور وحدى .. لم يسبق أن قلت انى أم جيده .. لكن اذا وجدت رجلا يريد ان يحل مكان زوجى ويسهر علينا نحن الاثنين ...."

قاطعها دومنيك وهو يشعل غليونه : " لا يجب الاعتماد على ذلك كثيرا .. انا متأكد من أنك ستتزوجين مره ثانيه.. لكن الصبى يمكنه ان يكون عائقا لتحقيق ذلك .ز اذل اهتممت به انا بشكل كلى .. اكون قد افسحت لك مجال ...."

صرخت قائله : " ماذا تقصد بذلك ؟ "

كان صوتها قويا جعل دومنيك يرفع رأسه فى الحال ويقول: " اعتقدت انك فهمت جيدا .. انى اقترح عليك ان توكلى الى مهام الاهتمام بنيكولا كليا .. لا أنوى تبنيه الا اذا كانت تلك نيتك .. وبطبيعة الحال تظلين حره لرؤيته متى شئت .. واذا تزوجتى فبامكانه ان يسكن معك .. على كل حال لست مسؤوله عنه كليا .. من الناحيتين الماديه والمعنويه .. مابك يا كليوباترا؟؟ كنت أظن انك ستقبلين عرضى بكل سرور .. انك لا تريدين الاحتفاظ بهذا الصبى .. اليس كذلك ؟ "

قالت غاضبه : " هذا ما قالته لك لورا .. اليس كذلك ؟"

" دعى لورا خارج هذه القضيه."

ران صمت طويل رأى خلاله دومنيك المشاعر المختلفه فى ملامح وجه أرملة أخيه .. التى رددت بعد وقت غير قصير : " إنها لورا .. ان ابنة خالى الصغيره حاذقه أكثر من الظاهر.. لم تضيع وقتها سدى ."

أكد لها دومنيك من دون التخلى عن هدوئه : " انت مخطئه يا كليوباترا ."

" بيريغرين على حق .. لقد وقعت فى غرام هذه المراهقة الصغيره .. لكن لا تنس أنها تفضل بيريغرين وتحلم أن تهبه كل كيانها .. ربما سبق أن وهبته ذلك .. من يدرى ؟ "

ضرب دومنيك بمعصمه على مكتبه بعنف جعل كليوباترا تنتفض .. نظراتها المهدده أعادت له هدوئه فجأه .. فقال : " عندما تنتهين من خطتك القذره .. بامكاننا حينذاك متابعة النقاش ."

قالت جاهده فى السيطره على ارتجاج صوتها : " لن أعطيك ابنى .. كنت أعتقد أنك تقدم لى عرضا مناسبا."

ظل جامدا وسألها : " وما هو ؟ "

" آه يا دومنيك .. ستجعلنى مجنونه ! أنت تعرف جيدا بماذا أفكر ! هلى تكرهنى الى هذه الدرجه .. او اننى غير جديره بكبار آل تريفاين ؟"

اختدت وهى تتكلم .. ثم نهضت واقفه وعيناها تلمعان وشفتاها تهددان ثم اقتربت من دومنيك الذى انتابه الشعور بالشفقه .. قال : " لا تطرحى أسئله حرجه .. أنا أفهم أنك حلمت بالتوصل الى نتيجه مزدوجه .. أرجوك لا تأملى خيرا ."

" لماذا ؟ اليس هكذا يتصرف ويفكر آل تريفاين ؟ "

" البعض منهم.. ربما .. لكن انا لا أفكر هكذا .. عودى الى مقعدك .. من فضلك ولنتابع موضوع حديثنا ."

وبدلا من أن تنفذ ما طلب منها .. انحنت صوبه فوق المكتب وابتسمت ابتسامه تحد .. وقالت : " آه .لا ..عندى شروط على طرحها عليك .. إنى أصر على الزواج منك ! "

قال دومنيك فى هدوء مزعج : " أنا متأكد يا كليوباترا .. انك لا ترغبين ولا لحظه فى ان تصبحى زوجتى .. ربما تصرين على أن أقول لك كل شئ .. فلست أنوى أن أتزوج من امرأة تخوننى تحت سقف بيتى مع أخى .. اليس هذا ما كنت تودينه ؟ "

وضعت كليوباترا يدها بعنف على كدمة دومنيك وشعرت بلذه كبيره إذ رأته قد شحب وجهه غيظا .. فنبهها قائلا : " لا تحاولى إعادة ما فعلته الآن .. وأرجوكى أن تخرجى من هنا فى الحال .. سنستعيد هذا الحديث عندما تستعدين وعيك ."

كانت تغلى غضبا.. فقالت قبل ان تختفى عن الأنظار : " سأذهب يا دومنيك .. لكنك لن تشترينى بسهوله .. ولا تنس أن بيريغرين ليس بخيلا ولديه الكثير لإعطائى .. ولورا استحقت كرمه أيضا .. انه يسرق حبيبتك كما فعل ترويلوس فى الماضى .. اليس الامر شديد الغرابه ."

من رأى تعبير وجه دومنيك فى هذه الأثناء .. يمكنه القول بأن كليوباترا كانت فخوره جدا لدى خروجها من هذا اللقاء .

وبعد فتره قصيره .. وجدتها لورا فى السرير .. وقد اعترتها نوبة بكاء وغضب .. وعرفت من تجربتها السابقه ان عليها ان تتركها حتى تهدأ وحدها .. أخيرا سألتها : " هل وبخك دومنيك بسبب نيكولا ؟ "

" وبخنى ! هل تعتبرينى تلميذه يؤنبها المعلم رافعا صوته ويجعلها تبكى ندما .. هذا ما يحصل معك انت .. لأنك وقعت فى حب دومنيك ! لا تنكرى .. لقد رأيت وجهك صباح اليوم عندما وصل الى شاطئ البحر ."

ارتجفت لورا لكنها توصلت الى الرد بعزة نفس قائله : " ما أشعر به تجاهه لا علاقة لأحد به ."

" أنت مخطئه ! دومنيك منزعج من ذلك .. إنه حزين لأنك اعتبرت لطفه ولياقته .. عواطف شخصيه.. ووكلنى أن أحذرك بخطورة الامر ."

قالت لورا ساخره : " هل أنت الآن تبكين لهذا السبب ؟"

ألم يسبق أن حذرها دومنيك بنفسه فى شكل سرى عندما كانا معا برفقة نيكولا .. بعد ذهاب كليوباترا وبيريغرين؟ بدأت الأمور تتضح فى راسها .

الحوادث مترابطه ...

تابعت كليوباترا تقول : " آن لك يا لورا ان تتعقلى .. دومنيك لا يفكر فيك ولديه نوايا أخرى .. صدقينى ! على كل حال يريدك ان تفكرى فى الرحيل من هنا ."

أجابت لورا فى صوت مطفأ : " حسنا وانت؟ هل وصلت الى اتفاق يناسبك فيما يتعلق بنيكولا؟ "

" آه .. نعم .. الوضع فى تحسن مستمر ! لن نذهب معك .. بكل تأكيد ."

" جيد جدا ."

فرحت كليوباترا لرؤية اضطراب لورا وارتخاء تقطيع وجهها .. وقالت لها : "تشجعى يا لورا الصغيره .. وفكرى جيدا بما ستفعلينه .. وسترين أن دومنيك ليس انسانا قاسيا ."

" ماذا تعنين بذلك ؟ "

" ألم تقولى له بأنى لا أدفع لك ثمن اهتمامك بنيكولا ؟ "

لم تفهم لورا اتهام ابنة عمتها .

" لم يسبق ان تذمرت لهذا الأمر ابدا ."

نهضت كليوباترا وجلست امام منضدة الزينه لتزين وجهها وقالت : "على كل حال .. فهم أنك تريدين بعض المال .. ولن يدعك تذهبين من هنا من دون أن يقدم اليك مكافأه ماليه لما قمت به من مساعدات تجاه نيكولا .. على الاقل سيعتبرك مثل أى موظفه جيده ."

" أشكرك لأعلامى بالامر .. لن أقبل درهما واحدا منه ."

قالت كليوباترا التى شفيت من أزمتها العصبيه فى سرعه رهيبه : " ستكون الضربه قاسيه لعزة نفسك ."

كانت لورا تبذل جهدا لكبت دموعها .. فخرجت بسرعه من غرفة ابنة عمتها والتقت بدومنيك فى أسفل الدرج .. فقال فى استغراب : " آه لورا .. هل بإمكانك أن تعطينى قليلا من وقتك ؟ أريد أن أحدثك ."

وبالرغم من رغبتها فى أن تتحاشاه اضطرت الى ان تتبعه الى غرفة المطالعه .. هل سيطلب منها بنفسه أن تغادر بانسيون ؟

سألها كأنه يأكد مخاوفها : " ما هى مشاريعك للمستقبل ؟ هل عندك وظيفه أكيده ؟ "

" كلا .. سأضطر للبحث عن وظيفه ."

" فى هذه الحاله.. اقترح عليك ان تبقى هنا ."

قالت بصوت متقطع وهى تتفحصه هامشيا : " لا أفهم ."

بدا لها غامضا ومتعبا وحزينا .. فقال : " لكن عرضى واضح للغايه .. أحب أن تستمرى فى الاهتمام بنيكولا ."

كان يتكلم وهو يذرع أرض غرفة المكتبه ذهابا وإيابا ..لم يفكر فى ان يدعوها الى الجلوس .. فاضطرت لورا أن تتكئ على جدار المدفأه لأنها شعرت فجأه أن قدميها تخوران .. فقالت : " تريد أن توظفنى كمربية أطفال ."

" يا إلهى ..لا ! بل آمل ألا يتغير شئ وان تبقى ضيفتى كما هى الحال الآن ."

همست تقول : " غير أننى فهمت أن إقامتى هنا قد طالت ."

" من قال لك هذا الكلام ؟؟ كليوباترا ؟ "

أجابت بألم : " لست فى حاجه لأحد كى أفهم أن وجودى هنا بدأ يثقل ."

" صحيح ؟ وماذا ستفعل لورا بحياتها عندما تترك بانسيون ؟ "

كان يتكلم كأنه يحادث ابنته الصغيره فى حنان .

فقالت لورا غاضبه : " كف عن معاملتى مثل ابنه صغيره .. انا أعيل نفسى منذ سنتين .. وقد بدأت أمل حركاتك ."

فقال منزعجا : " عفوا .. لا اعرف كيف أتصرف معك .. اسمعينى .. انا فى حاجه إليك يا لورا ."

شعرت بضعف يحتلها وقالت فى صوت غاب عنه الأمل : " ماذا تريد منى ؟ ماذا تنتظر منى ان افعله ؟ "

وفى عنف غريب .. أجاب فى الحال : " مالا يمكنك أن تعطيه لى أبدا .. هل توافقين على البقاء ؟"

" بما انك اتفقت مع كليوباترا فى ما يختص بنيكولا .. لا أرى ضروره للبقاء."

" هل رايت ابنة عمك بعد ظهر اليوم ؟ "

" نعم .. كانت فى حالة توتر غريب."

" ماذا قالت لك ؟ "

"فى خصوص نيكولا ؟ ان الامور تجرى فى الطريق الصحيح وأنها ستبقى معه فى بانسيون ."

" هل قالت لك اذا كانت تنوى الاهتمام بابنها هى .. بالذات ؟ "

" لا .. لم نتحدث عن هذا الموضوع .. بإمكان ميريام الاهتمام بالأمر بضعة أيام حتى العثور على تدبير آخر حسب ظنى ."

" هل يعنى ذلك أنك لا ترغبين حقا فى البقاء هنا ؟ كنت اعتقد ان المكان يروق لك وانك مسروره بوجودك هنا .. هل تريدين الذهاب للتهرب من بيريغرين ؟ "

" بيريغرين ؟ كلا .. إلى ماذا تلمح ؟ "

توجهت نحو الباب مقرره ان تنهى الحديث الغريب والمؤلم .. تقدم منها دومنيك وقال : " ماذا جرى يا لورا ؟ كان تصرفك معى غريبا خلال عطلة نهاية الأسبوع ."

" من الصعب على أن أكون طبيعيه مع السيد الجشع ."

" لم أعد أتحمل أن يقال لى انى سيد جشع .. هذا اللقب من تأليف بيريغرين .. ولا أريد ان اسمعه اطلاقا ."

" أطلب منك ان تعذرنى يا دومنيك .. لم اكن اقصد ان اجرح شعورك ."

" انا المفروض أعتذر منك ."

" هل ستغضب منى اذا قلت لك ان السيد الجشع لا يجب ان يعتذر ابدا ؟ "

جعلته يضحك .. لكنه عاد الى كان يشغل باله وقال : " لم آخذ جوابا بعد ."

" على ماذا ؟ "

" على عرضى ."

أعلنت فى مراره : " انك لا تخلو من العروض على ما اظن .. لقد قدمت عرضا الى ابنة عمتى منذ قليل ."

ولم يلاحظ حزنها وراح يشرح لها قائلا : " اريد ان اجنب نيكولا الوقوع فى تغييرات مفاجئه .. ذهابك سيؤدى به الى صدمه سيئه."

زلما رأى الحزن يرتسم على وجه لورا أسرع بالاضافه قائلا : "هل ارتكبت خطأ آخر من جديد ؟ أريد أن اقول فقط ان الصبى يحب مومو كثيرا .. واذا كان العائق ماديا .. فسوف تنالين معاشا محترما ."

تذكرت كلمات كليوباترا وقالت : " ومكافأه عندما أغادر ؟ "

تقلص وجه دومنيك من دون ان تلاحظ وقال : " طبعا .. اذا كان ما كنت ترغبين فيه .. عليك ان تربحى قوتك وانى افهمك جيدا ."

حل الغضب مكان طبيعتها الناعمه وصرخت تقول : " لن أقبل منك درهما واحدا ! مع كليوباترا كل الحق ان تحذرنى من نواياك البشعه ! "

وانفجرت بالبكاء .. فهمس بصوت مرتج : " يا عزيزتى .. لم اكن اقصد ان اجرح شعورك .. ماذا اخبرتك ابنة عمتك اللعينه ؟ "

كلمة " لعينه " صفه غريبه تطلق على زوجة دومنيك فى المستقبل .. فصرخت والدموع تنهمر فى قوه : " الحقيقه ! اذا بقيت .. فسأبقى من أجل نيكولا فقط وبامكانك ان تحتفظ بأموالك لنفسك .. لكن لا اعتقد اننى سأبقى .. آل تريفاين سخروا منى ما فيه الكفايه .. انسيت ان لى عزة نفس وكرامه !"

صرخ دومنيك : " لماذا وقعت فى الغرام ....."

فى هذه اللحظه بالذات انفتح الباب على بيريغرين الذى قال : " آه..آه ! لورا تبكى ! "

أمره دومنيك فى حده : " اخرج من هنا .. انت مترنح !"

لكن لورا تعلقت به وقالت : " خذنى من هنا .. يا بيريغرين .. لا اريد البقاء فى هذا المنزل ! "

رمق أخاه بطرفة عين وامسك الفتاة واخرجها من المكتبه وسألها : " هل تعتقدين انى مترنح حقا ؟ "

فأجابت لا مباليه وهى تجفف دموعها : " لا اعرف .. لماذا عدت باكرا ؟ "

" هكذا بدافع الفضول .. او بالاحرى بسبب ندمى .. تركت ارملة اخى الرائعه تواجه غضب دومنيك وحدها .. هل وبخها كثيرا بعد حادثة الصباح ؟ "

" اتصور ذلك .. لكن ..."

" لكن المحتاله نجحت فى الانتصار على الموقف وتحويله الى صالحها .. هلى توصلت الى معرفة مشاريع أخى المستقبليه ؟ "

" نعم ."

" حسنا ! اذهبى واغسلى وجهك وتعالى الى هنا بعد نصف ساعه لآخذك الى ناد ليلى .. يجب ان أتكلم مع ابنة عمتك ."

صعد السلالم ولما وصل اعلاها .. التفت الى الوراء .. كانت لورا ما تزال مسنده خدها على حصان القارن .. فقال قبل ان يتوجه الى غرفة كليوباترا : " آه .. أيتها الغبيه الصغيره ! "

كانت كليوباترا ما تزال جالسه أمام منضدة الزينه تنهى تزيين وجهها فقال بيريغرين : " مرحبا يا عزيزتى .. يبدو انك عانيت مشاكل كبيره مع اخى الكبير ؟ "

كذبت تقول : " وذلك بسبب مآثرك ."

" وماذا بعد ؟ "

" لم أحصل على ما كنت أريده ."

" لست أستغرب الأمر يا جميلتى .. دومنيك ليس كبقية آل تريفاين .. لذلك ليس مؤهلا ليكون لك ."
لاحظ استياءها فأضاف : " اكتفى بما عرض عليك .. لماذا تصرين على الزواج منه ؟ لا أعرف انك تتمتعين بحس خلقى ."

كادت ان تخبره تفاصيل لقائها المهين .. لكنها لم تثق ببيرى الذى لا شك يريدها له .. فاكتفت بالقول : " اقترح على أن يهتم بنيكولا ماديا ومعنويا."

" يجب عليك أن تقبلى هذا العرض من دون تأخير بدل الاستمرار فى العناد على الزواج ."

" إذا اراد دومنيك الحصول على حضانة نيكولا .. فهو فى حاجه لأن يقبل شروطى ."

" يا لك من امرأه حقود انتقاميه ... ما بك يا كليوباترا ؟ لا تعاندى فى حماقه وتفاهه .. فى الحقيقه .. انت تأملين فى التخلص من نيكولا كمان انك لا تشعرين تجاه دومنيك بأى عاطفه .. ماذا اذن ؟ "

فقالت فى تحد : " انا ارأه انتقاميه وحقود مثل آل تريفاين !"

اصطحب بيريغرين لورا الى _ سانت موان _ .. لقد ندم على دعوته لكنه لا يريد ان يتراجع .. ومن جهتها شعرت لورا بارتياح للابتعاد عن بانسيون .

فى آخر الحانه المليئه بالضجيج والضحك .. بدأ الحديث يمتد وبدا بيرى سئ المزاج .

قالت لورا لنفسها فى صوت مرتفع كعادتها : " لا أريد الالتزام . "

" الالتزام بماذا ؟ "

" الالتزام بقضايا بانسيون ."

" لكنك التزمت يا حلوتى ! الم تهبى قلبك السخيف الى السيد الجشع ؟ "

فقالت فى حزن : " نحن الاثنان تعيسان .. اليس كذلك ؟"

فى هذه اللحظه بالذات .. انتبه بيرى الى صمت عابر فى الحانه .. فشعر بقلق والتفت نحو الباب وتبعت لورا نظره .

كان يحدق فيهما بتعبير رهيب جعل الفتاه تطلق صرخه قويه .



*نهــاية الفصــل الثــامن*

 
 

 

عرض البوم صور katy_1989   رد مع اقتباس
قديم 01-04-14, 12:40 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28430
المشاركات: 27
الجنس أنثى
معدل التقييم: katy_1989 عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 70

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
katy_1989 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : katy_1989 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
Wavey رد: 72 - الرداء الأبيض - ساره سيل - دار الكتاب العربى -

 

*بــوادر الرحـيــــل*



ظهرت صورة دومنيك على ضوء الحانه .. وخيل للورا خلال لحظه قصيره أنها سوف تفقد وعيها.

اقترب دومنيك من طاولتهما وسأل فى لهجه عاديه : " هل أنتما مستعدان للعوده؟ "

كانت الفتاه تنتظر حصول انفجار غاضب .. لكن هدوئه المفاجئ كان بمثابة الماء البارد .. فأسرعت تقول : " نعم .. نحن عائدان .. اليس كذلك يا بيرى ؟"

وبدل القبول تمكن الرجل فى كرسيه وقال : " اسمعنى جيدا يا دومنيك .. لا أسمح لك أن تظهر فجأه لتعكر صفو تسليتى وتفرض على الأوامر ."

" ليس هذا أمرا بل مجرد سؤال .. هل انتى مستعده للعوده يا لورا ؟"

أجابت فى تخوف : " نعم ."

نهضت ثم قالت لبيرى الذى كان غاضبا ولم يكن يعى اشارات الغضب عند أخيه : " تعال يا بيرى .. لقد أمضينا وقتا سعيدا .. أما الآن فحان وقت العشاء ."

" تفضلى بالجلوس يا لورا العزيزه .. أردت الخروج معى وستعودين عندما أقرر أنا ذلك ."

لم تعد قدماها تحملانها .. فاضطرت للجلوس .. فقال بيرى : " حسنا ! والآن ياأخى .. دعك من التصرف ككلب حراسه ."

نظر دومنيك إلى لورا قائلا : " لنعد الآن ."

وأخذ لورا خارج الحانه .

ولما صعدت الفتاه الى السياره قالت : " ما كان يجب عليك أن تتصرف هكذا ."

" فى الحقيقه .. لاحظت أن وجودى أزعجكما .. هل كنت تحاولين الوصول الى أهدافك؟ "

وراء لهجته المحايده لاحظت لورا مراره ورمقته بنظره خاطفه وقد اخمرت وجنتيها : " ماذا تقصد بهذا الكلام ؟"

" كليوباترا على علم بدسائسك .. وانشغل بالها عليك ."

" هل هى من أرسلتك لأنقاذى ؟ "

أكد لها دومنيك قائلا : " فى هذه الحانه .. آل تريفاين لديهم شهره واضحه . وليس ممكنا أن يحدث لك شئ .. لكن ربما استيقظت فى الغد نادمه على ما يمكن أن يكون قد حصل لك .. وستكون قضية بيريغرين ! .."

هذا المزاج البارد أرعب لورا وتذكرت كلمات دومنيك لأخيه : " هل تنوى أن ترميها على العشب فى طريق العوده ؟" هل جاء الى الحانه بفعل الواجب .. ليخلص فتاه صغيره حمقاء من المأزق الذى وقعت فيه ؟ .

امتلأت عيناها دموعا .. يا لهذا النهار ! المشاكل تنصب عليها منذ الصباح .. كان بامكانها أن تشعر بسعاده .. وهى جالسه قرب دومنيك فى هذه الامسيات الجميله من أمسيات الربيع ! لكن كبير آل تريفاين أصبح غريبا بالنسبه لها .. ولما وصلا الى حافة جبل صخرى .. على الطريق المؤديه الى بانسيون .. أوقف السياره فجأه وقال فى لا مبالاه محيره : " لنشاهد غياب الشمس ."

التفت نحو لورا وهمس قائلا : " تبدين متعبه ."

قالت فى جهد : " النهار كان قاسيا .. بين العنف والصراخ والعراك والمشاكل .. آل تريفاين لا ينفعلون بسهوله لهذه الامور التافهه !..."

هز دومنيك حاجبيه وقال : " عن أى عنف تتكلمين ؟ "

" كان الغضب أكثر من الحنان ولست أنا سبب ذلك ."

ابتسم واسترخت أسارير وجهه .. ثم قال : " أنت السبب."

" كلا!"

" بلى .. ما كان يجب أن تنادينى بالسيد الجشع .. هذا اللقب الذى أطلقه أخى على .. حتى ولو كنت تمزحين ."

" اذن أطلب منك السماح .. لكن ...."

" لكن ماذا ؟ "

" أنا .. على كل حال .. أليس ما فعلته طريقه غريبه لعقابى ؟ "

" صحيح ؟ أنت تجهلين تماما ردود فعل الرجال ."

اعترفت بتواضع : " وخصوصا ردود فعلك انت .. انت تمر بسرعه غريبه من اللطف الى القسوه .. لا أستطيع أن أتبعك ."

" اللطف .. هل تعتقدين أن هذا كل ما عندى لأقدمه لك ؟"

أعلن دومنيك وهو يتبع بعينيه أضواء السياره الخلفيه التى كانت تتموج فى خطوره على الطريق الضيقه : " سيصل بيريغرين الى بانسيون قبلنا ."

فى الغد .. كأن شيئا لم يكن .. لا شئ تغير فى بانسيون .. العلاقات التى يعيشها آل تريفاين مع بعضهم ادهشت لورا حتى الذهول .. بيريغرين هو نفسه لم يتغير .. راح يتصرف بغطرسه وخيلاء .. ودومنيك برغم اشارات التعب على وجهه كان يقوم بأعماله كالعاده .. وكليوباترا التى لم تظهر منتكسة المزاج .. كانت تتسكع فى أرجاء المنزل كالعاده .

قالت لورا لميريام : "انهم ذوو متانه منيعه .. وأوفياء مع أنفسهم ."

وبينما كانت تتكلم .. لاحظت أنها اعتبرت كليوباترا جزءا من اعضاء عائلة آل تريفاين .

قالت ميريام : " ألم يخطر فى بالك ان كل ما حدث فى الايام الاخيره سببه عنصر غريب ؟"

رددت لورا ما قالته ميريام : " عنصر غريب؟ "

" اللطف والنعومه والبراءه والطهاره بامكانها ان تسبب خرابا ودمارا عند الناس الذين لم يتعودوا عليها."
" هل أنا مثلا العنصر الغريب ؟"

أمام دهشة لورا .. هزت ميريام رأسها بقوه .. فسقط من رأسها دبوس شعر وقالت :" طبعا .. الم تلاحظى ذلك من قبل .. بالرغم من قدرة كليوباترا على السحر والاغراء .. فهى تشبه آل تريفاين كثيرا ولذلك فانها لا تفاجئهم .

إنها تعجب بيرى وهذا شئ طبيعى .. لكن دومنيك لم ينس والدته وانت تقريبا مثلها ."

غالبا ما تختبئ الحقيقه فى تعابير ميريام الغريبه .. فطرحت لورا عليها السؤال الذى سبق ان طرحته على دومنيك : " كيف كانت والدة دومنيك ؟ "

ونالت الجواب نفسه : " ناعمه وراضيه ومتسامحه .. مثلك يا ابنتى .. كانت تحب أيضا القصص الخرافيه والاساطير وتحلم كثيرا .. وزكارى كان يكبرها بالسن ولم يفهمها بتاتا .. وكان عزاؤها المطالعه والشعر وكل ذلك .. بفضل دومنيك طبعا ..."

" ولما توفيت تأثر كثيرا أحس بوحشتها .. اليس كذلك ؟ "

" كان عمره ثمانى سنوات وكان ناضجا أكثر من عمره .. فتألم لفقدها .. ولا شك أن هذا هو السبب الذى من أجله يشعر بالحنان تجاه نيكولا ."

" نعم .. انت على حق .. انه ينوى ان يربيه هنا ."

" طبعا ! دومنيك لا يريد أن يتألم نيكولا بالحرمان نفسه .. كما انه قلق كثيرا على طباع الولد الموروثه عن والديه ."

" والدته .. أيضا ؟ "

" الا تعتقدين أن ابنة عمتك ليست اكثر اتزانا من تروى ؟ "

" انت لا تحبين كليوباترا .. اليس كذلك ؟ "

كانت ميريام تنظر بعينين شاردتين الى ما وراء النافذه وتقول : "انا لا اكرهها ولا احبها .. على كل حال .. ليس لهذا اهميه مادامت غير باقيه هنا مده طويله .. هلى ترين اين سقط دبوس شعرى ؟"

راحت لورا تبحث عنه تحت الاثاث وتقول : " لكن يا ميريام .. انت تعرفين أنهما ... أنهما سيتزوجان .. من اجل مصلحة نيكولا ."

" آه لا .. ليست هذه مصلحة نيكولا ..."

فى اليوم التالى بعد العشاء .. تصرف بيريغرينمره أخرى بطريقه رديئه .. كان يحاول من جديد أن يستميل حب نيكولا باستعماله شتى الطرق .. غير أن الصبى رفض الاقتراب منه .. وكلما اصر بيريغرين عليه .. ازداد تعلقا بأحضان دومنيك .. اخيرا .. أمر هذا الأخير أخاه أن ينتهى من هذه المسرحيه فقبل بيريغرين معلنا فشله .. لكن الوضع تفاقم عندما راح نيكولا يهتف عاليا : " إنى أكره عمى بيريغرين ! أنه الشيطان .. ويقول آموس إنه سيذهب الى الجحيم .. لم يعد حصانى !"

قهقهت كليوباترا بأعلى صوتها .. لكن بيريغرين تصرف مثل ولد مراهق .. اذ لم يكن يسمح لنفسه ان يعامله احد بهذه الطريقه التافهه امام الكبار .. فرمى بفنجانه على رأس الصبى وراح نيكولا يختبئ فى أحضان دومنيك صارخا برعب .

صاح دومنيك وهو يداعب رأس الولد : " كفى يا بيريغرين .. أنت تتصرف كأبله !"

نهض بيريغرين وخرج من الصالون كالمجنون ولحقت به كليوباترا .

غير أنها لم تكتف بالنظر الى دومنيك .. ولاحظت فى اندهاش انه يعرف كيف يعامل ابن اخيه مستعملا اللطف والقسوه فى آن واحد .. وارتاحت وهى تقول لنفسها .. عن ان نيكولا فى أيد أمينه .

ولما حان وقت النوم .. رفض نيكولا الذهاب الى فراشه .. طلب من عمه ان يقص عليه حكايه .. كان دومنيك سيغتنم الفرصه ليلقن الصبى درسه الاول ويعلمه الطاعه .. لذلك أسرعت لورا فى التدخل قائله : " لا تفسد الامور يا دومنيك .. مازال أمامك الوقت كله لتعلمه الطاعه والأدب .. لقد حصلت لتوك على حبه وعطفه .. ولهذا يستحق بعض الأستثناء ."

قهقهه دومنيك وقال : " انت فتاه رائعه ! "

" رائعه ؟ "

" هلى هذا التصريح يدهشك ؟ انى أتساءل ما اذا كنت مخطئا فى بعض وجهات النظر ."

كان يتكلم بغموض لم تفهم حقيقته .. فأبعدت عينيها لتتأمل المنظر من خارج النافذه .. ان كومة الانقاض التى تضيئها شمس المغيب .. كانت دات جمال غير عادى فقالت : " أنظر ! هذه الانقاض المرعبه تبدو وكأنها أبراج قصر مسكون !"

نظر صوب الأنقاض وهو يشعر باضطراب .. لقد غيرت الموضوع بلباقه وذكاء .. انتابه انفعال غريب .. فأمسك بمعصم لورا وقال : " أريدك أن تبقى ! انسى ما قلته البارحه ."

راحت تتأمله وتقول : " كنت غاضبه .. سأبقى طبعا .. مادامت كليوباترا فى حاجه لى ."

" شكرا .. لقد وصلت ابنة عمتك الى اتخاذ قرار نهائى .. على ما أظن ."

" هل نجحتما فى الاتفاق ؟ "

" اعتقد ذلك ."

اخفضت لورا رأسها غير قادره أن تتحمل نظرة دومنيك الزرقاء .

وذات صباح .. التقت لورا بدومنيك صدفه فى ساحة المنزل .. وتسلحت بالشجاعه لتقول له كل ما يدور فى أعماق تفكيرها : " اعتقدت أن إغلاق المصنع خلال العطله سيعطيك المجال للتمتع بأسبوع أجازه ؟"

كان واقفا أمامها .. طويلا قويا وممشوقا .. فقال شارحا ومبتسما : " هذه العطله هى للعمال أكثر مماهى لأصحاب العمل .. يا لورا المسكينه .. هلى تحلمين بالذهاب الى التسوق فى المدينه أو بالقيام برحله فى الهواء الطلق ؟ "

" أفضل اكتشاف المنطقه .. انا هنا منذ شهرين ولم أخرج تقريبا من هذا المنزل ."

أجاب بلهجه ساخره : " بإمكان بيريغرين أن يتطوع لإخراجك ! العمل لا يمنع تحقيق ذلك ! "

" إنه يفضل رفقة كليوباترا ."

" آه ! وهذا ما يزعجك ! ابنة عمتك تناسبه أكثر منك .. لو كنت مكانك لاستسلمت لهذا القدر ."

فوجئت الفتاه وظلت تنظر اليه حتى توارى داخل المستودع .. هل يعتقد أنها تغار من كليوباترا؟"

صرخت تقول : " اننا فى حالة الوصول الى الجنون ..هنا ! "

سألها دومنيك وهو خارج من المستودع وبيده بعض الأدوات : " كيف نجن ؟ صحيح يا لورا عليك ان تقلعى عن عاة التكلم بصوت مرتفع .. ستفضحين نفسك فى يوم من الأيام ! "

وعلى أثر هذا الكلام .. اختفى وهو يترنم بأغنيه معروفه .

عادت لورا الى المنزل وصعدت الدرج ولا حظت ان باب غرفة كليوباترا مفتوح .. فخاطرت بالدخول .

كانت كليوباترا تخرج كل ملابسها من الخزانه وترميها أرضا فسألتها : " ماذا تفعلين ؟"

" احضر لك عملا.. تقصير ملابسى .. تنظيف .. أغراضى أصبحت خرقا..."

فقامت لورا فى الحال بتحويل الملابس الى أشياء مرتبه .

لامتها لورا : " كان بإمكانك ان تعطينى ملابسك الواحد بعد الاخر بدلا من ان تدعيها تتكدس هكذا ."
" من أين تريديننى ان أبدأ ؟"

اجابتها كليوباترا فى وقاحه : " انى بحاجه اليها جميعها .. سأغادر بانسيون عما قريب .."

" متى ؟"

" بعد أسبوع تقريبا .. هذا يتعلق بأمور كثيره ."

شعرت لورا بحزن وقنوط .. لا شك ان الامر يتعلق بدومنيك.

" اعلمينى بموعد ذهابك متى تحدد .. اريد اعلام صاحبة المنزل حيث أقطن أن تحجز لى غرفه صغيره وانى بحاجه لبضعة ايام لانذارها بالأمر ."

" آه .. أنت أيضا ستغادرين ؟"

" بالطبع .. هل ستحتاجين الى لأهتم بنيكولا خلال رحيلك ."

" كلا .. سيبقى هنا ."

جلست لورا على السرير وقد خارت قواها فجأه .. عرفت أن كليوباترا ودومنيك قد عقدا مساء أمس اجتماعا سريا لمناقشة الوضع ولا شك انهما توصلا الى الاتفاق.

قالت كليوباترا : " قال لى دومنيك إنك ستبقين هنا للاهتمام بنيكولا ."

" نعم .. بقدر ما يكون وجودى ضروريا ."

" إذن .. اتفقى على هذا الامر مع دومنيك ."

تنفست لورا الصعداء وقالت : "كليوباترا .. هل حققت أمنياتك .. هل أمنت مستقبل نيكولا ؟ "

" نادرا ما تأخذ الامور الطريق الذى نتمنى ان نسلكه .. لكنى أشعر برضى .. نعم .. لم يعد لمستقبل نيكولا أى مشكله ."

سألت لورا وحلقها مضغوط .. متأكده من ان جواب كليوباترا سيبدد كل الاوهام ويعلن نهاية أحلامها .

" وماذا عن مستقبلك ؟ "

ظلت كليوباترا شاردة الذهن وقالت فى ابتسامه ناعسه : " كل حياتى .. تعودت أن أترك قدرى للصدف .. وهذا افضل . " إذن .. لن تعودى الى بانسيون ؟ "

" طبعا سأعود .. يا ابنة خالى الساذجه .. انى اعرف تماما ما بداخل افكارك .. لا ..لا ..لا تفرحى بسرعه !"

ستتغيب كليوباترا الوقت اللازم لتهيئ نفسها نهائيا للعيش هنا .


*نهــاية الفصــل التــاسع*

 
 

 

عرض البوم صور katy_1989   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الرداء الأبيض, دار الكتاب العربي, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبيثر القديمة, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, ساره سيل, sara seale, to catch a unicorn, نبع الحنان
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 06:02 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية