أطرقي بابي ..
مرة الأيام وأصبحت لا أرى رهف في العادة فعملي في شركة والدها وحضوري المحاضرات في الصباح لم يساعدنا في الالتقاء ولو بالصدفة هي أيضاً أصبحت زياراتها لسلمى صديقتها قليلة بسبب استعدادها لامتحانات الثانوية العامة ,ابتسم زين فجأة بينما كان يرتشف رشفة أخرى من فنجانه فقد تذكر موقف حدث منذ وقت طويل فبينما كانت رهف تسير متوجهة لمنزل صديقتها سلمى وكان قد مضى علينا الكثير من الوقت لم أراها فيه , فجأة وبينما رهف تسير سمعت نباح كلب وصراخ قادماً من خلفها فاستدارت لترى ماذا هنالك فوجدت كلب ضخم يعدوا باتجاهها وخلفه مجموعة فتيان يلاحقونه بالعصي والحجارة ويصرخون عندها أخذت تصرخ وتجري هي الأخرى إلى أقرب باب منزل حتى تختبئ فيه بسبب ضيق الشارع , وعندما وصلت لأحد الأبواب أخذت رهف تطرق الباب بكل قوة أتتها ذالك الوقت وما أن فتح الباب حتى دفعت الذي أمامها وأغلقت الباب خلفها واستندت عليه فجسدها كله كان يرتجف من شدة الفزع, لكنه هدئ أخيراً بعدما سمع أن الأصوات بدأت تتلاشى وتبتعد عندها استطاعت رهف في تلك اللحظة فقط أن تلتقط أنفاسها وأن تهدئ قليلاً لكنها فجأة دار شريط الأحداث بسرعة أمام عينيها فتذكرت أنها كانت تجري و أنها توقفت أمام أحد المنازل ثم أخذت تطرق بكل قوتها حتى فتح الباب ثم دخلت بعد أن دفعت الشخص الذي فتح لها الباب دون أن ترى من الذي فتح لها الباب كل ما فعلته هو دفع أحدهم ليبتعد عن طريقها ثم أغلقت الباب خلفها , وبنما كانت رهف غارقة في أفكارها شعرت بأن أحدهم يقف خلفها يراقبها فصوت نفسه كان قوى وذالك يدل على قربه عندها تحسست مقبض الباب بيد مرتجفة , فقد فكرة أن أفضل طريقة للخروج من هنا هو أن تجري بسرعة بعد أن تفتح الباب , لكن قبل أن تنفذ خطتها سمعت صوت وضحكت شخص تعرفه جيداً وهو يقول
" من أطلق الكلاب خلفك "
كانت هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير فقد كان أخر شيء تريد هو أن تبدوا كالغبية أمام زين فهمست لنفسها بيأس لما يا الهي من بين جميع الأبواب كان باب منزل زين الأقرب , لكنها استدارت ببطء إليه بينما فتحت بيدها الأخرى الباب وهي تقول
" كان هنالك فتيان يجرون وراء كلب , وبدا لي أنه مسعور لهذا خفت ولم أعرف ماذا أفعل ,فأخذت أطرق على أحد الأبواب لم أكن أعلم حينها أن هذا منزلك و .."
انقطع ما كانت تريد أن تقوله عندما تلاقت عينيها بعيني زين الضاحكتان ,,
عندها قال مبتسماً " لا بأس "
ربما أراد أن يستظرف لكن هذا لم يكن الوقت المناسب أرادت أن تضربه بحق على رأسه عندها قالت وهي منزعجة بينما كانت تخرج
" ماذا قلت ؟؟! اسمع كان هنالك كلب " ثم صمتت لتسدد له نظرة غاضبة من استخفافه بها ثم قالت
" أنا آسفة على إزعاجك "
قال زين بينما كان يمسك نفسه عن الضحك " لا بأس فأنتِ لم تزعجينني إطلاقاً ثم أنا أصدقك ,, لكن يبدوا لي أن عرضي الذي عرضته عليكِ مازال ساري مفعوله "
نظرة رهف إلي وقد عقدة حاجبيها علامة على عدم فهمها
فقلت " لقد أخبرتك منذ زمناً بأن تطرقين باب منزلي في حال أن أزعجك أحدهم "
قالت رهف غاضبة " لقد قلت لك أنني طرقت بابك دون أن أعي أنه باب منزلك فقد كان هو الأقرب "
ابتسم زين ثم قال " أتمنى أن تطلق عليكِ كل كلاب المدينة حتى تطرقين باب منزلي دائماً .. بالخطأ "
ثم ابتسم لها ,, عندها سددت رهف إليه نظرة لو كان الإنسان يقتل بالنظرات لكان زين قتل وقتها , تمنت رهف لحظتها لو أنها تستطع أن تضربه حتى تحطم أسنانه تماماً فهو يعتقد أنها فعلت ذالك متعمدة رغم إنكارها ذالك يا لغروره .. عندها ابتسم زين فعيني رهف فضحتا ما كانت تضمره من شر له فهو يقرأها ككتاب مفتوح أمامه إنها صافية وبرئيه جداً , خرجت رهف من منزله وهي تشعر بالغيظ منه لكن ما أن ابتعدت حتى تذكرت ما قاله
" أتمنى أن تطلق عليكِ كل كلاب المدينة حتى تطرقين باب منزلي دائماً "
فابتسمت وهمست لنفسها " هل يدعوا علي .. ! "
ثم واصلت سيرها وهي تشعر بسعادة تغمر قلبها الصغير بهذه الكلمات البسيطة لكن بالرغم من بساطتها إلا أن معناها كان كبيراً بالنسبة لها ...
لم نتواعد أنا ورهف يوماً لكن حبي لها كان ينمو يومياً أما اليوم الذي أصادفها فيه كنت أشعر بأن الله أهداني هدية لعملاً صالح قمت به ,لكن رهف كانت تتجاهلني تماماً بعد أن قلت لها ذالك ظننت في بادئ الأمر أنها غيرت رأيها بي فقد كنت أظل أراقبها لعلها تنظر إلي بطرف عينها كما كانت تفعل لكنها لم تعد تعيرني أي اهتمام حتى يرتد بصري إلي خائباً فأظل أياماً تلاحقني الظنون والشكوك ويجافني النوم خوفاً من أن رهف قد غيرت رأيها بي فأظل كالمجنون أتخيل ماذا سيحدث لي لو أنها غيرت رأيها بي بالتأكيد سأموت وفكرت مرات عدة أن أصارحها بحبي لها لكني ترددت فلم أملك يوماً الجرأة على البوح بمشاعري لأياً كان ومهما كانت مشاعري مكتظة بالآلام والحزن ما كنت قادرا بالبوح عنها فقد أعتدت على الكتمان , فكيف سأبوح لحبيبة قلبي بما أكنه له إن ذالك من المستحيلات لا أستطيع فعل ذالك, فأظل هكذا كالمجنون أتخبط في أفكاري ومشاعري حتى أراها تمر أمامي فأنسى كل شيء , و كل مخططاتي تنهار أمام قوة عينيها فهما يهجمان بقوة على قلباً ضعيف مصاب بسهم الحب فأي تكافئ هذا , وذات مرة رفعت عيني مرة أخرى لأتأكد بأنها لم تعد تعيرني اهتمام ولم تعد تكن لي أية مشاعر عندها وجدتها تختلس النظرات بابتسامة ماكرة لما فعلته بي فقد جعلتني كالمجنون تطوف أفكاري أياماً وليالي حولها فقط وكانت ابتسامتها تلك لا تكاد ترى وعندما رأتني أنني كشفتها ارتبكت قليلاً ثم تجاهلتني مرة أخرى وأكملت طريقها لكن ذالك كان كافياً ليؤكد لي أن ما أشعر به هي أيضاً تشعر به , لكن النساء أمهر أو بالأصح أمكر من الرجال في إخفاء و إظهار مشاعرهن فهن ماكرات يستطعن أن يخدعن أقوى وأدهى الرجال بسهولة وذالك لبساطة تفكير الرجال وهمهم في عضلاتهم. كنت كمن سيفقد عقله في كل مرة تمر أمامي ولا تنظر إلي , كنت أشعر كطفل اليتيم عندما تغيب عني فلا أعد أشعر أن للكون أهمية من دونها ..
***********************************
بحر ,, ودموع ..
بعد ذالك بوقت ليس بالقصير قررت أنا وزملائي في العمل أن نذهب إلى البحر لنصطاد بعض السمك ونشويه وقررنا أن يكون ذالك في يوم الخميس حتى يتاح للجميع الذهاب .
أتى يوم الخميس سريعاً فذهبت أنا وأخوي منذ الصباح وصلنا إلى البحر بعد ساعة فقمنا بتقسيم الأعمال بين المجموعة منذ البداية حتى يجد الجميع وقتاً للسباحة واللعب فكان على أنا واثنان من زملائي أن ننظف السمك بما أننا لا نستطيع أن نصطاد وثلاثة آخرون يصطادون أما البقية فنصفهم يشوي والنصف الأخر ينصب الخيام عمل الجميع بجد واستمتاع فكانت رحلة في غاية الجمال فقد قضينا اليوم الأول في مصارعة الأمواج واصطياد السمك ولعب الكرة على الشاطئ أما اليوم الثاني فقد كان البحر هادئاً فاستمتعنا بالسباحة منذ الصباح حتى أتى وقت الغداء فتجمع الجميع وجلسنا نأكل ما تم شويه بشراهة ليس لحلو مذاقه فقط لكن لشدة جوعنا أيضاً فمنذ الصباح ونحن في البحر وعندما انتهى الجميع من الأكل لم يكن بمقدورنا أن نعاود السباحة فقد كنا مرهقين فأخذ الجميع يتحدثون في شتى المواضيع ويضحكون على النكات التي أخذ يلقيها بعض من الزملاء والذين كانوا متمرسين في إلقائها عندها داعب النوم عيني ففكرت أن من الأفضل أن أخذ قيلولة لبعض الوقت وما أن هممت بالوقوف حتى سمعت اثنان يتحدثان معاً يجلسان بعيدين قليلاً عنا لم يكونا يشاركان البقية الضحك فلديهما أشياء أخرى يتحدثون بها ربما كان تقدم سنهما سبباً لذالك سمعت أحدهما يقول
" أتعرف أن المهندس كريم تقدم لخطبة ابنة صاحب الشركة "
رد عليه الرجل الأخر " إنه شاب جيد ,, ومن عائلة غنية "
وإلى هنا توقف عقلي عن العمل وفقدت حاسة السمع وقتها أيضاً فلم أسمع بعدها شيء أخر , فقد شعرت وقتها وكأن شيئاً قوياً ضرب معدتي فوضعت يدي على معدتي من شدة الألم الذي راودني وقتها لكن الألم سريعاً ما انتقل إلى صدري فشعرت فجأة بشيء يغلى بداخلي وكأن هنالك ناراً قوية تجتاحني حتى أنني شعرت بارتفاع درجة حرارتي وبأن الجو أصبح خانقاً جداً فسرت خطوة وشعرت بدوار كدوار البحر وبأنني قد أتقيأ في أي لحظة كل ما أكلته , عندها أمسكني سامر من كتفي فتلاقت أعيننا فرأى ما لم أبوح به فقال في فزع
" زين ماذا بك ..... زين هل تسمعني "
لم أجيبه فما عدت أسمع أو أعي شيئاً آنذاك فقد كنت في ذالك الوقت غارقاً في تفكيري الذي كان يمد بي ويجزر فقد تساءلت حينها هل يعقل أن هذه هي النهاية بيني وبين رهف هل قدري أن أعمل في شركة والدها كموظف صغير لا يذكر بينما يقدر لها أن تتزوج بمهندس لديه القدرة بأن يبقيها في المستوى الرفاهية الذي اعتادت العيش فيه إن من الجنون أن أتوقع أن ترفضه ربما الآن قد حان الوقت لأن تفكر أن حبي لها ليس سوى حب طفولي ليس إلا وأنه قد حان الوقت لأن تنضج وتفكر في مستقبلها بجدية وأنه من الأفضل لها أن تقبل بالشخص الذي تقدم لخطبتها بسعادة فليست كل الفتيات محظوظات مثلها , كانت هذه الأفكار كافية لتجعلني أجن فسرت وأنا أشعر بدوار شديد كدت أسقط بسببه فشعرت بيدي أخي سامر مرة أخرى وهو يمسك بي حتى لا أقع وهو يقول فزعاً
" زين "
لكنني دفعت يد أخي بعيداً وأخذت أنظر حولي كالمجنون وأخطو خطوات متعثرة إلى الأمام فلم أعد أعرف ماذا أفعل فقد كانت أفكاري ومشاعري تتخبط بي حتى كدت أسقط , عندها شعرت بنظرات الجميع المندهشة لتصرفي الغريب هذا , لكنني لم أعير للأمر أهمية فقد سرت إلى مكان بعيداً عنهم حتى لا أسمع صوت أحداً فيه وأخذت أنظر للبحر لكنني في الحقيقة كنت أنظر للاشيء , فقد كانت مشاعري ثائرة ومتخبطة بداخلي وليس ذلك فقط بل تكالبت علي الظنون والشكوك حتى أوشكت على الإغماء فحاولت أن أتنفس بقوة لكنني شعرت بالهواء وكأنه عدم من الوجود حاولت أكثر لكن لم يدخل لرئتي شيئاً ,حينها شعرت بأحدهم يمسكني من كتفي فإذا به أخي أحمد وما أن رأى حالي هذا حتى سائلني مذعوراً فقد كنت كمن يختنق
" زين ماذا بك "
قلت بصوت مخنوق ودموع محبوسة تكاد تفيض فتفضح أمري " أكاد أختنق يا أحمد "
" تعال معي سأذهب بك لأقرب مستشفى "
" لا فقط اتركني وحدي"
" ماذا تقصد بأن أتركك وحدك , هيا تعال لقد قلت سأآخذك لأقرب مستشفى , هيا "
عندها صرخت " لقد قلت لك اتركني لما لا تفهم "
ثم استدرت سريعاً لكن دموعي كانت قد فضحت أمري ظل أخي واقفاً لا يعرف ماذا حدث لي وما الذي غير حالي في لحظات وما هذه الدموع التي فاضت وما سرها عندها سمعته يهمس لي وقد اقترب أكثر مني
" ماذا بك يا زين هل هنالك شيئاً تخفيه ولما أنت .."
" اتركني "
" أتركك!؟ "
" أحمد أرجوك أتركني "
" سأتركك الآن فقط لكن لدي حديثاً معك لاحقاً "
شعرت وقتها بالغباء لقد مررت بأشياء كثيرة لكنني لم أري أحداً دموعي حتى أخوي الذين اعتنيا بي بعد انفصال والديّ لقد تزوجت والدتي وتركت البلد ورزقت بأطفال سوانا , ووالدي أيضاً تزوج لكنه لم يرزق بأي طفل سوانا لكنه كان يقوم بالاعتناء بزوجته وبنفسه أكثر منا , لهذا كان على أخوي أن يعتنيا بي كوني أخيهم الأصغر الذي لم أكن أبلغ الأربعة أعوام عندما تركتنا والدتنا لقد كانا لي الأم والأب فلم أشعر باليتم يوماً وهما بجانبي.
..................................
لكن اليوم فأنا أشعر باليتم الحقيقي فليس لدي أحد أصبحت كطائر خرج من سربه فعاش وحيداً , لقد مضيت عشرة أعوام على تركِ البلد دون علم أحد لكن لم يكن بيدي خيار أخر.
هل يعقل إن عدت لهم اليوم أن يقبلا بمسامحتي وكأن شيئاً لم يكن أم أنهما سيتخليان عني كما تخليت عنهما ؟؟
كيف لي أن أشرح لهما حقيقة ما حدث وهل سيصدقانني إن أخبرتهما بالحقيقة ؟؟
كيف للسنين أن تمضي سريعاً هكذا دون أشعر ؟؟
كيف لي أن أقابلهما الآن ؟؟
وما عذري الذي سيقبلانه لاختفائي المفاجئ وانقطاع أخباري عنهم ومن ثم ظهوري المفاجئ ؟؟
مرت أسئلة كثيرة في عقلي لم أجد لها أجوبة , فأنا متأكد أن أخوي الآن غاضبان ونادمان على الاعتناء بشخص مثلي أناني وغير مبالي لا يفكر سوى في نفسه , يحبطني و يزعجني أن يفكروا بي بهذه الطريقة , لأن الحقيقة ليست كذلك أبداً بل إنهم لا يعلمون عنها شيئاً , في الوقع أنا هو من تخلى عن كل شيء لأجلهما فقط .
**********************************
مال,, وشهرة ..
مضى على حالي ذاك أيام وأسابيع لا يعلم أحد ما علتي حتى أتى يوماً واجتمعا أخوي وقررا أن يسائلانني وأنه يجب أن أجيبهما رغماً عني وعندما رأيت أنهما جادان في ذالك وأنهما لن يتركانني حتى أجيبهما فضلت أن أجيب.
أحمد " ألن تقول ما علتك "
زين " ما الذي سيتغير إن قلت ذالك فليس بمقدور أحداً أن يساعدني "
أحمد " لهذه الدرجة علتك صعبة الحل"
زين " نعم "
أحمد " أذن أخبرنا ما هي وستجد حلها لدينا إن شاء الله "
زين ...
سامر " ألن تتكلم ,,, "
زين ...
سامر " هل يعقل أن الموضوع متعلق بفتاة ما !! "
نظر زين إليهما ثم هز رأسه ببطء بما يعني " نعم " ثم خفض عينيه ,,
أحمد " من هذه الفتاة التي فعلت بك كله هذا "
زين ..
سامر " هل يعقل أن تكون رهف ؟! "
نظر زين لكليهما لكنه لم يجب أيضاً ..
أحمد " هل هنالك فتاة غيرها "
زين ..
سامر " لا يعقل أن يكون هنالك سوى فتاة واحدة ستفعل بأخي هكذا وهي رهف , أنا متأكد من ذالك لكنني أريد أن أعرف ما قصة تغير حالك هذه , فأنت معجب بها منذ صغرك لكن ما الذي استجد في الموضوع ,, هل يعقل أنكما تتقابلان من ورائنا "
تغيرت ملامح زين من الحزينة والصامتة إلى غضب واستياء من تفكير أخيه بهم هكذا " لا تقل هذا عن رهف فهي ليست من هذا النوع من الفتيات "
عندها نظر كلاً من أحمد وسامر لبعضهما وابتسما فقد أوقعاه وجعلاه يتحدث أخيراً ,,
سامر " أذن من أي نوع هي,هل يعقل أنها من نوع حوريات البحر التي تفقد البحارة عقولهم في ظلام الليل الدامس فيرمون أنفسهم عن ظهر السفن وهم يبتسمون "
نظر زين إليه ثم قال " إن كنتما ستسخران مني منذ البداية لن أقول شيئاً "
سامر " وهل قلت شيئاً حتى نسخر منك فنحن منذ الصباح نحاول أن نجرجرك في الكلام لكن لا فائدة ترجى منك فأنت مثل الصندوق الأسود لا نستطيع أن نعرف ماذا به "
أحمد " سامر هلا صمت ليتحدث زين ويخبرنا ما الموضوع "
نظر زين إلى كليهما ثم قال بعد أن تغيرت ملامحه إلى حزناً شديداً " لقد سمعت بأن رهف ستتزوج بمهندس يعمل في الشركة "
تبادل كلاً من سامر وأحمد نظرات كلها دهشة وتفهم عندها قال أحمد " ألهذا أنت منزعج؟ "
زين " وهل تظن أن ما أمر به شيئاً هيناً إنني أشعر بأنني أكاد أموت كلما فكرة في الأمر وأنني اختنق و .. , أعرف أنه لأمراً مضحك لكن هذه هي الحقيقة "
سامر " لم يقل أحد أنه أمر مضحك ونحن نعلم كم هو مؤلم وقع الخبر عليك لكنك لن تموت سوى من بقائك بين هذه الجدران الأربعة دون أن تفعل شيئاً مفيداً لتحل الأمر "
قال أحمد بعد أن رأى استياء زين مما قاله أخاه سامر , فسامر رجل عقلاني لا يهتم بالمشاعر كثيراً
" أأنت متأكد يا زين مما قولته "
زين " بالطبع "
أحمد " غريب فقد أخبرني صديقي أن رهف رفضته "
نظر كلاً من زين و سامر إلى أحمد فإذا سامر يقول وقد سعد بالخبر أكثر من زين " ماذا تقصد يا أحمد هل الشخص الذي تقدم لخطبة رهف هو صديقك؟ "
هز أحمد رأسه مبتسما ,,
ثم أكمل سامر " وبأن رهف رفضته؟ "
ودون أن ينتظر أي جواب وجه حديثه لزين هذه المرة " هذه هي فرصتك يا زين ألم أقل لك أن لا تحبس نفسك بين أربعة جدران ها هي الفرصة تأتيك فأولاً لديك الفرصة الآن لأن تتقدم بخطبتها ثانياً لقد تأكدت الآن بأن الفتاة لا تفكر في سواك"
لكن الحزن ظل مخيماً على زين عندها دهش كلاً من احمد وسامر فقال سامر بانزعاج " والآن ماذا؟ "
زين " مازال هنالك الفارق الاجتماعي الذي بيننا أم أنكما نسيتما ابنة من هي, إن هي رفضت ذالك المهندس سيرفضني والديها وإن وافقت هي "
قال سامر بصوت منخفض " أذن لما أحببت فتاة تعلم أنك لن تصل إليها "
زاد هذا من حزن زين فقال بصوت منخفض ومحطم " الأمر لم يكن بيدي "
عندما رأى أحمد أخويه بهذه الحالة قال" اسمع يا زين لدي من المال ما يكفي لأن أفتح لك منزل فراتبي جيد لكن كل ما أريده منك أن تنتهي من دراستك سريعاً "
فقال سامر بسعادة من وجد الحل " أنا أيضاً سأعطيك ما لدي وهكذا ستكون قادر على الزواج برهف "
نظر زين لكليهما " لكن هذا مالكما الخاص بزواجكما , ثم أنتما تكبرانني ,, هل جننتما متى ستجمعان مثله وتكونا قادرين على الزواج أنتما أيضاً "
ابتسم أحمد " أستطيع أن أتقدم بطلب دين من الشركه ثم أنت ستكون زوج ابنة المدير وسيكون الأمر سهل عليك "
ابتسم سامر أيضاً " أتعرف من كثرة مراقبة الجثث وتشريحها فقدت طعم الحياة , إن الحياة في نظري أصبحت قصيرة وبلا معنى فلم أعد أهتم بالحياة يا ولدي"
عندها ضحكنا ثلاثتنا بسعادة فقد كنت آنذاك سعيداً بأن لدي أخوين مثلهما يحبانني ويضحيان من أجلي كان ذالك الشعور دافئ , فأنا لم أحظى بدفء أو حنان الأم أو الأب لكن أخوي عوضاني عن ذالك فقد كانا هبة من الله لم أحافظ عليهما وها أنا اليوم لدي المال والشهرة لكن ليس لدي أحد , فعندما بدأت طريقي هذه صبوة للمال والشهرة و لم أعي في ذالك الوقت أنني كنت أفقد الأشخاص الذين أحبوني بصدق وبدون مقابل , والآن هاأنا وحيداً في فندق لا يقيم فيه سوى كبار الشخصيات لغلى ثمنه لكنني لا أشعر بدفء فيه ..