عذرا أعزائي القراء لتأخري
لكنني مسافره ومن الصعب إيجاد الوقت للكتابة وتوفير الانترنت في نفس الوقت وخاصة من لديها طفلتين (سنة - سنتين )
...........
لا أعرفك ...
قرر زين أخير أن يستأجر شقة فقد مل من حياة الفنادق والتنقلات بينها , فأراد أن يشعر باستقرار في بلده فطلب من أحد مكاتب العقارات أن يبحث له عن شقة تقع في منطقة لا يسكن فيها سوى الأغنياء وذو المناصب العالية في الدولة , وهي نفس المنطقة التي كانت رهف تتمنى أن يسكنا بها إن امتلاكا مالاً . وذلك لأنها تطل على البحر وعلى منتزهات للأطفال راقية وجميلة المنظر ويوجد بها أغلى المطاعم ومحلات التسوق و تعتبر قلب المدينة. وبينما كان زين يوقف سيارته الحمراء الرياضية أمام أحد المباني السكنية حتى يرى الشقة التي سيستأجرها , تلاقت عينيه بعيني سائق السيارة التي بجواره ولم يكن سوا أخاه سامر الذي حدق به هو الأخر ,لكن ذالك لم يطل فقد أشاح سامر بعينيه ونزل من السيارة وخطا إلى المبنى مسرعاً غير مبالي بزين وصعد المصعد متوجهاً للأعلى , وقبل أن يصعد المصعد فتح الباب مرة أخرى وكان زين هو من فتحه وسار إلى الداخل ووقف بجوار أخيه سامر ثم قال
" السلام عليكم "
وعندما لم يتلقى أي جواب قال " رد السلام واجب "
سامر " للذين يستحقونه "
ثم فتح المصعد وخرج سامر وقد دفع زين بكتفه أثناء خروجه ولحق به زين وقال " سامر , سامر "
عندها توقف سامر لكنه لم يستدر إليه وما أن أقترب منه حتى رأى أحدهم يسير باتجاههم مبتسماً وهو يقول
" دكتور سامر , يا لهذه المصادفة الجميلة "
ابتسم سامر هو الأخر وقال " دكتور رأفت حقاً يا لها من مصادفة جميلة"
ثم التفت الدكتور رأفت الذي يبدو أنه في الخمسين من عمره إلى زين وتساءل بعينيه عن من يكون عندها أمسك سامر بيده وخطا معه إلى الأمام متجاهلاً زين الذي وقف خلفه ينظر إليه وهو منزعج من تجاهل سامر له لو أنه صرخ به أو ضربه لكان أهون عليه من أن يتجاهله هكذا عندها تقدم زين وقال
" سامر "
وعندما لم يجيب صرخ " سامر ألا تسمعني "
فتوقف هذه المرة الدكتور رأفت ومعه سامر الذي لم يلتفت إليه فقال زين " سامر "
وعندما لم يستدر سامر إليه تقدم زين فوقف أمامه ونظر إليه " سامر , أخي أنا أعرف أن لك الحق بأن تصرخ بي و تضربني افعل ما شئت بي فأنا أستحق ذلك , لكن لا تتجاهلني فأنا ليس لدي سواك أنت وأحمد وأبي في هذه الدنيا "
لكن سامر ابتعد متجاهلاً إياه مرة أخرى فأمسك زين بيده ليوقفه فإذا به يتلقى صفعة دمعة عينه من قوتها شعر وقتها أن الزمن توقف للحظات فالصفعة ونظرات سامر كانت كافية لإيقاف الوقت , لكن ذالك جعل من زين يمسك بيد سامر أقوى من السابق وعندما حاول سامر أن يحرر يده من بين يدي زين ولم يفلح فإذا به يوجه الصفة التالية وهو يصرخ
" اترك يدي أيها الحقير اتركها ,,, أنا لا أعرفك ,, و إن كنت أعرفك فذلك ماضي و انتهى أما اليوم فأنا لا أريد رؤيتك طيلة حياتي الباقية "
ثم قام بدفع زين بعيداً عنه وصرخ قائلاً " لا أريد رؤيتك مرة أخرى مهما حدث , أتفهم "
ثم ذهب تاركاً زين خلفه يقف محني الرأس والدموع تجلده بسخونتها انه يستحق ذلك في الحقيقة فكيف له أن يتركهم طيلة هذا الوقت ,, كيف مرت عليه السنين وهو دافن ذكراهم أية قسوة قساها عليهم ,, يبدوا أنه ورث قلب والدته القاسي فكيف له أن ينسى من كانوا له الأب والأم والأخوة والعزوة من كان له الحضن و البيت الدافئ ,, ماذا فادته ملايينه شهرته ها هو يلبس أغلى ما صنع ,, ولا يأكل و يشرب سوى أجود وأغلى الأنواع ,, ويأخذ أعلى الرواتب,, لكن ما الفائدة وهو يشعر بالوحدة والحزن والغربة وهو في بلده فلا أخ ولا صديق حتى حبيب يؤنس وحدته.
لكن كل ذلك بسبب حسين رزق هو من اقترف كل هذا فهو من طلب منه أن يهاجر حتى يستطيعوا أخوته أن يعيشوا ويعملوا فما كان بيده سوا أن ينفذ فقط إن كل يوم يمر يشعر بالحقد والكره لرهف وعائلتها ويود أن ينتقم منهم ليذيقهم القليل من ما ذاقه.
.......
مسح زين دموعه ثم نزل الدرج مسرعاً حتى وصل إلى سيارته فقادها بسرعة خارجاً من الموقف ناسياً لما أتى إلى هنا من الأساس , كان تفكيره قد شل بسبب مقابلة سامر القاسية له لقد تخيل من قبل كيف سيقابلانه أخويه فهما بالطبع سيشعران بخيبة أمل منه و سيكونان غاضبين منه ,لكن أن يخرجانه من حياتهما فذلك أكثر من ما توقع أن يحدث , فعندما سافر منذ عشر سنوات كان يشعر بالاكتئاب وأن جميع الطرق قد سدة في وجهه , وبأن أخويه خسرا وتحملا الكثير من المال فقد قاما بتزويجه وخسرا الكثير من المال , ثم قاما بتعيين محامي له حتى يخرجه من السجن , ومن ثم طرده والد رهف من العمل وبقائه في المنزل لمدة ليست بالقصير , وقبل هذا كله ترك رهف له وسفرها للخارج كان هذا كافياً لأن يعميه تصميمه على أن يسافر ليعود مرة أخرى شخص مختلف تماماً عن ما كان ويبدوا أنه قد حقق هدفه فلا يبدوا أنه أحد
تعرف على زين الجديد أو أحبه .
******************************
تعالى لأضمك ,, وأحميك ..
بعد عدة أيام من مقابلة سامر قام زين بزيارة والده وهنالك قابل وليد وابنتي أخيه أحمد رنا ورويدا الأولى عمرها خمسة أعوام والثانية في الثامنة من عمرها وكلاهما ظريفتان وجميلتين ويبدوا أن وليد معجب برنا وقد كانتا كثيرتا الضحك عندها أخذ زين يلعب معهم ألعاب كثيرة وأخذ يلاحقهم في أرجاء المنزل , فقد تركهما أحمد أمام منزل جدهما وذهب بينما زوجته تزور بعض الأقارب , ولم يكن يعلم أحمد أن زين هنالك كما أن زين لم يكن يعلم أن أخيه أحمد سيأتي ذالك اليوم , لكنه كان سعيد بمقابلة وليد وطفلتي أخيه فهو لم يلاعب أطفال من قبل .لكني هاتين الفتاتين بالإضافة لوليد جعلوه يتمنى لو أنه يملك أطفالاً لكان لعلب معهم في كل وقت و كان يأخذهم إلى كل مكان , و يرافقهم لأسرتهم بعد أن يقص عليهم القصص. لعب زين مع وليد و الفتاتين ثم أخذهم للخارج واشترى لهم بعض الأطعمة السريعة ثم عاد بهم للمنزل.
عندها وجد أخيه أحمد بانتظارهم متكئاً على سيارته في مكاناً بعيد عن الحارة فقد اتصل والده بأحمد وأخبره بقدوم زين وأخذه للطفلتين لشراء بعض الأطعمة فأسرع أحمد في العودة من عمله,أوقف زين سيارته الرياضية أمام سيارة أخيه عندها تلاقت أعينهما فشعر زين ببعض الخوف وشعر كأن هنالك من قبض على رئتيه فلم يعد يستطيع أن يتنفس إنه أحمد من كان له الملجأ الحصين والقلب الدافئ إنه خائف فلن يستطع التحمل إن عامله بجفاء هو الأخر , تردد زين في النزول من السيارة لقد كان خوفه من أن يقابله أحمد مثل ما قابله سامر يجعله لا يريد النزول,لكن لابد له من ذلك ففتح الباب رغماً عنه وقام بفتح الباب الأخر لتنزل كلاً من رنا ورويدا ووليد , وأخذتا تجريا إلى والدهما ليحملهما وعندما سكنتا بين يديه
فقالت رنا " أبي عمي زين اشترى لنا الكثير من الحلويات ,, أوه يا إلهي لقد نسيناها يا أبي ,, أنزلنا "
وما أن أنزلهن حتى جريتا عائدتان إلى السيارة لتحضرا ما قد اشترياه من حلويات ثم عادتا فإذا به يسألهن متجاهلاً زين "
أين ذهبتن مع عمكن "
فأخذا تصفان له أين ذهبتا مع عمهما وكم استمتعن معه وأخبراه أنه قد اشترى البوظة لهما ومن ثم أخذهما لتأكلا بعض الساندويتشات , شعر زين آنذاك بأن لا مكان له هنالك بينما كان أحمد يستمع لما حدث دون أن ينظر إليه ربما لن يصفعه مثل سامر بل سيقوم بتجاهله, فاستدار زين وهو ممسك بيد وليد عائداً إلى سيارته حزيناً أن يقابل من قبل أحمد بهذه الطريقة , لكن ما أن هم بالدخول للسيارة حتى صرخ أحمد
" زين "
نظر زين إلى أخاه ورآه يخطو باتجاهه فشعر زين بأن هنالك شيء سيء في انتظاره ,وما أن اقترب أحمد منه توقع أن يقوم بتوجيه ضربة له لكن أحمد وقف أمامه دون حركة ثم قال وهو ينظر إليه " انتظرتك منذ أن وصلت إلى هنا لكنك لم تأتي ,
لماذا "
لم يستطع زين أن يقول شيئاً ,, فاقترب أحمد منه أكثر عندها قال زين " لقد خفت "
أحمد " خفت ,,, من ماذا "
قال زين وقد تغير صوته " من أنكم لم تعودوا تريدون رؤيتي "
أحمد " من الذي قال ذالك "
زين " لكن سامر "
أحمد " اتركنا من سامر وأخبرني لما فعلت ذالك "
أخفض زين رأسه وقال " لقد كنت أشعر كمن يخنق وكاد ذلك الإحساس يقتلني وخفت بأن أقوم بشيء متهور لهذا فضلت
أن أبتعد , ولقد تحملتما معي الكثير فلم يكن بمقدوري أن أحملكما أكثر من هذا "
قال أحمد بانزعاج " من الذي قال ذالك, هل سمعت منا في يوماً ما شكوى من ما قلته "
زين " أكان يجب أن أسمع حتى أعرف أنني أثقلت عليكم بمشاكلي التي لا تنتهي"
عندها اقترب أحمد من زين وقام بضمه فجأة بينما وقف زين أمامه مثل الأبله فقد توقع أن يتلقى ضربة لكن أحمد كان يضمه بقوة إليه فقال له بينما مازال يضمه
" لقد انتظرناك طويلاً "
شعر زين آنذاك بأن جسده قد خدر وارتخى تحت قبضت أخيه وبأن عاد كطفل صغيراً يحتمي بين ذراعي والده , فقد اعتاد وهو صغير أن يهرب إلى هذا الذراعين ذاتها ليختبئ من عصا والده ومن سامر حتى لا يضربانه فقد كان مشاغباً جداً ,شعر زين بأن ذراعي أخيه مازالتا ملجأه الدافئ رغم مرور السنين عليها , لا يعلم ولا يذكر زين كيف وكم ومتى بدأت دموعه بتساقط وكم بقي على هذا الحال ومتى توقفت دموعه عن الهطول لا يذكر سوى الشعور الدافئ الذي وجده بين قبضتي أخيه أحمد فقد ضمه بقوة حتى أنساه وحدته وحزنه وأعادته لطفولته الجميلة رغم قسوتها لكن بوجود أخويه معه جعلتها جميلة في نظره.
******************************