بعد ساعة من ماحدث ..
" فارس أنا آسفه لكن أقسم لك أنني لم أكن أعلم بقدومه "
نظرت رهف إلى فارس ورأفت بحالته فهو بالتأكيد يشعر بالحرج منها بسبب مافعله زين به أمامها
" رهف أنا لا أريد أن أرى هذا الحقير يحوم مرة أخرى حولك "
" أنا أيضاً مللت من افهامه ذلك , فما العمل "
" اتركِ هذا الأمر عليّ "
نظرت رهف إلى فارس وهو يتوعد زين فخافت من ما قد يعمله فارس فهو ان لم يكن بقوة زين الجسدية فبالتأكيد يستطيع أن يؤذيه بطريقة أخرى .
أرادت رهف أن تغير الموضوع لكنها لم تعرف ما تقوله فظلا صامتين كلاً غارق في عالمه حتى نهض فجأة فارس وقال دون أن ينظر إلى رهف
" رهف أنا سأغادر "
" لا أرجوك ابقى قليلاً على الأقل دعنا نأكل بعضاً من الحلو "
" مرة اخرى ,, احتفلي اليوم أنتي وصديقاتك وسأعوضك عن هذا في يوماً أخر "
" حسناً ,, على فكرة ,, شكراً على المفاجأة اللطيفة هذه "
نظر إليها فارس ويبدوا أنه نسي لما أتى ثم همهم
" آآآه "
لم يكن فارس في مزاج ليرد عليها أو حتى ليغير الموضوع ثم قال
" رهف يجب أن أغادر الآن "
" فارس هل أستطيع أن أعرف أين ستذهب "
" لديّ عمل يجب أن أقوم به "
" ألا تستطيع أن تؤجله "
" لا لا أستطيع "
" حسناً إلى اللقاء "
" إلى اللقاء "
خرج فارس وهو يضمر الشر لزين وهذا ما رأته رهف في عينيه إنها متأكدة بأن فارس لن يترك زين لحال سبيله وهذا ما كانت تخاف منه وهو أن يصيب زين مكروه ما ..
نهضت رهف لترتب مكتبها الذي بعثر أغراضه زين وقلب كراسيه وبالها مشغول بما يفكر فيه فارس , وبينما هي ترتب مكتبها رأت الهدايا التي أحضرها فارس لها فجلست على احدى الكراسي لتفتح علبة سوداء مخملية لتجد داخلها عقد جميل وقرطين في منتصفهم 3ماسات كبيرات ذو لونا أخضر , في الحقيقة ان العقد ابهرها بجماله واتقان صنعه فقد كان في غاية الروعه , فجأة شعرت رهف بضيق وانزعاج فأغلقت الصندوق وارجعته لمكانه فهي ستعيده بالتأكيد عندما تنتهي هذه المهزلة .
نهضت رهف من مكانها في الحقيقة أن ما أزعجها انها كانت تتمنى لو أن هذه الهدية من زين لكانت أجمل بالنسبة لها .
مايزعجها بحق أن زين يلاحقها منذ عدة أشهر محاولاً أن يعيدها لكنها بالرغم من ذلك لا تشعر بأن ذلك نابعاً من قلبه بل تشعر أنه يريد أن يرجع يتملكها من جديد فقط كأنه يريد وضع لافتتاً عليها أملاك خاصة , وهذا مالا تريده وهو أن تكون جزء من ملكيته فقد مضى ذلك الزمان الذي كانت مستعدة أن تكون أي شيء في حياة زين لتكون بالقرب منه فقط, أما الآن فما تريده منه تغير فقد نضجت وأصبح لديها متطلبات اخرى , تريده أيضاً أن يعرف أنه بدونها لا يستطيع أن يعيش وأنه قد يفقدها إذ استخف بها .
...........................
عاد زين للمنزل وهو يشعر بغضب من نفسه ومن رهف ومن كل شيء تقريباً فأخذ يسير وهو سارح بفكره متجه لغرفته عندما سمع صوت ابنه وليد يخرجه من دوامة أفكاره
" أبي ,, أبي "
استدار زين لمصدر الصوت ليرى ابنه ينظر إليه بحزن
" ماذا يا حبيبي "
" أين كنت ألم تخبرني أننا سنتناول الغداء معاً "
وضع زين يده على جبينه غاضباً من نفسه
" أوووه ياالهي لقد نسيت ياوليد , أنا آسف يا صغيري "
نظر وليد إلى والده بحزن " لا بأس يا أبي فأنا لم أتناول الغداء بعد "
اقترب زين من ابنه واحتضنه بحزن فقد أنبه ضميره ثم قال
" بني أنا آسف لقد انشغلت قليلاً , هل سامحتني "
نظر وليد بحزن لأباه ثم قال " بالطبع يا أبي "
ابتسم زين ثم قال " وليد هل تحب أباك "
فابتسم وليد وهو يقول" بالطبع يا أبي أنا أحبك "
عندها ضم زين وليد وهمس في اذنه
" وأنا أيضاً يا وليد أحبك كثيراً "
ثم ذهب كلاهما ليتناولا الغداء وأثناء ذلك أخذ زين يخبروليد بقصص ومغامرات كان يقوم بها عندما كان طفل وفجأة قطع وليد
حديث والده سائلا إياه ...
" أبي هل أخبرتني متى تعرفت على والدتي "
" ماذا "
" متى قابلت امي اول مرة "
" اول مرة قابلت والدتك كانت في مثل عمرك كانت صغيرة جداً "
" هل كانت أمي جميلة يا أبي "
نظر زين إلى وليد متعجب من أسئلة ابنه
" نعم "
" أبي هل أعجبت باأمي عندما كانت صغيرة وقررت أن تتزوجها منذ ذلك الوقت "
ابتسم زين متعجباً من السؤال
" في الحقيقة يا بني أنا كنت وقتها مازلت صغيراً على التفكير في الزواج "
" اذن أنت لم تحب امي "
نظر زين لوليد وهو يشعر بحرج فقد احتار كيف يجيب ابنه
" بل أحببتها ياوليد لكننا آنذاك كنا مجرد طفلين نلعب ونلهو معاً فقط "
" هل تقصد يا أبي أنك لم تفكر وقتها بأن تتزوجها "
نظر زين إلى وليد وأسئلته وشعر بأن وراء اسئلته الغريبة شيئاً ما
" لا "
" لما يا أبي "
" لأننا كنا مجرد طفلين والأطفال لا يتزوجون "
" لماذا يا أبي الأطفال لا يتزوجون "
احتار زين في كيفية اجابة ابنه عن سؤال مثل هذا
" وليد صغيري حتى يتزوج الرجل يجب يكون لديه عمل وذلك ليستطيع أن يشتري حاجيات منزله أما المرأة فيجب أن تكون تعرف تطبخ وتنظف وتعمل كل شيء داخل المنزل لهذا لا يتزوجون الأطفال "
" لماذا يا أبي لم تحضر خادمة "
عندها نظر زين إلى وليد وقال وهو يفكر مبتسماً في مغزى هذه الأسئلة
" حقيقة هو حل لم نفكر فيه وقتها "
" ابي "
" ماذا "
" لديّ ما أخبرك به لكن لا أريدك أن تغضب مني "
" أنت تعلم أنني لن أغضب منك لأننا اتفقنا أن نصبح أصدقاء أليس كذلك "
" بالطبع "
" حسناً ماذا لديك لتخبرني به "
" أريد أن أتزوج "
" نعم "
" أنا قررت أن أتزوج فأنت تزوجت برولا ووالدتي تزوجت بفارس وأنا قررت أن أتزوج أيضاً"
" معك حق في ذلك "
" فلقد سمعت جدي مرة يقول لعمي سامر أن الرجل لا يستطيع أن يعيش دون امرأة فعندما يكون الرجل صغيراً تهتم به
والدته أما عندما يكبر فيجب عليه أن تتزوج لتهتم به زوجته "
" وأنت لم تفهم سوى أنه يجب عليك أن تتزوج "
" بالطبع يا أبي فأنا ليس لديّ الأن امي لتهتم بي لهذا قررت أن أتزوج "
" تقصد إما أن أعيد أمك أو أزوجك "
" نعم "
" وبكل ثقة "
" أبي هل يعني هذا أنك وافقت "
ضحك زين ثم قال " دعني أفكر في الأمر ومن ثم سأخبرك جوابي , لكن بالمناسبة من هي الفتاة التي تريد أن تتزوج بها "
" ابنت عمي أحمد "
" ماذا ,,, من منهن "
" رنا "
" ولما تريد أن تتزوجها يا وليد "
" لأني مللت من البقاء وحدي ولأنها لطيفة معي "
ابتسم زين " حسناً سأطلب يدها لك لكن ليس قبل أن تنهي دراستك الجامعية وتتوظف وتصبح بطولي أو أطول مني قليلاً "
" أبي هذا ظلم "
" ظلم "
" نعم فأنت عندما تزوجت أمي كنت حينها أنهيت الثانوية فقط فلما أنا يجب عليّ أن أنهي الجامعه"
" لأن الزمن يتغير "
" ماذا تعني بذالك "
" أعني أن ابنت عمك مازالت طفلة وأنت أيضاً مازلت صغيراً على الزواج , وأنا أرى أنه من الأفضل أن تركز على دراستك بدلاً
من هذه الأفكار ياوليد "
" لقد توقعت هذا فأنت وأمي لا تفكران بي "
" من الذي قال ذلك ياوليد ,, كل ما في الأمر أننا نمر ببعض المشاكل التي شغلتنا عنك قليلاً "
" وهل لي أن أعرف متى ستنتهي مشاكلكما "
صمت زين بحزن فوليد بالتأكيد متألم ويشعر بوحدة فهو يعرف هذا الشعور جيداً , لكن ما أحزنه أكثر أنه هو من أوصل ابنه لهذا
فمنذ سنة كان يعيشوا سوياً مثل أي عائلة أخرى , لكن بسبب أنانيته وتفكيره في نفسه أخذ ينتقم من رهف متجاهلاً ابنه واثر هذه المشاكل على نفسيته
" أنا آسف يا وليد لكن صدقني أنني سأحاول أن أنهي جميع المشاكل التي تشغلني عنك,,أعدك "
........
" وليد سأذهب لأرتاح قليلاً وأنت اذهب وادرس حتى تنام مبكراً ,, حسناً "
" حسناً يا ابي "
ثم نهض زين وهو منزعج من نفسه ..
............................
في نهاية الأسبوع ...
قرر وليد أن يقوم هو ووالده بزيارة جدته في نهاية الاسبوع فوافق زين على ذلك وقررا أن تكون مفاجأة لها..
............
" مرحباً امي "
" زين الدين بنيّ ,, ماهذه المفاجأة الرائعة ,, لم أتوقع قدومكما "
" لما ألستي سعيدة بقدومنا ام ماذا "
" ماذا لست سعيدة هل يعقل ذلك ابني الغالي يزورني ولا أكون سعيدة ,, الله يسامحك "
" كنت امازحك ياامي لا تغضبي مني "
" مستحيل أن أغضب منك يازين الدين "
" لماذا "
" لأني أمك وسأغفر لك كل أخطائك لأراك سعيداً فقط يا بني "
ابتسم زين بحزن ثم قال
" لقد حرمت منك عندما كنت طفل أما الآن فأنا من يحرم نفسه منك فمشاغلي واهتمامي بوليد يأخذ كل وقتي "
" ولماذا يابني لا تأتي وتسكن أنت ووليد معي هنا سأرعاك وأضعك في عيني أنت ووليد "
" لن ينفع يا أمي أنت تعرفين ذلك "
" ما هو الذي لا ينفع ألست ابني "
" نعم ابنك ولكن زوجك ماذا عنه "
" ان عمك طيب ولن ينزعج ان سكنت معنا حتى اخوتك سيفرحون "
ابتسم زين وهو يقول " امي ان من يجلس امامك رجل وليس طفل "
" أنت في نظري مازلت ابني الصغير ولن تكبر ابدا "
عندها أخذ زين يد والدته وقبلها بحرارة فطبعت امه قبلة حانية ع جبينه ثم مسحت على شعره بحنان عندها قاطعهما وليد
" جدتي وأنا هل تحبينني مثل والدي "
" بل أكثر منه "
" هل تغار يا وليد من أن والدتي تحبني أكثر منك "
" لا لأن جدتي أخبرتني يوماً أنني أحب شخص إليها "
" هل حقاً ياامي اخبرتيه بذلك "
" نعم ذلك صحيح فوليد احب شخص إليّ "
" وأنا ألست ابنك "
" بلى لكن وليد أحبه أكثر من الجميع "
" هل رأيت يا أبي "
ابتسم كلا من زين ووالدته ثم قال زين
" امي أين البقية "
" انهم في غرفهم كلاً منهم مشغول بشيئاً ما وأنا يتركونني طيلة النهار وحيدة "
"وليد ما رأيك أن تذهب وتنادي على الجميع "
" حسناً يا أبي "
تبادل زين ووالدته النظرات ثم قالت والدته " أرى أن بداخلك أمراً ما "
ابتسم زين بحزن ثم تنهد وقال
" اريد أن استشيرك يا أمي في أمراً ما لأنني لم أعد أنام بسبب كثرة التفكير به "
اقتربت منه والدته وسألته بقلق " ما هو الذي يشغل تفكيرك "
نظر زين إلى والدته " لا أعرف من أين أبدء "
" انا اسمعك "
" انا متعب يا امي وأشعر بارهاق وضغط نفسي كبير "
" وما سبب هذا كله "
اخفض زين عينيه خجلاً من والدته فكيف سيخبرها ما بداخله تجاه رهف
" هل الأمر متعلق برهف "
رفع زين عينيه لينظر إلى والدته التي اقتربت منه اكثر فهز رأسه موافقاً ع استنتاجها
" تحدث يا بني فأنا مصغية "
" انتي بالتأكيد تعرفين أنني متزوج بابنت رئيس الوزراء لكن لا أحد يعرف أنني تزوجتها لأغيظ بها رهف وعائلتها "
" حسناً "
" أنا يا امي دمرت حياتي وحياة رهف ووليد بيدي أنا حرمت رهف وحرمت نفسي من السعادة وحرمت وليد من الاستقرار "
" الجميع يخطيئون "
" لكن ليس مثل خطأي يا امي لقد تحملت رهف كل ذلك لكنني ضغطت عليها كثير بعنادي وغبائي ياأمي إلى أن انفجر
الوضع ولم أعد استطيع أن أسيطر عليه وفي أخر الأمر طلقتها وياليتني لم أفعلها فقد كانت أكبر غلطت في حياتي كلها وها أنا أعض أصابعي ندماً على ذلك "
" والآن هي ستتزوج يا زين الدين فما الفائدة من أن تعيش في الماضي خطط لمستقبلك "
" لا استطيع يا امي "
" لماذا يايني لديك وليد ورولا تستطيع أن تكون اسرة بهما "
" لا استطيع يا امي فأنا عالق في الماضي "
" زين الدين يجب أن تعرف أن ذلك كان فصل من حياتك وانتهى مهما كان السبب لكنه انتهى"
..........
صمت زين قليلاً ثم قال
" يا امي أنا قررت أن أعيد وليد ليعيش مع والدته وسأطلق رولا وسأسافر من جديد فخلال هذا الشهر سينتهي عقدي مع
النادي "
" انت ترى ان افضل حل ان تترك ابنك الوحيد عائلتك وتهاجر ,, لماذا "
" لأنه الحل الأفضل في نظري فوليد مازال يحتاج لوالدته "
" ونحن عائلتك ألا ترى أننا بحاجتك هل يعقل أنك ستتركني بعد أن وجدتك يا زين "
" بالطبع لا يا امي سازورك بالطبع "
قالت والدته من بين دموعها " لا أنت تكذب يا زين لن تعود أنا اعرف ذلك "
نظر زين إلى والدته ثم ضمها وقال " بل سأعود من أجلك يا أمي "
...........................
بعد يومان ..
جلسة والدة زين في غرفتها وحيدة غارقة في أفكارها التي لم تفارقها منذ اللحظة التي أخبرها زين عن قراره فلم يغمض لها
جفن من حينها , تفكر في زين الذي قرر الهجرة مرة أخرى وتركها بعد أن أعادته إلى حضنها مرة أخرى .
فكرت في رهف وفي كيفية اعادتها لإبنها فهي عرفت منه أنها سبب تعاسته لهذا يجب أن تجد حل لتعيد له سعادته حتى يبقى قريباً منها , ففكرت أن أفضل حل هو أن تذهب لتزور رهف.
فنهضت من مكانه لتضع حجابها ومن ثم أخذت حقيبتها من على الطاولة وخرجت من غرفتها متجهة لدار الأزياء الخاص برهف ..
.....................
مكتب رهف ....
طرقت والدة زين باب مكتب رهف ومن ثم دخلت
" السلام عليكم "
فنظرت رهف التي تفاجأت بوالدة زين " وعليكم السلام عمتي "
" نعم عمتك لقد قولت بما انك لا تسألين عليّ أسائل عليكي "
نهضت رهف من كرسيها وذهبت لتسلم على والدة زين خجلة من تقصيرها عن السؤال عنها
" أنا آسفه يا عمتي ,, لكن العمل شاغلني عن كل الناس فلا تغضبي ان قصرت معك "
احتضنتها والدة زين ثم قالت
" أنا لست غاضبة منك لكنني أعاتبك لأني أحبك يا رهف "
" أنا أيضاً يا عمتي أحبك ولهذا يزعجني عتابك ,, آآه لقد نسيت ماذا تشربين "
جلست والدة زين على احدى الآرائك وجلست رهف مقابلاً لها
" لالا داعي فأنا لن أطيل البقاء "
" لا لن أتركك تغادرين قبل أن نتغداء معاً ,, هيا فلتنهضي "
" إلى أين "
" تعالي فقط "
خرجت رهف ووالدة زين من دارها للازياء حتى وصلتا لجوار سيارة رهف قالت والدة زين
" رهف يا ابنتي انا لا أريد أن أشغلك عن عملك "
ابتسمت رهف لها " تشغلينني ,, هيا اصعدي "
فابتسمت والدة زين ابتسامة جميلة ثم صعدة وبينما رهف تقود قالت
" اتعرفين لقد عرفت من أين أخذ وليد وسامته ,,, انه منكِ "
أرادة والدة زين أن تستغل هذا الموضوع لتجس نبض رهف
" بل من أباه فوليد لا يختلف كثيراً عن زين الدين عندما كان طفلاً "
لقد شعرت رهف بحرج بمجرد ذكر اسم زين الدين " آآه "
" أما أنك لم تلاحظين ذلك "
" بلى "
تظاهرت والدة زين بالإحراج " أنا آسفه ان كان يزعجك الحديث عن زين الدين "
" لا بأس يا عمتي "
وصلتا للمطعم الذي زارته رهف برفقة سمية وجلست برفقة والدة زين على الشرفة
قالت والدة زين وهي تتأمل المكان " ياالهي ما هذا المكان الرائع "
ابتسمت رهف وقالت بكل ثقة " لقد عرفت أنه سيعجبك "
" ومن يعقل لا يعجبه مثل هذا المكان "
" الحمدلله انه اعجبك "
ثم اخذت رهف قائمة الطعام
" عمتي ماذا ستطلبين "
" أنا لا أريد شيء "
" عمتي هل يعقل أن أتناول الغداء وحدي "
" حسناً اطلبي لنا ما يعجبك "
" أخاف أن لا يعجبك ذوقي "
" هل يعقل ذلك "
فطلبت رهف لهن ماكولات بحرية
" لقد توفقت في الاختيار "
" بالطبع فوليد وزين يحبان ذلك وبالتأكيد أنتِ أيضاً مثلهما "
لقد لاحظت والدة زين كيف زلت رهف بذكر مايحبه زين وذلك يدل على أنه مازال موجود في ذاكرتها ولم تنساه بعد
" هل الطلاق صعب "
نظرت رهف إلى عمتها وقد صدمت من السؤال فالحقيقة أنها ما كانت تتوقعه أبداً
" دائما يكون الطلاق صعباً في بادئ الأمر وها قد مرت سنه عليه اعتقد أنه لم يعد صعباً "
" هل أنتِ سعيدة مع زوجك الحالي "
تظاهرت رهف بالسعادة " نعم الحمدلله "
" انتِ تستحقين كل السعادة "
" شكرا "
وهنا قطع حديثهما وصول المقبلات
" اعذريني ياابنتي أنا لا أريد أن أتدخل في حياتك لكن لديّ ما أقوله لك وصدقيني أنا لا أقف في صف أحد "
انزلت رهف عينيها وهي تقول محرجة
" عمتي أرجوكِ ان كان الموضوع متعلق بزين فلا تفتحيه أرجوكي فتلك الصفحة طويتها "
" لما يا ابنتي لا تسمعين ما سأخبرك به وإن لم يعجبك فهو مجرد حديث "
......
تبادلتا النظرات فاستغلت والدة زين صمت رهف وقالت
" يا ابنتي انت تعلمين أنني منذ سنه لم اتدخل في أي شيء حدث بينك وبين ابني لكن هذه المره أتيت لأنني رأيت الندم
والآسف في عينيّ زين لقد سمعت اليأس في صوته حالته كل يوم تسوء وتصبح أسوء منذ قبل "
صمتت والدة زين لتراقب ردة فعل رهف ثم اكملت
" رهف انت بمثابة ابنتي وانت تعرفين ذلك لهذا اتيت إليك لأني لا أريدك أن تتدمرين حياتك وحياة ابنك , ولو أنني لم أرى زين
الدين بعينيّ يعض اصابعه ندماً على اضاعتك ويشكو حاله وتعب قلبه لم أكن لأتي وأتدخل بينكم لكن ما أجبرني على القدوم هو وليد فهو ضحيتكما "
" عمتي اتريدينني ان اعود الى شخص ارخص بي وتزوج عليّ ليهينني واخذ ابني مني وكان يفعل اشياء اخرى لا اعرف كيف
اقولها عمتي زين اذاني بشدة "
" مع ذلك أعطيها فرصة أخيرة من أجل وليد "
" لقد أعطيته بدل الفرصة عشرة "
" آآآه ,, هل افهم من هذا انك تكرهينه "
" بالطبع "
" بالطبع ماذا "
" بالطبع اكرهه "
نظرت والدة زين اليها ثم قالت
" اذن لا فائدة من قول المزيد "
" أنا آسفه يا عمتي لكن الموضوع بالنسبة ليّ منتهي "
نظرت والدة رهف اليها ولم تعد تعرف ماتقوله ففضلت ان تصمت , فانهتا غدائهما وهن يتحدثان في اشياء لا تربطها بالموضوع
السابق بتاتاً
" عمتي سأذهب لأغسل يديّ "
" حسناً "
اثناء ذلك اتصلت والدة زين به
" اين أنت "
" لما "
" لتأتي تأخذني "
" أين أنتي "
" في مطعم أمواج هل عرفته "
" بالطبع يا امي "
" هل وليد معك "
" نعم فقد كان معيّ أثناء التدريب "
" حسناً تعال سريعاً "
" حسناً ياامي فقط ربع ساعة وسأكون عندك "
أثناء هذا اخذت والدة زين مفتاح سيارة رهف من حقيبتها وخبئته
........
عادت رهف من الحمام ثم قالت
" هل نحتسي الشاهي ام نغادر "
" دعينا نحتسي الشاهي ثم نغادر ,, مارأيك "
" حسناً "
بعد ان احتستا الشاهي واكلتا بعض الحلوى طلبت رهف من عمتها الذهاب لكن عمتها رفضت
" اذهبي انتي أنا منتظرة السائق ليأتيني "
" لا حاجة لذلك فأنا سأوصلك "
" لالا داعي لذلك اذهبي "
بعد أن اصرت والدة زين على بقائها لم يكن في يد رهف سوى الذهاب لعملها لكنها ما أن وصلت لسيارتها حتى تفاجأت انها
لم تجد مفتاح سيارتها وبعد ان بحثت في حقيبتها جيداً همست لنفسها
" اعتقد انني اسقطته في المطعم "
فعادت ادراجها لمكان الطاولة لكنها ما أن دخلت حتى تواجهت وجها لوجه مع زين الدين ووليد الذي افلت يد والده وجرى
سريعاً ليرتمي في حضن والدته التي لا إرادياً ضمته بقوة لصدرها فقد اشتاقت لصغيرها اشتاقت لرائحته لأنفاسه وليديه الصغيرتين التي تضمانها دائماً
" امي انا احبك "
" انا ايضاً ياوليد "
شعرت رهف بتساقط دموعها حارة على وجنتها وشعرت بألم في حنجرتها بسبب محاولاتها للتجلد والتماسك للأتنهار باكية
وتبدوا ضعيفة أمام زين وفجأة سمعت صوت والدة زين وهي تقول
" رهف ياابنتي يكفي ذلك انهضي "
نهضت رهف وهي تمسح دموعها لتلتقي عينيها بعيني زين لقد شعرت لأول مرة بحزناً في عينيه ولأول مرة تلاحظ وجهه لقد
كان يبدوا عليه المرض والارهاق لقد نحل قليلاً أو ربما لحيته التي اطلق العنان لها هي من تظهره نحيلاً قليلاً .
فجأة شعرت بيد والدة زين تجر يدها لتجلسها على الكرسي الذي بجوارها فجلسوا أربعتهم حول الطاول صامتين فكرت والدة زين انه من الأفضل لو تترك كلاً منرهف وزين وحدهما لعلهما يتحدثان قليلاً
" وليد مارايك ان نذهب ونلعب بالرمال قليلاً "
" حسناً يا جدتي لكني اخاف امي تذهب "
ضمته رهف وقبلته وقالت " لن اذهب قبل أن أودعك ,,حسناً "
فنهض وليد مع جدته وذهبا فظل زين صامتا خافضاً عينيه فقد احرج من مافعلته والدته فهو لا يحب هذا التصرف
قالت رهف بغضب " هذا تخطيطك اليس كذلك "
رفع زين عينيه وقال متظاهراً البرود " هل تحاولين أن تستفزينني "
" هل انا محقة "
نظر اليها ولم يجيبها فقد فضل ان يصمت
عندها فكرت رهف أن تغيضه قليلاً
" ألن تبارك ليّ "
اعتدل زين في جلسته واحتدت نظراته فجأة
" على ماذا تريدينني أن أبارك لك "
فقالت بسعادة لتغيظه أكثر " بالطبع على ... "
فجأة شعرت بغضبه وهو يهددها " إياك أن تكملي "
فضحكت ساخرة منه " لما "
فقال بصوت غضب " ماذا الا تخجلين من نفسك على ماذا تريدينني أن أبارك لك ,, يالك من وقحة "
ردت عليه وهي متظاهرة بالغباء " ماالوقاحة في الموضوع "
" اسمعي يارهف ان كنت تحاولين أن تستفزينني أو تجعلينني افقد اعصابي فكدتي تنالي مرادك لكن لن يكون ذلك في
صالحك "
تظاهرة رهف بأنها غاضبة هي الأخرى
" لم اكن أعرف أن تكرهني وتحقد عليّ لهذه الدرجه "
" أنا لا اكرهكِ وأنتِ تعرفين ذلك "
" كاذب والدليل هذا فما الوقاحة فأن تبارك ليّ في .. "
قاطعها زين بكل حدة وغضب
" لقد قولت لكِ اصمتِ ألا تفهمين لما لا تغلقين الموضوع "
" أي موضوع وأنت لم تتركني اكمل مااريد أن اخبرك به "
" وانا لا اريد أن اسمع شيء منك "
عندها نهضت رهف وهي تتظاهر بالانزعاج فتذكرت حينها أنا نست ان تبحث عن مفاتيحها فانحنت لتبحث تحت الطاولة
فعقد حاجبيه وهو يسألها " عن ماذا تبحثين "
" عن مفتاح سيارتي "
" هل وجدتيه "
نظرت إليه منزعجة " وهل كنت سأبحث عنه إن وجدته "
ثم أخذت تكمل البحث حول الطاول
تركها زين تبحث قليلاً ثم قال ليغظها
" هل تقصدين هذا "
رفعت رأسها لتنظر إلى زين الذي كان يلوح لها بالمفتاح وشبه ابتسامة على شفتيه
" لماذا لم تتحدث من قبل أأأأوووووف ,, ثقيل دم "
" ثقيل دم ؟؟ هذا جزاتي انني وجدته "
نظرت اليه بغضب ثم اخذت المفتاح من يده لكنه امسك بيديها
" ماذا تفعل "
" لم تشكرينني "
" وأنت لم تبارك ليّ "
عندها نظر إليها بغضب وضغط على يدها حتى آلمها
" زين اترك يدي ستحطمها "
فترك يدها ومازلت نظرته كما هي عندها نهضت رهف وحملت حقيبتها وما ان سارت خطواتين حتى استدارت اليه فوجدته
مازال يراقبها فابتسمت وقالت
" على فكرة الموضوع ومافيه أنني سأفتتح معرضين لعرض أزيائي بعد خمسة أيام "
نظر اليها زين بكل غضب وقد هم بالنهوض فهو لا يريد أن يسمع منها أي شيء عن زواجها فنيران الغيرة تحرقه كل لحظه ولا يريد أن تزيد لهيبها بسماعه عن مدى سعادتها أو انتظارها لأن يبارك لها فهو لا يستطيع أن يتحمل ذلك .
لكنه فجأة تلون وجهه بمئة لون فقد خجل من نفسه وهو ينظر إلى رهف التي ابتسمت له بسعادة ومكر فقد اسعدها ما اصابه من نيران الغيرة ..
" الى اللقاء "
ثم ذهبت رهف دون أن تنتظر جواب من زين وأخذت تسير إلى سيارتها وهي تشعر بالسعادة تملؤها لكن ما أن وضعت المفتاح حتى تذكرت وليد لقد وعدته بأن تودعه , عندها سارت إلى المنتزه الذي بجوار المطعم لتجد وليد يسير بسعادة ممسكاً يد جدته وهما يتحدثان فابتسمت رهف وهي تسير نحوهما
صرخت رهف وهي تلوح بيدها " وليد "
فجرى وليد إلى امه
" امي "
وماان وصل إليها حتى ارتمى في حضنها
" وليد "
" نعم ياامي "
" لما لا تأتي معي اليوم "
" حسناً ياامي "
ثم افلتها وقال " امي انتظرينني سأذهب وأستئذن ابي ,, حسناً "
" حسناً ياصغيري "
فتبادلا الابتسام هو ووالدته ثم اخذ يجري إلى والده الذي كان يراقبهم من المطعم , وأثناء ذلك وقفت والدة زين أمام رهف ثم
قالت
" اعتذر ياابنتي ان ضايقتك لكنني اتصلت على زين لنتقابل هنا مع وليد بما انك ستغادرين ,, ولم أكن اعلم أنكِ ستعودين "
فابتسمت رهف لها " لا بأس يا عمتي , لكنني لم اجد مفتاح سيارتي لهذا عدت "
" وهل وجدتيه الآن "
" نعم "
" الحمدلله "
سارت رهف ووالدة زين عائدتاً إلى المطعم حتى وصلتا إلى مواقف السيارات فوجدتا وليد ووالده يتحدثان ويبدوا على وليد
السعادة فشعرت رهف بغيرة من زين .
نظر زين إلى كلاً من والدته ورهف ثم قال " أمي هيا لأوصلك "
" حسناً بنيّ ,, إلى اللقاء يارهف "
أخذ زين يراقب رهف وهي تودع والدته فهذه المرة الأولى التي يجتمعوا معاً هو ووالدته ووليد ورهف حينها شعر بالآسف أكثر
من قبل
" إلى اللقاء ياعمتي ,, هيا وليد لنذهب "
" حسناً ياأمي ,, إلى اللقاء ياأبي ,, إلى اللقاء ياجدتي "
" إلى اللقاء ياوليد "
ذهب كلاً منهم إلى سيارته وماان صعدت رهف سيارتها حتى اخذت تراقب زين وهو يجد صعوبة في اخراج سيارته من
الموقف وما أن انتهى من ذلك ارادت ان تلقنه درساً أخر فقامت بإخراج سيارتها من الموقف باحترافية اخجلت بها زين الذي لاحة عليه شبه ابتسامة على وجهه فقد فهم ما عنته رهف , ثم انطلقت بسيارتها واخذت طريق غير طريقه لتختفي من أمامه فشعر وقتها بشوق لها إن هذا الشعور من أصعب ما يمر به أي شخصاً منا .
...........................
بعد ساعة من ماحدث ..
" فارس أنا آسفه لكن أقسم لك أنني لم أكن أعلم بقدومه "
نظرت رهف إلى فارس ورأفت بحالته فهو بالتأكيد يشعر بالحرج منها بسبب مافعله زين به أمامها
" رهف أنا لا أريد أن أرى هذا الحقير يحوم مرة أخرى حولك "
" أنا أيضاً مللت من افهامه ذلك , فما العمل "
" اتركِ هذا الأمر عليّ "
نظرت رهف إلى فارس وهو يتوعد زين فخافت من ما قد يعمله فارس فهو ان لم يكن بقوة زين الجسدية فبالتأكيد يستطيع أن يؤذيه بطريقة أخرى .
أرادت رهف أن تغير الموضوع لكنها لم تعرف ما تقوله فظلا صامتين كلاً غارق في عالمه حتى نهض فجأة فارس وقال دون أن ينظر إلى رهف
" رهف أنا سأغادر "
" لا أرجوك ابقى قليلاً على الأقل دعنا نأكل بعضاً من الحلو "
" مرة اخرى ,, احتفلي اليوم أنتي وصديقاتك وسأعوضك عن هذا في يوماً أخر "
" حسناً ,, على فكرة ,, شكراً على المفاجأة اللطيفة هذه "
نظر إليها فارس ويبدوا أنه نسي لما أتى ثم همهم
" آآآه "
لم يكن فارس في مزاج ليرد عليها أو حتى ليغير الموضوع ثم قال
" رهف يجب أن أغادر الآن "
" فارس هل أستطيع أن أعرف أين ستذهب "
" لديّ عمل يجب أن أقوم به "
" ألا تستطيع أن تؤجله "
" لا لا أستطيع "
" حسناً إلى اللقاء "
" إلى اللقاء "
خرج فارس وهو يضمر الشر لزين وهذا ما رأته رهف في عينيه إنها متأكدة بأن فارس لن يترك زين لحال سبيله وهذا ما كانت تخاف منه وهو أن يصيب زين مكروه ما ..
نهضت رهف لترتب مكتبها الذي بعثر أغراضه زين وقلب كراسيه وبالها مشغول بما يفكر فيه فارس , وبينما هي ترتب مكتبها رأت الهدايا التي أحضرها فارس لها فجلست على احدى الكراسي لتفتح علبة سوداء مخملية لتجد داخلها عقد جميل وقرطين في منتصفهم 3ماسات كبيرات ذو لونا أخضر , في الحقيقة ان العقد ابهرها بجماله واتقان صنعه فقد كان في غاية الروعه , فجأة شعرت رهف بضيق وانزعاج فأغلقت الصندوق وارجعته لمكانه فهي ستعيده بالتأكيد عندما تنتهي هذه المهزلة .
نهضت رهف من مكانها في الحقيقة أن ما أزعجها انها كانت تتمنى لو أن هذه الهدية من زين لكانت أجمل بالنسبة لها .
مايزعجها بحق أن زين يلاحقها منذ عدة أشهر محاولاً أن يعيدها لكنها بالرغم من ذلك لا تشعر بأن ذلك نابعاً من قلبه بل تشعر أنه يريد أن يرجع يتملكها من جديد فقط كأنه يريد وضع لافتتاً عليها أملاك خاصة , وهذا مالا تريده وهو أن تكون جزء من ملكيته فقد مضى ذلك الزمان الذي كانت مستعدة أن تكون أي شيء في حياة زين لتكون بالقرب منه فقط, أما الآن فما تريده منه تغير فقد نضجت وأصبح لديها متطلبات اخرى , تريده أيضاً أن يعرف أنه بدونها لا يستطيع أن يعيش وأنه قد يفقدها إذ استخف بها .
...........................
عاد زين للمنزل وهو يشعر بغضب من نفسه ومن رهف ومن كل شيء تقريباً فأخذ يسير وهو سارح بفكره متجه لغرفته عندما سمع صوت ابنه وليد يخرجه من دوامة أفكاره
" أبي ,, أبي "
استدار زين لمصدر الصوت ليرى ابنه ينظر إليه بحزن
" ماذا يا حبيبي "
" أين كنت ألم تخبرني أننا سنتناول الغداء معاً "
وضع زين يده على جبينه غاضباً من نفسه
" أوووه ياالهي لقد نسيت ياوليد , أنا آسف يا صغيري "
نظر وليد إلى والده بحزن " لا بأس يا أبي فأنا لم أتناول الغداء بعد "
اقترب زين من ابنه واحتضنه بحزن فقد أنبه ضميره ثم قال
" بني أنا آسف لقد انشغلت قليلاً , هل سامحتني "
نظر وليد بحزن لأباه ثم قال " بالطبع يا أبي "
ابتسم زين ثم قال " وليد هل تحب أباك "
فابتسم وليد وهو يقول" بالطبع يا أبي أنا أحبك "
عندها ضم زين وليد وهمس في اذنه
" وأنا أيضاً يا وليد أحبك كثيراً "
ثم ذهب كلاهما ليتناولا الغداء وأثناء ذلك أخذ زين يخبروليد بقصص ومغامرات كان يقوم بها عندما كان طفل وفجأة قطع وليد حديث والده سائلا إياه ...
" أبي هل أخبرتني متى تعرفت على والدتي "
" ماذا "
" متى قابلت امي اول مرة "
" اول مرة قابلت والدتك كانت في مثل عمرك كانت صغيرة جداً "
" هل كانت أمي جميلة يا أبي "
نظر زين إلى وليد متعجب من أسئلة ابنه
" نعم "
" أبي هل أعجبت باأمي عندما كانت صغيرة وقررت أن تتزوجها منذ ذلك الوقت "
ابتسم زين متعجباً من السؤال
" في الحقيقة يا بني أنا كنت وقتها مازلت صغيراً على التفكير في الزواج "
" اذن أنت لم تحب امي "
نظر زين لوليد وهو يشعر بحرج فقد احتار كيف يجيب ابنه
" بل أحببتها ياوليد لكننا آنذاك كنا مجرد طفلين نلعب ونلهو معاً فقط "
" هل تقصد يا أبي أنك لم تفكر وقتها بأن تتزوجها "
نظر زين إلى وليد وأسئلته وشعر بأن وراء اسئلته الغريبة شيئاً ما
" لا "
" لما يا أبي "
" لأننا كنا مجرد طفلين والأطفال لا يتزوجون "
" لماذا يا أبي الأطفال لا يتزوجون "
احتار زين في كيفية اجابة ابنه عن سؤال مثل هذا
" وليد صغيري حتى يتزوج الرجل يجب يكون لديه عمل وذلك ليستطيع أن يشتري حاجيات منزله أما المرأة فيجب أن تكون تعرف تطبخ وتنظف وتعمل كل شيء داخل المنزل لهذا لا يتزوجون الأطفال "
" لماذا يا أبي لم تحضر خادمة "
عندها نظر زين إلى وليد وقال وهو يفكر مبتسماً في مغزى هذه الأسئلة
" حقيقة هو حل لم نفكر فيه وقتها "
" ابي "
" ماذا "
" لديّ ما أخبرك به لكن لا أريدك أن تغضب مني "
" أنت تعلم أنني لن أغضب منك لأننا اتفقنا أن نصبح أصدقاء أليس كذلك "
" بالطبع "
" حسناً ماذا لديك لتخبرني به "
" أريد أن أتزوج "
" نعم "
" أنا قررت أن أتزوج فأنت تزوجت برولا ووالدتي تزوجت بفارس وأنا قررت أن أتزوج أيضاً"
" معك حق في ذلك "
" فلقد سمعت جدي مرة يقول لعمي سامر أن الرجل لا يستطيع أن يعيش دون امرأة فعندما يكون الرجل صغيراً تهتم به والدته أما عندما يكبر فيجب عليه أن تتزوج لتهتم به زوجته "
" وأنت لم تفهم سوى أنه يجب عليك أن تتزوج "
" بالطبع يا أبي فأنا ليس لديّ الأن امي لتهتم بي لهذا قررت أن أتزوج "
" تقصد إما أن أعيد أمك أو أزوجك "
" نعم "
" وبكل ثقة "
" أبي هل يعني هذا أنك وافقت "
ضحك زين ثم قال " دعني أفكر في الأمر ومن ثم سأخبرك جوابي , لكن بالمناسبة من هي الفتاة التي تريد أن تتزوج بها "
" ابنت عمي أحمد "
" ماذا ,,, من منهن "
" رنا "
" ولما تريد أن تتزوجها يا وليد "
" لأني مللت من البقاء وحدي ولأنها لطيفة معي "
ابتسم زين " حسناً سأطلب يدها لك لكن ليس قبل أن تنهي دراستك الجامعية وتتوظف وتصبح بطولي أو أطول مني قليلاً "
" أبي هذا ظلم "
" ظلم "
" نعم فأنت عندما تزوجت أمي كنت حينها أنهيت الثانوية فقط فلما أنا يجب عليّ أن أنهي الجامعه"
" لأن الزمن يتغير "
" ماذا تعني بذالك "
" أعني أن ابنت عمك مازالت طفلة وأنت أيضاً مازلت صغيراً على الزواج , وأنا أرى أنه من الأفضل أن تركز على دراستك بدلاً من هذه الأفكار ياوليد "
" لقد توقعت هذا فأنت وأمي لا تفكران بي "
" من الذي قال ذلك ياوليد ,, كل ما في الأمر أننا نمر ببعض المشاكل التي شغلتنا عنك قليلاً "
" وهل لي أن أعرف متى ستنتهي مشاكلكما "
صمت زين بحزن فوليد بالتأكيد متألم ويشعر بوحدة فهو يعرف هذا الشعور جيداً , لكن ما أحزنه أكثر أنه هو من أوصل ابنه لهذا فمنذ سنة كان يعيشوا سوياً مثل أي عائلة أخرى , لكن بسبب أنانيته وتفكيره في نفسه أخذ ينتقم من رهف متجاهلاً ابنه واثر هذه المشاكل على نفسيته
" أنا آسف يا وليد لكن صدقني أنني سأحاول أن أنهي جميع المشاكل التي تشغلني عنك,,أعدك "
........
" وليد سأذهب لأرتاح قليلاً وأنت اذهب وادرس حتى تنام مبكراً ,, حسناً "
" حسناً يا ابي "
ثم نهض زين وهو منزعج من نفسه ..
............................
في نهاية الأسبوع ...
قرر وليد أن يقوم هو ووالده بزيارة جدته في نهاية الاسبوع فوافق زين على ذلك وقررا أن تكون مفاجأة لها..
............
" مرحباً امي "
" زين الدين بنيّ ,, ماهذه المفاجأة الرائعة ,, لم أتوقع قدومكما "
" لما ألستي سعيدة بقدومنا ام ماذا "
" ماذا لست سعيدة هل يعقل ذلك ابني الغالي يزورني ولا أكون سعيدة ,, الله يسامحك "
" كنت امازحك ياامي لا تغضبي مني "
" مستحيل أن أغضب منك يازين الدين "
" لماذا "
" لأني أمك وسأغفر لك كل أخطائك لأراك سعيداً فقط يا بني "
ابتسم زين بحزن ثم قال
" لقد حرمت منك عندما كنت طفل أما الآن فأنا من يحرم نفسه منك فمشاغلي واهتمامي بوليد يأخذ كل وقتي "
" ولماذا يابني لا تأتي وتسكن أنت ووليد معي هنا سأرعاك وأضعك في عيني أنت ووليد "
" لن ينفع يا أمي أنت تعرفين ذلك "
" ما هو الذي لا ينفع ألست ابني "
" نعم ابنك ولكن زوجك ماذا عنه "
" ان عمك طيب ولن ينزعج ان سكنت معنا حتى اخوتك سيفرحون "
ابتسم زين وهو يقول " امي ان من يجلس امامك رجل وليس طفل "
" أنت في نظري مازلت ابني الصغير ولن تكبر ابدا "
عندها أخذ زين يد والدته وقبلها بحرارة فطبعت امه قبلة حانية ع جبينه ثم مسحت على شعره بحنان عندها قاطعهما وليد
" جدتي وأنا هل تحبينني مثل والدي "
" بل أكثر منه "
" هل تغار يا وليد من أن والدتي تحبني أكثر منك "
" لا لأن جدتي أخبرتني يوماً أنني أحب شخص إليها "
" هل حقاً ياامي اخبرتيه بذلك "
" نعم ذلك صحيح فوليد احب شخص إليّ "
" وأنا ألست ابنك "
" بلى لكن وليد أحبه أكثر من الجميع "
" هل رأيت يا أبي "
ابتسم كلا من زين ووالدته ثم قال زين
" امي أين البقية "
" انهم في غرفهم كلاً منهم مشغول بشيئاً ما وأنا يتركونني طيلة النهار وحيدة "
"وليد ما رأيك أن تذهب وتنادي على الجميع "
" حسناً يا أبي "
تبادل زين ووالدته النظرات ثم قالت والدته " أرى أن بداخلك أمراً ما "
ابتسم زين بحزن ثم تنهد وقال
" اريد أن استشيرك يا أمي في أمراً ما لأنني لم أعد أنام بسبب كثرة التفكير به "
اقتربت منه والدته وسألته بقلق " ما هو الذي يشغل تفكيرك "
نظر زين إلى والدته " لا أعرف من أين أبدء "
" انا اسمعك "
" انا متعب يا امي وأشعر بارهاق وضغط نفسي كبير "
" وما سبب هذا كله "
اخفض زين عينيه خجلاً من والدته فكيف سيخبرها ما بداخله تجاه رهف
" هل الأمر متعلق برهف "
رفع زين عينيه لينظر إلى والدته التي اقتربت منه اكثر فهز رأسه موافقاً ع استنتاجها
" تحدث يا بني فأنا مصغية "
" انتي بالتأكيد تعرفين أنني متزوج بابنت رئيس الوزراء لكن لا أحد يعرف أنني تزوجتها لأغيظ بها رهف وعائلتها "
" حسناً "
" أنا يا امي دمرت حياتي وحياة رهف ووليد بيدي أنا حرمت رهف وحرمت نفسي من السعادة وحرمت وليد من الاستقرار "
" الجميع يخطيئون "
" لكن ليس مثل خطأي يا امي لقد تحملت رهف كل ذلك لكنني ضغطت عليها كثير بعنادي وغبائي ياأمي إلى أن انفجر الوضع ولم أعد استطيع أن أسيطر عليه وفي أخر الأمر طلقتها وياليتني لم أفعلها فقد كانت أكبر غلطت في حياتي كلها وها أنا أعض أصابعي ندماً على ذلك "
" والآن هي ستتزوج يا زين الدين فما الفائدة من أن تعيش في الماضي خطط لمستقبلك "
" لا استطيع يا امي "
" لماذا يايني لديك وليد ورولا تستطيع أن تكون اسرة بهما "
" لا استطيع يا امي فأنا عالق في الماضي "
" زين الدين يجب أن تعرف أن ذلك كان فصل من حياتك وانتهى مهما كان السبب لكنه انتهى"
..........
صمت زين قليلاً ثم قال
" يا امي أنا قررت أن أعيد وليد ليعيش مع والدته وسأطلق رولا وسأسافر من جديد فخلال هذا الشهر سينتهي عقدي مع النادي "
" انت ترى ان افضل حل ان تترك ابنك الوحيد عائلتك وتهاجر ,, لماذا "
" لأنه الحل الأفضل في نظري فوليد مازال يحتاج لوالدته "
" ونحن عائلتك ألا ترى أننا بحاجتك هل يعقل أنك ستتركني بعد أن وجدتك يا زين "
" بالطبع لا يا امي سازورك بالطبع "
قالت والدته من بين دموعها " لا أنت تكذب يا زين لن تعود أنا اعرف ذلك "
نظر زين إلى والدته ثم ضمها وقال " بل سأعود من أجلك يا أمي "
...........................
بعد يومان ..
جلسة والدة زين في غرفتها وحيدة غارقة في أفكارها التي لم تفارقها منذ اللحظة التي أخبرها زين عن قراره فلم يغمض لها جفن من حينها , تفكر في زين الذي قرر الهجرة مرة أخرى وتركها بعد أن أعادته إلى حضنها مرة أخرى .
فكرت في رهف وفي كيفية اعادتها لإبنها فهي عرفت منه أنها سبب تعاسته لهذا يجب أن تجد حل لتعيد له سعادته حتى يبقى قريباً منها , ففكرت أن أفضل حل هو أن تذهب لتزور رهف.
فنهضت من مكانه لتضع حجابها ومن ثم أخذت حقيبتها من على الطاولة وخرجت من غرفتها متجهة لدار الأزياء الخاص برهف ..
.....................
مكتب رهف ....
طرقت والدة زين باب مكتب رهف ومن ثم دخلت
" السلام عليكم "
فنظرت رهف التي تفاجأت بوالدة زين " وعليكم السلام عمتي "
" نعم عمتك لقد قولت بما انك لا تسألين عليّ أسائل عليكي "
نهضت رهف من كرسيها وذهبت لتسلم على والدة زين خجلة من تقصيرها عن السؤال عنها
" أنا آسفه يا عمتي ,, لكن العمل شاغلني عن كل الناس فلا تغضبي ان قصرت معك "
احتضنتها والدة زين ثم قالت
" أنا لست غاضبة منك لكنني أعاتبك لأني أحبك يا رهف "
" أنا أيضاً يا عمتي أحبك ولهذا يزعجني عتابك ,, آآه لقد نسيت ماذا تشربين "
جلست والدة زين على احدى الآرائك وجلست رهف مقابلاً لها
" لالا داعي فأنا لن أطيل البقاء "
" لا لن أتركك تغادرين قبل أن نتغداء معاً ,, هيا فلتنهضي "
" إلى أين "
" تعالي فقط "
خرجت رهف ووالدة زين من دارها للازياء حتى وصلتا لجوار سيارة رهف قالت والدة زين
" رهف يا ابنتي انا لا أريد أن أشغلك عن عملك "
ابتسمت رهف لها " تشغلينني ,, هيا اصعدي "
فابتسمت والدة زين ابتسامة جميلة ثم صعدة وبينما رهف تقود قالت
" اتعرفين لقد عرفت من أين أخذ وليد وسامته ,,, انه منكِ "
أرادة والدة زين أن تستغل هذا الموضوع لتجس نبض رهف
" بل من أباه فوليد لا يختلف كثيراً عن زين الدين عندما كان طفلاً "
لقد شعرت رهف بحرج بمجرد ذكر اسم زين الدين " آآه "
" أما أنك لم تلاحظين ذلك "
" بلى "
تظاهرت والدة زين بالإحراج " أنا آسفه ان كان يزعجك الحديث عن زين الدين "
" لا بأس يا عمتي "
وصلتا للمطعم الذي زارته رهف برفقة سمية وجلست برفقة والدة زين على الشرفة
قالت والدة زين وهي تتأمل المكان " ياالهي ما هذا المكان الرائع "
ابتسمت رهف وقالت بكل ثقة " لقد عرفت أنه سيعجبك "
" ومن يعقل لا يعجبه مثل هذا المكان "
" الحمدلله انه اعجبك "
ثم اخذت رهف قائمة الطعام
" عمتي ماذا ستطلبين "
" أنا لا أريد شيء "
" عمتي هل يعقل أن أتناول الغداء وحدي "
" حسناً اطلبي لنا ما يعجبك "
" أخاف أن لا يعجبك ذوقي "
" هل يعقل ذلك "
فطلبت رهف لهن ماكولات بحرية
" لقد توفقت في الاختيار "
" بالطبع فوليد وزين يحبان ذلك وبالتأكيد أنتِ أيضاً مثلهما "
لقد لاحظت والدة زين كيف زلت رهف بذكر مايحبه زين وذلك يدل على أنه مازال موجود في ذاكرتها ولم تنساه بعد
" هل الطلاق صعب "
نظرت رهف إلى عمتها وقد صدمت من السؤال فالحقيقة أنها ما كانت تتوقعه أبداً
" دائما يكون الطلاق صعباً في بادئ الأمر وها قد مرت سنه عليه اعتقد أنه لم يعد صعباً "
" هل أنتِ سعيدة مع زوجك الحالي "
تظاهرت رهف بالسعادة " نعم الحمدلله "
" انتِ تستحقين كل السعادة "
" شكرا "
وهنا قطع حديثهما وصول المقبلات
" اعذريني ياابنتي أنا لا أريد أن أتدخل في حياتك لكن لديّ ما أقوله لك وصدقيني أنا لا أقف في صف أحد "
انزلت رهف عينيها وهي تقول محرجة
" عمتي أرجوكِ ان كان الموضوع متعلق بزين فلا تفتحيه أرجوكي فتلك الصفحة طويتها "
" لما يا ابنتي لا تسمعين ما سأخبرك به وإن لم يعجبك فهو مجرد حديث "
......
تبادلتا النظرات فاستغلت والدة زين صمت رهف وقالت
" يا ابنتي انت تعلمين أنني منذ سنه لم اتدخل في أي شيء حدث بينك وبين ابني لكن هذه المره أتيت لأنني رأيت الندم والآسف في عينيّ زين لقد سمعت اليأس في صوته حالته كل يوم تسوء وتصبح أسوء منذ قبل "
صمتت والدة زين لتراقب ردة فعل رهف ثم اكملت
" رهف انت بمثابة ابنتي وانت تعرفين ذلك لهذا اتيت إليك لأني لا أريدك أن تتدمرين حياتك وحياة ابنك , ولو أنني لم أرى زين الدين بعينيّ يعض اصابعه ندماً على اضاعتك ويشكو حاله وتعب قلبه لم أكن لأتي وأتدخل بينكم لكن ما أجبرني على القدوم هو وليد فهو ضحيتكما "
" عمتي اتريدينني ان اعود الى شخص ارخص بي وتزوج عليّ ليهينني واخذ ابني مني وكان يفعل اشياء اخرى لا اعرف كيف اقولها عمتي زين اذاني بشدة "
" مع ذلك أعطيها فرصة أخيرة من أجل وليد "
" لقد أعطيته بدل الفرصة عشرة "
" آآآه ,, هل افهم من هذا انك تكرهينه "
" بالطبع "
" بالطبع ماذا "
" بالطبع اكرهه "
نظرت والدة زين اليها ثم قالت
" اذن لا فائدة من قول المزيد "
" أنا آسفه يا عمتي لكن الموضوع بالنسبة ليّ منتهي "
نظرت والدة رهف اليها ولم تعد تعرف ماتقوله ففضلت ان تصمت , فانهتا غدائهما وهن يتحدثان في اشياء لا تربطها بالموضوع السابق بتاتاً
" عمتي سأذهب لأغسل يديّ "
" حسناً "
اثناء ذلك اتصلت والدة زين به
" اين أنت "
" لما "
" لتأتي تأخذني "
" أين أنتي "
" في مطعم أمواج هل عرفته "
" بالطبع يا امي "
" هل وليد معك "
" نعم فقد كان معيّ أثناء التدريب "
" حسناً تعال سريعاً "
" حسناً ياامي فقط ربع ساعة وسأكون عندك "
أثناء هذا اخذت والدة زين مفتاح سيارة رهف من حقيبتها وخبئته
........
عادت رهف من الحمام ثم قالت
" هل نحتسي الشاهي ام نغادر "
" دعينا نحتسي الشاهي ثم نغادر ,, مارأيك "
" حسناً "
بعد ان احتستا الشاهي واكلتا بعض الحلوى طلبت رهف من عمتها الذهاب لكن عمتها رفضت
" اذهبي انتي أنا منتظرة السائق ليأتيني "
" لا حاجة لذلك فأنا سأوصلك "
" لالا داعي لذلك اذهبي "
بعد أن اصرت والدة زين على بقائها لم يكن في يد رهف سوى الذهاب لعملها لكنها ما أن وصلت لسيارتها حتى تفاجأت انها لم تجد مفتاح سيارتها وبعد ان بحثت في حقيبتها جيداً همست لنفسها
" اعتقد انني اسقطته في المطعم "
فعادت ادراجها لمكان الطاولة لكنها ما أن دخلت حتى تواجهت وجها لوجه مع زين الدين ووليد الذي افلت يد والده وجرى سريعاً ليرتمي في حضن والدته التي لا إرادياً ضمته بقوة لصدرها فقد اشتاقت لصغيرها اشتاقت لرائحته لأنفاسه وليديه الصغيرتين التي تضمانها دائماً
" امي انا احبك "
" انا ايضاً ياوليد "
شعرت رهف بتساقط دموعها حارة على وجنتها وشعرت بألم في حنجرتها بسبب محاولاتها للتجلد والتماسك للأتنهار باكية وتبدوا ضعيفة أمام زين وفجأة سمعت صوت والدة زين وهي تقول
" رهف ياابنتي يكفي ذلك انهضي "
نهضت رهف وهي تمسح دموعها لتلتقي عينيها بعيني زين لقد شعرت لأول مرة بحزناً في عينيه ولأول مرة تلاحظ وجهه لقد كان يبدوا عليه المرض والارهاق لقد نحل قليلاً أو ربما لحيته التي اطلق العنان لها هي من تظهره نحيلاً قليلاً .
فجأة شعرت بيد والدة زين تجر يدها لتجلسها على الكرسي الذي بجوارها فجلسوا أربعتهم حول الطاول صامتين فكرت والدة زين انه من الأفضل لو تترك كلاً منرهف وزين وحدهما لعلهما يتحدثان قليلاً
" وليد مارايك ان نذهب ونلعب بالرمال قليلاً "
" حسناً يا جدتي لكني اخاف امي تذهب "
ضمته رهف وقبلته وقالت " لن اذهب قبل أن أودعك ,,حسناً "
فنهض وليد مع جدته وذهبا فظل زين صامتا خافضاً عينيه فقد احرج من مافعلته والدته فهو لا يحب هذا التصرف
" هذا تخطيطك اليس كذلك "
رفع زين عينيه وقال متظاهراً البرود " هل تحاولين أن تستفزينني "
" هل انا محقة "
نظر اليها ولم يجيبها فقد فضل ان يصمت
عندها فكرت رهف أن تغيضه قليلاً
" ألن تبارك ليّ "
اعتدل زين في جلسته واحتدت نظراته فجأة
" على ماذا تريدينني أن أبارك لك "
فقالت بسعادة لتغيظه أكثر " بالطبع على ... "
فجأة شعرت بغضبه وهو يهددها " إياك أن تكملي "
فضحكت ساخرة منه " لما "
فقال بصوت غضب " ماذا الا تخجلين من نفسك على ماذا تريدينني أن أبارك لك ,, يالك من وقحة "
ردت عليه وهي متظاهرة بالغباء " ماالوقاحة في الموضوع "
" اسمعي يارهف ان كنت تحاولين أن تستفزينني أو تجعلينني افقد اعصابي فكدتي تنالي مرادك لكن لن يكون ذلك في صالحك "
تظاهرة رهف بأنها غاضبة هي الأخرى
" لم اكن أعرف أن تكرهني وتحقد عليّ لهذه الدرجه "
" أنا لا اكرهكِ وأنتِ تعرفين ذلك "
" كاذب والدليل هذا فما الوقاحة فأن تبارك ليّ في .. "
قاطعها زين بكل حدة وغضب
" لقد قولت لكِ اصمتِ ألا تفهمين لما لا تغلقين الموضوع "
" أي موضوع وأنت لم تتركني اكمل مااريد أن اخبرك به "
" وانا لا اريد أن اسمع شيء منك "
عندها نهضت رهف وهي تتظاهر بالانزعاج فتذكرت حينها أنا نست ان تبحث عن مفاتيحها فانحنت لتبحث تحت الطاولة
فعقد حاجبيه وهو يسألها " عن ماذا تبحثين "
" عن مفتاح سيارتي "
" هل وجدتيه "
نظرت إليه منزعجة " وهل كنت سأبحث عنه إن وجدته "
ثم أخذت تكمل البحث حول الطاول
تركها زين تبحث قليلاً ثم قال ليغظها
" هل تقصدين هذا "
رفعت رأسها لتنظر إلى زين الذي كان يلوح لها بالمفتاح وشبه ابتسامة على شفتيه
" لماذا لم تتحدث من قبل أأأأوووووف ,, ثقيل دم "
" ثقيل دم ؟؟ هذا جزاتي انني وجدته "
نظرت اليه بغضب ثم اخذت المفتاح من يده لكنه امسك بيديها
" ماذا تفعل "
" لم تشكرينني "
" وأنت لم تبارك ليّ "
عندها نظر إليها بغضب وضغط على يدها حتى آلمها
" زين اترك يدي ستحطمها "
فترك يدها ومازلت نظرته كما هي عندها نهضت رهف وحملت حقيبتها وما ان سارت خطواتين حتى استدارت اليه فوجدته مازال يراقبها فابتسمت وقالت
" على فكرة الموضوع ومافيه أنني سأفتتح معرضين لعرض أزيائي بعد خمسة أيام "
نظر اليها زين بكل غضب وقد هم بالنهوض فهو لا يريد أن يسمع منها أي شيء عن زواجها فنيران الغيرة تحرقه كل لحظه ولا يريد أن تزيد لهيبها بسماعه عن مدى سعادتها أو انتظارها لأن يبارك لها فهو لا يستطيع أن يتحمل ذلك .
لكنه فجأة تلون وجهه بمئة لون فقد خجل من نفسه وهو ينظر إلى رهف التي ابتسمت له بسعادة ومكر فقد اسعدها ما اصابه من نيران الغيرة ..
" الى اللقاء "
ثم ذهبت رهف دون أن تنتظر جواب من زين وأخذت تسير إلى سيارتها وهي تشعر بالسعادة تملؤها لكن ما أن وضعت المفتاح حتى تذكرت وليد لقد وعدته بأن تودعه , عندها سارت إلى المنتزه الذي بجوار المطعم لتجد وليد يسير بسعادة ممسكاً يد جدته وهما يتحدثان فابتسمت رهف وهي تسير نحوهما
صرخت رهف وهي تلوح بيدها " وليد "
فجرى وليد إلى امه
" امي "
وماان وصل إليها حتى ارتمى في حضنها
" وليد "
" نعم ياامي "
" لما لا تأتي معي اليوم "
" حسناً ياامي "
ثم افلتها وقال " امي انتظرينني سأذهب وأستئذن ابي ,, حسناً "
" حسناً ياصغيري "
فتبادلا الابتسام هو ووالدته ثم اخذ يجري إلى والده الذي كان يراقبهم من المطعم , وأثناء ذلك وقفت والدة زين أمام رهف ثم قالت
" اعتذر ياابنتي ان ضايقتك لكنني اتصلت على زين لنتقابل هنا مع وليد بما انك ستغادرين ,, ولم أكن اعلم أنكِ ستعودين "
فابتسمت رهف لها " لا بأس يا عمتي , لكنني لم اجد مفتاح سيارتي لهذا عدت "
" وهل وجدتيه الآن "
" نعم "
" الحمدلله "
سارت رهف ووالدة زين عائدتاً إلى المطعم حتى وصلتا إلى مواقف السيارات فوجدتا وليد ووالده يتحدثان ويبدوا على وليد السعادة فشعرت رهف بغيرة من زين .
نظر زين إلى كلاً من والدته ورهف ثم قال " أمي هيا لأوصلك "
" حسناً بنيّ ,, إلى اللقاء يارهف "
أخذ زين يراقب رهف وهي تودع والدته فهذه المرة الأولى التي يجتمعوا معاً هو ووالدته ووليد ورهف حينها شعر بالآسف أكثر من قبل
" إلى اللقاء ياعمتي ,, هيا وليد لنذهب "
" حسناً ياأمي ,, إلى اللقاء ياأبي ,, إلى اللقاء ياجدتي "
" إلى اللقاء ياوليد "
ذهب كلاً منهم إلى سيارته وماان صعدت رهف سيارتها حتى اخذت تراقب زين وهو يجد صعوبة في اخراج سيارته من الموقف وما أن انتهى من ذلك ارادت ان تلقنه درساً أخر فقامت بإخراج سيارتها من الموقف باحترافية اخجلت بها زين الذي لاحة عليه شبه ابتسامة على وجهه فقد فهم ما عنته رهف , ثم انطلقت بسيارتها واخذت طريق غير طريقه لتختفي من أمامه فشعر وقتها بشوق لها إن هذا الشعور من أصعب ما يمر به أي شخصاً منا .
...........................