عادت رهف لغرفتها وهي تشعر بغضب ممزوج بحرج من نفسها فقد فكرة عدة مرات أن تتخلص من تلك الرسائل لكنها لم تفعل وها هي وقعت في يدين زين ..
وقفت رهف أمام المرآة سارحت بفكرها لتدمع عينها من شدة الاحراج ثم جلست على السرير وهمست لنفسها بينما كانت تتذكر نظرات زين الساخرة
" تباً يا رهف كيف فعلت بنفسك هكذا "
لقد شعرت رهف اليوم بذل لم تشعر به من قبل فأولاً كشف زين سبب وجودها في ذلك المكان وهذا كان يكفيها لتشعر بكل هذا الاحراج لكن المصيبة الأكبر أن الرسائل وقعت في يده أيضاً , عندها صرخت رهف ثم نهضت وخرجت للشرفة لأنها كادت تختنق من كثرة التفكير في الموضوع.
خرجت رهف إلى الشرفه لتستنشق بعض الهواء فقد كانت تختنق في الداخل , وبالرغم من سحر المنظر الذي أمامها والمساحات الخضراء الممتدة الرائعة الجمال إلا أنه لم يؤثر ذلك في تحسن مزاجها فما كان يدور في رأسها من أفكار أنستها أن تلاحظ ذلك , ثم جلست على احدى الكراسي المتواجدة في الشرفة مفكرة في الماضي البعيد وكيف بدأت تكتب تلك الرسائل .
كان ذلك عندما عادت بوليد لتذهب به إلى زين لتتفاجأ حينها باختفائه لكنها لم تيأس لأنها أعتقدت أن زين لن يستطيع أن يطيل الغياب عن عائلته , فبحثت عنه وعندما مرا لوقت ولم يعرفوا عنه أي شيء وكثرة الظنون والشكوك بدأت تنهار قواها وبدأت تكثر البكاء واصبح الحزن لون من الوان حياتها وكادت تهلك في ذلك الوقت فقد اضربت عن الطعام عندها أخذها والدها لأقرب مشفى فقام الطبيب بتحويلها لطبيبة نفسية فما تشكو منه ليس علة تداوى بالدواء.
وحقاً تم تحويل رهف للطبيبة التي أخبرهم الطبيب عنها لكن لم تتحسن رهف ولم يحدث تغير بالرغم من محاولة الطبية ..
" اسمعي يا رهف رفضك للحديث معي ليس بحل "
" وما الفائدة من الحديث يا دكتوره "
" لندردش ونخرج ما بداخلنا أياً كان ما ستخبريني به سيبقى بيننا فقط "
........
" ماذا ألا تريدين "
" أتصدقيني أيتها الطبيبة إن قلت لك أنني تعبت من كل شيء حتى الحديث "
" حسنا ما رأيك أن تكتبي "
" اكتب ,, اكتب ماذا "
" أي شيء أفكارك ,, مشاعرك ,, أوهامك ,, مخاوفك "
" وما الفائدة من ذالك "
" الفائدة اذ شعرت بتحسن اتبعيها أما ان لم تشعرين بشيء فاتركيها ولنبحث عن طريقة اخرى "
ثم تركتها قليلاً لتأتي مرة أخرى بظرف وورقة وقلم
" خذي "
" ما هذا "
" هذا ظرف وورقة وقلم أريدك أن تكتبي رسالة لنفسك "
" ولما سأفعل ذالك هل تظنيني مجنونة "
" وما الجنون في ذلك ثم هنالك فرق بين الجنون وبين الكبت وأنتِ شخص يكبت بداخله مشاعر كثير إن أخرجتها هنا ستتعافين صدقيني "
.....
" سأضعها هنا أمامك وأتمنى أن تروق لك الفكرة "
ثم غادرت لكن من ذلك الوقت ولمدة ستة أعوام وأنا أرسل رسائل وهمية إلى زين لأبقى شعلت الأمل لدي مشتعلة فقد كان خوفي من موته شيئاً رهيباً , فداومت على ذلك مرتين في الاسبوع ثم تذكرت رهف ما قاله زين
" ما كتبته يا رهف طيلة ستة أعوام على مدار مرتين أسبوعياً "
إن زين بالتأكيد يملك تلك الرسائل فما أدراه كم مرة في الاسبوع كانت تكتب فيها , لكن اللغز هنا في كيفية وصولها ليده فهي تصدقه عندما أخبرها أنه وجدها في الصندوق .
نهضت رهف منزعجة أكثر من قبل لتدخل من الشرفة لعلها تنام قليلاً لتريح رأسها من كثرة التفكير فما خافت منه قد حدث .
وبينما كانت تبدل ثيابها تذكرت أن هنالك حفلة في المساء سيقيمها عدة فنانون مختلفين الجنسيات ولقد وعدت فارس أن تلاقيه الساعة الثامنة والآن الساعة الثانية ظهر , فأغلقت الستائر ومن ثم ذهبت لسريرها حتى تنام.
...................................
استيقظ زين على صوت رنين هاتفه ففتح عينيه بصعوبة ليجد المتصل رولا
" الو "
" زين هل أنت نائم "
" نعم "
" ألن تنزل لتتناول العشاء معنا "
" كم الساعة "
" إنها التاسعة "
" حسناً ,, سأتي في الحال "
ثم أغلق الهاتف ونهض من سريره وهو يشعر بتعب وارهاق لكنه جر نفسه ليستحم ويبدل ثيابه وما أن انتهى خرج من غرفته وقد عاد له نشاطه..
وقف زين أمام المصعد بضعة دقائق حتى وصل لدوره وتوقف وما ان فتح باب المصعد حتى دخل زين بخطى سريعة ليقف وجها لوجه أمام رهف لتتفاجأ هي الأخرى بهذه الصدفة التي جمعتهما مرة أخرى عندها ابتسم زين سعيداً بوجوده معها أما رهف فقد ابتعدت من أمامه لتقف بعيداً عنه
" السلام عليكم "
......
" ألا تعرفين أن السلام واجب "
عندها قالت رهف دون مبالاة
" للذين يستحقونه "
" هل تعنين أنني لا أستحقه "
......
" حسناً إن كان هذا رأيك سأقبله بالرغم من أنه قاسياً علي "
......
" هل تعرفين مقدار سعادتي لرؤيتك اليوم , وبدل المرة مرتين "
......
" رهف أرجوكِ لا تتجاهلينني هكذا "
.......
كاد أن يتوقف المصعد وكانت رهف تهم بالخروج عندها قام زين بالضغط على مفتاح الدور الأخير للفندق عندها نظرت إليه رهف
" زين الدين ماذا تفعل "
" أريد وقتاً أكثر لأقضيه معاكِ "
" لكنني لا أريد أن أسمعك أو أراك في أي وقت "
" رهف لا تقسي علي فهل تعرفين أن بعدكِ عني انتحار "
" اذن فلتنتحر وتنهي الموضوع "
" وهل تستطيعين أن تعيشين بعد موتي "
" ما رأيك أن تمت أولاً لنرى هل استطيع أم لا "
" وكيف سأعرف الأجابة ان مت "
نظرت رهف إليه بانزعاج
" هل تظن حقاً بأنني لن استطيع العيش بعد موتك "
" بالطبع "
" ألم تكن تعتقد أيضاً أنه من المستحيل أن أتزوج سواك , لكنني تزوجت "
عندها تبدلت نظرات زين ثم استدار ليواجه باب المصعد ليخفي عنها مشاعره لتقف هي خلفه
" زين الدين ما أريدك أن تفهمه أنه لا يوجد لديك أي أمل للعودة لما مضى ,, هل تريد أن تعلم لما ؟؟؟ "
.....
" لأن تجربتي معاك كانت قاسية جداً ,, وما كان يوقفني في الماضي هو وليد أما اليوم فقد كبر لهذا قررت أن ابدء حياة جديدة مع شخص مثل فارس لطيف وطيب القلب ويحترم زوجته ولدينا نفس الخلفية والمعارف "
" هل تريدين أن تقنعينني أم تقنعي نفسك بهذه الكلام "
" لو أنني لم أكن مقتنعة به لما تزوجته فأنا لست من النوع المتسرع وأنت تعرف ذلك "
" ما أعرفه أنك تنكرين حبك لي "
" لقد قولت لك سابقاً حبك مجرد مرض والوقت سيشفيني منه "
" وإن لم تشفي "
........
صمت كلاهما قليلاً ثم قالت
" انساني يا زين الدين فأنا لن أكون لك بعد اليوم "
عندها استدار إليها والغضب ظاهراً في عينيه
" اذن اسمعي ما سأقوله لك إن لم تكوني ليّ فلن تكوني لسوايّ "
" هل تهددني "
" نعم "
" اسمع يا زين الدين زواجي سأقيمه بعد ستة أسابيع فلتريني ما ستفعله "
" رهف لا تتحدينني "
" أنا لا أتحداك بل أبلغك بما سيقع بعد ستة أسابيع "
" رهف لا تدفعينني لإرتكاب جريمة ما "
" لا تستطيع فأنت أجبن من أن تقوم بذلك "
" صدقيني إن حدث ذلك سأقتلك وأقتله بأبشع طريقة تتخيليها "
" لن تستطيع "
" لما هل تظنيني أنني جبان "
" بالطبع "
" لا لست جباناً لكنني .."
" لكنك ماذا "
.....
نظر إليها وهو يشعر بغضب وحزن فكيف يصلح ما أفسده في علاقتهما فقد كان خيبة أمل كبيرة لها
" رهف أريدكِ أن تعرفي أنني أكن لك حباً بداخلي أكثر بكثير من ما تتخيلينه إنه ليس مجرد حب بين شخصين فأنتِ لم
تكوني زوجتي فقط أنتِ كنت لي الأم والأخت والحضن الدافئ واليد التي تطبطب على كتفي كنت اشحذ قواي منكِ "
......
" أريد أعترف لك بشيء وهو بأنني أخطئت بحقك وأنني كنت غبياً في تصرفي معك لكنني كنت غاضباً منكِ لتخليكِ عني , رهف ما مررت به في تلك السنوات كان قاسياً عليّ جداً بالإضافة لذلك إهانة عائلتك ليّ لم تكن بالشيء السهل بالإضافة ما فعله والدك معي كل تلك كانت تكفي لتغير أي شخص "
نظرت إليه رهف ثم قالت
" وما الفائدة من قول هذا الآن كل هذا لن يغير شيئاً مما حدث يا زين "
" رهف لا تقعي في نفس أخطائي أنا قادني غضبي وانظري إلى النتيجة لهذا لا تتركِ غضبك يقودك لإرتكاب حماقة ما "
" هل تعني زواجي من فارس حماقة "
" بالطبع وأكبر حماقة "
" وزواجك برولا "
" هي أيضاً مجرد حماقة إنها لا تعني لي شيء "
" يالقسوتك تلعب بمشاعرها بكل برود "
" وأنتِ ألستِ تلعبين بمشاعر فارس "
" لا "
" أنتِ كاذبة "
" لا لست كاذبة "
" أذن أقسمي بأنك أحبينه لهذا تزوجتيه "
....
" لماذا لا تقسمين "
نظرت إليه بغضب لكنها لم تنبس بكلمة أثناء ذلك , وفجأة توقف المصعد وفتح الباب مما اتيح لها الهرب فخرجت رهف حينها
مسرعة الخطى ...
بينما وقف زين ينظر إلى رهف وهي تبتعد وقد هدء عنه الغضب حينها , فقد شعر بالراحة لأن رهف لا تحب فارس .
......................
وصل زين مكان الإحتفال ليرى خيمة كبيرة مقامة في منتصف الحديقة التابعة للفندق وما أن سار قليلاً يبحث بين الوجوه
على رولا وعائلتها أثناء ذلك شعر باهتزاز هاتفه في جيبه فاخرجه ليرى رولا المتصلة
" ألو "
"أين أنتِ "
" أنا خلفك يا زين "
استدار زين فرأى رولا وعائلتها يجلسون على احدى الطاولات خلفه وبالاضافة لاشخاصاً اخرون
" هل رأيتني "
" نعم "
ثم اغلق الهاتف وسار حتى وصل فالقى التحية على من يجلس بالطاولة ثم جلس على كرسي بجوار رولا ...
أخذ زين يتابع ما يجري من حوار بين الذين معه بفكر سارح ومغيب عن ما حوله فرهف سلبته تفكيره , فجأة مسكت رولا يده وهمست
" زين ماذا بك "
فنظر إليها متعجباً
" ماذا "
" لماذا لا أشعر بأنك معنا "
" لا شي فقط هنالك مايشغل بالي "
" وهل أستطيع أن أسئلك ما هو "
" ليس مهم يا رولا "
......
رفع زين عينيه إلى المسرح الذي أمامه ليتابع ما يجري عليه باهتمام زائف ليهرب من اسئلة رولا .
وأثناء ذلك كان يبحث عن رهف بين وجوه المتواجدين حوله وحقاً وجدها كانت تجلس بالجوار من فارس ورشدي ووالدها , لكن ما المه هو حديث فارس المتواصل معها الذي كان يستغل صوت الموسيقى العالية ليقترب منها ليهمس أو ليسمعها
واضعاً يده خلف كرسيها شعر زين وقتها ببركاناً يغلي بداخله .
وبعد ساعتين من مراقبة زين لرهف التي لا حظت تلك المراقبة عدة مرات هي الأخرى لكنها كانت تتظاهر بعدم معرفتها
بذلك , فقد شعرت بالسعادة وقتها حتى تذيقه من نار الغيرة قليلاً ..
انتهى الحفل وغادر الجميع ليتناولوا طعام العشاء ..
شعر زين بأن هذه الأيام هي الأسوء في حياته فرؤيته لرهف تمسك بيد رجلاً أخر وتتهامس معه وتجلس بجواره لتتناول
العشاء معه أمام الجميع كان مثل كابوس بالنسبة له , حاول أن يتجاهل ذلك أو يتظاهر بأن ذلك غير مهم لكن ذلك كان فوق
طاقته عندها نهض من كرسيه ثم استئذن من رولا ووالديها ليغادر إلى غرفته ..
وما أن خرج حتى ارسل لرهف رسالة كلها غضب
( سأقتلك لا محالة )
للحظة شعرت رهف بقشعريرة تسري بجسدها عندها سألها فارس فقد لاحظ تغير ملامح وجهها
" ماذا بكِ "
" لا شيء "
" ماذا تقصدين بلا شيء ,, هل تخفين عني شيئاً يا رهف "
" بالطبع لا "
" رهف .. "
" فارس انه أمر غير مهم "
" هل الموضوع يخص زوجك السابق "
نظرت رهف إليه بإندهاش ثم قالت
" ماذا تقصد "
" هل تظنين أنني لم أراه "
" فارس انسى امره انه فقط غاضباً قليلاً لكنه بالتأكيد سيرضخ للأمر الواقع "
" وأنتِ هل نسيته "
" ما هذا الكلام يا فارس وهل كنت سأتزوجك إن لم أكن أخرجته من حياتي تماماً "
" آسف يا رهف أرجوكِ لا تغضبي ,, لكن ماقاله تلك المرة مازال يغضبني ,, ففي الحقيقة أنني خائف من أنك لم تنسيه بعد "
" فارس ما هذا الذي تقوله "
" ما أقوله هو ما أخاف منه يا رهف ,, لهذا ان كنت مازلتِ تكنين له القليل من المشاعر سنؤجل اقامة عرسنا حتى تتأكدين من حقيقة مشاعرك لي "
" أنا متأكدة من مشاعري "
..........
................................
استيقظ زين باكراً وقرر أن يغادر حتى لا يرتكب جريمة ما فجمع حاجياته واتصل برولا وابلغها بذلك وهو يسلم مفتاحه
" زين ألم تعدني أن تبقى يومين أخرين معنا "
" حقاً لا أستطيع يا رولا "
" زين "
" آسف يا حبيبتي لديّ عمل هنالك يجب أن أعود "
" زين لقد وعدتني "
" أعذريني هذه المرة فقط ,, حسناً "
" حسناً "
" مع السلامة "
" زين "
" نعم "
" هل طمئنتي عندما تصل "
" حسناً ,, مع السلامة رولا "
" مع السلامة "
.........
خرج زين من الفندق ليتفاجأ برهف تفتح باب سيارتها لتغادر هي الأخرى عندها قال من خلفها
" لما العجلة مازالت الإجازة في أولها "
ا
ستدارت رهف بفزع لتواجه زين الدين ولأول مرة تشعر بخوف منه إلى هذه الدرجة
" لا تنتطقين "
" وما يعنيك أنت ان غادرت أم بقيت "
اقترب زين منها بينما رهف ابتعدت عنه
" سأعطيكِ فرصة أخيرة لتعودي إلى رشدك أو ستندمين طيلة حياتك يا رهف "
" هل تهددنني يا زين الدين "
عندها امسك زين بيدها ليمنعها من الصعود بالسيارة
" اسمعيني يا رهف واعتبريه تهديداً ,, إن لم تتطلقي من ذاك الغبي خلال اسبوعان فقط فسأحرمك من وليد طيلة حياتك
واقسم لكِ على ذلك يا رهف "
" وليد ابني أيضاً يا زين الدين وليس لعبة في يدك تلعب بها وقتما شئت و لن تستطيع إبعاده عني أتفهم ذلك "
" وإن لم تنفذي ذلك فسأقتلك وأقتله ليلة عرسكما حتى يزفونكما للقبر "
نظرت إليه ثم قالت
" افعل ما شئت يا زين الدين "
" أتقصدين أنك لست خائفة "
" ما أقصده بأنني لن أسمح لك بأن تلوي ذراعي مرة أخرى "
" حسناً الأيام بيننا يا رهف "
ثم تركها ليركب سيارته هو الأخر وليقودها بطريقة جنونية ...
كان زين يقود سيارته ملتصقاً بسيارتها مما جعل أمر القيادة صعبة عليها , لقد جعلها تندم على عودتها لوحدها هذه المسافة الطويلة.
توقفت رهف في أحدى المحطات لتعبئ وقود فتوقف زين أيضاً بجوارها ثم نزلت من سيارتها لتشتري شيئاً تأكله فبطنها
أخذت تقرصها من شدة الجوع لكنها ما ان دخلت المحل حتى شعرت به خلفها فرائحة عطرة تملئ المكان لكنها تظاهرة بعدم معرفتها بذلك .
فجأة قال زين مما أفزع رهف
" هل هنالك فتاة عاقلة تدخل مثل هذه البقالات وفي طريق مثل هذا "
" ومن طلب منك رأيك "
" رهف هيا "
" أين "
" لنخرج هنالك محطة أكبر من هذه تبعد 300 متر من هنا , وهنالك مطاعم جيدة "
" لا أريد "
لكن زين أمسك بيدها وجرها خلفه وأخرجها من البقالة وقام بفتح باب سيارتها ثم أمرها وهو يغلق الباب بعد أن صعدت
" الحقي بي "
نظرت رهف إليه وهو يصعد سيارته ثم همست لنفسها
" تباً لك كم أنت مخيف وأنت غاضب "
ثم قادت خلفه وهي منزعجة حتى وصلا للمحطة عندها نزل زين واقترب من سيارتها ففتح بابها وهو يأمرها
" أطفئي المحرك هيا "
" لا أريد "
" لما "
" اخاف أن يرانا أحد من الذين يعرفونا وتكون فضيحة كبيرة "
" ولما خائفة ستكون فرصتنا لنعود لبعض "
" هل جننت "
" ماذا ,, انها امنية فقط "
" زين الدين "
" ماذا "
" ليذهب كل واحد منا بطريقه "
" ألهذه الدرجة خائفة "
......
نظرت إليه رهف ثم هبطت من سيارتها وسارت بعيداً عنه حتى دخلت لاحدى المطاعم وجلست في ركن بعيد عن الأنظار وبينما كانت تقرأ قائمة الطعام جلس زين أمامها وهو يقول لها
" لا داعي لتقرئيها "
" لماذا "
" لأنني قد قمت بطلب الطعام بدلاً عنك وهاهو قادم "
عندها رأت رجل يسير بإتجاهم بيديه صينية فيها أنواع عدة من الطعام وما أن وصل لطاولتهم حتى وضعها أمامهم بالإضافة
للمشروبات وما أن انتهى من ذلك حتى تركهم عندها قالت رهف
" من الذي سمح لك أن تتطلب عني "
" لم أشعر أنني بحاجة لإذنك في أمر كهذا "
" لن أتناوله "
" رهف كفِ عن عنادك "
" لقد قولت لك لا أريد أن يجمعنا مكاناً واحد لكن يبدوا أنك لا تفهم "
" من ماذا أنتِ خائفة الآن ,, في السابق لم تكوني تخافين من أن يراكِ أحد تسيرين في حارتي واليوم خائفة من أن يروكِ معي "
" في السابق كنت مستعدة بأن أضحي بحياتي من أجلك لكن بعد أن عرفت حقيقتك عرفت أنك لا تستحق أن أضحي
بحياتي من أجلك "
" على الأقل مازلتي تكنين لي مشاعر "
" أنا أكرهك إن لم تفهم ما أعنيه "
" رهف الحياة علمتني أن الكره هو الوجه الأخر للحب وخاصة إن كان من شخص مثلك فحبكِ لي لن يختفي في لحظة فلا تحاولي "
" اصبحت فيلسوف مؤخراً "
" رهف أنا مستعد لأن أصبح أي شيء فقط عودي لي "
....
" أعطيني فرصة أخيرة "
" زين أنا لا أريد أن يعيش وليد ما عاشه السنة الماضية ,, ثم أنا لست مستعدة لأن أمر بما مررت به سابقاً "
" أنتِ محقة أنا شخص حقير ولا يستحق أي فرصة أخرى ,, أوافقك الرأي "
ثم أخذ يتناول الطعام في صمت غريب ويشرب عصيره بسرعة وما أن انهى طعامه حتى نهض عن الطاولة بينما رهف بالكاد
بدءت تتناول الطعام
" زين الدين "
" ماذا "
" أين ستذهب وتتركني "
" لا أريد أن أسبب لك احراجاً أكثر من هذا "
ثم تركها وخرج لينتظرها في سيارته وأثناء ذلك شعر بأن هنالك شيئاً يخنقه فكثرة التفكير في رهف وكيف يعيدها لتعيش
معه أصبح يخنقه ويتعبه فله أشهر وهو يحاول معها لعلها ترأف بحاله وتعطيه فرصة أخرى , لكنها يبدوا أنها أتخذت قرارها ولن
تعود فيه.
لم يمضي الكثير من الوقت حتى خرجت رهف هي أيضاً من المطعم وصعدت سيارتها وهي تنظر إليه عندها أشار لها بأن
تلحق به ..
قام زين بمرافقة رهف طيلة الطريق حتى وصلت بالجوار من منزلها عندها اتصلت به
" مرحبا زين "
" مرحبا "
" شكرا لك على مرافقتي لهنا "
" بل الشكر لك لأنكِ تركتني أرافقك "
......
صمت كلاهما فقد شعرا كلاهما بتضارب مشاعرهما وبصوت خافت قالت رهف
" مع السلامة يا زين "
" مع السلامة يا رهف"
وصلت رهف أخيراً إلى منزلها وقد شعرت بأنها متعبة جداً ربما بسبب ظهور زين الدين مرة أخرى في حياتها كانت لأشهر
بدءت تتأقلم على غيابه , لكن بمجرد رؤيته مرة أخرى والتحدث معه استيقظ حبه من جديد .
همست رهف لنفسها وهي تجر حقيبتها خلفها
" لما صعبت الأمور علينا يا زين الدين "
..................
بعد اسبوع ...
استيقظت رهف متعبة مرهقة من كثرة الأفكار التي اصبحت تراودها هل يعقل أنه لم يبقى على زواجها سوى خمسة أسابيع ولم تقرر بعد هل تكمل هذا الزواج أم توقفه , فهي للآن مازالت تحب زين الدين وبجنون وتعرف في قرارة نفسها أنها
ستظل تحبه فإن تزوجت فارس ظلمته وظلمت نفسها , إذن ما العمل يا إلاهي ؟؟
" يا ربي ساعدني "
ثم نهضت وتوجهت للحمام لتستحم ثم ترتدي ثيابها وما ان انتهت حتى طرق وليد لتئذن له بالدخول
" ماما "
" نعم يا وليد "
" هل أستطيع أن أذهب مع والدي مباراة اليوم "
" لا "
" ماما "
" وليد لديك مدرسة غداً ,, انسى لامجال لك لتغيب "
" ماما هذا ظلم "
عندها نظرت إليه ثم قالت " ظلم ما هو الظلم يا سيد وليد , لقد كثر غيابك حتى استاذك قال ذلك "
" ماما أنا أكره هذه المدرسة "
" وليد يجب أن تعرف أنها أفضل مدرسة قد تحصل عليها "
" بل إنها سجناً يا ماما "
" لم ترى بعد السجن الحقيقي يا سيد وليد "
" ماما في الحقيقة أن والدي بالأمس اتصل باستاذي واستئذن منه وقال لا مانع لديه "
" ومنذ متى وأنت تعمل شيئاً من ورائي "
" لم أفعل شيئاً يا أمي من ورائك "
" أن تتفق مع والدك وتنهيان الموضوع وتقول لم تفعل شيئاً "
وقبل أن يكملا حديثهما سمعا صوت عجلات الباص وهي تقف عندها قالت رهف
" وليد عند عودتك سنتحدث في هذا الأمر "
" حسناً ماما "
ثم غادر وليد وهو منزعج عندها أخذت رهف هاتفها واتصلت بزين الذي كان يقود سيارته ليذهب للملعب ليستعد لمباراة
الليلة
" الو زين "
" أهلين "
" زين الدين هنالك ما أريد أن أتحدث عنه معك فهل أنت مشغول "
" هل يعقل أن أسمع صوتك ويكون لدي ما يشغلني عنه "
" زين الدين أنا لم أتصل لسماع هذا "
" وأنا لم أقول سوى ما أشعر به فقط "
" هل انتهيت "
" نعم "
" زين الدين كيف تقوم بأخذ اذن من استاذ وليد دون أن تعود لي أو على الأقل تعلمني بذلك أم أنك تريد أن يفسدوه هذا
الإنفصال ليعمل ما بدا له "
" أنا آسف لقد نسيت أن أبلغك معك حق لقد كان يجب أعلمك عن ذلك "
" حسناً أريد أن تتذكر ذلك مرة أخرى "
" لا أعتقد أنه ستكون هنالك مرة أخرى "
" ماذا تقصد "
" رهف لقد قررت أن أخذ وليد ليعيش معي "
" ماذا تقول "
" ما سمعتيه "
" ماذا تقصد بأنك ستأخذه "
" رهف ابني لا استطيع أن أتركه يعيش مع رجل غيري "
" وأنا ألم تفكر فيني أنا أيضاً بدون وليد لا أستطيع أن أعيش "
" هذا شيئ يرجع لكِ لكن ابني لن يعيش عند رجل غير والده , ثم تستطيعين أن تريه متى ما شئتِ "
" زين هذا مستحيل حدوثه "
" لديكِ اسبوع لتوضبين أغراضه ولتخبرينه أنتِ من أنه سينتقل ليعيش معي "
" زين أرجوك لا تفعل بي هذا "
" رهف يجب أن تعرفين أنني لن أترك ابني الوحيد يربى في حضن رجل غيري "
" لكنني والدته أم أنك نسيت من رباه قبل ظهورك في حياتنا "
" ذلك كان من واجبك وليس فضلاً منك "
" زين الدين لن تأخذ وليد مني , سأذهب للمحكمة وأرفع عليك قضية حضانته "
" حسناً كنت سأعطيك مهلة لاسبوع لكنني غيرت رأيي وسأمر الليلة عليه وأخذه فأريني ما ستفعله المحكمة لك "
" زين حرام عليك لما تصعب حياتي هكذا ما الذنب الذي ارتكبته لتجعل حياته هكذا "
" ذنبك أن حياتي صعبة أيضاً فمنذ تركتني وانا أعاني من الوحدة "
" لهذا تعاقبني بإبني "
" نعم "
" وتعترف أيضاً "
" نعم , فإما أن تكوني لي أو سأجعل حياتك جحيم "
وما أن انهى زين حديثه حتى أغلق الهاتف تاركاً رهف تغرق في أفكارها وخوفها من قراره وهو أخذ وليد وإبعاده عنها , لكن
ما يحزنها أكثر أن وليد سيسعد بقرار مثل هذا فهو منذ رجوعهما لمنزل والدها وهو يزعجها بأنه يريد أن يعود لمنزله , لا تعرف
رهف كيف تقبل وليد أباه بسرعه هكذا , في الحقيقة كان لزين دور كبير لجعل وليد يحبه ويتعلق به فقد قام بتعويض ابنه عن
كل تلك السنين التي عانى فيها بعيداً عنه .
..........................................
المساء ..
أخذ زين يقود سيارته وهو يشعر بالتعب فقد كانت مباراة اليوم متعبة فالفريق الذي واجههم كان قوي جدا في لعبه وبالكاد
استطاع أن يحقق هدفين مقابل هدف واحد. أثناء ذلك اهتز هاتف زين وكان المتصل ابنه وليد
" الو بابا "
" مرحبا حبيبي "
" مبروك الفوز يا أبي "
" الله يبارك فيك يا حبيبي "
" أبي لقد كان الهدفين ساحقين فقد حطمة شباكهم "
ضحك زين على مبالغة ابنه " حقاً "
" بالطبع يا أبي "
" هل أنت فخور بوالدك يا وليد "
" بالطبع "
" وليد لقد أرسلت لك السائق فلما لم تأتي "
......
" وليد هل سمعتني "
" نعم يا أبي في الحقيقة أن أمي لم تئذن لي بالذهاب "
" لما هل فعلت شيء أزعجها "
" لا "
" حسناً هل هي قريبة منك لأنني أريد أن أتحدث معها "
" إنها في غرفتها "
" حسناً سأتصل بها بعد قليل , لكن ما أريدك أن تفعله الآن هو أن تجهز حقيبتك لأنني سأمر وأخذك للمنزل لتعيش معي "
" حقاً يا أبي هل ستأخذنا "
" أنت فقط يا وليد "
" وأمي "
" أمك الآن متزوجة برجل أخر لهذا سأخذك لتعيش معي "
" أنا فقط وهل ستوافق أمي "
" إن أنت مستعد لأن تعيش معي سأقنعها بذلك فهذا القرار بيدك أنت "
" أنا أريد أن اعيش معك ياأبي لكن أمي ستحزن كثيراً وستبكي أيضاً "
" أخبرها أنه لا داعي للحزن والبكاء فهي ستراك متى ما شائت , حسناً "
" حسناً يا أبي "
" جيد , والآن جهز حقيبتك وأغراضك كلها , حسناً "
" حسناً يا أبي "
........
أغلق زين هاتفه وأخذ يقلبه في يده مفكراً كيف سيقنع رهف بأن يأخذ وليد للعيش معه , وفجأة طرأت على باله فكرة وهي
أنه إن أخذ وليد عندها ربما ترضخ رهف للأمر الواقع وهو أن توافق للعودة له فتعلقها بابنها سيجعلها تفعل أي شيء مقابل
أن تبقى بجواره ..
" الو رهف "
" نعم "
" هل أيقظتك "
" لا "
" هل أنت مشغولة "
" نعم "
" حسناً لن أخذ الكثير من وقتك "
" ماذا تريد "
" أنا في طريقي إليكِ لأخذ وليد "
" أنت بالتأكيد تمزح "
" أنت تعرفين أنني لا أمزح , وأنا حقاً في طريقي إليكم فأتمنى أن تجهزي حقيبته بسرعة فأنا متعب "
" زين هذا مستحيل لن أتركك تأخذ ابني مني "
" أنه ابني أنا أيضاً "
" ابنك ,, هل تعتقد أن هذا يعطيك الحق بأخذه مني هكذا ببساطة "
" اسمعي يا رهف أنا والده وسأخذه أم أنك تظنين أنني سأترك رجلاً أخر يربي ابني ,هل جننتِ "
" زين الدين أرجوك أرجوك لا تفعل ذلك "
" أنا آسف , ألم تختاري طريقك اذن تحملي نتائج أفعالك لقد أعطيتك مهلة لتصححي أخطائك لكنك عنيدة وهذه نتيجة
عنادك "
" هذا ظلم "
" ليكن "
" أكرهك أكرهك "
أغلقت رهف هاتفها وهي تذرف دموعها فهي لم تعد تريد أن تسمع صوته أكثر من ذلك فهو شخص أناني جداً مستعد أن
يدمر سعادتها مقابل سعادته هو مسحت رهف دموعها فهي لن تنفعها مع أمثال زين , فنهضت لتذهب لغرفة وليد لتتفاجأ بوليد وهو يجهز حقيبته
" وليد ماذا تفعل "
" ماما "
" وليد ماذا تفعل "
" ااه أبي طلب مني ذلك وهو في طريقه الآن "
" أنت تريد أن تذهب معه أليس كذلك "
" لا أعرف يا أمي "
عندها صرخت رهف " وليد قول الحقيقة هل تريد أن تعيش مع والدك "
عندها انزل وليد رأسه فوالدته غاضبة جداً وهذا ما كان يتوقعه
" وليد تكلم "
" ماما أنا أحبك وأحب أبي أيضاً ولا أعرف مع من أبقى "
" معي أنا يا وليد فأنا أمك التي تحبك والتي ربتك وسهرت ليالي لآجلك "
" أبي أيضاً يحبني يا ماما "
" تباً لك ولوالدك "
" ماما أنا آسف "
" اذن أنت اخترت أن تعيش مع والدك "
....
" أليس كذلك "
" نعم "
" حسناً يا وليد "
" ماما أرجوكِ لا تغضبي مني "
" لا أريدك أن تتحدث معي أبداً , أذهب إليه "
" ماما "
" لقد قولت لك أذهب إلى والدك وعش معه "
خرج وليد من الغرفة وهو يذرف الدموع فهو لم يكن يريد أن يغضب والدته هكذا فهذه اول مرة تصرخ به هكذا ...
..................
أوقف زين سيارته بجوار منزل عائلة رهف وما كاد أن يخرج من سيارته ليدق الجرس حتى خرج وليد محني الرأس يسير
بإتجاهه حاملاً حقيبتين أحداهما لكتبه المدرسية والأخرى لثيابه وما أن رأى ذلك زين حتى خرج وأخذ من ابنه حقائبه وهو يراقب وجهه ثم فتح له باب السيارة ليصعد بها ومن ثم عاد هو وصعد ثم قاد السيارة
" وليد بني ماذا بك "
" لا شيء "
" وليد هل هنالك ما تخفيه عني "
....
" هل والدتك صرخت عليك "
" نعم , لقد صرخت بي بشدة "
" ماذا قالت "
" أخبرتني أنها لا تريد أن تتحدث معي أبداً "
" لا تحزن والدتك لا تستطيع أن تفعل ذلك فهي تحبك "
" إن كانت حقاً تحبني ما كانت صرخت بي هكذا "
" لا بأس يا وليد لا تنزعج من والدتك إنها حزينة فقط "
" نعم إنها حزينه والذنب ذنبي يا أبي "
" إن الذنب ليس ذنبك , في الحقيقة أنه ما كان يحق لوالدتك أن تصرخ بك هكذا "
" أنا أحبها أيضاً يا أبي , لكنني أريد أن أعيش معك أنت "
نظر زين لابنه وشعر بحزناً شديد على وليد فهو يبدوا كالتائه بينهما , إضافة لذلك قامت رهف بتوبيخه لتفضيله العيش معه بدلا منها , فكر زين أنه لو كان مكانها لكان خاب ظنه هو أيضاً وخاصة أنها قامت بتربيته وحدها ولم تتزوج أو تتركه بل لازمته طيلة الوقت .
وصل زين للمنزل برفقة وليد
" وليد هل تناولت عشائك "
" نعم "
" حسناً , اذن فلنصعد لننام "
وصعد كلاهما حتى وصلا لغرفة وليد وضع زين حقائب ابنه وساعده في الإستعدا للنوم
" أبي "
" نعم "
" هل بقيت الليه معي "
" حسناً , سأبدل ثيابي وأتي في الحال "
" حسناً يا أبي "
ذهب زين ليبدل ثيابه وهو منزعج من ما فعلته رهف فيبدوا أنها نست أن وليد مازال طفل ولا يعرف من المخطئ الحقيقي
بينهما فماكان يحق لها توبيخه على خطأ لم يرتكبه , ثم عاد ليجد وليد يذرف دموعه في صمت فاقترب منه وضمه لصدره وناما ..
.............................................