عاد زين لمنزله وهو بالكاد يعي ما يفعله وظل حبيس غرفته لعدة أيام فلم يغادرها حتى إلى تمريناته حتى هاتفه لم يكن يجيب على أحداً مهماً كان .
لقد قلق عليه كلا من والديه وأخوته بسبب انعزاله عن الجميع حتى أنه لم يعد يذهب لتمريناته.
بينما مشاجرته انتشرت على شبكات التواصل الإجتماعية بأشكالها وزاد اختفائه المفاجئ من ناديه حديث الصحف , فقد حاول الجميع أن يصلوا إليه بشتى الطرق لكنهم لم يستطيعوا.
منع زين الخادمتان من أن يدخلان أي شخص عليه مهماً كان , فظل زين في منزله منعزلاً بمفرده متبعاً طريقة رهف عندما تحزن فقد كانت تعتزل الجميع لتخرج بأفضل حال لقد كان يعجب من طريقتها تلك ظناً منه أنه ضعفاً , لكنه علم الآن أن هذه أفضل طريقة لمحاسبة الذات ومعرفة أين الخطأ الذي وقع.
نهض زين من سريره ثم خرج من غرفته إلى الصالة وفتح التلفاز وأخذ يتنقل بين القنوات دون رغبة له في مشاهدة أي شيء لكنه أراد أن يبعد عنه التفكير في رهف قليلاً .
فتوقف عند قناة كانت تنقل مباراته السابقة التي أعلن بها خطبته برولا فتذكر أنه يومها سبب لرهف جرحاً عميق لم يشعر بألمه سوى اليوم وإن من سخرية القدر أنه في فوزه في مباراته الأخرى أعلنت له رهف زواجه من رجل سواه , عندها تذكر صراخ رهف تلك الليلة والغيرة تكاد تقتلها لقد أخطأت في حقها كثيراً..
" اربعة أتستطيع أن تحب أربعة "
" ولما لا "
" ولما لا ؟؟ حقاً فأنت رجل صحيح ,,
في الحقيقة أنه أنا المغفلة هنا فقد كنت أظنك رجلي لم أكن أعلم أنك رجل الجميع ,,
إلى هنا يا زين ينتهي ما بيننا وإياك أن تظن أنني من الليلة سأتنازل عن جزء بسيط من كرامتي,
أفعل ما شئت ,,
وأذهب أين ما شئت ,,
ونام في حضن من شئت ,,
لكنني أكد لك بأنك لن تنساني وستندم على ما فعلته معي طيلة حياتك ,, عندها صدقني لن ينفعك ندمك "
لقد هددتني رهف ونفذت تهديدها فقد أنهت ما بيننا بزواجها من ذاك المغفل وجعلتني أعض أصابعي ندماً على ما فعلته وبالطبع لن ينفعني ندمي الآن .
كيف لي أن أنساكِ الآن يا رهف ؟؟ كيف أخبريني ؟؟؟
عندها ذرف زين دموعه وهو يشعر بألم بين أضلاعه شعر وكأن هنالك من يقبض على رئتيه.
....................................
بعد إسبوعين ...
وقف زين أمام المرآة ونظر لنفسه عبرها ثم قال
" انتهى وقت الندم والآن وقت العمل "
ثم ابتسم بمكر وقال " سأعيد رهف إلى هذا المنزل كما أضعتها "
ثم خرج وقد لاحت على وجهه ابتسامة شخص واثق مما سيعمله فقد قرر أن يعيد رهف بأي طريقة كانت .
ربما انه اخطأ في حقها لكن النساء أضعف من أن يصرون على موقفهم وخاصة ان كانت مسألة قلب عندها
كل حصونهم تسقط في لحظة ضعف وهذا ما سأقوم به مع رهف.
فقد قررت أن أركع لها وأقدم لها اعتذاري وندمي على كل ما فعلته ويحق لها أن تختار العقاب الذي يناسبها.
................................
لاحظت رهف أكثر من مرة سيارة زين تلحق بها فأحياناً تراه في الصباح وأحياناً أخرى تراه عند عودتها للمنزل لكن الغريب في الأمر أنه لم يهاتفها أو يحادثها بل يظل هكذا واقفاً بعيداً عنها.
في البداية ظنت أنه يظن أنها لا تعلم أنه يراقبها ويلحق بها طيلة اليوم , فاستدارت لتواجهه لتلتقي عينيها بعينيه فنظر إليها مباشرة دون أن تهتز له شعرة وكأن له كل الحق في اللحاق به.
شعرت رهف بعد اسبوعين بالضيق فهي بالكاد تقود سيارتها ولا تراه خلفها هل يعقل أنه ترك تمريناته ليلاحقها في كل مكان عندها قررت أن تواجهه فقد ملت من ملاحقته لها ويبدوا أن هذا ما أراده .
عندها قادت رهف سيارتها بسرعة جنونية ثم اختفت في احدى الشوارع الجانبية عندها قام زين بابطاء سرعته ليتوقف في منتصف الطريق محتار أين اختفت رهف فجأة هكذا.
وما أن التفت عن يمينه حتى وجدها تنظر إليه مباشرة فشعر بالحرج فقد أوقعته في موقف لا يحسد عليه .
عندها رن هاتفه ليجد أن المتصل هي رهف ذاتها فأجابها وهو ينظر إليها
" ماذا تريد مني "
" أريدك أنتِ "
" زين الدين ,, أرجوك كف عن الحقارة هذه فقد وصلت لدرجة من الدناءة التي لم أتخيلها قط "
" هل أصبح حبي لك حقارة ودناءة "
" نعم "
" رهف .. "
ثم توقف زين فهو لا يعرف من أين يبدء
" نعم أنا اسمعك قول ما لديك فأنت لم تبقي شيء ولم تقله "
" رهف ما أ{يد أن أقوله ,, أنه في ذلك اليوم لا أعرف كيف قمت بذلك , حقاً لا أعرف "
" زين الدين ,, أرجوك لا تجد لنفسك أعذار ففي ذلك اليوم لم يكن خطك الأول ,, أم أنك نسيت أخطائك
السابقة ,, هل أذكرك ببعضاً منها "
" لا حاجة لذلك "
" اذن اختفي من حياتي ,, وأنساني كما نسيتك "
" لقد حاولت ,, أقسم لكِ ,, لكنني وللأسف لم استطع "
ثم شعرت بغصة في حديثه وحزن لم تسمعه من قبل لكنها قررت أن تذيقه من نفس الكأس الذي أذاقها منه
" والحل في رأيك "
" وهذا ما أريد أن أسئلك إياه ,, بما أنك نسيتني هل أخبرتيني ما هي الطريقة لذلك "
نظرت رهف إليه وشعرت بغضب ممزوجاً بحزن وحنين أرادت أن تسامحه فهي تعرف زين جيداً فعندما يدور ويلف بكلامه تعرف أنه يريد ببساطة أن يعتذر لكنه لا يعرف الطريقة المناسبة لذلك .
" الطريقة أن تعود لزوجتك ولحياتك وتنسى أمري وكأنني لم أكن في حياتك يوماً "
" هكذا ببساطة أنساكِ "
" نعم ببساطة هكذا "
" لدي سؤال أخير "
" يا الاهي زين الدين والنهاية معاك "
" هل ستحبينه كما أحببتني "
" ما دخلك أنت "
" هل ستبكين على كتفه كما كنت تفعلين معي,,هل ستقضين حياتك معه وتتركيني حقاً يا رهف "
" نعم يا زين الدين ,, لأنني ببساطة عرفت حقيقتك واخترت طريقي ولا أعتقد أنه سيلتقي بطريقك "
" رهف ...."
ثم سمعته يجهش بالبكاء وكانت هذه المرة الأولى التي تسمعه يبكي وينزل رأسه فلم يكن بمقدوره أن ينظر إليها وهو يشعر بكل هذا الضعف .
" زين يجب أن أقفل "
"رهف أنا أحبك فلا تطلبي مني أن أنساكِ هكذا ,, فهو ليس بالسهل علي أن أمحوكِ من ذاكرتي فقد
جمعتني معك الكثير من ذكريات الطفولة والمراهقة , فكيف لك أن تطلبين مني أن أمحوكِ الآن "
عندها صرخت رهف بكل غضب " أين كانت ذكرياتك هذه من قبل أم أن غيرتك وحسدك من أكون سعيدة مع غيرك ذكرتك بحب طفولتك الآن ,, لماذا لم تفكر في هذا الحب عندما دوسة كرامت صاحبته أوعندما تزوجت
بغيري ,, زين الدين لا أريد أن أراك في حياتي مرة أخرى "
ثم أغلقت رهف الهاتف وقادت سيارتها ودموعها تنساب على خديها حارة كحرارة ما حدث قبل قليل فهل يعقل أنه فاق من غيبوبته الآن .
همست لنفسها وهي تمسح دموعها " لقد تأخرت كثيراً يا زين الدين "
.....................................