المنتدى :
التاريخ والاساطير
حريم السلطان
حريم السلطان
كان السلاطين العثمانيون يرعون الجواري عقب التحاقهن بالعمل في الحريم ، فيختارون للجارية اسماً فارسياً جميلاً بدلاً من اسمها النصراني أو اليهودي ، أما بنات السلاطين فكانوا يختارون لهن أسماء عربية ، وعندما كان السلطان العثماني يتزوج جارية فكثيراً ما يضاف إلى اسمها آخر عربياً رمزاً للشرف الذي حظيت به بزواجها من السلطان .
وعندما تلتحق الجارية بالحريم يتم إعداد برامج خاصة لتثقيفها وتعليمها القراءة والكتابة والحياكة والتطريز ودراسة مبادئ الإسلام ، وإذا كانت الجارية لديها الاستعداد العقلي فهي تعلم الفارسية أو العربية ثم التاريخ الإسلامي والجغرافيا وبعضهن درست فن الخط وتميزت فيه ، وكان للمعلمة التي تعلّم الجواري احترام خاص ، وعندما علم السلطان محمد رشاد أن المعلمة التي تعلّم الحريم قراءة القرآن الكريم كانت تدخن دفع بلها راتب سنة مقدماً وأعفاها من مهمتها إذ لا يجوز لمن تعلّم القرآن أن تدخن . وبعض الجواري كانت تتلقى تعليماً موسيقياً وفنياً متقدماً .
بعد تسع سنوات من الخدمة أي عندما تصل الجارية إلى سن الخامسة والعشرين يكون من حقها أن تطلب التقاعد أو العتق وكان الكثير منهن يرفضن ذلك ويرغبن في الاستمرار في الخدمة والبقاء في الحريم إلى نهاية عمرهن .
ويحكم الحياة داخل الحريم قواعد وآداب تحكم السلوك مثل النظافة والطهارة وحسن المظهر . فالجواري كلهن دائماً نظيفات ومحظور عليهن التثاؤب والتمخط على الملأ أو السير حافيات وارتداء ملابس غير مهندمة ، ويجب عليهن تقليم الأظافر والغسل المستمر ويعشن في خجرة نظيفة ، وعندما تمر جارية من حجرة إلى أخرى يجب أن تقول (( دستور )) وهي كلمة تعني طلب الأذن بالمرور . ومحظور على من في الحريم أن يتكلمن بصوت مرتفع ، وللقصر السلطاني أطباء مقيمون فيه بصورة دائمة وكانوا يتعهدون نساء الحريم بالعلاج والعناية الطبية المستمرة .
وكانت المواظبة على أداء العبادات داخل الحريم أمراً لازماً ، فإقامة الصلاة في الحريم والقصر أمر إجباري ، وكانت الأميرات ملزمات أولاً بختم المصحف قبل أن يبدأن في تلقي العلوم الأخرى ، وعندئذ يقام احتفال خاص داخل الحريم يحضره السلطان لتقديم التهنئة بهذه المناسبة .
الحرملك....... قسم الحريم من القصر السلطاني مخصص لسكن السلطان ونسائه والقائمات على الخدمة وهو مستقل بأجنحته وغرفه وحدائقه وكل جناح يسمى دائرة ويغلق عليها باب رئيس يتولى حراسته من الخارج الأغوات .
وفي داخل الحريم العثماني ترتب النساء على حسب أهميتهن ، فالرئيسة الشرفية لقسم الحريم هي والدة السلطان وتتمتع بأعظم منزلة وهي بمثابة الملكة في المفهوم الأوروبي ولقبها (( المهد العالي )) و (( والدة سلطان )) وتخاطب بلقب (( صاحبة الدولة صاحبة العصمة )) (( دولتلو عصمتلو )) ولوالدة السلطان مراسم خاصة عند دخولها القصر للمرة الأولى بعد اعتلاء ابنها عرش السلطنة ، وتعرف هذه المراسم باسم (( والدة آلايي )) (( موكب الوالدة )) ولها جناح خاص وعدد من الجواري لخدمتها وترأسهن جارية من درجة (( نائبة )) ولها مخصصات عينية ونقدية .
وتأتي بعد الوالدة في الأهمية زوجات السلطان ، وتسمى الواحدة منهم (( قادين )) وكان لقبها حتى القرن الثامن عشر (( الخاصة )) (( خاصكي )) ثم أصبح (( السيدة حرم السلطان )) (( قادين افندي )) وتخاطب بلفظ (( ذات العصمة )) (( عصمتلو )) .
وللزوجات ترتيب خاص ، فتسمى الأولى (( باش قادين )) ثم الثانية (( ايكنبجي قادين )) ثم الثالثة (( أوجنجي قادين )) ، والعادة أن الزوجة تختار من الجواري في الحريم وعندما يقع عليها الاختيار فإنها تعفى من الخدمة وتوجه العناية كلها لتربيتها وتهذيبها وتعليمها قواعد الدين وتقاليد الحريم وآداب الحديث وبعض المعارف مثل اللغات والآداب . ولكل زوجة مخصصات عينية شهرياً تصرف لها داخل كيس من الحرير الأحمر ، وتصرف لها يومياً كميات مناسبة من اللحوم والأرز والسمن والفاكهة والخبز والخضراوات ، كما تصرف لها مرتين في شهري محرم ورجب كميات من الشمع والصابون والحطب والفحم والسكر والبن . ويسمح لزوجة السلطان بارتداء فراء السمور وملابس مزينة بالأحجار الكريمة مثل ملابس الأميرات . وتجمع شعرها فوق الجبهة كعلامة لها وتضع شالاً فوق الرأس الكتفين .
بعد زوجات السلاطين تأتي في الحريم العثماني فئة المستولدات وتسمى الواحدة منهن (( اقبال )) ولقبها (( هانم )) ولها الحق في مشاركة السلطان فراشه. وأقدمهن تسمى (( باش اقبال )) وأغلب المستولدات من الجركسيات لما يتمتعن به من جمال وذكاء . وإذا وقع عليها الاختيار وأصبحت مستولدة يخصص لها جناح خاص وعدد من الجواري لخدمتها وتثقف لتصبح جديرة بمكانتها داخل الحريم . وترتدي ثياباً من أقمشة فاخرة ويسمح لها بارتداء فراء الكرك .
وبعد المستولدات تأتي المحظيات وتسمى الواحدة منهن (( كوزده )) وهن متعلقات بأداء الخدمات المباشرة للسلطان ويمكن أن يترقين من مستولدة إلى زوجة .
وفي قسم الحريم هنالك ترتيب هرمي تأتي على رأسه كبيرة المسؤولات عن خزينة السلطان وتسمى (( باش خزينة دار )) وهي المسؤولة عن إدارة جناح السلطان وتحمل مفاتيح خزائنه وأحد أختام السلطان الثلاثة ودرجتها تعادل درجة وزير ، وداخل القصر درجتها مساوية لدرجة الصدر الأعظم ، ولقبها في البرتوكول العثماني هو صاحبة السعادة (( دولتلو سعادتلو )) وتعطى وسام الشفقة من الدرجة الأولى وتمسك في يدها صولجاناً كبيراً مصنوعاً من سن الفيل ومطعماً بالزمرد والياقوت والألماس . وترتدي ثوباً ذا ذيل طويل ينسحب فوق الأرض ، موشى بخيوط الذهب حول المعصم وتضع حول الخصر حزاماً مزيناً بالحجارة الكريمة وتضع فوق رأسها طاقية مثبت بطرفها شريطان مجدولان في ضفيرتين يقال إنهما كانتا تصنعان من شعر الخيل .
وهي تنظم التشريفات الداخلية ولا يمكن لامرأة داخل الحريم حتى زوجات السلطان وبناته أن يقابلنه من دون ترتيب مسبق منها . وهي تترقى في وظائف الحريم وتتعلم آدابه وتقاليده وتختار الجواري اللواتي يدخلن للخدمة في الحريم ولها جناح خاص ويخدمها عدد من الجواري ولها مائدة طعام خاصة ولها أن تذبح في عيد الأضحى أضحية خاصة بها .
وبلغ أهميتها وقربها من السلطان إن كان من حقها وحدها دخول حجرة السلطان أثناء نومه وإيقاظه إذا استدعى الأمر ! وقالت الأميرة شادية بنت السلطان عبد الحميد الثاني : إن الباش خزينة دار في قصر والداها السلطان كانت سيدة كبيرة في السن وصادقة ونظيفة وبلغ من احترام والدي السلطان لها أنه كان يقبّل يدها !!!
|