لا اعرف كيف اصف القصة . هل هي حقيقة ام خيالية , هل هي معقولة ام مستحيلة , هل هي صح ام خطأ . فقط اعرف اني احببتها و رغبت في كتابتها على الورق ثم على الكمبيوتر و منها الى منتداي الغالي .
السّر مع حبيبي
أبناءي الأعزاء ... بناتي العزيزات ... طفلي الصغير...
أنا آسفة لأني اكتب لكم هذه الرسالة في وقت صعب كهذا و لكن القدر شاء أن اكتبها حتى تعلموا لما فعلت ما فعلت . و أن تعذروني و تسامحوني و أن تحاولوا التقرب من إخوتكم فيما بعد و تأتوا لزيارتي , فانا اشتقت إليكم جميعاً و أتمنى رؤيتكم أمامي بصحة و سلامة .
قد تستغربون كلامي هذا : فانا الزوجة التي تركت زوجها بدون سبب , و الأم التي هجرت أولادها بدون بكاء أو حجه , و انأ البنت التي طردها أهلها من بيتهم بدون أن تعترض أو تنهار .
نعم انا هي نفسها . ولكن لما فعلته سبب قوي جداً جعلني افعلها و أترككم جميعاً , و اهجر زوجي , و اطلب الطلاق , و أحارب أهلي بسببه , و انفصل عنهم .
صبراً سأقول لكم ما هو السبب و لكن تحملوا قليلاً.
هذه الرسالة أرسلتها لكم جميعاً حتى تعرفوا الحقيقة و لا تدعو علي أو حتى تكرهوني فالله يشهد أني أحبكم جميعاً و أحب والدكم أيضاً و ما فعلته ألا بسبب وعد قطعته على نفسي أمام شخص قديم .
ستقولون ما هو الوعد ؟ و لما لم تحنثي به من اجلنا ؟ و هل هو مهم لهذه الدرجة ؟ و أسئلة كثيرة غيرها ...
نعم هذا الوعد مهم جداً , و لم استطع أن احنث به , فالله هو الشاهد على ما حدث و ما سبب هذا الوعد .
سأخبركم الآن عنه لكي تعلموا الحقيقة , و أرجوكم أن لا تقولوا لأحد عن هذا السر حتى والدكم و عائلاتكم . و بعد معرفتكم , أن كنتم تريدون رؤيتي او التعرف على إخوتكم فيمكنكم التحدث معي على الهاتف التالي : .....
عشت مع أهلي في بيتنا الحالي , و من صغري كنت محجوزة لابن عمي عادل . هو إنسان طيب و مسالم و حبوب . أحببته من الصغر و أحبني هو ايضاً. و عندما أصبحت في ال 17 سنة . تمت ملكتي عليه و كنت مبسوطة و سعيدة .
قبل العرس بشهر تقريباً جاء إلى القرية من عمله البعيد و اتفق معي أن يراني و يكلمني في الحوش بنص الليل و أهلي نائمين ...
و فعلاً رحت أشوفه و اجلس معه و تكلمنا و ضحكنا ... غازلني و غازلته , لأننا متعودين على بعض و لي مدة ما شفته . المهم ضلينا ساعة نتحدث و بعدها طردته من البيت قبل ما يشوفنا احد . لكنه و قف وراء الباب ينتظر قليلاً .
من فرحتي ما انتبهت أن البيت فيه حرامي يسرق منه .عندما رايته و شفت الأغراض التي أخذها – أغراض و ذهب العرس – خفت و حاولت أن اصرخ و لكنه كمم فمي بيده يحاول إسكاتي فلم ادري بعمري إلا و إنا امسك مزهرية حديدية من جنبي و اضربه على رأسه بكل قوتي . بعدها و قع على الأرض و الدم ينزل من رأسه .
ما وعيت لنفسي إلا و إنا افتح الباب ل عادل بعد أن سمعته ينادي علي بقوةٍ و هو يحاول أن يفهم الموضوع مني و انأ أشير إلى الأرض و الرجل مرمي بدون حراك .
عرف عادل الموضوع و حاول أن يسكتها و أن يهداها قائلاً لها : اهدئي و لا تقولي لأحد بما حدث . فهمتي انأ ساحل الموضوع .. لا تقلقي حبيبتي . هيا ساعديني لإخراجه من البيت , و بعدها نظفي الأرض من الدم , بسرعة قبل أن يصحو اهلك من النوم .
و فعلاً اخرج الرجل من البيت إلى الشارع و هو يحاول حمله و رميه في مكان بعيد . و لكن للأسف رآه رجلاً في الشارع و نادى عليه . فخاف عادل و هرب تاركاً ألحرامي مستنداً على الجدار و هو ميت . عندما رآه يهرب و يرمي شيئاً اقترب يرى الذي بالأرض , ثم صرخ و هو ينادي : الشرطة النجدة احضروا الشرطة .
في هذا الوقت أنا كنت أنظف البيت من الدم بسرعة و يدي ترتجف من الخوف و أفكر ب عادل و ما فعله باللص . و ما انتبهت لنفسي إلا و أنا اسمع شخص ينادي الشرطة يا ناس , اتصلوا بالشرطة . و فكرت إن عادل امسكوه . وقعت على الأرض في الزاوية و أنا خائفة و أدعو الله أن يسلمه . جاء أبي على صراخ الرجل و شافه و كلم الشرطة . كل هذا صار و الناس لا يعلمون أني أنا المجرمة ... أنا التي قتلت الرجل , صحيح دفاعاً عن النفس , و لكن كان بإمكاني آن اهرب و أنادي أحداً ما أو اتصل بالشرطة بسرعة . و لكن الخوف و الرعب جعلني اقتل رجلاً .
و من هذه الليلة التي بدأت بالغزل و الحب و انتهت بجريمة قتل . تغيرت حياتي , و بدلا من أن أكون عروس جميلة و سعيدة , أصبحت مجرمة قاتله . و لكن عادل لم يسمح لهم أن يسجنوني أو حتى يشوهوا سمعتي , فادعى انه قتل الرجل اللص في عراك و هو يحاول سرقة محفظته و أصر على قوله ذلك . و لم يجب على سؤال آخر . و الأصعب انه حلفني بحبه و عائلتي أن لا اخبر عن الموضوع و اخذ مني قسم بذلك , لأنه رجل يستطيع تحمل السجن أما أنا فلا استطيع ..
و بهذا تدمرت حياة عادل بسببي و دخل السجن بتهمة القتل ليمضى أجمل أيام عمره بين قضبان السجن .
قرر أهلي طلاقي منه و لكني رفضت و لكن بعد أيام وصلتني رسالة من المحكمة فيها حكم بالطلاق بيني و بين عادل . فلم أرضى و أخذت ابكي و اعترض . ذهبت إليه في السجن بدون معرفة أهلي و عندما واجهته , صدّ عني و لم ينظر إلي و أخذت أترجاه أن يعيدني إليه . و لكنه قال : الناس و المجتمع لا يرحمون المسجون و لا أهله و أنا لا أرضى أن يتحدثوا بالسوء عنكِ أو عن أهلي و لذلك لازم تنسيني و تعيشين حياتك بدوني .
قلت و أنا ابكي : و لكني احبك يا عادل . و أنا السبب في اللي صار ...
- لا تكملي . اللي صار صار و ما راح احد يصدقك .. انسيني .. انسيني للأبد .
- ما راح أنساك و بظل لك للأبد و هذا وعد مني .
- لا .. لا توعدين , فانا حياتي انتهت , انسيني و عيشي حياتك سعيده .
- ما راح أنساك و راح استناك طول عمري يا حبيبي .
ظليت أتذكره و لكن أهلي من حولي ما اتركوني لوجدي . فقرر والدي زواجي من شخص اخر هو والدكم . هو إنسان طيب و محترم و صبر عل جفوتي و بعدي عنه سنين , لأنه عرف إن ابن عمي كان خاطبني و انفصلنا بعد ما دخل السجن .
عشت مع أبوكم مرتاحة و سعيدة و جبتكم إلى الدنيا و أتمتعت بشوفتكم مرتاحين و مبسوطين في الحياة و ذقت طعم الهناء و راحة البال .
لكن ...
في يوم و أنا ازور إحدى صديقاتي في مدينتي القديمة . سمعت منها إن ابن عمي عادل طلع من السجن . و إخوانه طردوه من بيوتهم و مو راضيين يساعدونه أو حتى يشغلونه . و هو عايش مع الهنود و العمال الأجانب بدون شغل و لا بيت .
عندها تحرك الحب القديم و العهد القديم . وعندما سألت أهلي , أجابوني بان عادل خرج من السجن من شهور بسبب حسن السيرة و السلوك في السجن .
عندها قررت لقاءه .
ذهبت لرؤيته في مكانه اللي يعيش فيه و أنا ساتره نفسي بالعبايه و الغطاء . و عندما رايته , نزلت دموعي غزيرة من هول منظره . فأين عادل الشاب الصغير البعيد عن الهموم ,, من هذا الرجل الملتحي الأبيض الشعر قليلاً ... الذابل الخدود ... الغائر العينان ... الفاقد الحيوية و الحياة . لقد هزل و تعب و لكن نفس النظرة الصافية في عينيه و الرقة في صوته لم تتغير و هو يقول : آمري أختي و ش تبين ؟
لم استطع الكلام فمددت يدي إليه بورقة مطوية كتبت فيها – إذا ترغب بالعمل فاتصل على الرقم التالي في اليوم و الوقت المحدد و باجر مناسب . ثم تركته و ذهبت بالتاكسي .
عدت إلى بيتي و أنا في قمة السعادة والهم .... الفرح و الحزن ... الخوف و الأمل ... ها قد عاد عادل إلي و لكن أنا متزوجة و لا يجوز لي أن أفكر برجل آخر , هذا حرام .
و أنا انظر إلى عائلتي على سفرة الأكل و هم مجتمعين حولي , حزنت لآني سأهدم هذه السعادة عليهم إلى الأبد . و لكن حياة شخص آخر دُمرت و ستدمر من جديد إن لم اتركهم و أنقذه .
و لذلك قررت تركهم و للأبد .
اشتريت مزرعة في مدينة ثانية , باسمه دون علمه . و عندما اتصل بي ليعلمني بموافقته على العمل , أعطيته تفاصيل العمل و العنوان و طلبت منه الذهاب إلى هناك و استلام المال و المفاتيح وجوال للاتصال به و أيضاً ما يجب عليه عمله هناك .
بعد ذهاب عادل إلى المدينة الأخرى استخرت الله فيما افعله و ارتحت .
في اليوم التالي و بعد ذهاب الأولاد إلى بيت جدتهم . تحدثت مع زوجي بكل صراحة : حياتي معك انتهت إلى هنا واني اطلب الطلاق و سأعود إلى بيت أهلي .
حاول معرفة السبب و عاند و رفض و لكني كنت مصره و ذهبت إلى بيت أهلي بملابسي فقط بدون الذهب حقي .
في بيت اهلي حاولوا معرفة الحقيقة و ليه طلبت الطلاق : لم اعد أحبه و أريد الطلاق ... تعبت من الحياة معه .
حاول الأولاد كذلك معي بالدموع و التوسل و لكني كنت مصممه و لم أتنازل عن الطلاق . فهددني أبي بالطرد و البراءة مني و لكني كنت مصممه على رأيي .
عندما رفض زوجي الطلاق , ذهبت إلى المحكمة و اصريتُ على الخلع و الطلاق و مستعدة للتنازل عن حقوقي جميعاً – المؤخر و حق حضانة الأولاد – كلها .
و بأمر المحكمة تم طلاقي من زوجي و طردي من بيت أهلي و كره الناس لي . و لكني لم اهتم و لم ارضخ لهم فحملت إغراضي من بيت أهلي و رحلت عنهم تاركة زوجي و أولادي و أهلي و أحبابي ورائي إلى المستقبل المجهول .
وصلت إلى المدينة الثانية مسلحة بالأمل و الحياة من جديد لأفي بقسمي و عهدي .عشت غريبة عن الجميع عند احد الصديقات القديمة . كنت أتحدث مع عادل كل كذا فترة بدون أن يعرفني .
عندما انتهت شهور العدة , ذهبت شيخ المسجد المجاور للمزرعة و أخبرته عن نفسي و أني اخطب فلان بن فلان إلى نفسي . فبارك الشيخ لي خطبتي و قرر الاتصال بالرجل . تكلم الشيخ مع عادل عني و وافق على الزواج . تم الزواج على المهر المحدد و بدون شروط .
و في ليلة العرس تعدلت و تطيبت و خرجت إليه بكامل زينتي _ طبعاً العرس و السكن في بيت المزرعة اللي بناه عادل فيها , بعد ما عرف إني صاحبة المزرعة _ خرجت إليه و كأني لم أتزوج من قبل ... كأني لم اعش حياة زوجيه من قبل ... لان لحظة رؤيتي له عدت إلى بنت 17 سنه البريئة التي كانت تنتظر ليلة زفافها إلى حبيبها و توأم روحها عادل .
أما عادل فلم يصدق عينيه . فمن تقف أمامه هي حبيبة قلبه و معشوقته و حلمه طوال السنوات الماضية , و هاهي تقف أمامه بدلالها و جمالها و كأنها ما زالت هناك معه في تلك الليلة الأخيرة .
اقتربت منه و هي تبتسم بغزل قائلة :
- مرحباً عدوله .. حلوة المفاجأة .. صح .
- سمره , هذا حلم و إلا حقيقة . بس الشيخ قال سميرة .
- نعم قلت له اسمي سميرة ناصر عشان ما تعرفني .
- يا الله .. بس كيف كذا . و زوجك و اهلك ...
وضعت سمره يدها على فمه حتى لا يكمل كلامه .
- كلهم ما يسوون شيء قدامك . أنت عمري , حياتي , حبي , سعادتي , حلمي اللي عشت لأجله حياتي كلها .
- كل هذا عشاني .
- و أكثر . لو تطلب مني حياتي سعادتي أعطيك إياها و أنا مرتاحة و مبتسمة يا آمل عمري و حبي و روحي و ...
- بس بس ... ثم ابتسم و هو يمسكها برقه :
- عشت حياتي و أنا احلم باليوم اللي أشوفك فيه و المسك فيه و أحضنك فيه و أقبلك فيه و ...
- و أنا كلي لك يا عمري... يا حبيبي... يا عادل .
- احبك سمره .
- احبك عادل .
عشت مع عادل حبيب روحي في المزرعة , نعيش و نأكل من خيرها و أنجبت أولادي الثلاثة فيها و عشنا سعيدين نجدد أيامنا بالحب و الضحك .
لكن فيه أوقات أفكر فيكم يا أولادي و اشتاق لوجودكم جنبي و أحضنكم بقوة .
أتمنى حضور عرسكم و لحظاتكم السعيدة .
أتمنى السعادة لأبوكم و انه يسامحني يوم من الأيام .
أهلي يوم عرفوا بزواجي ارتاحوا شوي , لكن أبي لم يسامحني على ما فعلته و لكن : ابن عمي أولى من الغريب , مثل ما يقول أبوي .
هذه قصتي و سبب بعدي عنكم و ترككم بدون قول الحقيقة . فأرجوكم سامحوني و لا تكرهوني أو تكرهون إخوانكم مني , فانا السبب في اللي صار لولد عمي عادل – زوجي – عشان ينقذ شرفي دمر حياته و مستقبله و خسر عائلته بسببي , و كان لازم أعوضه العائلة اللي فقدها و أعطيه الحب و الحنان اللي ضاع منه بسببي .
سامحوني يا أبنائي ..... أحبكم جميعاً .
أمكم اللي ما نستكم – سمره
تمت .
الخميس 29-3-1435هـ