مسـاء الرِضا والحُب.. اغدِقوني بكرم ردودكم $:
يا قُرَّة العيْنِ إِنِّي لاأسمِّيكِ.. أَكْنِي بأخْرَى أسَمِّيها وأَعْنِيكِ
أخشى عليك من الجاراتِ حاسدةً.. أو سَهْمَ غيْران يرْمِينِي ويرْمِيك
لولا الرَّقيباتُ إذ ودعت غاديةً.. قبَّلتُ فاكِ وقلتُ: النَّفس تفديكِ
يَا أَطيبَ النَّاسِ رِيقاً غير مُخْتَبِرٍ.. إلاَّ شهادة أطرافِ المساويكِ
قد زرتِنا مرَّة ً في الدهر واحدة ً.. عُودِي ولاتَجْعَلِيها بيضَة َ الدِّيكِ
يا رحمة الله حلِّي في منازلنا.. حسبي برائحة ِ الفردوس من فيكِ
إن الذي راح مغبوطاً بنعمتهِ..كَفٌّ تَمسُّكِ أَوْ كَفٌّ تُعَاطِيكِ
ولو وهبتِ لنا يوماً نعيشُ بهِ.. أَحَييتِ نفْساَ وكَانتْ من مَسَاعِيكِ
-بشّار بن برد
الجُزء الثالث*
كان فارِس يتقَدمهم هوَ وزوجته وابنهما الصغير الوليـد, بينما الجازي وريم كانتا خلفهما.. كانَ النهارُ جميلًا وأشعة الشمس الذهبية مليئة بالدفء
الجازي: قال برستيج قال يبوي أهم شيء الدفا والله لولا الخمار اللي لابسته ما كان عندي مانع أغوص بهالفروة ياخي تجنن
ريم: سُبحان اللي يغيّر ولا يتغير والله يا جوجو إني شايفة هذاك الولد بشحمه ولحمه لابس فروة بداية الشتاء وقتها كان توه جاي الظاهر عشان ياخذ لُغة زي ما قال ابوي, شوفيه الحين لابس "جاكيت" رَسمي ولاف "السكارف" على رقبته, المصيبة إني أنا والوليد يوم نروح سفن إلفين ذيك الايام خويه
يقوله دق اللطمة, ويقول هو: سكارف اسمه ماهو لطمة, ياااااراااقققل يا كندي ههههههههههه
الجازي: دقيقة اتذكر كنتِ تقولين عن الهاينك " ام رقبة" ترى حالك حاله ههههههههههههههههههههههههههه
فارس يتلفت عليهم: سُبحان الله ما تحلا المضحكة إلا اذا طلعنا
الجازي وهي تكتم ضحكها : خلاص بابا آسفين
سَلكوا طريق صغير يفضي إلى منطقة هادئة, كانَ بحر "فكتوريـا" ناقع الزُرقة من يمينهم والصخور البحرية السوداء على شمالهم سائرين بينَ البحرِ والصخور, مرَّوا بالشباب السعودي جالسًا على الصخور السوداء, سكتَ الطرفيـن فجأة وأخذ أحد الشباب يتأمل يَد الجازي البيضاء بشَغف! بربكة تُحاول تغطية يديها بطرف كُم "الكَـاب" تَعدتهم العائلة..
ابراهيم: هذي عائلة آل فارس حق النادي
عبدالله: ماشاء الله يعجبني فيه إنه على طول السنوات اللي قعدها هِنا إلا إنه متمسك بدينه
حْمود كثيـر الكلام كان صامتًا على غيرِ العادة ويدَهُ تلاعبُ دقنه!
-
دَخـل غرفة الفحص التي بها والده..
خالد الحزين إلى اخمص قدميه: الحمدلله على كِل حال الحمدلله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه, يلا نمشي يا وليدي, ساعد عبدالملك والدهُ في النهوض هو الذي لا يعلم ماذا يقول!
خالد يُتمتم: زهايمر الله مستعان هييه يالدنيا, صُعق عبدالملك! كيف عَلم والدي؟ أكان للدكتور حِسًّا حين أخبره؟ نحنُ نعيش زَمن الأنانية, وعدم المبالاة بشعور الآخرين, نحن الزمن الذي يفتقر إلى فن التعامل مع المَرضى, إلى الابتسام لهم وتطييب خواطرهم بالكلام " الحلو " لا يؤلمُ الجَرحُ إلى من بِه الألمُ, لا يؤلم الاطباء حينَ يدركون أن مريضهم سيموت خلال الشهور الثلاثة القادِمة مثلًا, ولا يؤلمهم قَول: حالتِك ميؤوس منها, أنتَ من يؤلمك ذلك, أنتَ الذي ستموتُ بؤسًا من كلماتهِ ولا تموتُ من مرضك, في حيـن أن الطبيب لا يُدرك أن كلامهُ خَبيث كشجرةٍ خبيثةٍ اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار, لا يُدرك أن كلماتَهُ قاتلة! اللهم إنَّا نعوذ بكِ من قساوة القلب
دَخل البيت لتُسرع خلود وتضمه يَمسح هو على شَعرها الناعم بحنان وأمها من خلفها: ها بشّر؟
خالد لا يقوى على رَفع عينه: تلف خلية سبّب فقدان بسيط لبعض الأشياء, وان شاء الله مع الأيام تلتئم هالخلية, قبل أن تُعلّق زوجته أردف مباشرة: وين القهوة؟
هناي القادِمة كانت تحمل معَها صينية القهوة, بعد أن وضعت الصينية على الأرض المفروشة قبلت رأس أبيها ويديه بشَوق, خالد: هلا بالعروس احمرّت وجنتا هناي, أخذت العائلة تتبادل الأحاديث , وعبدالملك يتظاهر بانشغاله على جواله, تقوم خلود له: اللي ماخذ بالك يتهنى بـه
عبدالملك وَد أن يَصفعها: ماهو وقتك
خلود: صدق وش فيك؟ وجهك ماهو بعاجبني, عبدالملك الصامت, هو يَعرف بأن اُختهُ الصغيرة الأشد تعلقًا منهم بأبيـها, لا قوة لي بإخبارها أنَّ الذي هو أباها الآن لَن يكونَ هوَ بالأيـام القليلة القادِمة, أنَّ
من تراهُ كلَّ شيء وفي كلِّ شيء لن يكونَ شيئًا, أنَّ الإنسان الذي تُحبه سيتغيَّر بشكل جَوهري ولن يكونَ أبًا, حتى إنه في مرحلةٍ ما سيحتاج إلى أب, لا قوةَ لي يا الله.. تَنهد بألم الأتربة التَحتية للجَبل, الضعيفة التي لا تقوى على شيء.. هي تنتظر أن يأتي أمر الله لتخر هذه الجبال من فوقها, وأنا يا الله عبدك الضعيف انتظر رحمتكَ التي تُشفي أبي, وَقف ليتجه للدرج ومن ثمّ غرفته
بعد ثلاثـةِ أشهُر..
في أول الليـل, كان خالد يستغفر ويحمِّد.. مرّت هناي المُزهرة من أمامه ليقول مُباشرة: زواج من بَعد اسبوع؟ هناي ولم تحمل ذلك على محمل الجِد وهي تضحك: زواجِك يا يبه
خالد وهو يعقد حاجبيه أخذ يردد: زواجي! زواجي, ما اعرست على اسماء أنا, أخذ جَبينه يتصببُ عرقًا
هناي بخوف: يبببه وش فييييك؟
دَخلت اسماء وهي تحمل كأس ماء, هناي تردد: وش فيه ابوي؟ وش فيه؟
اسماء هي التي لا تجد بدًا من إخفاء الموضوع: فيه زهايمر
هناي وتشعر بأنَّ حجرةً كبيرة عالقة في عُنقها : زهايمر صدق؟
خارَت قواها فسَقطت على " الكنبة " بعْدك يا أبي أنا أموت, رَحمتكَ يالله بأبي, رَحمتك بقلبه الراضي القَنوع, أنا التي نشأت من غَرسك الطيّب, أأجد كبساطك الذي يضُمني؟ أأجد قُدوة عظيمة كَأنت؟ " يابووي أنا بنتك اللي يتهلل وجهها يوم تشوفك وشلون تصير الحزن نَفسه؟ " أنا لم اتخيّل أن تُفجعني بكَ الحياةُ يومًا, أتقبّل فُقدك ولا أتقبل رؤيتك يومًا بهذه الصورة, بصورة التي يقول عنها غازي القصيبي: كومـة بشرية لا تستطيع القيام بشيء دون مساعدة الآخريـن, كيف وأنت الذي لا يستطيع الآخرون القيـامَ بشيء دونَ " سَندك " وحتى " ابتسامتِك" يا رَب ابتسامتِه إشف " عَيني" أخذت تبكي بصورة مؤلمة: يبببه حبيبــي, دَخلت خلود عاقدة حاجبيها: وش فيـكم؟
هناي: أبوي يا خلود زهايمر فييه
خلود ببلاهة: يعني ينسى
هناي لا إراديًا: يعني ما عندك أبو
أخذت التعابير تتلوّن على مَلامح خلود الطفوليـة, وفجأة نهض " خالد" بصعوبة ليَجرهما لحُضنه.. هناي: قلللبببي كاويني يا يبه
خالد: أنسى نَفسي ولا أنساكم يا عيوني لا تبكين
أشعرُ بالرغبة في أن أخبكئما في وَسط القلب, يا " ضحكات سنيني " ويا وَجعـي الأكبر في هذه الحياة, لا أقدر على الشعور بالحياة يا بُنيّاتي لا أقدر على الشعور بكِ يا خلود وأنتِ تكبريـن, ولا عليكِ يا هناي وأنتِ تتزوجيـن, أنا أنسى كُلَّ شيء في غضون ساعات, أنا انسى كُلَّ شيء واخاف أن انساكُما.. أخاف أن افقد قطَعًا مني, رَحمتك يالله وشفاؤك..
أسماء التي كانت جالسة على مقربة منهم تبكي ألقت نظرة على ساعتها: أبو عبدالملك أذن العشاء.. ساعدته اسماء في النهوض ليذهب إلى المسجد.. تأخر خالد في الرجوع, لتتصل أسماء على ابنها عبدالملك بحَث عنه, وَجدهُ تائهًا في أحد الحواري القريبة.. ومن ثمَّ عادا للمنزل
-
حَضرت الجازي من غُرفتها لتَسحب الكُرسي الخشبي وتجلس علـيه, أخذت العائلة تتناول الطعام
ريـم: ماما وين أبوي؟
أم الوليـد: الشباب عازمينه على كبسة
ريـم: اُراهن على انو طقت تسبده من أكلتس يا يمه فهو عزمهم ههههههههههههههههههههه
أم الوليـد: أنا اللي واثقة إن أكلي زين منه هو إنك دائمًا ترابطين عالطاولة يا ام بطنين
الجازي: هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه اديلو
سَردت الأم على بناتها قصة من قصص الواتس أب التي تتداول في " قروبات " الامهات "المفلمات" لتقول الجازي وهي تمضغ الخضار: كلام فاضي يايمه
أم الوليد تركت الشوكة لتُردف بحماس: تدرين الحرامي اذا فيه خير بيغتصبك أقل شيء
الجازي ببرود: لا فيه حرامية طيبين صدقيني
ريـم: الحين العالم صارت تتصل على الحرامي يغيّر جو ويوسع صدرها
ام الوليـد الخائفة والمُنفعلة دومًا: وش هالحتسي!!! الجازي تُردف: أنا ما أؤمن بالحرامية اساسًا لتُمسك امها الملعقة هامّة بضربها, الجازي: خلاص اقسم بالله إني اؤمــن خـخلاص
ريـم وهي تضحك: حسبي الله على هالقرُوبات خربتك علينا
أم الوليـد وهي تتذكر شيء توجهت أنظارها لأبنتها الكُبرى “الجازي”: اسمعن اليوم عازمتني أم عبدالله, انتبهن لأخوكن ولا تطلعن
ريم والجازي معًا: طيب
نَهضت أم الوليـد عن المقعد: دورك يا ريم اليوم تغسلين المواعين
ريـم: يا شيب عيني, ان شاء الله يا يمه
ذَهبت الأم لتُجهز نَفسها, مَددت الجازي رجلها على المقعد الذي أمامها لتنشغل بالجوال
فتَحت تطبيق "تويتر" إلى فارس آل فارس- الفولورز- ليَخفق قلبها عند رؤية اسمه " حْمود بن قعوان" آخر تغريـدة له.. “إن الذي راح مغبوطًا بنعمتهِ..كفٌّ تمسكِ او كفٌّ تُعاطيـكِ" ابتسَمت برقة, لتَستوعب وتُغلق التطبيق تمتمت: استغفر الله استغفر الله استغفر الله
بعد خُروج والدتهما.. ريم: فيـه برنامج حلو عاليوتيوب شرايك نشوفه؟
الجازي: اوكي, اسمعي قبلها سَوي كرك مشتهيتـه مرّة
ريـم وهي تَفتح العُلبة الرُخامية المَطبوع عليـها كَلمة "تي" :ماافيه شاهي
الجازي: يالله, خلاص شوفي بانزل لسفن الفين اشتري لنا شيء واجيب شاي وياي
ريـم: حلو بانتظرك.. بسرعة لبسَت "الكـاب" واسدَلت "الخمار" من فوقـه وهي تربط النقاب: ياليت
يا ريـم تنومين الوليد معاك
- الجُزء الرابع راح يكون غدًا الاثنين بإذن الله. مَحبتي لكم