كاتب الموضوع :
kirara
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
ــ وقعت في حبها دون أن تشعر بذلك .
ــ هذا صحيح .. توالت الأيام وتعددت لقاءاتنا وازدادت عمقا شيئا فشيئا حتى أصبحت مركز حياتي وجدت نفسي متعلقا بها لدرجة أنه لم تعجبني إمرأة أخرى حتى وإن كانت آية في الجمال والروعة واعتزلت حياة المرح والعبث لكن سعادتي لم تكتمل يوم علم أبي بقصة غرامي بها هددني بحرماني من العرش وبمعاقبتي ولأني كنت أحب أمك بصدق وقفت بوجة أبي وعارضت زواجي من كوليت .
ــ وماذا حدث بعدها .
ــ وقع المحظور وسجنت في أحد السجون بأمر من والدي عقابا على تمردي .
ــ وأمي ماذا حدث لها ؟
ــ سجنها جدك في دير راهبات دون أن أعلم بهذا وقال لي أنها تخلت عني بعد أن أغراها بالمال رفضت التصديق لأني كنت واثقا من حبها وإخلاصها لي.. كم كانت تلك الأيام عصيبة ومريرة أن يسلب من المرء حريته والشخص الذي يحب.. لكن القدر كان بصفي هكذا شعرت يوم مرض أبي مرضا خطيرا لا علاج له أحس أنه لن يعيش طويلا فأفرج عني وطلب رؤيتي ودار بيننا حديث طويل أعلن بعده زواجي من والدتك وتوفي بعدها بأسبوع ووليت الحكم من بعده لأعيش حياة إستقرار بجانب والدتك .
ــ إذن فقد عشت قصة حب عنيفة يا أبي .
ــ لنقل أنه كان لي نصيب فيه .
ــ أتعلم يا أبي كم أتمنى أن أعرف الحب وأن أعيش لحظاته . الملك مراوغ :
ــ ان أردت فالفرصة مازالت أمامك فالأميرة رائعة الجمال وستجد بقربها كل ما تصبو
إليه نفسك .
ــ عدت من جديد !
ــ حسنا أنت أردت ذلك أتذكر . يضطرب أليكسيس ويسارع قائلا :
ــ أتأذن لي بالانصراف فأنا لم أرى عمتي منذ وصولي , لا بد أنها غاضبة مني الآن .
ــ يمكنك الإنصراف سنكمل حديثنا في وقت آخر .
وبـعـيـدا عـن أجـواء القـصـر تتوقف العربة التي تقل الأميرة ووصيفتها في بقعة خضراء شاسعة تكثر فيها الأشجار والأزهار البرية تترجل الأميرة من العربة وتقول لوصيفتها مرحة :
ــ كم أشعر بالسعادة الآن يا جوانا ؛ لطالما أحببت الطبيعة وأحببت هواءهـا النقي .
ــ هـذا واضح جدا يـا مولاتي.. فوجهك أصبح أكثر إشراقـا من ذي قبل .
ــ هذا لأني أشعر وكأن روحي معلقة بالطبيعة إنها عندي تساوي الكثير بشكل ما تنسيني همومي و ما يؤلمني وتصحبني معها إلى عالم آخر وهذا ما أفتقده بين أسوار القصر الكئيبة .
ــ لا تبالغي يا مولاتي إنك فقط لا تشعرين بالإنتماء هناك , أتعرفين ما أنت بحاجة إليه ،
أنت بحاجة للوقت نعم الوقت يا مولاتي سيمنحك الحلول لمشاكلك وسترين .
ــ من يدري قد تكونين محقة في النهاية.. والآن أين ستكون نزهتنا ؟
جوانا وهي تدفع الأميرة برفق قائلة:
ــ هذا سهل دعي هذه المهمة لي .. إذهبي أنت وتمشي قليلا أنا وبيتر سنتكفل بكل شيء لكن لا تبتعدي كثيرا يا مولاتي . تمشت انابيل في غيد قائله :
ــ حسنا .
توجهت جوانا إلى السائس بيتر الذي كان يهم بإنزال الأغراض من العربة ذهبا معا لإختيار البقعة المناسبة لنزهتهم بينما كانت الأميرة تتمشى لفت نظرها صغير غزال شارد يأكل بنهم حبات التوت البري المتدلية بكل حذر إقتربت الأميرة منه وهي تتمتم بصوت رقيق :
ــ ما أروعك أيها الصغير.. لا تخف أنا لن أوذيك يبدو أنك أضعت أمك يا مسكين , لا تخف دعني أمسح على رأسك الجميل.. لكن صغير الغزال جزع وانطلق يجري بسرعة لحقته أنابيل وهي تنادي عليه :
ــ لا توقف أرجوك لم أقصد إخافتك إنتظرني .. لم تدرك الأميرة أن جريها خلف صغير الغزال سيوقعها في ورطة كبيرة وأنها إبتعدت عن وصيفتها وتوغلت داخل الغابة .
كانت جوانا تهم بتجهيز طعام النزهة بعد أن وجدا البقعة المناسبة إقترب منها السائس بيتر وبدى متوترا قال :
ــ المعذرة يا آنستي.. لكن علينا أن نعاود أدراجنا .
ــ لمـاذا ؟ مـا زال الوقت مبكرا على العودة . يشير نحو السمـاء قـائلا :
ــ أنظري .. أترين تلك الغيوم السوداء المتفرقة ؟ وبإيجاب تهز جوانا رأسها يتابع :
ــ إنها تنذر على إقتراب عاصفة يا آنستي ، سوف تهطل الأمطار قريبا لذا علينا العودة
إلى القصر . جوانـا بخيبة أمل تقول :
ــ يبدو أننا لم نحسن إختيار اليوم للقيام بنزهة لكن لا بأس إبدأ بتحميل العربة وسأذهب
لإستدعاء الأميرة. صاحت جوانا تنادي سيدتها لكنها تعجبت لعدم إستجابتها للنداء
شعرت بالخوف وأسرعت إلى السائس بيتر جوانا والمخاوف تلعب بها :
ــ لا أجد للأميرة أي أثر يا إلهي أخشى أنّ مكروها وقع لها .
ــ لندعو الله أن لا تكون قد توغلت إلى الداخل . جوانا بإضطراب :
ــ ماذا تعني ؟
ــ إننا قريبون من مشارف الغابة يا آنستي أخشى أنّ الأميرة لم تنتبه إلى حيث كانت تسير .
ــ لا تكمل.. لنسرع بالبحث عنها قبل أن تبدأ العاصفة .
كانت الأميرة قد فقدت أثر صغير الغزال لكنها تنبهت متأخرا أنها قد إبتعدت وضلت الطريق وجدت نفسها في مكان مظلم كثير الأشجار قليلا ما يتخلله ضوء النهار فلقد كانت السماء ملبدة بالغيوم السوداء مما زاد الوضع سوءا دبّ الخوف في نفسها وبدأت بالصراخ لكنها كانت تبعد عنهم بمسافات بعيدة لم تدرك المنكوبة أنها في قلب الغابة الموحشة حيث لا فائدة ترجى من وراء صراخها حتى وإن علا صداه يعانق عنان السماء أخذت تتخبط بجذور الأشجار العملاقة وهي تصرخ مستنجدة ، سرعان ما تغير حال الجو فجأة وأرعدت السماء وهطل المطر بكثرة لتعصف الرياح الغاضبة بدورها لم يكن بإستطاعة السائس بيتر وجوانا الرؤية جيدا فلقد حجبت السحب السوداء الشمس وسادت الظلمة يعلو صوت السائس بيتر قائلا :
ــ لا فائدة من الإستمرار في البحث يا آنستي علينا العودة وطلب المساعدة لن نتمكن
من الاستمرار مع قدوم العاصفة . جوانا وقد أنهكها التعب :
ــ لا لن أعود لن أترك الأميرة وحدها في غابة تعج بالوحوش الضارية يا إلهي أين أنت يا مولاتي؟.. إنها غلطتي كيف سمحت لها بالذهاب وحدها إلطف بها يا إلهي .
بيتر محاولا إقناعها :
ــ علينا العودة فالمطر بدأ يزداد . تصرخ جوانا بهستيرية :
ــ لن أعود.. عد أنت إن شئت أما أنا فسأبقى . بيتر يجذبها من يدها :
ــ لن أغامر وأدعك وحدك في العراء ستعودين معي وسنتمكن من جلب المساعدة للبحث
عن الأميرة. ويصعدها العربة عنوة ويضرب باللجام فينطلق الحصان يعدو بسرعة الريح..
توجه أليكسيس إلى غرفة عمته الدوقـة إيديث طرق الباب فأجابته الدوقة قائله :
ــ أدخل يـا أليكسيس . أغلق البـاب خلفه وقـال متعجبـا :
ــ كيف عرفت أنه أنا يا عمتي .
ــ أنسيت أني من ربيتك إنـي أعرفك جيدا حتى بت أميز طرقك على الباب يا عزيزي .
يقترب منهـا فيقبلهـا على وجنتهـا ويدهـا قـائلا :
ــ سامحيني يا عمتي لقد أردت أن تكوني أول من يراني لكني إنشغلت بأمور أبعدتني عنك . الدوقة وهي تلاطفه :
ــ لا حاجة لأن تختلق الأعذار يا أليكسيس أنا أعرف كل ما يدور في هذا القصر وأعرف أيضا ما يجول بفكرك . أليكسيس باضطراب :
ــ ماذا تعنين يا عمتي ؟
ــ وكأنك لا تعرف.. صحيح أنني قد إعتزلت الجميع في داري ولم أعد أزاول لقـاآتي الإجتماعية كما كنت.. لكن هذا لا يعني أنني لست على دراية بما يدور حولي خاصة إن كان الأمر يتعلق بإبني الصغير المدلل .
ــ عمتي.. لقد أتيت لأراك وأطمئن عليك .
ــ فهمت.. لا تريد التحدث في الأمر .
ــ ليس هذا ما عنيته صدقيني أنت الوحيدة التي أستطيع أن أسر لها ما في قلبي لكن ليس الآن لأنني مرتبط بموعد . الدوقة ممازحة :
ــ موعد غرامي .. وارتفعت ضحكاتها لتردف قائلة:
ــ أعرف أنك تريد الذهاب لصديقك الشاعر . إبتسم أليكسيس ونظر إلىعينيها نظرات
ملؤها الحب قائلا :
ــ وكأنك تقرئين ما يجول بفكري لهذا أحبك يا عمتي . فيعاود تقبيلها وينصرف بإتجاه
الباب أوقفته الدوقة إيديث بسؤالها قائله :
ــ هل تعدني أن نكمل حديثنا عند عودتك .
ــ قد أتأخر في العودة لكني أعدك. توجهت الملكة كونستانسيا إلى غرفة الملك فريدريك حاملة بيدها كوب شاي دخلت عليه فوجدته منكبا على القراءة إقتربت منه وناولته الكوب قائله :
ــ من كان ليصدق يا عزيزي سرعان ما انقلب حال الجو. الملك وهو يتناول كوبه:
ــ وأين الغرابة فيه إنه علم الفلك الذي يصعب التنبأ به لنأمل أن يمر اليوم على خير.
ــ ولكن سيزارد عالم الطقس يزعم أن هناك عاصفة في الطريق إنه يقول أنها ستكون أقوى من التي حدثت في السنة الماضية .
ــ أرجو أن تخيب توقعاته .
ــ قلمـا مـا تخيب ، عزيزي هنـاك أمر أود منـاقشته معك .
ــ يمكننـا تأجيله إنني منشغل بهذه الصكوك والإتفـاقيـات .
ــ لن آخذ من وقتك الكثير .
ــ فليكن ماذا تريدين ؟
ــ كمـا تعرف يـا عزيزي أوزولدا عـائدة غدا من إيطـاليـا, حسب ظني أن سوء فهم طرأ بينها وبين زوجها الأمير ديفيشيو . إشتد غضب الملك فصاح قائلا :
ــ مرة أخرى .. ألا تعرف هذه الفتاة أن تحافظ على زواجها.. إنها للمرة الثانية التي تتزوج فيها وفي كل مرة تزعم أنّ سوء فهم حدث وبعدها تتقدم بطلب الطلاق لقد سئمت من تصرفاتها الطائشة . الملكة بضيق :
ــ لا تقل هذا عن إبنتك يا مولاي .. ليس ذنبها إن لم تجد بعد من يليق بها .
الملك يردف بسخرية لاذعة :
ــ ولن تجده .. فأوزولدا فتاة مستهترة طائشة وتحلم دائما بالمستحيل ليتها تكون كإبنة
خالتها أزميرالدا .
ــ أرجوك يا مولاي .. إنك بقولك هذا تسيء إلى نفسك قبل أن تسيء إلى إبنتك كان يجدر بك أن تدافع عنها وتحمي حقوقها الشرعية لا أن تسخر منها .
ــ هذا لأنها تستحق كلّ كلمة قلتها بحقها.. إبنتك يا عزيزتي هي حديث الجميع إنها لا تباعد أخاها العابث أوليفر الذي لا عمل له سوى السهر والشرب.. الملكة مقاطعة :
ــ أوليفر ليس كما تصفه ألا يكفيك أنك لا تعامله كإبنك بسببك هو يقتل نفسه بشرب السموم لكنه الآن أصبح شخصا آخر! لندع أوليفر وشأنه أتيت من أجل الحديث عن أوزولدا .
الملك بتهكم وازدراء :
ــ وما المطلوب مني يا مولاتي ؟
ــ لا أريد منك سوى أن تظهر محبتك لهـا .. فقط تجنب سخريتك اللاذعة معهـا إنهـا فتاة رقيقة ومرهفة الحس .
ــ بل إنها بقرة أكول .
ــ مولاي ..
ــ قلت ما لديك والآن إنصرفي ودعيني أكمل قراءة هذه الأوراق .
وصلت العربة إلى بوابة القصر نزل السائس بيتر وهو يصرخ على الجندي بأن يفتح البوابة حتى توجه وعلى الفور إلى ثكنة القائد العام كاستول طرق على بابه بشدة وهو يصرخ :
ــ سيدي القـائد كـاستول . خرج القائد العام قائلا :
ــ ما الأمر يا بيتر لما أنت مبلل هكذا ؟ بيتر وقد إختنق بالكلمات :
ــ سيدي لقد وقع حادث للأميرة أنابيل . وكمن أصابته الصاعقة إنتفض جسد القائد
كاستول وصرخ قائلا :
ــ ماذا قلت ؟ حادث. . بيتر وهو يلتقط أنفاسه :
ــ لقد أضعنـا مولاتي الأميرة في الغـابة ولم نستطع إيجـادهـا . لم يتحمل القائد كاستول ما سمعه أمسك بيتر من كتفيه يهزه قائلا :
ــ وكيف حدث هذا ؟ هيا قل عليك اللعنة .
وبعد لحظات إندفع القائد العام كاستول كالإعصار إلى جناح الملك وأطلعه بما جرى حتى يتعالى صوت الملك وهو يصرخ بعصبية :
ــ أيها القائد كاستول آمرك هذه اللحظة بالخروج على رأس طلائع فرق للبحث عن الأميرة ولا تعود إلا بها.. وكالبرق الخاطف غادر القائد كاستول للإهتمام بالأمر وبلمحة البصر إلتف الملك نحو الجندي فصاح به قائلا :
ــ أما أنت أيها الجندي فاذهب لإستدعاء أليكسيس في الحال.
تملك الخوف قلب الجندي الذي هاله صوت الملك الجهوري الغاضب وبجزع كبير لاح على وجهه قال مضطربا :
ــ لكن مولاي .. ولي العهد ليس في القصر .
فما كان من الملك فريدريك .. سوى أن أشار بإصبعه بوجهه وقال بصوت دوى صداه فخيل لسامعه وكأن الرعد دوى :
ــ إذهب للبحث عنه وإحضاره إلى هنا على جناح السرعة .
وما كاد ينهي الملك جملته حتى إختفى الجندي من أمامه وكأنه تبخر في الهواء ، وعند الإسطبل حيث إجتمع القائد العام كاستول بجنوده يلقي عليهم تعاليمه إنطلق من فوره بعد أن أنهى إرشاداته على رأس طلائع الفرق في مهمة العثور على الأميرة الضائعة .
|