الفصل الرابع
ما ان غاب جوليس في مكتبه حتى وجدت جاكي عذرا لنفسها لتتواجد مع آمي في غرفة الايداع, حاولت ان تفكر في عملها لفترة بعد الظهر, لكن لم يكن من السهل ان تصرف ذهنها عما حدث, خاصة عندما اقتربت منها جاكي وهي تقول:
"أين كنت؟ ما زالت زوو في فرصة الغداء, لقد اعتقدنا ان شيئا ما حدث لك. هل قابلت جوليس عندما كنت في الارج؟"
"شيء من هذا القبيل. لقد اخذني الى مطعم الكروان, ول استطع المغادرة قبل الان."
اخبرتها آمي باختصار ما حدث, ولم تخبرها مطلقا عن مكان لقائهما.
سألت جاكي بفضول "ماذا أكلت؟"
شعرت آمي بالتوتر والتعجب معا "ما هذا الفضول لدى كل انسان هنا بنظام غذائي؟ وفي الحقيقة انت سيئة تماما مثل جوليس. لم يبعد نظره عني ولم يسمح لي ان اطلب ما اريد. اعتقد انه بعد ان رآني اقطع الكيك بالمسطرة البارحة اراد ان يرى بنفسه ان كننت اعرف استعمال الشوكة والسكين."
نظرت جاكي اليها بقلق وكأنها لا تستطيع ان تقرر ما ستقوله "لا ليس في الحقيقة, ليس الامر هكذا..." ترددت قليلا قبل ان تتابع "انه خائف فقط ان تكوني مريضة... او ان تكوني مصابة بالشره المرضي او لا ادري ما اسمه."
"الشره المرضي!" كان بامكان الجميع في المكتب ان يسمعا, لكنها لم تهتم بذل. غاجرها فجأة كل المرح والسعادة التي كانت تشعر بهما, هذا هو السبب الحقيقي لذلك الغداء غير المتوقع "ومن اين اتته هذه الفكرة المخيفة؟"
حذرتها جاكي وهي متضايقة "هس! قد يسمعك! ليس من المفترض ان اخبرك, لكن عليك ان تعترفي انك هزيلة الجسم وانك تشترين كيات كبيرة من الطعام وانك تأكلين ثلاث سندويشات معا, هذا ما قاله جوليس..."
لم تكن فكرة ان هناك من يتجسس عليها في المكتب هي التي ازعجتها بل جوليس ذاته الذي وثقت به واعتقدت ان لديه دافع خاص! واعتقدت انه يريد رفقتها. لكنه اظهر وبوضوح انه كان يريد التأكد انها لن تنهار في وسط عمل مهم تقوم به. امر مزعج حقا "فالوقت هو المال." جملة تلازمه باستمرار.
قالت تتهمها "واعتقد انك هنا الان لتتأكدي انني لست مريضة او هناك شيء ما."
ومن نظرات جاكي التي تعبر عن احساسها بالذنب علمت انها على حق. قالت بغضب "لدي حياة مليئة بالعمل خارج هذا المكتب. لا مشاكل لدي لكن الكثير من العمل لدي شخص مسؤولة عنه في المنزل والكثير من الاعمال الاجتماعية."
لم تقل شيئا عن عملها لكنها لم تكذب تابعت "وليس لدي الوقت الكافي لأجلس واتناول الغداء بهدوء. كما وان هناك العديد من الناس الذين هم ضعفاء."
لم يكن من العدل ان تظهر غضبها على جاكي, انه جوليس من يستحق كل هذا الصراخ.
بدت جاكي متضايقة "لكن آمي انه مهتم حقا بك."
"حسنا ليس هناك من داع لهذا الاهتمام, ويمكنك ان تؤكدي له ذلك."
في الوقت الذي لحقت بالباص كان غضبها قد هدأ قليلا, وامضت الوقت كله وهي تحلل سبب قيامها بكل هذا الشجار. ما يؤلمها جدا انها ليست بالنسبه لجوليس سوى عاملة. انها ليست آمي التي يهتم لها, بل الانسة طومبسون التي قد تتعرض للمرض خلال عمل ما.
قالت لنفسها معزية, كل هذا بسبب انني مرهقة, من حسن الحظ ان ليس هناك اي حجز للعشاء حتى نهاية الاسبوع القادم, حتى لو كان هذا يعني نقص في المال.
نهار السبت كانت كالواحة في الصحراء بعد مصاعب الاسبوع, ذهبت هي وتشارلي لتناول الغداء عند جسي ولم يذكر احد رحلة تشارلي الى اكسفورد في يوم المدرسة, وعندما تذكرت ان تكلمه تخلت عن الفكرة فما معنى ان تخلى يوما عن الذهاب الى المدرسة؟
بدا لها الاسبوع التالي اكثثر سهولة, فهي لم تعد بحاجة لأن تسأل عن كل شيء. وامضت معظم وقتها مع دنيس, كما وان جوليس لم يحضر كثيرا الى المكتب. وحاولت ان تتجنبه عندما يأتي, وكانت تشعر بالسعادة عندما تجد عذرا انها تعمل على طباعة رسالة ما. مع ذلك لق وجدها مرة وقد اشتبكشعرها بآلة الطباعة وكانت هي وزوو تحاولان ان تنزعا الشعر دون ان تفسدا الرسالة. زاد وضعها ذلك من اقتناعها انه لا بد ان يعتقد انها اقل سكرتيرة غير كفوءة قد استخدمها يوما.
وقف بجانب المكتب وقد ضم يديه الى صدره وهو يراقبهما, لم تظهر آمي اية ملاحظة لوجوده مع احساسها بالاحراج القوي فيما اخذت زوو تعتذر بسرعة.
"لا بأس زوو, سأعطي آمي دقيقتين فقط لتتخلص من هذا المأزق وان لم تفعل سأعود حاملا المقص."
ما ان سمعت زوو الملاحظة حتى ذهبت الى مكتبها, لكن قبل ان يترك جوليس آمي لتخلص نفسها انحنى قليلا وقال كأنه يهمس في اذنها "الاعشاب البحرية الحمراء آمي. انت تعلمين ما الغاية منها؟ انها تبعد الامطار! انني ارغب في تعليق خصلة منها في نافذة مكتبي."
شعرت وكأن يديها ترتجفان اكثر مما يقتضيه الموقف, بالطبع هو لن يقص شعرها, وليس هذا هو سر اضطرابها.
كان عشاء ليلة الجمعة يعتبر حدثا مسليا لها بعد كل هذا الاسبوع, ووجدت نفسها تنتظره فعليا, ولم تشعر بالقلق لانها ستعمل وحدها وبدون جسي, فلقد قامت بذلك من قبل عدة مرات.
لا يبعد المكان كثيرا عن منزلها واعتقدت انه لن يصعب عليها ايجاده, مفترضة ان سيليا قد نقلته بطريقة صحيحة. كانت قد اعترفت انه لم يكن لديها دفتر للملاحظات لتنقل عليه العنوان عندما تلقت الاتصال, وقد تجولت في المنزل وهي تعيد المعلومات حتى وجدت دفترها.
قررت آمي ان تمل شاحنة جسي الصغيرة وتنطلق في وقت باكر, كان هناك عدد من الخضار وطعام ليس بحاجه الا لبعض التسخين, كذلك المقادير لتحضير طبقين اخرين. كانت جسي قد حضرت المعجنات ووضعتها ضمن اوراق خاصة وهذا اقل ما تستطيع فعله تقديرا غيابها ومساعدة لآمي.
كان شارع ماركت ذا الرقم 27 مليئا بالمنازل الحجرية القديمة ذات النوافذ الزجاجية الملونة, رأت عند مدخل المبنى الذي كانت تقصده جرسان. وعلى جرس الطابق الاعلى كتب اسم "نوتن" فضغطت على الجرس الأول متأملة. بعد ان امضت نصف ساعة وهي تقرع الاجراس باحثة عن شخص يدعى آيوت بدون اي اثر له.
نظرت الى ساعتها. كان هناك انوار في الطابق الاول في المبنى, تساءلت ان كان عليها الانتظار لدقيقة بعد قبل ان تقرع الجرس مرة ثانية, فالطقس بارد جدا في الخارج.
كانت قد رفعت يدها لتقرع الجرس ثانية عندما سمعت صوت امرأة تقول بغضب "لا اهتم مطلقا لما تفكر فيه!" وبعد مرور لحظات تالية فتح الباب!
اسقطت يدها على الفور, وفتحت فمها بانزعاج, لا بد ان والدة جسي قد كتبت العنوان بطريقة خاطئة. كانت فيونا هاربر ماكسويل تقف عند الباب.
قالت آمي وقد بدت الدهشة عليها "اه انني اسفة جدا, كنت ابحث عن شخص يدعى السيد آيوت."
بدت تعابير وجه فيونا متوترة, فلا بد انها كانت تتشاجر مع شخص ما بالداخل, بعد ذلك تحول الغضب في عينيها الى نظرة كمن يتحدث مع شخص يعرفه.
"انت واحدة من سكرتيرات جوليس أليس كذلك؟"
"اه نعم, لكن يبدو انني اتيت الى المكان الخطأ. نني اسفة على الازعاج." هل هذا هو منزل فيونا؟ أليس لديها شقة في لندن؟ أو...
بعدها سمعت صوته المألوف يقول "من السائل؟" جوليس!
شعرت بالاضطراب, بالكاد تستطيع ان تسأله عن السيد آيوت الذي ستطهو له, ومع الشاحنة التي كتب عليها كوكاري غير المحدودة والتي كانت قد اوقفتها على جانب الطريق امام منزله, عليها ان تتظاهر ان لا علاقة لها مطلقا بتلك الشاحنة.
قالت بسرعة لفيونا "حسنا, لقد تذكرت اين هو المنزل, انني اسفة."
وكادت تبعتد بسرعة عندما قال جوليس "آمي! ماذا تفعلين هنا؟"
للحظة رغبت بقوة ان تهرب بسرعة على الرغم من انه رآها. بعدها وبتردد شديد استدارت لتجده يقف وراء فيونا.
شعرت بخفقة سريعة في قلبها وحدقت به وكأنها لم تره من قبل. حاولت ان تستجمع ذكاءها لتجيب "لقد اتيت الى المنزل الخطأ!" وتابعت بيأس "عذرا على الازعاج."
بدا عليه الفضول وهو يقول "وعمن تبحثين, صديق؟"
"لا ليس بالتحديد. شخص يدعى السيد آيوت."
قال مشككا "لا احد بهذا الاسم في الشارع الذي اقطنه, ما هو عمله؟"
"لا فكرة لدي." ونظرت الى فيونا وتعابير وجهها المهذبة تخفي كل ما يدور في رأسها تابعت "لا بأس لقد نسيت اين يعيش, لكنني تذكرت الان."
وبدا لها ان ما قالته سخيفا حتى لها.
"واين يعيش؟"
من المؤكد ان جوليس يريد ادق التفاصيل! لوحت آمي بيدها بطريقة غامضة باتجاه الشارع وقالت "في اخر الشارع.."
رأت عيناه تلمعان بسرعة في الناحية التي اشارت اليها, بعدها ظهر شيء من المرح على وجهه.
بعدها قالت فيونا بتهذيب لكن بلهجة قاسية "اتمنى ان تجدي صديقك." وابتسمت لآمي معتبرة ان الحديث بينهما انتهى, استدارت وفعت جوليس جانبا لتعود الى القاعة, واختفت وراء الباب.
ضم جوليس ذراعيه الى صدره كما يفعل الى المكتب واتكأ على حاجب الباب.
كان ينظر اليها بطريقة اثارت اعصابها, بدا عليه وكأنه يجد شيئا ما في هذا الوضع يثير ضحكه.
"امر مسل ان تظهري الليلة هما آمي."
"حقا!" لكنها لم تكن ترغب بالانتظار لتسمع جوابه وتابعت "اني اسفة, انني على عجلة من امري, انا..."
"تلك الشاحنة الواقفة على جانب الطريق لا علاقة لك مطلقا بها, أليس كذلك؟"
لم تكن بحاجة لتنظر الى الشاحنة, لا بد انه حزر ذلك. قالت ببراءة مصطنعة "لم تسأل؟"
"لا يعقل ان يكون السيد آيوت يدعى بريور بطريقة ما أليس كذلك؟"
آه لا, فكرت بيأس, سيليا مشتتة الافكار. لكن ليس هناك ما تستطيع القيام به الان.
تنفست بعمق وقالت "في الحقيقة, ان كنت تنتظر احدا ليطبخ لك العشاء فأنا هي تلك الشخص."
ونظرت في عينيه مباشرة هذه المرة... كان جوليس لا يزال متكئاً على حاجب الباب, حدق بها بشيء من الاعجاب والمرح معا, بعدها قال "واين شريكتك؟ اعتقدت انكما اثنتان."
"لم تتمكن من المجيء معي."
كان لديها احساس مزعج انه يعتقد انها مسؤولة عن الخطأ في الحجز ايضا ولم تعد تستطيع التحمل انه يعتقدها غبية اكثر مما تبدو عليه في المكتب.
مع ذلك ستبدو خائنة ان تكلمت عن عدم قدرة سيليا, فقالت على الفور "تتلقى والدة صديقتي مواعيد الحجز لعملنا كخدمة لنا, ولم يكن لديها دفتر لتكتب عليه عندما اتصل بها السيد آيوت."
استمر بالنظر اليها, وكان هناك شيء جديد في عينيه لم تره من قبل, وهذا ما جعلها تشعر بالاضطراب اكثر مما تكون عليه في المكتب.
ابتسم وقال لها "اتمنى ان والدة صديقتك قد تذكرت ان تقول لك ان تحضري الطعام. هذا ما اتفقت عليه معها أليس كذلك؟"
لم تستطع الا ان تقول "جميع الاكياس في الشاحنة مليئة بالطعام."
لو انها قالت ذلك لشخص اخر لكان شعر بالاحراج, لكن عوضا عن ذلك اتسعت ابتسامته اكثر وقال "لم يكن لدي اي فكرة انك تقومين بمثل هذا النوع من الاعمال. هل يمكنك ان تسامحيني؟"
"انت تقصد عن اعتقادك ان لدي مشاكل معينة بنظام غذائي, وانك طلبت من جاكي وزوو ان تتجسسا علي؟ لقد غضبت جدا بسبب ذلك."
"اعرف ذلك لقد سمعتك. هل هذا هو سبب تجنبك رؤيتي طوال الاسبوع الماضي؟"
"اه!" لم تعتقد انه لاحظ ذلك, كما وانها لا تريد ان تعترف انه على حق, قالت وهي تشعر بالقلق "اتمنى انني لم اشتم حينها."
ضحك وقال "لا اتذكر انني سمعتك تشتمين, من الافضل ان تدخلي ايتها الساحرة غير المحدودة."
وتراجع ليدعها تمر, فدخلت الى قاعة واسعة مغطاة بسجادة كثيفة وفيها عدد من الابواب المفتوحة. رأت درجا خشبيا جميلا يزينه دربزين محفور ويقود الى الطابق العلوي.
كان يقف وراءها مباشرة, وكانت تشعر كم هو قريب منها. دلها على المطبخ ثم اخذ منها مفاتيح الشاحنة ليحضر الصناديق بينما تتأكد من كل ما تحتاج اليه لتحضير الطعا. لم تظهر فيونا ثانية.
حاولت ان تبقى هادئة وهي تقنع نفسها بيأس ان عليها التفكير انه مجرد حجز عادي للطعام. حتى ولو لم يكن كذلك. لكن ماذا يعني بالتحديد بكلمة الساحرة؟
وضع الصندوق الاخير على طاولة الخشب اللامع وقال "كل شيء جاهز الان؟"
فكرت وبشيء من الحسد, ان المطبخ مجهز بكل التسهيلات كما وانها لم تر يوما مطبخا بأناقته.
"شكرا لك. كل شيءجيد. هل تريدني ان احضر الطاولة؟"
لم يظهر على وجهه اية ملامح معينة قال بهدوء "ستقوم فيونا بذلك, ناديني ان احتجت لشيء." وغادر على الفور.
لهجته العادية ازعجتها قليلا, لقد ذكرتها على الفور انها مجرد موظفة لديه وان لا اهتمام له بها يتعدى عملها الحالي الذي يدفع لها للقيام به. انها فيونا من تثير اهتمامه.
ان كان هناك من سيقوم بالصراخ فهي خطيبته.وقد بدأت بملاحظاتها المحرجة وبلهجة حادة "لم اكن اعلم انك توظف السكرتيرات بسبب موهبتهن في الطبخ."
وسمعت جوليس يجيب "ولا انا, آمي تفاجئنا جميعا وبصورة دائمة." بعدهاا اغلق الباب.
لكنها لم تستطع ان تبعد انتبهها عن الشجار الدائر بينهما والذي يسمع بصورة واضحة, كانت تسمع صوت جوليس الهادئ من فترة لأخرى, ولكنها كانت تسمع صوت فيونا العالي اكثر من مرة.
بعدها سمعت "لا استطيع ان افهم لماذا هو مهم لك, كان بامكانك التخلص منه لو حاولت, من المفترض انه صديقك أليس كذلك؟"
احتارت بين الفضول وعملها, لكن انتصر حس المسؤولية لديها, وبتردد اغلقت باب المطبخ وادارت راديو صغير وجدته على احد رفوف المطبخ.
لو كانت جاكي مكانها لكانت اصبحت في القاعة الامامية الان, لكن هناك شيء مهم قررت عليه, انها لن تخبر احدا في المكتب عما حدث الليلة. فحياة جوليس موضوع مهم في المكتب, خاصة انه ليس حكيما كفاية ليترك خطيبته تأتي وترحل في المكتب وتطبق على اهتماماته الخاصة, لكن حياته خارج ساعات المكتب هي من اموره الخاصة.
ركزت على عملها في تحضير الطعام, وكما نهاا لا تتوقع اية اضافة في العمل كترتيب الطاولة وتجهيزها, فبامكانها ان تعمل براحة اكثر مما كانت تتقع.
بعدها سمعت الباب يفتح.
"حسنا سأذهب مع ويليم وانت ابقى وحدك!"
بدت فيونا غاضبة جدا وسمعت جوليس يردد اسمها بسرعة. بعدها سمعت صوت الباب الخارجي يغلق بقوة.
استمرت في العمل, جلست على احد الكراسي متسائلة متى سيظهر جوليس.
وبهدوء التقطت حبة بندورة, لا بد انها فكرة جيدة ان تبدأ بتجهيز زينة الطعام لصنع زهور من البندورة, في حال انه رغب في الاستمرار في تقديم العشاء, ترى الى اين ذهبت فيونا؟
فُتح باب المطبخ ووقف جوليس امامهها. اتكا على اجب الباب واضعا يده في جيب بنطاله الجينز, ونظر اليها. بهدوء وضعت جانبا البندورة ونظرت اليه.
كانت تعابير وجهه غامضة, لكنها مع ذلك شعرت وكأنه ليس غاضبا. لم تعرف ا كان عليها ان تقلق على الامر ام لا.
"أعتقد انك سمعت ما حدث؟"
أومأت رأسها بصمت.
تابع "كل ما جرى؟"
"سمعت فيونا تغادر, وتغلق الباب وراءها." بعدها سألت بحذر "هل هذا يعني انها لن تحضر الطاولة الان؟"
ظهرت ابتسامة صغيرة على وجهه وقال "لقد فهمت الوضع تماما.. لم لا تشربين كوبا من عصير الفاكهة بينما نراجع الوضع؟"
سكبت كوبا من العصير واضافت له الثلج وقدمته له ثم سكبت كوبا لنفسها.
وقف امامها يراقبها وهي تقطع حبائل البندورة للتزيين. رغبت بشدة ان تسأله عن فيونا. كانت تشعر بالتوتر من قربه لدرجة انها وجدت من الصعوبة ان تكز على عملها وكانت خائفة ان تجرح اصبعها بالسكين.
سأل اخيرا "كيف يمكن انني عندما اتصلت طالبا طباخا وجدت سكرتيرتي في مطبخي؟"
استدارت لتنظر اليه, كان هناك شيء ما في نظرته الثاقبة اعلمتها للمرة الاولى ان تتخلى عن اية فكرة لاختراع قصة لتخفي فيها الحقيقة.
قالت بهدوء "هذا هو عملي الحقيقي, انا وجسي نعمل في هذا المجال منذ سنة تقريبا. كيف حدت انك سمعت بنا؟"
"وجدت الاعلان في صحيفة محلية, كيف بدأت هذا العمل؟"
قالت "لقد درست فن الطبخ في الجامعة, كذلك عملت دورة تدريبية في لندن. فهذا ما كنت ارغب القيام به."
"لم يظهر اي شيء من هذا في ملفك الشخصي."
ذلك الملف الشخصي... ثانية لم تستطع ان تخفي سخريتها وهي تجيبه "هل حقا تعتقد ان اجادة الطبخ معلومة مهمة للقيام بعمل سكرتيرة؟"
"ربما ذلك صحيح, لو كنت اعلم. كان بامكننا ان نطلب الغداء في المكتب بصورة دائمة."
كان من الواضح انه راغب بتبديد التوتر الذي كان سائدا بينهما, بينما اخذت تعمل بحبة بندورة اخرى وهي تفكر ان كانت تجرؤ على سؤاله ان كان سيطردها الان. فما زالت لا تستطيع ان تخمن رد فعله على اكتشافه ان لديها حياة مزدوجة في عملها.
سألها "لم لم تخبريني؟"
وضعت السكين جانبا ونظرت اليه, قالت بصدق "كنت خائفة ألا ترضى ان اعمل في الشركة ان علمت بان لدي عملا اخر, لقد كنت واضحا جدا عن عدم رغبتك بموظفة لديها اي ارتباطات اخرى غير عملها."
"وبعد ذلك؟"
رفعت كتفيها وهي تبعد نظرها عنه وتقول "ما زال السبب نفسه, وفي الحقيقة ما زلت خائفة ان تطردني."
ساد الصمت ثانية "واين هي جسي صديقتك؟"
اخبرته عن كورنول, وعن الحفلة الراقصة وهذا ما جعله يقول ان فيونا غادرت من اجل حفلة في لندن لصديق لها من ايام المدرسة, لم يكن هناك اي انتقاد لتصرفها انها غادرت قبل العشاء مباشرة, مع انه كان لدى آمي شعور ان لهذا العشاء اهمية خاصة لعمل جوليس.
سألت بحذر "اذاً انه عشاء مهم الليلة؟"
"كريس صديق قديم لي, كما وانه سيحضر زوجته ماكسين معه. اعتقدت انه امر رائع ان تقابلهما فيونا وهي بذلك ستتعرف على ماكسين بينما احاول ان اقنع كريس ان يوظف امواله في مشروع عملي. فأنا افكر في تطوير المنشآت الاسبانية للشركة التي بدأت العمل بها منذ سنتين."
ردت بصورة اوتوماتيكية "اعلم ذلك."
نظر اليها بحدة وكانه نسي انه يراها كل يوم في المكتب بعدها قال ببطء "بالطبع تعلمين."
صمت للحظة, وكأنه يفكر بما قالتع, كانت تضع الزينة على اصناف الطعام.
قال "آمي... ارريد ان اطلب منك خدمة كبرى."
رفعت حاجبيها منتظرة, لكنه بدا وكأنه يفكر فيما سيقوله لها.
اخيرا قالت وهي تضحك "حسنا ماذا تريد؟ تريدني ان اضع طاولة لست اشخاص اضافيين وان اطلب لهم طعام صيني. ام انك تريد ان اقوم امامهم بخدعة ما وانا اقدم القهوة؟"
ابتسم وقال "لا ليس الى هذه الدرجة, اريد ان تنضمي الينا."
"انت تقصد ان اقدم الطعام؟"
لا بد انه يعلم انها ليست بوضع تستطيع معه ان ترفض اي طلب منطقي يسأله لكنها وجدت نفسها تمزج عاطفتها بعملها. فقط لهذا المساء سيختلقان قصة انها صديقته, وهكذا ستكون مساوية له, بينما هي طوال الوقت موظفة لديه وغدا في المكتب لن يجد اي اهتمام بها مثل زوو وجاكي.
لم تكن مشكلة ثوب سندريلا التي تزعجها لكها نظرت بشك الى مريولها وبنطالها الجينز قالت "لا ارتدي ثيابا مناسبة للعشاء."
ساد الصمت ثانية فرفعت نظرها لتجده يراقبها.
قال اخيرا "اعتقد انك تبدين جميلة جدا بدون هذا المريول. لكن الامر يعود اليك. لا امانع ماذا ترتدين, وانا بالتأكيد لن ارتدي لباسا رسميا."
كلامه جعلها تبتسم. ووجدها تنظر الى قدميه الحافيتين, قال "حسنا ليس بهذا المقدار."
عضت على شفتها, قالت "لا وقت لدي لأذهب الى المنزل لكن لدي ثيابا مناسبة اكثر في السيارة ذلك لانني تقعت ان اظهر في غرفة الطعام."
"ارتدي ما ترينه مناسبا, شرط ألا تبدي كمدبرة منزل."
لم تستطع ان تقرأ ما ظهر في عينيه عندها, فاستدارت لتعمل وشعرت براحة لا مثيل لها عندما غادر اخيرا المطبخ.
وما ان انتهت من تحضير كل ما يلزم قبل المراحل الاخيرة, ذهبت الى الشاحنة واحضرت التنورة والقميص اللتين احضرتهما في اللحظة الاخيرة.
قررت ان تغير ثيابها قبل ان تنصرف الى انهاء الطعام كله.
قال جوليس "استعملي غرفتي, فهناك مرآة طويلة بها, كما ان هناك حماما خاصا في الداخل."
شعرت بقلق كبير كونها تدخل مساحة خاصة جدا في حياته بدت غرفته واسعة جدا تحتوي سريرا كبيرا. خوفا منا ان يدخل جوليس وهي ترتدي ثيابها, قررت ان تدخل الحمام لتبدل ثيابها وبسرعة فعلت ذلك. كانت تنورتها سوداء اللون وضيقة كما انها طويلة تناسب حفلة عشاء.
جذب نظرها حزام جلدي ناعم, كان قد علق على باب الحمام, ومن المؤكد انه ليس حزام جوليس. لا بد انه لفيونا. ترددت من استعمال اغراض امرأة اخرى من دون ان تسألها, لكن نظرة اخرى الى الحزام الثمين اقنعتها. وضعته حول خصرها الضيق وثبتته في اخر ثقب له. يضيق الحزام عند الوسط على ماسة كبيرة, لقد كان مناسبا جدا لما ترتديه, لكن عليها ان تسأل جوليس ان كانت تستطيع ارتدائه.
خرجت من غرفة النوم لتجده في القاعة قالت "جوليس؟ هل يناسبك ان...؟"
توقفت عن الكلام وقد تفاجأت من نظرة عينيه. كان يحدق بها بطريقة لم ترها من قبل. هل يمانع ان ترتديه؟
"اني اسفة سأنزعه ان كنت تعتقد انه ليس علي ارتداؤه؟"
"ترتدين ماذا؟"
"حزام فيونا."
"آه." بدا وكأن ما تسأله عنه لا قيمة له, ثم قال "لا, لا داع لذلك." بعدها ساد الصمت بينهما.
سألت قلق "هل ابدو مقبولة لسهرة العشاء؟"
قال بهدوء وهو ينظر اليها "اكثر من مقبولة." فكرت انه سيقول شيئا اخر, لكنه نظر اليها بعدها ابتسم وتابع "هل يمكنك ان تطبخي وانت مرتدية ثيابا انيقة هكذا؟"
ابتسمت له وقالت "سأرتدي المريول, انت متأكد انه لا بأس ان ارتديت حزام فيونا؟"
"لا اعتقد انها ستتذكره حتى لو رأته, ولدى تلك الفتاة ثيابا اكثر بكثير من اية امرأة اخرى اعرفها."
قرر جوليس ان يضع الطاولة في الغرفة المجاورة, بينما ذهبت آمي الى المطبخ. طلب منها ان تراها عندما انتهى من عمله فتبعته الى غرفة الجلوس الرائعة, والتي يستعمل الجزء الاخير منها كغرفة طعام. نظرت باعجاب الى الاواني الفضية والطاولة المصنوعة من الخشب المميز.
سألت "وماذا عن الشموع, هل لديك عدد منها؟"
انحنى ليبحث في الخزانة الجانبية ووجدت نفسها تراقبه كيف يتصرف بعفوية وبساطة وكأن هذا هو جوليس الحقيقي وليس ذلك الطاغية في المكتب.
قال "لا يبدو ان هناك اي اثر للشمع. كان لدينا شمع في المرة الماضية لكن فيونا رمت العلبة كلها."
شعرت وكأن دلوا من الماء البارد قد وقع عليها من جراء هذه الملاحظة. انها تدل على مدى حبه وتأثره بفيونا. ومجرد ذكر اسم خطيبته ذكرها انها غريبة وانها مجرد طباخة لهذه الامسية فقط. وهذه الصداقة الظاهرية هي تمويه وستختفي ما ان يرحل صديقه وزوجته, وقد تطالها الثرثرة في المكتب ايضا, وهو سيعود الى مركزه في الجانب المقابل, رئيسها وهي ستكون مجرد واحدة من سكرتيراته.
"لدينا بعض الشمع في الشاحنة. سأذهب واحضرها." لدينا تعني هي وجسي, وهكذا شركتها وعملها تواجهان شراكته مع فيونا. كان ذلك دفاعها الشخصي ضد الاحاسيس التي تشعر بها نحو جوليس.
لا بد انه سمع شيئا ما في لهجتها فأدار رأسه بسرعة وقال "ما الأمر؟"
قالت "لا شيء." وهي متفاجئة مما تشعر به.
"ان اعطيتني المفاتيح سأذهب واحضرها, فأنت لا ترتدين ثيابا مناسبة لمثل هذه الليلة الباردة أليس كذلك؟"
"كذلك انت."
ابتسم وهو يقول "لا تجادليني, لقد اخذت كفاية من الجدل لهذه الامسية."
على رغم كل التوتر الذي كانت تشعر به, كانت مليئة بالفضول لتتعرف على صديقه وعلى امكانية نجاح العشاء الذي ستتشارك به معهم.
كان كريس طويل القامة وله نظرات جذابة, وبالنسبة الى جوليس الرياضية كان يبدو صديقه ضخم الجسم وسمين. اما ماكسين فكانت نحيلة الجسم ومليئة بالحيوية, شعرها اشقر قصير, وقد احبتهما آمي على الفور. كان التعارف وديا ولم يذكر جوليس ان آمي تعمل عنده. وبالنسبة الى صديقه وزوجته كانت مجرد صديقة تقدم له خدمة بالانضمام اليهم لأن فيونا لم تتمكن من القدوم.
عملت هي وجوليس بطريقة رائعة كأنهما فريق لكن من دون اظهار ذلك, كان دائما بقربها عندما تحتاج لمساعدة, وراضيا بالعمل بتعليماتها وكأن ادوارهما الرئيسية قد قلبت, كذلك وجدت نفسها تستطيع المشاركة بالحديث على الطاولة بكل سهولة, وثلاثتهم عاملوها وكأنها الصديقة الحقيقية لجوليس التي عرف بها.
وفي وقت متاخر تبعتها ماكسين الى المطبخ وهي تحضر القهوة.
قالت تطري عليها بحماس "كان العشاء رائعا, لا بد ان جوليس يسألك دائما ان تطهي له عندما لا تكون فيونا بقربه. اعتقد انها من النساء اللواتي يطلقت عليهم "لا تجيد سلق بيضة.""
ابتسمت آمي لكن الحديث عن فيونا ليس بموضوع مرحب, فقد كانت سعيدة انه لم يذكر احد غياب فيونا طوال السهرة.
علمت من ماكسين ان الرجلين صديقين منذ ايام الجامعة, وقد سافرا معا في جولة حول العالم استغرقت سنة حبا بالمغامرة. وعندما اظهرت ماكسين بعض الحماس عند النقاش الدائر في غرفة الجلوس بين زوجها وصديقه عن الاتفاق الاسباني الذي لم يذكر مطلقا اثناء العشاء, تظاهرت آمي انها لا تعرف شيئا عن الموضوع, فمعلوماتها الشخصية عن العمل من خلال المكتب لا دور لها هنا.
"حسنا كل ما استطيع قوله انني اتمنى ان يوافق كريس على المشروع, فلجوليس لمسة خاصة بالاعمال. وفكرة ان نصبح اغنياء بسرعة اصبحت معقولة الان."
ابتسمت آمي بحذر وقالت "تقولين ذلك وكأن الامر التباس ما."
"لا جوليس انسان نزيه جدا, انه من اصدق الناس الذين تعرفت عليهم, لكنه بالنسبة لمهارته الخاصة في العمل فهذا يعني الكثير." اضافت بعد قليل "كما انه من الطف الرجال."
لم تعلق آمي على ما سمعته لكنها قررت ان تفكر فيه فيما بعد.
بعدها قالت ماكسين امورا اخرى بحاجة للتفكير ايضا وكأنها تعترف لها "لقد قلقنا حقا بشأنه, وكريس يعتقد انه بدأ ينظم حياته كلها تماما كما ينظم عمله. كما وانه يشك ان ادخل فيونا في ملف خاص بالكمبيوتر, كما تعلمين نوعا من الصفات المناسبة لزوجة مثالية لمدير شركة! هل تعرفينها جيدا؟"
لم تستجب آمي لفضول ماكسين, وشعرت بالراحة عندما قالت لها فقط مجرد معرفة سطحية وهذه هي الحقيقة.
غادر كريس وماكسين في وقت متأخر وكان لدى جوليس وكريس المزيد من النقاش امام الباب الرئيسي وهذا ما اعطى آمي الفرصة لبدأ العمل في المطبخ, وفي الوقت الذي دخل فيه جوليس الى المطبخ كانت قد وضبت كل ما تريد اخذه معها, كما وانها وضعت كل الاواني في جلاية الصحون.
قال "اتركي هذه انت تستحقين شرابا ما, فأنت لم تتناولي شيئا طوال السهرة."
شعرت فجأة بالتوتر لانها بمفردها معه بعد ان غادر الضيفان, ضحكت وقالت "هذا لطف منك, لكنني لم اكن هنا لأستمتع بالسهرة كما تعلم."
رفع حاجبيه وقد تجهم وجهه "هل هذا يعني انك لم تكوني سعيدة؟"
لم ترغب في ان تنتقجه "لا بالطبع, كنت سعيدة جدا, لكن على الطهاة ان يحتفظوا بقدراتهم الخاصة."
كانت متأكدة ان لا قدرة لديها الان, كان هناك شيء ما في نظراته جعلتها تشعر بالانزعاج من نفسها طالما تعرف انه مرتبط بفيونا.
لكن في النهاية قبلت ان تشرب فنجانا من القهوة اعدته وعادا الى غرفة الجلوس.
فجلست متوترة على احد الكراسي, بينما جلس على مسافة قريبة على الصوفا, وقد اتكأ بطريقة مريحة مما جعلها تشعر بالتوتر اكثر وبأنها موظفة لديه. بدأ يتحدث ببساطة عن الاتفاق الاسباني, ويخبرها بالمزيد ع المشروع بينما كانت تتساءل متى ستتمكن من وضع فنجانها وترحل.
بعد فترة نظرت الى ساعتتها وقالت "جوليس لقد تأخر الوقت , علي الرحيل."
لم يكن عليها الذهاب وهي ايضا لا تريد ذلك. فتشارلي سيمضي الليلة عند سيليا فبامكانها البقاء عند جوليس وتتحدث معه حتى الفجر. نهضت لكن قبل ان تتحرك وقف امامها ووضع يديه على ذراعيها.
"آمي انا حقا ممتن لك كثيرا على ما فعلته الليلة." شعرت من خلال لمسته باضطراب شديد. من الضروري ان ترحل قبل ان تتصرف كالغبية. بقيت تقول لنفسها هذا غباء انها تتصرف تماما مثل زوو, علمت ماذا سيفعل, لم تدر كيف تتصرف هل تبتعد عنه ام تدعه يقبلها ببساطة وتتظاهر ان القبلة لا تعني لها شيئا.
قال بصوت ناعم "آمي, آمي,,, هل تعرفين ان لديك نمش على رقبك؟ ولقد كنت معجبا بهم طوال السهرة."
كان عليها ان تبتعد عه, وهكذا ترحل دون اي سوء لكليهما. لكن ربما لقد فات الاوان بالنسبة لها, الاذى قد اصابها منذ اليوم الاول الذي دخلت فيه الى مكتبه.
شعرت باحساس قوي نحوه, ها هي آمي النحيفة والتي لا تأكل ما فيه الكفاية والتي تقع بالمشاكل في المكتب لأنها غير كفؤة... لكن الان جوليس ليسس مدير عملها, وهي ستسمح لهذا الاحساس المجنون ان يسيطر عليها فقط لعدة لحظات....
عليها ان تبتعد عنه الان.. والا لن تتمكن من ذلك, قالت "جوليس... كفى ارجوك, ما علينا فعل ذلك, ماذا عن فيونا؟"
نظر اليها متفاجئا وامسك بوجهها بقسوة وقال "وماذا عن تشارلي؟"
تجهم وجهها قليلا ونظرت اليه لترى ان في عينيه عداوة غير متوقعة رددت مستفهمة "ماذا عن تشارلي؟"
قال بغضب "هناك حساب لفيونا اما تشارلي فلا؟"
في تلك اللحظة ادركت ان ذلك الحديث الغامض في المكتب اوصله الى الاعتقاد ان لديها حبيب تعيش معه وانها في نظره تستحق المرح مع المدير ان كان في شجار مع خطيبته.
نظرت فجأة الى نفسها من زاويته, فحدقت به بعينين غاضبتين, قالت مدافعة عن نفسها "لا لا حساب لتشارلي, لأنه اخي الذذي يبلغ الرابعة عشرة من عمره."
للحظة بدا عليه الذهول امسك برسغها عندما حاولت الابتعاد, قال "ولماذا اعتقد انه كان صديقك؟ انظري الي آمي."
نظرت الى عينيه الغاضبتين وقالت "انت من استنتج ذلك. لم اقل اي كلمة عنه!"
"انت من جعلني اعتقد ذلك, لماذا؟"
شعرت فجأة بالغضب اكثر, انها الحقيقة ولا يمكنها ان تنكر ذلك, لكنها ايضا لم تكذب عليه. قالت بغضب "ربما لا اهتم ابدا لما تعتقده, فحياتي الخاصة لا دخل لك بها مطلقا."
ساد الصمت بينهما فجأة. بعدها قال ببرودة "طالما نتحدث عن هذا الموضوع وحياتي الخاصة ايضا لا دخل لها مطلقا بالثرثرات التي تجري كل يوم في المكتب. سأكون ممتنا ان تعملي على تسلية الجميع هناك بالثرثرة عم حدث هنا الليلة."
لا بد ان لديه رأي سيء عنها, وهذا ما جعلها تشعر بالاسى والاذى اكثر من اي شيء اخر. اكن ان كان بامكانه ان يبدو هادئا عاديا فهي اكثر قدرته منه على مقابلة برودته ببرودة اكبر."
قالت بهدوء كبير "ليس هناك من داع لهذه الملاحظة. فانا لا احلم حتى بذلك, فالامر لا يعنيني ولا يثير اهتمامي مطلقا."
غادرت بعد ذلك بقليل. وبصمت ساعدها جوليس لوضع الصناديق بالشاحنة واحضرت ثيابها من غرفته.
لم تدرك كيف تمكنت من قيادة الشاحنة الى المنزل بأمان, فدموع الغضب والاهانة كانت تحجب الرؤية عنها. اخذت تفكر طوال الطريق كيف تحولت امسية ناجحة الى كارثة.
كانت ممتنة جدا ان لديها يومين كاملين تمضيهما بمفردها قبل ان تجبر على مواجهة جوليس ثانية في المكتب.
نهاية الفصل الرابع
قراءة ممتعة ونراكم على خير ان شاء الله بالفصل الخامس بس انتهي منو باذن الله