المنتدى :
المنتدى الاسلامي
أعظم سورة في القرآن
أعظم سورة في القرآن
بقلم: الشيخ محمد العوامي
إنها سورة الفاتحة، هي أعظم سورة في القرآن، بل إنها تعادل القرآن العظيم بأكمله، فكل القرآن في كفّة وهي في كفّة بوحدها.
عجباً، كيف صارت هذه السورة القصيرة عدلاً لجميع القرآن؟!
يقول الله تبارك وتعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}(الحجر: 87). انظر كيف جعل الله الآيات السبع من سورة الحمد بازاء القرآن العظيم.
إن سورة الحمد هي خلاصة القرآن، وفيها محاوره الكبرى.
الحمد لله محور رئيس في القرآن، ونجد التأكيد على أن الحمد لربنا في كثير من صفحات الكتاب المجيد.
في بدايات عدة سور نجد التالي: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}(الأنعام: 1)، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ}(الكهف:1)، {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}(فاطر:1)، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ}(سبأ: 1).
وفي نهايات عدة سور نجد التالي: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(الجاثية: 36)، {وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا}(النمل: 93)، {وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ}(الإسراء:111)، {وَتَرَى الْمَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(الزمر:75).
وآيات كثيرة تذكر الحمد وتأمر به، منها:
{قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلاَمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى}(النمل: 59)، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}(لقمان: 25)، {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}(المؤمنين: 28)، {وَهُوَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(القصص: 70).
إن المطلوب من الناس أن يعلموا أن الله تبارك وتعالى هو الخالق المعطي المكرم، وهو الذي وهب عباده جميع النعم والآلاء، وإذن فهو المستحق للحمد والطاعة والتعظيم والتقديس، ويخطئ كثير من الناس حين يوجهون الحمد لغيره سبحانه، من أسباب مباشرة أو أصنام أو أشخاص.
ولو تذكر الإنسان نعم الله عليه، تلك النعم السابغة الظاهرة والباطنة، تلك النعم العظيمة الكبيرة الكثيرة، وعرف بقلبه أن الله الجواد الكريم هو الذي وهبه تلك النعم الكبرى، لامتلأ قلبه حباً لله وحمداً وشكراً. أو ليس لو أهدى إليك صديق هدية جميلة فإنك تهبه قلبك وحبك وحمدك؟ فكيف بالله الذي أهدى إلينا هداياه العظيمة؟
ولكن مشكلة الإنسان هي الكفر والنكران.
إن الكفور النكور هو الذي لا يحمد الله ولا يتوجه إليه.
ولماذا لا نحمد الله؟
إنه: {رَبِّ الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}(الفاتحة: 1- 3).
إنها ثلاث فترات جاد فيها علينا ربنا بفضله ولطفه، وأغدق علينا من نعمه وآلائه:
فأولاً: الله هو الذي خلقنا وخلق آباءنا، فيهبنا نعمة بعد أخرى، ونحن أجنّة في بطون أمهاتنا، حتى تتم نعمه وتكتمل الصورة الحسنة ويخرج المخلوق الجديد، {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}(المؤمنين: 14)، ثم لا ينقطع عنا عطاء الرب الكريم، لأننا نظل بحاجة إليه حتى الممات.
ثانياً: الله هو الذي يظللنا برحمته ما دمنا أحياء، فمن الذي ينزل الغيث ويرزق العباد ويعطي الحسنة ويصرف الشر ويفغر الخطيئة ويعفو عن الذنب ويفتح أبواب الخيرات ويُحِلُّ البركات؟ إنه الله الرحمن الرحيم هو الذي يفعل ذلك، وما أعظم رحمة ربنا بنا وما أحلاها.
ثالثاً: الله هو الذي يفتح باب الرحمة العريض الواسع في الدار الآخرة، فيتنعم المؤمن هنالك بالنعم الكبيرة الدائمة، وأما الكافر بالله وبنعمه فإن ربنا يسلبه الرحمة وينساه من فضله ويصيبه العذاب الذي يستحقه.
ويوم الدين والقيامة والحساب الذي تنبهنا إليه سورة الحمد هو محور تدور حوله كثير من آيات القرآن، وما أكثر الآيات التي تذكرنا بالآخرة.
وإذا كان الله العظيم هو مصدر العطاء الوحيد فإننا ينبغي أن نتوجه إليه حامدين، وينبغي أن نعبده وحده مخلصين له الدين، ونستعين به، فلا غنى لأحد عن عونه تعالى.
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}(الفاتحة: 5).
ثم هناك محور ثالث يظهر في الآيات التالية، وهو: الولاية.
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}(الفاتحة: 6-7).
فلابد من اتباع الرسل والأئمة الراشدين، ولابد من الإقتداء بهم، ولابد من حبهم وسلوك سبيلهم.
وهكذا نعلم أن سورة الحمد المباركة قد بينت أصول الدين الثلاثة: التوحيد، والمعاد، والولاية.
وهكذا صارت تحتوي على محاور القرآن الكبرى.
وهكذا أصبحت الحمد تعادل القرآن جميعاً.
كل الاحترام لكم
هاندســـــــــــــــــــــــــــــــــــم
|