كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 351 - وجهاً لوجه - أيما دارسي
ـ لا تقلقى بشأن جويس...فعملية استبدال الورك ليست خطيرة .
ثم أضاف يطمئنها: "ستقف على رجليها من جديد قريباً جداً."
ـ لا تكف عن إغاظتى لأننى لن أقوم بالرحلة لوحدى...لكننى لا أريد السفر لوحدى.
لم يكن ذلك وارداً بالنسبة لـ كول...فمواعيد الرحلة ستربك حتماً والدته و ستنسى أغراضها فى غرف الفنادق, و تجد نفسها فى أماكن غير مناسبة, فى أوقات غير مناسبة.
فمنذ أن ترملت, تحولت إلى إنسانة خالية البال, تعيش على هواه, من دون أن يطالبها أحد بتبرير نفسها, تستمتع بالتجول من مكان إلى آخر, ملقية على عاتق كول مسؤولية معالجة المشاكل العسيرة...فقد كان يحرص على صيانة منزلها الشاسع العزيز على قلبها, و يرعى شؤونها المالية.
ـ الخيار خيارك يا أمى...ربما كانت جويس تشعر بالذنب لأنها خيبت أملك.
ـ أنا المسؤولة الوحيدة عن خيبة أملها...أظنها محقة بشأن شركة كابتن تور, لأن المسؤولين عنها يسهرون على راحة الزبائن, و يستخدمون طبيباً خلال الرحلات. تصر جويس علىّ لأقوم بهذه الرحلة و أطلعها على التفاصيل كلها...قالت لىّ أننى قد أقابل أشخاصاً ظرفاء, و أكسب صدقات جديدة.
ـ من السهل عليها أن تقول ذلك.
لوت أمه يديها باضطراب:
ـ ربما يجدر بىّ أن أسافر لوحدى...فالحجز لا يزال سارى المفعول.. و من المفترض بى أن ألغيه غداً.
بدا واضحاً له أنها فى حيرة من أمرها, و ستصاب بالإحباط فى كلتى الحالتين.
قال لها بنبرة حاسمة:
ـ تحتاجين إلى شخص يرافقك يا أمى,
حتى لا تضيعى وحدك.
ـ و لكننى لم أجد أحداً ضمن دائرة معارفنا قادر على مرافقتى بدلاً من جويس.
قطب جبينه و قد أدرك أنها تحاول جاهدة العثور على شخص مناسب للسفر معها.
ـ أتريدين السفر حقاً؟
أجابته بصوت مرتجف مفعم بالشك:
ـ كنت أنتظر هذه الرحلة بفارغ الصبر, و لكن من دون جويس...
أتخذ كول قراره فى الحال بعد أن تنبه إلى أن الأمر يتطلب منه بعض التضحية. فمنذ حوالى الأسبوعين ذهبت ليز هارت فى إجازة, و بديلتها استنفدت قدراته كلها على الاحتمال...صحيح أنه يكره العمل من دون مساعدته الشخصية, لكنه لن يجد شخصاً أفضل منها يعهد إليه مسؤولية رعاية والدته...فهو لا يخشى أن تواجه عواقب برفقة ليز هارت.
ـ سأطلب من مساعدتى الشخصية أن تحل محل جويس و ترافقك فى رحلتك.
قال لها ذلك و الرضى بادٍ على وجهه, لأنه وجد حلاً يسعد والدته من جهة, و يريح ضميره من جهة أخرى.
أيقظها كلامه من كآبتها: "لا يمكنك أن تفعل ذلك!"
ـ بلى...سأنقل الخبر إلى ليز صباح الغد, و أظنها ستوافق من دون تردد.
صرخت والدته مصعوقة: "و لكننى لا أعرف الفتاة."
ـ ما رأيك لو تحضرى غداً إلى المدينة و تتناولى الغداء برفقتها؟ ..فإن أعجبتك, لا بأس... و إن لم ترق لك, أخشى أنه عليك إلغاء الرحلة.
بدا جلياً أن إغراء الرحلة قوى للغاية...فلم تكد تمضى دقائق قليلة حتى أذعنت والدته لفضولها:
ـ كيف تبدو...مساعدتك الشخصية تلك؟
ـ إنها من النوع الذى يحسن معالجة كل الأمور التى القيها على عاتقها.
رد عليها و هو يبتسم بثقة.
ـ لابد أنها كذلك لتتمكن من مجاراتك كول...و لكننى كنت أقصد شكلها الخارجى.
قطب جبينه, و قد عجز لسانه عن الكلام, فلم يجد عبارة أفضل من "لا بأس بها" ليصفها بها.
أدارت عينيها بنفاد صبر: "كيف تبدو؟"
ـ أجدها دوماً نظيفة و مرتبة.
ـ كم عمرها؟
ـ ليست واثقاً...ربما فى أواخر العشرينات أو أوائل الثلاثينات.
ـ ما لون عينيها؟ منتديات ليلاس
لم يكن يعرف لون عينيها, و لا يذكر أنه تأملها قط.
ـ ما علاقة لون عينيها بالأمر؟
منتديات ليلاس
تنهدت والدته قائلة: "لا أحسبك تنظر إليها, أليس كذلك؟ فالأمر لم يعد يهمك على الإطلاق, بعد أن سددت كل أبواب قلبك أمام الجميع...
عليك أن تتخطى ما حصل يا كول و تعيش حياتك...ألا ترى أنك لا تزال فى مقتبل العمر؟"
صر على أسنانه, و قد أثارت تلميحات والدته إلى ماضيه اضطرابه.
ـ عيناها براقتان.
جاء رده مقتضباً: "تشعان ذكاء...هذا الأمر أهم بالنسبة لىّ من لونهما."
فالنظرات الخالية من التعبير التى كانت ترميه بها بجيلتها خلال الأسبوعين الماضيين, أصابته بالإحباط...لذا ينبغى عليه أن يجد شخصاً آخر ليحل محل ليز هارت خلال سفرها مع والدته.
ـ هل هى جذابة...جميلة...طويلة القامة...نحيلة...بدينة... سمينة؟
تأفف كول من اصرار والدته على التدخل فى تفاصيل بعيدة كل البعد عن وضوعهما, فقال لها و قد نفد صبره:
ـ إنها إنسانة عادية جداً, و تميل لمساعدة الآخرين, و ستحرص حتماً على تجنيبك المشاكل خلال رحلتك...فلا داعى للقلق.
تنهدت والدته قائلة: "حاول أن تخبرنى المزيد عنها يا كول."
كان حرى بها أن تكتفى بما أخبرها, إلا أنه حك رأسه قليلاً بحثاً عن نقطة وثيقة الصلة بالموضوع.
ـ إنها تحب السفر كثيراً, و تقضى معظم أوقات العطلات متنقلة من بلد إلى آخر, و أتوقع منها أن تقفز فرحاً لدى سماعها خبر مرافقتها لك فى جولة فى جنوب شرق أسيا.
ـ ألن تعتبر مرافقتها لىّ عبئاً ثقيلاً عليها؟
ـ طبعاً لا...أيعقل أن أختار شخصاً متذمراً ليرافقك؟ إننى واثق تماماً من أنك ستستمتعين كثيراً برفقة ليز هارت.
ـ أتعتقد ذلك حقاً؟
ـ ماذا؟
ـ أتعتقد بأن رفقتها ممتعة حقاً؟
سأشتاق إليها حتماً !
و جاءت نبرة صوته مفعمة بالمشاعر.
ـ آهـ !
رمى والدته بنظرة عجلى, و قد حملت تلك "الآهـ" بين ثناياها نوعاً من الغبطة...غبطة جعلته يتساءل عما يدور فى رأسها.
ابتسمت له و قالت: "
ـ شكراً يا كول لأنك ترعى شؤونى بشكل ممتاز...سأنتظر موهد لقائى بـ ليز هارت بفارغ الصبر.
ـ جيد !
حُلت المشكلة و زال استياء والدته.
|