المعلومات |
الكاتب: |
|
اللقب: |
مراقب عام قارئة مميزة فريق كتابة الروايات الرومانسية مشرقة منتدى الروايات الرومانسية المترجمة |
|
مدونتي |
|
الإتصالات |
الحالة: |
|
وسائل الإتصال: |
|
|
كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 351 - وجهاً لوجه - أيما دارسي
14 – واحــة فــى الــصــحــراء
جلست ليز فى كرسيها و هى بالكاد تسمع الأغانى التى كانت تؤديها جوقة أولاد الشارع, فيما تولت مجموعة أخرى من الأولاد تقديم عرض راقص.
ألقى عدد من الأشخاص خطابات لم تسمع منها شيئاً أيضاً... وعندما وُضع الطعام أمامها وجدت نفسها تأكل بصورة آلية , من دون أن تستطعم شئ...فالرجل الجالس قربها أستحوذ على عقلها و أتلف أعصابه كلها...
أعتلت الفرقة الموسيقية المسرح و بدأت تعزف أنغاماً قديمة من الجاز تتلاءم تماماً مع قاعة الرقص...فأسرع بعض الأزواج إلى حلبة الرقص, وراحوا يتمايلون على وقع الموسيقى فرحين...وتوقعت فى أى لحظة أن... لن تجد صعوبة فى رفض دعوة كول للرقص, بطريقة لبقة...وهو لن يحاول إرغامها على الموافقة...إلا أن تقاربهما الحميم قد يفرض عليها الإذعان لرغبته...
فضلاَ عن ذلك, قد يثير رفضها الحيرة, فتتدخل نانسي فى الأمر, و تلح عليها لتستمتع بوقتها.
وضع كول منديله على الطاولة, ثم أرجع كرسيه إلى الخلف و نهض من مكانه...كانت الفرقة تعزف موسيقى الفالس التى لا يمكن الرقص عليها من دون أن يتلامس جسداهما.
التفت كول إليها و مد يده لها, فأحست بتقلص فى معدتها:
ـ أتريدين الرقص يا ليز؟
حدقت فى يده الممدودة و قد هبت فى أحشائها عاصفة من المشاعر المتناقضة, مزقتها أرباً إرباً
قالت لها نانسي باندفاع بالغ:
ـ هيا يا عزيزتى....أحب أن أتفرج عليكما ترقصان الفالس.
لم تجد للرفض مكاناً...لا سيما و أن كول وضع يده الأخرى على ظهر كرسيها , و كأنه يستعد لإزاحتها من طريقها...
وقفت ليز من مكانها, رجلاها ترتجفان و فى داخلها تصميم حازم ألا تدعه يغويها مهما حرك فى أعماقها من أشواق دفينة...إنها مسألة....
ونسيت المسألة برمتها و هو يشبك أصابعه حولها فى عناق يميل إلى التملك....فأحست بشحنة كهربائية تضرب ذراعها وتصل سريعاً إلى ذهنها..
أخفض كول رأسه و همس فى أذنها سائلاً: "لِمَ لا تحبذين وجودى هنا؟"
من الصعب أن تلملم شتات نفسها المبعثرة, أمام هذا الانقضاض العنيف لرجولته الصارخة....فضلاً عن ذلك, كان سؤاله الصريح أشبه بهجوم مباشر, فلم تجد مفراً من تبرير تصرفاتها الحذرة معه:
ـ إننى برفقة والدتك.
أعلنت ذلك فجأة, آملة أن يدرك رغبتها بشئ من التحفظ...
ـ إذن؟
هز كتفيه لا مبالياً بالإحراج الذى قد يسببه لها إصراره على جرها لإظهار بعض المودة له.
ـ لا أجد من داع لـ...
كان الموقف دقيقاً جداً, و حاولت جاهدة أن تجد سبيلاً للخروج من هذا المأزق....فتمكنت فى نهاية المطاف من القول متلعثمة: "لإعطائها فكرة غير صحيحة عن علاقتنا"
ـ اشتقت إليك! حسبت أنك أشتقت إلىّ!
أرجعت ليز رأسها إلى الخلف و نظراتها تتحدى بغضب المشاعر المتقدة فى عينيه:
ـ إنها مسألة خاصة بيننا!
ـ هذا صحيح...ولكن لا مانع عندى من الإعلان أمام الملأ عن علاقتنا...و لا أتخيل أن والدتى ستعترض لأنها تحبك كثيراً.
بلغ امتعاضها من افتقاره إلى بعد النظر أوجه: "ليست هذه المشكلة!"
رفع حاجبيه هازئاً من تصرفاتها المشاكسة: "ما هى المشكلة؟"
أخذت نفساً سريعاً ثم واجهته بما يحاول تجاهله:" ستخال نانسي أن المسألة جدية...فقد أعربت لى عن رغبتها فى زواجك ثانية, لتنجب لها الكثير من الأحفاد."
ـ ألا تجدين أن فكرة زواجنا ليست مستحيلة؟
بدا كلامه أشبه بالتحدى وكأنها اتخذت قراراً من دون الرجوع إليه أولاً...
كانت عيناه مسلطتين عليها, و فيهما تصميم لا رجوع عنه على اكتشاف ما يجول فى رأسها....فارتبكت أشد الارتباك:
ـ قلت إنك ليست على عجلة من أمرك للزواج ثانية...
ـ فى العجلة الندامة و فى التأنى السلامة.
جاء اقتباسه مفعماً بالتهكم.
ـ لا أريد أن أكرر الخطأ عينه...ولكننى أؤكد لك أننى لا أحتاج إلى ثلاث سنوات لأتخذ قرارى.
ـ ثلاث سنوات!
ـ أظن أن علاقتك بـ براندن دامت ثلاث سنوات.
هزت ليز رأسها لا تصدق أذنيها...إذ لم يخطر على رأسها قط أن يربط ما بين علاقتها به و تجربتها مع براندن, بطريقة أو بأخرى...فالوضع يختلف تماماً....و لِمَ تراه يقارن علاقة خاطفة بقرار الارتباط الطويل الأمد؟
فى مطلق الأحوال , أعادت كلماته تلك أحياء ذكرى تجربة فاشلة, تفضل أن تمحوها من ذاكرتها...و لابد أنه يعى تماماً تأثير ذلك عليها...
توقفت الموسيقى....فتوقف الراقصون عن الرقص....إلا أن كول بقى ممسكاً بها, من دون أن يأتى بأى حركة ليحررها أو يعيدها إلى منتديات ليلاس مكانها.
أنزلت ليز يدها عن كتفه, تستعد للتخلص من عناقه, فيما أخذ الأزواج الآخرون يغادرون حلبة الرقص.
ـ لِمَ أخفيت عنى أن براند فى النيبال ؟
ـ ماذا؟
رفعت عينيها مصعوقة فتقابلت نظراتهما ووقعت أسيرة العزم الشديد البادى فى عينيه....
قال لها متجهم الوجه: "أظنك سمعتنى جيداً"
وقعت ليز فى حيرة من أمرها...كيف يعقل ذلك...إلا إن...
ـ هل حاول براندن الاتصال بى فى المكتب؟
ـ أهذا ما ترغبين بسماعه؟ هل اتصلت لإبلاغه بمجيئك؟
ـ كلا....أنا...
لم تجد ليز مبرر منطقى لسخطه....
سألها كول متململاً :"هل تركت له رسالة ليوافيك إلى كاتمندو؟"
ـ أنتهى الأمر!
صرخت فى وجهه محاولة أن تلج إلى جوهر الموضوع فأجابها بصوت أجش:
ـ كلا , لم أنته بعد....جالت بعينيها فى الحلبة الفارغة: "بدأ الناس ينظرون إلينا."
ـ حسناً....علينا أن نضع التقاط على الحروف....أتفضلين التحدث على انفراد؟ لك ما شئت.
وقبل أن تتاح لها الفرصة لتعترض, أمسك بمعصمها بقوة و قادها نحو نانسى التى كانت تراقبهما من مكانها بحماسة شديدة.
دمدمت ليز ساخطة:
ـ لا أريد التحدث على انفرا.
ـ لن أسمح لك أن تتجاهلينى ثانية أو تتصرفى و كأن علاقتنا سطحية و خالية من البعد الشخصى....عليك أن تختارى إما أن نتحدث على انفراد أو أمام الجميع.
كان كول ينبض بالعدائية و أدركت ليز أنه لن يتوانى عن الإقدام على أى تصرف متهور, إن اصرت على البقاء والدته....فقررت أن تستجمع رباطة جأشها , وتبذل جهدها لتخرج من هذه الورطة التى زجها كول فيها.
كانت نانسي تبتسم سعيدة برؤيتهما معاً...فخشيت ليز أن تطلق العنان لأوهامها إن أفشى لها كول سر تعلقه بسكرتيرته الخاصة و بعيداً عن الإطار المهنى.
لم تشأ ليز أن تدعه يتفوه بكلمة فرسمت على ثغرها ابتسامة حزينة فيما كانا يقترباً من والدته و اسرعت تقول لها :
ـ على أن أناقش مع كول بعض الأمور الطارئة المتعلقة بالعمل...فهلا عذرتينى قليلاً يا نانسي؟
تدخل كول قائلاً:
ـ قد يتطلب الأمر الكثير من الوقت....أيمكنك أن تعودى إلى الفندق مع المجموعة يا أمى؟
ـ طبعاً يا عزيزى.
و ابتسمت له مبتهجة:
ـ أحضرت معى مفتاح غرفة الفندق....تحرص ليز دوماً على تذكيرى به.
هاهى تقع فى شرك كفاءتها...
ـ لا أظن أن غيابنا سيطول يا كول...
قالت ليز ذلك محاولة أن تقلل من شأن هذا الاجتماع "الخاص"
ـ من الأفضل أن ندرس الاحتمالات كافة....
والتفت إلى والدته و قال لها بلطف:
ـ فى حال طال اجتماعنا, سأرافق ليز إلى الفندق و أوصلها إلى الغرفة سالمة....فلا داعى لأن تبقى مستيقظة فى انتظار عودتها.
أحست ليز بالدماء الحارة تجتاح عنقها و تلذع خديها...
ـ لا بأس يا عزيزى.
لم تعترض نانسي على خطة أبنها, و ابتسمت لـ ليز مشجعة و استطردت تقول :
ـ لا تقلقى بشأنى...كان نهارنا حافلاً و أظن أننى سأخلد للنوم فور عودتى إلى الفندق.
لم تعد فى جعبة ليز أعذار تتحجج بها...
التقط كول حقيبة يدها الصغيرة عن الطاولة ليضع يده على مالها و مفتاح غرفتها, ثم شكر والدته قائلاً :"شكراً يا أمى"
و اقتاد ليز عنوة نحو مخرج قاعة الرقص.
ـ أعد لى حقيبة يدى.
و صرت على اسنانها من شدة الغضب مصممة فى سرها على ألا تدع زمام الأمور تفلت من يدها كلياً...فإن لزم الأمر ستطلب سيارة أجرة... تحداها كول بازدراء:
ـ هل تنوين الفرار منى يا ليز؟
ـ لا أحب أن يلوى أحد ذراعى.
ـ صحيح!
و ناولها حقيبة يدها ثم أضاف:
ـ إنك الآن حرة نفسك...و لكن قبل أن تنفسى عن ثورتك من تدخلى فى خططك, أود أن أطرح عليك سؤالاً....هلا قلت لى ما الفائدة التى جنيتها من وجودى فى حياتك؟ بغض النظر ن بطاقة السفر المجانية إلى كاتمندو.
ـ ما الفائدة؟
صعقتها اتهاماته الباطلة : "لم أطلب منك أن تقدم لى بطاقة سفر مجانية"
منتديات ليلاس
ـ أود أن ألفت انتباهك إلى أننا فى مكان عام.
ولإثبات كلامه لوح إلى مجموعة من المدخنين احتشدوا فى الردهة المجاورة لقاعة الرقص...
ـ و بما أنك لا تريدين إثارة القيل و القال حتى لا يصل إلى مسامع والداتى...
و قادها بسرعة عبر السلم المؤدى إلى بهو الفندق حيث وقفا المصعد ينتظران وصوله...التقطت ليز انفاسها و أسرعت تقول له:
ـ لن أصعد معك إلى غرفتك.
كانت ليز ساخطة من تعجرفه الشديد, الذى أوهمه بأنها ستذعن لإرادته, لا محالة.
ـ إنى أنفذ رغبتك بالتحدث على انفراد....أم ترانى كنت مجرد وسيلة استخدمتها لتعززى ثقتك بنفسك فتتمكنى بعدها من الفوز بـ براندن ثانية؟
عاد يتكلم عن براندن...
فُتح باب المصعد فيما كانت ليز لا تزال مصدومة من تفسير كول الغريب لتصرفاتها...
أدخلها كول إلى المصعد, و عقلها عاجز عن فهم ما كان يقصد بكلامه...فحدقت به غير مصدقة, و سألته:
ـ أتقصد القول أننى تقربت منك لأعزز ثقتى فى نفسى؟
ـ إنه مجرد رد فعل تلقائى لخيبة أملك!
ثارت ثائرتها و قد أدركت أنه يخالها استغلالية, فأدارت أن ترد له الكيل كيلين:
ـ ماذا عنك يا كول ؟ ففى اليوم عينه الذى اتهمتنى فيه تارا بمطارحتك الغرام قررت أن تغازلنى .
بدت علامات الذعر على وجهه:
ـ لا علاقة لـ تارا مطلقاً بالمشاعر التى أكنها لك! أتعتقدين أننى قد أتقرب من امرأة شبيه بـ تارا, بعد كل ما قاسيته معها؟
كانت نبرة صوته مفعمة بالوعيد فأسرعت ترد عليه بحدة:
ـ لست أدرى....كانت تارا زوجتك, أليس كذلك؟
ـ وطلقتها , حالما سنحت لى الفرصة بعد وفاة طفلنا.
وعلت وجهه إمارات الاعتداد بالنفس: "تارا انسانة استغلالية, لا تحب أحداً إلا نفسها ...أؤكد لك أننى لم أعد أجدها مثيرة, مع مرور الوقت"
رماها بنظرات مليئة بالحقد وأضاف: "ولا أقبل أن تستغلنى امرأة حسبتها أفضل منها"
صرخت ليز بغضب: "لم أستغلك!"
ـ حقاً؟ لِمَ عاملتنى ببرود هذا المساء؟
ـ قلت لك أن والدتك هى السبب.
ـ حجتك ليس مقنعة.
وقبض على معصمها ليخرجها من المصعد و يقودها عبر الرواق الطويل.
وصلا إلى غرفته...دس مفتاحه فى الباب, ثم دفعها إلى داخل جناح خاص, لا يمكن أن يزعجهما أحد فيه .
لم تحاول ليز أن تقاومه, بعد أن تبين لها جل ما يريده منها هو وضع النقاط على الحروف بشأن علاقتهما...
كان كول فى حالة من الغضب الشديد, و قد ظن أنها اتفقت مع براندن على ملاقاته غداً.
ـ حسناً...أريد أن أسمع منك الحقيقة.
كانت قسمات وجهه قاسية, و نظراته متحجرة, فأحست ليز برعشة تسرى على طول عمودها الفقرى.
إنه يهتم لأمرها...إنه يهتم لأمها حقاً...
امتلأت ليز فرحاً , و راحت تتجول فى أرجاء الجناح الشاسع, فعبرت الباب المفتوح المؤدى إلى غرفة نوم واسعة تضم سريرين كبيرين ثم اجتازت المدخل المقنطر لتصل إلى غرفة جلوس أنيقة.
لحق كول بها إلى المدخل المقنطر, و وقف يتأملها متململاً... فذلك الرجل الضخم الجثة, الجبار, يحاول عبثاً كبح المشاعر العنيفة المتقدة فى داخله.
ـ لم أقل لك إن براندن فى النيبال, لأن الأمر لا يعنينا يا كول.
قالت له ذلك بنبرة هادئة...فأجابها و قد بلغ الغيظ منه مبلغاً:
ـ ليس فعلاً! فبسببه رميت عنك ثوبك القديم, و أظهرت لى جانباً من ليز هارت لم أره من قبل.
هزت ليز رأسها: "كانت الفكرة فكرة شقيقاتى ....فبعد رحيل براندن, أردن أن أبرز جمالى لأجذب الرجال...و أصرت أمى على أن ذلك سيشعرنى بالرضى عن نفسى....ولم يخطر فى بالى للحظة واحدة أن أبذل جهداً لاسترجاعه....فكل شئ انتهى بيننا"
ـ ولكن يوم رأيتك فى حلة جديد, و تأكدت من مدى جاذبيتك, كنت تحملين فى يدك بطاقة سفر إلى النيبال....بطاقة هى الفرصة الأفضل لتظهرى لـ براندن ما فاته.
ـ سنذهب غداً إلى كاتمندو, و لكننى لا أعرف عنوان براند نفى النيبال, فضلاً عن أننى لست متأكدة من وجوده هناك....فالأمر لا يهمنى مطلقاً... وإن شاءت الصدف أن ألتقى به, لن يغير لقاؤنا شيئاً, لأننى لا أريده فى حياتى ثانية.
قطب كول جبينه:
ـ أهذا ما تشعرين به حيالى أيضاً؟ لقد حققت مرادك و أصبحت الآن راضية عن نفسك.
رفعت رأسها لتواجهه, و قد أدركت أنه لم يعد لديها ما تخسره:
ـ أتريد الحقيقة يا كول؟
ـ أجل.
كانت عيناه الثاقبتان تأمرانها بقول الحقيقة.
ـ لطالما كنت تعجبينى...و لكنك كنت متزوجاً من امرأة من الصعب منافستها....فارتأيت فى نهاية المطاف أن أصرف النظر عن هذا الحلم البعيد المنال....و يمكنك القول إن اختيارى لـ براندن كان عملياً, و حاولت يائسة أن أنجح علاقتنا ...لعل ذلك دفعه فى نهاية الأمر, للتخلى عنى...فقط بذلت جهداً كبيراً لأجعل من شئ بعيد كل البعد عن الصواب شيئاً أستطيع التعايش معه.
قطب جبينه من جديد: "لم تبوحى بأعجابك بى....."
ـ و ما الجدوى من ذلك؟ فضلاً عن أننى كنت أحب العمل معك.
ابتسم ابتسامة عريضة و دمدم قائلاً: "واحتى فى الصحراء!"
ـ عفواً؟
أجابها ساخراً: " مررت بأوقات عصيبة جداً, و لكن وجودك جعلها فى حياتى جعلها أكثر أحتمالاً"
ابتسمت ابتسامة اشمئزاز: "كنت خادمة!"
ـ ليس صحيحاً...فالخادمة ترد على بفظاظة و توبخنى...أما أنت فكنت الرفيقة المساعدة.
أخذت ليز نفساً عميقاً, و هى عازمة على أن تطرح عليه سؤالها الحرج:
ـ هل كنت أساعدك على نسيان تارا, فخلال تلك الأيام القليلة التى سبقت التوقيع معاملات الطلاق؟
هز رأسه و قد أغاظه كلامها :
ـ خرجت تارا من حياتى قبل خروج براندن من حياتك بوقت طويل...
و لكننى كنت مستاء منها لأنها حطت من قدرك و أذلتك...و أردت أن أرفع من معنوياتك...
ـ هل أشفقت علىّ؟
كل شبر من جسمها ينفر من هذه الفكرة.
ـ رباه! كلا !
بدت إمارات السخط على وجهه, و قد أحبطه تفسيرها للأمور...فقطب جبينه محاولاً أن يستجمع أفكاره للرد عليها:
ـ كرهت عزيمتك المحبطة, خاصة و أنك تستحقين التقدير أكثر بكثير من الأشخاص الذين أحبطوا عزيمتك...و حاولت أن أقول لك...أن أفهمك..
رفع يده فى إيماء غريبة تنم عن يأسه:
ـ و فى نهاية المطاف لم أستطيع أن أمنع نفسى من التودد إليك...على الرغم من أننى لم أشاء أن أعرّض علاقة العمل التى تربطنا للخطر.
ـ التودد إلىّ...!!!!
و أحست بغصة فى حلقها:
ـ خيل إلى أن هدفكـ الوحيد هو التسلية فحسب.
ـ لا أريد إلا أنت يا ليز...فقد لاح لى من بعيد طيف واحة, فى وسط صحرائى...و أسرعت إليها لأشرب من مائها العذب حتى الارتواء...كان شعوراً فى غاية الروعة.
لم يمكنها أن تنكر ذلك...و لم تشأ أن تحجب هذه الحقيقة خلف أشياء أخرى ولكنها تريد منه أن يبدد شكوكها كلها...فاعترفت له قائلة:
ـ هذا صحيح...و لكننى حسبتك تتقرب منى لأنك لم تجد أحداً سواى...
ـ كلا...تقربت منك لأنك أنت!
ـ حين وقعت عيناى عليك هذا المساء قررت ألا أسمح لأحد بأن يستغلنى ثانية...حتى أنت يا كول....
و استجمعت شجاعتها كلها و استطردت تقول:
ـ مع أننى أريدك أكثر مما أردت أى رجل آخر فى حياتى...
ابتسم لها ابتسامة امتزج فيها الارتياح بالبهجة العارمة: "أوكد لك أن هذا الشعور متبادل"
تنفست ليز الصعداء, وظهرت على ثغرها ابتسامة رقيقة: "حقاً؟"
ـ وما الذى حسبتنى أناضل من أجله؟
ثم دنا منها و أخذها بين ذراعيه, و عيناه المملوءتان بمشاعر صادقة, لا تفارقانها:
ـ لن أدعك تبتعدين عنى بعد اليوم....و سنرى إلى أين ستذهب بنا هذه العلاقة ....علينا أن نمنح أنفسنا بعض الوقت يا ليز....أتفقنا؟
لم تعد الأحلام مستحيلة, و كلامه فاق قدرتها على تصديقه. فأخذ قلبها يتخبط بين ضلوعه, و آمال المستقبل الزاهى تتراقص فى ذهنها....كان رجل أحلامها يحتضنها بين ذراعيه, و يشدها إليه بقوة, و كأنه يريد أن يجعلها جزء منه....فقد ترك أعماله كلها و سافر إلى المقلب الثانى من الأرض , ليقضى على ما يمكن أن يفرق بينهما.....و ها هو الآن يقول لها....
ـ أجيبى يا ليز....
يأمرها....
إنها تحب هذا الرجل....و تحب كل شئ فيه...دست ذراعيها حول عنقه:
ـ نعم يا كول....نعم....
كانت نبرة صوتها مفعمة بالفرح, و نيران الشوق تستعر فى أحشائها, و قلبها يهلل ابتهاجاً بهذه المشاعر الجياشة المتبادلة....فعانقها عناقاً ملؤه الشوق و اللهفة, عناقاً أكد لها أنها المرأة التى يريدها بكل جوارحه....فانهارت كل الحواجز, و لم تعد تخشى شيئاً معه, حتى رأى والدته فى علاقتهما...
و نانسي ستفرح حتماً لفرحهما.
عندما طلب كول سيارة أجرة لتقلهما إلى الفندق, كانت ليز فى حالة من السعادة الشديدة, و لا تشعر بالنعاس أبداً ....يمكنها أن تنال قسطاً من النوم خلال الرحلة كاتمندو.....فتذكرت عندها:
ـ كيف علمت أن براند نفى النيبال؟
ـ أخبرتنى أمى قبل سفرها.
ـ أمكـــ ؟
قطب ليز جبينها و قد فاجأها الأمر ....ألا أنها عادت و تذكرت بأنها ردت على أسئلة نانسي حول صديقها السابق.
ـ لِمَ تراها فعلت ذلك؟
ابتسم كول :
ـ لعلها اكتشفت أننى أهتم لأمرك, و أرادت أن تحثنى على التحرك بسرعة, حتى لا أخسرك.
تنهدت ليز مطمئنة: "يسرنى أنك أتيت"
شد كول على يدها: "و أنا أيضاً!"
نظرت إلى أصابعهما المتشابكة, و تذكرت التوتر الشديد الذى تملكها بعد مغادرة تارا بالم بيتش, و محاولات كول الحثيثة, للتخفيف عنها....قالت لها يومها والدته: "أنه يهتم لأمرك يا عزيزتى"
ضحكت ليز فى سرها و قد أدركت أن لا شئ يُخفى عن الأم...فـ كول يهتم لأمرها....و ليز تشعر بالرضى التام عن نفسها.
|