كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: 351 - وجهاً لوجه - أيما دارسي
قالت له بنبرة جافة:
ـ أتعلم شيئاً؟ لا أظن مقارنة المرأة بمحرك سيارة يجعلها تشعر بأنها مميزة.
انفجر كول ضاحكاً: "بِمَ علىّ أن أجيبك؟"
وقطب جبينه و كأنه يحصر تفكيره ثم استطرد يقول:
ـ أظنك كنت تخدعين نفسك طوال فترة علاقتك بـ براندن...و لكنك تحررت الآن منه, فأشرق نور حقيقتك, و سطح على جميع المحيطين بك, الذين أدركوا كم أنت مميزة...و هذا يعنى بأنك لا تخدعين أحداً اليوم.... وابتسم لها ابتسامة عريضة و أضاف: "ما رأيك؟"
أرادت أن تضحك لأن كلامه مبالغ فيه....و لكنه أثار فيها أحاسيس جميلة.
ـ لم يكن براندن السبب.
و ارغمت نفسها على الاعتراف قائلة:
ـ فمنذ زمن بعيد و أنا أواجه مشكلة مع احترامى لذاتى.
سألها, و قد بدا واضحاً أنه لا يجد مبرر لذلك: "ما سبب ذلك؟"
هزت ليز رأسها, آبية أن تتيح له الفرصة ليحلل حياتها:
ـ دعنى أستمتع بـ (نورى المشرق) ...فهذه الكلمات تكفى لوحدها لأبقى مبتسمة طوال الرحلة....
أرادت أن تثبت القول بالفعل فرمته بابتسامة لم يرّ بجمالها من قبل. هز رأسه و الحيرة بادية على وجهه:
ـ هل تشعرين بالرضا إن قلت لك إننى احترمك أشد الاحترام؟
ـ شكر لك...لطف منك أن تقول لىّ ذلك.
ـ أظنك ستضفين كلمة (لكن)...
تحولت ابتسامتها إلى حزن:
ـ أخالك تحترمنى لأننى أنفذ أوامرك كلها...يسرنى جداً أن أحظى باحترامك....أرجو ألا تخال العكس... لكننى طالما تساءلت ما إذا كان الذكاء لعنة أكثر منه عطية من الله .
ـ إنها نعمة من الله...و من الغبار ألا تستغلها ...لن تشعرى بالارتياح مع نفسك إن حاولت إنكارها.
ـ و لكننى لا أشعر بالسعادة بالعيش فى عالم خاص بىّ...أريد ...
و توقفت فجأة عن الكلام و قد أدركت أن حديثهما أخذ منحني شخصياً...و لا شك أنها ستشعر بالإحراج فيما بعد, لا سيما نهار الاثنين حين ستواجه كول من جديد فى المكتب.
قال لها ملحاً: "تابعى كلامك."
فحاولت تغيير الموضوع: "كل الأشياء التى تود النساء عادة الحصول عليها."
ـ أوافقك الرأى.
تنفست ليز الصعداء حين أكتفى كول بهذا الحد....فقد سمحت لنفسها بأن تطلق العنان للسانها ليقضى بمكنونات قلبها, من دون أن تراجع عقلها, بعد أن وجدت كول يغزو حياتها الخاصة و يجعل نفسه طرفاً فيها.
انتقلت بعينيها إلى يديه المكسوتين بقفازين جلديين, و المثبتتين على مقود السيارة...إنها القوة البشرية التى تتحكم بالقوة الآلية...
اعترتها قشعريرة خفيفة, تحذرها من ألا تقع ضحية تخيلاتها المغوية....
لكنها وجدت صعوبة فى السيطرة على نفسها أمام صورة كول الجديد, و السيارة التى يقودها, و الأحاديث الخاصة التى يتناولها...
منتديات ليلاس
لم تجد أمامها سوى أن تركز اهتمامها على المشاهد التى كانت تمر أمامها...
علاوة على جمال الرمال و البحر, لفتت انتباهها المنازل الأسطورية المنتشرة على طول الطريق, و التى تضاهى بجمالها أثمن اللوحات فى العالم...
لم تقصد ليز هذه البقعة من سيدنى من قبل, و لا تعرفها إلا من خلال ما سمعته عنها....فكانت سعيدة حقاً برؤيتها للمرة الأولى.
وصلا فى نهاية المطاف إلى بالم بيتش, الواقعة عند طرف شبه الجزيرة, حيث القصور الشاهقة تطل على المحيط.
أدار كول سيارة الماسيراتى بشكل نصف دائرى, ليسلك طريقاً فرعياً يقود إلى فيلا ضخمة, متوسطية الطراز, تحيط بشرفاتها أعمدة ضخمة.
كانت جدراً الفيلا مطلية بلون زهرى مائل إلى القشدى و تشع تحت أشعة الشمس بشكل فتان.
شهقت ليز اعجاباً و قد و قد لفت انتباهها بركة الدلافين فى وسط المرجة الأمامية, و الأشجار الشاهقة, التى كانت تحف بجانبى بجانبى الطريق الفرعية.
قال لها كول بنبرة تدل على الاحباط:
ـ إنه كبير جداً بالنسبة لوالدتى, و تكلف صيانته مبالغ طائلة, لكنها تأبى أن تتخلى عنه.
لو كنت مكانها لما فعلت.
قالت ذلك بحرارة و هى ترمق أبن نانسي بنظرات مؤنبة.
ـ أظنها تحبه كثيراً, و ستصاب حتماً بصدمة قوية أن تخلت عنه
ـ لكنها تعيش وحيدة بعيدة عن المدينة, و لم تعد صغيرة فى السن.
أدركت ليز فى الحال وجهة نظره: "أنك قلق عليها ...:
أوقف كول السيارة و أطفأ المحرك ثم أعلن لها: "إنها امى!"
وهو يحبها كثيراً....مما يعنى أنه أجتاز اختبار انتماءه إلى عائلة متماسكة, خلافاً لـ براندن....
لجمت ليز أفكارها الجامحة, و حاولت أن تضعها على الطريق الصحيح.
ابتسم لها: "أعلم بأننى أستطيع الاعتماد عليك....صحيح أن صديقك السابق لم يقدر حسك بالمسؤولية, لكننى أفعل.... و تذكرى جيداً بأننى نادراً ما أعتمد على أحد فى شئ..."
خيل إليها خلال السنة الماضية أنه يتمتع بنوع من الاكتفاء الذاتى... اكتفاء ذاتي محفوف بالبرودة.... فأحست بلذة عامرة و هى تسمعه يعبر صراحة عن اتكاله عليها....
و أدركت للحال أن الرجل لا يستطيع العيش معزولاً, والمرأة كذلك الأمر...
كانت ليز تعى جيداً أن بعض الأسئلة بقيت معلقة, أسئلة سلط كول الضوء عليها حين قارن نفسه بـ براندن....
نزع كول نظارته الشمسية و دسها فى جيب سترته الجلدية.... فأسرعت ليز لتنزعها بدورها.... كانت على وشك أن تقابل والدته للمرة الثانية, و لم تشأ أن تضع بينهما حواجز دفاعية.
ـ أتريدين أن تنزعى وشاحك قبل أن ندخل؟
كيف نسيت وشاحها على شعرها؟
جلس كول يتأملها و هى تحل الغطاء الواقي عن شعرها, و تدسه تحت ياقة سترتها تاركة طرفيه متدليين من الجهتين. ثم أخذت من حقيبة يدها فرشاة للشعر, و سرحت شعرها الذى بعثره الهواء.
التفتت نحوه و سألته: "ما رأيك؟"
|