كاتب الموضوع :
الاميرة الاسيرة
المنتدى :
تقاليد وشعوب
رد: الحضارة اليونانية
الاقتصاد.
أثينا هي المركز الاقتصادي والمالي لليونان، وبها عدة مصانع تقوم بإنتاج الإسمنت والكيميائيات والملابس والمنتجات الغذائية والبترولية والسفن والنسيج وغيرها. وهناك صناعات يدوية مثل فن نقش المجوهرات وأعمال النحاس الأصفر والأحمر، وصناعات أخرى مفضلة لدى السياح. فالسياحة تؤدي دورًا مهمًا في اقتصادها، إذ ينعم السياح والزوار بحوانيتها ومطاعمها ومقاهيها الكثيرة.
المدينة القديمة
أطلال أثينا القديمة تنتصب بين المباني العصرية في جنوب غربي المدينة. توجد بقايا من أطلال هيكل الإلاهة أثينا - في عقيدة اليونان - وهياكل أخرى فوق تل أكروبولس، (خلفية الصورة). وقد تبقى ستة عشر عمودًا من هيكل زيوس الأوليمبي، (مقدمة الصورة).
الأكروبولس ومبانيه. بنى قدماء الإغريق أثينا على تل صخري ذي قمة منبسطة واسعة تزيد مساحته على الأربعة هكتارات بقليل، وهو التل المعروف باسم أكروبولس ـ ويعني المدينة العالية. وقد عاش حكام أثينا القدماء على هذا التل ربما لسهولة الدفاع عنه. وقد بنى أهل أثينا القدامى على هذا التل المعابد والمباني العامة، وهو الآن مهجور، لا يعيش فيه أحد.
وهناك بقايا لسور قديم، وأسوار أكبر حوله، وكان أهل أثينا قد بنوها حول الأكروبولس ما بين القرنين الثالث عشر والخامس قبل الميلاد. وقد بنوا عليه أيضًا معبدًا وهبوه لأثينا، الإلاهة الراعية للمدينة، وظل هذا المعبد أكبر معابدها حتى وقت استيلاء الفرس عليها عام 480ق.م، وقيامهم بتحطيم معظم المباني القائمة على تل أكروبولس. وفي عام 447ق.م قام أهل أثينا تحت قيادة أحد ساستها المحنكين بيركليس، بإعادة بناء الأكروبولس، وإضافة مبان جديدة عليه مثل مبنى معبد البارثينون الفاخر المشاد من المرمر، والمُهدى إلى الإلاهة أثينا. كما بدأ بيركليس بناء اليروبيليا، وهو مدخل ضخم للأكروبولس ولكن بناءه الذي أعاقته الحرب البيلوبوينزية لم يكتمل أبدًا، وإلى يمين هذا البناء يقف معبد أثينا نايك. وعلى بعد 55م من البارثينون يقع معبد أرخثيوم، الذي أتم أهل أثينا بناءه عام 400ق.م تقريبًا، وأهدوه إلى معبودتهم أثينا، وإلى الإله بوسيدون، وإلى الملك أرخثيوس أحد ملوك أثينا الخرافيين القدامى. ويتميز هذا المعبد ببهوه الجنوبي الذي تقوم فيه ستة أعمدة مبنية على شكل عذارى يحملن سقفه. وقد حُولت هذه الأعمدة في الثمانينيات من القرن العشرين إلى متحف الأكروبولس، خوفًا عليها من عوامل تلوث الهواء، ووضعت مكانها أعمدة مشابهة لها مصنوعة من الإسمنت، على صورة تلك الأعمدة الأصلية، انظر: النحت.
مبانٍ أخرى. إلى الجنوب الشرقي من الأكروبولس يقع مسرح ديونيسوس الذي كان الروائيون الإغريق القدامى يعرضون فيه رواياتهم. ويرجع تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد، ويسع 15,000 مشاهد. وقد أدخلت عليه تعديلات عديدة على مر الزمن. ويوجد في الجهة الجنوبية الغريية من الأكروبولس مسرح أوديون، المرمم، وسعته أكثر من 5,000 مشاهد. ولايزال هذا المسرح مستعملاً حتى اليوم؛ ففيه تعرض العروض المسرحية والموسيقية. ويرجع الفضل في بنائه إلى هيرودس أتيكوس أحد أثرياء أثينا، حيث أتم بناءه عام 160م.
وتقع أجورا وهي سوق أثينا القديمة إلى الشمال الغربي من الأكروبولس، وقد كشف علماء الآثار عن الكثير من مباني أجورا العامة. ويوجد على طول ضلعه الشرقي صف طويل من الأعمدة المرمرية المسقوفة التي تحوي بين جنباتها العديد من الحوانيت، وتعرف باسم استوا أوف أطالس. وقد تم بناؤها بين عامي 159 و138ق.م، وأعيد بناؤها في الخمسينيات من القرن العشرين. وهي اليوم متحف، ومقر للحفريات الجارية في منطقة أجورا. انظر: الإغريق.
أما معبد هفاستس ـ ويسمى أيضًا هفاستيوم، أو تيسيوم ـ فيقع خارج منطقة أجورا، وقد تم بناؤه عام 449ق.م ويعد من أكثر المعابد المعتنى بها في اليونان اليوم.
وعلى بعد نحو 370م شرقي مسرح ديونيسوس، يوجد معبد زيوس الأوليمبي ، وهو أكبر المعابد المبنية في اليونان. وقد بدأ بناءه الطاغية الإغريقي بيزيستراتوس عام 530ق.م، ولم يكتمل بناؤه إلا في عهد الإمبراطور هادريان الذي حكم في الفترة ما بين 117 و 138م. وقد احتوى المبنى على 104 أعمدة، ارتفاع كل منها 17م، ولكن لم يبق منها الآن إلا 16 عمودًا فقط.
نبذة تاريخية
لايعرف المؤرخون الكثير عن تاريخ أثينا قبل عام 1900ق.م، العام الذي احتل فيه الإغريق أتيكا. وقد غزا قوم آخرون أثينا بعد الإغريق، واستوطنوها ولم يطردوا منها الإغريق بل سمحوا لهم بالبقاء فيها.
كانت أثينا من أوائل ما أطلق عليه الدول ـ المدن . وكانت هذه الدول ـ المدن تشمل المدينة والمنطقة المحيطة بها، وكان لأثينا ملك، شأنها في ذلك شأن الدول الإغريقية الأخرى. وتقول الروايات التقليدية إن أول ملك هو سسروبس، وأن حكم الملوك لتلك الدول الإغريقية استمر حتى عام 682ق.م، حيث تولى آنذاك حكمها موظفون منتخبون يسمى أحدهم الأرخون، ينتخبهم كل سكان المدينة الذكور البالغون ولمدة عام واحد، وكانوا ثلاثة في البداية ثم زيد عددهم إلى تسعة فيما بعد.
كان الأرخون ينضم بعد انتهاء خدمته، إلى مجلس مكون من سياسيين كبار في السن، يُطلق عليه اسم أريوباغوس وهو اسم المكان الذي كانوا يجتمعون فيه ليحكموا في قضايا القتل، وليعدوا الأمور السياسية التي سيجري عليها التصويت في مجلس المدينة العام.
ازداد عدد سكان أثينا، ونتج عن ذلك عدة أمور، أهمها أن مزارعي أتيكا عجزوا عن تزويدهم بالطعام، كما أن طبقة الأرستقراطيين الحاكمة أخذت في امتلاك أراضي المزارع الجيدة تدريجيًا، وهذا الأمر أضعف طبقة الزراع الصغار، فبدأوا يستدينون على أمل أن يُوفوا دينهم من محصول العام التالي. ولم يكن باستطاعة بعضهم الإيفاء بالدَّيْن، فبدأوا يفقدون أراضيهم ويصيرون عبيدًا لدائنيهم، وظهرت في أثينا طبقتان، الطبقة الدنيا المعدمة وطبقة الأثرياء. وزاد التنازع بينهما، وبدأ شبح الحرب الأهلية بينهما يلوح في الأفق.
أُدخل الأرخون سولون بعض الإصلاحات المهمة في مجتمع أثينا عام 594ق.م، فبدأ بإلغاء الديون محررًا بذلك من صاروا عبيدًا، ولكنه لم يستطع إرجاع أراضيهم لهم. كما قام بعد ذلك، بوضع بعض الأسس لتولي المناصب العامة، فجعل الثروة أساسًا لذلك التولي، فأصبح لكل مواطن مؤهل الحق في أن يصبح موظفًا عامًا دون أن يكون من أحد أُسر الحكم التقليدية. وقام سولون أيضًا بإعادة تنظيم قوانين أثينا، وأشاعها بين الناس.
ولكن هذه الإصلاحات لم تحل مشكلات الفقر في أتيكا. وفي عام 560ق.م قام بيزيستراتوس ـ وهو أحد قادة الجيش المحترمين ـ بالاستيلاء على السلطة في أثينا، وحكمها حكم الطغاة. واستبعد من السلطة مرتين لكنه حكم بحزم منذ عام 545ق.م، وحتى موته عام 527ق.م. وقد ساندته الطبقات الدنيا، فكان يجازي مسانديه بإعطائهم الأراضي التي كان قد صادرها من معارضيه الأثرياء. وهكذا استمر في إكمال ما بدأه من تقليص قوة الحكام التقليديين. ولم يلغ بيزيستراتوس الحكومة والأرخون بل سيطر عليها تمامًا. وكسب لنفسه ولاءً شعبيًا. وبعد ذلك قام بعدة إصلاحات في المدينة، من ذلك شروعه في بناء المراحل الأولى من معبد زيوس، ولكنه مات وخلفه ابنه هبياس، وحكم أثينا حكم الطغاة.
الديمقراطية.
أزيح هبياس عن الحكم عام 510ق.م، وخلفه على حكمها أحد أفراد الأسر البارزة، وهو كليسثينيز الذي تمكن عام 508ق.م من إقناع أهل أثينا بقبول الدستور الذي اقترحه عليهم، والذي جعل من أثينا دولة ديمقراطية. وبالرغم من أن هذا الدستور بقي غير مكتوب إلا أنه ظل معمولاً به مئات السنين، وقد احتفظ بمجمل إصلاحات الأرخون، وأضاف إليها بعض الأمور التي استجدت.
كانت المواطنة حتى عهد كليسثينيز قائمة على رباط الدم والنسب إلى القبائل الأيونية الأربع التي استوطنت أتيكا، وكان على الرجل أن ينتمي إلى إخُوة ليصير مواطنًا. ولكن نظام كليسثينيز جعل من كل الذكور البالغين من العمر ثمانية عشر عامًا، مواطنين، وأعضاء في القرية أو المدينة التي يعيشون فيها. وقد أصبحت العضوية في القرية أو المدينة وراثية فيما بعد، حيث أصبح للرجل الحق في أن يكون عضوًا في قرية أو مدينة لا يعيش فيها.
قسم كليسثينيز القرى والمدن إلى ثلاثين مجموعة صغيرة، عُرفت باسم ترتيس، وقسمت هذه بدورها إلى عشر قبائل جديدة، وتتكون كل قبيلة من هذه القبائل من ثلاث من المجموعات التابعة لمناطق مختلفة في أثينا. ونتج عن هذا التقسيم أن أصبح أعضاء كل قبيلة ينتمون إلى عوائل مختلفة ومناطق مختلفة من أثينا.
كانت أهم إصلاحات كليسثينيز هي إنشاء مجلس مكون من 500 عضو، يختارون سنويًا عن طريق الاقتراع. ومهمة هذا المجلس هي تحضير الأجهزة لاجتماع الجمعية العمومية في أثينا. وقد مكن هذا النظام الجديد مواطني أثينا من ذوي الكفاءة من المشاركة في حكومة مدينتهم، إذ إن عضوية مجلس المدينة كانت مفتوحة للمواطنين، ما عدا الطبقات المعدمة، وكذلك كان الحال بالنسبة للوظائف العامة بالدولة. ورغم كل هذه الإصلاحات فإن حق المواطنة لم يكن مكفولاً للنساء، فقد كُنَّ محرومات من حق الاقتراع، ومن أن يصرن موظفات في الدولة. وبمرور الزمن أصبح اختيار كل الموظفين -ماعدا قادة الجيش- يتم سنويًا عن طريق الاقتراع، وكان اختيار قادة الجيش يتم عن طريق الانتخاب. والموظفون الذين يرتكبون مخالفات، ولا ينالون الرضا العام، يمكن نفيهم لمدة عشر سنوات، وعن طريق تصويت السكان.
|