كاتب الموضوع :
الاميرة الاسيرة
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: قصة رائعة قلعة ماليبو
البارت 23
********
جلست سارة وهي تستند بذقنها على ركبتيها وتفكر ..
ثم، سمعت فجأة صوت رنين الهاتف .. رفعت السماعة بسرعة وأجابت:
- نعم؟
- مرحبا .. سارة ..
ظهر الغضب على وجه سارة عندما أدركت بأنه صوت جاكي وقالت بحدة:
- جاكي! لماذا؟ .. لماذا تركت المستشفى؟
صمت جاكي للحظات ثم تكلم :
- سارة، لقد طلبت رؤيتك وحسب ... هذا هو الشيء الذي كنت أرغب به حقا، وليس أن تقف مستشفى والدك على قدم وساق من أجلي!
- هل جننت! لقد اعتبرك أبي مثل سامي رحمه الله ...
- أعلم، وأنا شاكر لذلك .. ولكن ذلك الأمر لن يجدي نفعاً ..
- سيجدي، لقد أخبرني والدي عن مركز أوكسفورد ..
- سارة ...
- ماذا؟
- إن هذا مستحيل ... ليست لدي الإمكانية لذلك .. لم أعد مثل السابق لقد .. فقدت كل شيء!
- جاكي، لم تفقد كل شيء !!
سمعت سارة صوت ضحكات جاكي في الهاتف وقال بلا مبالاة:
- أعلم .. لم أفقدك ..
- ليس أنا .. مازالت القلعة ملكاً لك ..
- مـ .. ماذا تقصدين؟
صمتت سارة للحظات ثم قالت:
- جاكي، أنا مستعدة للبحث عن الكنز في تلك القلعة مجددا، وسيكون ذلك بكامل إرادتي!
ظل جاكي صامتا لفترة ثم قال أخيرا:
- سارة، ضعي السمـّاعة، أنا عائد غدا إلى أسبانيا، وسوف أبيع القلعة بأي ثمن، أتذكرين تلك الحكمة الوحيدة التي خرجت من لساني يوما ما؟
- أية حكمة؟
- كل ما أعرفه في هذه الحياة أننا سنموت جميعا فوق السرداب .. وسيبقى الكنز لعنة ليبحث عنه آخرين .. وآخرين .. وآخرين ... ثم ..
صمت جاكي واحتشدت الدموع في عيني سارة ولكنها حاولت أن تكون أكثر قوة وقالت:
- فكر أرجوك ..
- أعرف أنك ترغبين بمساعدتي .. لكنني لست أنانياً، ولن أعرضك لهذا العذاب مجددا ..
نزلت دمعة من عيني سارة فلم تتكلم خشية أن يشعر بذلك جاكي، وقال جاكي:
- سارة، أنت فتاة كريمة جدا .. وأنا أقدر ذلك لكي .. أشعر أنني أركض الآن بسبب ذلك العرض الرائع، على الأقل أنا أعلم الآن أن هناك شخص يهتم لأمري في هذه الدنيا .. لم تفعل أمي ذلك!
استعادت سارة بعض قوتها وقالت:
- أحك لي عنها ..
- من؟
- أمك ..
ضحك جاكي وتساءل:
- لماذا؟
- أرجوك، أريد أن أعرف كيف عشتم؟ أنتم مميزين جدا ولكل منكم شخصية مختلفة عن الآخر ..
- موافق، أين سأراك؟
- هنا!
- في منزلكم؟؟
- أجل ..
- لا أريد لوالدك أن يراني ..
- لماذا؟
- أرجوك .. سوف يدعوني للمشفى مجددا!
- حسنا أين تريدنا أن نتقابل؟
************
دلفت سارة إلى مطعم الفندق فوجدت جاكي بانتظارها على كرسيه المتحرك، على الفور جلست سارة أمامه على إحدى الطاولات وقالت وهي تضع حقيبتها:
- مرحبا؟
ابتسم جاكي وهو ينظر إليها بحنان ثم قال:
- تبدين رائعة ..
ابتسمت سارة والخجل يعتصرها وقالت:
- أشكرك يا جاكي .. هيـّا .. لقد جئت من أجل أن تحك لي عنكم ..
- عنـّا؟
- أجل ..
- أود أن أتكلم عنك ...
نظرت سارة حولها لدقيقة وقالت:
- لا أريد أن أعرضك لضربة قاصمة مني ... هيا تكلم وإلا ..
- ماذا تريدينني أن أقول؟
- كف عن الضحك!
- حـ .. حسنا ولكن اسألي ..
- أممم .. كيف كان وضعكم عندما كنتم صغاراً؟
- آه حسنا، كنا خمس أخوة، أكبرنا هو "خوان"، كانت أمي تحبه وأبي يدللـه، لقد أصبح أكثرنا ضعفا وخزيا بسبب تربية أبي وأمي له التي جعلته كالفتاة الخجولة، زوجته تتحكم به، وهو لا يعلم حتى الآن ما حصل لنا لأنه منعزل جدا ولا يهتم بمعرفة أخبارنا .. .. .. يليه جوشوا الذي يصغره بعامين عاش في مصحة عقلية لفترة طويلة قبل أن ينفذ صبره، لم يكن مجنوناً لكن تصرفاته كانت زائدة عن الحد الطبيعي ... ولم يكن أحد يفهمه أبدا .. ولا حتى أمي!!
- أنا اعرفه جيدا ..
- أجل، أظن ذلك، لقد تصرفت معه برقة متناهية ذلك اليوم!
- ما زلت تذكر ذلك؟
- بالطبع، لقد أغرمت بك في تلك اللحظة !!
شعرت سارة بالخجل وضحكت قائلة:
- أنت مجنون! ... هيا كف عن هذا الكلام وأكمل ..
نظر جاكي بإعجاب إلى عيني سارة المخفضتين ثم قال:
- حسنا، أعتقد أنك لو كنت أمنـّا لما أصبح حال جوشوا هكذا ..
- جاكي، كف عن ذلك!
ضحك جاكي ثم قال:
- ماذا ستشربين أولا؟
- لا شيء .. أكمل ثم نشرب ونفعل ما نريد ... هيا!
- حسناً .. بعد جوشوا ، ولدت أنا عندما كان جوشوا في الثالثة من عمره ، كنت متشردا منذ ولدت وكانت أمي تلعن اليوم الذي ولدتني فيه ليلا ونهارا، أعتقد أنني كنت أفعل كل شيء سيء .. مثل التدخين، وسرقة الطعام لإطعام قطتي المتشردة والمبيت خارج المنزل ..
قالت سارة ضاحكة:
- تعجبني صراحتك!
عاد جاكي يضحك وقال:
- لقد كنت أرسب في المدرسة الخاصة وأسبب المشاكل لوالدي عندما أتشاجر مع الصبية الارستقراطيين .. كنت مشاغبا ففصلني أبي وأدخلني مدرسة حكومية فبدأت أنجح ..
ابتسم جاكي يتذكر وتابع :
- ثم ماليبو كان يصغرني بعام واحد فقط ... أنت تعرفينه أكثر مني، مدلل أمي الصغير، الذي يحصل على كل شيء يريده، لقد تربى هو وخوان أفضل منا جميعا، وحصلا على كل شيء يتمنيانه وكان أبي يلقبهما بالأميران الوسيمان!! وأنا كان يلقبني بالمحتال الأسباني !!
ضحك جاكي وهو يتذكر ذلك وقالت سارة تعلق:
- لقد تغيرت الآن ..
- حقا؟!
- لكنك مازلت مُـتعبا!
ضحك الاثنان وقال جاكي:
- لقد تغيرت مفاهيمي ..
- حقا؟ أنت الآن ماركسي .. ماذا كنت قبل ذلك؟؟ لا شيء ..
- انا دائما لا شيء ..
ابتسمت سارة وقالت:
- أتمنى أن تكون شيئا، لو أصبحت أكثر إيمانا سوف أشعر بسعادة كبيرة .. وسوف تشعر بالسعادة كذلك ..
حدق جاكي بوجه سارة لثوان ثم قال:
- أود أن أفعل أي شيء يسعدك، لكنني أعتقد أن ذلك الشيء لو لم يكن إيمانا حقيقيا فإنه لن يجدي شيئا ..
- معك حق ..
- سوف يحصل يوما ما ..
- أتمنى ذلك ..
سادت فترة صمت فقالت سارة بسرعة:
- هيا، أكمل ما تبقى منكم ..
- لم يتبق أحد ..
- و .. فيليب؟
نظر جاكي فجأة إلى الطاولة وتحركت عيناه وهو يتذكر ذلك .. ثم دمعت عيناه وهو يقول:
- إنه أفضل أخوتي بالنسبة إلى .. إنه شقيقنا الأصغر، لم يكن مدللا، لقد مات أبي عندما كان في السابعة من عمره وماتت أمي عندما كان في العاشرة من عمره واتخذ لنفسه مسلكا جديا في حياته ..
توقف جاكي عن الكلام ونظرت سارة إلى وجهه فرأت دموعه تنهمر على خديه وهو بصوت مرتعش:
- كان على عكسي تماما .. لكنه كان يحبني ويستشيرني لا أعرف لماذا؟ .. لقد أحببته كثيرا، لأنه امتلك كل الصفات الرائعة التي يتخيلها الإنسان .... لقد فقدت كل شيء عندما فقدتـ .. ـه!
دمعت عينا سارة ولكنها قالت مواسية:
- جاكي، أعلم أنك أكثر قوة .. أرجوك كف عن هذا ..
مسح جاكي دموعه بمنديل على الطاولة ثم صمت للحظات قبل أن يقول محاولا أن يبتسم:
- آسف ..
- بل أنا آسفة .. لم أقصد إزعاجك .
مرت دقائق من الصمت وكأنها دهور ونادى جاكي إلى نادل المطعم ثم سأل سارة بابتسامة:
- ماذا ستشربين؟
ترددت سارة وقالت:
- أي شيء ..
- حسناً..
طلب جاكي أشياء من نادل المطعم بينما ظلت سارة تتأمله مبتسمة وعاد جاكي ينظر ثم قال:
- أجل ابتسمي!
- جاكي .. أريد أن أساعدك ..
حنى جاكي رأسه للخلف ثم عاد مجددا وزفر وهو يقول:
- ألم تيأسي يا بنت!
- لا .. وأريدك ان تعود كما كنت ..
- إنظري يا سارة .. هناك أمل ضعيف في الشفاء، لربما ادفع مبالغ طائلة ولا يجدي ذلك شيئا في النهاية ....... هل تفهمينني؟؟؟
- لا أفهمك، كل ما علينا هو المحاولة ..
- لا أتخيل أنك تقولين ذلك! لو كنت مكانك لما وددت سماع اسم أية قلعة في حياتي ..
- ليس هذا وقت الخوف من الماضي!
تفاجأ جاكي وحدق بسارة وهو يهمس :
- لم أكن أعلم أنك قوية إلى هذا الحد !! أنت تذهلينني بشخصيتك كلما عرفتك عن كثب ..
ابتسمت سارة وقالت :
- أريدك أن تفكر .. يجب ان تكون واثقا من الشفاء ..
- يبدو إلي الآن أنني أفتقد الثقة في كل شيء!
وضع النادل العصير مقاطعا كلامهما فشربت سارة القليل منه وأمسكت بحقيبتها وهي تقول:
- سأذهب الآن ..
- لماذا ؟؟ أكملي العصير ..
- قلت لأمي نصف ساعة!
- هذا لا يعقل ..
ابتسمت سارة ثم وقفت وهي تقول:
- فكر يا جاكي، وسوف أكون مستعدة ...
|