كاتب الموضوع :
الاميرة الاسيرة
المنتدى :
القصص المكتمله
رد: قصة رائعة قلعة ماليبو
البارت 21
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
بعد عدة أيام، خرجت العائلة الصغيرة متوجهة إلى مطعم تواعدوا فيه على اللقاء ..
كانت سارة متفائلة، وهي تخرج في نزهة لأول مرة منذ عامين أو يزيد ولذلك فقد كانت تنظر للشوارع من خلال نافذة السيارة وكأنها افتقدتها منذ زمن ..
تماما كما تفتقد شقيقها سامي ..
عندما وصلوا إلى المطعم، كان هناك ثلاثة شبان يجلسون حول طاولة كبيرة، عرفت سارة أحدهم ألا وهو جاكي، وكان يجلس على كرسي متحرك على عكس الآخرين وقالت سارة بصوت منخفض:
- أبي، إنه هناك ..
التفت جاكي مصادفة ليشاهد سارة، بدا عليه التأثر وأغرورقت عيناه بالدموع ففهم صديقاه ووقفا ليلقيا التحية على السيد عامر .. تعرف السيد عامر عليهما، أحدهما كان أسبانيا، لديه شعر أحمر وعينان خضراوان وهو ملفت جدا للنظر ويدعى "جيفيرو"،، أما الآخر فكان لديه ملامح شرقية ووجه لطيف ويدعى "عادل" ..
في النهاية تعرف والد سارة على " جاكي" أو "ألفريدو" كما هو اسمه الحقيقي ..
صافحت سارة جاكي ونظرت إليه للحظات ثم قالت بعد كادت دمعة تنزل من عينيها:
- سعيدة لرؤيتك مجددا يا جاكي ..
- مازلت مصرّة على جاكي؟
- لقد عرفتك بهذا الاسم ..
- وأنا أحب ذلك ..
جلس الجميع حول المائدة، وكان العشاء شهيا جدا بصحبتهم، وتبادلوا الأحاديث، كان جيف مغتاظا جدا لأنه لا يتقن العربية ولم يفهم معظم الحوار وكان يغني بالأسبانية ويصف مدى شعوره بالعزلة والقهر و جاكي يترجم بنفس اللحن .. أما الباقون فضحكوا على ذلك كثيرا ...
كانت معنويات جاكي مرتفعة جدا، على الرغم من الإصابة المدمرة التي تعرض لها وكان ينظر إلى سارة بابتسامة معبرة بين الحين والحين .. وشعرت والدة سارة أنها خرجت من جو الكآبة الذي كانت تعيش فيه ..
وأكثر ما أسعدهما ... تلك الضحكات الصادقة التي كانت تخرج من بين شفتيها وفرحة من عينيها ..
بعد ذلك الحوار مر أسبوع حتى جاء جاكي بصحبة عادل لزيارتهم،، كان يحتاج معاونا على الدوام ..
في ذلك اليوم وجد جاكي فرصة للتحدث وقال السيد عامر :
- لم لا تأت إلى المستشفى، لدي صديق بارع في الجراحة العصبية، وقد يتمكن من مساعدتك ..
أسند جاكي ذقنه على قبضة يده وقال بيأس:
- لا أعتقد أن هناك علاج ناجع لحالتي،، وإن كان .. فسوف يكون سعره فلكيا،، انا أعرف ذلك ..
- دعنا نر وحسب ..
قالت سارة مشجعة:
- أجل يا جاكي .. اذهب، ربما يستطيع والدي مساعدتك ..
- لا .. لن أثقل كاهلكم بتلك الأمور ..
قال السيد عامر معاتبا:
- لا تقل ذلك، يكفي فقط المحبة التي تكنها لك سارة، لقد أنقذت حياتها بشجاعة .. وليس مرة واحدة .. أليس كذلك يا سارة؟
توردت وجنتا سارة خجلا من نظرة جاكي الممتنة وتمتمت :
- صحيح يا أبي ..
قال عادل شيئا وهو يخاطب السيد عامر، ودخلا في نقاش ما، ولكن سارة لم تشعر بوجود أي شخص سوى جاكي، وكذلك جاكي .. كانا ينظران لبعضهما وقال جاكي مخاطبا سارة بخفوت:
- عندما أفقت في المستشفى، فتحت عيني وأنا أتذكر وجهك، علمت أن وقتا طويلا قد مضى على مكوثي داخلها وظننت أنك قتلت ..
ظلت سارة مبتسمة بهدوء وتابع جاكي حديثه بعد توقفه لثوان:
- عندما خرجت، وجدت أنني فقدت عائلتي تقريبا، جوشوا أولا ... ثم ماليبو، فيليب، وأنت وشقيقك .. وعندما تسلمت مفاتيح القلعة وأوراقها باعتباري الوريث الوحيد في استراليا،، علمت أنك نجوت ..
ابتسمت سارة وقالت:
- هل القلعة لك الآن؟
- أجل .. مع كل ذكرياتها السيئة ..
صمتت سارة تفكر لوهلة ثم قالت:
- لم يحصل حفـّار وزحل على أي شيء منها ..
- لقد أخذا الكنز ..
ضحكت سارة وقالت :
- لقد أخذا ما استحقاه .. زجاج مزيف من العشرينات قلده مالك القلعة الأصلي .. لكي يراه الآخرون بدون المساس بكنزه الحقيقي ..
ألجم جاكي الصمت وظل ينظر بحيرة ثم همس:
- كيف علمت بذلك ..؟
- علمت بذلك مصادفة ..
- لا أصدق!!
قالها جاكي باندهاش فانتبه الجميع إلى حوارهما وقال السيد عامر:
- هذا ما كنا نقصده عن معدات المستشفيات المتطورة حقا، ماذا ظننت يا جاكي؟
لم يفهم جاكي السؤال ولكنه أدرك أن السيد عامر ظن أنه يقول " لا أصدق" وهو يتابع الموضوع الذي كان يناقشه مع عادل ..
ابتسمت سارة وقالت وهي تنقذ جاكي من المأزق:
- إنه التطور السريع يا أبي ..
- صحيح!! ولهذا فإن لجاكي الآن أمل كبير في أن يتعافى ولكنني أريد أن أعرف مقدار الضرر الذي أصابه أم ماذا؟
تمتم جاكي:
- صحيح يا سيدي، لكن .. أعتقد أن إصابتي بليغة ..
- كن أكثر ثقة بالله ..
- صحيح .. أنا لست مؤمنا مثل سارة!
*********
وقفت سارة في المستشفى بجوار والدها و جاكي .. قال السيد عامر وهو ويدخل إلى أحد العيادات:
- انتظروني للحظات ..
نظرت سارة إلى جاكي وقالت مشجعة:
- جاكي ، يجب أن تكون مؤمنا بأن الله سيشفيك ..
ابتسم جاكي وقال:
- سأحاول ..
- ستحاول؟؟؟ هل أنت مجنون، إن الله يتكفلك بحفظه طوال الوقت ..
- أعلم .. ولكن الإيمان شيء صعب يا سارة ..
- ليس صعبا، ألست تعتقد بوجود الله؟ أم أنك ماركسي ؟
ضحك جاكي وقال:
- بالطبع أؤمن بوجوده، ولست ماركسيا .. في الحقيقة .. انا لا أؤمن بأي ديانة!
- هل أنت مجنون! سوف تلقى في الجحيم على وجهك!!
- أنت متحاملة علي .. وما أدراني عن الدين الذي سيدخلني إلى الجنة! على الأقل سيسامحني الله! بدلا من أن أقوم بعبادات تغضب الله علي! وتزيد الطين بله!
نظرت سارة وكانت ستقول شيئا ولكن السيد عامر خرج بصحبة طبيب آخر وأمسكت إحدى الممرضات بالكرسي المتحرك وقال جاكي وهو يبتعد :
- سأكون مؤمنا لا تجزعي!
ابتسمت سارة حتى ابتعدت ثم زفرت قائلة تحدث نفسها:
- لا أصدق أن هناك إنسان لا مبال بتلك الطريقة ..
بعد أن خرج الجميع من العيادة اقتربت سارة وتساءلت بلهفة:
- ماذا حصل؟؟
كان جاكي مبتسما كالعادة وتكلم والدها قائلا:
- هل تريدين معرفة كل شيء بهذه السرعة؟ هناك تحليلات وفحوصات كثيرة أمامنا ..
- ولكن النتيجة الأولية .. على الأقل!
ضحك جاكي وقال:
- ليست مبشرة يا سارة!
ظهر الاستياء على وجه سارة ونظرت بحزن إلى والدها فقال:
- سنقوم بما علينا ... والباقي سنتركه على الله ..
تمتم جاكي:
- أنتم مؤمنون جدا!
نظرت سارة بحدة إلى جاكي وقالت:
- عليك أن تكون كذلك أيضا ...
أومأ جاكي بالإيجاب والابتسامة لا تفارق شفتيه ... ولكن في عينيه الملونتان .. شعرت سارة بحزن كبير يخبئه خلفهما ..
وربما ماضٍ أليم .. تتمنى سارة معرفته ..
|