*
الى صغيري " علي "
مالئ قلبي وروحي وعيناي
طفلي الذي لم أنجبه , الذي أبصر النور منذُ ثلاثةَ عشرةَ يومًا
الى قطعتيّ قلبي , علي الحبيب , ووالدته
احبّكما كثيرًا
*
بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الخمسون
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
تفحّصت نفسها أمام المرآة
ثمّ نادت
: هديــل
مرّت ثوانٍ لتدخلَ هديل الى الغرفة
قالت بانبهار
: الله !
حكّت رأسها بغيرِ اقتناع
: حاسّته اوفر
نهترها هديل
: وين الاوفر فيه ؟! وبعدين انتي راعية العرس العريس اخوك والعروس اختك , لا قوّة الا بالله رتيل يجنن يجنن
جاءهما صوتُ ام علي قبل ان تدخل الغرفة
: رجعتوا يا بنات...
دخلت الى الغرفة , وصمتت حين رأت رتيل
ابتسمت رتيل
: وش رايك يمّه
ارتخت ملامح ام علي وابتسمت بحنوْ
: يا روحي انتي , يجنن بسم الله عليك
زفرت براحة
: خلاص اعتمد ؟
اقتربت ام علي لتتفقّدها
ثم قالت
: بس يبيله زم من عند الصدر , من النحف ما عاد يقعد عليك شي
قالت بصدمة
: ماني نحيفة يمه
قالت ام علي ساخرة
: ايه ما تدخلين من الباب اصلًا
زفرت هديل زفرةً طويلة واستلقت على السرير
: باقي اسبوع
ضحكت ام علي رغمًا عنها
: والله لو انّك العروس ما حسبتي كذا
ضحكتا رتيل وهديل , لتقول رتيل
: اصلًا داليا ما تعرف الايّام وش هي , ما تبي ترتبك , تقول لا تعلموني الّا صباح العرس
ضحكت ام علي , ثم التفتت الى هديل
: ما ورّيتيني فستانك
تأفّفت
: باقي ما خلّص
جاء صوتُ تركي مستعجلًا , ثم دخل الى الغرفة
رفعَ احدَ حاجبيه وصفّر اعجابًا
ابتسمت رتيل بخجل
ليقول بمحبّة
: ما بقّيتي للشيون شي
رفسته هديل لينفجر ضحكًا
: الحين انا قلت هديل !
قالت بغيض
: ما يحتاج طالعين من نفس البطن اعرف خباثتك
تجاهلها وقال
: وتقولون ليش تفّرق بين رتيل وهديل , ياخي تفرض احترامها شوفي كمّ ثوبها كيف معطيها هيبة
قفزت هديل مندفعة
: حتى انا والله كمْ
قالت ام علي ساخرة
: هيبة اجل ؟ توكّل بس
ضحك , ثم قال باستدراك
: جبت التوزيعات اللي سويتيها , والكروت
هزّت رأسها ببعضِ الراحة
: الحمد لله
,
,
فرنسا – باريس
الرابعة مساءً
قالت ديلا بمحاولة
: مدام بترجّاكِي تؤومي تاكلي , لك يا عمّي لا فطرتي ولا تغدّيتي !
هزّت رأسها نفيًا
: قلت لك بستنى سعود
زفرت ديلا وابتعدت , وحينها فتح الباب
قالت ديلا بزفرةٍ مرتاحة
: واخيرًا
عقد حاجبيه
: وش صاير ؟!
اشارت ديلا ناحية لين
: المدام ما اكلت شي من الصبح , ناطرتك تتاكلوا سوى
رفعَ احد حاجبيه , لم يلتفت اليها
قال بهدوء
: انا بطلعْ ابدّل وانزل عندي غدا عمل
تراخى كتفيها بخيبةٍ كبيرة
لم تجتمع معه على مائدةٍ ابدًا
ولم يخرجا معًا
ولم يسمرا معًا
نهضت من مكانها
وقالت بنبرةٍ مرتجفة
: ارمي اللي طبختيه بالزبالة , ما ابي شي
لم يعلّق
سارت من امامه وصعدت الدرج مسرعة
غصّةٌ القمها ايّاها سعود
كانت لتتحمّل ضربًا وشتمًا ومنعًا من ايّ شي
عداه !
لم تتوقّع ان يعاقبها به
ان تجني على نفسها لتحرِمها منه
رمَت بجسدها الهزيلِ على سريرها
صمتت لثوانٍ طويلة , وهي تنظرُ الى الفراغِ ببؤس
قبل ان تنفجر ببكائها المر
لم تعد تحتمل !
شهرٌ واسبوع
لم ترى سوى الخادمتين , وهو , وفي بعضِ الصدف السائق
مُنعت من الهاتفِ منعًا باتًّا
لم يتحدّث اليها سعود ابدًا
لم يشاركها احدٌ طعامها ابدًا
حُرمت الحياة !
تشتاقُ الى والدتها كثيرًا
الى اخوتها
الى لمى
الى سعود !
تحنُّ الى حبيبها الذي تعرف
تشتاقُ لأن تعيش , لا ان تدفن في قصرِ سعود البارد
الموحش !
نهضت من مكانها تترنّح
ونزلت الدرج
رأتها الخادمتين وفزعتا من بكائها ومشيتها غيرِ المتوازنة
تبعتاها , لترفعَ الهاتف
اسرعت ديلا وامسكت به
: سيفو بليه مدام
صرخت بها بجنون
: ابعدي من قدّامي
لم تتغيّر ملامحُ ديلا
عقدت مادلين حاجبيها وهي توشكُ على البكاء
اقتربت مادلين ومسحت على كتفها
: مدام هدّي شوي
صرخت بانهيار
: ابي اكلّم امّي اتركيني
قالت ديلا بحزم
: ما بئدر
جاء صوتُ سعود بدهشة
: وش فيه !
التفتتا اليه الخادمتين بفزع
ولم ترفع لين رأسها اليه
قالت ديلا باعتذار
: باردون مسيو , المدام بدّا تحاكي والدتا
بهدوءٍ تامْ أخرج هاتفه واجرى اتّصالًا
مرّت ثوانٍ , ليقول بهدوء
: السلام عليكم , شلونك يا عمّة
رفعت رأسها اليه بصدمة
تابع بهدوئه
: الحمد لله بخير , هذه هي تبي تكلمك
مدّ بالهاتفِ الى ديلا , لتأخذه الى لين
تلقفته لين وهتفت بلهفة
: يمّه , شلونك يمه اشتقت لك , اشتقت لك كثير والله , شلونك شلون خالد شلون فيصل شلون بندر
قالت والدتها بحنوْ
: يا روح امّك كلنا بخير الحمد لله , شلونك انتي ان شالله مرتاحة يا عيني ؟
انهارت بالبكاء , لتقول ببحّةٍ عميقة
: مرتاحة حيل يمّه , حيييل مرتاحة
صمتت لثوانٍ , ثم صرخت بجنون وهي تنحني بوجع
: مرتاحة لأبعد حد , ما تتخيّلين شكثر بنتك الوحيدة مرتاحة يمممه , ما تتخيّلين ابد راحتي وسعادتي وراحة بالي
دفعت تحفةً زجاجيّةً كبيرة وصرخت
: انا مرتاحة يا امّي , مرتاااحة
ظلّ سعود ينظرُ اليها بصمتٍ تام
والخادمتان ابتعدتا بفزع
صمتت امّها واغمضت عينيها بحسرةٍ عليها
قد اخبرها سعود بكلِّ شيء
تعلم ما تعانيه وحيدتها
لكنّها استحقت العقوبة !
قالت ام خالد بخفوت
: بسم الله عليك , هدّي يمه , هدي يا عيون امّك , بكرة تطلع الشمس وتروح الظلمة , صح ؟
جلست ارضًا , وقالت بتعب وهي تتكئ الى الأريكة
: ما طلعت يمه , انتظرتها كثير
اشار سعود الى الخادمتين لتنصرفان
وظلّ هو ينظرُ اليها
روحُه موجوعةٌ على روحِه !
قطعةُ قلبه الخارجةُ منه تتلوّى بكاءً وحسرة
وهو ينظرُ اليها بصمت
ودّ لو يقترب ليعانقها ويهدّأها
لكنّه ظلّ ينظرُ اليها بصمت
ولا يعلمُ لمَ
هل يخاف من عينيها اللائمة ؟
ام انّه لم يعاقبها بشكلٍ كافٍ بعد !
قالت ام خالد بعطفٍ كبير
: بتطلع يا امّي انتي , بتطلع وبيفتح الورد وبيغني الطير , ويتزيّن الكيك بالفراولة والتوت , وبالكريمة البيضا اللي تحبّيها , بتضحك الدنيا يا لين
ابتسمت بحسرة , لم تتوقّف والدتها يومًا عن ارضائها بهذه الكلمات
حتى عندما كبرت !
قالت بخفوت
: متى ؟
قالت والدتها بعد ان زفرت بصبر
: لمّا ربّي يكتب يا امّي , ربّي حبيبي اللي يحبنا وكل امره خير لنا
صمتت , لتتابع والدتها
: امّي انتي , صحيح سعود زوجك وحبيبك , وصحيح يبي يعاقبك ومن حقّه , لكن لا تنهارين قدّامه ولا تبكين , انتي بعيدة ووحيدة يا لين , لا تضعفين قدّام سعود , وافهمي انّي ما اقوّيك عليه لا والله , انا معه في زعله , اعتذري وبيّني له ندمك , لكن بكيك وانهيارك وضعفك لا يشوفه , ابد لا يشوفه يا حبيبتي
قالت بخفوت
: ان شالله
قالت والدتها
: يلا يمّه , امّنتك الله , استودعك الله يا قلب امّك وعيونها , الله يحفظك يا ماما
قالت وهي توشكُ على البكاءِ من جديد
: سلمي على اخواني , مع السلامة ماما
اغلقت الهاتف , ووضعته على الطاولة
ظلّت على حالها لدقائق
ثمّ نهضت ببطء
مرّت بجانبه دونَ ان تنظرَ اليه
وصعدت الى غرفتها
زفرَ بحدّة
وجلس على الأريكةِ بأعصابٍ متلفة
سيضعفُ لا محالةٍ أمامها !
الحبّ الذي في عينيها يجعله يهربُ من نفسه
نظرتها التي تعشقه الفَ مرّة
تضعفه الف مرّة !
الى متى يا لين
متى سينتهي هذا الأمرُ المرهق !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة مساءً
لفّت ذراعيها على رقبته وقالت بدلال
: ابيك انت تودّيني
ابتسم وهو يحيط جسدها بذراعيه
قال ببطء
: ما اقدر
مدّت شفتيها بدلال
: عيل ماني رايحة
رفعَ احدَ حاجبيه
ثم قال باستفزاز
: اوكي براحتك , في النهاية انا عندي حرمتين , تحضر وحدة وتفي بالغرض
ابتعدت عنه بغضب
: شنو يعني تفي بالغرض
ابتسمت ببرود
: وش فيك ؟ مو قلتي مانتي رايحة ؟
ضربت الأرض وقالت
: الواحد ما يتغشمر يعني ؟
هزّ رأسه نفيًا
: لا ما يتشغمر
ضحكت رغمًا عنها , ثم قالت
: ابيك تيي معاي عشان تشوف النفنوف
قال بصدق
: مها جد مشغول لراسي , عرس داليا نهاية الاسبوع والمعرس ولد عمّي , يعني مشغول من الجهتين , عندك السواق وروحي مع بنات عمّك , واذا تبين رايي يعني ارسلي لي الصورة قبل لا تشترين
صمتت لثوانٍ
ثم قالت بغيرةٍ تحرقها
: رحت معاها ؟!
التفت اليها باستغراب
: من هي !
قالت ببحّة
: زوجتك
: وين اروح ؟
قالت بعصبيّة
: لمّا شرت نفنوفها
صمتَ لثوانٍ طويلة , ثم ضحك وهي يشيحُ ببصره عنها
قال بلا تصديق
: وش في مخّك انتي ؟ اقول لك مشغول اوّلًا , ثانيًا انتي تدرين ان رتيل ما تكلمني ولا تقابلني ابدًا
قالت بصدق
: ان شالله عمرها ما تكلمك
نهرها بغضب
: مـهـا !
بعصبيّةٍ صدّت عنه , ليصرخ بها
: جد ما ادري وش اقول , لأي مرحلة وصلتي بالبزرنة ؟ تبيني اعوقك الحين !
تركها وخرج من المنزل غاضبًا
وداخله خائفٌ من دعوتها !
قادَ سيّارته مسرعًا , حتى هدأت انفاسه
وتراخى جسده بهدوء
أخرج هاتفه واتّصل
ردّ الآخر بعد ثوانٍ
: هلا
قال صقر
: وينك ؟
: في البيت
: طيّب انا جايك
: حياك
مرّت دقائق ليصلَ اليه
رنّ عليه ليخرج
نزلَ وصافحه
قال ذياب
: وش فيه وجهك مصفوق
هزّ رأسه نفيًا
: من الشمس , خذ ذا كرت اهلك
أخذه وتمتم
: الله يتمّم على خير
قال صقر يذكّره
: نبّههم يشوفون البنت ماهو تنسى
ضحك ذياب بسخرية
: ياخي احس حماسك ما له داعي
قال صقر محذرًا
: ذياب لا تخليني اسدحك قدام السيارة الحين , ما لك دخل
هزّ رأسه
: طيّب يا الخطّابة نشوف
تجاهله صقر وانطلق بسيّارته
وصلَ الى منزلِ عائلته ودخل
قبّل رأس والدته وقال
: اجل وين داليا ؟
: في المستشفى
عقد حاجبيه
: وش صاير ؟!
: مو صاير شي ! دوامها عادي
جلس وقال بذهول
: مو اجّزوا ؟
هزّت رأسها بقلّة حيلة
: قاعدة تروح تتفرّج بس , تقول ما تبي تفكّر بتشغل نفسها , عاد تدري انها ما تعرف التواريخ وتقول لا تعلموني الا صباحية العرس
ضحك وهو يرتاح في جلسته
قالت والدته
: عقبال افرح بعبد الله
قال صقر مبتسمًا
: انا الكبير ترى , ادعيلي قبله
قالت والدته بهجوم
: عندك ثنتين وش تبي بعد !
انفجر ضاحكًا , ثم قال
: عادي الشرع محلّل اربع , وبعدين انا اللي معاي وحدة , والثانية ميبسة مخها
زفرت والدته
: الله يهديها , اللي سوّيته فيها ماهو قليل يا صقر
قال هامسًا , دونَ ان تسمعه
: واللي صار فيني ماهو قليل
مرّ الوقتُ سريعًا
ليدخل عبد الله , وداليا خلفه
قبّلت والدتها والتفتت الى صقر
حيّته بحاجبيها , ليشير اليها
: تعالي هنا
قالت بتعب
: بطلع ابدّل
: تعالي شوي
اقتربت وجلست بجانبه
احاط جسدها الصغير بذارعه وشدّها اليه
قبّل رأسها وقال
: شلونك ؟
زفرت
: الحمد لله
قال مبتسمًا
: داليا حبيبي ما ىيسوى عليك كل هالخوف والرجفة...
اكملت والدته عنه
: وما تاكل وما تنام وكل شوي تستفرغ من الخوف
ابتسم وشدّها اليه
قال بخفوت
: نهوّن ؟ ما يهمني احد ترى غير سعادتك , علي الله يسهل له
أغمضت عينيها وشدّت عليهما
قال بحنوْ
: يا عيني يوم فرحتك اللي بيجي , يومك لحالك كلّنا بنفرح فيه لك وكلّنا مشغولين ونركض من هنا ومن هنا عشانك , والناس اللي بتحضر كلها عشانك , الفرح والضحك والسعادة , كلّها لك في ذاك اليوم , يوم عمرك يا داليا , حرفيًا يوم عمرك , استغلّي ايّامك الاخيرة بالهدوء والاسترخاء والضحك والجلسة معانا , ويجي يومك ونفرح ونرقص ونغني , وتكملين حياتك بسعادة , حياتك هذه ما بتنتهي داليتي , احنا وبيتنا وصديقاتك , كل شي بيستمر , مع اضافة حلوة ومهمّة , بيجي يضيف لحياتك ويسعدك ماهو يلغيها , يشاركك حياته وقراراته وسعادته وضحكته واكله وشربه – همس بمرح – وقروشه , وانتي تعرفين علي عدل , ولو ما نعرفه عدل ما نعطيه اختنا الوحيدة , يا روح اخوك لا تقلقينا عليك , نبيك مستانسة في ايّامك الأخيرة قبل الزواج , ولآخر العمر نبيك تضحكين وتفرحين
ظلّت صامتة
قبّل جبينها
: قومي بدّلي وانزلي نتغدى , ولا شرايك اعزمك اليوم ؟
قالت بهدوء
: ما اشتهي
قال يعاتبها
: لي ساعة وش اقول انا ؟! قومي يلا بدلي ونطلع انا وانتي
قبل ان ترفض , قال
: والله بزعل ان ما قمتي
نهضت بزفرة , وصعدت الى غرفتها
قال عبد الله
: والله بفقدها , من الحين فاقدها اصلًا !
قال صقر مبتسمًا
: حبيبتي , يلا عقبالك وتنسى داليا
التفت الى والدته , ليقول بنبرةٍ مضحكة
: والله صارلي سنين ابي اتزوّج , وعيّوا بعض الناس
ضحك صقر بدهشة
: ليه عيّت !
: حجّتها تبي داليا تتزوّج , بس بالحقيقة كانت تنتظر رجعتك
ازدرد صقر ريقه
وقال مبتسمًا بضيق
: ولو ما رجعت ؟
شهقت والدته
: بسم الله عليك !
ابتسم ولم يجب
كم يشعرُ بثقلٍ على قلبه !
لم تكن حياته فقط التي توقّفت
بل عائلته ايضًا !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
اعتدل في جلسته وحرّك ساقه
اصبح متمكّنًا منها نوعًا ما
نهض من مكانه وتمشّى في المنزل
ثم دخل الى غرفته
ليراها برداء الحمّام , الذي يصلُ الى نصف ساقها
ولا يغطّي ذراعيها
وشعرها مبلول
صدّ عنها وهو يزدرد ريقه
تسفزّه بأنوثتها
رغمَ قبحِ أخلاقها
رغمَ طولِ لسانها
رغم وقاحتها !
لها عينانِ بلونِ الفحمِ
بلونِ اللّيل المظلم
لها شعرٌ حالكُ السواد
وبشرةٌ ناصعةُ البياض
ايّ مدٍّ وجزرٍ يعيشهُ حينَ يراها
اي حرمةٍ يحبسُ نفسه فيها , خوفًا من النظرِ اليها
قالت بارتجافٍ تخفيه
: بلبس
عضّ على أسنانه , وقال بقسوةٍ على نفسه
وببرود
: البسي
قالت برهبة
: اطلع
استلقى على السرير وهو يقولُ بلا مبالاة
: ماني طالع
نهضت من مكانها وهي تجمعُ ثيابها
مرّ اسبوعٌ على شجارهما , ولم يحتكّا ببعضهما بعدها
اجترّ الأحرف عنوةً , ليقول بنبرةٍ ميّتة
: فجر
التفتت اليه بصمت
قال ببحةٍ تجرحُ حنجرته
: اجهزي الليلة
جفلت , قالت برهبة
: لإيش ؟
اعتدل في جلسته
قال وقد بدأ يغضب من شدّة توتّره
: لإيش يعني ؟ انتي زوجتي اذا ناسية , لي عليك حقوق
شعرَ بحماقةِ ما قاله
قالت بغضبٍ وهي تتراجع
: انسى , تفهم وش يعني انسى ! بذبحك واذبح نفسي قبل لا تلمسني
صرخ بها
: لا تحسّسيني ميّت عليك , بس ذا الموجود , اسم انّك زوجة وعندي في البيت , مع الاسف ما في غيرك اقدر...
قاطعته
: لو تموت , لو تممموووت
هدّأ نفسه , وقال بهدوء
: جاك العلم
قبل ان تصرخ مجدّدًا
قال
: اطلعي وسكري الباب بنام , لا تصدّعيني من الحين
قالت بحدّةٍ مبحوحة
: ما بتلقاني اصلًا
تجاهلها لتخرجَ من الغرفةِ بجنون
فتحَ عينيه
آسف يا فجر , آسفٌ يا بندر
لم أشأ ان يحصل هذا يومًا !
لكنّه يحصلُ دونَ ارادتي
لم اكُن لأرغب بزوجةِ اخي
وصيةُ بندر يا فجر
لستُ املكُ لها من الأمرِ شيئًا
أغمضَ عينيه وزفرَ
وفي داخله تمنٍّ , ان لا يأتيّ الليل ابدًا !
,
,
فرنسا – باريس
السادسة مساءً
اقترب من المطبخ
ليسمع مادلين غاضبة
: لا يحق لكما ابدًا
قالت ديلا بهدوء
: حاسبي السيّد , انا عبدٌ مأمور
: لو لم تساعديه ما كان ليصلَ الى هذا الحد , قد تقطّع قلبي على حالها !
التفتت اليها بحدّة
: اصمتي قبل ان يسمعك ويطردك من عملك , بمَ ستفيدك السيدة حينها ؟!
قالت بحدّةٍ أكبر
: ستفيدني كلمةُ الحق
حمحم ودخل , لتعتدلان في وقفتهما
نظرَ الى مادلين بصمت
لتصدّ عنه وحاجبيها معقودان
لكزتها ديلا , ثم قالت بلطف
: عايز شي مسيو ؟
قال بهدوء
: تطمنتوا على المدام ؟
قالت مادلين بنبرةٍ جافّة
: الباب مسكّر ما بدّا تشوف حدّا , وما عم تردْ علينا
: خذي المفتاح السبير وادخلي تطمّني عليها , وطلعي لها اكل وعصير برتقال , ما اكلت شي اليوم
قبل ان يخرج , التفت وقال مبتسمًا
: شكرًا على اهتمامك مادلين , ما يزعلني هالشي , طمّني على زوجتي اكثر
وخرج
قالت ديلا
: يخرب عئلاتك منيح اللي وئعتي بايد مسيو سعود مو حدن غيرو
تجاهلتها , وهي تعدُّ طعام لين
بكثيرٍ من الحزنِ على حالها
ترى مالذي فعلته تلك الناعمة ليعاقبها بهذه القسوة
ليتركها الى الوحدة , وبسخاءٍ شديد يعطيها الجفاء !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة مساءً
نزلَ من شقّة اهله
ودخل الى منزله
أقفل الباب باحكام , ورفعَ المفتاح
ثم اتّجه الى غرفته
دخل ولم يجدها
سمعَ صوتًا من الحمّام
والتفت اليه
اقترب وطرق الباب
شهقت , ليعضّ شفته السفلى
قال بهدوء
: اطلعي , بدخل الحمام
قالت بحدّة
: ادخل حمام اهلك
ضحك بنفسٍ مسدودة , ثم قال
: قفلوا الباب وناموا خلاص
: ماني فاتحة الباب
تأفّف
: فجر بلا بزرنة , لا تخلّيني اكسر الباب على راسك
مرّت ثوانٍ لتفتحه
كان انفها احمرًا
قالت بحدّة
: ابعد من قدّامي
ابتسم وابتعد عن طريقها
خرجت مسرعةً الى الغرفة
ودخل هو ليغسل وجهه ويديه بماءٍ بارد
خرج بعد دقائق ودخل الى الغرفة
همّت بالخروج منها
ليغلق الباب
ويخرج المفتاح من جيبه ويقفله , ويأخذ المفتاح !
قالت من بين اسنانها
: لا تعاملني بهالطريقة , افتح الباب بطلع
جلس على السرير
: لا تتعبيني معاك
التفتت اليه , لتقول بصوتٍ يؤلمها من حبسها لبكائها
: ما ابيك , بذبح نفسي ان قربت مني , ما عندك كرامة تقرّب من حرمة ما تبيك ؟!
رفعَ رأسه اليها وابتسم بهدوء
صرخت بجنون
: افهم ما ابيك ما ابييك – صمتت تفكّر في اي كلمةٍ أخرى , ثم قالت بحدّة – انا زوجة بندر , انا حبيبة بندر , ما اسمح لغيره يلمسني
رمش ببطء , ولم تَزُل ابتسامته
وقلبه يتقطّع الف مرّة في كل كلمةٍ تقولها
نهض من مكانه واقترب منها
لتشهق بانهيار
وضع كفّه على جبينها , وذراعه الأخرى تمسك بها
قال بخفوت
: اللهم انّي اسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه , واعوذ بك من شرها وشر ما جبلت له
قرّبها اليه , لتهتف برجاء
: تكفى عبد العزيز لا
قال بخفوت
: انا اسف
جلس على السرير وسحبها الى جانبه
ليقول بخفوت , وداخله يحترق
: اللهم جنبنا الشيطان , وجنب الشيطان ما رزقتنا
انا ارفضُ الأمرَ أكثرَ منكِ يا فجر
انا امقتُ الأمر
انا مجبرٌ على الأقل مثلكِ !
كم اشعرُ بضعفٍ مخزٍ
وامرأة ضعيفة ترجوني
واعجز عن اجابة رجائها
روحي تبكي يا فجر
بكاؤكِ يصهر قلبي
يحيلني الى موتٍ بطيء
لا تلوميني , عاتبي بندر
هو من أمر باعدامي واعدامك
هو من كتب أمر قتلي وقتلك
هو من رما بي وبكِ الى غياهب الوجع المستديم
سآخذُ منكِ طفلًا فقط , ولن اقترب بعدها ابدًا
لن ابكيكِ مرّةً أخرى
رغم قبحكِ وبذاءتكِ
أعطيني طفلًا فقط , وسأعمي قلبي وعيني عنكِ
طفلًا أراده بندر
طفلًا غيرُ موجود , قتلني بندر واياكِ من أجله !
أنينيكِ يفطر قلبي , امرأةٌ تبكي
يعني موتًا يا فجر
امرأة تستغيث
يعني طعنًا لرجولتي
ها قد عاقبني أخي كما يجب
ها قد أدمى روحي كما أستحق
قد أرتاح الآن من ذنبٍ أثقل كاهلي لعمرٍ طويل
وأتمرّغ في ذنبٍ آخر !
قد أرتاح من ذنبِ موتِ بندر
لكنّي احملُ خطيئةَ زواجي من امرأةٍ كانت له
الى متى ستظلُّ توجعني يا اخي الوحيد !
لم تكن قد آذيتني ابدًا في حياتك
فلمَ اذًا في مماتك !
,
,
فرنسا – باريس
السابعة صباحًا
مرّ يومان لم تخرج من غرفتها ابدًا
ولم تأكل أبدًا !
كانت تشرب الماء فقط
غسلت وجهها جيّدًا
وبدّلت ملابسها
خرجت من الغرفة وهي تسيرُ بتعب
نزلت الى الأسفل , لتسرع اليها مادلين
: مدام ! الحمد لله انّك منيحة
ابتسمت بهدوء
: فورًا بحضّر لك فطورك
: وين سعود ؟
: المسيو بمكتبو , فائ ئبلك بشوي
هزّت رأسها وصعدت الى المكتب
اقتربت ديلا وقالت
: شو المدام نزلت ؟
قالت مادلين براحة
: اي
: كيف شفتيا ؟ ان شالله منيحة ؟
هزّت رأسها
: مبين كتير تعبانة , راح حضّرلا شي تاكلو
قالت ديلا متسائلة
: لكان وين راحت !
: طلعت عند المسيو لمكتبو
شهقت ديلا وقالت
: ولِي عليكي يا مادلين ! ما ئال المسيو ما بتفوت لعندو ابدًا !
اسرعت لتلحق بها
,
طرقت الباب بخفّة
لتسمع صوته
: تعالي ديلا
فتحت الباب ودخلت
رفعَ رأسه وصدم
قالت ببحة
: ممكن ادخل ؟
قبل انا يجيبها , جاء صوتُ ديلا
: سيفو بليه مسيو , ما كنت بعرف – التفتت اليها وقالت برجاء – مدام تعي معي تتفطري
قال سعود بهدوء
: معليش ديلا , اطلعي وسكري الباب
هزّت رأسها وخرجت فورًا
قال سعود بجفاء
: نعم
قالت بجديّة
: بتكلّم معاك
: بخصوص ؟!
: مو عاجبني حالي , لاني زوجتك ولاني طليقتك ولاني شي , ليش جايبني هنا ؟!
لم يجبها
تابعت بحزم
: انا لي اهل وكرامة , يا اكون زوجتك زي العالم والخلق , يا ترجعني لأهلي وكان الله يحب المحسنين
قال بحدّة
: انتي لك عين تتكلّمين
قالت بذاتِ حدّته
: اي لي عين اتكلّم , انا مو بهيمة عندك يا سعود , انا زوجتك ولي حقوق وواجبات , تعاملك ما يرضي رب العالمين , ولا يرضي احد
صرخ بها
: اشوفك لمّا تركتيني وشردتي ما قلتي ما يرضي رب العالمين ؟
رفعت سبابتها في وجهه
: انا مملكة عليك , يعني ما لك علي السلطة والتحكّم , ولمّا لقيتني ما سألتني , لا ظلّيت ساكت وجبتني لهالمكان وتركتني وكأنّي كرسي او تحفة عندك
قال بهدوء
: ما تفرقين عنهم كثير , على فكرة لا زلتي مجرّد مملكة علي ومع هذا اهلك بكل سرور قالوا خذها هذه زوجتك...
نظرت اليه بصدمة , وقبل ان تقاطعه قاطعها
: وقبل لا يلعب ابليس في مخّك وتقوليلي كلام تافه , انا ملّكت عليك في ظروف غير المعتادة , وصرتي امانتي , ما كان دخولي عليك هو اللي بيحدّد اذا كنت مسؤول عنّك او لا
احمرّت وجنتيها , وهربت بنظرها عنه
ليتابع بتجاهل
: ومع كذا شلتي نفسك وتركتي البلد بدون اذني , وبدون علمي على الاقل , انتي تركتيني يا لين ! شردتي منّي وخليتيني ادوّر عليك , مشكلتك جاهلة وما تقدّرين اللي تسوينه
قالت بوجع
: ما سألتني ليش !
قال بقسوة
: مو مهم
صرخت ببحة
: مهم , حيل مهم , انا خلعت ولد عمّي اللي خانّي , ابوي مات بحسرته لما اخوانه رخّصوا فيني وامتهنوا عرضي وشرفي بكلامهم , بغوا يجبروني على سافل سكّير عربيد زير نساء , ولما رفضت لفّقوا لاخواني تهمة وسجنوهم ثلاثتهم , وفي ليلة قالت امّي بكرة تشردين , عطتني فلوس ما تكفيني شهر , كانت كل اللي معاها , شردت لبريطانيا وبس امي اللي تدري , شردت من فضيحة ما تعنيني , شردت من تدنيسهم لأسم ابوي اللي كان مصلّي مسمّي يخاف ربّه , شردت من قلّة حيلة اخواني , شردت من ظلم عمامي , جيت للندن خايفة وبردانة وجوعانة , ولقيتك بعد ما لملمت جزء منّي , لقيتك ولقيت كل الضايع منّي , حبّيتك بكل قهري ووحدتي وخوفي وبكاي , حبّيتك بشوقي لأمي واخواني , حبّيتك بحنيني لديرتي , حبّيتك بافتقادي لأبوي , شفت فيك كل الدنيا وكل حياتي , ما كنت لي بس زوج , كنت الحياة اللي شردت منها , لقيتك الدنيا اللي بعيشها بدون ما اكون خايفة , بدون ما اشيل هم بكرة , وصحيت من حياتي معاك على جلطة امّي , وانت تعرف وش يعني امـــي يا سعود , لأن عندك امّين مو وحدة , كان لازم اختار بين امّي , وبين سعادتي ونفسي , وجيت لخيار ثاني , يا اختار سعادتي , يا اختارك , واخترتك
عقد حاجبيه واطلق زفرةُ ساخرة
لتتابع
: اخترت احميك وابقيك بعيد , رجعت لأمّي , واليوم الثاني على طول عمامي جوا لبيتنا , بغوا يذبحوني وصار خالد بدالي , خالد دخل غيبوبة شهرين من رصاصة بكليته , بغى يموت اخوي وربّي نجّاه , وقبلها مات ابوي , تتوقّع كنت بضحّي فيك ! كنت بحطّك قدّام عمامي واقول ذا زوجي ؟! اللي بيفهمونها انّ هذا اللي شردت معاه وهذا اللي كنت عنده , ما كنت برضى تتأذّى شعره منّك , وكان عادي عندي ابكي عليك كل يوم واشتاق لك كل يوم...
قاطعها بحدّة
: ماهو عذر لك , ماهو من حقّك تقرّرين بدالي ابدًا
قالت بتعب
: بس انا قرّرت وانتهى الموضوع وعدّى , وانت لقيتني ورجّعتني
ظلّا صامتين لدقائق
قبل ان تقول
: انا ما اتقبّل وضعي ذا معاك , واحد من اثنين يا سعود , يا نعيش مثل الخلق , يا ردني لأهلي
صدّ عنها وقال بوجوم
: اطلعي وسكري الباب
: بتفكّر بكلامي , وغالبًا برجع لأهي
خرجت وأغلقت الباب بحدّة
ليجلس على مقعده بارهاقٍ من حكايتها
انتزعت قلبه وأخذته معها بخروجها !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ وثلاثون دقيقة صباحًا
كانت تضع حاجياتها في حقيبتها وتجري اتّصالًا
مرّت ثوانٍ
حتّى أتى الصوتُ خافتًا
: الو
صرخت بها بغيض
: ووجع كم مرّة اتصلت ليش ما تردّين
لم تجبها
تأفّفت , ثم قالت
: وش قاعد تسوين ؟
قالت بارتجاف
: ولا شي قاعدة بغرفتي
استغفرت بحدّة وقالت
: انتي تدرين وش اليوم ولا مضيّعة ؟! وش تسوين بغرفتك بفهم !
: وش تبيني اسوّي يعني ؟
: قومي تروّشي واسترخي في البانيو , حطّي ماسك لشعرك ووجهك , واذا خلّصتي كلميني , احنا بناخذ اغراضنا ونروح للصالة الحين
قالت بخفوت
: اوكي
أغلقت الهاتف ونزلت الى الأسفل
: يمه خلصت
قالت ام علي
: كلمي علي ولّا تركي شوفي وينهم , وش هالبرود ياربّي واحد منهم يجي ياخذنا عاد
قبّلت هديل وجنة والدتها بقوّة
: عيوشتي روقي وش فيك مشتطة كذا
أبعدتها عنها بتأفّف
انزلت رتيل الهاتف
: تركي ما يرد...
حينها دخل تركي الى المنزل
: يلا يمّه ؟
نهضت من مكانها
: يلا حبيبي طلع الشنطة هذه , اخوك وين ؟
: اخوي بالمطبخ يشوف اذا ناقصهم شي ولا شي
ركبوا السيّارة
ليوصلهم الى الصالة
قال قبل ان ينزلن
: من بيودّيكم المشغل ؟
قالت هديل
: المشغل هو اللي بيجينا
: يكون احسن , يلا انزلوا , وتكفين يمّه اذا في شي من الحين قولي بعد شوي محد فاضي يجيكم
صمتت لثوانٍ
ثم قالت
: لا ان شالله ماحنّا محتاجين شي , يلا حبيبي الله معاك
دخلن الى الصالة , ليجدن العاملات قد أتين أيضًا
ابتسمت ام علي براحة
: الحمد لله ذولا جايين , هديل كلمي ملاك
,
الواحدة وخمسٌ وأربعون دقيقة مساءً
دخلت ام صقر الى غرفتها
قالت بحنوْ
: داليا
نظرت اليها بهدوء
قالت والدتها
: شلونك يمه ؟
قالت بهدوء
: الحمد لله
: طيب قومي غسلي وجهك , اسويلك شي تاكلينه ؟
هزّت رأسها نفيًا
: ما اشتهي
ليفتح الباب , ويطلّ برأسه مبتسمًا
: ماهو على كيفك , جايب لك ماك وباسكن , من قدّك !
ابتسمت , وغرقت عينيها دمعًا
اقترب منها ليعانقها , وقال بحنوْ
: يلا فرغيهم هنا , مو بعد شوي تفجعين الناس
بكت وهي تعانقه بقوّة
: ما ابي اروح , ما بخليكم
ضحك بخفّة وقبّل رأسها
: ليه بس , هذا هو بيتك ماهو بعيد كل يوم تطبّين علينا
: ما ابي اخلّيكم ما ابي
جاء صوتٌ آخر , بحنانٍ بالغ
: صغيرونة اخوها شفيها
ابتعدت عن عبد الله لتلتفت اليه
اقترب ليعانقها , بأبوّةٍ رقيقة
قبّل رأسها
: يلا بابا حبيبي , لا تفاولين علينا كلنا فرحانين فيك وانتي تبكين
حمحم والدهم من عند الباب
لتترك صقر وتطير الى حضنه
رفعها والدها وهو يقول لصقر
: خير انت ؟ وش بابا ؟ بنيتك رتيل ما لك شغل ببنتي
زفر صقر بقوّة
: يا ويلي على رتيل
انفجر عبد الله ضحكًا وقال
: لمْ نفسك يا رَجُل
همس ابو صقر لابنته
: داليا , بس يبه وش فيك !
تمسكت به
: يبه لا تخلّيني اروح
ضحك وهو يمسحُ على شعرها
: اعقب اخلّي بنيتي تروح عنّي , مانتي رايحة يبه , هذا بيتك ولا عشر دقايق عنّي , بتروحين لعلي ماهو الّا ثالث عيالي
قالت والدتها
: بسّك دلاعة راح علينا الوقت , يلا ماما اجهزي نروح المشغل
نظرت الى والدتها , صمتت لثوانٍ , ثم قالت بتفكير
: يعني كلهم متأثرين ويحظنون الّا انتي , اعترفي يمّه مستانسة انّي بروح ؟ بتفتكّين منّي ؟
شهقت والدتها بخفّة , وقالت بحزن
: الله يسامحك , انا استانس وحيدتي تخلّيني وتمشي ! انا مابي ازيد توتّرك وانتي تقولين كذا
أشاحت بوجهها لتمسح ادمعها
قفزت داليا لتعانق والدتها ببكاء
: يمّه هوّنت ماني رايحة
قال صقر بضجر
: لا عاد !
ضحك عبد الله وقال
: وش يسكتهم الحين ! حرمتين وتقابلوا
غمزَ لهما والدهما
: يلا اجل حنّا ورانا اشغال بنطلع , انتوا راعين طويلة , تقابلوا انتي وهي ومكيجوا بعض وباللّيل اي احد يمركم يجيبكم لمنا
شهقتا ونهضتا بسرعة
لينفجروا ضاحكين
امسك عبد الله بكفّها
: يلا تعالي ناكل انا وانتي , يمّه بالله حضّري أغراضها لين تخلّص أكلها
,
,
الى الملتقى :)