لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (5) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-03-15, 07:26 PM   المشاركة رقم: 341
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2015
العضوية: 290795
المشاركات: 1
الجنس أنثى
معدل التقييم: الهيلا عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الهيلا غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

السلام عليكم

أعذروني عالكلام اللي بحكيه
واضح من الحين أن الروايه ماراح تتكمل
وأن الكاتبه سفهتنا وسحبت علينا
من أعذار الكاتبه كل شوي
وحنا كقارئات ممللييننااا وحنّا نشجع ونقول أووه
عذرك معك وحنا ننتظرك
وجود يوم تقول ما ألاقي منكم تشجيع
ياحبيبتي أنا مولازم أجي وأقولك كملي ياجود روايتك رائعه ومدري إيه !
أنتي لو تشوفي عدد المشاهدات في القسم أنتي ثالث أعلى مشاهده في أشهر منتدى للروايات في المملكه !
تبين زياده على كذا إيش
ملينا أعذار وأعذار وأعذار
أوكي أنتي ماتقدرين تنزلين بارتات أو حتى وقفتي الروايه خلاص
أعلني وتعالي تكلمي قولي خلاص أنا قررت أقفلها
يعني ماله داعي نحن نجلس هنا وننتظرك مدة شهر وماتتكلمين حتى وتقولين أنتظروني
مو شرط ماتردين الا ومعك بارت تعالي تكلمي حسي ان هنا فيه بنات ينتظرونك حسسينا ان نحن شي مهم
وفيه بنات يدخلون الروايه شبه يومي لعل وعسى الكاتبه موجوده !
والا 3 شهور فيها بس 3 بارتات أو أربعه !

عموماَ أنا ماتكلمت الا من قهري .. وأتمنى من المشرفات
كل روايه تجلس شهر أو 3 أسبيع ماتتكلم فيها الكاتبه
تتقفل فيها الروايه نهائي !



سلآم .

 
 

 

عرض البوم صور الهيلا   رد مع اقتباس
قديم 07-03-15, 09:55 PM   المشاركة رقم: 342
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 50496
المشاركات: 474
الجنس أنثى
معدل التقييم: remas2007 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداremas2007 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداremas2007 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداremas2007 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداremas2007 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداremas2007 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 542

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
remas2007 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهيلا مشاهدة المشاركة
  
السلام عليكم

أعذروني عالكلام اللي بحكيه
واضح من الحين أن الروايه ماراح تتكمل
وأن الكاتبه سفهتنا وسحبت علينا
من أعذار الكاتبه كل شوي
وحنا كقارئات ممللييننااا وحنّا نشجع ونقول أووه
عذرك معك وحنا ننتظرك
وجود يوم تقول ما ألاقي منكم تشجيع
ياحبيبتي أنا مولازم أجي وأقولك كملي ياجود روايتك رائعه ومدري إيه !
أنتي لو تشوفي عدد المشاهدات في القسم أنتي ثالث أعلى مشاهده في أشهر منتدى للروايات في المملكه !
تبين زياده على كذا إيش
ملينا أعذار وأعذار وأعذار
أوكي أنتي ماتقدرين تنزلين بارتات أو حتى وقفتي الروايه خلاص
أعلني وتعالي تكلمي قولي خلاص أنا قررت أقفلها
يعني ماله داعي نحن نجلس هنا وننتظرك مدة شهر وماتتكلمين حتى وتقولين أنتظروني
مو شرط ماتردين الا ومعك بارت تعالي تكلمي حسي ان هنا فيه بنات ينتظرونك حسسينا ان نحن شي مهم
وفيه بنات يدخلون الروايه شبه يومي لعل وعسى الكاتبه موجوده !
والا 3 شهور فيها بس 3 بارتات أو أربعه !

عموماَ أنا ماتكلمت الا من قهري .. وأتمنى من المشرفات
كل روايه تجلس شهر أو 3 أسبيع ماتتكلم فيها الكاتبه
تتقفل فيها الروايه نهائي !



سلآم .

معاااااك في كل كلمه قلتيها

 
 

 

عرض البوم صور remas2007   رد مع اقتباس
قديم 15-03-15, 04:25 PM   المشاركة رقم: 343
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 260568
المشاركات: 229
الجنس أنثى
معدل التقييم: جود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 411

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جود بدر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

السلام عليكم ورحمة الله
مساكم الله بالخير يا جميلات
يارب كلكم بخير وعافية
,
لازم اعترف انّي اشتقت لكم كثير
واشتقت لجوْ الرواية والردود والتوقّعات
واشتقت اكتب
وضروري اعتذر لكم عن التأخير اللي حاصل
والظروف اللي خارج سيطرتي
والاحباط اللي أصابني من ضياع البارت الدسم والغني جدًّا
لكن الحمد لله على كل حال
,
اليوم تحاملت على نفسي رغم مرضي , وفتحت اللاب
عشان ابلغكم بكلامي هذا
واؤكد لكم , انّي باذن الله ما راح اخذلكم واوقّف
وفي اقرب فرصة لي
اليوم او بكرة ان شالله
برد على ردودكم كلها
وبدخل الآسك واجاوبكم ان شالله
وعلى طول ببدأ بكتابة البارت
ساعدوني على نفسي
بالذات صديقات قلبي اللي يتواصلون معاي مباشرة
سلطوهم علي :p
لهم تأثير عجيب علي ")
,
اتمنى تسامحوني على التأخير :(
وزي ما وعدت , اليوم او بكرة انتهي من الردود والآسك
وابدأ في البارت
ودّي.

 
 

 

عرض البوم صور جود بدر   رد مع اقتباس
قديم 15-03-15, 09:13 PM   المشاركة رقم: 344
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 260568
المشاركات: 229
الجنس أنثى
معدل التقييم: جود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 411

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جود بدر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

مساء الخير والجمال والاحساس وكل شي جميل
الله يسعدكم ويخليكم وحدة وحدة
وحدة فيكم ربّي رحمني فيها
ولله الحمد زوجي قدر يستعيد الملف اللي ضاع
براجعه وانزله لكم خلال نص ساعة او ساعة بالكثير

 
 

 

عرض البوم صور جود بدر   رد مع اقتباس
قديم 15-03-15, 10:48 PM   المشاركة رقم: 345
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 260568
المشاركات: 229
الجنس أنثى
معدل التقييم: جود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 411

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جود بدر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثالث والأربعون
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة وخمسون دقيقة مساءً
رآها , ليشعر بالسماء تفتح له أبوابها
ليشعر بأبواب الجنّة الثمانية تُشَرّع له
قلبه المتوتر , زفر براحةٍ وهدأ
عيناه المترقبة
ابتسمت بحنانٍ ناعمِ الحِس
سمِع اعتذارها لوالدتها
وثار مجددًا
ساعاتُ غيابك الماضية
التي اشعلتي بها قلبي الثملَ بكِ
التي أوقدتي خلالها خوفي عليكِ
التي أحرقتني بها ألفًا , قلقًا عليكِ
اين قضيتها
من احتجتِ فيها , وأعانك
ايّ زوجٍ من الأعين اللعينة التهمك
دون رجلٍ الى جانبكِ يعمي الناظرَ اليكِ
صرخ بها دون ان يفكّر
: وين كنتي ؟!
حينَها انتبهت لوجوده
لتطعنه , بأنّها لم تره مذ دخلت
رغم انّها كانت لا ترى سواه في حضوره !
نظرتها المرعوبة
قتلت قلبه الهائمَ بها
حينَ رأته شعرت بزلزلة الأرضِ من تحتها
شعرت بصوته يخترقها , ليشتت أشلاءها
قفزت روحها رغبةً في عناقه
للتو ادركت انّها لم تعانقه بعد !
لم تعانقه منذ تسعِ أعوامٍ وعدّة أشهر !
للتو لاحظت , انّها رأته عدّة مرّاتٍ مذ عاد
لكنّها لم تعانقه أبدًا
فكّرت في ثانية
هل تعانقه الآن !
هل تعانقه وتطيل في عناقه
ثم تبتعد بهدوءٍ كما اقتربت
وتصعد الى الأعلى كأنّ شيئًا لم يكُن
لم يمهلها لتقترب
ليصرخ بها مجددًا
حينَ تذكّر اختفاءها قبلَ عشرة أعوامٍ
ومن خشيته على نفسه , من ان تضيع ثالثةً فلا يجدها !
اقترب منها وهو يدكّ الأرض , ويحطم الأحرف
ويزمجر
: بتمشين معاي غصب عنّك...
قاطعه علي وهو يمسك بيده
: صقر , ما له لزوم ذا الكلام
قال وهو لا يرى ما امامه
: الحين تمشي معاي باللي عليها
قال تركي بغضبٍ هو الآخر
: هي وكالة من غير بوّاب ؟ ولا من زود الحقارة قمت تستغل المواقف لصالحك ؟!
خبأتها امّها خلفها وقالت
: خلاص صقر مشكور , البنت ورجعت روح شوف شغلك
صرخ مجددًا
: وين كنتي ؟
قوّةٌ استمدّتها من ظهر امّها الذي يحميها
قوّةٌ استمدّتها من سلبيةِ صقر التي بثّها اليها
سلبيةٌ استوحتها من ندمها على تفكيرها !
صرخت به بانفعال
: وانت وش دخلك ؟ ما لك كلمة علي اطلللع من حياااتي اكفيني شرك , طلقني ما تفهم انت !
وكأنّها رمت قشّةً قصمت ظهره
وكأنّها أشعلت الفتيل الذي يتكوّم على قلبه
لتفجره في ثانيةٍ واحدة
دخل عبد الله حينَ رأى الباب مفتوحًا
ليسمع صوت صقر المخيف من حدّته , المختفي من بحّته
: انـتـي طــالــق
اتّجه ناحيةَ الباب
دفع شقيقه بكلّ قوّته جانبًا
وخرج
التفت عبد الله الى رتيل بصدمة
جلست أرضًا , حينَ خانتها قدميها ولم تصمد
حينَ عجز قلبها عن التحمّل
وكأنّه يتبرأ من أفعالها
او يعاقبها عليها
فضحها ضعفها
فضحتها ركبتيها , حين أوقعتها
في أكثرِ لحظَةٍ احتاجت الوقوف فيها !
جمعت كفّيها الى قلبها
تريدُ حماية نفسها
نكّست رأسها حتّى كادت تُخلَع رقبتها
ظلّت لثوانٍ على وضعها
الأصواتُ من حولها ولا تميزها
شهقة خالتها ام وليد
وصوتُ امّها المكسور
: لا حول ولا قوّة الا بالله
هتافُ هديل الغاضب
: حسسسبيي الله عليييه علّه ما يربح , الله لا يردّه
صراخ تركي الغاضب وهو يكاد يتبعه
: الجبان
امسك به علي وهو يوبّخه بحدّة
: وقّف مكانك , ما كن اختك اللي حدّته
شعرت بلمسةِ ملاك الحانية
: رتيل
فزّت من لمستها
نظرت اليهم جميعًا دون أي تعبيرٍ واضح على ملامحها
رفعت رأسا الى الأعلى
هتف قلبها بأنين
" طلقني يا يمّه "
أنين قلبها المُوجع
أوجعها على حالها
لِتُصدرَ آهةً عميقة
ويهزلَ جسدها
انسابت أدمعها بحرارة
انّت بوجعٍ لا منتهٍ
نادت بحاجةٍ ماسّة
: يمممه , يممممه خذيني عندك تكفييين , آآه يمممه
عانقتها خالتها وهي ترجوها ببكاء
: لا اله الّا الله , رتيل يمه بسم الله عليك
صدّ علي ولم يتحمل منظرها
ولا صوتها
ولا بكائها
تراجع عبد الله بهدوء , وخرج من المنزل
اقترب تركي بغضب
: لا تبكين , وعزّة الله يرجع لك يزحف
زادَ نحيبها , ليزدرد ريقه ويركع على ركبتيه
ناداها برجاء
: رتـيـل
بكت هديل وهي تهتف بغضب
: الله لا يوفقك يا صقر عساك تلقاها في وجهك
سحبتها امّها اليها
عانقتها بقوّة
وكأنّها تخبرها بعناقها , انّها هنا
كأنّها تطلب منها ان ترمي بوجعها عليها
ان تطمئن , لأنّها لن تتخلّى عنها
همست في اذنها
: لا يشوفونك اخوانك تبكين , ابكي هنا على قلبي , اتركي دموعك وهمّك , لا تبعدين عنّي وفي داخلك منهم شي , اتركيهم عندي
تشبّثت بها وهي تناديها بنحيب
ازدردت ام علي ريقها , ودمعت عينيها
تلت بحشرجة
: } الله نُورُ السَّمَواتِ والْأَرْضِ مَثَلُ نُوْرِهِ كَمِشْكَوةٍ فِيْهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِيْ زُجَاجَةٍ الْزُّجَاجَةُ كَأْنَّهَا كَوْكّبٌ دُرِّيٌّ يَوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيّتُوْنَةٍ لَّا شَرْقِّيّةٍ وَلَا غَرْبيّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِئُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُوْرٍ يَهْدِي الله لِنُوْرِهِ مَنْ يَشَاءْ وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلْنَاسِ واللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيْمْ }
حمحمت ثم التفتت الى الجميع وقالت بحدّة
: نعم ؟ فُرجة قدامكم ! كل واحد يشوف شغله
لم يجيبوا , ولم يتحرّكوا
لتصرخ بعصبيّة
: وش قلت انا !
دون ان ينبسوا ببنت شفة
ذهبَ كلٌّ الى مكان
هزّتها برفق
: قومي ماما , قومي حبيبتي بدّلي ثيابك وننزل نتغدّى
قالت بأنين
: طلقني يمّه , يعني بح صقر !
هزّتها بتوبيخ
: من قال يا خبلة ! هذه طلقة وحدة وان كان شاريك يردّك عقبها , وش فيك انهرتي كذا , ليش فيه ثلاث طلقات اجل ؟ ماهو عشان اللي مثله يعصّب ولا يفكّر , عشان يصير عنده وقت يفكّر ويتراجع , قومي يا امّي بسم الله عليك
لم تُجبها
لتساعدها على النهوض , وتصعد معها الى غُرفتها
دونَ ان تتوقف عن التسمية عليها !
وقلبها متآكلٌ على حالها
للتوْ خرجت من عُزلتها
مرعوبةٌ من ان يعيدها اليها طلاقُ صقر !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
خرج الى ساحَة المستشفى ليُطلق قدميه
فتح هاتفه لتهلّ الرسائلُ والمكالمات
اتّصلَ بمالِك اولًا
الذي أجابه بعجلة
: انت وينك ياخي
: هلا مالك , عسى ما شر ست مكالمات !
: ايه ذياب عازمنا ولَزّم علي أكلمك
: والله ما اقدر , انا في المستشفى ما ابى اخلّي جدّتي , حتّى مقفّل جوّالي صدفة فتحته الحين
: والله قال لي حتّى لو اعتذر اجبره
: وش عنده ؟
: مدري عنّه
: المهم قلت لك , ما راح اطلع من المستشفى , رح انت واعتذر عنّي
: طيّب براحتك , انا ان قضيت منهم على بدري بمرّكم
: حيّاك الله
أغلق الهاتف , وجلس على احدى المقاعد المنتشرة
زفرَ وهو يفكّر في أمرِ الزواج
كيفَ يتزوّج !
ولا زالَ لم يبرَأ من علّةٍ قديمة
كأنّه يراها في الأمس
الماضي المتوغّل فيه
يأبى ان يفارقه
يأبى ان يُطلق سراحه
في كل يومٍ يأوّله بفكرة مختلفةٍ عن سابقتها
تآكل عقله من كثرة التفكير
لن يعيش سعيدًا
ولن يُسعد تلك التي تريدها جدّته له
ربّما تكون سيئةً جدًّا
وربّما تكون بريئةً جدًّا
في كلتا الحالتين , سيكون سلطان اكبرَ من تحمّلها
سيعاقبها على ذنبٍ تجهله
سيكونُ امّا ابتلاءها في الحياة
او عقابها على ذنبٍ قد سلف !
زفرَ بحدّةٍ وهو يستغفر
لن يُنجيه من محنته سوى الله
الله وحده !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة وخمسةَ دقائق
رفعَ هاتفه ليتّصل
اقترب أحدهم
: يلا ابو بدر
أشار اليه ليصبر
: بكلّم ذياب
تركه وابتعد
بعدَ ثوانٍ ردّ ذياب
: هلا
قال بهمسٍ حاد
: وينكم انتوا ؟
قال ذياب بزفرة
: شوي وجايين
: ذياب نمزح احنا !
: والله مو بيدي , ابي اجيب عبد الله معاي الغبي مدري وينه , صقر ما جا ؟!
: لا , تركني في المكتب طلع مستعجل , اتّصلت عليه الف مرّة ما يرد
: الحين اكلمه , سعد وصلْ طيّب ؟
: لا – قال باستدراك – هذا هو وصل , لا تبطون المحكمة ما تلعب , ان تأخرتوا يلغون الجلسة ويعطونكم موعد ثاني شوف بعد كم
: لا ان شالله على الوقت احنا عندكم
ودّعه وأغلق الهاتف
دخل الى القاعة ليقول المدّعي العام منزعجًا
: وينهم ؟
قال ابو بدر بمحاولةٍ ليمتصّ غضبه
: ماسكتهم زحمة , على وصول ان شالله
زفر وابتعد عنه
التفت ابي بدر الى سعد بعصبيّة
: اتّصل على صقير مدري وين اختفى
أشار سعد الى عينيه وابتسم
ابتسم ابو بدر رغمًا عنه
: جاي غلط بينهم انت
ضحك ونهض ليتّصل بصقر
وجلس ابو بدر بجانبِ وزيرِ الأمن ونخبَةٍ من كبار الضبّاط
,
اتّصل على عبد الله عدّة مرّات ليجيبه أخيرًا
: هلا ذياب
صرخ به
: وينك ؟
قال بهدوء
: اعذرني ما اقدر اجيك اليوم , انا الحين واصل البيت
نظر ذياب عبر مرآة السيّارة
ليرى عبد الله يترجّل من سيّارته وهاتفه على اذنه
نزل من السيّارة واقترب منه
نظر اليه عبد الله بدهشة
سحبه ذياب رغمًا عنه
: امش
: ذياب والله..
قاطعه
: ولا كلمة , مشوار ضروري والله , وين عيال عمّك ؟
: ذياب...
قاطعه مجددًا
: خلاص ما له داعي اهم شي انت
ركِب معه عبد الله رغمًا عنه
ظلّ ذياب يتّصل بصقر
حتّى أجابه بغضب
: ووجع
قال ذياب مغتاضًا
: يوجعك , وينك انت ؟
صرخ به صقر وهو يغلق الباب بقوّة
: وصلت خلاص الحين بدخل
دخل ذياب بسيّارته عبر البوابة الكبيرة
: خلّك مكانك – استقطع كلامه وتذكّر انّ عبد الله معه , ليقول باستدراك – خلاص ادخل انا شوي واوصل
تأفف صقر وأغلق الهاتف دون رد
وضع ذياب هاتفه في جيبه وأوقف السيّارة
قال عبد الله بهدوء
: وش نسوي جايين للمحكمة !
: اذا دخلنا تعرف
صمتَ عبد الله , مستغربًا
او غيرَ مبالٍ , لانشغاله بأمرٍ آخر !
,
دخل صقر الى القاعةِ بهدوء
التفت ابو بدر , وزفر براحةٍ حينَ رآه
أشار اليه ليقترب
اقترب وصافحه
أشار ابو بدر الى الوزير
: طال عمرك هذا صقر
ابتسم الوزير ونهض ليحييه
ابتسم صقر ابتسامةً صفراء
همسَ ابو بدر
: انت بخير ؟
ازدرد ريقه
: ايه
شدّ على كتفه
: شد حيلك وتوكّل على الله , الله يفرح قلبك يا صقر
جلس دون تعليق
بعد دقائق أدخلوا المتّهمين الثلاثة لم يلتفت اليهم صقر
شعر بأحدهم يجلسُ بجانبه
نظر اليه بصمت
ابتسم بتشجيع , ثم قال ساخرًا وهو يرمقهم بنصف نظرة
: وجيه غبرا
لم يعلق صقر ولم تتغير تعابيره
قال ذياب بجديّة
: ماني سائلك عن شي ابي الجلسة تتم بخير , بس ما ابيك تشتت انتباهك في شي ثاني
لم يُجبه أيضًا
التفت ذياب الى جهةٍ بعيدة لينظر الى عبد الله المستغرب
ابتسم وأشار له بابهامه
كان قد أوصى سعد ليجلس بجانبه
التفت مرةً أخرى الى الأمام , وهو يزفر بهدوء
بهدوءٍ لا يعكسُ داخله المرتجف , جدًّا !
بهدوءٍ ينافيه تمامًا
فوضى المشاعر القلقة تعبث بداخله
تجعل قلبه يتعرّى للاحباط
ما زال يصرّ على أسنانه , ويشدّ قبضته
وهو يكرّر بعناد
انّهم سينجحون
وانّ نهاية معاناتهم قد وُقِّعت
دخل القاضي
لينهضوا جميعًا
حيّاهم , وردّوا
حينَ جلس , جلسوا جميعًا
بهيبةٍ لحضوره
بأملٍ ان ينصفهم , من نزاهةِ مهنته
التي وفقّه الله ليصلَ اليها
التي اكتسب شرفها
وعاش من أجله
مضت دقائقٌ تتلوها دقائق
أقسموا على قولِ الحقّ جميعًا
وتقدّم محامِ عائلة راشد بأقواله
ونهض ابو بدرٍ وأدلى بشهادته
ثمّ تقدّم المدّعي العام
ليقول
: طيّب نبدأ القصّة من أولها...
تغافلهم صقر , ليهرب بفكره عنهم
ليعود الى ذلك اليوم
الى ذاك الصباح
الذي ابتدأ مشرقًا
وانتهى بظلامٍ حالك
لم ينقشع الى اليوم !
" المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة صباحًا
قالت وهي تُخرج بدلته العسكرية
: طيّب متى ترجع
ارتشف من كوب الشاي , ووضعه ليقول
: بالضبط بالضبط احسبيلي اربعة وعشرين ساعة , على ثمانية بكرة انا عندك , ونفطر سوى
: وعد ؟
ابتسم وقال
: وعد يا شيهانة صقر
رفعت أحد حاجبيها
: حتّى غزلك حيواني
قال ببطئ
: وش قلتي
انفجرت ضاحكة وقالت
: يا لبى الشيهانات كل ابوهن
ضحك باستخفاف , ثم قال
: بس ماني ناسيلك حيواني ذي
اقتربت لتقبّل خدّه بقوّة
ثم قالت بدلال
: نسيتها الحين
التفت اليها وظلّ صامتًا
ابتعدت عنه وهي تضحك بشدّة
هزّ رأسه نفيًا
: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم , رتيل والله لازم اروح يا قلبي
كانت جميعُ محاولاتها في ثنيه عن الذهابِ فاشلة
جلست على الأريكةِ متأففة
اقترب وجلس أمامها ارضًا
امسك بكلتا كفّيها وقال بحنوْ
: احنا اتفقنا ان أي شي نتضايق منّه بخصوص شغلي , نقول فدوة للوطن , من كنتي صغيرة , هذا شغلي يا رتيل انا مجبور اسافر بين فترة وفترة , وماني مطوّل كلّه يوم واحد , رجال أعمال وبطارى عندهم مؤتمر قالوا تعال يا صقر احمينا ونظم امن المكان , وش نسوي فيهم فلوس الدنيا على قلوبهم ولا يعرفون يحمون انفسهم
ضحكت رغمًا عنها
ابتسم وهو يتأمّلها
احمرّت وجنتيها ودفعته بخفّة
: يلا بتتأخر
نهض وباغتها حين حملها
خبّأت وجهها في كتفه وقالت محرجة
: صقققر
قال برجاء
: متى تكبرين عاد
ضحكت وهي تعانقه
ليقول بابتسامة
: المضحك في الموضوع انّك من يوم انولدتي وانا اشيلك , لدرجة احيانًا اقول رتيل تربّت وكبرت في حضني , وتوّك يوم ملّكت عليك صرتي تستحين حضرتك
ضربت كتفه بخفّة
: نزلني
أنزلها وأبعدها عنه
قال بجديّة
: ضروري تطولين شوي
دفعته بغيض وهي تهتف
: عدال يا الطويل
ابتعد عنها ضاحكًا
أخذت الطعام لتنزله
وتركته ليستبدل ثيابه
بعد قليلٍ دخل الى المطبخ , وهي تنظف الأطباق
اقترب منها
: رتيل
التفتت اليه وابتسمت من مظهره
: تؤمن بالله !
ابتسم , لجملتها اليومية !
قال بمحبة
: لا اله الا الله
قالت بطريقتها الطفولية ذاتها , التي لم تتغيّر يومًا
: انت اجمل رجل يلبس البدلة العسكرية في العالم
انحنى وقبّل جبينها
وسار ليخرج من المنزل , وهي خلفه
قالت بجانبِ الباب
: استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه , استودعك الله دينك وأمانتك وخواتيم اعمالك , كلمنا طمّنا عليك طيب
قال بملل
: والله محسستني مهاجر , كلّها الشرقيّة يا بنت الحلال
صرخت به مغتاضة
: احترم قلقي واحساسي , انا قايلة لك ماني مرتاحة لذي السفرة من اوّل
اقترب منها وقال بحدّة
: صوتك يا رتيل لا اكسر فمّك واعوقك , وبعدين وش حركات الزوجات اللي طالعتلي فيها ذي ! اصحي لنفسك يا بنت , ماهو صقر تتأمّر عليه حرمة وتفرض عليه احساسها
نظرت اليه بصمت
لينهرها
: اكسري عينك
تركته وصعدت الى الأعلى
قال بغضب
: والتراب
ركِب سيّارته وسار الى نهاية الشارع
تأفف وضرب الطارة , وعاد الى المنزل !
صعد الى غرفته غاضبًا
فتح الباب ليجدها ضامّةً ركبتيها الى صدرها , وداسّة وجهها بينهما
رفعت رأسها , ليرى عينيها محمّرتين , وعرقٌ أخضر برز في منتصفِ جبينها
وجميعُ ملامحها مشدودة
ولم تبكي !
قال بعصبيّة
: نعنبا هالوجه , وش قواة العين ذي , ما تبكين أبد ؟
لم تجبه
اقترب بخطواتٍ عريضة
ليقف أمامها لا يفصل بينهما الّا مقدارَ شعرة
لم يكسر أيٌّ منهما عينه لثوانٍ طويلة
قفزت لتعانقه وتبكي , في ذاتِ اللحظة التي ابتسمَ فيها وهمّ بمدّ ذراعيه اليها
ضحك رغمًا عنه وهو يعانقها
: خلاص حقّك علينا
حينها ودّعها , وذهبَ مُطْمئنًّا..."
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
السابعة مساءً
دخل الى المنزل بهدوء
واقترب بخفّة من غرفة الجلوس
اختلس النظر , ليراها تجلس أرضًا وسط مجموعةِ كتب رسمٍ وتلوين
اعتلت شفتيه ابتسامةٌ حانية
دخل بخفّةٍ , ثم قال بمرح
: مفاجأة !
رفعت رأسها وقفزت بسعادة حين رأته
: سـآآود
اسرعت لتعانقه
حملها وقبّل وجنتيها القطنيّتين
قالت تعاتبه
: لقد تأخّرت
قوّس شفتيه بطفولية
: حقًّا ! انا آسف كان لديّ عملٌ كثير
ابتسم ونظرت الى الأكياس الملونة التي انزلها ارضًا
: اهذه لي ؟
انزلها وضحك
: نعم , سأسلّم على امّي ونانا واريكِ ما أحضرت
اقترب من والدته وقبّل رأسها
قبّلته وقالت
: هلا حبيبي , شلونك يمّه
: الحمد لله
التفت الى جدّته وقبّل رأسها ثم جلس وأشار الى فكتوريا
: هاتِ الأكياس واقتربي
أحضرتها وجلست بجانبه
أخرج اولًا علبةً كبيرة
: هذه لِتنظّمي وقتكِ فيها , يوجد بداخلها ايقوناتٌ تدلُّ على المدرسة والطعام واللعب والدراسة وما الى ذلك , ولوحةٌ لترتبي عليها وقتكِ , ستحبّينها
وضعها جانبًا , وأخرج علبةً أخرى
: وهذه قطع حلوى بالفانيلا والشوكولا
وضعها جانبًا
وأخيرًا أخرج ظرفًا وابتسم
: وهذا , قبولكِ في مدرسة تشيلسي النموذجية
شهقتا والدته وجدّته بسعادة
صمتت فكتوريا ولم تعلق
وضعه داخل الكيس , وأنزل الكيس ارضًا
والتفت اليها بكاملِ جسده
: الم تسعدكِ ؟
قالت بتردد , وطيفٌ حزين سرق البهجةَ من عينيها
: لقد وعدتني ان لا تحرمني من رفيقاتي ومعلماتي !
: ومن قال سأحرمك ؟
: ستدخلني مدرسةً اخرى , وستبعدني عن حياتي تِلك
أخرج الظرف ومدّه اليها
: ان اردتي مزّقيه , وان شئتي سأشرحُ لكِ الأسبابَ اوّلًا ثم تختارين ما يُرِيحُكِ
احنت رأسها وقالت بخفوت
: اخبرني ما عندك
رفعَ رأسها , وقال بنبرةٍ غريبة
: اولًا ستعديني بشيء
: ماذا ؟
: لن تحني رأسكِ ابدًا , وان احتجتي لأيّ شيء , ايّ شيء فيكي , فقط تعالي وأخبريني , ولا تخشي احدًا , سأحميكِ من الجميع , انتي ابنةُ حبيبتي , لم استطع تقديم كلّ ما بوسعي لوالدتك , لكنّي سأعطيكِ كلّ ما اقدرُ عليه , وان لم اقدر على شيء , سأسعى اليه حتى أناله , فهمتني فيكي ؟
ابتسمت بصمت
وهربت جدّته بنظرها عنه , وعن الطفلة
وقد فهمت مغزى كلامه !
تابع حديثه
: حسنًا , مدرسةُ تشيلسي النموذجية هي من افضلِ المدارس في المملكة المتحدَة أجمع , وهي اقربُ مدرسةٍ الى منزلنا , مدرستكِ في الدار مدرسة عاديّة لا يميزها شيء , سوى حبّكِ لها ووجود صديقاتكِ فيها , ان اردتِ نتخلّى عن مدرسة تشيلسي , وتعودين الى مدرستك , لكن ضعي في حساباتك انّك ستستيقظين قبل جميعِ الأطفال كلّ يوم لتتجهزي , ثم تسيرين قرابة الساعة والنصف اضافةً الى ازدحامِ لندن ما يعني ساعتين او اكثر , ومثلها في العودة , وان اردتِ نستمر في مدرسة تشيلسي , ويكون يومُ عطلة نهاية الاسبوع هناك في الدار , من الصباح وحتّى الثالثة مساءً في الشتاء , وفي الصيفِ الى الثامنة مساءً , ما رأيك ؟
صمتت لثوانٍ
ثم قالت
: هل تعدني ان اقضي عُطلة نهاية الاسبوع في الدار ؟
رفع كفّه الأيمن الى جانب وجهه , وقال بجديّةٍ أضحكتها
: اقسمُ على ذلك
: حسنًا اذًا
ابتسم وفتح لها ذراعيه
اقتربت لتعانقه
عانقها وأغمض عينيه
ليهمس قلبه
" بنتك في عيني يا عيني , نامي بأمان وراحة "
ابعدها وعبث بشعرها بابتسامةٍ هادئة
قالت رونا بمحبّة
: ماذا ستقولين لساود حبيبتي ؟
ابتسمت وهي تبعد شعرها عن وجهها
: شكرًا لك
قال بخفوتٍ صادق
: لا شكرَ على واجبٍ حلوتي
بعد صمتٍ قصير
التفت الى والدته وجدّته
: اصيب عبد العزيز بحادث
شهقتا بخفّة
لتقول السيدة جوليا
: يا بنيّ المسكين , هل هو بخيرٍ الآن ؟
رفعَ كتفيه بقلةِ حيلة
: لا أعلم , لقد دخل الى غرفةِ العمليات قبل قليل , سأتّصلُ بوالده بعد قليل لأطمئنّ عليه
مسحت والدته على كتفه بمواساة
: ما عليه شرّ ان شالله
زفر وفركَ جبينه
: الله يسمع منّك
قالت فكتوريا
: ساود هل ستساعدني في لعبةِ تنظيم الوقت
ابتسم
: بالطبع , سأصعد لآخذ حمّامًا سريعًا واستبدلَ ثيابي , ونتناولَ الطعامَ سويًّا ثم نفتحها
قالت رونا
: اعتذر منكما , ستتناولان الطعام وتنامان , وتتركانها للغد
قال سعود بطريقةٍ مضحكة
: تكفين بسهر شوي
ضحكت وهي ترفع حاجبيها برفض
ضحك وهو ينهض من مكانه
: ام شريرة
صعد الدرج ولا زالَ تفكيره منصبًّا على عبد العزيز
ونسي كلّ ما هو سواه !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة ونصف مساءً
دخلت الى الغرفة , وعقدت حاجبيها
اقتربت وسألتها بنبرةٍ حانية
: وش فيك يمه ليه تبكين ؟
رفعت رأسها اليها
صمتت لثوانٍ , ثم قالت بوجع
: ابكي على رتيل , ما عندها حظ في الدنيا !
ابتسمت وجلست بجانبها
جعلت بينهما مسافةً حتّى لا تُنفّرها
: اوّل شي كلمة ما عندها حظ ذي حرام , كل ما يصيبنا قدر , ومن اركان الايمان اننا مؤمن بالقدر خيره وشرّه , وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم , يقول عجبًا لأمرِ المؤمن انّ أمره كلّه خير ان اصابته ضرّاء صبر , وان أصابته سرّاء شكر , ولا ينبغي ذلك الّا للمؤمن , وان ما كنّا بالصفة هذه ضروري نراجع أنفسنا , أغلبنا ما فيه قوّة الايمان والتعلق بالله اللي تهوّن المصيبة عليه , عشان كذا نحزن ونهوّل امور لو صبرنا عليها او قارنّاها بمصايب غيرنا تهون علينا
مسحت دمعاتها , وقالت بحزن
: بس البنت ذي توجع القلب , لا من يُتمها ولا من زوجها , حياتها مؤلمة
: نِعمة الوالدين يا ملاك قليل من يتفكّر فيها ويشكر الله عليها , شوفيها رغم انّ خالتك شايلتها في عينها , وهي فعلًا امّها بالرضاعة , وما عرفت رتيل ام غيرها , لكن ان صارت لها مصيبة اوّل من تنادي يمه , تنادي امها المتوفية , اللي ما تعرف لها لا شكل ولا صوت ولا ريحة , ان قلتي رتيل يتيمة الله لا يسامحنا ان حسسناها بيتمها , انا لها ام وام صقر لها ام وام علي لها دنيا , وان جينا لزوجها , انا قلبي حاس انّه مر بالشديد القوي , وزين انّه للحين صابر , وصدقيني يا ملاك يعشقها ويموت فيها وواضح عليه , وبيرجع لها وقولي امّي قالت
ازدردت ريقها وتجاهلت حديثها عن الأم , لتقول
: ليش طلقها ؟
: زاد عليه الضغط
صمتت لثوانٍ
ثم قالت بشرود
: لا تاخذين فكرة عن الانفصال انّها سودا وغلط دايم , ياما الانفصال كان خير – وبحسرةٍ شديدة أردفت – وياما كان الصح لكنّه ما يجني الّا وجع وهم
ظلّت ملاك صامتة , تفكّر بطريقةٍ تستدرجها بها
لتتحدّث !
ولم تتعب , حتّى قالت والدتها بألم
: تزوجت ابوك وما بيني وبينه الّا اشهر , ولد عمّي , فاشل في دراسته وفي حياته , داشر وما في اكثر من سفراته وخرابيطه , قالوا زوجوه يعقل , وجيت في وجه المدفع , جاء عمّي وترجّى ابوي وقال له ابد بنتك في رقبتي ولا بيضرها بشي بس زوجها له , ما رضى ابوي ولا اقتنع , بس استسلم في النهاية بعد شهور من ترجّي عمّي له , وتزوجته وفي حملي بوليد خانّي ! جاني شارب وسكران وقال لي وين كان ووش سوّى , وريحته ومنظره تشهد بكلامه , وطنشت وكتمتها فيني , صار عمر وليد سنتين وتزوّج علي , وقلت ما عليه , حملت فيك ورجع خانّي وخان ام فهد , هنا ما تحمّلت , لأنّها كانت مهينة , جابها لبيتي واستغفلني واحتقرني , قلت ابد ما لي قعدة عنده , تكلّمت مع ابوي قال ابشري , رفعت دعوى الخلع بشهري الأخير , انفضح بين الناس , بنت عمّه خلعته بعد ما شافت عليه بلاوي , اخُوه كان في منصب حسّاس وان وصلت السوالف لمنصبه يشيلونه , ما في الّا يتخلّصون من السبب , انا وابوي , ابوي انطرد من شغله وطلعت عليه سمعة واشاعات في عرضه وامانته , وانا سمموني بأكلي , ودخلت للمستشفى يومين غيبوبة وبغيتي تروحين منّي , والحمد لله طلعت منها سالمة , تسبّبُوا لي بحادث سيّارة وربّي ما أراد انّي اطلع في ذاك اليوم , ومات السايق راحت السيّارة رماد , الثالثة قالوا ثابتة , حرقوا البيت اللي كنت فيه , وبعد ما كنت موجودة مدري شلون ما انتبهوا لعدم وجودي , في النهاية ابوي قال بنتي بتروح منّي انا وش يقعدني في الديرة , آخذها واشرد فيها , حسّوا علينا وبسبب واسطاتهم ووصولهم فوق , على طُول طلّعوا من المحكمة حضانة العيال لأنّي اعذبهم واسيء معاملتهم , واني خاطفتهم من ابوهم , سحبوك من حضني غصب , وانا اترجّى وليد ينتبه عليك ويحطّك في عينه , كان وليد يبكي وهي يبوس رجول ابوه يقول له خلني معاها , ولا رد عليه , اخذني ابوي لبريطانيا بدون علم أحد , حلف لي انّه بيتصرّف وبيرجع لي عيالي , كان يتركني كل فترة ويجي للسعودية ويسعى في الموضوع , لين توفّى الله يرحمه واختفى ولا عاد جات أخباره , سنيين تروح وتجي وانا اقول بيرجع ابوي , ولا رجع , اثنين وعشرين سنة كنت اطلع من الصبح لين المغرب اشتغل في المطاعم او ابيع جرايد او ابيع ورد او انظّف حدايق او اقص تذاكر الباصات , اثنين وعشرين سنة كنت اتمنى الموت في كل يوم وكل لحظة , الغربة قاسية , وباردة وموحشة , الغربة واحساس انّ اهلي نسوني ولا احد يفكّر انّي ممكن ارجع يقتل , كنت اتردد تسعطعش سنة على السفارة واطلب منهم يرجعوني , وكل مرّة عذر وكل مرّة رفض , كنت ابكي كل يوم وانا اتخيّلكم , كنت اوصل للانتحار واتراجع خايفة من الله , وخايفة اروح جهنم , واصير محرومة منكم دنيا وآخرة , انتظرتكم اثنين وعشرين سنة , كل يوم اصحى الصبح يائسة لكنّي اصبر نفسي ان كل هالمعاناة بتنتهي لمّا اموت , كنت اصبّر نفسي انّي عجوز كبيرة والقهر اكل قلبي , وما بقى لي شي , وانّ موتي واصل خلاص , اثنين وعشرين سنة وانا خايفة تكونين متّي لما تركتك , محد يراعيك ولا احد يوكلك ولا ينتبه لك , اثنين وعشرين سنة وانا اموت الف مرّة اذا فكّرت ان محد سكّت وليد وهو يبكيني , انّه نام باكي وجايع وخايف , راح عمري خوف وانتظار , انتهيت من ساعة انسحبتوا من حظني , نفوني من بلدي ومن عيالي ومن اهلي , وعاشوا على موتي
التفتت الى ابنتها الشاهقة
التي كانت تصمت شفتيها بكفّها
وعينيها محمّرتان من شدّة البكاء
يا سيدة الغياب , يا انثى الوجعِ يا امّي
يا لحنَ المأساةِ الشجِي
هل كُنت اضحك يومًا وانتي تبكين ؟
هل كنت نائمةً يومًا , وانتي بخوفٍ تتلفتين ؟
هل كنت أاكل يومًا , وانتي جائعةٌ وعلى قدميك واقفة , حتّى للمالِ تجنين ؟
هل مرّ الشتاء يا امّي , ودثّرني وليد بشالِ الصوف , وانت من البردِ تتلوين !
هل مرّ العيدُ يا امّي , وابتسمت وصفّقت وغنّيت
وانت من الوحدةِ تعانين !
أجيبيني يا امّي , اسقي قلبي روح الألم , التي عليها
اثنانِ وعشرون عامًا , كنتي تتغذين !
انتشلي الراحةَ التي ادخرتها بداخلي
خذيها , توسديها
علّكِ ترتاحين
علّكِ عن معاناتكِ تنسلخين
علّ جفنيكِ الباكيان , يغفوانِ بسكينة
علّك لمرّة واحدة , دونَ كوابيسَ تنامين
آهٍ يا امّي , من آهٍ سرّبها قلبكِ أخيرًا
لتتسلل الى قلبي , الذي باتَ من سقمكِ حزين
قالت ام وليد بصوتٍ تهدّج
: رجعت ولا لقيت اللي كنت احلم فيه , احب خلق الله لي ما تبيني ولا تتقبلني , وولدي من رجعت تعبان ونفسيته زفت , افكّر احيانًا اهج , يمكن ترتاحون مثل ما كنتوا قبل , يمكن يمر يومين وتنسون , يمكن تحسبوني مجرد حلم مر وانتهى , وترجع صورة امكم اللي حبّيتوها...
قاطعتها ملاك وهي تعانقها وتنتحب
: يمممه
أجهشت ام وليد بالبكاء وهي تعانق ملاك
تشدّها اليها , علّها تنجح في ادخالها الى قلبها !
كأنّها للتوِّ وجدتها
بكت وهي تردد بأنين
: يا روح امّك انتي , يا قلبها , يا عيونها اللي انعمت وهي تبكيك , يا قلب امّك يا ملاك , يا وجعها وغربتها
وكأنّ أغلال الغربةِ المقيتة
قد فكّت عنها أخيرًا
قيود الغربة المتينة
حررت قلبها المعتوه
وكأنّ الراحة مالت من منتصفها الى قلبها
لتداعبه بخفّة
لتوقظه من سباتِ الوجعِ الطويل
وتسحبه اليها
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة وخمسٌ وخمسون دقيقة مساءً
كلُّ كلمةٍ كانت تعيده الى ذلك اليوم
كأنّه يعيشه بتفاصيله من جديد
كان ينقصُ قصّة المدعِّي العام الألم الذي فيه
كان ينقصها الاحساس الذي عاشه في كلّ كلمة
كان ينقصها القهر , والغبنُ والانكسار
" المملكة العربية السعودية – الشرقيّة
السابعة مساءً
كان صارمًا , وفارضًا لوجوده
يلفتُ انتباه كلّ محنّكٍ يبحثُ عن رجلٍ ينوبُ عنه في عمله
أشار لاثنان من رجال الأمن
: أمّنوا لي البوابة الغربية
تحركا بطاعة
وجلسَ هو على الكرسي بتعب
رفعَ رأسه بانتباهٍ حينَ رأى أحدهم يتحرّك قريبًا منه
كان قد انتبه الى نظراتِ الرجلِ المريبة منذُ ساعات
نهض من مكانه واقترب منه
سأله
: يا الشيخ تبي شي ؟ شايفك من اوّل هنا
ابتسم
: لا ما ابي شي
رفعَ أحد حاجبيه
ثم قال
: طيب الله يطولّي عمرك ادخل للقاعة , أأمن لك
سأله فجأة
: انت ما لك شغلة غير الأمن ؟
أجابه باختصار
: لا
: انزين ما تفكّر تدخل في التجارة والأعمال الحرّة ؟
قال بانزعاج
: لا
: ولا تفكّر تسافر تشوف مستقبلك ؟ انا حقيقةً اعجبت بشخصيتك وحضورك , اشوفك تظلم نفسك بوظيفتك هذه
قال بفضاضة
: قلت لك لا , ماني محتاج اغيّر في حياتي شي , انا متزوّج ومستقر , واحب شغلي , وتفضّل لو سمحت خلني اشوف شغلي
قال ابي عقاب بوضوح
: خذها من قاصرها , انا رجل أعمال ولي سلسلة شركات بزنس عائلي , وانشدّيت لشخصيتك وايد واعرض عليك تشتغل معاي
اشار صقر الى الداخل
: تفضّل الله يجزاك خير , خلنا نشوف اكل عيشنا
اولاه ظهره وهو يميل شفتيه بانزعاج
,
اقترب راشد من عمّه
: وينك عمّي ؟
نظرَ باتجاه صقر وقال بأمل
: هذا اللي قلت لك عنّه
نظرَ اليه راشد بتقييم
ثم قال
: شنو زوده ؟!
: له حضور يا راشد , نادرًا اشوف ريّال نفسه , حضور وكلمة صارمة , واشوف فيه ذكاء وحكمة
: انزين ؟
قال باحباط
: عرضت عليه يشتغل معاي , ما رد علي كلّش
: تبيه ؟
: اتمنى
: خلاص ما لك الّا طيبة الخاطر
: شبتسوي ؟
: خلها علي , دش داخل بس نكمل شغلنا اللي يايين عشانه , وخلّه علي
قال عمّه بتهديد
: رويشد !
ضحكَ وقال
: ما عليك
التفت اليهما وهو يتحدّث بهاتفه , ليعقد حاجبيه ويتمتم , ويصدّ عنهما
,
ابتعد عن ابي عقاب وهو يحمدُ الله على العقل !
بعد ثوانٍ هزّ هاتفه في جيبه
ابتسم وهو يجيب , دون ان يتحدّث
جاءه صوتها , بكسلٍ وملل
: خايفة انام بروحي
قال ساخرًا
: ايه صدّقت , انتي لو تنامين مع عفريت بيقرأ الأذكار ويتحصّن ويقفّي وينام
قال باعتراض
: صــقــر
ضحك وقال بنعومة
: يا عيونه
قالت بشك
: من معي ؟
: شايفة انّك مو كفو
تأففت , ثم قالت
: طيب اشتقت لك
زفر بحدّة
لتضحك دون رد
التفت ليجد شابًّا بجانب ابي عقاب , ادرك فيما بعد انّه ادنأُ خلقِ الله !
عقد حاجبيه وتمتم
: استغفر الله بس
قالت مستغربة
: وش فيك ؟!
: ابد بس واحد غثني هنا
: وش حادّك , اسحب على امّهم وارجع
قال بمجاراة
: طيّب , بس تكفين ابي منصب عالي في شركتك اللي تنتظرني
قالت بغيضٍ تكتمه
: هاهاها مررا تضححك دمّك خفيييف
انفجر ضاحكًا , ثم قال
: يلا ضفّي وجهك عندي شغل
ازدردت ريقها
ثم قالت
: صقر
استحوذت على قلبه نبرتها المريبة
قال بحنو
: وش فيك يا ابوي ؟
دمعت عينيها , لتقول بخفوت
: لا تبطي علي , الله لا يفجعني فيك
صمتَ لثوانٍ
ثم ناداها بنبرةٍ تخصّها
: رتيلي
همهمت , ليعلم انّها تبكي
قال بضيق
: ضيقتي خلقي والله , وش فيك يا اهلي كلهم انتي , ليش متكدّرة ؟
حمحمت وتظاهرت بالمرح , حتّى لا تضايقه !
: دلع بنات ما عليك منّي , يلا انا بنام عشان اصحى بدري واقضي آخر يوم اجازة كلّه معاك , ولا بتقول لي نعسان ومواصل بنستانس ترا
صمتَ طويلًا , ثم قال بهدوء
: طيّب , يلا بابا قولي الاذكار ونامي
قالت بخفوت
: ان شالله , الله يحفظك
ودّعها وأعاد الهاتف الى جيبه
ما زال يتساءل , كيف شعرت به !
كيف تنبأت بالسوء قبل ان يحدث !
لو كانت الأماني والحسرات تغيّر القدر
لكان اوّل من تغيّر قدره !
لعاد الى ذلك اليوم , ولم يذهب الى الشرقية..."
,
,
المملكة العربة السعودية – الرياض
حين كان يتذكّر
كانت تتذكّر ايضًا
لكنّ ذكراها كانت بعيدةً عن ذكراه
تذكّرت يوم أخبرت امّها بخوفٍ انّها كبرت
كانت تعلم معنى ان تكبر , لكنّها خافت
خافت كأيّ فتاةٍ في عمرها
عدّةُ مخاوفَ جالت في نفسها
جلّها , انّهم سيبعدونها عن صقر !
طمأنتها امّها وهدّأت روعها
ولم تسمح لها بالذهابِ الى المدرسة
بعد الظهيرة جاء صقر وطرق الباب مرارًا
ليفتحه علي ويرحب به
قال بعد التحيّة
: وين رتيل اجل ؟
كانَ علي مُحرجًا
قال بهدوء
: ما تقدر تشوفها معليش
صمت لثوانٍ ليستوعب
ثمّ قال ببلاهة
: ايش ؟!
كرّر علي ذات الجملة
ليغضب صقر
: ليش ان شالله !
احمّر وجه علي
: ما ينفع يا صقر البنت كبرت خلاص
: كبرت على اللي في الشارع واقطع رقبتها ان شافها احد , بس ما تكبر علي !
ضاع الكلام من علي , صمتَ لثوانٍ , ثم قالَ بغباء
: يعني هي اوّل متوسط و...
دفعه صقر وقال
: ولد وش شارب انت ؟! وش رايك تقول لي سيرتها الذاتية بعد ! اقول طلّع البنت بس
غضب علي من شدّة الاحراج
: انقلع من وجهي , رح اسأل امّك
وأغلق الباب دونه
ليظلّ محملقًا فيه ببلاهة
ركب سيّارته وعاد الى المنزل
كان غاضبًا جدًّا
دخل الى المنزل واتّجه الى غرفة الجلوس وهو ينادي
: يممممااااا
جاءت مسرعةً بخوف
: بسم الله وش صاير
كان يتحدّث بانفعالٍ وهو يشيرُ الى جميع النواحي
: هالكلب علي عيّا يطلع لي رتيل ويقول لي كبرت وما يصير تشوفها ويقول اسأل امّك
صدّا والده وعبد الله وهما يكتمان ضحكهما
شهقت والدته وسحبته معها
اجلسته على مقعدٍ في المطبخ وهي توبّخه
: فضيحة انت !
قضم التفاحة مغتاضًا
: فهميني وش السالفة
قالت بغيض
: يا ربي يا صقر ما أغباك , كل ذا وما فهمت !
صرخ وهو يرمي العلبة المعدنية بغضب
: وش افهم !
جاء صوتُ والده موبخًا
: صوتك يا الثور
تأفف وقال
: عجبك الحين ؟ ما بقى احد ما اهانّي اليوم
ضحكت رغمًا عنها وجلست أمامه , لتشرح له
بعد دقائق قال ببلاهة
: اهههاااا
نهضت وهي تقول بسخرية
: الحمد لله على السلامة
صمتَ لدقائقَ طوية , وهو يفكّر
حتّى قال أخيرًا
: يمه
همهمت وهي منشغلة
: يلا نروح نخطبها
ضحكت رغمًا عنها
: صقر قوم عنّي خلني اشتغل
: والله جد
رفعت رأسها اليه
: واعي وش تقول انت ؟ البنت توها ما كملت ثلثطعش سنة
: طيّب انا ما قلت ادخل عليها الحين , اخطبها واملك عليها ثم اذا كبرت نسوّي العرس
: قوم قوم رح عند ابوك , الظاهر انّك جايع ولا نعسان
: يمه صدق والله , انا ما اقدر اعيش يوم بدون لا اشوفها ! تبوني انحرم منها كم سنة بعد ؟ مير ينتهي حبها من قلبي واعرس على غيرها
قالت ساخرة
: فندق ما شالله
نهض وقال بتأكيد
: خلّك جاهزة اليوم بنروح
هزّت رأسها بدهشة
: مانت صاحي والله
تركها وذهب الى والده
بشتّى الطرق حاول اقناعه
وغلبه أخيرًا !
عقِبَ صلاةِ العصر ذهب ابي صقر وزوجته , وعبد الله وداليا الى منزلِ امِّ علي
قالت ام صقر محرجة
: مدري وش اقول لك والله
ضحك ابو صقر وقال ببساطة
: ما بيننا كلافة انا اللي بعلمها , الولد يقول ما يصبر عنها ويبي يملك عليها , واذا كبرت ان شالله سوّى لها العرس
فوجئت امّ علي , تلعثمت ثم قالت
: والله فاجأتوني !
قال ابو صقر
: لا مفاجأة ولا شي , هي من انولدت الله يحفظها خطبها
قال علي
: وينه هو ؟
قال عبد الله ضاحكًا
: راح يجيب مملك !
قال تركي وقد اخذته الحميّة
: ما شالله ضامن بنعطيه ؟ حركة ما لها داعي
قالت والدته بهدوء
: احنا اخبر الناس في ولد عمّك يا تركي , واكيد يضمن اننا ما نردّه , بس في الوقت الحالي رتيل صغيرة حيل !
حينها طُرِق الباب
فتحه علي , نظرَ الى صقر بصمت , ثم ضحك رغمًا عنه
هزّ رأسه وهو لا يعلم ما يقول
قال صقر بترقب
: المملك وذياب بالسيّارة
ضحك علي اكثر
: ذياب وش له جاي بعد ؟
: شاهد
: ومن شاهدك الثاني ؟!
: عبد الله اخوي
: وما شالله ضامن اننا موافقين ؟
: علي الموافقة في جيبي من ثلثطعش سنة , وهذاني اليوم ماني على بعضي لأنّي ما شفتها
قال علي بتفهّم
: يا صقر فاهمك بس...
قاطعه صقر وهو يمسك بلحية علي الصغيرة جدًّا
: عشان خاطر هالشعيرات اللي توهن طلعن
انفجر علي ضاحكًا , ثم قال باستسلام
: طيّب , بس امّي...
قاطعه صقر وهو يدخل رأسه الى البيت ويهتف
: يا حريم اطلعن من مجلس الرجال المملك بيدخل
نهضت ام علي واطلّت على صقر
قالت بتأنيب
: استعجلت الله يهديك
ضحك وقال
: متشوّق تصيرين عمّتي
هزّت رأسها مبتسمة
: الله يصلحك
وفي وقتٍ سريع
أصبحت زوجته !
ظلّ ينظرُ في ورقةِ العقد , ثم قال لوالده
: يبه , وش مكتوب فيها ؟
قال والده باستخفاف
: الحمد لله والشكر
التفت الى ذياب وقال
: بالله ذياب اقرأ
أخذها ذياب وابتسم بخبث
قرأ مقدّمتها
حتّى وصل الى
: اسم الزوجة – ضغط على الأحرفِ باستفزاز – رتتيييل
انتبه صقر ونهض بسرعة ليأخذها منه
تراجع ذياب الى الخلف وهو ينطق بسرعة
: اسم الزوج ذياب...
قاطعته وسادةٌ ثقيلة أصابت وجهه
التفتت الى عبد الله بصدمة
: ليه يا كلب
قال عبد الله وقد رفع احد حاجبيه
: الّا زوجة اخوي يا ورع
باغته صقر بلكمة على جانبِ فمه
نظرَ اليه بصدمة
لينفجروا ضحكًا
جلس ذياب بجانبِ ابي صقر
قال بغبن
: يرضيك يا عمّي !
ابتسم ابو صقر
: تعال اراضيك
اقترب ببلاهة
ليصفع رأسه ويقول
: لا عاد تمزح ذا المزح
سقط عبد الله وعلي وتركي ارضًا من شدّة الضحك
وقال صقر بتشفٍّ
: احسسسن
نهض ذياب وهو يهزّ رأسه استياءً
: ما هقيت علاقتي فيكم بتنتهي كذا
تمسّك به تركي وهو لم يتوقّف عن الضحك
: تعال
ابعده وهو يقول
: كلّكم كلاب...
قاطعه ابو صقر بضحكة
: الله يكرم اصلك
: لا تسوي قافطني , توّني بقول حشا عمّي سالم
اقترب صقر منه وقبّل انفه
ثم قال
: لا تعودها
,
لم يمضِ اسبوعان
حتّى اختفت ذاتَ نهار
أخفوا عنه الخبر
ليفاجأه اتّصالٌ في ذلك المساء
: رتيل عادل اصيبت بحادث وهي طالعة من المدرسة ونقلها مجهول الى المستشفى
جُنّ جنونه
تركَ عمله واتّجه الى المشفى
دخل الى الغرفة وهتف
: رتيل !
رفعت رأسها اليها
وبكت حين رأته
شدّ على قبضته بغضب
يكادُ يقسمُ انّها لم تبكِ مذ اصيبت
انتظرته لتبكي !
لديها مشكلةٌ في اظهارِ مشاعرها , الّا أمامه !
عانقها وطمأنها
سألها عن التفاصيل
رفعت كتفيها
: تأخّرتوا علي , طلعت بشوف , وشفت نفس سيّارة علي بالجهة الثانية وعبرت وما انتبهت للسيّارة اللي جايّتني
قبّل جبينها
: الدكتور يقول رضّة خفيفة بس من الخوف غميتي
قالت بألم
: ابي ماما
قال بوعيد
: أي هين
رفعت رأسها اليه وصمتت
أخذها الى منزله , واتّصل بعلي
قال وهو يكظمُ غيظه
: وين رتيل ؟
قال علي بهدوءٍ كاذب
: موجودة
: انا عند الباب خل تطلع لي
: نايمة
صرخ به
: اختك ما تدري عنها ؟
قال علي بضيق
: ماني رايق لك صقر
: اكيد منت رايق لي , لا تتعب نفسك رتيل عندي
صمت لثوانٍ , ثم قال ببطئ
: من متى ؟
: من شوي كلموني المستشفى , البنت من الظهر عندهم صار عليها حادث
قال علي بخوف
: فيها شي ؟
: ما فيها شي , بس خذ العلم يا علي , رتيل عندي وماهي طالعة من بيتي
صرخ به علي
: على كيف اهلك انت ؟!
صرخ صقر بحدّة
: جاك العلم
أغلق الهاتف ورماه جانبًا
خلال نصف ساعة حضَرَ علي ووالدته
نهض صقر ليخرج من الغرفة
تمسكت به رتيل وهي توشكُ على البكاء
: صقر تكفى بروح
أبعدها برفق
: ماني مطوّل عليك
قالت باعتراض وقد بكت
: صقققر !
تجاهلها وأقفل الباب من الخارج
ونزل ليلاقيه علي في نهاية الدرج
قالت ام علي بحدّة
: جيب البنت يا صقر
قال بحزم
: على عيني وراسي يا عمّة , بس زوجتي ما لها طلعة من بيتي
قال علي بانفعال
: ماهو اتّفاقنا
قال بحدّة
: اتّفاقنا على ماهو عليه , ماني داخل على طفلة , ان صارت في عمر مناسب بسوي لها اكبر عرس في الرياض , بس ما لها طلعة من بيتي
قالت ام علي
: تبي الناس تاكل وجيهنا !
قال وهو يكادُ يقتل علي
: والناس ما بتاكل وجيهكم وانتوا مضيعينها من الظهر ؟! ما صارت انشغلت يوم ووصيت علي الف مرّة يرجعها , تركها وجاها حادث , لو صار فيها شي ! انا وين اروح ؟ وش اسوي في نفسي ! وتطمّني محد بياكل وجيهكم بنت يتيمة وعايشة في بيت عمها , حتى ملكتي عليها ما اشهرناها
قال ابو صقر
: حيّاك يا ام علي ما ينفع الكلام على الابواب
قالت وهي تكتم غضبها
: لم ولدك يا ابو صقر , اعطوني بنتي بمشي
قال صقر وهو يتكئ الى حافةِ الدرج
: بنت ايمان قصدك
ردعه والده بغضب
: ولـد
قالت بجمود
: كثر خيركم , يلا علي
تمسكت بها ام صقر
: افا عليك بس , تسمعين من صقر ! خبل ذا ما يثمّن كلامه يهاوش نفسه في المرايا
اقترب وقبّل رأسها
: حقّك علي يا عمّة , لكن رتيل هذا مكانها ولا لها طلعة منّه
طالَ الحديث , وكثُرَ الجدال
ولم يغيّر صقر رأيه ابدًا
لتخرج ام علي أخيرًا دون ابنتها
ومن شدّة ضيقها لم تطلب رؤيتها حتّى !
,
عاد الى الغرفة وفتح الباب
كانت تنظر الى أخيها وامّها من الشبّاك
التفتت اليه وقالت بحزن
: ماما طلعت زعلانة ؟
ابتسم يطمئنها
: لا اتّفقنا خلاص
ازدردت ريقها وهي تحبس عبرتها
قالت بحشرجة
: ما بتخليني اشوفهم مرّة ثانية ؟
اقترب منها لتتراجع
قال بنبرةٍ غريبة
: تتخيلين انّي احرمك من اهلك ؟!
صمتت
غضب لكنّه ابتعد حتّى لا يُخيفها
جلس على الأريكةِ وقال
: مستحيل امنعك عن اهلك يا رتيل , لو انهم مو اهلي ولو انهم اعدائي ولو اني ما احبك , مستحيل احرم زوجتي من اهلها , او حتّى أعاديهم , اكرام لها , وان حصل بيني وبينهم الشديد القوي واضطريت , بعوضها بكل خير , عشان لا تنتقص نفسها , وهذا الشي مستحيل لأن اخوانك اخواني وامّك عمتي وعلى عيني وراسي , وعمّك ابوي وولد عمّك شقيقي , فهمتي !
: ليش ما خلّيتني انزل طيّب ؟
: امّك زعلانة شوي , بس لا تخافين بكرة ان شالله تجيك او تروحين لها وتراضينها , وهي تدري ماهو بكيفك , الحين يلا نامي انتي تعبتي اليوم
قالت بخوف
: بنام عند داليا
رفعَ حاجببه مغتاضًا
: ليش ان شالله ؟ طول عمرك تنامين عندي وش تغيّر
قالت بحدّة
: يا انا يا انت في الغرفة
قال بعناد
: احنا الاثنين بنّام في الغرفة
نهض وسحب الأريكة من الأسفل لتصبحَ سريرًا واستلقى عليها
: طلعي لي لحاف من الدولاب , ونامي على السرير
قالت باعتراض
: صقر !
تأفف وأولاها ظهره
لترضخَ رُغمًا عنها !.."
,
,
*مقتطف
" اهتّزت الأرض من تحته حينَ رأى زوج الأعين اللامع من خلف غطاء الوجه
التفت بتكذيبٍ لاذنيه
حينَ سمع تلك النبرة
حين تناغم سمعه للراء المدللة
للدال ذاتِ الرنّة التي تخُصّها !.."
,
الى الملتقى :)

 
 

 

عرض البوم صور جود بدر   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلامي, مقلتيك, قلمي
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t190844.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 19-08-17 07:18 AM
ظ‚طµط© ظ‚طµظٹط±ط© ، ط§ظ„ظ„ط؛ط© ط§ظ„ط¹ط±ط¨ظٹط©: طھظ†ط¨ظٹظ‡ Google - ظ‚طµطµ This thread Refback 09-10-14 02:40 AM
ط±ظˆط§ظٹظ‡ ظپظگظ€ظٹ ظ…ظ‚ظ„طھظٹظ‡ظ€ظ€ظ€ظ€ط§ This thread Refback 01-09-14 06:07 PM
ط®ظ„طھ ظپظٹ ظ…ظ‚ظ„طھظٹظƒ ط·ظٹظپ ط£ط­ظ„ط§ظ…ظٹ ط¨ ظ‚ظ„ظ…ظٹ This thread Refback 15-08-14 05:24 AM
Untitled document This thread Refback 08-08-14 08:08 PM


الساعة الآن 10:11 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية