لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (5) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-01-15, 08:13 AM   المشاركة رقم: 291
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 260568
المشاركات: 229
الجنس أنثى
معدل التقييم: جود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 411

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جود بدر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

صباح الخير

يا رب كلّكم بخير
وان شالله تكونوا خلصتوا اختباراتكم بسهل ويسر
وتفرحوني عاد بنتايجكم الجميلة

دقايق وينزل لكم البارت ( )*
بانتظار تواجدكم , وقراءة ممتعة للجميع <3

 
 

 

عرض البوم صور جود بدر   رد مع اقتباس
قديم 19-01-15, 08:55 AM   المشاركة رقم: 292
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 260568
المشاركات: 229
الجنس أنثى
معدل التقييم: جود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 411

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جود بدر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الأربعون
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
مدّت له بزجاجة العودِ المعتق وهي تبتسم وتقول بصدق
: الله يبلغني فيك معرس وأجهزك واعطرك بنفسي
ابتسم وهو يمرر عصا الزجاجة الصغيرة على اماكن النبض
لكزته مؤنبة
: قل آمين
ضحك رغمًا عنه
: آمين يا يمه آمين
دخلت تهاني لتستعجله
: عزوزي البابا يقول انزل بسرعة
خرج من الغرفة ليجد غالية أمامه
ابتسمت وهي تبخره وتتمتم
: قل اعوذ برب الفلق , بدر ليلة تمامه الله يحفظك , الله يبلغنا ونشوفك معرس
قال ساخرًا
: تلاحظين انّ كلامك كبير عليك , ما تحسّين انّك عجوز !
ضحكت لتقول
: ام زوجي مأثرة علي حيل
ابتسم وقبل ان يرد دخل بندر الصغير بثوبه
: خالو , جدّي يقول وينك يا اثول
انفجروا ضاحكين , لتؤنبه تهاني
: ولد عيب تقول لخالك كذا
رفع كتفيه
: جدّي يقوله
مدّ عبد العزيز بكفّه الى بندر الصغير
: يلا تعال ننزل
اختفى من امامهن , لتقول ام بندر بصدق
: يارب تحفظه وتتمم الأمور على خير
أمّنت غالية , وقالت تهاني بارتباك
: والله ان درى عن اللي في بالكم ان يقلب الدنيا عليكم , ويمكن يهج لبريطانيا , هذاني علمتكم
نهرتها والدتها
: الله يكفيني شرّ لسانك , انقلعي للمطبخ ولا يكثر
تأففت وهي تذهب الى المطبخ وتتمتم
: ما يعجبك اللي يقول كلمة الحق
مسحت غالية على كتفِ والدتها
: ما عليك منها بزر , انتي توكّلي على الله بس والله يكتب اللي فيه خير
زفرت وهي تقول
: ونعم بالله
,
دخل الى المجلس ليسلّم على عمومته وأبنائهم
حتى وصل الى رجلٍ ابتسم بحنو
ازدرد ريقه ولمعت عيناه
قال بخفوت
: حيّاك الله
عانقه الرجل بمحبّة
: الحمد لله على السلامة ابوي
قال ببحة
: الله يسلمك عمّي , شلونك , عساكم بخير
قال ابو عمر بهدوء
: الحمد لله يا ابوي , انا بخير والكل بخير
ابتسم وهو يبتعد عنه , ليجلس بجانب والده
امسك والده بكفّه وقال بهدوء
: تغيّر كثير صح ؟
قال ببحةٍ عميقة
: ليش عزمته !
شدّ والده على كفّه
: ما راح تهرب منّه طول عمرك , انت بديت حياة جديدة من يوم اللي سافرت تدرس برّى , كمّل اللي بديته , هروبك منّه ما له مبرر اساسًا !
أغمض عينيه ليجمع شتاته التي بعثرتها رؤية أبي عمر
الرجل الطيّب
ذو الابتسامةِ الرقيقة
هتف قلبه
" الصبر يارب , الصبر ! "
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحادية عشرة صباحًا
ارتشف من قهوته وأنزل الفنجان بملل
: والله انت نفسية , جمعة شباب والرجال استسمح منّك , بس قلبك اسود
تجاهله وهو يعبث بهاتفه
رماه بالوسادةِ الثقيلة
: من اكلم انا ؟
رفع رأسه وعقد حاجبيه
: تراني بقوم ادفنك
تجاهله وهو يلتفت الى جدته
: يمّه عقلي ولدك , فشلنا مع الناس امس , لين رجعنا البيت وهو ما ضحك ولا ابتسم حتّى
قالت غير مبالية
: وش الجديد , من يومه مفشلنا
انفجر مالك ضاحكًا
قال سلطان وقد اعتدل في جلسته
: افا بس , ليه يمه !
قال مالك
: وش مسوي لها ومزعلها
قالت بتصريح لا جدال ولا نقاش بعده
: وبضل زعلانة طول ماهو معاندني ولا هو راضي يتعوّذ من ابليس
قال سلطان بجديّة
: وش عاندتك فيه ؟ انتي لو تطلبين روحي ترخص لك
قالت بحدّة
: تتزوج
تغيّرت ملامحه , وبدأ يغضب
شدّ مالك على كتفه , وقال بهدوء
: يمه وش لك بذي السالفة ! الزواج ماهو غصب , تبين تفرحين هذا حنّا وش كثرنا ما شالله , سالم خاطب وعرسه قريب وحسن بيخلص امور وظيفته ويتزوج وسعود مملك وبيتزوج , وانا ان شالله اضبط وضعي وبجيك واقول لك اخطبي لي , هو حر متى ما بغى بيجيك
قالت بحدّة
: لا تتدخل انت , هذاني اقول لك يا سلطان , انا بمهلك فترة ان ما طاح اللي براسك والله بتشوف منّي شيٍّ ما يسرك , جاك العلم يا ولد مساعد
لم يسيطر على نفسه ليرمي هاتفه على الحائط بقوّة
واتبعه بفنجان القهوة
جفلت جدّته بصدمة
صرخ بغضب
: وش تبون منّي ! ماني متزوّج لو تجيبين لي حورية
نهض من مكانه ورفس آنية الماء الزجاجية
صرخ به مالك
: وش جاك تعوّذ من ابليس
قال وقد بُحّ صوته
: تبين تجيبين لي بنت شوارع ما ادري وش تسوي من ورى ظهري اضفها في بيتي ؟؟ تبين تكسرين ظهري
بكت الجدّة ليدفعه مالك بقوّة , ويهتف بغضب
: بس يا تبن , انقلع برّى نعنبو هالوجه
خرج وهو غاضبٌ حانق يكادُ ينسف المنزل بمن فيه
تحرق قلبه في كلّ مرّة تذكر له الزواج
تعيده الى فترةٍ يودّ لو ينفيها من ذاكرته
تصرّ على ايلامه
شعر بيدينِ من حديد تحيطان بقلبه الهزِل
كفاكِ يا جدّتي ارجوكِ
ألن تكفّي حتى تري قلبي جثّة امامك !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة والنصف صباحًا
غيّرت ثوبها ولبست غطاء شعرها العريض
تعطرت برائحةِ العود العبقة
القت نظرةً أخيرة على المتكومةِ في طرف الغرفة
بعباءتها وحجابها , وتعانق حقيبتها الصغيرة
زفرت بهمٍّ وخرجت من الغرفة
مرّت بغرفةِ شقيقتها وطرقت الباب بخفّة
جاء صوتها
: تفضل
فتحت الباب بهدوء واطلّت برأسها مبتسمة
: صبحك الله بالخير
ابتسمت
: الله يصبحك بالرضى , حيّاك
: تعالي ننزل , البنات والشباب ما قاموا ؟
: رتيل راحت للمستشفى ودّاها علي وراح لدوامه , وتركي نايم ما داوم اليوم , ووليد وهديل تحت , ملاك وين ؟
قالت بهدوء
: نايمة , انا بنزل وانتي الحقينا
هزّت رأسها بصمت , لتخرج ام وليد وتنزل الى الأسفل
ابتسمت وهي تراهما مستلقيان امام التلفاز
: صباح الخير
نهض وليد ليقبّل رأسها
: صباح النور يا عمري , رجعت متأخر امس ولا لقيتك
: ايه طلعت نمت
هزّ رأسه بصمتٍ وبلع سؤاله عنها
قالت هديل بسخرية
: عادي اسأل السؤال اللي من الصبح يقرقع بقلبك , ما هنا غريب
قال ببرود
: أي سؤال
قالت ببرودٍ مماثل
: امس سألت امّي عن خالتي ولا قدرت تسأله , ومن شوي سألتني عن خالتي ولا قدرت تسأله , والحين صبّحت على خالتي ولا قدرت تسأله
تجاهلها وهو ينظر الى التلفاز
قالت ضاحكة
: خلّك محد بيقول لك شي لين تسأل
,
خرجت من غرفتها الى غرفةِ هديل
شعرت بنغزةٍ في قلبها من منظرِ ملاك
اقتربت لتهزها برفق
: يمّه ملاك
فزّت بشهقة
لتربت عليها بعطف
: بسم الله عليك يا امّي , قومي حبيبتي قومي نامي على السرير اريح لك
قالت بوجوم
: ماني نعسانة
: طيب يمه انزلي معي نفطر وتشربين شي يرد عافيتك , وجهك تعبان
نفضت نفسها من خالتها
: ما ابي شي
قالت ام علي باختناق
: ليش تسوين في نفسك كذا ؟ لا توجعيني فيك يا امّي , كافيني هم رتيل
قالت بجمود
: محد طلب منّك تشيلين همّي
: الأم يا يمّه ما تشيل هم عيالها باختيارها
قالت بهدوء
: لا انا ولا رتيل من عيالك
: انتي بنت اختي والخالة ام , ربّيتك وعشت عمري كلّه حسبة امّك , ورتيل بنتي , انا مرضعتها ومربيتها
قالت متضايقة
: اتركيني لحالي خالتي
: تكفين يا ملاك لا تعورين قلبي , قومي معي ماما , قومي حبيبتي
أجبرتها لتنهض
سحبت عنها عباءتها ومدّت لها لبسها البيتي
قالت بتعب
: وعلي وتركي
: ماهم فيه حبيبتي , البسي يلا بنتظرك عند الباب
خرجت لتنتظرها دقيقتان , حتى خرجت تجرّ جسدها عنوَة
مجبرةٌ على ان تساير خالتها
والّا ماتت همًّا !
نزلتا ودخلتا الى غرفة الجلوس
ارتاحت ام وليد لرؤية ملاك
قالت هديل بابتسامةٍ لطيفة
: صبّحهم بالخير
أشاحت ملاك ببصرها عن وليد بخوف
نظرَ اليها مطوّلًا
حتى نهض من مكانه وهو يقول باشمئزاز
: انا بفطر بأي زفت
قالت والدته
: ليش يمّه ! الحين نحط الفطور ونفطر سوى
قال بهدوء
: عليكم بالعافية
قالت هديل
: خذنا معك انا وملاك
ضحك بسخرية , وخرج
قالت هديل بعصبيّة
: وش قصده ذا ؟ وش حركات المراهقين هذه
قالت خالتها
: اتركيه
التفتت اليها وهي تتمالك أعصابها
: يعني جد هذه قلّة احترام لك ولأمي ولملاك , وش سوّت له ملاك عشان يسوي فيها كذا ؟ كان مسوي حنين وطيّب ويحبها ويداريها , في الأخير على اوّل غلطة تغلطها معه بحياتها يضربها ويقاطعها ويحتقرها ويهينها قدامنا كلنا ! ليش ان شالله ! يعني جد حسيت انّه منافق كان يهتم فيها ويوم رجعتي انتي خلاص ما عاد له شغل فيها
بكت ملاك مقهورة
ووجعٌ يدكّ قلبها بعنفٍ أكبر مع كلماتِ ابنةِ خالتها
ظننتني أعرفك تمامًا يا أخي , لم اعلم انّي اجهلك تمامًا
كان يجب ان اتوقع قسوةً منك
عقِب جنونك ضدّ والدك واقربائك
لم اضع نفسي يومًا في دائرةِ حقدك
لم اتصوّر ان يطولني يومًا !
اقتربت خالتها لتعانقها لكنّ هديل منعتها لتعانقها هي , وهي تقول بقوّة
: بس لا تبكين , لا يأثر فيك الحقير ذا , الله لا يحوجك له ولا يجعل حاجتك عنده
نهرتها والدتها
: لا تقوّين باسها على اخوها
التفتت الى والدتها وهي تقول بتهديد
: انا بكلم فهد يجبر عمّي ياخذ وصايتها...
قاطعها وليد بغضبٍ جم
: اقسم بالله يا هديل لو ما سكتّي ان لسانك اقطعه
سخرت منه
: بتتفرعن علي يعني ؟ نسيت نفسك انت ! ناسي عمّي واخواني وامّي ؟! يا حبيبي جنونك اللي تطلعه على ملاك ماهو علي
اقترب منها بغضب لتقفَ خالته في وجهه بحزم
: لا تنسى نفسك , ما اسمح لك ابدًا تمد ايدك على بنتي
قال بغضب
: خل تقوم معي بنت اختك
: ليش ان شالله !
: انا حر , وصايتها في ايدي لو بذبحها محد له عندي شي
بكت ام وليد رغمًا عنها
: بس يا وليد , كافي يا امّي , مو كنت بتطلع وش رجّعك ! اترك لي بنتي يا وليد لا توجعني فيها , اطلع يا يمّه اطلع واصرف عنّي شرّك
زفر نارًا تتأجج فيه
وخرج دون ان ينطق حرفًا
ركب السيّارة وظل يضرب كل ما تقع يده عليه
يفرغ الغضب الذي يحرق اوردته
الوضع يتأزم !
حتى هديل التي لم تكن لتجرح حبّها له يومًا في ان تجادله او ترفع صوتها فوق صوته
تقف ضدّه وبشراسةٍ اليوم
خالته غاضبة
ووالدته حزينة
وابنته !
فتاته الصغيرة
التي رعاها وربّتها عيناه المحبّتان
ارشديني يا ملاك
هل أخطئ في حقّك ام انّي على حق !
احتاج مشورتكِ فيكِ
حلّي معضلتي يا اختي !
زفر بقوّة وهو يلعن هاتفه الذي أعاده ليسمع كلماتِ هديل !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة والنصف صباحًا
صرخَ به
: ما لك حق تقول لها شي
تأفف وقال
: وش تبيني اسوي طيب ؟ والله لو قعدنا كذا ولا في عمره بيتكلم , والبنت راسها يابس قالت خلّه بالسجن دامك ما تبي تعلمني
قال صقر بغضب
: والله يا ذياب احسّك بزر ما تتأمّن على شي
غضب ذياب
: البزر انت يا حيوان , الحين انا بزر يومْ تركت حياتي وامّي ولاحقك مثل الحمار عشان احمي حضرة جنابك الكسيف ؟ انت تنطم ولا تتكلم ولا كلمة , انا قلت لها عشاني مو عشانك عشان سعد مو عشانك , حقّك ما تبيه طز فيك , احنا نبي حقنا
رمقه بطرف عينه , ثم انفجر ضاحكًا
قال باستخفاف
: قايلها انا بزر
رفع ذياب حاجبه مغتاضًا
: ما في كرامة ابد !
ضحك صقر وهو يرفع حاجبيه ويرد بصوت من بين اسنانه يفيد النفي
شربا قهوتهما بصمت
ثم نهض صقر
قال ذياب بجمود
: على وين ؟
: شعنده المدام ! رايح لبيت اهلي ليش تبي شي ؟
قال ببرود
: انقلع
سار من جانبه , ليقول ذياب بهدوء
: صقر
التفت اليه وهمهم
لم ينظر اليه ذياب , وقال بهدوء
: تعرفني اذا عصبت...
قاطعه صقر بضحكةٍ عميقة
ثم ربتَ على كتفه وخرج
دخل الى المنزل , بحث في الطابقِ الأوّل ولم يجد أحدًا
صعدَ الدرج ببطئ
اقترب من غرفةِ شقيقته
لكنّه توقّف قبل ان يطرق الباب
وقع بصره على الباب الذي بجوارها
ازدرد ريقه
واقترب من الباب الآخر متجاهلًا غرفة شقيقته
فتح الغرفة بهدوءٍ شديد
اكتسحته رجفةٌ عميقة
شعر انّ الأرض تدور من تحته , وتعيده تسعةَ أعوامٍ الى الوراء
الأثاث ذاته
صورةُ الصحراءِ القاحلة أعلى السرير في مكانها
ثوبه الذي خلعه ذلك الصباح وعلقه خلف الباب
لا يزال في مكانه ! وبجواره ثوبٌ لها
اقترب من خزانة الملابس بارتجافٍ ليفتحها
أغمض عينيه بقوّة , وقلبه يعنف قفصه الصدري من شدّة نبضاته
قفزت دمعتا ضعفٍ الى مقلتيه
احمّرت منهما عينيه
احتبستا ولم تنزلان , عاندتاه , وتكبّرتا على انهزامه
يا الله !
تسعةُ أعوامٍ والثياب مطبقةٌ ومعطرةٌ ومرتبة , بجانبِ ثيابها !
تراجع ليجلس على السرير بانهزام
حاوط رأسه بكفّيه
والتنفس يستعصي عليه
ياهٍ يا فتاتي !
في كلّ يومٍ يمر , تتجلى بشاعتي لي أكثر
ويتضح لي قبحي بدقة أكبر !
استطيع رؤية وجعكِ وخذلانك في كلّ شيءٍ حولي
في نظرة والدَيّ
وحقد عبد الله
وانكسار داليا
في ترتيب أواني المطبخ
ورائحة دهن العود الذي يُعَطّر به مجلس الضيوف
في غرفتي هذه !
وفي عينيّ اذا ابصرتهما في المرآة !
شعر بحركةٍ خارج الغرفة
نهض بتثاقلٍ , وهمّ بالخروج
لتباغته داليا بدخولها , وفي عينيها صدمة
حين رأته تراخى كتفيها
رفعت حاجبها الأيمن بحدّة
: وش تسوي بغرفة رتيل ؟
ابتسم بحزن , وقال بخفوت
: غرفتي اذا ناسية !
قالت بقوّة
: غرفة رتيل يا استاذ , انت من رجعت ونومتك في الصالة , الغرفة لرتيل واغراض رتيل فيها , واكيد بيجي يوم ترجع لها
خرج من الغرفةِ بصمت
لتتبعه داليا
التفت اليها ليقول بهدوء
: وش مصحيك ؟
قالت بعصبيّةٍ وكأنّها تذكرت امرًا
: اخوك النذل ما ادري وينه فيه , محرصة عليه ما يتأخّر علي
: وش عندك ؟
قالت متأففة
: ميداني , لازم اداوم في المستشفى
: طيب تعالي اوصلك انا
رفعت رأسها بسرعة
: تقدر ؟
ضحك بخفوت
: ليش ما اقدر ! يلا تعالي
رفعت الهاتف الى اذنها
: بقول لعبد الله
اتكئ صقر بكتفه الى الحائط
ردّ عبد الله باستعجال
: والله ماسكتني زحمة , بس افك منها اوصل اوراق للبريد واجيك
قالت ساخرة
: خذ راحتك حبيبي انا بروح مع صقر
قال بغضب
: اذبحك ان رحتي معه
قالت بصدمة
: ليه !
صرخ بها
: رتيل معك في المستشفى , لا يشوفها وتصير سالفة
صمتت لثوانٍ تفكّر , ثم قالت بهدوء
: ما عليك بحل زين , لازم اروح الحين
أغلقت الهاتف
رفعَ صقر حاجبه بسخرية
: ما يبيك تروحين معي ! وش الجنون اللي وصل له اخوك ؟
ضحكت وهي تتقدمه
: لا مو كذا , بس يقول طلعتيني من الدوام ومسكتني الزحمة وفي النهاية ما اجيك
همهم ببرود , ودّ صفعها على كذبها التافه
لكنّه تجاهلها
ركبت بجانبه , وظلّت تثرثر حتى وصلا
التفت اليها قبل ان تنزل
: اقول داليا
: هلا !
: رتيل اليوم تطبّق ؟
التفتت اليه بصدمة
قالت ببطئ
: وش تطبّق ؟
قال ببساطة
: تمريض
قالت بدهشة
: وش درّاك انها تمريض ؟
ابتسم بهدوء
: ما تلاحظين انّي جبتك بدون لا اسألك وش اسم المستشفى ؟
صمتت لثوانٍ طويلة لتستوعب
حتى اتسعت عيناها بصدمةٍ عنيفة
قالت بلا تصديق
: وش قصدك !
زفر وهو يشيح ببصره عنه
: انزلي داليا لا تتأخرين اكثر
امسكت بذراعه وهي تقول باختناق
: صقر وش قصدك
التفت اليها وفي عينيه حديثٌ عميق
حديثٌ لم تفهم منه حرفًا
حديثٌ موجوع , ثملٌ بالأسقام والخيبة
قال بنبرةٍ مهتزّة , لأوّل مرةٍ تسمعها منه
: انزلي داليا
نزلت دون ان تنبس ببنت شفة
أغلقت الباب وظلّت تنظرُ اليه
فتح نافذة السيارة
: بابا ادخلي داخل بمشي
هزّت رأسها بغير وعي , ودخلت الى المشفى
تسيرُ بغيرِ هدىً
اتصدقُ ظنوني يا صقر !
ايصدق ما فهمته من ايحاءاتك يا أخي !
,
,
المملكة المتحدة – تشيلسي
الواحدة مساءً
دخل الى غرفة الجلوس
زفر من مرأى والدته وجدّته
ألقى التحية بخفوت واستلقى بجانبِ والدته , ليريح رأسه في حجرها
قالت ببحّة
: تغديت ؟
: لا , وانتوا ؟
: منتظرينك
: ما اشتهي , تغدّوا عليكم بالعافية
داعبت شعره بحنان
: ليش حبيبي
قبّل كفّها وهو يغمض عينيه
: ما لي نفس والله , ابوي ما رجع ؟
: على وصول
فتح عينيه , لينادي بهدوء
: نانا
التفتت اليه , كانَ وجهها ذابلًا مرهقًا
قال بعطف
: الن يختفي هذا الحزن عن وجهك ؟
زفرت بتعبٍ لتقول
: لستُ حزينةً عزيزي , انا مرهقةٌ فقط
: متى ستحضرين الفتاة ؟
عقدت حاجبيها
: ايةُ فتاة !
قالت ام سعود بارتباك
: يعني خادمةً جديدة
رفع رأسه الى والدته ليقول بهمسٍ حاد
: لين متى ؟
همست برجاء
: تكفى يا سعود مو وقته
: والبنت وين ؟
: في الدار
نهض بانفعال
: حرام عليك تاركتها في الدار , بلاوي واشياء تخوّف تصير هناك , هذا بيت امها وبيت جدّتها , شلون نتركها هناك فهميني !
: سعود حبيبي للحين ما طرينا سيرة البنت لجدّتك , اصبر لين يخف حزنها على بنتها بعدين افتح لها الموضوع
نهض وهو ينهي النقاش
: جدّتي ماهي رافضتها عشان نناقشها في الموضوع , غضبها وطردها لخالتي كان عشان هالبنت اللي ما ادري ليش عندّت ولا رضت تعطيها اياها , الحين تقولين لي اسم الدار بجيب الطفلة
: سعود !
قبّل رأسها , ثم قال بحزم
: يمه الله يرضى عليك , الموضوع منتهي
صمتت لثوانٍ , ثم أخبرته باستسلام
همّ بمغادرةِ الغرفة لتقول جدّته بهدوء
: سآود مالذي يحصل ؟
ابتسم بمحبّة
: لا شيء حبيبتي , سأذهب الى مكانٍ قريب وأعود اليكِ بمفاجأةٍ ستحبّينها
ابتسم ابتسامةً صفراء وصمتت
وخرج هو من المنزل
احضار الطفلة ضروريٌّ الآن
سيغيّر جوّ الكآبةِ الذي يخنقهم
سيجلب شيئًا من المرح , ليلتهوا عن حُزنهم
لينشغلوا بها , حتى لا يتأثروا بسفره مجددًا !
,
,
الممكلة العربية السعودية – الرياض
الثانية مساءً
نهض عن سفرةِ الطعام
لتسأله والدته
: وش بتسوي الحين ؟
رفع كتفيه
: باخذ لي غفوة
قال والده بهدوء
: نبيك بموضوع
عقد حاجبيه ليقول بسخريةٍ مرحة
: الله يستر , دام بناتك متجمّعات اليوم وعندك سالفة لا بالله عيّنا خير
ضحكوا منه , ضحكةً صفراءَ مرتبكة !
قالت شقيقته أميرة بابتسامة
: غسل ايديك وروح للمجلس , بنجيب الشاهي ونلحقك
هزّ رأسه بصمتٍ وذهب
قالت تهاني بهمس
: انا مالي دخل ان سوّى بكم شي , اصلًا بقعد في غرفتي ما ابي اشوف
قالت غالية بعصبيّة
: انتي ما تعرفين تنطمين ! اعوذ بالله من لسانك اللي ما يقول خير ابد
قالت تهاني معترضة
: يبااا
ابتسم والدها
: اتركيها يا غالية
قالت اميرة
: تهّون حبيبتي اجلسي في غرفتك ابرك
قالت بعناد
: والله لا اجي , وبشمت فيكم اذا طربق الدنيا على روسكم
قالت والدتها من بين اسنانها
: سكّت بنتك
رمقها والدها بنظرةٍ جادّة , لتزفر وتصمت
نهضت غالية , وقالت
: قومي معاي نحضّر الشاهي
نهضت معها ودخلتا الى المطبخ
قالت تهاني برجاء
: غالية تكفين كلمي امّي وابوي , والله بيعصب , ما تعرفين عزوز يعني ! يعني شلون ضاقوا عليكم...
قاطعتها غالية بتأفف
: اسكتي , بس اسكتي ما تملّين ! لك سنتين على نفس الموّال , قروشتي روسنا , امي وابوي ماهو طايح اللي براسهم , وبيسوونه يعني يسوونه
ركلت الكرسي بغضب
: وش هالاستبداد , عنز هو ولا ثور عشان تاخذون قراراته عنه ! قسم بالله ان هجّ لبريطانيا حلال فيكم
دخلت اميرة , وقالت بهدوء
: كلمة زايدة وتعرفين وش يصير لك
صمتت وأولتهما ظهرها وهي تزفر بغضب
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانيةَ عشرةَ مساءً
أطلّت على المطبخ لتقول
: وش تسوين ؟
التفتت اليها وهي تقول بحيرة
: وش نطبخ للغداء
ابتسمت
: عادي أي شي , لا تشيلين همّه
: طيّب الشباب متى يرجعون ؟
: علي يخلّص على ثنتين ثلاثة , ووليد نفس الشي , ورتيل بعد ساعة يروح تركي يجيبها
أخرجت دجاجتان من البرّادة وهي تقول
: طيّب ليه ملاك وهديل ما يداومون
اقتربت لتساعدها
: ملاك اخذت اجازة على سفرتهم للندن , وهديل جدولها لعب يعني يومين اوف ويوم محاضرة ويوم محاضرتين
ضحكت منها , ثم قالت بهدوء
: ملاك وش تدرس ؟
التفتت اليها وهي تستشعر مرارة لفظها لسؤالها
زفرت ثم قالت
: بغت تدرس طب , وحاربت وكافحت عشان تدخله ووليد رفض , في النهاية دخلت اعلام
عقدت حاجبيها
: ليش رفض !
قالت بسخرية
: لأنّ فهد اخوه درس طب , قال ما نبي شي مشترك بيننا
قالت بصدمة
: لهالدرجة !
قالت ام علي بوجع
: وأكثر يا لطيفة , ولدك مريض , يكره اهله يكره اخوانه يكره ابوه وعمامه , يحقد عليهم لدرجة ما تتصورينها , ملاك من يوم اللي تركتيها ما سمح لها تشاركهم مجلس واحد ولا ركبت مع ابوها بسيارته , تخيلي كان يجمع مصروفه عشان يروحون ويجون بالتكاسي ! لين اشترى سيارة , ملاك ووليد ما اذكر مرّة شاركوا اهلهم نفس السفرة , اكلهم كلّه في المطاعم , ومستحيل يتركها في البيت ويطلع , واذا رجعوا البيت ما ينام الّا اذا قفلت باب غرفتها , واكثر واكثر
نظرت اليها بضياعٍ في مشاعرها
يا حبيبي يا بُني !
أوجعت نفسك وحبست شقيقتك في صومعتك
لأيّ حدٍّ شردّتك بعدي
يا صغير قلبي
كيف لم أحسب تبعاتٍ لرحيلي
كيف لم التفت لأنظرَ اليك
لو كنتُ التفتُّ التفاتةً صغيرة لتراجعت
لعُدتُ اليك
لدهست على كبرياءٍ تافهٍ حطّم عائلتي
شرد ابنيّ الوحيدين
أوجعمها , ولا زالا يتلويَان من تبعاته
موجعٌ ان اكتشف بعدَ هذا العمر انّي لا اصلحُ لأن أكون امًّا
موجعٌ جدًّا ان اكتشف فشلي الذريع
مخزٍ ان أرى قبحي الصريح , الذي تخفّى لأعوامٍ طويلة
يا لتفاهتي , وانا اظنّ انّي الخاسرةُ الوحيدة
كيف سأقابل ربّي بأمانةٍ ضيّعتها
التفتت الى شقيقتها , لتقول باختناقٍ ورعشةٌ في كفّيها
: يا ويلي من الله يا عايشة , وش سوّيت في عيالي , ضيّعتهم !
ربتت ام علي على كتفها بِحُلُم
: ان شالله ما ضيّعتيهم , انتي انجبرتي ما اخترتي , العمر قدّامك تردّينهم لك وتعوضينهم , المسألة مسألة وقت بس
هزّت رأسها بخيبة
: ما توقعت انّي تافهة لهالدرجة , اني سطحيّة وانانية !
: اذكري الله , لا تحاسبين نفسك وانتي مثلك مثلهم انظلمتي !
: كان لازم اتحمّل عشانهم , ان ما تحملت ما استحق اسم الامومة اللي شايلته من ثلاثين سنة , انا ما استاهل اكون ام !
دخلت هديل لتصمتان
اقتربت هديل بقلق
: خالتي تبكين !
ابتسمت بوجع
: البصل امّك تقطعه عندي وعيوني حسّاسة
ظلّت تنظرُ اليها بصمت , ثم ابتسمت بهدوء
: اساعدكم بشي ؟
قالت والدتها ساخرة
: ما شالله من وين طالعة الشمس اليوم !
ضحكت
: عشان ملاك رجعت , وحرام رتيل عندها اختبار اليوم وتعبت كثير بالمذاكرة , بفرحها بشي كذا
قالت ام علي
: حدّك تغسلين خضار وتقطعيه
اعترضت
: يممّه وش شايفتني يعني ! بتطيحيني من عين خالتي
أحاطت ام وليد كتفيّ هديل بذراعها
: ما عليك من امّك , الأمْ ما لها شهادة في بنتها , تعالي ساعديني , بقول لك تتبيلة للدجاج تبّليه وحطّيه في الفرن
قفزت بحماس
قالت ام علي مبتسمة
: اجَل نادي ملاك لا تقعد بلحالها
: نفسية ما تبي تجي
تركت ام علي ما في يدها
: انا بناديها
ذهبت الى غرفة الجلوس , وقالت بحزم
: بدون أي كلمة قومي معاي للمطبخ
قالت ببحّة
: ما ابي خالتي
: قومي ملاك , ضيفة شرف يعني ما تبين تقومين معانا !
ضحكت رغمًا عنها
: والله !
ابتسمت ام علي
: يلا يمّه قومي , وهذه هديل بتطبخ اليوم , تعالي يمكن يطلع منّك شي انتي بعد
نهضت بتكاسل
وقبل ان تخرج من الغرفة قالت برجاء
: تكفين لا تجبريني عليها , بساعدك انتي , لا تحطّوني في مواقف توجعني ولا بتساعد الوضع بشي
أشارت ام علي الى عينيها بعطف
: حاضر , بس توعديني وعد
: شنو !
: ما تحاولين تأذينها في أي كلمة او تصرف , واعطي لنفسك حق انّك تتقبلينها وتتآلفين معاها
زفرت , ثم هزّت رأسها ايجابًا
: طيب
سارتا الى المطبخ
ابتسمت ام علي
: انا وملاك بنشتغل سوى , وانتي وهديل اطبخوا سوى , ونشوف من اكلهم احلى
قالت هديل وعينيها تلمعانِ بحماس
: الله والله فكرة ! ليت رتيل معانا , عاد رتيل لحالها فريق وتهزمنا كلّنا
صرخن ثلاثتهن
: قولي ما شالله
تراجعت بصدمة , ثم قالت بانفعال
: بنضل اختي يعني , تف تف ما شالله
قالت ام علي
: قل اعوذُ بربِ الفلق , ان صار لها شي بغسلها بدمّك
قالت هديل بصدمة
: يما من بنتك انا ولا هي !
التفتت اليها ام علي وقالت ببطئ
: وش قلتي ؟؟
تراجعت وهي تقول بخوفٍ ابله
: ولا شي والله , قسم بالله ولا شي
ضحكت رغمًا عنها وأولتها ظهرها
اقتربت ملاك من خالتها وقالت بخفوت
: وش اسوي ؟
: نقعي خمس اكواب رز , بعدين تعالي قطعي الخضار
قالت وهي تُخرج كيس الأرز
: خضار حق ايش ؟
: بتسوين رز بالخضار ان شالله
ضحكت رغمًا عنها
: انا !
: ايه وش فيك اجل ناقصة يدْ ولا رجل ! هديلوه بتسوي دجاج مرّة وحدة
قالت هديل وهي ترفعُ احدَ حاجبيها
: يعني انا اللي ناقصني ايد ولا رجل ! بعدين لحظة انا وملاك بنسوي الأكل انتوا وش بتسوون !
سمعن حمحةَ تركي , اختبئت ملاك خلف بابِ المطبخ , وقالت ام علي
: تعال
اقترب ليطلّ على المطبخ , قال بصوتٍ بُحّ من النوم
: صباح الخير
ابتسمت ام علي
: صباح النور حبيبي , تبي فطور ؟
حكّ رأسه بكسل
: لا ما له داعي اذا الغدا ماهو مطوّل
: يبيله ساعة ان شالله , يعني تجيب رتيل تلقاه جاهز
التفت الى هديل
: وش تسوين بالمطبخ انتي !
قفزت اليه
: بطبخ بتعلمني خالتي , انا وملاك بنسوي الأكل اليوم
رفعَ حاجبه
: انتي وملاك ! اجل انا بجيب غداي من برّا اصرف
دفعته بغيض
: انقلع منت كفو
ضحك ببرودٍ وابتعد
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عَشرة وخمسٌ وأربعون دقيقة صباحًا
دخلت الى غرفة الاستراحة وهي تُنزل النقاب عن وجهها
رمت الملف على الأريكة ورمت بجسدها بجانبه
بعد ثوانٍ دخلت الأخرى وهي غيرُ منتبهة
نظرت اليها باستغراب
: انتي وش فيك اليوم ؟
لم تجبها
نادتها بصوتٍ عالٍ
: داليا !
التفتت اليها بانتباه
: هلا !
: وش صاير لك اليوم ! كلّش مو على بعضك
زفرت زفرةً طويلة , ثم قالت بهدوء
: ما في شي
اقتربت منها بقلق
: تكلمي وش صاير لك
: قلت لك ولا شي !
غضبت منها وهي تلوحُ بالملف
: تراني بهفّك بذا
قالت ببحّة
: صقر
جفلت رتيل , ارتعش كفّها وماتت نظرتها
قالت بنبرةٍ مهتزّة
: وش فيه !
هزّت داليا رأسها
: ما فيه شي وش فيك بتموتين علينا ! بس قال لي شي خلّاني افكّر
ارتاح جسدها بعد ان كاد يتمزقُ من شدّها وتقلصها
ازدردت ريقها الذي جف
قالت وقلبها ينبض بشدّةٍ ضعيفة !
قالت ببرودٍ لا يشبه ما تشعر به
قالت بنبرةٍ ميّتة
: ايه , اوكَي
رفعت داليا حاجبها , ثم قالت بسخرية
: ما عاد يهمني , ولا ابيه ولا افكّر فيه ! وآخر همّي وابيه يطلقني !
رفعت كتفيها تتظاهر باللا مبالاة
: يعني ولد عمّي مثله مثل عبد الله بزعل اذا صار له شي شين !
هزّت داليا رأسها ببرود
: ايه
تجاهلتها وهي تشيحُ ببصرها عنها
اقسِمُ انّي اكذب يا داليا
اقسم انني كاذبةٌ بلهاء
عاشقةٌ غبيّة
شوقي يفتت اضلعي
شوقي كبيرٌ على قلبي الهزيل
ذلك الرجل الذي لهُ قدرة احتواء العالم بين كفّيه
يعجز عن احتواء حاجتي
لا اعلم ان كانت حاجتي اكبر من العالم !
ام انّه اكبر بكثيرٍ من ان ينظرَ اليها !
رجلُ قلبي الرجل !
الممتلئ بشيء لا يشبهه احدٌ فيه
لا اعلم من اينَ يأتي صقر بفتنته المُحرجة
الفتنة التي تجعلُ الكونَ يتضاءلُ امامه
لا اعلم من اينَ يأتي صقر بقسوته !
قسوته الجارحة
قسوته ذاتُ المخالبِ الحادّة
لا اعلم الى متى ستبقى تستحضرني يا صقر
لتسحبني من عالمي
الى عالمٍ يحويكَ وحدك
الى عالمٍ لا يحوِي سوى غرورك !
اعتقني يا صقر
اعتقني حبًّا في الله !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
نهض من مكانه كالمقروص
هتف بصدمة
: نـعـم !
قال والده بهدوء
: اجلس , ما خلصت كلامي
قال بفيجعةِ الذي سقطت الدُنْيا بدناءتها على رأسه
: وش بتكمل يبه ! وش تبي تقول بعد ؟
قالت اميرة بحنان
: عزوز اجلس حبيبي , اسمع للآخر
التفت اليها ليصرخ
: وش اسمع اكثر , فيه مصيبة اكبر من اللي قلتوه !
قالت غالية برجاء
: لا تبالغ عاد , لا مصيبة ولا شي , وامر موجود ووارد في كل مكان !
صرخ بجنون وهو يقطع مقدّمة ثوبه بهيجان
: عندي مو وارد , عندي حرام وغلط وعيب ومصيبة وطامّة
قالت والدته ببكاء
: عزيز...
قاطعها بذهول
: انتي تفكرين كذا ؟ شلون طاوعك قلبك ؟ شلون قدرتي تطرين هالفكرة في بالك , انتي امّه ! اممممه اكثر انسانة حبّته في العالم , شلون يممه شلون , شلون يا امي وام بندر
قال والده بحدّة
: لا تحسس امّك انها اجرمت عاد
قال بتهديدٍ شديد
: ولا تفكرون تطرون لي هالسيرة مرّة ثانية , اكثر شي تمنّاه اخوي بحياته تبوني اخذه ببرود ! تبوني اكون دنيئ لدرجة آخذ حليلة اخوي ؟؟ - صرخ بجنون وهي يمسك برأسه – يمكن انّه داخل عليها بعد , قبل زواجهم بأربع ايّام مات , سنين وهو مملك عليها ويبيها , أشّر عليها بايده وطاح على رجلك وقال لك يبه تكفى ابيها , تبيني آخذ زوجة بندر يبه ؟ تبيني اتزوج حليلة بندر ! اصلًا هي لو فكّرت تتزوج انا بروح لأبو عمر وبذبحه ان عطاها – قال بحدّة – فجر لبندر وبس , تحرم على ايّ رجّال بعده
خرج من غرفة المجلس الى غرفته ليستبدل ثيابه بغضبٍ جم
ثم خرج من المنزل
ركِب سيارته وقادها بجنون
وهو يضرب الطارّة بكلّ قوّته حين يسترجع حديثهم البارد
طلبهم الدنيء جدًّا !
رحِمك الله يا بندر
رحمك الله يا شقيقي
رحلت يا بندر ليعبثوا بك من بعدك
احبّوك كثيرًا
ليطعنوك بأشدّ ما تحب
لم مُتّ يا اخي !
لم تركتني ليضعوني وسيلةً لغدرك
مشمئزٌّ من نفسي , اودُّ تغيير جلدي !
اودّ ان تدخل سيارته في غياهب الظلام
ليختفي غدري لكَ عن وجه الأرض
زوجتك !
حبيبتك الوحيدة
الوجه الذي حرّمت على عينيك الاناث من بعده
انثاك التي أبعدتها عن عملها , وعن الزيارات
وعن السير في الطرقات
ووددت كفّ جميع الأبصار عنها
يقترحون ان يتزوجها شقيقك الوحيد
يقترحون ان امسك بيدها , واقبّل جبينها امام مئاتٍ من ازواج الأعين البغيضة
ثم أغلقُ بابًا يضمّني معها في خلوة
شهق من افكاره التي وصلت الى هنا
شعر انّه خائنٌ فعلي
دمعت عينيه من الذي وصلَ اليه عقله
فتحَ ازرار ثوبه وهو يختنق
ويتذكّر موتَ بندر
قاده حُزنه بعيدًا عن طارة القيادة
عن الشارع العام
عن السيارات التي تسير حوله
لينحرف عن المسار ويشهق قبْلَ ان تصطدم السيّارة بعامودِ الإنارة الضخم !
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثانية وخمسة عشر دقيقة مساءً
انتهى من الأوراق الرسمية , وقّع عليها
ووقّع تعهدًا برعاية الطفلة وتحمّل مسؤوليتها كاملة
خرج من مكتب الإدارة الى باحة الدار الخضراء
نظرَ الى الأطفال
وابتسم بعطفٍ حينَ رآها
اقترب ليقول بلطف
: مرحبًا
نظرت اليه لثوانٍ , ثم أشارت الى نفسها بتساؤل
هزّ رأسه ايجابًا بابتسامة
اقتربت بابتسامةٍ مشرقة
ايقظت حداده الذي لم ينتهِ بعد على خالته
ذاتُ الابتسامة !
ذاتُ النظرة
لكنّها لا تشبهها ابدًا
قالت بلطف , وبلكنتها الانجليزية المدلـله
: مرحبًا
نزل ليجلس على ركبةٍ أمامها
داعب شعرها
: كيف حالك
: بخير سيدي
هزّ رأسه نفيًا
: بامكانك مناداتي سعود
عقدت حاجبيها
ليبتسم
: قولي ساود , سيكون اسهل
نطقت اسمه ببطئ وكأنّها تدرب لسانها على نطقه
قال بحنو
: حسنًا صغيرتي , يبدو اننا سنصبح صديقين حميمين
قالت بابتسامة
: لا مانع عندي
: انا قريبك , وسأسطحبكِ معي , عندِي لكِ مفاجأة
رفعت حاجبيها بحماس
: احب المفاجآت
نهض وهو يجاري حماسها
: اذًا هيا بنا , المربية تجمع حاجياتك لا بدّ انها انتهت , لم اسألك هل تناولتي طعامك ؟
: نعم منذ قليل
ابتسم ومدّ لها بكفّه
امسكت بيده وسارت معه
اخذ حقيبتها , وانحنت المربية لتقول متأثرة
: حبيبتي ستذهبين !
قالت بتردد , وهي ترمق سعود بريبة
: الن أعود ابدًا !
قال سعود
: بالتأكيد سأحضرك متى أردتِ لتري صديقاتك والآنسة إنجي
ارتاحت قليلًا , لتودّع المربية والأطفال , وتخرج مع سعود
وضعَ حقيبتها في الخلف , وربط حزامها
وسارَ عائدًا الى تشيلسي
حين انتصف بهما الطريق قالت بملل
: هل سنسير اكثر !
قالت معتذرًا
: انا آسف , المكانُ بعيدٌ قليلًا
: الن تخبرني الى اين نحن ذاهبين ؟
ابتسم
: اخبرتك بأنّها مفاجأة , ستحبينها كثيرًا
ابتسمت وهي ترتاح على مقعدها
قال بعد قليل
: لم تخبريني , ماذا اسميكِ ؟
رفعت كتفيها ببساطة , جعلت ابتسامته تتسع , يبدو انّ الطفلة قد اخذت من عائلتها تفاصيلَ صغيرة , بعيدًا عن الشكل
تشبهه حين يرفع كتفيه ببساطةٍ شديدة , ويرخي حاجبيه , وتميل شفتيه قليلًا الى الجانبِ الأيمن
قالت
: اسمي فيكتوريا , اصدقائي ينادونني فيكي
: اذًا سأناديكِ فيكي
هزّت رأسها موافقة
مرّ الوقتُ وهما يتحدّثان
حتّى ادخل السيارةَ الى المنزل
نزل من السيارة , لتنزل وتسير بجانبه
دخلا الى المنزل
التفت اليها وأشار لها بحركةٍ طفولية ان تصمت
ضحكت بخفوت وهي تغطّي شفتيها بكفّيها الصغيرين
دخل الى غرفة الجلوس وابتسم
: سربرايز !
دخلت خلفه مبتسمة
نهضت رونا وهي تقول بحنان
: أهلًا يا حلوة
رفعت حاجبيها بدهشة
لتقول
: سيدتي رونا !
اقتربت رونا وقبّلتها ما بين عينيها وهي تحبسُ أدمعها
نهضت السيدة جوليا وظلّت تنظرُ اليها بصمت
غرقت عينيها بالدموع
نهضت رونا وقالت بارتباك
: امّي هذه...
قاطعتها بنبرةٍ باكية
: عرفتها !
قال سعود
: نانا اليست جميلة ؟
اقتربت منها وجلست على ركبتيها امامها
قالت بتعب
: مرحبًا
انحنت فكتوريا بلطف
: مرحبًا سيدتي
مدّت السيدة جوليا ذراعيها , وقالت بنبرةٍ مختنقة , وشفتيها متقوستان توشكان على البكاء
: هل تسمحين لي بعناقك ؟
ابتسمت الطفلة وعانقتها
شدّت عليها وهي تغمض عينيها وتكبحُ آهةً طويلة ان تفلت
لم تموتي يا رنا , وابتسامتك على شفتي هذه الصغيرة
لم تموتي بعد , وانتي تسكنين نظرتها ولمعة عينيها
ارغبُ بعناقك يا ابنتي
ارغب بضمّك الى صدري الذي هجرتيه طويلًا
للمرة الأولى ارغب باخباركِ انّي ممتنة لكِ
على هذه الطفلة , التي ابقيتِها لي
شكرًا يا ابنتي , شكرًا بقدر ما افتقدك
شكرًا لأنّك تركتي لي قطعة من قلبك تنبض في حضني
قطعةً ستشاركني حياتي المقبلة
انزعجت الطفلة ورفعت رأسها الى خالتها
اقتربت رونا لتضع كفّها على كتف والدتها
: امّي
ابعدتها بهدوء
نظرت اليها لتقول بصدق
: هل تعلمين كم احبّك !
ابتسمت الطفلة وهي تشتت نظرها
قالت بخجل
: شكرًا لكِ
زفر سعود براحةٍ عميقة
جلس على الأريكة وقال
: فيكي اقتربي لأخبركِ امرًا
اقتربت وجلست بجانبه
: حسنًا يا صغيرة , هذه – أشار الى جدّته المبتسمة – جدتنا انا وانتِ , انا اسميها نانا , هل يناسبكِ ؟
: انّه لطيفٌ جدًّا
هزّ رأسه باستحسان
: حسنًا , وهذه – أشار الى والدته – انها والدتي , تستطيعين مناداتها خالتي , وسنكون سعداء لو ناديتها امّي
قالت بابتسامة
: هل استطيع ؟
قالت رونا بحنان
: بالتأكيد حبيبتي
صمتت لثوانٍ
ثم قالت
: افضّل مناداتها خالتي
حينها دخل ابو سعود
: السلـ... – قطع سلامه وهو ينظرُ اليها , ثم ابتسم – لا بد انكِ فيكتوريا !
قالت بدهشة
: هل تعرفني
ابتسم
: بالتأكيد , كيف حالكِ
: بخير , شكرًا سيدي
قال سعود
: هذا والدي , ناديه عمّي
أشارت له بيدها
: مرحبًا عمّي
اومأ برأسه بلطف
: مرحبًا حلوتي
قالت السيدة جوليا
: ستكونين سعيدةً هنا , اعدك
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثالثة مساءً
كانت تجلس على سريرها , ضامةً رُكبتيها الى صدرها
وفي يدها كوبُ قهوة
شاردةٌ في البخار الذي يتصاعد منه بهدوء وسكينة
تشعر انّها تشبهه
مستسلمة في حبّها لسعود
تستنزف مشاعرها معه
ويلفظها كبخارٍ يتصاعد
حتى يختفي آخر رمقٍ منه
ليتخلص سعود منها
كَكوب القهوة , الذي يفتر ان تخلص من بُخاره !
لن يكون بحاجته بعد ان يخرجه كلّه
سيستغني عنه
أرعبتها الفكرة
هل ستستغني عنّي يا سعود
هل ستتخلص منّي !
هل ستنبذني وتخرجني من حياتِك وكأنّي لم اكن
شعرت بنغزَةٍ في قلبها
انا التي رحلت وهجرت واستغنت وتخلّت
مشتاقة يا حبيبي
مشتاقةٌ يا سعود
اشعر انّي اتهاوى , انّي اضعف
لن اصمد أكثر
لا اظنّ انّ لي قدرة تحمّلٍ ستحويني اكثر
خائفةٌ من ان اعود وترفضني
احتقنت عينيها بالدمع
أمالت رأسها جانبًا بانكسار
دائمًا انا بلهاء
لا افقه سوى الهرب
هربٌ ابله
لو تعلم فقط انّي خشيتُ عليك
خشيتُ عليك من عمومتي
من الغولِ المرعب فارس
تركتك خلفي ليوجعني قلبي على فقدك
لكن لا يُصِيبك مكروهٌ بسببي
لم اتركك لانّي لا افكّر فيك
او لأنّي استغفلك كما اجزم انّك ظننت
احبّك يا سعود
يا رجلي الوحيد
اقسم انّي احبّك
لكنّ خوفِي عليك اكبر من ان اكون انانيةً في حبّك
وان اسحبك معي الى بوابةِ الموت التي تلتهمني وتلتهم عائلتي
سأحرص على ان لا تقترب منها
ان ولجتها يا سعود لن تنجو
لن تفلت من شرّها ومخاطرها
ثقْ بقلبك الذي يخبرك كم احبّك
لم أكن لأتجرأ على المقارنة بينك وبين والدتي
من المخزِ يا سعود وانت تعلم ذلك
ان اقدّم حبّي ونفسي على والدتي
امّي لم تكُن امًّا عادية
على الأقل في نظري !
عجزت يا سعود , عجزت !
لم استطع التخلّي عنها وهي تشارف على الموت
تخطّيت نفسي وحبّي , وتخطيتك
لأراها
ولم اكُن لأخاطر اكثر واعرضك لوحشيتهم السادية
التي بدأت بأبي , ثم بي , والآن خالد
ربّما في الغد فيصل او بندر
او حتّى امي !
يجب ان تعذرني يا سعود
يجب !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
توقفت حَرَكة السير في الشارع
سدّت الطريق ثلاث سيّاراتٍ للشرطة
وسيّارة الاسعاف
عاين الضابط مكان الحادث
وحاوطت الشرطة المكان بالأشرطة الصفراء
اقترب رجلا الاسعاف
نَزعا حِزامه بروية
حملاه ببطئ , ووضعها جسده النازف على السرير الخاص ليدخلاه الى السيّارة
بحث الشرطة في السيّارة عن شيءٍ يدلّهم على عائلته
قال احدهم
: ما في لا جوال ولا بطاقة
لينادي المسعف من داخل الاسعاف
: بطاقته طاحت من جيبه
اخذها الضابط ونظر الى الاسم
مدّها الى الشرطي
: كلّم مركز الأنظمة يطلعون رقم ابوه او احد يصير له
هزّ رأسه بطاعةٍ وابتعد
تحركت الاسعاف , وعاد الضابط الى السيّارة المتضررة ليعاينها بدقّة
,
ردّ على الهاتف بهدوء
: هلا , وعليكم السلام – قال بقلق – ايه نعم ابوه خير ان شالله !
اتسعت محاجره برهبة
انزلق الهاتف من بين اصابعه وارتجف جسده
صرخن الأربعة
: وش فيه
لم يقدر على الحديث
جثت ام بندر على ركبتيها امامه , وهي تقول بضعفٍ شديد , برجاءٍ ذليل
: تكفى طلبتك , وعزّة الله عليك , داخلة على الله ثم عليك , لا تقول عزيز صار له شي , تكففى – صرخت بانهيار – طلبتك يا ابو بندر طلبتك
قفزت تهاني بجنون
: يبه وش صار تكلم
حاوطت اميرة اذنيها وهي تهزّ رأسها برفض , وتقول بارتجاف
: مو عزوز يبه , مو عزوز تكفى
اقتربت غالية وهي تتشبث بآخر حبلٍ للصبر
: يبه وش فيه
قال بانهزام
: اللي اخذ بندر بحادث قدّر لعزيز نفس الحادث
صرخن الأربعة صرخةً واحدة
صرخةً حادّة
" لا " معترضة , رافضة
صرخن بالـ " لا " من أعماقهن التي لم تبرأ من جرحها القديم بعد
الـ " لا " ذاتها التي بُحّت أصواتهن منها في وفاة بندر
خشينها , أصابتهن الرهبة منها
بلعنها , خوفًا من ان تعاندهن وتؤذيهنّ !
قالت تهاني بانهيار
: ما يموت عزوز , ماهو على كيفففه ما يروح اخوي ما يروح , والله ما احللكم ولا اسامحكم , ذبحتوا اخوي , ذبحتوا عزييز
نهض بتثاقل , وهو يهتف بضعف
: لا لا , ما مات , ما يموت ان شالله , في المستشفى الحين
وكأنّه بشّرهن بالجنة
لينهضن بلهفة , يمسحن أدمعهن ويكدن يغشين ضحكًا
قال بضياع
: انا بروح له
على كلمةٍ واحدة هتفن بناته
: نروح معك
قالت ام بندر وهي تعجز عن الوقوف
: يا ربي يا حبيبي طالبتك طلبة ما يضر ولدي شي , يا رب لا تجعلني اتمم كلامي ولا تجعل لي وقفة بعد هالجلسة ان كنت كتبت على عزيز شي , يا ربي طلبتك ما يجي ولدي شي , طلبتك يا رب , يا رب انت اللي خلقت امومتي وتعرفها وتعرف فجيعتي في بندر , لا تفجعني بعزيز يا رب , يا كريم يا رب
انحنت اميرة بعطف
: قومي يمّه , قومي نروح للمستشفى , ان شالله ماهو جايّه شي
اتكئت على ابنتها لتنهض , وهي تترنح وتبكي
ولا تلهج بغير
" يا رب ما يجي ولدي شي يا رب "
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
دخلت الى المنزل بتعب
اقتربت من المطبخ الذي سمعت الأصوات منه
اطلّت برأسها وقالت بخفوت
: السلام عليكم
التفتن اليها جميعًا ورددن مبتسمات
ابتسمت بكسل
: ما شالله وش هالايجابية اليوم
اقتربت هديل لتقبّلها
: عاد اليوم متعطفات ومتكرمات انا وملاك ومسويات الغدا
رفعت حاجبيها بدهشة , نظرت الى امّها
: صدق يمه ؟
هزّت رأسها بابتسامة
ضحكت لتقول
: وش طابخين طيّب
قالت ملاك بحماس , جعلهن يرمقنها بسعادةٍ كبيرة
: انا رز بالخضار وهديل دجاج متبّل في الفرن وخالتي سوّت شوربة ونوعين سلطة و...
صمتت بارتباك
لتتابع هديل دون ان تلتفت اليها
: ايه وخالتي سوّت محشي شكله وريحته يخققون , ايه وما قلت لك ملاك وامي فريق وانا وخالتي فريق
ضحكت رتيل بعمق
: فالينها اليوم , ليتني معكم عاد
قالت ام وليد بضحكة
: بكرَة خلّك لحالك فريق وسوّي الغدا
رفعت كتفيها
: ما عندي مانع , وبكسب صدقوني
دفعتها هديل
: يلا يلا بس , اطلعي غيري وانزلي بنحط الغدا
نظرت ام علي الى ساعة الحائط
: اصبري لين يجي علي , يبيله ربع ساعة وعليها
قالت ام وليد
: ماهو قلتي يرجع على اثنين او ثلاثة ؟
: ايه ينتهي دوامه اثنين او ثلاثة , بس متعودين يجون للغدا ثم يرجعون للدوام
قالت ام وليد باستحسان
: زين ما شالله
قالت رتيل
: يمه يقول تركي وليد ما يرد على جواله ليه
قالت ام وليد بزفرة
: ناسيه هنا
تركت رتيل المطبخ لتمرّ بغرفة الجلوس
: تركي تقول خالتي ناسي جواله
تأفف تركي
: وين بلقاه الحين
رفعت كتفيها , وصعدت الى الأعلى
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
خرجت وهي تتلفت تبحثُ عن شقيقها
همّت بالاقتراب لتلفت نظرها سيارةُ شقيقها الآخر
ظلّت في مكانها تنظرُ اليهما
ويبدو انّهما لم ينتبها الى بعضهما
نزل الاثنان بملل
وناديا بصوتٍ واحد
: اخلصي
انتبها اخيرًا
ضحكت باستخفاف
قال عبد الله
: يلا تعالي
نظرت الى صقر
صمتَ لثوانٍ ثم قال
: ارجعي معاه , انا عندي شغل
ركب السيارة وتركهما
اتجهت الى سيّارة عبد الله
سار عبد الله وهو يسألها
: عسى ما درى عن رتيل ؟
ابتسمت بسخريةٍ مريرة
صمتت لثوانٍ , ثم قالت
: لا , ما درى
التفت اليها
: متأكدة ؟
: ايه
: صوتك ماهو عاجبني , اعرف نبرة مسيلمة الكذّاب ذي
قالت بملل
: اضحك يعني ؟
التفت اليها مستغربًا
: وش فيك ؟
التفتت الى الشارع بضيق
: ولا شي
مد يده ليدير وجهها اليه
قال بجديّة
: صاير شي ؟
قالت بانزعاج
: قلت لك ولا شي , استغفر الله
صمت وتركها
وهو يجزم انّ الأمر يتعلق بصقر
كيف لا , وهو ايضًا يعاني من صقر
مسقومٌ بصقر
متعب بِـ ومن صقر
اخشى ان تصبح مجرد ندبةٍ لحبٍّ كان يملأ قلبي
اخشى ان اتجاوزك يا صقر
اخشى على نفسي ان اتّبع قلبي النافر منك
لا اريدُ ان انتهي منك
لا اريدُ ان ينتهي حبّي العظيم لك
ارغب بشدّة ان تبقى اخي الذي طالما انتظرته
الذي مذ ولدت احببته
لا تجبرني يا صقر على الصدّ
ابقَ فيني يا صقر , لا تنسلخ عن قلبي
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الرابعة مساءً
دخل الى المكتب وابتسم
نهض ذياب وهو يقول بقلّةِ صبر
: بشّر
مدّ بالورقةِ التي في يده الى صقر
امسكها بتوتر
فتحها ليقرأها
أعاد قراءتها ثلاث مرّات
حتى دمعت عينيه
تركها وسجد على الأرض الباردة
قال بهمسٍ يحرق حنجرته
: سبحان ربي الأعلى وبحمده , اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت , سجد وجهي للذي خلقه وصوّره , وشقّ سمعه وبصره , تباركَ الرحمن أحسن الخالقين , اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيمِ سلطانك
مرّت ثوانٍ أخرى بصمت
لم يعلم كيف يشكر الله على كرمه ونعمه
صمت بخشوع , ثم رفع رأسه
ليجد ذياب وسعد ساجدان مثله
نهض وعانق ابي بدر
قال ابو بدر متأثرًا
: الحمد لله رب العالمين , ان شالله عقبال الحُكم العادل اللي يريّح قلبك
نهض سعد وبعده ذياب
فزّ الاثنان وعانقاه بشدّة
ضحك وهو يشدّ عليهما
ثم جلسوا ليقول سعد
: ما شالله تبارك الله بسرعة طلع موعد المحكمة , الصبح كانت جلسة الاستجواب
ارتاح ذياب في جلسته وهو يقرأ ورقة تحديد جلسة المحكمة مرّةً أخرى
ابتسم ابو بدر
: عشان تعرفون معزّتكم , وانّنا كلنا مهتمين بموضوعكم
قال صقر بصدق
: الله يرفع قدرك يا ابو بدر , والله ما اطلع من جميلك
شدّ على يده بمحبّة
: الفضل لله يا صقر
ابتسم بشبه راحة
لن يرتاح حتى ينتهي من راشد
وتعود اليه زهرة قلبه
سعادته ومجمل حياته !
,
,
المملكة العربيّة السعودية – الرياض
الخامسة مساءً
نهض تركي ليفتح الباب
عقد حاجبيه
: وينك للحين انت
قال ببرود
: خذ لي طريق
عاد الى الغرفة
: رتيل اطلعي فوق وليد رجع
نهضت لتنهض ملاك وهديل معها
صعدن الى الأعلى ودخل وليد
: السلام
جلس دون ان ينظرَ لأحد
قالت والدته
: وين كنت يمه
قال بنبرةٍ ميتة
: ادوّر شقة
قالت خالته بحذر
: لإيش الشقة ؟
: ننتقل لها انا وامّي واختي
قالت خالته بصدمة
: بتترك بيتي وتنتقل لشقة !
رفع كتفيه بلا مبالاة
: هذا الطبيعي , تظنين بنعيش عندك للأبد يعني ؟ في النهاية بنتك تتغطى عنّي واختي تتغطّى عن عيالك
قالت بجدّية
: بنتي ما اشتكت , وملاك تكشف وجهها عند عيالي , ما بيضرها حجابها على راسها ان كانوا موجودين , ما ابي لطيفة تطلع وتتركني , كفاية اللي راح من اعمارنا واحنا بعاد
هزّ رأسه نفيًا
: الى الآن ما لقيت شقة مناسبة , لكن بمجرد القى راح ننتقل
قال تركي
: في شي مضايقك ؟
قال علي
: انت ما كنت مفكّر بهالشي قبل
: الّا , اوّل ما تركت بيت ابوي وانتقلت للرياض قلت لكم فترة قصيرة لين القى شقة ننقل لها انا وذيك , والفترة طالت وسافرت للندن ورجعت والبنت راحت لابوها , دامها رجعت وما في شي يعطّل , خلاص ننقل
التفتوا الى ام وليد التي صمتت لثوانٍ , ثم قالت بهدوء
: معاه حق
قالت ام علي متضايقة
: الله يهديك بس , وش اللي معاه حق انتي الثانية
ابتسمت ام وليد وهي تربت على فخذ شقيقتها , ثم التفتت لابنها
: متغدّي وليد ؟
: لا
: احط لك اكل يمّه ؟
: مو مشتهي
صمتت وهي تنظر الى شقيقتها بحزن
قالت ام علي
: ان جاع بيقول لك
زفرت والتفتت الى التفاز
واضحٌ جدًّا كم ستعاني مع هذين الاثنين
كلّ واحدٍ منهما يحتاج قلبًا جديدًا لم يستعمل من قبل , ليتحملَ عنادهما وعنفوانهما
قلبًا يداريهما ويراعي حاجتهما
ليسَ قلبها الهزيل
المتعفنِ من الفراق والبكاء والحزن !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الخامسة وعشرون دقيقة مساءً
اتكأت بتعبٍ الى الجدار
نظرت اليهم بحقد
لم تستطع كبح لسانها , لتقول بغضبٍ منهم
: والله ان صار له شي ما اسامحكم , توّه راجع ما امدانا نشبع منّه ولا من جلسته ودّرتوه وروحتوه مننا ! وش تبون انتم وش تبوون ! لكم سنتين تخططون عليه كأنّكم تنتظرونه يرجع عشان تذبحونه
كانت تتكلم بغضبٍ يدكّ قلبها , وتبكي بحرقة
اقتربت اميرة لتعانقها
: بس حبيبتي , ماهو جايّه شي ان شالله , ادعي له تهاني بدل هالبكي , لا توجعين امّي وابوي زيادة كافيهم اللي فيهم
ربتت غالية على كتفها وهي تحبس بكاءها
: تحسبين هالشي هيّن عليهم ؟ كلامك يزيدهم يا تهاني , فقدوا بندر قبل ورعبهم وخوفهم يتأذى عزيز , هدّي حبيبتي بيقوم بالسلامة يا رب
اجهشت بالبكاء وهي تغطّي وجهها بكفّيها
ستموت حقًّا ان اصابه مكروه
انتظرته لأربعِ اعوامٍ لينتهي من دراسته
ليعود ويكون قريبًا منها
لينام في الغرفة المجاورةِ لغرفتها
لتصبّح على وجهه
لتفطِر معه
لتركب سيّارته ويوصلها الى جامعتها
ليعنفها ان تأخرت عليه
ليسخر من تفاهةِ الفتيات حين تخبره عن احاديثهن
ترغبُ بشدّة ان يعقد حاجبيه بعصبيّة حين تظهرُ فتنةُ عينيها
ترغبُ ان يحطّم رأس اي متطفلٍ ينظرُ اليها
ترغبُ ان تبقى في البيت ويحضر لوازمها
تشتهي شقيقًا كبيرًا
اضافةً الى حبّها الجمِ له
هتف قلبها بتذلل
" احمِه يا رب , لا تحرم عينيه النور , ولا تسلب من قلبه النبض , أعنه يا رب لينهض على قدميه , ارغب بأخي يا رب لا تأخذه منّي "
خرجَ الطبيب بعدَ وقتٍ طويلٍ على قلوبهم
اقتربوا بتثاقل
خوفًا من خبرٍ يرديهم شهداءَ كربٍ لن يحتملوه
قال الأب برجاء
: بشّر
ابتسم بهدوء
: ان شالله ما عليه خطر , شويّة رضوض وجروح تجاوزناها
قالت اميرة وهي تهيؤ نفسها للأسوأ
: ليش تأخرتوا داخل طيب !
قالت غالية
: كمّل دكتور
زفر وقال
: بس...
قاطعته ام بندر بانهيار
: لا يا رب لا
قال الطبيب بتعاطف
: هدّي يا امّي , بسيطة ان شالله , رجله فيها كسر مضاعف وخايفين من النزيف , اسعفناه حاليًا , وطلبنا طبيب متخصص وبأقرب وقت بيكون موجود بإذن الله , ضروري نسوي له عملية , الحمد لله ان عبد العزيز كان رابط حزام الأمان وهذا بعد الله حمى جمجمته وجسمه من الضرر , ارجوكم ترتاحون وتهدّون اعصابكم , عبد العزيز بيكون بخير بإذن الله
بردّة فعلٍ جميعهم تشاركوها
سجدوا حمدًا وشكرًا لله
كانوا خمسة , لكنّهم في الحقيقة كيانٌ واحد
اعتراض وحزنٌ واحد
بكاءٌ واحد
سجدةٌ واحدة
ورفعةُ رأسٍ مطمئنة , واحدة !
قالت غالية وهي تمسح ادمعها
: نقدر نشوفه ؟
: الحين لأ , لأنّه منوّم بمخدر , تقدرون تروحون للبيت وترجعون بكرة الصبح
قالت ام بندر برجاء
: تكفى يا دكتور الله يخليك لشبابك , خلني اشوفه نظرة بس
ظلّ ينظر اليها بصمت
قالت اميرة
: بس امّي تطل عليه , ما راح ترتاح ان ما شافته
زفر باستسلام
: طيّب , تدخلين بس دقيقة والله يخليك ما تتكلمين معاه , لأن ممكن يسمعك وينفعل
هزّت رأسها بلهفة
: ايه ابشر
ابتسم وهو يشير الى احدى الغرف
: طيّب تعالي تعقمك الممرضة
سارت باستعجال وهو تهتف
: الحمد لله , الحمد لله
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الحاديةَ عشرةَ صباحًا
دخل الى المنزلِ بهدوء
اتجه الى المطبخ
قال بخفوت
: السلام عليكم
التفتت اليه بسرعة
هتفت
: سلطان ! وين كنت من امس ؟ من طلعت ما رجعت واتصلت عليك الف مرة ما ترد ومالك دوّر عليك ولا لقاك , خفنا عليك !
اتجه الى برّادة المياه وشرب دون ان يجيبها
اقتربت منه
: انت بخير ؟
قال بهدوء
: بخير , جدّتي وين ؟
: جالسة في غرفتها
هزّ رأسه ايجابًا وذهب الى غرفتها
قال بهدوء
: السلام عليكم
رفعت رأسها لتنظرَ اليه بصمت
على تعاريج وجهها الحبيبة ظهرت خيبتها منه
حُزنها , الذي نثره عليها دون مبالاة
صدّت عنه دون ان تجيبه
اقترب ليقبّل رأسها وهو يزفر بندم
جلس أمامها وقبّل يديها
قال بنبرةٍ رقيقة
: انا آسف يمّه
لم تجبه , وهي تكتم عبراتها في قلبها المكلوم
احنّت أسها بعيدًا عنه
وشفتيها تتقوسان بحزن
وفي عينيها غبنة
غبنةُ الأمّ التي ترعى وتربّي وتبذل
لتجازى بصرخةٍ من احبّ خلقِ الله اليها
قلبت سبحتها بين اصابعها
وهي لا تميز شكل خرزاتها من الدموع التي تسبح في مقلتيها
كَلَيْلٍ طويل , حبّها وعطاؤها
كابدت مآسٍ طويلة وحدها
تنتظر نهاية الليل الذي أبى ان ينجلي
انتظرته طويلًا
ليأتي سلطان قبل بزوغ الفجر الأكبر بثوانٍ
ويحجب نوره قبلَ ان يشرق
قال برجاء
: يمّه
تجاهلته , وقفزت دمعةٌ وحيدة من عينها
تشربها حجابها العريض
أنّت بخفوت , لا يدركُ هذا الطفلُ ذو الشعيرات البيضاء في رأسه ولحيته كم تُكلف عصبيّته
كيف تدكُ حصونًا
وتهدم حياةً
يظنني طفلة او شابّةً يعتذر لي عن قتلي فأتجاوزه !
لستُ والله غاضبةً منك , فأنت قطعةٌ من قلبي
ولستُ حاقدةً عليك
جدّتك يا سلطان حزينة
مكسورة
وانت الذي كسرتها
انت الذي آلمتها , يا احبّ خلق الرحمن لها
سحب كفّيها لتسقط السبحة منهما
قبّلهما وهو يقول بوجعٍ مختنق
: يمّه بالله عليك كلميني , هاوشيني اضربيني , ما على الأرض اعز منّك يا ام مساعد , اموت انا ان زعلتي , طز في كلْ شي دونك يمه , تكفين لا تسكتين , لا تذبحيني كذا يمه
قالت ببحّة
: قوم عنّي
فلتت منه غصّة ليتحشرج صوته ويقبّل كفّها مجددًا
: يمّه
دخلت اروى وصمتت من منظرهما
قالت الجدّة
: قولي له يقوم عنّي يا اروى
قالت بتردد
: سلطان
قال بحدّة
: اطلعي برّى
تراجعت لتقف بجانب الباب
سحبت كفّيها منه وصدّت برفض
قال بغضبِ طفلٍ تقاطعه والدته
: ماني قايم من هنا , لو تبين تكسرين عصاك على راسي ماني قايم
كتّف ذراعيه وظلّ على جلسته ملاصقًا لها
تأففت وهي تبتعد عنه
ليقترب بعناد
صمتت مستسلمةً له
لكنّها رافضةٌ لأن تتحدث اليه
لن تستطيع اصلًا !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة صباحًا
جلس مع والدته على طاولةِ المطبخ ليفطر معها
قال بتساؤل
: داليا راحت ؟
: لا بعد شوي , انت وش مصحيك بدري ؟
رفعَ كتفيه
: مدري والله صلّيت الفجر ولا قدرت انام مرّة ثانية , نزلت للرسبشن شربت قهوة جلست شوي قرأت , بعدين قلت اجي افطر معك
قالت بهدوء
: وراه ما تفطر مع زوجتك ؟
رفع حاجبه وابتسم
: وش اعتبر الجملة ذي ؟ طردة ولا تقبّل لمها ولا وش !
قالت بلا مبالاة
: اعتبرها اللي تبي
نزلت داليا وهي تنادي
: يمه
: تعالي انا في المطبخ
دخلت وقبل ان تتحدث صمتت من رؤية صقر
ابتسم وهو يحييها بحاجبيه
اقتربت لتجلس بجانبِ والدتها وتنظرَ اليه
قال بسخرية
: وش شايفة ؟
قالت بخفوت
: شايفة انسان ما اعرفه , ما اسمع الكلام اللي يقوله , اسمع اللي بين الكلام
صمت
قالت والدتها
: وش تبربرين انتي , افطري بس بيجي اخوك يوديك
رفعت رأسها الى صقر بابتسامةٍ غريبة
: ليش ما توديني انت صقر ؟ ما شالله عليك تعرف المستشفى واكيد تعرف الكلية وتعرف قسمي وتعرف كل شي , وانت اخوي وعبد الله اخوي
قال ببرود
: ما عندي مانع , وحاسبي كلامك
نهضت بانفعال
: لمّا تحاسب افعالك يا اخوي , يا كبير , ياللي تركتنا تسع سنين ما ندري وين رحت – قالت بسخريةٍ مريرة – تدري اشك انّك كنت ساكن في البيت اللي ورانا , او البيت اللي نهاية الشارع , او يمكن كنت في بيتنا بس متخفّي , اظن حتّى اختفائك كان لعبة غميضة بس على طريقتك , لأنّ انت لك طريقتك الخاصّة في كل شي , الناس تختفي دقايق وتطلع عشان تضحك , وانت تختفي سنين وتطلع عشان تجرح , يمكن حتى زواجك تمثيلية , كل شي فيك ماهو حقيقي
قال بحدّة
: داليا
قالت والدتها بدهشة
: وش فيك انتي ! تعوذي من الشيطان على ذا الصبح , اعوذ بالله ابليس راكب راسك من صبحية رب العالمين
تركتهما لتصعد وهي تحترق
كاذبٌ بتفوّق
مجرمٌ محترف
يلعب من تحتِ الطاولة
ويتحدث بما بين السطور
لم ولن يكون واضحًا يومًا
اخبرها عبد الله يومًا عن جدّها " ابي راجح "
وانّه ربّى صقر
مذ صغرهم قال الجميع ان صقر نسخةٌ عن جدّها المتوفي
لم تصدق ان شقيقها سيكون نسخة من جدّها
الذي ظنّت انّه شخصيةٌ خيالية
خلقت للروايات والحكايا فقط
نسخةٌ انت من جدّك يا صقر
كلّ ما فيك ايحاءات
لست حقيقيًّا في شيءٍ يا شقيقي الأكبر !
,
,
الى الملتقى :)
,
*اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق ، والأعمال والأهواء.
اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ، ودعاء لا يُسمع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن علم لا ينفع , أعوذ بك من هؤلاء الأربع *
,

 
 

 

عرض البوم صور جود بدر   رد مع اقتباس
قديم 19-01-15, 11:30 PM   المشاركة رقم: 293
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jan 2013
العضوية: 250135
المشاركات: 14
الجنس أنثى
معدل التقييم: بروود اعصاب عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 20

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بروود اعصاب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

*

السلام عليكمم .
ي هلا ي هلا و اخيراً بارت و طووويل بعد ..
قبل لا ابداً بتوقعاتي يختي تعوذي من الشيطان واذا في بينك انتي وعزيز مشكله انا احلها وراك عليه قسسم الجزء اللي حق اهل عزيز انزل السطر الثاني شوي شوي خايفه يكون مات :"(

يلا استلمي توقعاتي /
عزيز :
سالفة فجر ذي صدمه من وين طلعت ذي وانا مخططه انه ياخذ ملاك يختي خليه لملاك اتوقع بعد حادث عزيز وخوفهم عليه مستحيل يفتحون معاه الموضوع مره ثانيه يمكن الاقدار تجمعهم هو وفجر بدون تدخل اهله بس لا ان شاء الله يتزوج ملاك :) بتقولين وش جاب عزيز لملاك بقولك يختي احسهم لايقين لبعض زوجيهم على مسئوليتي : )

سلطان /
ذا الولد سالفته غريبه متعقد بشكل عجيب وما يتعقد بهالشكل ويشك الا اللي كان يعاني وشاف هالشي من شخص قريب منه ، هو مو راعي حب عشان اقول كان يحب وانخان معقوله امه كانت مسويه شي !! عشان كذا حتى اخته ما ارتاحت من شره ..

صقر /
لو انت ساكت ابرك مسوي ذكي رتيل لو عرفت انك كنت قريب منهم وتعرف أخبارهم وهي ميته خوف عليك راح تحقد زياده .. بس ارجع و اقول طلق ذيك الشينه وبتنحل نص امورك .. عموماً اتوقع زوجته لو عرفت بموضوع صقر كامل هي اللي راح تطلب الطلاق ..

وليد /
صراحه كان ودي احد يعطيه كف تصرفاته مالها داعي ملاك الحين محتاجته اكثر من اي وقت راح هو قادر انه يجمع ملاك وأمه بس تصرفاته تبعد ملاك زياده متى ما رجع وليد اللي ملاك تعرفه اتوقع راح تنحل كل اموره .،


ذياب * قلوب *
ياخي حتى وانت معصب تجنن ما عليك عصب على صقر يستاهل ..

سعود /
باقي مافي اي شي جديد صراحه عجزت اتوقع كيف راح يلقى لين مدري ام وليد تجمعهم او لين الشوق ينفجر عندها وتكلمه او اخوانها تكون لهم الكلمه

وبس ي جميله ..
بارت يستاهل ان الواحد ينتظره ❤️❤️
يعطيك العاافيه ي رب ..
فوتك بعافيه 💞

 
 

 

عرض البوم صور بروود اعصاب   رد مع اقتباس
قديم 19-01-15, 11:56 PM   المشاركة رقم: 294
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 260568
المشاركات: 229
الجنس أنثى
معدل التقييم: جود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداعجود بدر عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 411

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جود بدر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بروود اعصاب مشاهدة المشاركة
  
*

السلام عليكمم .
ي هلا ي هلا و اخيراً بارت و طووويل بعد ..
قبل لا ابداً بتوقعاتي يختي تعوذي من الشيطان واذا في بينك انتي وعزيز مشكله انا احلها وراك عليه قسسم الجزء اللي حق اهل عزيز انزل السطر الثاني شوي شوي خايفه يكون مات :"(

يلا استلمي توقعاتي /
عزيز :
سالفة فجر ذي صدمه من وين طلعت ذي وانا مخططه انه ياخذ ملاك يختي خليه لملاك اتوقع بعد حادث عزيز وخوفهم عليه مستحيل يفتحون معاه الموضوع مره ثانيه يمكن الاقدار تجمعهم هو وفجر بدون تدخل اهله بس لا ان شاء الله يتزوج ملاك :) بتقولين وش جاب عزيز لملاك بقولك يختي احسهم لايقين لبعض زوجيهم على مسئوليتي : )

سلطان /
ذا الولد سالفته غريبه متعقد بشكل عجيب وما يتعقد بهالشكل ويشك الا اللي كان يعاني وشاف هالشي من شخص قريب منه ، هو مو راعي حب عشان اقول كان يحب وانخان معقوله امه كانت مسويه شي !! عشان كذا حتى اخته ما ارتاحت من شره ..

صقر /
لو انت ساكت ابرك مسوي ذكي رتيل لو عرفت انك كنت قريب منهم وتعرف أخبارهم وهي ميته خوف عليك راح تحقد زياده .. بس ارجع و اقول طلق ذيك الشينه وبتنحل نص امورك .. عموماً اتوقع زوجته لو عرفت بموضوع صقر كامل هي اللي راح تطلب الطلاق ..

وليد /
صراحه كان ودي احد يعطيه كف تصرفاته مالها داعي ملاك الحين محتاجته اكثر من اي وقت راح هو قادر انه يجمع ملاك وأمه بس تصرفاته تبعد ملاك زياده متى ما رجع وليد اللي ملاك تعرفه اتوقع راح تنحل كل اموره .،


ذياب * قلوب *
ياخي حتى وانت معصب تجنن ما عليك عصب على صقر يستاهل ..

سعود /
باقي مافي اي شي جديد صراحه عجزت اتوقع كيف راح يلقى لين مدري ام وليد تجمعهم او لين الشوق ينفجر عندها وتكلمه او اخوانها تكون لهم الكلمه

وبس ي جميله ..
بارت يستاهل ان الواحد ينتظره ❤️❤️
يعطيك العاافيه ي رب ..
فوتك بعافيه 💞

وعليكم السلام ورحمة الله
يا هلا فيك , وقبل لا ابدأ ارد
بقول لك يشهد الله انّي احبّك فيه
واحب اي متابعة جميلة مثلك
تحسسني انّي كتبت وتقدّر تعبي
وانبسط واضحك من تعليقها

,
اول شي عن عزيز
ههههههههههههههههه لا طبعًا الله لا يجيب مشاكل , بالعكس من احب عيالي لي :p
بالنسبة لارتباطه بملاك او فجر
ما قرينا البارتات الجايّة
ولا ندري وش ممكن يصير
يمكن لا ذي ولا ذي
ويمكن وحدة منهم !

سلطان
عقدته من اوّل موقف ظهر فيه شفناها
وتوضحت مع كل بارت اكثر
في البارتات القادمة بنعرف تفاصيلها

صقر
لو انّه ساكت افضل
لكنّه في النهاية له قدْرة تحمل قد ينفجر بعدها
اللي اقدر اوعدكم فيه ان جلسة المحكمة بتغير امور كثيرة

وليد
هو محتاج لملاك اكثر من حاجتها له
لدرجة انّه يبي يستفتيها فيها !
لكنّه يراها مذنبة ومعتدية
واعصابه مشدودة لأنّه الى الآن مو قادر يتصالح مع عودة امّه

ذياب
سبحان مقلب القلوب
قبل كم شهر ما ينزل لكم من زور :p

سعود
اللي عاجبني في موضوعه ان كل وحدة تألف طريقة ينجمع فيها مع لين

اهلًا بوجودك الجميل حبيبتي
والله يقدّرني واكون اهل لانتظاركم ()*

 
 

 

عرض البوم صور جود بدر   رد مع اقتباس
قديم 20-01-15, 02:30 PM   المشاركة رقم: 295
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Apr 2008
العضوية: 72508
المشاركات: 273
الجنس أنثى
معدل التقييم: فتاة طيبة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدافتاة طيبة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدافتاة طيبة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدافتاة طيبة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدافتاة طيبة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدافتاة طيبة عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 511

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فتاة طيبة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جود بدر المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: خلت في مقلتيك طيف أحلامي / ب قلمي

 

عودة جميلة بجزء أجمل سلمت يداك جود .

 
 

 

عرض البوم صور فتاة طيبة   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلامي, مقلتيك, قلمي
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t190844.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 19-08-17 07:18 AM
ظ‚طµط© ظ‚طµظٹط±ط© &#1548; ط§ظ„ظ„ط؛ط© ط§ظ„ط¹ط±ط¨ظٹط©: طھظ†ط¨ظٹظ‡ Google - ظ‚طµطµ This thread Refback 09-10-14 02:40 AM
ط±ظˆط§ظٹظ‡ ظپظگظ€ظٹ ظ…ظ‚ظ„طھظٹظ‡ظ€ظ€ظ€ظ€ط§ This thread Refback 01-09-14 06:07 PM
ط®ظ„طھ ظپظٹ ظ…ظ‚ظ„طھظٹظƒ ط·ظٹظپ ط£ط­ظ„ط§ظ…ظٹ ط¨ ظ‚ظ„ظ…ظٹ This thread Refback 15-08-14 05:24 AM
Untitled document This thread Refback 08-08-14 08:08 PM


الساعة الآن 03:50 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية