بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثاني والثلاثون
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
العاشرة صباحًا
دخل الثلاثةُ الى المبنى
توقف الجميع عن العمل والتفتوا اليهم
كان يتقدمهم بثقةٍ تامة
وخلفه بخطوة الآخر الذي كان يرفع رأسه ويسير منتصرًا
والثالث الذي كان مبتسمًا وسعيدًا بانجازهم
مرّت ثوانٍ حتى تعالى هُتاف الموظفين والعاملين
: الله أكبر
: الحمد لله على السلامة
: كــفو والله
ابتسم الثلاثة وتبادلوا النظرات
اقترب جمعٌ من الموظفين ليعانقوهم ويسلموا عليهم بسعادةٍ كبيرة
وبفرحةِ الانتصار
حتى خرجَ أحدُ كبار المسؤولين من مكتبه مستغربًا من الضجة
حينَ رآهم شهق بخفةٍ ثم ابتسم ضاحكًا
: صـــقـــر
تقدم الثلاثة اليه ليعانق صقر وهو يقول بضحكة
: الف الحمد لله على السلامة , هلا بمن لفانا ونور داره وبيته وفرح أهله
ضحك صقر وهو يقول منتشيًا
: بفضل الله ثم وقفتكم معي الحمد لله
ابتعد عنه ليعانق ذياب
: كفو والله , قدها وقدود ولا خيبت أملنا فيك
ابتسم ذياب براحة
: الحمد لله رب العالمين
أخيرًا عانق سعد وهو يقول بصدق
: بطل والله يا سعد , رفعت راسي
ابتسم سعد وهو يزدرد ريقه
: الله يحفظك ويطول عمرك
دخلوا جميعًا الى مكتبه
جلس أمامهم وهو يقول بحرارة
: الحمد لله خلصنا
قال ذياب بجدية
: بقي الجزء الأهم في كل هذه القضية
رفع كتفيه بانسيابية
: ماهو الجزء الأهم , الأهم انكم رجعتوا سالمين ولله الحمد , الباقي يهون ان شالله
قال ذياب موجهًا حديثه الى صقر
: ما تبي تشوفهم ؟
صمتَ لثوانٍ ثم قال
: لا , في المحكمة اشوفهم , بس طلعوا الحريم
قال ذياب بحدة
: الكل بيتحاكم عدا زوجتك
قال صقر بحدة
: ذياب لا تحدني على اقصاي , كافي لحد كذا وانا ساكت لك , الحريم يطلعون
قال ابو بدر بهدوء
: صقر هد اعصابك وتعوذ من ابليس , حاضر الحريم يطلعون بس لازم ناخذ أقوالهم , اقدر اخدمك انهم يطلعون وعلى كفالتي لكن مستحيل أعفيهم من الاستجواب
زفر صقر ثم قال
: مين بيستجوبهم ؟
قال ذياب بمكر
: انا
التفت اليه بحدة لينفجر ذياب ضاحكًا
تأفف صقر
: ماهو وقت مزحك البايخ
: روّق يا شيخ وش فيك عابس كذا , الحمد لله رجعت لأهلك بالسلامة بأقل الخساير
قال ساخرًا
: اقل الخساير ؟ وش بقى ما خسرته يا ذياب !
ربت ابو بدر على فخذه بمواساة
: ما تشين الا تزين , توكل على الله ازمة وتعدي ان شالله
تنهد بصمت
مرّت ساعةٌ ونصف وهم يتناقشون
حتى استأذنوا وخرجوا
في السيارة كان ذياب يقود وصقر بجانبه
قال ذياب
: والله جوعان ودي بكبسة
قال سعد
: امشوا نتغدى سوى ونرجع صقر لبيته بعدها
قال صقر
: لا انا تعبان ومالي خلق اروح مكان
حركَ ذياب سيارته وقال
: ايه نتغدى مع بعض ثم روح بيتك الله معك , قول لي وش اخبارك شلون كان استقبال اهلك , من جينا ما شفتك ولا كلمتك
زفر وصمتَ لثوانٍ ثم قال
: الظاهر خسارتي هالمرة ما بعدها مكسب يا ذياب
: ليش تقول كذا ؟
: انا منبوذ من اهلي الحين , الكل شايف اني أكبر مجرم ومُذنب , اني حقير وما استحق انتظارهم لي !
صمتَ ذياب لثوانٍ ثم قال
: ليش ما تعلمهم باللي صار معك ؟
زفر ثم قال مبتسمًا بهم
: ما اقدر اعلمهم , اذا مو عشان سرية شغلي عشان لا أكون ضعيف , انا انخلقت قوي وان كان انكسرت في يوم ما اسمح اني اذكر انكساري لأحد
قال سعد بهدوء
: هذول اهلك يا صقر , اهلك اللي عشت ثمان سنوات بعيد عنهم , اللي جيتهم بلهفتك وشوقك واكيد تنتظر منهم استقبال يليق بحبك لهم , لا تعطيهم فرصة ينبذونك
قال ببحة
: عبد الله يبيني اطلق رتيل , واظن انّ الكل معه في ذا القرار
قال ذياب بتعب
: انت ليش اخذت بنت ابو عقاب معك ! ليش ما خليتها في الفندق ورحت لهم وجلست معهم يومين على الأقل بعدها تفهمهم بهدوء
رفعَ كتفيه بقلةِ حيلة
: ما فكرت كثير , من المطار للبيت على طول , حتى سلطان ومالك ما دريت عنهم اخذت شنطي واول تكسي قدامي ركبته وعلى البيت , كنت مشتاق يا ذياب , مشتاق ومتلهف , كان ودي اقطع الوقت اللي بين المطار والبيت , كنت ابي اطير واوصل لهم , سلمت على امي وعبد الله وبعدها انتبهوا انّ مها معي
ربت ذياب على فخذه وقال
: استعن بالله
همس وهو يغمض عينيه
: ونعِمَ بالله
مرّت دقائق صمت ليفتح عينيه ويلتفت الى ذياب بغضب
: بس انت يا كلب انا متوعد فيك
قال ذياب بفزعٍ من غضبه
: وش فيه !
انفجر سعد ضاحكًا
: قايل لك يبي يوريك انّ الله حق
قال صقر
: كم مرة قلت لك البنات طلعهم من لعبتك الحقيرة , حرام عليك وش ذنبهم تسوي فيهم كذا ! وش ذي النذالة يا ذياب
قال ذياب بحدة
: اذا نسيت وش صار في امك واختك وزوجتك لمن اختفيت ساعتها ناقشني ليش سويت كذا , اذا نسيت صراخ زوجتك وقتها بقول لك ليش سويت كذا , اذا نسيت امك وهي تدخل للمجلس وتبي تبوس يدي عشان ارجعك لها وقتها ابرر لك ليش سويت كذا , اذا نسيت مرض اختك الوحيدة ايام طويلة وقتها بيكون عندي رد اردّه عليك
قال صقر ببحة
: بس البنات مالهم ذنب
صرخ به
: وامك واختك وزوجتك ما لهم ذنب , ذنب بنات ابو غانم انهم بناته ! والله يا صقر لو مها ماهي زوجتك كان سويت فيها الألعن
قال صقر بغضب
: اخس واقطع
ضحك ذياب رغمًا عنه
قال صقر بزفرة
: بس مالك حق والله , احنا ما نرضى على بناتنا المرمطة
أشار بيده بعدم اهتمام
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الواحدة مساءً
مدّت له بفنجان القهوة وسألته
: وش صار على سالفة خويّك ؟
زفر ثم أجابها
: ابد , رحنا امس انا واخوه للقسم وطلبنا فتح الملف مرة ثانية ومعي اوراق تصريح انهم يفتحونه , فتحوه وسمعوا اقوال فيصل والحين يدورون على ولد عمّه اللي صوبه , وطبعًا لازم يفوق خالد عشان يحكي لهم اللي صار
قالت بتنهيدة
: الله يفرج همهم
أمّن بهمسٍ ثم قال
: متى تطلع رتيل ؟
: اليوم بعد قبل المغرب بنروح انا وعلي نجيبها , ما تبي تطالع في احد ابد , وان قربنا منها صرخت وطردتنا
قال بحزن
: لا حول ولا قوّة الا بالله
قالت بحرقة
: حرق قلبي عليها حسبيّ الله عليه عساني اشوفها فيه
: خالتي تعوذي من ابليس لا تدعين عليه حرام
: أوجعني في بنتي يا وليد
قبّل يدها بعطف
: الله يقومها بالسلامة ويهدّي القلوب
دخلت ملاك وجلست قريبةً منه
: وليد
التفت اليها بصمت
قالت بتردد
: كلمني فهد اليوم
قال بغضب
: وش يبي
ردّت بانزعاج
: انت ما تعرف ترد بهدوء ؟ لازم تعصب !
صرخ بها
: وش يبي قلت لك
نهضت وصرخت هي الأخرى
: عادي اخته ويبي يتطمن عليها ويعرف أخبارها , فيها ليش هذه ؟
نهض بصمتٍ يتأملها لثوانٍ , ثم قال بابتسامة
: تصرخين على وليد وتنزعجين من أسألته وتصرفاته ؟! ملّيتي من وليد خلاص !
صمتت لثوانٍ ثم قالت
: وليد لاحظ نفسك , تصرفاتك صارت فوق الطبيعي , معصب على طول تنافخ , شوية وتضرب , تبي تمنعني اكلم اخواني وابوي ؟!!
قال بهدوء
: أي امنعك
قالت بحدة
: ما تقدر
تركها دون رد وخرج من المنزل
التفتت الى خالتها وقالت معترضة
: وبعدين يعني
اشارت لها خالتها ان تجلس بجوارها
جلست وهي تتأفف
: وش صاير بينه وبين ابوه ؟
: ما ادري ! كانوا عاديين وفجأة رجع وليد للبيت معصصب وصرخ على ام فهد وقال لي لمّي أغراضك وطلعنا نلم كل شي ونزلنا وصادفنا ابوي عند الباب , حاول ابوي يسلم علي او يكلّم وليد , ومنعه وليد وأقسم بالله انّ حرام عليه شوفتنا بعد اليوم , وبس
صمتت الخالة لتفكر
ثم قالت
: ملاك لا تستفزين اخوك , تعرفينه مجنون وما يسوي شي الا من خوفه عليك !
قالت بنبرةٍ باكية
: انا ماني طفلة
ضمّتها خالتها وقبّلت رأسها
: هو يشوفك طفلة , لا تلومين اخوك على خوفه عليك وحبه لك
قالت برجاء
: خالتي علميني ليش وليد يكره عمامي وابوي
قالت خالتها مرتبكة
: انتي تدرين عشان طلاق امك وابوك اخذكم منها لين توفت الله يرحمها !
رفعت رأسها لتنظر الى خالتها
: اكيد في شي ثاني !
هربت ام علي بنظرها عن عيني ملاك المتسائلة
: ما ادري , وين هديل ؟
تنهدت ملاك ونهضت وهي تقول بهدوء
: نايمة
: اطلعي صحّيها وانزلوا نشوف وش نسوي عشان طلعة رتيل من المستشفى
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
السادسة وخمسٌ وعشرون دقيقة مساءً
دخل الى المنزل بهدوء واتجه الى غرفتها
كان الباب مفتوحًا
نظرَ اليها وابتسم بحنان
كانت متربعةً على الأرض ومسبحتها في يدها وتهمس بالاستغفار
اقترب وقبّل رأسها
رفعت رأسها لتراه
ثم أدارت له ظهرها بغضبٍ منه
ضحك بخفة وجلس أمامها
: افا يا ام مساعد , يقوى قلبك تزعلين على سلطان قلبك ؟
صدّت عنه وقالت بجفاء
: لا تكلمن
ضحك وقبّل يدها
: وراه
: قم وراك ما ابيك لا تجيني
: ما اقوى زعلك والله , اكبر مني
قالت بحدة
: قم راض اختك وان رضت رضيت انا
قال بهدوء
: اروى ما هي زعلانة
: وانت وش دراك ؟ قاعد بقلبها ؟ ارقى لاختك صالحها يا سلطان
زفر ونهض
: حاضر , تامرين يا ام مساعد
خرج من غرفة جدّته الى غرفةِ أروى في الأعلى
طرقَ الباب بخفةٍ ودخل
نظر الى الكتاب الذي في يدها ثم اليها
رفعت الكتاب ونفضته وهي تقول بسخرية
: اذاكر عندي اختبار
ضحك واقترب منها وسحب الكتاب من يدها
تربعت في جلستها ورفعت شعرها الى الأعلى
: خير
: الخير بوجهك , وش مسوية ؟
: تمام
: ما وحشتك بالله !
صمتت لثوانٍ ثم انفجرت ضاحكة
: ليش ! تهزّني عشان انام ؟؟ ولا عايش معي زي ظلّي !! عادي من خمس سنين انت تاركني وتوّك راجع من السفر
ضحك وقال
: أي اقصد انّك ما شفتيني امس
رفعت حاجبها وصمتت لثوانٍ ثم قالت
: أي تصدق قطعني الشوق
تنهد ثم قال
: زعلانة ؟
هزّت رأسها نفيًا
قال
: متأكدة ؟
: والله مو زعلانة
: طيب انزلي لجدتك قولي لها ماني زعلانة من سلطان , ما تبي تكلمني لين ترضين انتي
ضحكت بعمقٍ ثم قالت
: كم تدفع
: بنت !
: أي خلاص زمان الـ يا بلاش خلّص
: طيب وش تبين ؟
: اممم , تعشيني برى !
تأفف ونهض
: بكيفك لا تنزلين لها
سحبت كتابها وهي تقول بغرور
: انت الخسران
تجاهلها ونزل الى جدته
: راضية اروى
: كذوب
ضحك بدهشة
: والله توّها قالت ماهي زعلانة
هزّت رأسها نفيًا
: تنزل عندي وتقول لي ماهي زعلانة وتحب على راسها قدامي
قال بصدمة
: نعععم !
قالت ببرود
: نعامة ترفسك بين ضلوعك
ضحك رغمًا عنه وظلّ ينظر اليها
: لا تطالعني , ارقى نادها تجي تقول لي ماهي زعلانة , كان تبي رضاي !
حبس تأففه في صدره وصعد وهو يقول من بين أسنانه مغتاضًا
: ممكن تنزلين تقولين لجدتك انّك راضية ؟
قالت ببرود وهي تنظر لأظافرها
: اها !
صرخ بها
: قومي
نظرت اليه بضحكة
: وش تعطيني
رماها بالوسادة
: طيب بوديك تبلعين
قفزت من سريرها ونزلت الدرج مسرعة
: يمه
التفتت اليها جدتي مبتسمة
قالت بحنان وهي تجلس بجانبها
: وش فيك وجهك تعبان
: ما فيني شي , عساك راضية عن الهيس الاربد ذا
قال معترضًا
: يمه !
تجاهلته لتقبّل اروى رأس جدتها
: راضية عنّه يا روحي
امرته جدتي
: تعال حب راس اختك
مدّت اروى برأسها بغرور
قبّل رأسها ثم جرّ شعرها بغيض
صرخت وابتعدت عنه وقالت
: يلا مشينا
: بعد صلاة العشا نروح
: وين بتروحون ؟؟
جلس بجانبها
: بنتعشى برى , تطلعين معنا ؟
: لا يمه روحوا استانسوا انتوا , انا رجيلاتي ياجعني ما فيني شدّة اطلع
مدّت اروى بفنجان قهوة الى شقيقها وهي تسأله بهمس
: ما رد عليكم سعود ؟
قال بهمسٍ مماثل
: شكله صاير له شي , عمي يتهرب والولد جواله مقفل
قالت بهدوء
: الله يستر عليه
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثامنة مساءً
كانت مستلقيةً على سريرها
طيفُ ابتسامةٍ يرتسم على ثغرها
*وضعت الكتابَ على الطاولة وهي تتأفف
قالت لمار
: وش فيك ؟
قالت بنبرةٍ باكية
: هنا صفحة كاملة ماني فاهمة منها شي ! ما كنت حاضرة وعندي اختبار بكرة !
اخذت لمار الكتاب وحينَ همّت بالشرحِ لها
سمعتا حمحمةً قريبة
رفعتا رأسيهما وابتسمت لين
نهضت لمار وقالت بهمس
: طيب انا بروح انتظر لمى تطلع من محاضرتها ونجلس في الكافتيريا
هزّت رأسها ايجابًا
وذهبت لمار
اقترب ليجلس امامها
: يسعد لي هالصباح الحلو الرايق
ضحكت
: يسعد صباحك
: شلونك
رفعت كتفيها
: الحمد لله , ليش جاي ؟
عقدَ حاجبيه
: طردة !
قالت باستدراك
: لا طبعًا , اقصد جاي عشان اختبار او بحث او ايش !
: بحث , سلمته خلاص
همهمت دون رد
نظرَ الى كتابها
: وش تسوين
قالت بضيق
: اختباري بكرة وفي صفحة ماني فاهمتها
نهض ليجلس بجانبها وهو يقترب ويميل رأسه الى رأسها ويقول بنبرةٍ جعلت وجنتيها تشتعلانِ احمرارًا
: تجين أفهمك
قالت بخجلٍ كبير وهي تدفعه عنها
: لا شكرًا
انفجر ضاحكًا وهو ينظر الى الصفحة
راح يشرح لها وهي مرتبكة ولا تفهم شيئًا
اقترب ليعضّ اذنها من خلف حجابها
: ركزي يا هبلا , بكرة ما بيفيدك سعود تجلسين تعبرين عن عشقك وحبك له بدل لا تحلين الأسئلة ؟
التفت اليه بنظرةٍ متهمكة وقالت
: وش ذي الظرافة !
قال بدهشة
: نعم ؟
غطّت فمها بكفها وهي تقول محرجة
: سوري , معليش والله ! انا آسفة ما اقصد
صمتَ لثوانٍ ثم انفجر ضاحكًا
: يعني بتقولين سامج ومستحية ! ماشي يا بنت محمد , قومي انقلعي ماني شارحها لك
نهضت بغيض ليسحبها وتجلسَ بجانبه
قال بتحايل
: خلاص لا تقومين , تعالي معاي نتمشى !
ضحكت رغمًا عنها
: والاختبار ؟
وضع كتابها في حقيبتها ونهض وسحبها معه
: يولع بـ غاز
ضحكت وهي تسير خلفه , تجبرها أقدامها !
تجولا في الطرقات
اشتريا حلوى غزل البنات
كانا يأكلان ويتحدثان باستمتاع
قال سعود مبتسمًا
: اول مرة تكسرين قاعدة صح ؟
ضحكت وهي تقول
: صح
مدّ ذراعه الى خصرها وسحبها لتسير أمامه وهو يعانقها من خلفها
: حلو انّك تكونين عايشة بنظام وبطاعة , بس مو حلو انّك طول عمرك تلتزمين ! برضو تكسرين الملل وتخالفين قاعدة او تتركين شي بدون ما تكمليه
ضحكت بارتباك
: طيب والاختبار ؟
قال بشقاوة
: ما عليك انتي تختبرين والسماعة في اذنك والكتاب معاي , أي شي تبينه انا حاضر , كم لين عندي !
التفتت اليه بصدمة
: أغـش !
قال بسخرية
: يا الله على الصدمة – اعادها الى وضعها وعانقها من جديد وتابع سيره – يعني مو مرة مرة تغشين , بس الصفحة هذيك اللي مانتي فاهمتها
ضحكت رغمًا عنها وهي تهمس
: منت صاحي
: عفوًا ؟
عضت شفتيها
: ما كلمتك
عضّ كتفها لتصرخ ثم قال ببراءة
: ما كلمتك ! تبين شي ؟
صاحت باعتراض
: سعووود
حملها وهو يضحك *
مسحت دمعتيها
يا الله كم اشتاقك يا سعود
كيف اذنبت وتركتك !
كيف دنَت نفسي وطاوعتني
يا حبيبي يا سعود !
يا قطعةً من اشتياق
وصيبًا من عشق
,
,
المملكة المتحدة – لندن
العاشرة صباحًا
مسحت على شعرها وهي تقول بحنان
: بسّك دلع عاد , متى بتقومين !
تنفست بضعف وهي تقول
: ما ظنتي لي قومة يا رونا , انا اشوف الموت !
قبّلت يدها وهي تبكي
: بسم الله عليك , بتقومين ان شالله , قومي رنا لا تحرّين قلبي عليك !
ابتسمت بتعبٍ وهي تتفس بصعوبة
: تكفين رونا ابي اشوف امي وسعود وفكتوريا قبل اموت
من الجهةِ الأخرى من السرير كان يجلس هاني بلا حولٍ ولا قوّة
يرى زوجته حبيبته تحتضر ولا يملكُ لها سبيلًا او خلاصًا من الموت !
زوجته التي لم يكونا يومًا متصالحان !
ولم تَرى حبّه يومًا !
شدّ على يدها برجاء
: شدّي حيلك , لا تستسلمين للمرض
شهقت شهقات متتالية ثم قالت
: كلمي امي رونا , ابيها
مسحت رونا دمعاتها بسرعة ونهضت وهي تقول
: حاضر , الحين اكلمها , بس انتي شدّي حيلك , تكفين
خرجت من الغرفة وأخرجت هاتفها لتتصل بوالدتها التي ردّت بسرعة
: مرحبًا , هل وجدتي سآود ؟
قالت برجاء ورجفة
: لا امي لم أجده , امي ارجوكِ هل لي بطلب !
قالت مستغربة
: ماذا ؟
: رنا تحتضر , وتريد رؤيتك !
صمتت بصدمة
مرّت ثوانٍ طويلة
قبل أن تقول
: لا , لا اريدُ رؤيتها
شهقت رونا وأجهشت بالبكاء
: ارجوكِ امي , رنا ابنتكِ ! ستموت يا امي , طلبت ان تراكِ ارجوكِ
قالت بقسوة
: لن آتي
واغلقت الهاتف !
انزلت رونا الهاتف واغمضت عينيها بخيبة
لن تأتي !
غضبها أعمى !
لا يبصر كمّية الألم التي تحيطُ به
لا يرى احتياج البعض لها !
عادت الى غرفةِ شقيقتها وجلست بجانبها
قالت برجاء
: بتجي ؟
ابتسمت رونا بوجع وهي تمسح على شعرها وتقول باختناق
: ايه , كلمتها وخافت عليك وتلاقينها بالطريق الحين , انتي ارتاحي بس
تنفست بقوةٍ وقالت
: جيبي لي فكتوريا
قالت رونا بحذر
: رنا انتي تعبانة الحين , خليها وقت ثاني
: تكفين , يمكن ما يكون في وقت ثاني !
قبّلت جبينها بعمق
: ان شالله في , حاضر بجيبها
نهضت والتفتت الى هاني برجاء
: انتبه لها
هزّ رأسه ايجابًا بضعف
تركتهما وهي تهمس
: استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه
,
,
المملكة العربية السعوية – الرياض
السابعة مساءً
انزلها على سريرها وجلس قريبًا منها
: طيب !
لم تجبه
امسك بيدها وقال بحدة
: ردّي علي
قالت ببحة
: وش تبي ؟
: ابيك تكلميني
: وش اقول لك ؟
: وش تبين تسوين الحين ؟!
صمتت لثوانٍ ثم قالت ببرود
: عادي , اتطلق وما علي عدّة , اكمل دراستي واتزوج وخلاص !
الجمته الصدمة
مرّت عدة ثوانٍ ليكرر ببطئ
: تتطلقين ؟!!
هزّت رأسها ايجابًا ببرود
نهض وهو يزفر بحرارة
: متأكدة ؟
: علي لا تصير زنان , لو تنطبق السما على الأرض مالي رجعة
تأملها قليلًا ثم قال
: ما اشتقتي له ؟
ابتسمت وهي تنظر اليه
: كنت مشتاقة له , بس شفته خلاص وراح الشوق !
: رتيل لا تعاندين نفسك
صرخت به
: انت وش تبي مني ؟ سألتني وش تبين وجاوبتك ! تبي شي ثاني ؟
صمت وخرج من الغرفة
يبدو انهم سيعانون كثيرًا في الايام القادمة !
نزل الى الاسفل لتسأله والدته
: كلمتها ؟
: تبي تطلق !
شهقت والدته بلا تصديق
: رتيل تبي تتطلق من صقر !
ضحك رغمًا عنه
: اجل من مين !
قال تركي
: ما بيرضى
: غصب عنّه
قال وليد
: والله صقر عنادي وما ظنتي يطلق , خصوصًا هو شاري
قالت هديل ساخرة
: شاري ! أي شاري يرحم والديك وهو جايب لها ضرتها بكل برود الله ياخذه
رماها علي بالوسادة الصغيرة ونهرها
: كلمة زيادة وتنضربين
تأففت ونهضت الى غرفة اختها
جلست امامها
: شلونك الحين ؟
قالت ببرود
: وش تبين ؟
: بجلس معك !
: انا ما ابي اجلس مع احد , انزلي لامك ولا روحي لبنت خالتك
قالت هديل بدهشة
: رتيل وش فيك !
: ما فيني شي ! ما ابي اجلس مع ! غصب يعني ؟!
نهضت هديل بلا تصديق
وخرجت من غرفة رتيل الى غرفتهما هي وملاك
: مملاك
رفعت ملاك رأسها عن اوراقها
: هلا
: رتيل مدري وش فيها
قالت بخوف
: وش فيها !
: ما ادري , طردتني من غرفتها وتنافخ , وتقول روحي لامك وبنت خالتك ! هي ولا في حياتها قالت امك اما تقول امي او خالتي !!
صمتت ملاك لثوانٍ ثم قالت ببساطة
: طيب عادي , تعبانة ونفسيتها تعبانة , اتركيها ترتاح
جلست هديل وهي تهزّ رأسها بحسرة
: علّك ما تربح يا صقر كانك هبلت بالبنت
ضربتها ملاك بخفة
: استغفري ربك لا تدعين على ولد عمك
تأففت وهي تستلقي على سريرها
,
,
الى الملتقى :)