,
بسم الله الرحمن الرحيم
البارت الثامن والعشرون
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الثامنة والنصف مساءً
قال ابو سعود
: انا تعبت , بأرجع للبيت
قال عبد العزيز
: وانا برجع خالتي سارة للبيت وبحط راسي وانام , تعبنا اليوم
قال سعود
: روحوا طيب , انا بجلس مع لين شوي وارجع للبيت
نهض ابو سعود ونادى على زوجته ووالدتها ليعودوا الى المنزل
واصطحب عبد العزيز الخالة سارة الى المنزل بالحافلة
اقترب سعود من لين
كانت تجلس على المقعد ووجهها للجهة الأخرى
قبّل رأسها وجلس بجانبها
ابتسمت وهي تنظرُ اليه
سألها
: عجبك عيدنا ؟
هزّت رأسها ايجابًا لتقول بخفوت
: يكفي وجودك فيه ! صحيح افتقد اخواني وامي , بس
صمتت ورفعت كتفيها لأنها لم تعرف بمَ تُعبّر
ابتسم ولم يُعلق
مرّت نسمةٌ عليلة , باردة
ضمت لين جسدها بذراعيها
: برد الجو
اقترب منها وأحاط كتفيها بذراعه
بعد قليلٍ نهضا
كانا يسيران ببطئ
لفت شخصٌ انتباه لين
التفتت بسرعة لكنّه اختفى
قال سعود مستغربًا
: وش تدورين ؟
: شفت صاحب اخوي !
تلفت معها ليقول
: لين الله يصلحك مليان خليجيين وين بنعرفه
هزّت رأسها
: والله شفته !
: طيب وش بنسوي له ! بتروحين تسلمين عليه مثلًا ؟!
: لا شفت أخته معاه , اخته صديقتي
تلفت يبحث ثم قال
: امشي يا قلبي شكلك توهمتي , او شفتي شبيه له
صمتت وسارت معه غير مقتنعة
هي موقنةٌ بأنّها رأت وليد وملاك !
,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
العاشرة مساءً
وضع الشاي وجلسَ أرضًا
ويوسف يتلفت حوله بعدم رضى
: وش الله حادك تجي تسكن بروحك ! شوف الشقة ماهي مأثثة ولا مرتبة , ومحدن يطبخ لك ولا احدن يخدمك
ابتسم بهدوء
: ما عليه , الواحد يشتري راحة باله , والله ما قصرتوا لكن يظل بالي مشغول في دخلتي وطلعتي لا أصادف حريمك
زفر يوسف ولم يُعلق
قال عمر بعد برهة
: انت وراك تارك هلك في العيد ومقابلني
قال يوسف ساخرًا وهو يعدل " نسفة " شماغه
: ابد راحم حالك , لا ولد ولا تلد كاسر خاطري
ضحك عمر وهو يرميه بالوسادة
هكذا انا مرتاحُ الضمير يا يوسف
ليسَ سهلًا أن أعيش هذه الحياة
في منزلٍ بمفردي
أخدمُ نفسي بنفسي دون أي مساعدة
لم اعتد ذلك !
دومًا المرأة تهتم في شؤون الرجلِ كلّها
وان خدم نفسه فيكونُ شيئًا يسيرًا
لكنّ شقيقتك قد ارهقتني
وذنبك اثقل كاهلي
لم يعُد لي قدرة على البقاء قريبًا منها
وقد شعرتُ بنبضات القلب الأولى تجاهها !
قال بعد صمت , وبلحظةِ تهور
: ودي في نسبك يا يوسف
رفع يوسف عينه اليه بصدمة
ليضحك ويقول
: اقصد لا منّي لقيت هلي واستقرت اموري
اعتدل يوسف في جلسته ليقول
: لا تربط نفسك في شي يمكنك ما تقدر تسويه
ابتسم
: انا جاد
ضحك يوسف وقال
: وش عرفك وش عندي من خوات
قال عمر بمحبةٍ صادقة
: يكفيني نسبك يا يوسف , وأثق في يدّ من ربّاك انّه أحسن تربية خواتك
ابتسم يوسف
: الله يسلمك , لكن الكلام ذا خلّه الين ربي يفرجها عليك , ما ابيك تربط نفسك
ابتسم ولم يُعلق
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
الثانية بعد منتصف الليل
ضحكت بخفوت ولم تُعلق
ابتسم لضحكتها وقال
: الله فوقك يا ظالمة , فوق سنة من ملكت عليك ولا عمري سمعت ضحكتك !
عادت تضحك دون ان تتكلم
قال بملل
: داليا , اكلم نفسي انا !
قالت بهمس
: لا
قال بغيض
: لا والله ؟! وانا احسب اني اكلم نفسي مشكورة على المعلومة
ضحكت ليقول بتنهيدة
: يا لبيه , خلاص لا تتكلمين بس اضحكي
صمتت بخجل
قال بضحكة
: قلت اضحكي
عادت لتضحك وحينها فُتح بابُ غرفتها
عقدت رتيل حاجبيها وهي تنظر الى الساعة
: من تكلمين الساعة اثنين !
اعتدلت في جلستها وهي محرجة , لتقول
: صديقتي !
انفجر علي ضاحكًا
رفعت رتيل حاجبها الأيمن
: والله ! لاقيتني انتي
ابتسمت وحركت شفتيها دون صوت لتقول بأنه علي
ضحكت رتيل وقالت
: طيب , خليت لك عشا في المايكرويف , مو حضرتك نمتي من العصر ومن نص ساعة صحيتي
ابتسمت وهي تحك رأسها باحراج
ارسلت لها رتيل قبلةً في الهواء
: تصبحين على خير
خرجت وأغلقت الباب لتعود داليا الى الاستلقاء , والحديث الى علي !
,
,
استراليا – كانبرا
العاشرة صباحًا
ابتسمت وجلست أمامه
: سوري تأخرت ؟
هزّ رأسه نفيّا بابتسامة
وضع النادل أمامها كوب قهوة وانصرف
ارتشفت منها لتسأله
: عندك بريك الحين ؟
رفع كتفيه بلا مبالاة
: لا , بس ما عندي شي , قلت اجلس معك شوي
توردت وجنتيها وابتسمت
قالت بعد صمت
: عادي أسألك سؤال
: اسألي
: آمم , انت ليش يعني اول مرة شفتك كنت وايد معصب , يعني ما ادري بس احسّك كنت شخص غير عن الحين
رفع حاجبه الأيمن لتقول بتبرير
: ما اقصد شي , بس ابي اوصل لك انّه شخصيتك كانت شي وصارت شي ثاني !
هزّ رأسه نفيًا
: ما تغير شي , بس انا شخص مزاجي
قالت بهدوء
: انزين ليش عمي ابو راجح ما يبيني احتك فيك !
ابتسم ببرودٍ تام
وارتشف من قهوته
ثم قال باستفزاز
: ابو راجح ذا انسان فيه عقد , يبي يمارسها على الناس , بالمناسبة ليش تقولين عنه عمّك وهو زوج بنت عمك !
قالت بجدية
: لا تقول عنّه فيه عقد , عمي ابو ارجح شخص وايد زين وقلبه وايد طيب , واناديه عمي لأنّي وايد احترمه واقدره , يعني اوكي الفرق اللي بيننا ما يستدعي اناديه عمي , بس تقدير له
هزّ رأسه بلا مبالاة وقال بوضوح
: انا ما اطيقه ولا هو يطيقني
تحوّلت ملامحها الى ضيقٍ حقيقي
ابتسم وقال
: خلاص لا تزعلين , معليه احاول ابلعه عشانك
ابتسمت بمجاملةٍ وصمتت
,
دخل الى الشركة وتوجّه الى الكافتيريا ليُحضر كوبَ قهوة
رفع حاجبه حين رآهما معًا
رفع هاتفه واتصل
: طال عمرك ذياب جالس مع لولوة !
زفر ابو راجح بغضب
: خلاص انا اتصرف اطلع لي انت بسرعة
أغلق الهاتف وخرج من الكافتيريا دون القهوة
قال ذياب وهو يشير اليه برأسه
: من هذا ؟ دايم اشوفه مع ابو راجح
التفتت لتنظر اليه ثم التفتت الى ذياب
: هذا سعد , يشتغل عند عمي ابو راجح من ست سنوات ونص او سبع سنوات , مرافق شخصي او حارس , شي جذي يعني
قال بسخرية
: من كثر أعداءه يعني عشان يحط حارس ؟
رفعت كتفيها
: مادري والله
حينها دخل سلطان الى الكافتيريا وهو عاقدٌ حاجبيه
اقترب من ذياب وهو يقول بجدية
: ابو راجح يبيك
: وش يبي ؟
: قوم له بنفسك وشوف وش يبي
قال بسخرية
: شكله البزر اللي كان هنا فتّن له
نهض وهو يضع معطفه على كتفه
اعتذر من لولوة وخرج
التفتت سلطان الى لولوة وهو يقول بنبرةٍ لا حياةَ فيها
: ابو راجح يقول للمرة الأخيرة ينبهك , ويبري ذمّته من أي شي يصير لك من ذياب
: هذا حجي فارغ , شبيسوي لي ذياب ! ما بيني وبينه شي عشان اخاف واحذر
: جاك العلم
أولاها ظهره عائدًا الى مكتب ابو راجح
,
قال بحدة وهو يقف أمامه
: ابعد عن لولوة
ضحك ببرود والتفت جانبًا ليرى مالك وسعد جالسين
قال ابو راجح
: انا ما امزح , انت هنا مجرد موظف , لا تحتك بلولوة , عندك اوراق شغل عندك أي شي تروح لرئيس قسمك او لراشد او لي او لأبو عقاب , لكن اللقاءات الجانبية هذه غير مسموح لك فيها , انا احذرك
هزّ رأسه بلا مبالاة
وخرج من المكتب متصادمًا مع سلطان
جلس سلطان وهو يقول بحنق
: ما ينبلع اعوذ بالله
زفر ابو راجح وجلس على مقعده
,
في مبنى القناة
كانت تجلس أمام الكاميرة وتناقش السياسي الذي أمامها بجديةٍ ليست أبدًا من طبعها
لفت انتباهها شيئٌ خلفَ المصور
كانت وردةٌ حمراء ممدودة من الباب
ثم يدٌ تُحييها
ثم ظهر وجهه مبتسمًا لها
تشتت تركيزها وارتبكت
انتبهت منال الى اضطرابها
تحدثت عبر السماعةِ اليها
: عواش شفيج , ركزي
حمحمت وهي تحاول التركيز
كان يضحك وهو يعبث بملامحه بطريقةٍ كوميدية
قالت منال حينَ رأت أنّ الوضع لا يُسَيّطَرُ عليه هكذا
: اطلعي فاصل
: اذًا فاصلٌ ونعود
ظلّت مبتسمةً للكاميرا حتى أشار لها المصور أنّهم أوقفوا التصوير
نهضت وأسرعت لتخرج
انفجر ضاحكًا وهرب من امامها الى غرفةِ التحكم
دخلت بغضب
: وينه هذا
قالت منال
: شفيج ؟
قالت بانفعال
: طارق ! ماد لي راسه من ورا المصور ويسوي حركات ! ششتني قمت ما اجمع
رغمًا عنها ضحكت منال ونظرت اسفل الطاولة وقالت بعتاب
: وقت الشغل ما فيه غشمرة !
خرج وهو يضحك
: مُش هي ضحكتني في المشهد بتاع الفيلم !
: أي انت تسجيل اهي بث مباشر
ضربت عائشة كتفه وضحكت رغمًا عنها
: صج كريه
مدّ لها بالوردة وهو مبتسمٌ ابتاسمةً واسعة
: خلاص انا آسف , اتفضلي
اخذتها وهي تهز رأسها بيأسٍ منه
قالت منال
: ردّي للاستوديو , الحين الريّال بيقول شفيها هذه ينّت
عادت الى الاستوديو وتابعت البث
بين الفينةِ والأخرى كانت تتذكر تصرفه وتحبس ابتسامتها
,
,
,
,
مرّ عام !
المملكة العربية السعودية
الرياض
كانا داليا وعلي كَطيرين يُحلقان مع سربِ السعادة
ورتيل تنتظر صقر , بِوحدة وحُزن
,
الشرقية
ابو وليد في محاولاتٍ بائسة ليستميل قلبَ وليد
ووليد رغمًا عنه يصدّ
,
حائل
أثث عمر شُقته أثاثًا بسيطًا
ويتردد على الدوائر الحكومية المتخصصة
,
استراليا
يزداد أذى ذياب وازعاجه لأبو راجح
وهو أمرٌ لَحظَهُ الجميع
تتوطد العلاقة بينه وبين راشد
ويتودد الى لولوة أكثر , حتى أحبّته !
,
ابو راجح لا يزال منغمسًا في صمته
وقد قارب على الانتهاء من علاجه !
,
نبيل وطارق قريبين بشدة من منال وعائشة
,
,
المملكة المتحدة
لندن
عبد العزيز في طورِ الجدّ في دراسته , لم يتبقَ سوى أسابيع ليتخرج ويعودَ الى عائلته
كذلك حالُ لمار ولمى
سعود ولين
في أجملِ علاقة ود
كانا جميلين ومُكملين لبعضهما كثيرًا
,
,
المملكة المتحدة – لندن
الرابعة مساءً
كان يقف مستندًا الى العامود
ذراعيه ملتفين حولها
وتقف هي متكئتةً بِكتفها الأيسر الى صدره
أنزل رأسه واتكئ بذقنه الى كتفها
قال بهمس
: مرّت سنة , وأحلى سنة
ابتسمت والتفتت اليه بوجهها
أسندت جبينها الى جبينه وأنفها على أنفه
قالت ببحة وخفوت
: وأربع ساعات
ضحكا بخفوت
والتفتت هي بكامل جسدها اليه
لفّت ذراعيها حولَ رقبته ولف ذراعيه حول خاصرتها ورفعها عن الأرض قليلًا
قلتُ يومًا أنني سأحبكِ
وسأجود بمشاعر قلبي لكِ
لكنّ الحب أبى , وحلّ العشق محلّه
معشوقتي
يا لون القمر
وسكون وجه النهر
يا لحن انهمار المطر
يا سكينة السحر
ولذّة السهر
كانت لين مغمضةً عينيها وهي تعانقه
قد رفضت أن أحبك
لأجدني تعثرت وسقطت في حبِّك
-
انّك كَشتاءٍ خالطه ربيع
أزهارٌ , غطّاها الصقيع
ضحكٌ , بين الفرش يضيع
شمسٌ , تحت رُكام سحبٌ فضيع
انّك لهالةُ سعادة
وضحكاتٌ ما لها إبادة
أنصت يا جنّة قلبي
ليس بعدك في الغرام مدد
وليس قبلك من وجد
اني أشهدكَ الفرد الصمد
أني أحبك حبًا لم يعرفه أحد
ولكَ في روحي صدد
أميرٌ , في الوجودِ أميري
أعشقه , ولم يرضَ بعدُ ضميري
اذا رأيته , فكأنه مسّني صيبُ جنون
يقفز قلبي , وأصاب بالضحكِ المجنون
ابتسم لابتسامته , واقطب جبيني اذا ما قطب
اذا مشى , كأنّ الأرض لقدميه تميل
واذا ضحك , جادت السحب بسيل
من ذا من حواء
معشوقها , كَحبيبي الوضاء
اذا رأينه العذراوات , تراجعنَ بحياء
في حضوره , استسقى الرجال بوجلٍ الماء
وارفع رأسي للسماء
مبتسمة , أدافع عبراتي من فرط سعادتي به , باستجداء
أحببتك حتى أوجعني حُبك
فرفقًا بي , لا تقتل قلبي من فرط الهوى
فلم أكتفِي بعدُ من حبِّك .
*بِ قلمي .
-
أبعدها وابتسم لتبادله ابتسامته
أوصلها الى منزلها في السادسة مساءً , ووعدته بلقاءٍ في الغد بعد عودتها من الجامعة
,
,
المملكة العربية السعودية – حائل
الواحدة بعد منتصف الليل
نهض من سريره ليتوضأ
توضأ وعاد الى غرفته
اختل توازنه بفعل البلل الذي في رجله
ليسقط ارضًا ويرتطم رأسه بقوةٍ بطرف الطاولة
تأوّه وغاب عن وعيّه
كان يوسف يتصل به مرارًا ولا يجد ردًا
نهض واتجه الى شقته بقلق
فتح الباب بنسخة المفتاح التي معه
دخل وهو ينادي
: عمر , عمر وينك !
انتبه اليه واقترب ليشهق بفزع
اقترب أكثر ووجد جانب وجهه الأيمن ملطخًا بالدماء
فتح الباب ونادى على حارس العمارة ليساعده على حمله
فورًا نقله الى المشفى
لتمرّ ساعات الليل حتى اقتراب الفجر
استيقظ وتلفت حوله بريبة
اقترب يوسف وهو يقول بخوف
: وش صار لك !
نظرَ اليه طويلًا
اعتدل في جلسته وهو يشهق
: يوسف , يوسف يوسف
قال يوسف بجنون
: وش نووحك خلعت قلبي تكلم
قال بجنونٍ هو الآخر
: انا اتذكر
قاطع الطبيب كلماته حين دخل
: عمر !
التفت اليه وهو يشهق
: انا مو عمر , تذكرت والله تذكرت
,
,
استراليا – كانبرا
الحاديةَ عشرةَ صباحًا
اقتحم ذياب المكتب لينهض راشد ويقول بحدة
: ذياب ! شنو الدخلة هذه ! المفروض تطق الباب
أغلق الباب واقترب منه وهو يقولُ بهدوء
: بدون ولا كلمة امش معاي
عقد حاجبيه
: وش فيك انت !
أعاد كلماته بذاتِ الهدوء
: قلت لك امش معاي
قال ذياب بحدة
: ينّيت انت !
ابتسم وهزّ رأسه ايجابًا
: ايه جنيت , تعال بس بوريك شي
زفر وسار معه وهو مستنكرٌ لتصرفاته
,
تأفف وهو يركب السيارة
قال مالك بهدوء
: وبعدين معاك ؟ فترة ونرجع ! هو قال عشان الشغل
أسند رأسه الى النافذة وأغمض عينيه وهو يتذكر ما حدث قبل أيام
*قال ابو راجح
: انا نازل السعودية , ومطوّل عشان الشغل وكذا , انتوا الاثنين بتجون معاي
قال سلطان باعتذار
: اسمح لي الله يطول عمرك , انا ما اقدر
قال بهدوء
: بتردني يا سلطان ؟
قال محرجًا
: والله ماهو القصد أردّك , بس ما اقدر اروح للسعودية
: بتقدر ان شالله , عشان خاطري بتروح معاي
أُحرج ووافق مرغمًا..*
وصلا الى المطار ليجدا ابو راجح وزوجته وسعد بانتظارهما
توجهوا الى مقاعد الدرجة الأولى
سعد ومالك وسلطان معًا
وعلى مقربة ابو راجح وزوجته
,
أوقف السيارة أمام المطار والتفت الى راشد
: انزل
قال راشد باستغراب
: شنسوي هني !
: انزل وتعرف
نزل ودخلا الى المطار
قال ذياب بهدوء
: يلا يا شطور , بهدوء بتركب معاي بالطيارة ونسافر للسعودية بيننا شغل
التفت اليه بغضب
: انت شفيك اليوم
أخرج ذياب المسدس من جيبه وغرزه في خاصرة راشد وهو يقول
: راشد امش معي بسكات أحسن لك
صمتَ راشد وفكّر بصورةٍ سريعة
هم الآن في المطار ويستطيع الافلات بسهولة
قال ذياب بسخرية وهو يفتح هاتفه
: انا عارف رشودي حبيبي شيطون وما يمشي بهدوء – مدّ الهاتف أمام وجهه – شايف الحلوة ذي ؟ في شقتي الحين وخمسة شباب واقفين عند الشقة , وهنا في المطار عشرين واحد يراقبون الوضع , لو ما مشيت بهدوء وحاولت تسوي بلبلة , لك حرية الفهم !
ازدرد ريقه وقال
: خلاص بمشي معاك بس لولوة تكون بخير
: اوعدك تكون بخير بس نوصل بالسلامة
سار معه وركبا في ذات الطائرة في الدرجة السياحية
ولم يكن أبو راجح ومن معه يعلمون بوجودهم , ولم يكن ذياب ومن معه يعلمون بوجود ابو راجح !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
التاسعة مساءً
نقلَ خالد والدته التي سقطت مغشيًا عليها الى المشفى
ليخبروه أنّها كانت ستتعرض لجلطة لولا لُطف الله
دخلت ممرضةٌ الى غرفة ام خالد
قالت ام خالد برجاءٍ وتعب
: يا بنتي , انا بنتي الوحيدة في بريطانيا , اخاف اموت وانا ما شفتها تكفين اتصلي عليها قولي لها امك في المستشفى تعالي لها
قالت الممرضة بتعاطف
: عمرك طويل يا خالة , ابشري بس أعطيني رقمها
أملت عليها الرقم الذي تحفظه عن ظهر قلب
وخرجت الممرضة لتتصل خارجًا لأنّ الهواتف ممنوعة بقربِ المريض
,
,
المملكة المتحدة – لندن
السادسة وخمسِ دقائق مساءً
خلعت معطفها ولا تزال الابتسامةُ تُزيّنُ محيّاها
همّت بالدخول الى غرفتها واستوقفها صوتُ هاتفها
ردّت بهدوء
وتلقت الخَبرَ كالصاعقة
انهارت لتجلس أرضًا بغيرِ تصديق
بكت بجنون ثم اتصلت على شقيقها الذي ردّ بسرعة
: خالد , تكفى يا اخوي تعال خذذنيييي
فزع خالد من صوتها
: لين ! ليين وش صاير لك تكلمي
: تعال يا خالد تعااال ردّني لأمميييي
نهض من مكانه وهو يقول بخوفٍ وفزع
: خلاص هدّي , هدّي والله بجيك على أول طيارة
أغلق الهاتف ليتصل بعدَ خمسةَ عشر دقيقة
: لين لقيت طيارة بعد ساعة بتطلع , اهدي يا روح اخوك تكفين هدّي
أغلقت الهاتف وفورًا فتحت الموقع الخاص بالمطار وحجز التذاكر
رأت موعدَ وصول الطائرة التي ستحضر شقيقها
وبعدها بنصف ساعةٍ فقط طائرة تتوجه الى المملكة العربية السعودية
حجزت تذكرتان لها ولشقيقها
نهضت وجهزت حقيبةً صغيرة بأهمِ حاجياتها
كتبت رسالةً بيدٍ ترتجف ووضعتها جانبًا لِتُعطيها الى الحارس غدًا
,
,
المملكة العربية السعودية – الشرقية
الثامنة صباحًا
كان يسترجع كلام والدِه في الأمس
*: وليد انقل لي وصاية ملاك
هزّ رأسه برفضٍ قاطع
: مستحيل !
: بس هي بنتي !
: بنتك يا يبه على عيني وراسي , وتامرها وتنهاها , لكنّي ما اقدر انقل لك وصايتها !..*
ليخرج والده مكسورُ الخاطر
طوال الليل كان يفكر
والده لم يقصر معهم وان كان أخطأ خطًأ فادحًا فيما مضى
يحبهم ويعطف عليهم !
لن يكون هناك مشكلة لو نقل الوصاية اليه
وستبقى ملاك لا تلجأ الّا له
ولن يضرها والدها مهما حصل !
عزم أمره ونهض ليذهب الى شركةِ والده
وصل الى الشركة وصعد الى الدورِ الثالث
اقترب من موظف الاستقبال
: الوالد موجود ؟
نهض باحترام
: ايه معاه عمّك فلاح , في غرفة الاجتماعات الكبيرة
عقد حاجبيه استغرابًا
عمّه فلاح قد كان خارج المملكة عامين وعاد الاسبوع الماضي
اقترب من الغرفة ليسمع صوتهما خافتًا , لكنّه واضح !
شدّه حديثهما وظلّ على وضعه يسمع
قال العم فلاح
: وش سويت معاه ؟ شلون صار كذا !
قال بتنهيدة
: قلت له امك ماتت , في واحد فقير وحالته على قدّه ابوه متوفّي دفعت له كم الف وأخذت القبر حطيت عليه اسمها وسنة للوفاة
اختل توازنه
جحظت عينيه
عمّن يتكلم !
هل يقصد بحديثه....!
لم يستطع إسناد طوله واتكئ على الباب
سمع والده الصوت ونهض ليجده أمامه
شهق بصدمة
قال وليد بتعبٍ ولا تصديق
: عن مين كنت تتكلم !
لم يستطع والده إجابته
قال وليد بنبرة باكية
: عني ! انا سويت فيني كذا !
صمت وهو يتنفس بقوة ليستعيد رباطة جأشه
قال بقوةٍ وغضبٍ هادر
: انا تسوي فيني كذا ؟ انا توديني قبر دافع فيه كم الف وتقول لي هذا قبر أمك ؟! انا تلعب علي وتموت امي وهي عايشة !
صمت لثوانٍ ثم قال
: ماني مصدق ! انت ابوي ولا عدوّي ! وش القلب اللي عندك ! وش المشاعر اللي تحملها لي ؟
ضرب فخذه بحسرة
: منك لله يا شيخ , منك لله ! والله ماني مسامحك ولا محللك , حسبيّ الله ونعم الوكيل
صمت لثوانٍ
ثم صرخ ببحة
: والله وعزة الله يحرم عليك شوفة وجهي وشوفة ملاك , والله لا القى امي وارجعها , الله لا يسامحك , منك لله يا ظالم
أولاه ظهره خارجًا من الشركة وهو يرتجف
قد قتله بفعلته هذه حقًا
لم يتوقع ولا في أسوأ أحلامه أن يكذب عليه في شأنِ الموت !
كيف استطعت يا ابي !
آهٍ على وجعٍ أسكنته قلبي
آهٍ على مرارةٍ رميتها في جوفي
ابي ! ابي من يفعل هذا بي !
نحر أيَّ شعورٍ بالودِّ تجاهه
أغرق الأحلام الجميلة
رمى بي على قارعة المآسي
شهق بقوة ولا يزالُ غيرَ مصدقٍ لما حدث !
وصل الى المنزل ونزل بعنفوان
صرخ بحدة
: مـــلــــاك
جاءته بفزع
وخلفها ام فهد
: وش صاير !
هاجم ام فهد بكلماته القاسية
: كنتِ تدرين انّه يكذب ؟ كنتِ تدرين انّه لعب علي ! استغفلني !
شهقت بصدمة وقد فهمت كلامه
قالت برجاء
: وليد والله...
صرخ بجنون
: لا تحلفين الله , لا تحلفيييين , الله لا يوفقكم , الله ما يرضى بأفعالكم لا تحلفون باسمه
نظر الى شقيقته
: اطلعي بسرعة لمي كل أغراضك , كلّـــها , الّا الأشياء اللي معطيها لك زوجها
وأشار باصبعه ناحية ام فهد
قالت بخوف
: لـ..
قاطعها بحدة
: قلت اطلعي بسـرعة
هزّت رأسها بطاعة وخوف وصعدت الى غرفتها تجري
وصعد هو يلمُّ أشياءه
كان جسده يرتجف
كان يشعر بالخيبة !
خيبةٍ كبيرة !
زفر بارتجاف وهو يضع كلّ ما تقع يدُه عليه في الحقيبة بفوضوية
,
,
المملكة المتحدة – لندن
التاسعة مساءً
ترجلَ من سيارته وهو يحاول الاتصال بها مجددًا
وذات النتيجة !
اقترب من الباب ليناديه الحارس
: من فضلك
التفت اليه ليمدّ له الحارس بالورقة ويبتعد
فتحها باستغراب
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انا آسفة سعود
احنا من البداية كان غلط نكون مع بعض
انا حياتي عبارة عن فوضى
وما يناسبني الفرح أبد
انا رجعت لأهلي
لا تدور علي , لأنّك ما بتلقاني
اعذرني الله يخليك
يمكن يجي يوم وتعرف ليش ابتعدت
رجاءً لا تطلقني
تحياتي , لين
-
جحظت عينيه بصدمة
هربت !
تركته ورحلت
كيف تذهب !
اتصل بهاتفها مجددًا ونفس النتيجة
عاد الى سيارته وجلس نصف ساعة ليستوعب الأمر
هزّ رأسه بغيرِ تصديق
ثم انفجر بغضب
تتركني وترحل
تستخفُ بي
تعبث بمشاعري !
في الأمس كانت على صدري , واليوم تهرب مني !
الويلُ لكِ يا لين !
الويلُ لكِ من قلبي الذي تعبثين معه
ضغط على محرك السيارة وسارَ بأقصى سرعة خارجًا من لندن
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
نزل من السيارة وهو يسير بتعبٍ ولا تصديق
يكاد يسقط مغشيًا عليه
قبل سويعاتٍ فقط خاطوا له أربعةَ غرز بسبب الجرح العميق على جانب جبينه
واستعاد ذاكرته فور افاقته
ثم الى الرياضِ فورًا !
والآن سيقابل عائلته !
يشعر بالدوار والضياع التفت الى يوسف بتردد
قال يوسف مشجعًا
: يلا !
طرق الباب وهو يكاد يهرب من أمامه !
,
,
المملكة العربية السعودية – الرياض
دخل به الى مكانٍ أشبَه بالقبو !
قيّده ووقف أمامه وهو ينظرُ اليه بخبث
: وأخيرًا ! كم لي أنتظر أختلي فيك , ولسّا باقي الكلاب الباقين بأسحبهم واحد واحد
: بتشوف يا ذياب , عبالك بسكت لك ؟
ضربه بفوهة المسدس على رأسه بقوة
سقط أرضًا من قوةِ الضربة
تأوّه بوجع
قال بلا تصديق
: انت من مسلطك علي !
جلس أمامه وهو يمسك بناصيته ويقولُ بحقد
: من مسلطني عليك ؟! اللي سلطك على....
,
,
سمع طرقات الباب وهو مستلقٍ على الأريكة
والدته في المطبخ ورتيل في الأعلى , وداليا خارج المنزل مع والدها
نهض بتكاسلٌ وفتح الباب
ظلّ ينظرُ بلا استيعاب
قبلَ أن يشهق بلا تصديق وهو يهتف
: صـــــقــــر !!!
,
,
الى الملتقى :)