كاتب الموضوع :
عطر@المحبة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 27 - وردة قايين _ جانيت ديلي _روايات عبير القديمة
الفصل الخامس لاحلى ليلاسيات
5 _ الثور قتل اخــــاه
راحت كولي تضرب بذراعيها صفحة الماء . و تستمتع ببرودته تحت دفء شمس الاصيل وهي تشكر من أعماقها جيس لانه اتاح لها ال
الفرصه لكي تسبح وحدها شرط الا تتوغل في المنطقه العميقه . كما اصبحت تمتطي جوادها ميستي وحدها بشرط الا تتجاوز الاراضي المحيطه بالحضيره .
و لكنها احست ان جيس اصبح بعيدا متنائيا عنها منذ الدرس الاول في ركوب الخيل وكأنها غريبة عنه و فكرت كولي في ان تكون ثرثرتها سبب تباعده , و كان قد
سافر امس الى مدينة سان انطوان و عرفت بنبأ سفره عندما سألت عنه و هي تجلس الى مائدة العشاء . كان في وسعه على الاقل ان يقول لها الى اللقاء .
و شعرت كولي بالكآبة و الالم وهي تغادر حوض السباحه و طفقت تجفف ذراعيها و ساقيها انها فتاة حساسه وكم من المرات اخبرها جيس بذلك . حسنا
انه شخص غير حساس . ولم يلبث ان انتشلها من افكارها صوت توني و هو يقول :
( مرحبا ايتها الفتاة الذهبية ماذا تفعلين هنا وحدك ؟ الا تعرفين ان وجود شخصين معا يصنع صحبة جميله )
( الخالة و العم يستريحان الان وداني يقوم بجولة في سيارته وجيس مسافر وانا ضقت ذرعا بالجلوس على المقعد في هذا الجو الحار اين كنت ؟ )
سألها توني و هو يتناول المنشفه من يديها ليساعدها في التجفف "
(هل تعتقدين انني كنت ابحث عنك ؟ كنت اظن انك تقومين بجولة على ظهر جوادك )
ناولها المنشفه فلمست راحتاه كتفيها بينما كانت تقول له :
( الجو حار للغاية و لا يسمح بركوب الخيل . و لماذا كنت ترغب في رؤيتي ؟ )
( داني يحتاج الى قطعة غيار لسيارته وتطوعت بالتوجه الى الحديقة لاحضارها له فهل ترغبين في الذهاب معي ؟ )
ابتسمت كولي و قالت له :
( احب ان اذهب معك انتظر قليلا لاستبدل ملابسي )
قال لها توني و هي تتوجه مسرعة نحو البيت :
( لا تتأخري ايتها الاميرة احب ان تكوني كلك .. ملك لي ! )
اسرعت كولي باستبدال ثيابها فارتدت ثوبا قطنيا و وضعت لمسات من مستحضرات التجميل على وجهها ثم مشطت شعرها في موجات جذابة وبعد ذلك اخذت تهبط
السلم لمقابله توني و قدأحست باهتمامه الزائد . انه منذ شاهدها مع جيس في حوض السباحة يراقبها وفي عينيه بريق جعلها تزداد وعيا به اكثر من وعيها
بأنه ابن اخت بن .
قدم لها يده وقادها عبر الباب و الى خارج البيت ثم قال لها :
( الحافلة الذهبية في انتظارك يا سندريلا )
ابتسمت له بحياء وهو يفتح لها سيارة الكاديلاك وعاونها على الجلوس في المقعد و شعرت فجاة بينابيع الثقه تنفجر في اعماقها و اخذت تستمتع بنظرات الاطراء التي
تبدو في عينيه وراح يجاذبها اطراف الحديث و يحاورها بمداعباته التي جعلتها تنفجر ضاحكه فلم تشعر بالسرعه الرهيبة التي كان يقود
بها السياره و فجأة وجدته يقف امام احد المتاجر و استأذنها في الغياب لحظه فأراحت كولي رأسها على مسند المقعد و أخذت تحدق عبر النافذه و تحلم و تتساءل , ترى اين جيس الان ؟
و ماذا يفعل ؟
و افاقت من احلامها عندما فتح توني باب السياره و القى طردا صغيرا على المقعد الخلفي قبل ان يجلس وراء عجلة القايدة .
قال لها و هو يدير محرك السيارة و ينطلق بها :
( قلت لك انني لن اغيب عنك طويلا ... هيا بنا نتناول مشروبا مثلجا )
وافقت كولي قائله :
( عظيم جدا )
و عندما وقف توني امام احد الاكشاك التي تبيع المثلجات طلب من المضيفه مشروبا مثلجا ثم تحول نحو كولي و سألها :
( فيم كنت تفكرين ... منذ دقييقة ؟ )
( متى ؟ )
عندما جلست وراء عجلة القيادة كانت عيناك حالمتين هل اتصور انك كنت تفكرين في ؟ )
داعبته كولي قائله :
( انت مخطئء في الحقيقه كنت افكر في جيس ة)
انعقدت تقطيبة فوق جبينه غير مصدق اذنيه و سألها :
( تقولين جيس ؟ فيم كنت تفكرين بشانه ؟ )
دهشت كولي من نبرته المريره فأجابت متلعثمة :
( انا .. انا ؟؟ اعلم انه ذهب ... الى مدينة سان انطوان .. كنت اتساءل فقط الى اي مكان ذهب ؟ عشنا في تلك المدينه داني وانا .. هذا كل ما في االامر )
اجاب توني بنبرة اعتذار :
( حقا ... نسيت ذلك )
ثم تطلع الى ساعته و اردف يقول :
( اتصور انه مستلق الان على حافة حوض السباحه في صحبة فتاة ساحرة ترتدي البيكيني )
سألته كولي و هي تتصور منظر جيس بصحبة فتاة :
( هل له صديقه ؟ )
اجاب توني ماكرا :
( اظن ان لديه العديد من الفتيات بالـتأكيد انك لا تظنين انه راهب . أليس كذلك يا كولي ؟ )
اجابت :
( بالطبع لا ... )
قال :
( كولي .. احيانا تبدو السذاجة على وجهك حتى اكاد لا أصدق ذلك )
عندئذ احمرت وجنتاها فاقترب منها وامسك بيدها ثم قال :
( كم انت جميلة مثيرة )
افزعتها النظرات التي ارتسمت في عينيه و اسعدها وصول المضيفه بالمشروبات فقد اضطر توني ان يترك يدها و عندما تناولت الكوب منه ابتعدت حتى التصقت بالباب .
قال توني ساخرا :
( هل تسببت في مضايقتك يا اميرتي ؟ )
قالت كولي بكبرياء :
( كلا , لا ادري لماذا تحاولون جميعا ان تضعوني في صندوق مكتوب عليه "قابل ببكسر " لقد بلغت العشرين )
وفجأة لاحت في مخيلتها صورة تلك اليلة التي حاولت فيها ان تثبت اجيس انها وصلت مرحلة المرآة الناضجه . و افاقت على صوت توني يقول :
( بالتأكيد . انك لا تستطعين اتهامي بأنني اتجاهل سنك )
اجابت غاضبة :
( بل انني اتهمك . فأنت لا تختلف عن الاخرين انك تعاملني كطفلة توجه اليها الاوامر )
هز توني راسه قائلا :
( و كيف استقر رايك على ذلك ؟ )
مالت كولي بجسمها نحوه و قالت :
( لمجرد السرية التمة التي تكتنف امر جيس - كل شخص يعرف ماذا حدث وسبب وجود الندبةالموجودةعلى وجهه . كل شخص يعرف .. الا انا
و كل مرة أسأل فيها عن الموضوع يسارعون الى التربيت على رأسي و يطلبون مني ان اذهب لألهو مع نفسي كأنني طفلة صغيرة )
انفجر توني ضاحكا لكلماتها الغاضبه و قال :
( كيف يجروء احدهم ان يفعل ذلك معك؟ فالقصة معروفة للجمـيع )
سألته :
( اذن فقد تسنى لاخي داني ان يعرف القصه ؟ )
( اجل يا اميرتي . انت الان واحدة من افراد الاسره ..ومن حقك ان تعرفي ماذا حدث ؟
سألته كولي لاهثة الانفاس :
(ستخبرني يا توني ؟ )
خيم الصمت عليه برهه ثم قال باهتمام :
( لا ادري حقا كيف أبدأ القصه كان ريك يكبر أخاه جيس بعامين واعتقد انه كان يحوز على اعجابك لوالتقيت به فهو شخص مجنون على استعداد لان يفعل اي شيء ..
وكان رييك الشخص المفضل لدى العم بن الذي كان يوافق دائما على كل ما يفعله ريك او يقوله وذات ليلة جاء ريك متأخرا ومتمتعا وتوجه الى الحظيره حيث
يوجد الثور الضخم ساتان وراح يمتطيه كالبهلوان حتى أثاره بحركاته فألقى به ارضا .و قال جيس انه سمع خوار الثور . فأسرع ليسحب ريك
من بين حوافره بعدما طعنه الثور طعنه نجلاء كذلك لم يسلم جيس من هجمات الثور الذي اصابه في وجنته .
لم يكن العم بن قد اصابه لشلل في ذلك الوقت رأيته يجلس على الارض ويضم ريك بين ذراعيه والدموع تنهمر علىى وجنتيه ولن انسى صورته
وهو يبكي و يصرخ كالطفل و لا اعرف اين كان جيس في تلك اللحظه ربما كان يطلب الاسعاف وكان ريك ما زال على قيد الحياة والعم يصرخ في وجه جيس
وهوفي السيارة وظل يهذي وجيس جامد القسمات وقد مات ريك في غرفة العمليات .
صمت توني قليلا ثم استطرد يقول :
( اقتيد جيس للتحقيق معه فقال انه لم يستطيع ان ينقذ ريك من براثن الثور لكن بن راح يصرخ و يتهمه بأنه كاذب و أنه ترك اخاه يموت
لانه يعرف ان ريك سوف يرث المزرعه ولم يتفوه جيس بكلمة و ترك الرجل يقول له :
( انت ستحمل علامة قايين على وجهك طوال حياتك وبعدها سقط العم بن مشلولا يتنقل من مكان الى اخر على مقعد متحرك )
وخيم الصمت على توني الذي تطلع الى كولين فرأى وجهها شاحبا فاستدعى المضيفه لتحمل الكوبين ثم وجه حديثه الى كولي قائلا :
( الان و قد عرفت القصة فهل انت سعيدة ؟ )
ولم تجب كولي ولم تفتح فمها طوال الطريق وهما عائدان الى البيت فقد ظلت تحملق عبر النافذه وعندما بلغا المزرعه انسلت خارجه من السياره
و اسرعت تتخذ طريقها نحو غرفتها و استلقت على فراشها تحدق في الزهور المتألقه المرسومه على الجدران .
ظل الجواد وفارسه صامتين داخل الحظيره وراحا يحدقان في التلال التي تقع عند الافق البعيد وأخذ الجواد يصهل يائسا وتنهدت كولي كأنها تتعاطف معه
و راحت تربت على عنقه بحنان وتحدثه :
( كم اود ان انطلق بك ؟ ولكنك تعرف ما قاله جيس يا ميستي )
وكانت كولي تشعر بالاسى لقصة وفاة ريك التي رواها لها توني منذ ثلاثة ايام وكان جيس قد عاد من رحلته ىسان انطوان لكن كولي حرصت على الا تنفرد به
كانت تدرك تمما ان الحادثه لم تكن هي الوصمه التي ارتبطت بشخصيته و انما القسوة هي التي اصبحت جزءا لا يتجزأ من طبيعته .
و افاقت من افكارها على صوت يقول :
( مرحبا الى اين ستمضين بجوادك يا اميرتي الصغيرة )
و استدارت كولي برأسها لترى توني يقود جوادا نحو بوابة الحظيرة فقالت :
( محضور علي ان ابتعد عن الحظيرة و لكن أليس من المفروض ان تكون الان في عملك ؟)
و بالرغم من انها كانت تشعر برغبة في القيام بجولة فوق جوادها الا ان هذه الرغبة أنطفأت لانها لا تحب ان ينطلق معها توني . اما هو فقد قال لها ساخرا :
( هل هي واحدة من تعليمات جيس او انك لا تشعرين بالامن الا في صحبته ؟ )
سألته كولي معترضه :
( ماذا تظن ذلك ؟ جيس لا يريد ان انطلق بالجواد وحدي و انا لا ابغي ان اعرقلك عن مواصلة عملك )
قال و هو يزيح المزلاج ليفتح الباب :
( انك لن تعوقيني عن عملي .. فقد طلب مني جيس ان افحص البئر في القطاع الشمالي . انها واحدة من تعاليمه الحمقاء . و هكذا يمكنك ان تصحبيني في جولتي )
وامتطى جواده وسار به حتى اصبح في محاذاة كولي التي سألته :
( لماذا تقول ذلك ؟ )
قال مزمجرا:
( الامطار هطلت بغزاره ولدينا ما يزيد عن حاجتنا لنروي جيادنا هناك . ولكنه يتعمد ارسالي )
و لم تكن كولي في حالة تسمح لها بمناقشته بشان جيس فدفعت جوادها الى العدو و بادر توني الى دفع جواده بدوره في محاذاتها فقالت له :
( كنت انا وجوادي ميستي نرغب في أن نقوم بجولة )
فقاطعها قائلا و هو يحدق بعينيه في اعجاب :
( و انا سعيد ان اتاح جيس للي هذه الجوله معك وان احقق امنيتي بصحبتك وارجوان تتحقق امنيتك بهذه الجولة )
وطفقت كولي تجيل بصرها حولها لاهتمام زائد فقد كانت هذه اول مره تبتعد فيها عن المزرعه , و راحت تطوي الارض نحو التلال الجميله و الجبال النائيه
و بعدما قطعا عدة اميال بدأ توني يبطء من سير جواده فشدتكولي اللجام لتكبح جماح جوادها عن الانطلاق بينما كانت عيناها تتألقان بالسرور و البهجه و صاحت قائله :
( ما أحلى هذه الرحلة انك محظوظ لان تقوم بالجوله وحدك )
اوقف جواده عند واد صغير وهو يقول لها :
( استمتعت بها اليوم فقطلكنها كانت ممله في الايام السابقه )
وكان الوادي ينحدر ليكشف عن مرعى يشقه مجرى يتلألأ بالماء الفضي و لاح قطيع من الجياد بين الحشائش الكثيفه وعند مشارف الوادي وقفا وقال توني لها :
( لدينا احسن سلاله للجياد تدر اغلى الاثمان عند بيعها )
أخذت كولي تراقب الهاوية وهي تقترب منها بينما أخذت الجياد تمرح في اتجاهات شتى اخذ توني يروي لها تاريخها فقالت له كولي :
( انت محظوظ لانك تعرف كل هذا . متى جئت تقيم هنا ؟ )
قال توني وهما يشرعان في السير ثانية :
( جئت منذ سبع سنوات بعد وفاة والدي .كنت حينئذ في السابعه عشرة من عمري . و كانت امي شقيقة بن ... مسكين ابي عمل في هذه المزرعة .
وظن ان زواجه من شقيقة بن سيحقق له كسبا كبيرا , لكن للاسف لم يكن يعرف بن جيد . امي امرأة سليطة اللسان دائما تذكر ابي بما فعلته من اجله ,
وكانت تتهمه بأنه السبب في هذه الحياة البائسة التي كنا نحياها . وكنت في الثانية عشرة من عمري عندما ثارت ثورتها الغاضبة التي اودت بحياتها . ولكن ابي كان يبحث عن الحياة السهلة .
فتورط في تهريب المخدرات عبر الحدود و اصيب بالرصاص في معركة دارت بينه وبين الشرطة في احدى محاولاته . و على فراش الموت افضى لي
بأنني أحد ورثة المزرعة و علي ان اطالب بنصيبي فيها . انها قصة محزنه اليس كذلك ؟ لقد أخبرني داني بان قصة حياتكما ليست مبهجة ,
اننا متشابهان يا كولي .
و أحست كولي بحشرجة في حلقها منعتها من الاجابة . فبالرغم من بؤس توني لكنه يبدو دائما خالي البال وهو يحاول مداعبتها و الترويح عنها , و لكنها تسيئ الظن به . يساعدها على ان تحتل
مكانها كواحدة من افراد الاسرة و في ذلك الوقت ترقرقت الدموع في عينيها لكنها تماسكت حتى لا يرى توني على وجهها امارات الشفقة التي تحس بها نحوه .
شغلها ذلك عن متابعة السعادة التي تراقصت في عينيه وهو يتأمل وجهها ويبادرها قائلا :
( كولي , انظري )
و تلفتت حولها في دهشة فرأت مجموعة جياد تركض هنا و هناك وعلى البعد أقيمت مبان صغيرة وراءها التلال والجبال الشامخه , كما شاهدت قطيعا من الماشيه يتجول في االمراعي التي تقع بين المزرعة و الوادي.
قال توني بهدوء :
( تمتد أراضي سلاش آس مسافات بعيدة ويقولون ان مساحتها تزيد على ستين ميلا مربعا . و يقدر ثمنها بالملايين و الان يخيل الي انها ستصبح ملكي ... يوما ما )
صمت قليلا وطفقق يتأمل وجهها لفترة ثم استطرد يقول :
( انت تعرفين أن بن ازداد ولعا بك خلال هذه الاسابييع القليلة و أخبر الخالة بأنك تتمتعين بالعزيمة و الكبرياء . و أشعر بأن واجبي ان احذرك من ان جيس يعرف بحب بن لك , و يحاول ان يستخدم من هذا الموقف سلاحا لأبدو آمامك بصورة سيئة ,
فيعهد الي القيام بأعمال مهينة كاليوم ثم يخبر بن بأنني غير جدير بثقته . انه يبغي ان يفوز بالمزرعة بأية وسيلة ممكنة .
وتوقف توني عن مواصلة السير وأدار وجهه المتجهم نحو التلال وفي هذه اللحظه تذكرت كولي كلمات جيس التي وجهها للى بن عندما قال له
ان توني سيحااول تدمير كل شيء .. في فترة لا تتجاوز اسبوعا واحدا .
وأخيرا سألته كولي بتردد واضح :
( لو كان ما قلته لي عن وفاة ريك صحيحا الا تكون المزرعه من نصيبه .؟ )
ران صمت طويل و بدا توني كأنه يختار كلماته قبل ان يجيب . و اخيرا قال لها :
( لا احد راى ما حدث ... ولا نعرف شيئا الا ما اخبرنا به جيس و الصرخات التي اطلقها ريك و هو يطلب من اخيه ان يمد له يد المساعدة )
( ماذا كان يحدث لو ان احدا غير جيس كان هناك في تلك اللحظه ؟ )
سألها توني بهدوء :
( و ماذا عن ثور ثمنه ثلاثة الاف جنيه اشاع الجمود في اوصال جيس وأثار الفزع في نفسه فشل حركته ؟ )
فسألته كولي لاهثة الانفاس :
( هل هذا ما تعتقده ؟ )
اجاب توني بهدوء :
( هذا محتمل .. بن يعتقد ان جيس يريد ان يفوز بالمزرعة ومن المحتمل ان تكون ملكا لي )
و ابتسم ابتسامه كشفت عن اسنانه البيضاء ثم استطرد يقول :
( ما الذي جعلنا نتحدث عن موضوع كئيب في حين اننا ما جئنا الى هنا الا للاستمتاع بنزهة خلوية . سأطلب منك المكوث هنا
بينما أتوجه الى التل وأفحص آله ضخ الماء )
هزت كولي رأسها موافقة اذكانت في امس الحاجة الى فسحة من الوقت للتفكير في كل ما قاله توني و ابتسمت له وراحت تلوح له بيدها و هو يسعى بجواده نحو التل
وراحت نظراتها تتابعه حتى اختفى عن بصرها فـأطلقت تنهيدة مكتومة وترجلت عن جوادها و ارخت عنانه ثن القت بجسمها على المنحدرودفعت بجذعها الى الوراء و راحت تتأمل االسماء الزرقاء .
و تساءلت كيف انه لم يخطر ببالها ان خشونة توني نابعة من بؤس طفولته وتذكرت ان خطوط المراره نفسها كانت ترتسم على وجه داني قبل ان يأتيا الى المزرعه .
الظروف التي ألمت بحياة توني المبكره تشبه تماما الظروف التي مرت بها و بأخيها وليتها ما تبادلت معه الحديث عن جيس لأن كثيرا مما قاله توني يبدو منطقيا .
خاصة انها رأت الجهامة والقسوة على وجهه و حاولت كولي ان تدور بجسمها لتستريح على جنبيها و كأنها تبغي ان تدير ظهرها لافكارها .
و فجأة جذب انتباهها صوت خطوات بعيدة اذ تعثرت حوافر جوادها ميستي في اللجام فانتفضت كولي واقفة
( اوه ... ميستي .. انني اسفة _ كان علي ان اعرف انك ستتعثر في اللجام سأعقده فوق السرج )
و فجأة هز الجواد رأسه و انطلق يهبط المنحدر . فصاحت كولي :
( الى اين انت ذاهب يا ميستي عد الى هنا )
و راحت كولي تجري وراء الجواد علها تمسك به و لكنها لم تكد تقطع نصف المسافه حتى رأته يتوقف قرب قطيع الجياد و حاولت ان تدنو منه . لكن صهيله افزعها بعدما كشر عن انيابه
فأدركت انه لا يريد منها ان تقترب من القطيع الذي يلوذ بحمايته و تلفتت حولها في يأس فرأت صفا من الاشجار يرتفع عاليا في الجانب المواجه لها من الوادي و الى يمينها صخرة ضخمه
و وجدت انه من الافضل لها ان تعتليها حتى تأمن على سلامتها من جوادها الغاضب اذ احست من وقع حوافره و هي تدك الارض و نظراته النارية رغبته في مطاردتها .
و بصعوبة بالغه نجحت كولي في ان تعتلي الصخرة .و راحت تنادي :
( توني ... ساعدني ... )
و راحت تجول ببصرها في الوادي و هي تأمل في ظهور توني و انطلقت تصرخ لكن صرخاتها تبددت و تحولت الى نحيب مكتوم فبدأت تهدئ من روع نفسها و تدفع جسمها الى الاسترخاء
و تغري عينيها بالتمتع بالمناظر الطبيعية و ما كان عليها بعد ذلك ان تفعل شيئا سوى الانتظار .
و تناهى الى سمعها وقع حوافر جواد آتيا من ناحية التل و بعد عدة ثواني لاح عند قمته الجواد و فوقه فارسه فالتقطت كولي انفاسها و حدقت في الراكب .
و بالرغم من بعد المسافه عرفت من طريقة جلسته الهادئه و الثقة المفرطه في قيادة جواده الاحمر ... انه جيس
صاحت كولي عاليا وهي تلوح له بيدها بجنون :
( جيس ... جيس ! )
وفكرت .... ماذا تفعل لو انه لم يبصرها ؟
و فزعت من الفكرة و اعترى الشلل اوتار صوتها . و ما كان منها الا ان وقفت على الصخرة و كررت صيحاتها :
( انا هنا ... اناهنا .. فوق الصخرة )
و فجاة اختل توازنها فانزلقت الصخرة واطلقت صرخة قصيره و هي تحاول ان تتشبث بحافتها بكل ما اوتيت من قوة و اخيرا نجحت في ان تستوي بقامتها فوق الصخرة بعدما تمزقت بلوزتها .
فأطلقت لدموعها العنان و انسابت تجري فوق خديها و تطلعت بعينيها المغرورقتين نحو التل حيث شاهدت جيس . و لكنها وجدته اختفى .
و انصتت فسمعت ضجيجا خافتا و ادركت ان صوت هذا الايقاع الذي كانت تسمعه لم يكن صادرا عن قلبها و انما هو وقع حوافر جواد فاستدرات لترى توني يقطع المنحدر بجواده
و هو يلوح بحبل في يده ليطرد قطيع الجياد الذي ابتعد سريعا و ما كاد يقترب من قاعدة الصخرة التي تقف عليها كولي حتى ترجل عن جواده و اندفع لمساعدتها على الهبوط وكان وجهه شاحبا كوجهها .
و ان كان الانتصار باديا على ملامحه . و سألهاو هو يبتسم :
( هل انت بخير ؟ )
هزت رأسها بالايجاب وان كان صوتها قد توقف عن الانطلاق من حلقها و تطلعت ببصرها الى التل حيث كان يقف جيس منذ لحظات لكن لم تظهر اية علامة تشير الى وجوده
فتساءلت " هل كنت اتوهم وجوده ؟ "
و ثابت الى رشدها على صوت توني و احست بيديه ترتاحان على ذراعيها وهو يقول لها :
( كنت اخشى ان يحدث امر سيء لك .. اين جوادك ؟ )
قالت كولي بصوت مضطررب :
( انطلق مع القطيع .. اوه .. توني .. انني سعيدة لرؤيتك )
( استنديي بظهرك الى الصخرة و استرخي لا تقلقي سريعا سوف امسك بجوادك اما الان فدعيني القي نظرة على يديك )
و امتثلت كولي لاوامره و نظرت اليه وهو يمسح راحتيها بمنديله ثم قال لها وهو يتطلع الى عينيها :
( سنغسلهما بالماء عندما نعود الى المزرعه )
وسقطت نظراتها على يديها ولكنها عندما تطلعت الى بلوزتها الممزقه سارعت برفع يديها لتغطي صدرها العاري ثم رفعت رأسها و قد تورد وجهها بحمرة الخجل .
تلألأت عينا توين سرورا وهو يلمس وجنتها بيده ثم قال :
( كم هو جميل .. منظر الفتاة الخجول )
و تغيرت نبرة صوته عندما انزلقت يداه لتستقر على جنبها فسألها بشغف :
( أليس من النعتاد ان تعانق السيدة فارسها ؟ )
وبينما كان وجهه يقترب منها لاحت امام عينيها صوره قبيحة مرت بها ذات يوم .
و كانت صورة كارل اما الان فنها ترى امامها توني و قد انتابها شعور الرفض , فصاحت بحرقة و هي تتخلص من راحته :
( كلا )
صاح مشدوها غير مصدق اذنيه وعينيه :
( لن اغصبك )
قالت له و الكلمات تنطلق من جوفها في نبرة يشوبها التوتر و الخوف :
( اسفه يا توني لا اقصد ان ... اعتقد انني ما زلت متوترة الاعصاب )
قال بصورة يتسم بالجمود :
( بالطبع من الافضل ان نعود الى البيت )
استدار و في قبضته اللجام ثم امتطى جواده و قال لها وهو يمد يده :
( يمكنك ان تجلسي امامي .. )
حاولت كولي ان تلملم اطراف بلوزتها الممزقه في قبضه يدها بينما مدتيدها الاخرى الى يد توني الذي رفعها عاليا حتى استقرت على ظهر الجواد
و التفت ذراعه حول وسطها قريبا من بلوزتها الممزقه وحاولت ان تصيح احتجاجا على التفاف ذراعه لكن الجواد كان قد انطلق ليتخذ سبيله عائدا الى البيت ,
نهاااااااااااااايةةةة الفصل الخاااااااااااااامس
قرااااااااااااااااااااااءة سعيده
|