كاتب الموضوع :
عطر@المحبة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 27 - وردة قايين _ جانيت ديلي _روايات عبير القديمة
, j2 _ اهل المزرعه
رفع الجواد قوائمه عاليا ليتخذ سبيله في هبوط المنحدر و مع حركة خطواته الرشيقه اخذت كولي تتمايل فوق ضهره بصحبة جيس و كان
السرج يتألق بحمرة قانية تحت اشعه الشمس الصباح و في بداية الطريق وقف شخصان بجوار سياره يراقبان وصولهما و عرفت كولي
احدهما ,اخوها و حدست ان الشخص الاخر لابد ان يكون صاحب المزرعه الذي طلب داني مساعدته.
و على الرغم من ان كولي شعرت بارتياح لرؤية شقيقها , لكن الخوف الذي اعتراها ليلة امس لم ينقشع مع نور الصباح , لان رفيقها جيسون
كان مقلا في حديثه معها في هذا الصباح لقد خرج قبلها ليعد سرج الجواد و عندما عاد قال لها "مرحبا " و وجدها انتهت من ارتداء ثيابها
و احتساء الشايالذي اعده لها اخبرها ان الجواد اصبح على اهبة الاستعداد ليحملها الى اخيها وكان هذا هو مجمل الحديث الذي دار بينهما
خلال الخمس عشرة دقيقه الماضية .
كانت هناك اسئله عديده تمنت كولي ان تططرحها عليه كانت تريد ان تسأله عن خالتها وعن المزرعه و عن كل شيء , و لكن الشفاه المطبقه
و الملامح الصارمه اغلقت باب الحديث و لم تيأس فلن تلبث ان تعثر على اجوبه عن اسئلتها . غير ان القشعريره التي كانت تسري في
اوصالها اوحت اليها بأن هذه الاجوبه لن تشفي غليلها .
بدا وجه داني جادا و هو يساعد كولي على النزول عن ظهر الجواد كانت عيناه قلقتين عندما رأى ثوبها الموحل و شعرها لاشعث مما يعني
بلا شك انها صادفت متاعب .
و كان يرغب في ان يعرف ذلك ف سألها :
( هل انت بخير كولي ؟ )
أكدت له قائله :
( اجل ... انا بخير )
قال داني و كأنه يحاول ان يؤنب نفسه :
(حاولت ان اعود ليلة امس لكن المياه كانت مرتفعه و كدت اجن عليك خائفا على حياتك من عنف العاصفه . ليتني اخذتك معي )
اجابت كولي و قد اصطبغ وحهها بحمرة الخجل :
( كل شيء على ما يرام هناك كوخ على الجانب الاخر من التل امضيت فيه ليلتي )
و اتجهت ببصرها الى حيث يقف جيس متحدثا مع الرجل الاخر و تبع داني بصرها نحو الرجل الذي جاءت معه على ضهر الجواد
, ثم قال :
( السيد سيمبسون اخبرني بالمكان لكنني لم احتمل فكرة فشلك في العثور عليه )
تطلع داني نحو الرجل ثانيه وسألها :
( هل عاملك معاملة طيبه ؟ )
اجابت كولي وهي تتجنب نظرات الشك التي تراود اخاها :
( اجل كنت خائفه في بادئ الامر لكنه يعمل في مزرعه شقيق زوج الخاله فيلهلمينا انها لا تملك المزرعه يا داني )
قال داني :
( اعرف ذلك )
وحاول ان يكون صوته متماسكا حتى لا تشعر كولي بأي خوف قد يبعث الاضطراب في نفسها ثم اردف يقول :
( حملت ثيابنا من السياره فقد بللتها المياه ليلة امس )
سألته كولي :
( هل سيدورمحرك السياره ؟ )
( ليس قبل ان نسحبها من المجرى ونقوم بفحصها و حتى ذلك .... )
ولميواصل حديثه وانما تطلع الى وجه شقيقته و قرأ القلق في ملامحها فلو ان الخاله فيلهلمينا لم تستطعاو لم تقبل وجودهما فانه من
المتعذر عليهما العوده ليس معهما نقود و ليست لديهما وسيله يعودان بهاو حاول داني ان يستجمع شجاعته قائلا :
( لا تقلقي يا كولي .. ستتحسن الامور اعدك بذلك)
( ولكن يا داني .. ماذا يحدث لو ... )
قاطعها الرجل استعدادا للرحيل :
( هيا بنا نرحل الان )
أجاب داني و هو يقود شقيقته الى مكان السياره حيث يقف الرجلان :
( هيا بنا يا سيد سيمبسون )
وراجت العينان الزرقاوان القاسيتان تدرسان داني باهتمام و هو يقدم كولي الى صاحب المزرعه في حين ملامح داني تبدو رقيقه
وهو يتطلع الى وجه جيس فجذبت بصره الندبه التي برزت واضحه بين شعر لحيته . كما اسرته نظرات عينيه النافذتين ولكن في هذه المره فشل
داني ان يقرأ ما يدور فيهما
اذ اسدل جيس قناعا كثيفا فوقوجهه ومد داني يده يصافح جيس قائلا :
( اريد ان اشكرك لاهتمامك بشقيقتي )
و مد جس يده ليصافح داني و هزرأسه محييا ثم امسك اللجام في قبضه يده قبل ان يمتطي جواده فبدا وجهه مختفيا وراء حاافة قبعته
ثم لوحبيده مودعا و بدأ يستحث جواده ثم يعدو بعيدا عنهمبينما كانت كولي تتابعه بنظراتها و ثابت الى رشدها عندما سمعت سيمبسون يقول :
( آه ... انه رجل بارد ... )
و تطلع داني الى سيمبسون فس ريبه لكلماته و ود ان يجد تفسيرا لها و لكن صاحب المزرعه اردف يقول :
( هيا بنا )
و جلس داني وشقيقته في هدوء في المقعد الامامي الى جوار سيمبسون و ؟أغلق باب السياره كأنه أغلق أخر باب في قصه هروبهما
اذ كان عليهما ان يواجها المجهول منذ تلك اللحظه .
اخذت شمس الصباح تتسلل من الستائر المسدله و تنهمر على الفتاة النائمه في فراشها و كانت العصافير في الخارج تغرد محييه نسيم الصباح
كأنها تدعو كولي لتستيقظ واستجابت الفتاة وراحت تنفض النوم العميق عن جفنيها و عندما فتحت عينيها انتابتها الدهشة لرؤية
المكان الغريب الذي يحيط بها و زحفت ذكرى الامس الى ذهنها فاستوت على السرير ثنت ركبتيها و لفت ذراعيها حولها واحست
بمراره احداث الامس و هي تحدق بحزن في الزهور المرتسمه على اوراق الجدران .
تذكرت رحلتها في السياره التي كانت تسعى حثيثا الى مزرعه سلاش اس بينما الصمت يخيم على المسافرين الثلاثه هاجمت الافكار
السوداء عقل كولي و تساءلت: "هل سلوك داني الغريب ام صمت سيمبسون هو االذي اثار مخاوفها من جديد انها تدرك ان داني عرف
شيئا زعزع ثقته لكنه لم يخبرها بمزيد من التفاصيل "
و توقفت السياره امام منزل من طابقين يتألقبلونه الابيض وسط أغصان اشجار البلوط شعرت كولي بالفرح لجمال المنظر لكن
الفرحة تبددت عندما قال سيمبسون :
( اسف ايها الفتى ... يبدو ان الرجل المسن يجلس الان في الشرفه وهذا ما املته لكن علي ان اصحبك اليه )
وما كادت كولي تحاول سؤال داني عن فحوى حديث السيد سيمبسون حتى وجدت شقيقها يفتح الباب و يغادر السياره . تبعته
وهي تحاول ان تزيل البقع عن ثوبها وتعيد تمشيط شعرها المشعث ثم أخذت تقضمضفرها بقلق عندما تصورت لحظة مقابلتها
للشخص الذي اشار اليه سيمبسون بلقب الرجل المسن .
كان يجلس على مقعد متحرك و قدمه سيمبسون باسم بن سافدج فتطلعت كولي اليه ووجدته اشبه بالنسر احالته السنوات الى نسر
طاعن ذي عينين زرقاوتين جالتا بدقه من وراء شعر حاجبيه الكثيفين ورأسه المكسو بشعر ابيض وخصلات رمادية وقد كشفت
بشرة وجهه المتهدله سوء حالته الصحية .
اخذ السيد سيمبسون يشرح له ان داني وكولي ابنا اخت فيلهلمينا وهما هنا لزيارتها .كما اخبره بما حدث لسيرتهما و انهما امضيا الليله
في مزرعته وراح بن سافدج يراقبهما في حرص اثناء حديث سيمبسون.
و رأى بقع الوحل التي لطخت ثوب كولي وأدرك من منظرها ومنظر اخيها انهما ليسا ميسوري الحال . فلم يلقي بكلمة ترحيب لهما
. و اخيرا قال بابتسامه ماكره :
( كم تمنيت رؤية اخر الاقارب الطفيليين . فيلهلمينا موجودة الان في حديقة الزهور و سأتحدث اليكما غدا .. )
و أدارمقعده المتحرك وتركهما بينما كان تهديده كالسيف المسلط على عنقيهما .
دخلت الخالة ذات الشعر الابيض غرفة نوم كولي التتي كانت قابعه في الفراش تستعيد شريط الاحداث . فقالت لها :
( هل استيقضت الان يا عزيزتي ؟ كان الاعياء باديا عليك فقلت لنفسي دعي الطفله الصغيره تتأخر في نومها هذا الصباح ! )
سألتها كولي بانزعاج :
(اوه .. خالتي هل الوقت متأخر حقا ؟ لا اريدان يظن العم بن انني أتأخردائما في نومي )
وأشارت الخالة على كولي و داني بأن يناديا السيد سافدج بالعم بن برغم انه لا تربطهما به اي صله قرابه مباشره .
قالت فيلهلمينا و هي تضع كومة من الملابس في درج الخزانه :
( ترى ما رأي بن فيكما ؟ ماغي غسلت بعض ملابسك .. اسفه يا كولي ان اخبرك بذلك و لكن مياه النهر شوهت كل شيء .. انظري الى
هذه التنوره اصبحت سيئه .. و هذه البلوزه ..)
و رفعت فيلهلمينا تنورة باليه وبلوزة بيضاء ممزقه قبل ان تضعهما في الادراج ثم اردفت تقول :
( يجب ان نقوم بجوله في الحوانيت , لم افعل ذلك منذ سنوات )
و توجهت كولي نحو المرآة و التقطت الفرشاة وراحت تمشط شعرها كانت تشعر يالضيق من ملابسها الرثه و لكن فيلهلمينا غرانجر سارت
حتى وقفت وراءها وأتاح لها قوامها ان تبدو في المرآة اطول من كولي فتناولت الفرشاة منها و بدأت تساعدها بخبره .و قالت لها :
( شعرك يحتاج الى تصفيفه جميله و لو ان امك روزالي كانت هنا لاشارت بقصه )
هزت كولي رأسها في صمت فما السبيل الى ان تخبر الخاله بانها لم تصفف يوما شعرها على يد اخصائية و لكن الخالة ادارت الفتاة
نحوها و رفعت ذقنها باصابع طليت أظافرها بطلاء احمر . فشخصت كولي ببصرها اليها و رات شفتيها و نظارتها مذهبة الاطار
فوق عينيها . قالت الخالة :
( اسمعي يا عزيزتي اعرف انني سيده عجوز حمقاء يغيب عقلي عني احيانا و السماء لم تمنحنا .. انا وزوجي .. بن .. اي اطفال ولكنها الان
اعطتني انت و داني سامحيني اذ ابدو عاطفية لانك كما ترين اصبحت شيئا هاما بالنسبه الي )
ابتسمت كولي و ترقرقت الدموع من عينيها ثم قالت :
( اوه خالتي )
و ترقرقت الدموع في عيني الخالة ايضا و لكنها بذلت جهدها لكي تكفكفها و اخيرا قالت :
( حسنا ... يجدر بنا ان نتماسك و الا انفجرنا بالبكاء و يحسن بك انتسارعي بارتداء ثوبك لقد اعدت ماغي طعام الافطار في الطابق الاول
اسرعي الان )
ابتسمت الخاله وهي تدفع الفتاة بمرح على الفراش قبل ان تغادر الغرفه عالية الروح وعندما غاب شبحها استوت كولي جالسه على الفراش
ثانيه وعقدت ذراعيها فوق صدرها و الفرح يكاد يطير غقلها لانها تحس بانها مرغوبه و بسرعه تخلصت من ملابس النومو بدأت ترتدي
ثيابها .
وضعت كولي يدها على االدرابزين و بدات تهبط درجات السلم و لم تكد تلبغ الدرجه الاخيره حتى انفتح احد الابواب المطله على الصالة
و خرج رجل نحيل اسود الشعر و تناهى الى سمعها صوت بن سافدج صادرا من داخل الغرفه و هو يقول :
( و هل اخبرت جيس بانني اريد تقريرا كاملا عن غيابه حان الوقت الذي يجب ان يعرف فيه انه ليس من حق احد ان يغيب عن المزرعة
مدة ثلاثه ايام بدون ان يبلغني كما اريد ان اعرف اين قضى هذه المدة وماذا كان يفعل ؟ )
اجاب وهو يهز رأسه قبل ان يغلق الباب :
( اجل يا سيدي )
و عندما استدار ليواجه كولي رأت ملامحه جديره بالاحترام و لاحظت ان وجهه نحيل و شعره اسود و انفرجت شفتاه عن ابتسامه رقيقه
عندما وقع بصره عليها و مد يده محييا . و هو يقول :
( حسنا ... صباح الخير ... لابد انك كولين . اخبرتنا الخاله بكل شيء عنك )
مدت يدها له بدورها , و قالت :
( كيف حالك )
( استطيع القول انها نسيت ان تحدثك عني , انا توني غوردون ابن اخت الرجل الكهل )
تطلعت كولي نحو الغرفه المغلقه و تابع كولي نظراتها قائلا :
( انه في حالة طيبة اليوم اين كنت ذاهبة ؟ الى غرفة الطعام ؟ )
هزت رأسها بالايجاب , فأردف يقول :
( سأصحبك لن استطيع ان امكث طويلا لانه علي الذهاب للبحث عن جيس و المفروض ان اقابل أخاك و نقوم بجولة في المزرعه )
وامسك بذراعها و قادها عبر الصالة ف سألته :
( هل التقى اخي مع السيد سافدج هذا الصباح ؟ )
( كان خارجا من مقابلته لحظة دخولي الغرفة )
تمتمت قائله ك
( ارجو ألا يكون اخي قد اغضبه )
ضحك توني و قال :
( اعرف خالي بن ... يثور كلما سنحت له الفرصه . و أعتقد ان دورك آت لا ريب في ذلك )
قالت كولي وقدفارقتها روحها المرحه وهي تدخل غرفة الطعام :
( كان من المفروض ان اذهب للتحدث اليه هذا الصباح )
قال توني مداعبا : وهو يسحب مقعدا لتجلس عليه كولي :
( و المحكوم عليها بالاعدام .. شهيتها مفتوحه لتناول طعام الافطار )
زجرته فيللي التي كانت تجلس الى المائده قائله :
( توني . كف عن هذه المضايقه )
( انني امزح يا خالتي العزيزه )
و لكن المزاح افسد شهية كولي وكانت الخاله تقدم اليها الاططباق قائله :
( لا تعيري التفاتا له يا كولين اسرع يا توني فأن دانييل في انتضارك خارجا )
لوح توني بيده مودعا كولي التي رسمت بصعةبه ابتسامه على شفتيها ترد بها على تحيته و عندما بدأت بتناول الطعام لم تجد ادنى
شهية فقالت الخالة ك
( عزيزتي كولين لم تأكلي شيئا ... )
اجابت كولي معتذره :
( آسفه .. لا أشعر بأدنى رغبة في الطعام في اي حال أنا دائما نحيله و لا أستطيع ان ازيد وزني )
رشفت العجوزقهوتها وقالت :
( ستشعرين بالامتنان لذلك ذات يوم و لن تنزعجي لنحافتك أنا متأكده ان هناك طثيرات من عارضات الازياء يحسدنك على قوامك )
قالت و هي تحاول ان تضفي على صوتها نبرة مرح لتخفي الجرح الداخلي الذي يؤلمها :
( و لكن العارضات يتمتعن بوجوه جذابة )
قالت الخالة :
( و لكنك لست قبيحه كما تتصورين يا كولين انه مجرد شحوب يمكن علاجه .و الان اذا فرغت من طعامك فان بينيامين يريد رؤيتك على انفراد في
مكتبه )
نهضت الخالة من مقعدها و راحت تسوي ثوبها بيديها فتلألأت الخواتم في اصابعها ثم اردفت تقول :
( لا نضيقي بمداعبات توني )
نهضت كولي بدورها و هي تقول :
(بالطبع لا يا خالتي )
و شعرت بساقيها لا تقويانعلى حملها وهي تسير نحوالمكتبة وسألت نفسها , لماذا دائما تشعر بالخوف من أي شخص ومن أي شيء ؟ داني
كان يقف دائما الى جوارها لينتشلها من المواقف المحرجه لكنها في هذه المرة لا تجده و عليها ان تجابه الموقف وحدها و الرجل الجالس
على المقعد المتحرك لا ريب سيخر منها انه مريض بمرض امها تماما و لا بد ان العم بن يعاني من المشكله نفسها امها كانت لا تحب ان تقوم
كولي بأجراء اي تعديل في البيت و تتمسك بما اعتادت عليه .. و هذا يفسر سبب غضب العم بن لوجودها هي و داني في البيت
فانهما يشيعان الفوضى في منزله و لكنها لم تخف من امها فلماذا اذن تخاف من بن ؟
تألق بريق في عينيها عندما طرقت باب المكتب و سمعت صوتا اجش يقول :
( ادخلي ... ادخلي .. )
خطت الى داخل غرفه وكانت الستائر مسدله فوق النوافذ تحجب ضوء الصباح بينما الظلام يكسو الجدران و يشيع الكآبه في المكان تطلعت الى الرجل
الاشيب القابع وراء المكتب و سألته بأدب :
( هل ترغب في أن أضيء النور ؟ )
زم قائلا :
( ما الامر ؟ الا تستطيعين الرؤية ؟ )
( المكان معتم قليلا )
( من الحماقه استعمال الكهرباء في وضح النهار انه تبذير للنقود )
اقترحت عليه و هي متردده :
(أستطيع ان ازيح الستائر جانبا )
( انت تصرين على ذلك أليس كذلك ؟ )
( الشمس تلقي مزيدا من الضوء ... )
( حسنا .. ازيحي الستائر .. اذا كان هذا يسرك )
و سارت كولي نحو النافذه و أزاحت الستائر جانبا فسمحت لضوء المس ان يقتحم الغرفه .. فقال ساخرا :
( هل طاب لك الامر ؟ تعالي هنا و اجلسي و الان استطيع ان اراك جيدا )
امتثلت لامره وجلست بهدوء و احست بنظراته تحدقان فيها و شعرت أنها روحه المرحه الساخره التي جعلت منه انسانا ومنحتها قليلا من الشجاعه
و اخيرا قال :
( الا تصنعين شيئا لشعرك ؟ يبدو كأنك نسيت تمشيطه ؟و الان دعينا نناقش العمل الذي ستقومين به اعرفي انه لا مكان لانسان يعيش
هنا بلا عمل كل شخص عليه ان يجري على رزقه او ان يرحل .. و انت ما العمل الذي تصلحين له ؟ )
اجابت كولي :
( استطيع ان اطهو و انظف البيت واقوم بالطبع على الاله الكاتبه )
( لدينا مدبرة منزل و البيت ليس كبيرا ليحتاج الى اثنين كما انني لا احتاج الى عاملة على الاله الكاتبه . الا تفعلين شيئا اخر ؟ )
( قمت بتمريض امي عدة سنوات )
زمجر و هو يجاهد ليرفع جسمه عن مقعده المتحرك و قال :
( لست في حاجه الى ممرضه )
قالت كولي متلعثمه و قد ارتسمت خطوط القلق على جبينها :
( انني .. انني لا اقصد )
صاح بن وراح يمسح شعره براحته :
( اخرجي .. اخرجي من هنا )
بأت الدموع تترقرق في عيني كولي و قالت :
(اسفه انا لا احسن مزاوله العديد من الاعمال )
( سأجد لك عملا تقومين به و الان اخرجي من هنا يكفيني ما سمعته من اخيك . على اية حال ان خالتك ستحتاج اليك بطريقه او بأخرى )
فنهضت كولي من فوق المقعد و الخذر يسري في اوصالها . ز من خلال الدموع التي ترقرقت في عينيها رأت بن يتشبث بعصبية في مقعده
المتحرك ,, لقد حطمت كل شيء كان عليها ان تقدر مدى حساسية الكهل المسكين تجاه عجزه وكان الاخرى بها ان تكون لبقة معه ...
و لقد ارتكبت خطأ بن منذ وصولها اولها مع جيسون . و التاني مع العم بين , متى تتعلم كيف تغلق فمها ؟
و عندما بلغت كولي باب المكتب التفتت وراءها و اتجهت نحو العم بن و هي تبحث عن كلمات تعالج بها خطأها و لكن صورة التجهم
التي رأتها على وجهه جعلت الكلمات تتوقف في حلقها فأغلقت الباب وراءها .
و بعد ساعه تجولت في البساتين الظليله حيث كانت خالتها منهمكه في عملها بين الزهور وكانت الخالة ترتدي قفازا وتمسك مقصا و تضع قبعه من القش
لتقي وجهها من اشعه الشمس فاقتربت كولي منها ببطء وحاولت ان تصوغ الكلمات و تشرح لها فششلها في اللقاء الذي تم بينها
و بين العم بن ... سالتها خالتها :
( عزيزتي كولين اين امضيت كل هذا الوقت ؟ الا تحبين الورود ؟ان لها اشكالا بديعه لا تكف عن ادخال السرور الى قلبي ... البراعم هشه و رقيقه
والزهور اينعت و تفتحت و العطر يعبق المكان برائحته الزكيه .. )
و انتظرت الخاله ان تلقي تأييدا لكلامها من كولي التي كانت مغوله عنها بأسباب القلق التي أثارها حوارها مع العم بن . فسألتها الخاله :
( ما الحكاية يا عزيزتي ؟ألم ينجح حديثك مع بينيامن ؟ )
هزت كولي رأسها في وجوم فنزعت الخالة القفاز من يديها ووضعت راحتها فوق كتف الفتاة وسارت بها نحو مقعد يقع تحت شجرة بلوط
وارفه الظلال و قالت لها :
( اجلسي .. وأخبريني بكل ما حدث )
بدات كولي تسرد ما حدث و كان حديثها متعثرا غير مترابط و انتهى بها الامر ان انفجرت باكيه فحاولت فيلي ان تهدئ من روعها
و قالت لها :
( لا ... مهلا .. كان الاجدر ان اشير الى مدى حساسيه العم بن لمرضه اناواثقه انه سيعتذر لك فيما بعد عما بدر منه فهو يحب ان يصور
لنفسه انه لا يعتمد على احد و يوم يجد نفسه عاجزا عن القيام بأمر ما تنتابه ثوره عارمه انه يعرف انك لست من النوع الذي يعنيه بثورته )
اخذت كولي تبكي و هي تلوي اصابعها في عصبية و اخيرا قالت :
( ارجو ذلك يا خالتي ... لقد حاولت ان اعتذر له )
( من الافضل الا تقولي شيئا و تضاهري بان الامور سارت سيرا حسنا و انسي ثورته )
( لكن الذي حدث انه غضب )
( اثارة الموضوع ثانية لن يساعد على تحسين العلاقه بينك و بين بنيامين , هل انت مصره على اثارته ؟ )
( لا ... )
و بدأت كولي تمسح دموعها و راحت تحاولالابتسام في وجه خالتها التي قالت :
( عندي فكرة بنيامين يحب تناول الشاي قبل الغذاء لماذا لا تذهبين الى المطبخ و تطلبين من ماغي اعداده ثم احمليه له .. كنوع من مبادرة سلام )
( حسنا )
نهضت عن اللمقعد بينما كانت الخالة تلقي تعليماتها :
( ضعي قطعة قماش مبلله بالماء البارد فوق عينيك و الا ادرك بينيامين من عينيك الحمراوين و جفنيك انك كنت تبكين و يحس انك مذنبة )
( تحت امرك يا خالتي )
و توجهت كولي نحو البيت و دلفت من الباب الخلفي الى المطبخ كانت ماغي تنظف بعض الخضروات و بسرعه وقفت الى جوارها و قالت لها :
( خالتي اقترحت ان كان في وسعك اعداد ابريق الشاي لاقدمه للعم بن )
اجابت المرأه بخونه :
( الابريق على الموقد و الصينيه على المنضده و الشاي سيكون معدا بعد قليل )
قالت كولي و هي تشعر بخوف دفين من مدبرة المنزل :
( سأحمله اليه بعد ان اغسل وجهي )
قامت كولي بوضع كمادات من الماء البارد على عينيها حتى اختفى الاحمرار منهما و كانت وجناتها شاحبيتن فقامت بقرصهما حتى تضرجتا بالحيويه و شعرت
بتحسن واضح فأسرعت عائده الى المطبخ و وجدت ابريق الشاي فوق الصينيه مع الفنجان و السكريه .
قالت لماغي و هي تحمل الصينيه :
( اذا كنت ترغبين في ان اعود اليك و اساعدك في الطهو فانني على استعداد لذلك )
قالت ماغي :
( انني اقوم بالطهو منذ ثمانية عشر عاما ... و اعتقد انني استطيع مواصله العمل لمدة ثمانية اعووام اخرى )
تركتها كولي بدون ان تتفوه بكلمه و شعرت بسعاده و هي تسعى نحو مكتب العم بن .. على الاقل تريد ان يعرف بن انها لا تكن اي
مشاعر عدوانيه نحوه ولكن على بعد خطوات قليله من الباب المفتوح تناهى الى سمعها صوت احدهم .. و عرفت انه جيس يتحدث الى
بن قائلا :
( فقدنا اربعه اربعة رؤوس من القطيع في الفيضان )
قال بن باضطراب :
( كان يجب ان تبعث احد العمال للبحث عنها .. )
قال جيس بصوت يشوب نبرته العداء :
( كنت في حاجه الى الهواء ... )
فقال الكهل بسخريه :
( اوه ... حقا .. هل فعلت ذلك ؟كنت اظن انه من الافضل ان تترك العمل نهائيا )
قال جيس بصوت عال و هو يؤكد على محارج كلماته :
( يجب ان تعرف من الان فصاعدا انني لن اترك عملي و سأبقى هنا طالما بقيت بوصه واحده من ارض سافدج و يجب ان تتقبل هذه الحقيقه )
و دفع الفضول كولي الى ان تسير حتى اقتربت من الباب لترى الرجل العريض المنكبين يميل بجسمه على المكتب ليواجه الجالس على
المقعد المتحرك )
و كانت المراره و الكراهيه مرسومتين على وجههيهما و فجأه صاح بن :
( يجب ان ترحل لن يحصل اي قاتل على حبة تراب من هذه المزرعه )
( اذن .... القي بي خارج المزرعه)
و فزعت كولي عندما رأت وجه بن يكسوه الغضب لسماعه كلمات جيس الذي استطرد قائلا بسخريه :
( انك لا تستطيع ان تفعل شيئا فضلا عن انك لن تستطيع اذا كان في وسعك ان تفعل لانك تحتاج الي توني الغالي سيدمر في اسبوع واحد
كل شيء بنيته طوال حياتك .. انت تحتاج الي )
و حرك بن مقعده المتحرك في ثورة غضبه فوقع بصره على كولي فأجفل و استدار نحوها فقالت كولي :
( احضرت لك الشاي يا عمي ... )
و خيم الصمت على المكان الى ان قطعه بن قائلا :
( احضريه يا فتاة )
هرعت كولي و دلفت لاى الغرفه فارتج الفنجان على الصينيه وكان كل فكرها في سباق رهيب هل سيخبر جيس العم بن انها امضت
الليله في كوخه اثناء العاصفه ؟ ماذا ستقول اذا حاول العم ان يقدم جيس لها ؟ و لكن يبدو ان العم بن لم تكن لديه اية نية للكلام
وضعت الصينيه على المكتب فقال لها :
(شكرا لك ... يمكنك ان تذهبي )
هزت رأسها و استدارت و تطلعت الى جيس .. كان مازال غير حليق الذقن .. و ان كانت لحيته قد اوشكت ان تغطي ندبته .. و رأت عينيه
الزرقازين الباردتين تتحديانها فترددت هنيهه امامه و هي تشعر بأنها منجدبه اليه بالرغم من خوفها منه تماما كما حدث في تلك الليله
التي امضتها معه وبذلت جهدها لتثوب الى رشدها وتفر هاربه من الغرفه ..
نهاية الفصل الثاني
قراءه ممتعه
|