المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
وهبتك قلبي..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذه قصتي الاولى في هذا المنتدى ..اتمنى ان تنال اعجابكم .. لي مع الكتابة تاريخ طويل ..لكنني توقفت منذ سنوات ..وهأنا اعود للقلم .... اتمنى ان تعجبكم البداية
الفصل الاول ..
لفت الوشاح باتقان حول عنقها .. يالها من ليال مصيرية ! تحمل حقيبة واحدة تحملها على ظهرها وهاتفا اغلقته بعدما ارسلت رسالتها الاخيرة ..تذكرت حديث والدها بابتسامة " ادعي الغباء ميرا .. ادعي الغباء دائما والجهل ..لاتجعليهم يعرفون انك تعرفين العربية او
الانجليزية ..دائما ذكريهم الهولندية او قليلا من الفرنسية..ستعرفين كل ما سيجري حولك بهذه الطريقة..واصري على البقاء في الغرفة بحجة التعب .."
شعرت بالجوع فهي لم تأكل شيئا منذ اقلاع الطائرة من بروكسل ..كانت متوترة جدا مما حدث..يفترض بها ان تذهب الى جامعة يو ال بي في بروكسل .. لتدرس الفن وعلم الاثار كما حددت لها والدتها .. لكنها بدلا من ذلك اتجهت الى المطار لتحجز تذكرة وتأتي الى هنا ..
بعدما انهت اجراءاتها التي اضطرتها للوقوف في طابور طويل نظرت الى الساعه ...اين ستذهب في مثل هذا الوقت؟؟؟..قررت الذهاب مباشرة الى الشركة .. الساعة تشير الى السابعة والنصف صباحا ..لاتصدق انها قبل ثمان ساعات كانت في بروكسل يسكنها الخوف من ان تعلم والدتها بخططها !
هل تتوقف لتناول شيء؟؟ لا .. لاتستطيع ذلك .. فمحفظتها لاتحوي الكثير! ظن والدها قبل خمس سنوات ان سبعة الاف ريال ستكفيها كمصروف في يدها حتى تصل الى قطر .. لكن سعر التذكرة كان باهظا ..حيث اضطرت ان تحجز في الدرجة الاقتصادية ..لو تعلم والدتها بذلك لاصابتها جلطة .. . وسعر المواصلات ..فهم يظنون انها في الاسواق برفقة صديقتها كاثلين .. كاثلين التي ساعدتها كثيرا ..
اوقفت سيارة اجرة واعطته العنوان .. واغمضت عينيها في استرخاء تحاول ان تخرس التوتر الذي يدب في جسدها ..
**************
توقفت سيارته الفخمة امام الشركة .. كان يقرأ بعض المستندات في يده .. ويوقع بعضها .. ولم ينتبه لتوقف السيارة ..
"طال عمرك " ..
لم يسمع صوت سائقه جعفر الذي يأتمنه على حياته اكثر من اي شخص اخر ..كان يقرأ المستند بتركيز ولم يعجبه ماكتب فيه ..
" طال عمرك ..بو محمد ... "
انتبه لسائقه ..وانتبه لتوقف السيارة .. واستغرب انه لم يفتح الباب له كالعاده .. عاد الى واقعه وهو لا يزال يقرأ المستند " في شي جعفر ؟؟"
تنحنح جعفر وقال في هدوء " لا سلامتك بس كنت ابي ابلغك ان هذا اخر اسبوع اشتغل فيه "
رفع رأسه مصدوما فاكمل جعفر " طال عمرك ابوي تعبان ولازم اسافر له .. وانا مادري بيطول تعبه ولا لا انا مدرب الشباب كلهم وهم فيهم الخير..."
رد بهدوء " سلامته ..مايشوف شر ..خل خليل يداوم عنك وانت اخذ باقي الاسبوع اجازة وقبل لا تسافر مر المحاسبة ...في شيء ثاني ؟؟"
"سلامتك الله يطول بعمرك "..
اسرع جعفر بالنزول وفتح الباب له دون ان يناقشه ..فهو خلال عمله معه خلال الخمسة عشر عاما الماضية يعرف انه لايجب به ان يجادله او يعترض على مايقوله ..
وهو يتجه لمكتبه كالمعتاد لفت نظره جلبه عند الاستقبال .. نظر الى الساعه كانت الثامنة صباحا ..يالها من بداية .. ليس من الناس التي تتطير او تتشاءم ...لكن بدأ صباحه بمستند اساءه كثيرا .. ثم اعتذار جعفر ونيته للسفر..ماذا يجلب هذا الصباح ايضا ؟
" جعفر شوف شالسالفه .."
ووقف ينتظر بينما وقف الموظفين احتراما له في البهو ..رجع جعفر وهمس " طال عمرك في وحدة محد يفهم عليها ومسوية ضجة مايدرون شتبي .."
توجه بنفسه لمكتب الاستقبال ليسمعها صوت انثويا يتحدث بالفرنسية انها لاتملك المبلغ الذي يريد .. وصوت رجل من جنسية اسيوية يقف ويصرخ يريد ماله ..
اشار لجعفر ليتدبر امر الرجل الذي كما اتضح له انه سائق سيارة وحين نظر للمرأة وقف مصدوما ..كانت تتحدث لموظف الاستقبال بالفرنسية وموظف الاستقبال يرد بالانجليزية ويحاول ان يفهم ماتقول .. كانت ترتدي جاكيتا اسودا طويلا يعكس لون بشرتها الثلجية بشكل متناقض وجينز وتلف عنقها بوشاح ثقيل .. وترتدي قبعه اخفت شعرها خلالها .. لفت نظره طولها ورشاقة جسدها .. تحدث بالفرنسية " مرحبا .."
التفت متفاجئة . والتقت عينيها الخضراء بعينيه السوداء .. وردت " مرحبا .. "
بادر قائلا " اعتذر لان موظف الاستقبال لايتقن الفرنسية .. هلا اخبرتني كيف يمكن ان اساعدك .."
قالت مترددة " اريد رؤية جاسم .. "
استغرب " هل لديك موعد معه ؟ "
هزت رأسها بلا وقالت " للتو اتيت من المطار ..وكما ترى اني لا املك حتى اجرة التاكسي ..واعتذر عن هذا ..لكن احتاج فعلا لمقابلة جاسم غيث .. انا اعرف انه يعمل هنا .. "
صمت مستغربا ماذا تريد هذه الفتاه منه ؟؟انها ترتدي معطفا غاليا ..وحذاء جلديا غاليا ..وتحمل شنطة رخيصة جدا مصنوعة من القماش .. اي تناقض هذا ! ورغم انهم في اوائل يناير الا ان وشاحها وقبعتها امران مبالغ فيهما كأنها اتت من ثلوج اوروبا ..
"اتبعيني رجاء .."
وتقدمها بينما لحقت به من دون اي سؤال ودخل الى المصعد الخاص به ومن ثم الى مكتبه .. دخل السكرتير مستغربا وجود هذه الفتاه لكنه اخبره ان يؤجل كل اجتماعاته ومواعيده حتى اشعار اخر .. دخل الى المكتب واشار لها بالجلوس ..وجلس على مكتبه ..
لكنها بقيت واقفه وقالت " احتاج لرؤية جاسم ..انني مستعجلة .."
ابتسم بود واشار لها بالجلوس مرة اخرى " انتي تتحدثين معه .."
وقفت مذهولة .. كانت رموشها البنيه قد احاطت بعينيها بشكل مذهل ...مدت يدها الى حقيبتها واخرجت ظرفا وسلمته له بيده .. استغرب لكن عندما قرأ ماكتب على الظرف نسي كل شيء .. وتجمد تماما
(( حان الوقت لان ترد المعروف .. اقرأها بعيدا عن حاملها ..عمك جابر .. ))
*************
بقيت بالغرفة بعد ان تركها ودخل الى غرفة جانبية فور تسلمه الظرف .. بدون ان يحدث اي رد فعل .. شعرت بانها لاتطيق الجو .. رمت بوشاحها وقبعتها جانبا .. كانت حليقة الرأس تقريبا .. اعتادت على هذا الستايل منذ ان كانت مراهقة .. لكم حاولت والدتها ان تقنعها بان تحتفظ ببعض الخصلات الحمراء فهي تجعلها جميلة جدا .. لكنها كانت ترفض .. رغم انها نشأت في مدرسة داخلية لكن الكل اعتاد على هذا السلوك منها ... كانت كلما حلقته بالة الحلاقة التي تهربها لها كاثلين ليلا تواجه العقاب من الراهبات ..ترتدي ملابس الايمو دائما .. تكره والدتها الارستقراطية جنوحها ولبسها للون الاسود ورأسها الحليق ...لكنها لا ترد على احد .. كانت كاثلين تواعد الشبان وتحاول ان تقنعها بذلك .. لكنها كانت ترفض وتنزوي الى عزلتها وكتبها .. واغانيها .. كم كانت تعشق سماع المطربين العراقيين .. واغاني محمد عبده .. فهي تذكرها بوالدها الذي اختفى منذ خمس سنوات .. هل توفي ؟؟ لاتعرف .. تتمنى لو انه على قيد الحياة .. لكنها تعرف ان الكحول اتلفت كبده .. "اشرب عشان ابنسى ريحة جدتك .." ...كم استبد به الشوق .. وكم عانى .. حين تخلى عن كل شيء لاجل الحب .. وحين اكتشف انه كان يجري خلف وهم .. حاول العوده .. ولكن لم يستقبله اي احد ..
******************
كان يجلس في غرفة الاجتماعات مصدوما .. نظر عبر الباب الزجاجي للفتاة التي وقفت خارجا .. بلاقبعه تبدو كانها صبي .. بلا شعر ..هل هذه ابنة عمه جابر فعلا !!! عاد ليقرأ الرسالة .. وفجأة اتضح له كل شيء .. فهم الان لم دخل عمه مدرسته ذات صباح وهو فالخامسة عشر واخذه لمعلمة اجنبية !! وطلب منه تعلم الفرنسية والهولندية!! كانت دروسه مكثفه ولم يفهم السبب .. واتقن اللغتين خلال خمس سنوات وكانت مكافأة عمه له ان جعله يدرس في الجامعه الاميركية في الامارات تخصص ادراة الاعمال .. وواضب على ممارسة اللغة بعد ان عمل عملا جزئيا في وزارة الخارجية كمترجم اثناء دراسته .. لكن كان هدفه الاول هو التجارة .. وحين صارح عمه بهذا الموضوع .. دعمه عمه بالمال والعلاقات .. حيث كان عمه دبلوماسيا سابقا وله العديد من العلاقات .. ولكنه لسبب كان يجهله عاش معظم حياته في بلجيكا .. ولم يكن اي احد يذكر اسمه في منزل العائلة سوى والده ... كان يعتقد ان لوالده شقيقان فقط واخت .. لكنه صدم حين علم ان هناك شقيقا ثالثا لايذكره احد سواء بخير او بشر ..الان فهم كل شيء .. نظر الى الظرف وقرأ اخره
.. " ملاحظة : لاتخبرها انك تعرف الهولندية ..جميع اوراقها واموالها لديك ..حيث الامانة التي طلبت منك ان تحفظها .. عرفها الى جدتها ...اريد امي ان ترى ابنتي .. حتى لو طردتها .. دع ابنتي ترى جدتها .. احمها من مجتمع والدتها اتمنى ان تتزوج بها ياجاسم .. وان لم تستطع .. فاطلب من احد ابناء عمومتك .. احمها يا جاسم .. هكذا ستكون رددت الي المعروف .. "
ادخل الرسالة الى جيبه وتنهد .. تذكر حين جاءه جعفر يطلب اليه ان يرافقه .. وصدم حين رأى عمه على فراش المرض .. وصل متأخرا .. حيث لفظ انفاسه الاخيرة قبل دقائق من وصوله .. تساءل :اهذا هو السر ؟؟ زواجك من بلجيكية ؟؟ كيف تنازلت عنك جدتي هكذا ؟؟لم يحضر احد دفنه سواي انا وابي .. لم يقل ابي الخبر لجدي او جدتي .. ولازالوا لايعلمون ..ففي نظرهم توفي ولدهم منذ خروجه عن طاعتهما وزواجه ب الفتاة الاوروبية التي كانت تعمل معه ..امسك بهاتفه واتصل بوالده ..
" يبه ..صباح الخير "
"صباح الخير جاسم..."
"يبه تستلم عني الشركة لمدة اسبوع ؟؟"
طال صمت والده " في شيء جاسم ؟.."
" اي يبه .. جدي وجدتي حولك ؟؟"
"اي كالعادة .. "
"يبه اليوم ابي اجتماع عائلي في عندي شيء ابي اعلن عنه ..عقبه بسافر دبي اسبوع ..عندي مصيبة ثانية"
استغفر والده " خير اللهم اجعله خير..شنو المصيبة الاولى ؟؟"
ابتسم وهو يطالعها " ابتزوج يبه ..مع السلامة "
اغلق الهاتف وهو يسمع ضحكة والده الذي فرح اخيراااا بقراره بالزواج ..
********************************
دخل الى المكتب هادئا .. كان طويلا اطول منها .. هذا مالاحظته اول شيء .. ابتسم باقتضاب وقال بالعربية "اهلين بنت العم " لكنها ادعت جهلها وهي تستغرب تهكمه .. حدثته بالفرنسية " هل اتضح كل شيء ؟"
هزأ راسه واجابها " نعم ..سأتصل بالسكرتير ليأتي هل تمانعين ؟"
هزأت رأسها بلا وعادت ارتدت قبعتها ولفت الشال حول عنقها .. "هل سيناسبك لقاء عائلي الليلة ؟؟"
تفاجأت وهزت رأسها بلا ...هل رائحة جدتها التي اشتاقها بهذا القرب ....!
"سآخذك لقاضي المحكمة لنعقد زواجنا ...فمن خلال هذه الورقة وكلني والدك عنك .. واصبحت الوصي الرسمي عليك حتى سن الخامس والعشرون ..ولكي ابقي والدتك بعيده عنك يجب ان اعقد قراني عليك .. "
ذهلت تماما من حديث هذا الاسمر الطويل !! اي زواج ؟ عن ماذا يتحدث قالت مندهشة " انت تمزح !"
قال مبتسما " للاسف لا مزح في هذه الامور .. مافهمته من رسالة والدك ان لجديك سلطة تستطيع ان تسترجع بسهولة الى بلجيكا "
صرخت بغضب " لكني اجتزت السن القانوني !!"
قال متأسفا " انتي مواطنة بلجيكية .."
وقفت مستاءة ..هل هربت من زواج مدبر لتدخل في اخر !! " ماذا يعني..الا يوجد اجراء اخر !!"
"سيكون صوريا ..فأنتي فتاة صغيرة لن اقترب منك ..فقط لاضمن بقاء والدتك بعيدا عنك .."
رغم ان كلامه اساءها .. لكنها صمتت .. "متى ؟"
نظر الى ساعته "الان .. اتبعيني .."
امسك بهاتفه واتصل ب جعفر ليعد له السيارة .. وذهبا الى قصر العدل ..وحينها اخرجت البطاقة التي كانت تخبئها في محفظتها ..وقالت بالفرنسية " اخبرني والدي ان استخدم هذه البطاقة في قطر .."
امسك البطاقة ليصدم..ميرا جابر ..نسي ان يسألها عن اسمها .. ولكنه لم يتوقع ان يكون لها هذا الاسم .. البطاقة قطرية قديمة الطراز قليلا ..وتاريخ انتهاءها قريب ..وتبدو فيها ميرا كصبي في السابعه من العمر .. اي سلطة هذه التي كانت لدى عمه ليجعل سريان مفعول هذه البطاقة اكثر من عشر سنوات !.. لكنها تفي بالغرض ..طلب من جعفر ان ينزل وكان قد بعث برسالة الى والده ان يوافيه في المحكمة لوحده..جعلها تنتظر في انتظار النساء حين اخذ والده على جنب وحدثه بما صار ..
"جاسم انت صاحي .. هي مواطنة قطرية ..اخوي جابر مسوي اوراقها ومخلصها ..مو لازم هالزواج حسب القانون القطري احنا الوصيين عليها .."
" يبه ..انا ما اضمن الظروف .. اللي فهمته من رسالة عمي ان سلطة اجدادها كبيرة ..واني اتوقع اي شيء ..وعلاقاتهم الدبلوماسية بقطر وايد قوية..على الاقل لي تزوجتها محد يقدر يقرب منها ."
" خليني اشوفها .. "
" لايبه .. هي رفضت وشكلها مب مستعدة .. توها واصله من بلجيكا ... بس نعقد الزواج باخذها ترتاح في الفيلا .. وعقب باخذها دبي.."
"جاسم ليش بتوديها دبي!!"
"يبه ..بعدين بقولك ..انت بس اوقف معاي اليوم ..والله يعين عالباقي .."
دخل جاسم عند القاضي والده وانهوا معظم الاجراءات وطلب من والده الاختباء حتى يتسنى للقاضي ان يسمع موافقة ميرا .. لم يفهم والده لم !! لكنه اصر فهي في نظره ليست مستعده لاي مواجهه عائلية .. كانت تبدو مرهقة ولا طاقة لها على الحديث ..
خرجا من المحكمة صامتين ..اخذها ليستخرج لها اوراقها وبياناتها..كانت تبدو شاحبة ممتعضة..سألها " نادمة؟؟"
قالت باستسلام " لا انه فقط امر مثير للسخرية...خرجت من زواج مدبر لاقع في اخر ...كانت والدتي ستعلن خطبتي في ايام ...وكانت سترغمني على ذلك رغم اني لا اعرف من هو = تعيس الحظ..ولكن تبين في الاخير انه انت !"
نظرت اليه ساخرة بعينين خضراوين متأججتين .. لكنه تذكر ما قرأه في الرسالة وهو يتأمل ملامحها ..
((" ربما تراها صهباء وذات عينين خضراوتين ..لكني اقسم لك يا جاسم ان ملامحها عربية الاصل ..اني ارى امي فيها كلما غضبت مني ..انف امي وذقنها ووجنتيها ..وحتى حاجبي والدتي اللتان تتقوسان بعنفوان عند استهزاءها مني .. ")
"لم تحدق بي هكذا !!"
اعادته لواقعه .. ابتسم وفاجأتها ابتسامته ... والتفت بعيدا وهو يتذكر طفولته ..حين كانت تجلس جدته بحسنها امامه ...وكان يقول لها انه سيتزوج يوما من تشببهها فهي احلى امرأة في الوجود .. سيختار الصمت ولن يتجادل معها في شيء ..لازالت في نظره طفلة...وباسلوبها هذا وطريقة ملابسها يعي تماما انه لايستطيع التحكم بها ..فهي مستقلة تماما ...واعتادت على استقلالها ..
********************
كان الارهاق يستبد بها .. وهذا الحائط الذي يجلس بجوارها لا يعي انها تعبة وجائعة وتكاد تموت نعاسا .. ليتها تناولت ما اعطوها في الطائرة..لم استكبرت على تلك الوجبة !! هذه هي ضريبة نشأتها في عائلة كعائلة والدتها .. انها اكتسبت صفة بشعة وهي استعلائها وترفعها عن الاشياء البسيطة..تذكرت حقيبتها والموقف المضحك الذي حدث بينها وبين كاثرين .. حين قالت لها ان تجهز اغراضها في هذه الحقيبة القماشية .. فوالدتها لن تشك و لن تمسكها وستظن انها للخدم..وفعلا .. حين اتت والدتها لترى اغراضها التي وضبتها لم تلق نظرة حتى على هذه الحقيبة التي قالت لها ميرا انها لزميلة فقيرة نستها في المحطة وستعيدها لها لاحقا .. كيف وقعت والدتها في حب والدها لا تعرف ! ..فلوالدتها اخلاق وطبائع قاسية لا تتفق مع طبائع والدها .. والدها بسيط وحنون ..يمنح الحب ويجود به..لولا الكحول لكانت اليوم معه ..
سألت مترددة " هل توفي والدي امامك؟"
صدم من سؤالها ..اجاب باقتضاب " نعم.."
ارتاحت ..اذا لم يكن وحيدا ..ولم ينبذه جاسم كالاخرين ..سقطت دمعة من عينيها رغما عنها ..منذ خمس سنوات وهي قلقة بشأن هذا الامر..سألت " هل دفن في مدافن العائلة؟"
استغرب ..قال بهدوء " لا وجود لمثل هذا الشيء هنا .."
لم تسأل ..بقيت صامتة ..متألمة ..ارادت ان تسأل ان عرفت جدتها بوفاته ..لكنها تراجعت .. لن يفيدها سؤالها هذا شيئا .
***********************
دخلت الفيلا الكبيرة وهي تتبعه بصمت .. نادى احدى الخادمات الفلبينيات .. والتي كانت مدبرة المنزل .. طلب منها ان تدلها الى الغرفة التي طلب منها ان تجهزها ثم التفت اليها وقال " سأختفي لباقي اليوم ولن اعود حتى المساء .. خذي قسطا من النوم ارتاحي قليلا طلبت من سلمى وهي احد الموظفات ان تجهز لك جناحك وسنسافر الليلة الى دبي .. كوني جاهزة .. "
تركها وغادر دون ان ينتظر ردها .. نظرت الى الخادمة التي اشارت لها بان تلحقها .. دخلت الى الجناح وقررت اخذ حمام ساخن وحين خرجت مرتدية الروب وجدت فتاة سمراء في جناحها ابتسمت الفتاة وقالت بالفرنسية" صباح الخير .. اسمي سلمى اعتبريني ساعدك الايمن .. اخبرني السيد جاسم ان قياسك 2 لذا جهزت لك بعض الملابس بسسرعه وحين سنذهب الى دبي سأكون برفقتك في التسوق .. الفطور جاهز سأترك رقم هاتفي ان احتجتي الى شيء لاتترددي في الاتصال بي .. عن اذنك "
خرجت الفتاة التي كانت ذو لكنة غريبة لم تسمعها ميرا من قبل .. كيف عرف جاسم ان قياسها 2!! هل من السهل عليه ان يحزر قياس المرأة التي امامه ! كم امرأة يعرف ! هل تزوجت زير نساء !! ... توجهت للمائدة تناولت الافطار بسرعه وهي تنظر للساعه .. كانت تشير الى الحادية عشر صباحا .. اخرجت بيجامة حريرية من حقيبتها كانت تحبها كثيرا ارتدتها ودخلت في سريرها لتنام حيث لم تصدق انها اخيرا هناا !!
***********************************
كانت الساعة تشير الى الرابعة عصرا حين دخل الى قصر جده .. حيث اتفقت العائلة ان تجتمع ..دخل الى المجلس وهناك قلق من ان يكون مصيره كمصير عمه ...حيث سينبذونه بلا رحمه ..ابتسم وهو يرى ملامحهم الهادئة ..كانت عمته هديل تجلس بالقرب من والدها وتهمس له وهو يضحك .. بينما كان جدته حسناء تلاعب ابن عمه الصغير الذي لايذكر ما اسمه .. فلم يكن حاضرا حين ولد قبل عدة اشهر .. والده وعمه عبدالله وعمه سعد في نقاش سري في احد الزوايا .. هؤلاء هم اركان عائلته الاساسية . حيث طلب ان لايرى زوجة اي احد من اعمامه او ابناء عمومته فالموضوع لايخص الا الاركان الرئيسية في عائلته ..وهم جده وجدته واعمامه ..حين رأته جدته ابتسمت واشارت للخادمة ان تذهب بالطفل الى امه ..
" يا زين هالمسسسا دام جاسم ظل علينا .. "
رد عمه سعد " ايه اليوم الوالده معيده بشوفتك يا ولد .. "
رد بابتسامة قلقة " دووم ان شاء الله .. "
وفي قلبه خوف من النبذ الذي واجه عمه .. لكنه لن يتراجع ..
جلس بقربها وهو يقبل خدها " شلونها حسنة ؟؟"
ردت وهي تحضنه " الحمدالله ..بشوفة جاسم ..دووم بخير "
ضحك وهو يرى امتعاض جده وقال " جدي ترى تقصدك ماتقصدني .."
رد بتهكم "مبين..وهي صار لها يومين ماتكلمني "...
" افا بس ليش يا حسنة !!"
لفت جدته وجهها عن جده " هو يدري وش مسوي "
قال جده بعصبية " ترى مايسوى علي جبت طاري الزواج .. لو طاري الموت مازعلت كذا "
ردت بتلقائية " اسم الله عليك .. " ثم لفت وجهها االى جاسم " ها يا وليدي .. ابوك يقول انك تبينا اليوم .. خير ان شاء الله ؟"
ابتسم لمحاولتها اخفاء خوفها على جده الذي جلس فرحا بقرب هديل " خير ان شاء الله ..يبه ماقلت لهم ؟"
رد والده بهدوء " ماقلت شيء .."
نظروا اليه في استغراب ..ابتسم وقال " ابد بس اليوم تزوجت .."
كان يتوقع الصدمة التي بانت في ملامحهم ..وخصوصا جدته .. التي كانت تلح عليه لسنوات طويلة بالزواج وو يتهرب لسبب يجهله .. لم يكن مستعدا .. عصبية جده بانت في حديثه حين قال " عيد وش قلت ؟"
قال بهدوء " هو زواج مصلحة وكنت مضطر له .. وما اتوقع بستقر فيه ..انا ما حبيت اخبي عنكم .. بس انا زوجتي صغيرة فالعمر وابوها توفى فجأة ووصاني عليها ..وابي منكم الاذن ان عمتي تسافر معاها الامارات ..منها عمتي تخلص الدكتوراه ومنها زوجتي تدخل الجامعه .."
صرخ عمه سعد " انت شقاعد تخربط !!"
رد بهدوء " انا ما اخربط يا عمي .. البنت بنت ناس ..وما ابيها تتبهدل .. ابيها تاخذ شهادتها عقب تروح في طريقها .. هي يتيمة ..وانا بقعد هني قبال عيونكم .. عندي شغل وشركات مو فاضي اقابل طفلة .. "
قالت هديل بعصبية " يعني تبيني انا اقابلها !!"
ابتسم لعمته " انا بحط لها سائق وموظفة وبيت وحرس وكل شيء .. وكله من فلوس ابوها انا مالي قرش واحد فالموضوع ..لكن اعرف انج تبين تاخذين الدكتوراه فالامارات .. فهي بتكون مثل الرفقة لج .. "
قالت جدته بهدوء لايخفى عليه سببه" شسمها ؟"
قال "ميرا"
وانتبه لشحوب جدته ..فتاكد انها تعلم !
يتبع .."
انتظروني صباح كل اربعاء .
|