البارت الثاني
يا من هـواه أعزه وأذلني كيف السبيل إلى وصالك دلني
تركتنـي حيـران صبّـا هائمـا أرعى النجوم وأنت في نوم هني
أنت الذي حلفتني و حلفتلي و حلفت أنك لا تخون فخنتني
و حلفت أنك لا تميل مع الهوى أين اليمين و أين ما عاهدتني
عاهدتني ألاَّ تميل عن الهوى وحلفت لي يا غصـن ألا تنثنـي
هبّ النسيم ومال غصن مثله أين الزمان وأين ما عاهدتني
جاد الزمان وأنت ما واصلتني يا باخلاً بالوصل أنت قتلتني
واصلتني حتى ملكت حشاشتي و رجعت من بعد الوصال هجرتني
لما ملكت قيـاد سـري بالهـوى وعلمت أني عاشق لـك خنتنـي
و لأقعدن على الطريق فأشتكـي في زي مظلوم وأنـت ظلمتنـي
ولأشكينك عند سلطـان الهـوى ليعذبنـك مثـل مـا عذبتـنـي
ولأدعونّ عليك في جنح الدجـى فعساك تبلى مثـل مـا أبليتنـي
سعيد بن أحمد بن سعيد
,
بدأ يتعرق مِن شدّه الخوف .. تخيّل لو أنها إسترجعت ذاكِرتها! أي حجم يصفُ حجم هذِه المُصيبه! .. لم أفكر ولا للحظة بهذا الأمر! كيف لحادِثة كتلك تُفسد مخططاتي؟ أول مرةٍ يا جوري أتمنى موتك ولا أتمنى عودةَ ذاكرتك, إذا عادت سيُفضح أمري! وسيحين أجلي ويكون موتي بينَ يديك!
خرج مِن الطوارئ وقال بِنبرة حادة : لو سَمحت مُمكن تتفضل مَعي!
أبو عبدالعزيز أحتل الخوف أكبر مساحةً في قلبه : إيـه أكيد .. بس صاير شيء؟
وهم يمشون إلى المكتب الخاص بِه : بتعرف هِناك
دَخلوا .. أشر على الكُرسي : تفضل .. أكمل حديثه .. اللي تبيّن لي أنها تعاني مِن ضغوط نفسية, لا تنسى إنها فاقده الذاكرة وأكيد إنها تحاول تستذكر ماضيها, وللأسف كَان تفاعلكم مع هالشي بَدل ماهو إيجابي صاير سلبي!!
قطع عليه كَلامه بتوتر.. وهو يمسح العَرق الذي بدأ يزيد : ما فهمت, يعني وضّح لي أكثر؟
نظر إلى عينيه وقال بجديّة : يا أبو عبدالعزيز أنتم تمنعون عنها إنها تذكر أي شي من ماضيها ولو بسيط! البيئه اللي هيّ فيها ماهي بيئة مريض وضعه حَرج مثل الجوري!!
كان سيقاطعهُ لولا أن الطبيبَ أشر بيده بأن ينهي حديثه : ما أبي أخبي عليك, وتحتاج إعـادة تأهيل, نفسيتها بالحضيض والأحسن أنها تكون بمكان مُريح لها بدون الناس اللي تزعجها وتضايقها!
أبو عبدالعزيز زفر بقوة والخوف يمتلكه!
بدأت تفيق من وعيها, كل ما حولها بياض كانت ستتحرك لولا ألم رأسها الشديد .. تأوهت ووضعت يديها على مكان الألم, مدّت يديها لتأخذ الجِهاز لتطلُب المُمرضة.. قطع عليها دُخول أحد عِندها, رَجعت كما كانت عليه, نظرت إليـها بعتب قاتل, مُميت!
بأسف : أنا آسفه .. ضميري بياكلني والله!
صدّت عنها
نجود والدمع يتجمع بعينيها : جُوري, قلت لك آسفه والله!
جُوري بِعتاب : جيت طلبت مُساعدتك ورفضتي! عكسي تماماً لما تطلبين مُساعدتي, شايفه الفرق كيف؟
نجود جَلست على طرف السرير وبلعت ريقها : طيب كيف تبيني أساعدك وأنتِ مو معطيتني فُرصة لهالشيء!
جُوري بجديّة : مين عبدالعزيز؟
نجود نظرت لعينيها, تكلمت بصعوبة : أخوي
أردفت بإستهزاء : وأخوك وش يجيبه للماضي الوردي حقي؟
نجود بدأت تتوتر : لأنه يصير أخوك بنفس الوقت, [بربكه] أقصد يعني تصيرين أخته مِن الرضاعة
جُوري صمتت قليلاً .. أردفت : أشرحي لي بالتفصيل المُمل! علميني ليش كانوا أمي وأبوك رافضين يقولون لي! عطيني مُبرر لهالشيء! وليش كِل ما أتصل على أمي أسألها تغيّر الموضوع, لو أحلف أنكم ما غبيتوا هالموضوع إلا وراه بلاوي متلتله
قالت بضيق : لا تضغطين علي! بعدين أنتِ تعبانة [بربكة] أقصـد محتاجة راحة!
بعصبيّة : تلعبين علي أنتِ؟ .. لم تٌكمل كلامها, تأوهت مِن ألم رأسها ..
نجُود بخوف : أنادي لك النيرس!
جُوري بدون نفس : لا تنادينها, بس أبي أنام
نجود بغباء : طيب نامي!
جُوري بغضبٍ لم تستطيع كتمه : يعني لو أقدر انام بقابل وجهك! نادي أي أحد يجيب لي مُنوم
هزّت رأسها بالإجابة وخرجت, أحمرّت عينيها مِن الغضب! كرهت أسمائهم وكرهتهم كُلهم! قلوبهم خُلق من حجر! هذا ما اظنه .
,
رجَعت مِن المطبخ حاملةً معها كوبين قهوة تٌركيّة, حضّرتها كما يُحب! إستغربت من عدم وجوده وشكل هاتفها المُرمى بإهمال
وضعت القهوة على إحدى الطاولات المُجاورة لها, تقدمّت لتأخذ هاتفها
قالت بغضب : هالعادة القبيحة اللي فيه ما يتركها! هذا وأنا مُحسنة الظن فيه بعد!
جلست وشياطين الدُنيا تجتمعُ برأسها .. نظرت مره أخرى إلى رسائل " الواتس أب " المفتوحة بينما بالسابق كانت مُغلقة!
: يا عُمري من يومك وأنتِ حنونة, إعطني كوباً من القهوةِ لو سمحت
نظرت إليـها والشرار يتطاير من عينيها : أقلبي وجهك
يَوان بإستغراب : وش فيك معصبه؟ قبل شوي كنتِ وش حلوك
مَنار : هو أنا مرة روّقت عشان ما أعصب!
يَوان ضحكت بخفّة : مسويه قهوه بعد؟ شكلك سويتيها وسحب عليك ههههههههههههه
مَنار : يا روقانك بس
يَوان رَشفت من القهوة : لا جد وش فيك؟
مَنار : رجع يفتش جوالي!
يَوان بإستغباء : مين؟ .. رمقتها بغضب .. آوه قصدك بدر؟ مِن جده ذا!
مَنار بغضب : قال لي ابي جوالك لأن ناسي جواله! رجعت وحصلته فاتح كل محادثات الواتس آب!
يَوان حضنتها : هدّي هدّي ياقلبي, [ نظرت بها بخُبث ] حطي ببالك ربي ما عطانا كيد عظيم عشان نزعل, شغلي مخّك الله ياخذ مخك الفاشل
منار بغباء : وش بنسوي يعني؟
يَوان بإبتسامة خبيثة : ما عليك وش بنسوي, بس إرتاحي وريحي مخّك وحطي ببطنك بطيخ صيفي وشتوي بعد
منار تنهدت : بطيعك هالمره بس الله يستر وش بتسوين! [ أردفت بتهديد ] بس أسمعي أن سويتي شي بدون علمِي تحملي وش يجيك وبحط كِل القصه فوق راسك وأنتِ اللي
يَوان قاطعتها : الله الله الله من أولها تنكرين المعروف! ترا والله أفركش كل مُخططاتي
مَنار : أصلا أمداك تخططين؟ كملي معروفك بس ولا يكثر كلامك [ وقفت ] أنا بروح أذاكر
يَوان بصوتٍ عالِ لتسمعها : بالتوفيق يا بعد جبـدي
,
إيطاليـا
خثَرت نفسه وبدأ يتقيأ.. شد يديه على بطنه, الألم يقتُله! يا الله أرحمني.. غَسل وجهه بماءٍ بارد لكي يُخفف حرارةَ جسمهُ .. قال بصعوبة : ربِ قد مسنّي الضُر وأنتَ أرحم الراحمين
بدأ يَهذي بكلام لا يفهمُه! بصعوبة .. تنفس الصعداء .. الدمُوع التي تُحرق محاجر عينيه تُعذبه, تقتُله, تُميته أكثر! وجسدهُ الذي يشتعل مِن إرتفاع حرارته .. قام لتأدية فرضه كما تعوّد, تكبيراً فركوع فسُجود, بكَى! لم يراهُ أحدٌ بهذا الضُعف والإنكسار سوى ربهُ! لم ينكسر بهذه الحِدّه مُنذ قبل! أنهى صلاته وصار يسعلُ بشدّه, طُرق الباب كان سيُجيب لولا السعُال الشديد الذي إنتابه!
دَخلت : عبدالعزيز يـلا العشاء .. سكتت لثواني قليله .. فيـك شيّء!
بتعب : لا مـا فيني كح كح كح
قاطعته وأشرت له بالصبر : دقيقه خلني انادي لك أمك
نزلت للدور السُفلي بسرعة : خالة مُمكن تجين معي شوي
نظرت إليها بإهتمام : ليه فيه شيء؟
مسكت يديها : جدتي نادتني عشان أقولكم إن العشاء جَهز [ وبتوتر ] وعزيز فوق تَعبان .. مره!
بقلق : طيّب طيّب
صعدت إلى الأعلى بسرعة, دخلت غُرفته لم تجده! : عزيـز! عبدالعزيز وينك
خَرج من دورة المِياه ونظر إليها بذبول : سمّي
أنتفض قلبها بخوف : شوف كيف وجهك أصفر, مَسكته وأتجهت بهِ إلى السرير : إرتاح والحين أخليهم يجيبون لك شيء دافي
ببحة قاتِله : لا ما أبي شيء بس خليهم يسكرون تكييف غُرفتي بردان
وضعت يدها على جبينه قالت بقلق : حرارتك مرتفعة كثير, شكلك ماخذ بَرد .. الجُو بدأ يبرد!
عبدالعزيز بِتعب : أخذت خافض للحرارة .. محتاج راحة بس ودي أنام
والدته بعتب : يا وَلدي لمتى تهمل نفسك, والله ما يصير!
عبدالعزيز إبتسم إبتسامه صَفراء
والدته بحرج : أنا بخليك تِرتاح, إذا إحتجت شي كلمني طيب!
عبدالعزيز أغمض عينيه وفتحها بِمعنى الطاعة
خرجت مِن غُرفته ونآم
رَجعت, وجدتها نائمه بهدوء والتعب يكتسي ملامحها. قبّلت جبينها وجلست بالكُرسي المُرادف لسريرها, النُعاس أخذ حيزاً كبيراً من طاقتها أغمضت عينيها لتغفو لكن رنّ هاتفها, تأففت وسحبت حقبيتها وردّت
نُجود : وعليكم السلام والرحمه, لا الحمدلله بخير الحين .. بتجين؟ أوه كويس, لا هي نايمه الحين, لا سلامتك .. أغلقت المُكالمة ووضعت هاتفها بإهمال على الطاولة وأغمضت عينيها تُحاول أن تنام ولو وقت قليل , مرت ساعة وهي تُحاول لكن التفكير يُهلكها !
ببحّة : نجود كم الساعة
نُجود وهي تنظُر للساعة : سبعة ونص
جُوري بتساؤل : الصبح؟ مره مبكر الوقت
نُجود ضحكت بخفّة : لا بالليل, أنتِ نمتي كثير من التعب
جُوري وهي تضع كِلتا يديها على راسها : يا الله بموت من وجع راسي
نُجود : ترى طبيعي! لأن مركز طيحتك عليك
جُوري بِملل : ما قالوا لك مِتى يطلعوني؟ مليت والله
نُجود : مدري, بس أتوقع بُكرا
قالت بضيق : أمي ما جت صح؟ كِنت متوقعه
نُجود بكذب : إلا العصر جت كنتِ نايمة, وقبل ساعة تقريباً أتصلت تتطمن عليك
جُوري بسُخرية : كثر الله خيرها تعبت نفسها
نُجود بحماس : أقول جُوري شرايك نروح عِند أمي
بغباء : نروح وين بعد؟
نُجود : إيطاليا, منها انا أشوف أمي ومنها أنتِ تاخذين فترة نقاهه! ترى والله الفكرة مُش بطاله!
جُوري وكأن الفكرة راقت لها : ما هي بشينة! بس شوفي عن عمي .. بعدين لا تنسين أنا تعبانه ولازم أرتاح مو كِذا على طول اسافر!
نُجود بضحكة : علينا ؟ أنتِ من تسمعين طاري السفر حتى لو أنتِ وقتها بين الحياة والموت تصيرين بكامل عافيتك, تلعبين على مين أنتِ؟
جُوري بطرف عينيها : حيوانة
نجُود قربت لجُوري ومسكت يديها : جُوري, أنتِ أختي, ومالي غيرك! [ شتت نظراتها ] أسفه لو قسيت عليك بس والله مو بيدي! تخيلي ضغط أمك وأبوي عليّ وفوق هذا ضغط الجامعة وسنه تحضيريه وقلق! من جدّي أتكلم انا والله آسفه, سامحيني قسيت عليك [ أختنق صوتها ] وإذا على إيطاليا أنا أكلم أبوي وإذا بغيتي بعد تكملين جامعتك هِناك! ما أبي تجلسين تحت ضغط أمـك وتعذيبها! ما أبيك تكونين وسيلة عشان تشفي غليلها من أبوك!
جُوري بكَت
نُجود ودموعها تسبق كلامها : صدقيني إذا ما عجبك الوضع هِناك على طول نرجع للسعودية, مع إني متأكده إنك بترتاحين [ أومأت برأسها لليمين ] ومن ناحية ثانيه عبدالعزيز هِناك, يمكن وجوده يساعدك تسترجعين لو شي بسيط من ذاكرتك, وش قلتي؟ موافقه!
جُوري هزّت رأسها بالموافقة : خَلاص موافقة, بس يا ليت يكُون قريب مع إني ما أظن عمي يوافق
نُجود إبتسمت وطبطبت على كَتف جُوري : أبوي وأعرف أقنعه لا تشيلين هم
نظَرت إلى ساعة يدها وأردفت : أنا بطلع أكلم أبوي
جُوري : مو بدري على الموضوع! قولي له بعدين
نُجود : لا كِل شي حُلو بوقته, يلا شوي وأرجع
خرجت وأخرجت هاتِفها, بحثت عن رقمُ والدها أتصلت عليه كان مشغُول, أتصلت مرّة أخرى : هلا
نُجود بثقه : هلا كيفك يُبه
أبو عبدالعزيز : الحمدلله, فيكم شي؟
نُجود : لا تطمّن, أنا متصلة أكلمك بموضوع بس عطني الموافقه قبل!
أبو عبدالعزيز بضحكة : أكيد موافق, حبيبة أبوها تطلب شيء وأقول لا؟
نجُود : ودي أروح لأمي لإيطاليا
أبو عبدالعزيز بإستغراب : فاجئتيني بهالموضوع! متى تبين تروحين؟
نُجود بضحكة : لا مُفاجئة ولا شيء! دايم أروح لها أنا!
أبو عبدالعزيز : طيب ما قلتي لي متى ودك بتروحين؟
نجُود بخبث : انا ما راح أروح بروحي, باخذ جُوري معاي
أبو عبدالعزيز برفض : لالا مُستحيل تاخذينها معك ! ولا تفكرين فيها بعد
نُجود بدهـاء : فكر فيها! تخيل لو طلعت مِن المستشفى وكل شيء حولها بالبيت يمكن يرجع لها ذاكرتها بلمح البصَر, [ بخبث ] على الأقل لو رحنا إيطاليا ما قدامها إلا عبدالعزيز وأخوها بعد! يعني وش بيخليها تتذكر باللهِ؟
أبو عبدالعزيز بعصبيّة : تبينها تروح تقابل أخوك عشان تتذكر؟ ولا طاح الفاس بالراس من بينقذنا إن شاء الله؟ خططك الناجحه!
نُجود تنفست بقوه : على الأقل يكون قدامها عبدالعزيز لحاله, ولا يكون قدامها دفاترها وتتذكر كِل الشيء! بهاللحظة جد بيكون الفاس طاح على الراس!!
أبو عبدالعزيز ضَحك : يا كيـدك العظيم ما فكرت بها! مَتى أحجز لكُم؟
نُجود بإنتصار : بعد ما تطلع مِن المستشفى بيومين عشان ترتاح
أبو عبدالعزيز : تم
أغلقت المُكالمة وأبتسمت بفرحة, أول مرّة أعمل خيراً وأستشعر الفرحة العظيمة! أول مرةٍ أخرِج أحداً من سِجن كان يعيش بهِ إلى حُريّة, سهّل لي يا الله ما بدأته, هذه أول مره أتذوق طعم الرِضا الذاتي!
دخلت إلى غُرفة جُوري, بقلق : هاه وش قال؟ رفض صح! قايله لك انا ما راح يطيعك دام الموضوع فيه جُوري!!! بس أنتِ ما سمعتيني وعاندتي
نجُود تكتفت بمعنـى " كمّلي كلامك "
جُوري بغضب : يا الله عاد الحين لا طلعوني بيقول أنتِ عبيتي راس بنتي وخليتها تفكر بهالفكرة! ليتك ما تسرعتي يا نجود ليييييتك!
نُجود بإبتسامة : ومين قالك إنه رفض؟
جُوري : لحظة ما فهمت! [ قالت ببطء ] يعـني وافق!
نجُود هزّت رأسها بفرح : ايه
جُوري : هههههههههههه والله مصدومه منك يا الداهيه!! طيّب خليهم يطلعوني والله مليت!
نُجود : بروح أسألهم إذا يقدرون يطلعونك ولا لا! يا إنك كارفتني بعد إستحي على وجهك!
جُوري أشرّت على الباب : روحي أسأليهم تكفين لا تبثريني على هالليل
تُفرغ غضبها بـ الـ" بوكسنق " توقفت لشدّة تعرقها, أغمضت عينيها " واحد اثنين ثلاثه اربعه خمسة سته سبعه ثمانية تسعه عشره وقسم بالله أكرهك يا بدر " جاء على بالها " وأمّر ما لقيت من ألم الهوى, قرب الحبيب وما إليه وصول كالعيس في البيداء يقتلها الظما, والماء فوق ظهورها محمول يا بدر كم سهرت عليك نواظري "
تمتمت : إلا والله يا بدر الله ياخذك يا مصيبتي بهالحياة!
أخذت مِنشفتها ومسحت جبينها, تنسفت بقوة لتُهدي توترها, إتجهت إلى الدرج لتصعد إلى غُرفتها, ولحسن الحظ غُرفتها
جهزت عِدة " الشاور " ودَخلت فتحت الماء البارد لتُطفئ غضبها
أرسلت رسائل مُبطنة لعقلها : روقي يا منار روقي مافيه شي يستاهل تزعلين عليه
إنتهت بعد رُبع ساعة إسترخت فيها, لبست فُستان بسيط ليموني وجففت شعرَها البُني
خرجت من غرفتها مَرت من الصالة : آه يوان كنت جايه لمك
يَوان بإستغراب : وش تبين؟
مَنار بحيرة : وش أحط بُكرا للجامعة مناكير أسود ولا عِنابي
يَوان : يا فضاوتك يا شيخه!!!! أنتِ وجهك وجه طِب باللهِ؟ انا مدري شلون تنجحين؟ علميني الخلطة يا كوكو كرر الله لا يحللك!!!
مَنار ضحكت : مذاكرة ومخلصه, المهم عجلي علي أسود ولا عنابي
يَوان : أبيض
مَنار بقهر : ما مِنك فايده شكلي بحط أسود
يَوان إنشغلت بقراءة الرواية : كيفك سوي اللي تبينه
رجعت إلى غُرفتها وتأملت إظافِرها " كيفه مُو لازم أحط مناكير الوقت متأخر, أنام أزين " أغلقت الباب ومَصابيح الغُرفة, تمدّدت على سريرها
تذكرت شك بدر فيها, إمتلأت محاجر عيناها بالدموع, هذِه أول مره يا بدر أكره الحب الذي أكنه لك! هذِه أول مره ألعن خيبة الحب وأجربها! هذِه أول مره أنهزم بدلاً من أن أهزم! يوجعني هذا الحب ويوجعني أكثر إني أكنه لك! يوجعني عُريي أمامك, عُريي أمامك بحُبي! بأنك أحدى الأبجديات المُهمه ليّ! بأنك الأبجدية التي أستحيل أعيش بدونها! أكرهك يا بدر وأكره حُبك!
إيطـاليا
دَخلت وتكلمت بضيق : ما فيه شيء! بس حرارته مرتفعه كثير
الجُود تقدمت إليها : ما عليه يا خالة أنتِ تعرفين إيطاليا وكيف برد جوها! أهم شي أنكم سكرتو مُكيف غُرفته هُو محتاج راحة وبكرا تشوفينه إن شاء الله بكامل عافيته
والدته : ريحتيني الله يريح قلبك, يلا أنتِ روحي لبيتكم تأخر الوقت
الجُود : لا أنا عطيت أمي خبر إني بنام عِندكو يختشي, طبعاً إذا ما طردتوني إنتِ وجدتي
ضحكت : هههههههههههههه لا شدعوى العين أوسع لك من البيت, روحي تقدرين تنامين بغرفة نُجود, وفيه ملابس لها إلبسي منها ونامي
الجُود هزّت رأسها بالإجابة وصعدت إلى الأعلى
" الأغلب بيستغرب إن كيف جُود إختلت بعزيز! كمُجتمع إيطالي يُكون عادي عِندهم هالأشياء هذهِ! وهم كعائلة عاشوا حياتهم كِلها بإيطاليا أكيد راح يتأثرون تأثر بسيط فيهم! حبيت أوضح لأجل ما يصير فيه تساؤلات مِثل موضوع الجوري وعبدالعزيز "
بَعد يوم مُتعب لهَا, صحَت من نومها على صوت المُنبه, أوقفته وقامت بِكسل وهي تتأفف : أف يا الله إيش هَذا التعب أحس كِل عظامي متكسرة
إتجهت لدورة المِياة " يكرم القارئ " غسَلت وجهها بماء بارد وبعده نظفته بغسول
بعد ما أنهت رُوتينها اليومي, صلّت الفجر وأتجهت لدُولابها لًبست تًنورة سوداء وقميص رًسمي كُحلي, كَحلّت عينيها بالكُحل الأسود, يزيد عينيها فِتنه!
خرجت مِن غُرفتها مُناديه : يَوان
اتاها صَوت : تعالي أنا بغُرفتي
إتجهت لغرفتها ودَخلت : عادي تسوين شعري؟ والله يديني متكسره من البوكسنق
يَوان هزَت كتفها : طيب عادي! بس وش تبين أسويه لك؟
مَنار جلست على الكرسي : استشوريه بس
يَوان بإستغراب : طيب كيف تبين أسويه لك وأنتِ بتكون عبايتك عليك كِل الوقت
مَنار : لا بروح للمستشفى أزور جُوري بعد ما أطلع من الجامعة, ما أبي أروح وشكلي مبهذل فشيله!
يَوان : أوكيه بس أشبكي الأستشوار على الكهرب بروح ألبس وأجيك
مَنار : طيب يلا, فتحت مِكياج يَوان " يخرب بيتها وش هاللون الفنتاستك!! "
بعد خمسة دقائق : وش تسوين بمكياجي أنتِ؟
مَنار بغرور : هبلتيني الله يهبل عدوينك بشويش مو كِذا تفجعيني!!
يَوان : عطيني الأستشوار بس خلني أخلص من شعرك
مَنار بدلع : يديني تعورني!
يَوان بقهر إنحنت لتأخذ الإستشوار وبدأت تستشوره
بعد ما أنتهت : يلا وريني مقفاك ولا عمرك تجين تقولين إستشوري لي شعرك مُتعب!
مَنار وهي تُحرك شعرها بدلع : والله رهيب إستشوارك يا فنّ! بجيك كل يوم تستشورينه
نَظرت إلى ساعتها : تأخرت على الجامعة كِله منك!!
يَوان أشرَت على الباب
مَنار خرجت بقهر : حلييييمه وين عبايتي جيبيها بسرعه!!
حليمه خرجت من المطبخ التحضيري بخوف : بغرفة حق إنتا
دَخلت غُرفتها واخذتها, نزلت ولبستها وأخذت حقيبتها وخرجت بسرعة
ركَبت السيَارة : يلا بسرعة عالجامعة
بعد نص ساعة من إزدحام الطريق وصلت إلى الجامعة : اليوم تعال الساعة 12 بالضبط!
هز رأسه : حادر ماما
نظرت إلى ساعة يدها تُشير إلى الساعة الثامنة, بقي رُبع ساعة وتبدأ المُحاظرة
دَخلت الجامعة وعلى عجله من أمرها مشت إلى مَبنى الموجوده فيها المُحاظرة وبما إن المُحاظرة هذِه " مُختلطة " لم تفسَخ عبائتها
دخلت إلى المبنى وبقي معها خمسة دقائق للوصول إلى القاعة سرّعت خٌطاها لتَصل
وصلت! آه الحمدلله ما بغيت أوصل!!
بدأت الدُكتورة تعُد أسماء الطالبات وصلت إلى مَنار : منار الفيصَل
رفعت يدِها : حاظرة
بإستغراب : ليش حاظرة اليوم؟
مَنار بإستغراب أكثر : دايم أحظر هالمادة أنا!
الدُكتورة بتوضيح : لا أقصد ملفك مسحوب!
بصدمة : بس أنا ما سحبته! أكيد فيه خطأ عِندك!
الدُكتورة : هالشيء جايني من وكيلة شؤون الطالبات روحي إستفسري مِنها!
مَنار تنفست بقوة لكي لا تبكِ : عادي أروح الحين؟ أبي أفهم الموضوع
الدُكتورة بالإنجليزية : بإمكانك الذَهاب
خرجت وضرب الأرض برجلها بقوة, رنّ هاتفها كان بدر " ناقصتك أنا ؟ "
ردَت : هلا بدر
بدر : وش فيه صوتك؟
مَنار بضيق : ما فيني شي بس انا بالجامعة وزحمه [ بهرب ] أتصل فيك بعدين
بَدر ببطء : أوك! أنتظرك ترى
منار بكُره : طيب .. وأغلقته
إتجهت إلى الأدارة ودخلت إلى مكتب الوكيلة : السلام عليكُم
بدون نفس : وعليكم السلام
مَنار بقهر : مُمكن أجلس! أبي أكلمك بموضوع ضروري
أشرت على الكُرسي : أكيد تفضلي!
منَار جلست : مُمكن أفهم موضوع سحب ملفي! شُلون يُسحب بدون حضور شخصي لي!
الوكيلة تُحاول أن تُبرر : والله يا مَنار أنا عبدٌ مأمور أوامر تجيني وأنفذها!
مَنار وبدأت اعصابها تنفذ : مُمكن تقولين لي مين سحبه؟ أصلاً بأمر مين! كيف تسحبينه بدون لا يصير مَعي علم! تعرفين كيف تعب خمس سنين راح! حسبي الله عليك!
الوكيلة بعصبية : انا قلت لك أوامر تجيني وأنفذها! روحي عاتبي اللي سحبه مو انا !
مَنار وقفت وقالت : طيب مِين سحبه! علميني!
الوكيلة وهي تنظر للأوراق : .....
إنتـهى .. أتمنى يكُون بمَقام قلُوبكم الحُلوة!
وما أستغني عَن دعواتُكم وردودكم الجَميلة ()