ليه أحس وانا اشوفك حزين
وقلبي الليله بهمي ممتلي
كانها الفرقا .. طلبتك حاجتين
لا تعلمني .. ولا تكذب علي
خلني مابين شكي واليقين
السكوت رضاي عنك .. وزعلي
باكر اللي خافي لازم يبين
الوعد بلقى مكانك به خلي
وانتظر لي ليلةٍ او ليلتين
لين مايقفي السحاب وينجلي
ولا طويت الياس بذرف دمعتين
للهوى الغالي وابوادع هلي
صاحبي باموت من كثر الحنين
خلني بختار لحظة مقتلي
للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن
عِند المُغادرة الدوليّة.. كَان الكُل ينظُر لبعضِهم نَظرة حنينٍ بدأ قبل اوآنه، عَاجزةٌ يَا أنا عن وَصفك حينها، ركزت عينيّ عَليهم، أخاف أنا أيضاً أن يعصفَ بي الحنين وينقلني لمكان آخر ليس منّي ولستُ منه . شتتُّ أنظاري إلى أنحاء المَطار راجيةً إخفاء دُموعي التي أعلنت فقدهم ، بللت شفتيّ بربكة واقتربت لجُوري، حَضنت يَدي بيدها وقُلت بِهمس : لو محتاجة شيء عيُوني لِك .
قالت بِنفس الهمس : ايوه بقُولك شيء بس مو عِندهم، صعبة ، أخاف أحد يسمعني
لفّت قائلة للجميع : أنا وجُمانة بنروح نشتري قهوة فيه أحد يبي ؟
جُمانة : طيب تبغى أي نوع ؟
مَشيت وبجانبي جُمانة .. قالت : أيوه وش كنتِ بتقولين لي ؟
جُوري : صبرك شوّي .. خليني أوصل المقهى وأطلب قهوة وأشربها ، وبَعدها اتأمل حِسان الوجوه للمرة الأخيرة وبعدين أفصح لك عَمّا في داخلي
جُمانة ضَحكت بذُهول : ما تصيرين باردة إلا و عِندك مصيبة وشرٍ هدّام
دَخلت المَقهى وأشرّت على طاولة لشخصين وقَالت : أجلسي هِنا وأنا بطلب قَهوة وأفهمك
جَلست وأرخت جسدها على الكُرسي بِملل، أخرجت هاتِفها من حقيبتها
فَتحت تطبيق تُويتر وإبتسمت بسُخرية .. هِه! مُراهقة على صُغر يا الله لِك الحمد والشكر!
تمتمت بوسوسة : يالله عافِنا ولا تبلانا .. يالله عافِنا ولا تبلانا
جاءت جُوري وجَلست وخَلفها الجارسُون .. وَضع القهوة على الطاولة وذَهب
جُوري مسكت قهوتها وشَربت مِنها ببُطء
جُمانة وَضعت هاتِفها على الطاولة وقالت : توترّت أعصابي، بسرعة قولي يَخي وش عندك؟
جُوري وهي تُحرك السُكر بالقهوة قالت ببرود : متوترة عالفَاضي ترى
جُمانة بِقهر : طيّب خلينا نرُوح أخاف تطير طيّارتكم وأنتِ جالسة تتقهوين
جُوري : باقي على الإقلاع ثلاث ساعـات.. توّنا
تَركت الكُوب على الطاولة بجديّة وأردفت : لازم تجِين السعُوديّة بعد عَشرة أيام
جُمانة ضَحكت بسُخرية : لا صِدق أنهبلتي، وكيف باللهِ تبغين أجي؟ وكيف أقنع أهلي أصلاً أني أجيها؟
جُوري : جيبي أي سبب! فيه ألف حجّة وحجّة تقدرين تجين فيِهـا!
جُمانة بعصبيّة : طيب أتركي الأسباب.. قولي لي ليش أجي أصلاً؟، يعني بستفيد أيش من جيّتي؟
جُوري بدَهشة من عصبيّتها : كِل شيء بوقتَه ، بس أنتِ دوري لك سبب مِنا ولا مِنا وتعالي!
جُمانة بِنفس العصبيّة : طيّب ليش بَس أنا؟ ليش ما قلتِ لنجود .. هيّ أقرب لِك مني وبيكون فيه سبب أبسط من سببي؟
جُوري بحدّة : طيب مُمكن تهدين شوي؟ معصبه وقالبه الدنيا فوق تحت وتبغين أعلمك؟
جُمانة : ما راح أهدى وأني أرجع للسُعوديّة هَذي حلمي فيها بأحلامك التعيسة
جُوري صّغرت عيناها ومسكت يَد جُمانة بِرجاء : تَكفين! .. أنا ما أثق ثِقة عمياء إلا فيك!
جُمانة بِغضب : بتجننيني أنتِ وأفكارك
ضَحكت وقالت : يلّا عَاد روقي.. ما توقعتك عصبيّة كِذا!
بَاعدت بين شفتيها لترد عليها لكن رنّ هاتِفها : عبدالمَلك يتصل.. شَكله بيسأل عنكم
رَدّت وقالت : ألو .. وعليكم السَلام، لا أمي ما هي مَعاي! .. "صَرخت بعصبيّة " وأنا شدراني معاي دفتر حُضور وأنصراف لكم يعني؟؟ ..
أنهت المُكالمة بعصبيّة ووقفت قائِلة : أنا بروح لدورات المِيـاه، بعدّل حجابي وأجي، لا تروحين مَكان أخاف اضيّعك
جُوري وهي تُأشر على السوبر ماركت : لو ما حصلتيني بالمقهى بكون بالمَاركت
جُمانة اومأت برأسها بـ " طيّب " ومَشت لدورات المِيـاه دَخلت .. أسرعت ودخلت إحداها.. نَزلت دموعها بغزارة، حطّت يَدها على فَمها لتمنع صوت شهقاتها
مُضطرة أن أستوعب بزواجك مِن غيري، وأن أحبس الغيرة القاتلة فيّ ..
أنا فاشلة في إخفاء غيرتي عليك، لم أسبق بأني وضّحت لأحدٍ مَا مَشاعري، أو ما أكن بِه لهُ
لكنّك حالة مُختلفة يا عزيز، حالة مُزرية لقلبي، ومُوجعة، عَزيز قُلت ليّ مرّة أنني أختصر النِسـاء كُلهم بالغيرة، قلت لك بإن تستعيذ من شرّها ثلاثين مرّة ومن شرّي وكيدي خمس مرّات
أنا لستُ مخلوقة من اللاغيرة كَي لا أغار، ولا مخلوقة من اللاحُب كَي لا أحبك
أنا أبيعك يا أغلى مُمتلكات قلبي، أبيعك لامرأة أخرى، مُختلفة عَنك جداً، لا تُشابهك بالتفكير، ولا حَتى تُشاركك بِما تهتم لَه
مَسحت دُموعها بسُرعة ورَفعت رأسها للمرآة، كان شَكلها مُبعثر
أخرجت مناديل ومَسحت الماسكرا التي حول عيناها.. بدأت تمسحها لكن قَطع عليها رنين هاتِفها
أخرجته وكانت المُتصلة الجود .. وَضعته على الصامت وأعادته إلى حقيبتها بإهمال
أكلمت مَسح أثرها ودُموعها لم تضع حداً لجريانها
تنهّدّت بِهم .. رنّ هاتِفها مرّة أخرى وكانت الجُود تتصل المرّة الرابعة عليها
الجُود بغضب : وينك أنتِ؟ ألف مرّة أتصل عليك وأنتِ والجدار واحد
جُمانة : أنا بالمطار وزحمة ما قدَرت أسمع صوته
الجُود بإستغراب : فيك شيء؟ صوتك موعاجبني
جُمانة ضَحكت لتُنكر ما حسّت بِه : لا بس مزكومة .. ههههههههه البَرد ما يرحم!
الجُود : لو ما عِندك شيء اليُوم تَعالي عِندي أكون ممنونتك
جُمانة بإحراج : بُكرا عندي أختبار فاينال، خليني لما أخلص مختبره أنتِ تجين لمّي
الجُود : أوك مو مشكلة، يلّا أنا بقفل ما أبي أطوّل عليك .. باي
أنهت المُكالمة دُون ودَاع، أكملت مَسح الماسكرا إلى حين أنها تأكدت مِن زوالها تماماً
تنفست بقوّة وإبتسمت لنفسها لتُزيل أثار الحُزن على وجهها
خَرجت من دورات المِيـاه وصَارت تمشي بضياع، بشَتات، كُل ما فيّ مُشتت .. حقاً لا أعلم أي قلب أمتلك حين وافقت على زواجك بامرأةٍ غيري! أرثيني مرثيّة موت في هَذه اللحظة، أول مرّة أكون في إنهزام دُون قوّة، لعلّ الله يجبر كَسري، ويخمد حرقة قلبي .
مَشت بإتجاه كَراسي الإنتظار، جَلست بِجانب نجُود دُون أن تقول شيئاً، مررّت لِسانها على شَفتيها وتكتفّت وهي تتأمل الطِفلة التي تَلعب حولها
ضَحكت بعفويّة على حركاتها، أشرت لتأتِ لَها
أخرجت حلَاوة مِن حقيبتها، كانت ستُعطيها لُور لكن لم تلتقِ بها
إلتفتت لهم وقالت ضَاحكة : البنت اثاريها تُركيّة وأنا حسبالي ايطالية !
وأردفت مبتسمة : ما أسمك يا حُلوتي؟
جُمانة وهي تَمسح على شَعرها : جميل جداً! أنا جُمانة
قالت بتوتّر : وأنتِ أيضاً .. لا تؤاخذيني، أخاف أمي تأتِ
جُمانة قبّلتها برّقة : حسناً، أتمنى أن أرآك مرة أخرى
ضَحكت بشقاوة وجَلست في مَكانها السَابق
تكتفت ورّجعت ظهرها للكُرسي وهي تتألم بخفوت : أووه يا ظهري
وَفاء إنتبهت لَها : جُمانة يُمه، روحي لبيتكم تعبنّاك معنا اليُوم .. أقلاعهم باقي له سَاعتين يعني وقت طويل .. رُوحي نَامي وأرتاحي وجهك ذَابل
وَقفت وبَلعت ريقها : أي والله .. "إنحنت لتُقبّل وَفاء" يلا مع السَلامة وأذا أحتجتي شيء أتصلي علي
لفّت قائلة لعبدالعزيز بإبتسامة باهِته : توصلون بالسلَامة
مَشت وأخرجت هاتِفها .. أرسلت لجُوري رِسالة " حبيبتي أنا طلعت من المَطار، برجع أرتاح وأذاكر .. طمنيني إذا وصلتوا للسعوديّة ... بحفظِ الله "
خَرجت من أقرب بوابة للمطار وأشرّت لتاكسِي قريب ، وَقف عِندها ورَكبت بالخَلف
قَالت ببحة : للحي الجَديد لو سَمحت
أخفضّت رأسها لرُكبتيها، تَركت لدُموعها مَجرى مرّة ثَانية ، شَهقت بلوعة ، وحطّت يَدها بسُرعة على فَمها لتكتم الشهقات المتتالية وهي تنظُر للمطار نَظرة أخيرة
قَلت ببحة بُكاء : لو سَمحت غيّر الاتجاه.. أريد الذَهاب إلى الشاطئ
كَان البَحر أقرب مسَافة من البيَت، وَصلنا بسُرعة نَزلت بَعد ما دَفعت له
مَشيت بتوهان بإتجاه البَحر جَلست على التُراب وبِجانبها حقيبتها
سَمعت رَنين هاتِفها لكن تجاهلتُه .. أحتد بُكاؤها مع رنين هاتِفها
أخرجت هاتِفها وكان المُتصل الجُود . ردّت بصوتٍ باكِ : نعم
الجُود بخُوف : أنتِ وين؟ وبعدين وش فيك تبكين!!
جُمانة بإنهيار : تكفين الله يخليك .. بموت والله بمووت من القهر
الجُود تجمّعت الدُموع بعينيها : جايتك والله بس انتِ علميني وين أنتِ فيه؟
جُمانة بِضياع : أنا عِند البحر .. تكفين لا تتأخرين
بَعد خُروجهم من المُحاضرة، كَانت تحمل بيديها الكُتب.. سَمعت أحداً يُنادي بإسمها
قَال بأعصاب مشدودة :ما ركزّت بالمُحاضرة، أشغلني كلامك، ما أقدر أتزوجها .. فَكري فيها! أنا ما أقدر وأصلاً والله ما ينفع!
جُمانة عقدَت حواجبها وقالت بغَضب : لا والله؟ بتروح تقول لأبوك تراني موقع شِيكات بأسمك وأسم أخوانك مع مُرابي؟؟ من جدك تتكلم أنت ولا بتجنني بس!
عبدالعزيز ركز عينيه بعينيها : هالفكرة مستحيله شيليها من بالك، ماني متزوج باللي تقولين عَنها
جُمانة وَقفت أمامه لتُوقفه : إلا بتتزوجها وبَعد ما تدفع الدَين اللي عليكم تطلقها
عبدالعزيز بسُخرية : انا أصلاً ماني فاهم ليش مُصرّه، علميني وش بيفيدني زواجي منها؟
جُمانة وَضعت يدها على رأسها : يا الله يا الله يا عَزيز
تجاوزها وأكمل مشيَه.. سرّعت خُطاها لتقول : مو أنت تقول عمّك هذا له أكبر حصّة بالشركة؟ .. يعني ببساطة بيَثق فيك ثقه عمياء وبيميّزك عن أي أحد ثاني .. طبعاً مو لعيُونك السود وتاخذ بنفسك مقَلب وقتها .. هذا كلّة لأنك بتصير زوج بَنته!
عبدالعزيز دُون أن يلتفت لَها : ما اقتنعت
جُمانة : كم الدَين اللي عليكم؟
عبدالعزيز ضَحك : أخاف تموتين لا عرفتِ
جُمانة أشتدّت أعصابها : لا صِدق علمني
شَهقت بذُهول : مَنت صَاحي!
أردف ببرود : لا بَعد فوقها فَايده لَه، يعني كلها على بعضها يصير المَبلغ 800 ألف تقريباً
جُمانة ضَحكت بصدَمة : الله الله
أردفت : لا مَعليش أنت متزوجها متزوجها برِضاك ولا بدونه
قَال بِلامُبالاة : موافق بس بشرط
عبدالعزيز : تحضرينه .. ولا ترى يَحرم عليّ زواجٍ مِنها!
عبدالعزيز : قِلت اللي عَندي، إقتراحك هو مو إقتراحي
قَال بعصبيّة : هه شفتي؟ وتقولين بَعد تزوجها يَا عزيز! قسم أني أشك بصحة بتفكيرك أحياناً
جُمانة بهدوء : مِين قالك أني قِلت لأ؟ بحضره طبعاً
كان سيتكلم لكن قاطعتُه : أنا برجع للبيت، تمسّي على خير .
رَجعت إلى واقعها المُر على يَد الجُود على كَتفها، شَهقت بفزع وقَالت : بسم الله
الجُود وهي تَمسك يَدها : قُومي مِن هنا .. الجو بارد مرّة
جُمانة بإنهيار : لا لا .. خليني هِنا .. يا الله أحس أني أحترق ودمّي يغلي .. أحس جسمي حَار
وَضعت باطن يَدها على جبين جُمانة ، أبعدتها بسُرعة : حرارتك مرتفعة مرة، قومي يلّا أوديك للمستشفى
جُمانة أبعدت يَدها بقوّة وهي ترتجف : قلت لك لا!
الجُود حَضنتها وقالت : هدّي هدّي، ما راح يصير إلا اللي ترضينه ..
جُمانة بهذيان : عيني تعورني .. من أمس ودموعي ما فارقتني، جود انا غبيّة، والله غبيّة .. قلت له يروح يتزوجها هو رَفض بس أنا أصرّيت
الجُود سَكتت لتُكمل حديثها .. أردفت : بيروح السعوديّة عشان يتزوجها، بعد عَشر أيام بروح أنا بَعد .. بخلي أبوي يُروح السَفارة عشان أجدد جوازي، بحضر زواجه جود! شيء يضَحك والله
الجُود وهي تَرفعها عن الأرض : طيّب يا قلبي، بس أنتِ قومي عن التراب لا تمرضين زيَادة
يُتبع