كاتب الموضوع :
الامل المفقود
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 330- وداعا للهدوء - شالوت هدسون - روايات عبير - المركز الدولي
وكان " بيتر " يبدو أشقر بمقارنته بوالده الذي كان اسمر البشرة كما انه كان يبدو اصغر من طفل في السابعة من عمره وكان هادئا مطيعا فلقد اتخذ مكانه في المقعد الخلفي بالسيارة دونما اعتراض مثلما أمره والده .
- صباح الخير يا " بيتر " اسمي " تيسا " قالت ذلك وهي متلعثمة تجاهه . هل أمضيت يوما دراسيا مريحا ؟
ان عينيه الزرقاوين المثبتتين عليها كانتا تنمان عن انه طفل متحفظ لدرجة كبيرة .
- نعم شكرا . الامل المفقود
أجاب الصبي الصغير بأدب جم .
- ان أبي اخبرني انك ستقيمين معنا .
- هذا صحيح .
وتحاشت " تيسا " ان تنظر الى " مارك " الذي كان يجلس أمام عجلة القيادة . فإذا لم تكن هي قد اتخذت قرارها بعد فان هناك أخريات قادرات على تحمل هذه المسؤولية وهذا أمر بديهي.
وعندما أعلن " مارك " الخبر لابنه شعرت : تيسا " انه لجا بالفعل لأسلوب الابتزاز ووضعها أمام الأمر الواقع .
آه . ان رباطة الجأش لا تنقصه ؟
انه " مارك لايلاند " الرجل الذي يعرف – دائما – كيف يصل لأهدافه فكل مصلحته ان يدخل الشك في نفسها . ولكنها أيضا تعرف كيف تكون عنيدة عندما يستلزم الأمر ذلك . فهي ليست من النوع الذي ينخدع على الإطلاق .
- وأنا سعيدة بهذا مقدما – قالت ذلك وهي ما زالت ملتفتة لــ " بيتر ".
- يجب ان تخبرني بما تفضل عمله هذا الصيف .
وفكر " بيتر " بجدية في السؤال . ثم انتهى به الأمر الى انه أعلن بمنتهى الحسم .
- هذا عندي سيان بشرط ألا أعود مرة أخرى للمدرسة الداخلية .
- لا يستطيع الإنسان ان يحقق كل ما يتمناه .
وتدخل والده بان نظر إليه في المرآة وقال :
- ومع ذلك يجب ان يريح نفسه ببعض التغيير .
- أنا لا أريد العودة للمدرسة الداخلية .
هذا ما ألح عليه الطفل بصوت يملؤه الألم .
ولاحظت " تيسا " بعض الارتباك في تصرفات " مارك لايلاند " الذي علق قائلا :
- سنتحدث في هذا الأمر فيما بعد .
وعلى الرغم من رغبة " تيسا " في إبداء رأيها ألا أنها صمتت وقررت على الفور قبول المهمة ولكن ليس لفترة طويلة أنها ستقوم على الاهتمام ب " بيتر " لمدة سبعة أسابيع وما سيحدث بعد تلك الفترة لا يشغل بالها .
ان "تيسا " تشعر بعاطفة حقيقية تجاه الطفل الصغير .
ويا له من موقف صعب فهو لم يطلب شيئا .
رباه . كيف تستطيع امرأة منحها الله هذه النعمة ان تترك ابنها إلا ان " تيسا " لم تستطع ان تجد إجابة لهذا التساؤل – في النهاية ... الامل المفقود
فإلام هي ألام حتى وان كانت لم تعد تحب ذلك الرجل الذي أنجبت منه طفلها .
قال " مارك " عند وصوله الى " رائلي جاردنز " هل تبقين معنا لتناول العشاء ؟
نحن نتناول عشاء خفيفا . أما " بيتر " فانه يتغذى جيدا في المدرسة في وقت الظهيرة .
وتساءلت " تيسا " كيف سيتدبران أمرهم خلال الثماني والأربعين ساعة القادمة .
حقيقي فان المطاعم كثيرة ولكن هذا لا يعد الحل الأمثل مع طفل في السابعة من عمره .
ثم وضعت " تيسا " في اعتبارها ان " مارك " كان في انتظار ردها على دعوته .فقبلت الدعوة .
- أوافق – قالتها بود – ولكن اتركا لي أمر أعداد الطعام فإذا كنت سأعمل لديكما فيجب ان أبدا بالتكيف مع طبيعة المنزل إلا ترى ذلك ؟
- ولم لا تقيمين معنا بدءا من هذه اللحظة ؟
وأضاف . أنني – في الواقع – سأتناول غدا الغداء مع ناشر كتابي واخشي ألا استطيع الانتهاء من هذا اللقاء في الموعد المحدد لخروج مدرسة " بيتر "
وكان " بيتر " أول من نزل من السيارة وظل منتظرا بأدب جم أمام الباب وكانت نظرة واحدة ل " تيسا " كافية لان يفهم منها أنها فقدت أية رغبة في الرحيل .
- لم لا قالتها ببطء مع أنها في أعماقها كانت مترددة في اتخاذها هذا القرار وأضافت :
- ربما استطيع ان أتي عند نهاية النهار ...
- أذن ستا تين هذا المساء .
أكد " مارك " عليها وأضاف :
- نحن نستطيع ان نصطحبك بالسيارة كي تنتهي من أعمالك .
- نعم . ولكن . لدي بعض الأشياء التي يجب تسويتها أولا فلقد تركت وظيفتي الأخيرة منذ عدة أيام .
- هل تعيشين بمفردك ؟ الامل المفقود
- لا .
ونظر إليها " مارك لايلاند " نظرة وجدت نفسها مضطرة أمامها للتفسير .
- أنا أقيم مع فتاة شابة وهي حاليا تقضي أجازتها ولقد اتفقنا فيما بيننا على نظام معين لإيجار هذا المنزل فانا ادفع ما علي من الإيجار عندما أقيم فيه وأيضا أساهم فيه بجزء قليل عندما ارحل لأعيش مع أحدى الأسر .
- حسنا أين المشكلة أذن فانا مسئول عن كل شيء منذ ألان .
- دعك من هذا ... فلدي بعض الترتيبات التي يجب ان أقوم بها . كما أنني سأرسل بعض الخطابات .
- وهل ستكونين مشغولة في عطلة نهاية الأسبوع أنا بحاجة إليك .
وسمعت " تيسا " دقا على نافدة السيارة مما حال بينها وبين الرد عليه فقد عاد " بيتر " الى السيارة مرة أخرى وكان يراقبهما بعين متشككة ويتساءل عن سبب توقفهما هكذا .
- هل ستأتي يا أبي ؟
فتح " مارك " باب سيارته وقال :
- نعم سنأتي حالا فستتناول مس " كإدمان " العشاء معنا .
ثم عدلت " تيسا " عبارة " مارك " قائلة :
- " تيسا " اسمي " تيسا " .
- وأنا " مارك " قالها المؤلف بابتسامة عريضة .
وكان واضحا ان " مارك " قد أحس بالرضا .فلقد وصل لهدفه . ولقد لاحظت "تيسا " وسامته عندما سبقها نحو بهو المنزل .فهو طويل . رياضي . شعره بني اللون ذو شخصية قوية ولا تنقصه الجاذبية ولان " تيسا " قد قدمت عرضها بتجهيز العشاء فقد اصطحبها "مارك لايلاند " للمطبخ ثم عاد لمشاغله الخاصة .
ولاحظت " تيسا " ان المطبخ مطلي بلون فاتح وانه واسع وان قطع الأثاث فيه موزعة بشكل غاية في الدقة والتوازن .
كما لاحظت – أيضا – ان الفريزر مملوءة عن أخره وان أدراج المخزن مملوءة بالعلب المحفوظة وجلست "تيسا " على مقعد منخفض لتبحث في محتويات دولاب كبير كان موجودا أمامها وأثناء تفكيرها فيما تعده من طعام دخل " بيتر " :
- هل هناك أنواع معينة تفضلها أو أشياء لا تحبها ؟ سألته دون ان تستدير نحوه .
- أنا أفضل البسطة . الامل المفقود
- حسنا ولكن ليس هناك بستة فما الذي تفضل ان تأكله ؟
- اللحم المشوي .
- حقيقة أنا أيضا اعشق هذا الصنف ووالدك ؟ عندئذ استدارت " تيسا " نحو " بيتر " ولمحت في عينيه الزرقاوين الخبث :
- ان أبي يقول –دائما – انه يجب علي أكل كل شيء حتى لا اسبب له أي متاعب.
- آه هل يقول لك ذلك ؟قالت " تيسا " بلهجة يشعر منها بأنها متواطئة معه في الجرم .
- ان العالم كله يحب اللحم في كل الأحوال .
- لقد اعتدنا ان نتناول الساندويتشات بعد ان تركتنا مدام " كيفتون " ...
اعتقد انك ستحلين محلها .
قال " بيتر " ذلك بصوت يملؤه التردد .
|