المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
12 ظهرا
12 ظهرا
جلس (يعقوب ) من نومه في الساعة 12 ظهرا بعد أن أراح بدنه من مشقة يوما قاس عاشه , قام متلهف يطل من نافذته الصغيرة التي طالما وقف عندها كعادته كي يمتع عينيه على الحياة الخارجية ومايحدث فيها .
ينظر هنا وهناك والدهشة تحوم حوله من كل مكان إذ به يتفاجأ ويرى المشهد من نافذته خاليا من ذات نفس , فالمنازل في حيهم بدت خاوية من أهلها على غير العادة وماشج عقله أكثر بأن الطيور التي طالما أستمتع بها كأنها قضت وأندثرت ليس لها أثر .
أثار كل ذلك ريبته وفزعه فلا أنس أو بهيمة أو طائرا أو حتى جان , أختفى الجميع من الشارع , راح بسرعة ينادي على شقيقه وينادي لكن أحدا لم يجبه , بحث في الشقة فلم يكن هناك عدى الهدوء والصمت المخيف جدا , خرج مهرولا إلى الشارع والغرابة قطعت تفكيره وشغلته يصرخ يستغيث يزعق بعالي صوته لكن لاأحد .
الشوارع فضت من كل ماعليها , المحال مغلقه , السيارات متوقفه , لاشيء يوحي بأن هناك أحد , وكأن الجميع قد أختفى فجأة , ليته لم ينم ويجلس ليصدم بهكذا حقيقة مخيفة تكاد تفزع حتى ثعبان مختبئا في جحره .
رجع إلى شقته والرعب أبطىء خطواته , أخذ ينظر لهاتفه فلا أرسال أو حتى موجة , يشاهد التلفاز إذ بجميع القنوات مشفرة , الأغرب والأعجب ماجعله يتسمر في محله بأن الساعة لم تتعد 12 ظهرا ؟ رغم طول الوقت الذي قضى فيه يبحث عن أحدا في الخارج .
قام يعض يديه , يصفع نفسه , ليقنع ذاته بأنه يعيش واقع وحقيقة , ليس حلما أو كابوسا مفزعا جعله وحيدا على هذا الكوكب , يتسأل ويسأل , الغازا كثيرة محيرة تدور في خلده :
- اللعنة ؟ ما العمل ؟ أين عائلتي ؟
- أين أصدقائي ؟ أين أختفى كل الناس ؟
- هل حدث شيئا في البلد ؟
- هل قامت الساعة ؟
- كيف أختفوا بشكل جماعي ؟
- هل أجتاحنا وباء ما ؟
- هل حصل أنقلاب ؟
- قبل نومي , لم يكن هناك شيئا غريب يحدث ؟
- لعلهم ذهبوا ليشاهدوا مباراة أو عرضا أو حفلا غنائي ؟
- لكن حتى الحيوانات ليس لها أثر ؟
- هل هذه خدعة لعينة أم ماذا ؟
- أمعقولا مايحدث لي ؟
ينتفض ويرتعش والتفكير قد شله من رأسه حتى أخمص قدميه , أستلقى على سريره ينظر إلى الساعة التي ظلت في 12 ظهرا لتزيده هواجس وأوهام وجنون ماشعر به قط حتى غطى في سبات عميق .
جلس من نومه على صوت شقيقه الذي أحسه موسيقى تخرج نورا من بين نغماتها أشعرته بالطمأنينة , وأصوات العصافير وتغاريدها كلحن يقشعر منه البدن , نهض بسرعة وذهب إلى أخيه يسأله ويستفسر عما حدث ؟
يعقوب : أين كنت في 12 ظهرا ؟ جلست من نومي ولم أرك ؟
قال شقيقه الذي بدت عليه الحيرة : كنت في المنزل هنا , لم أخرج منه !
يعقوب : لا , ذلك ليس صحيحا , ذهبت كل مكان ولم أجد أحد , حتى الطيور والقطط أختفت!
شقيقه بدا متهربا من سؤاله : لاأعرف عما تتحدث ؟
يعقوب : يارجل , الساعة 12 ظهرا لم تتغير ؟ ذهبت ورجعت مر وقت طويل ولم تتحرك من مكانها ؟ أخبرني مايجري هنا , لاأنني سأصاب بالجنون إذ لم تفعل , ثم أين والدتي ؟ أين ذهبت ؟ ليست موجوده في المنزل ؟
خيم على شقيقه صمت يتلبد خلفه أوجاع حاول أن يخفيها عنه لكن لم يستطع لألحاحه الشديد , أستجمع بعض من قواه وقال لـ(يعقوب) :
- والدتي توفيت قبل أسبوع في الساعة 12 ظهرا
- أصابتك صدمة حينها جعلتك تسير في نومك , وتتوهم نفسك وتتخيل بأنك تعيش وحدك
- لشدة حزنك عليها عطلت ساعتك وقت وفاتها ولم تريد أحدا أن يغير ذلك
- الوقت توقف لديك في تلك اللحظة ولاتشعر بأن هناك من يعيش معك
بقلمـــي
|