كاتب الموضوع :
الامل المفقود
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 16- زواج في المزاد- ديانا هاميلتون- روايات المركز الدولي
ضايقت هذه الفكرة "كليو " كثيرا أنها تحب زوجها جدا ولا تقبل أبدا ان تشاركها أي امرأة أخرى فيه وعندما تتخيل زوجها يمسك بين ذراعيه أي امرأة فان ذلك يصيبها بالضيق والرعشة .
وأخيرا أمسكت كتابا تقرؤه لتهدى نفسها قليلا .
وحوالي الساعة الثانية صباحا .سمعت "كليو " صوت باب المنزل يفتح وصوت خطوات أقدام زوجها داخل المنزل بإرهاق شديد قفزت "كليو" من مكانها وأسرعت الى البهو للقائه .وقالت بصوت مرتعش :
- أريد ان أتحدث معك .
نظر أليها "جود" بعينيه الزرقاوين نظرة يشوبها الإرهاق والدهشة وقال :
- ألان ؟ الامل المفقود
- نعم .
ودخلا معا حجرة استقبال الضيوف المضاءة بمصباح خافت موضوع على المنضدة بينما كانت "كليو " توجه أليه نظراتها الحادة .. ترى من أين جاء ألان ومع من يقضي هذه الأمسيات حتى هذا الوقت المتأخر من الليل ؟ بالتأكيد ليس موعد عمل .
استدار زوجها نحوها وسألها بصوت متعب :
- هل هناك شيء مهم ؟
جاهدت "كليو " في السيطرة على الغضب الذي استولى عليها وقالت :
- لا يمكن ان نواصل حياتنا على هذا النحو .. أنت تكاد لا تحضر هنا إلا نادرا ... فلا نتحدث معا ... ولا نشترك معا في الحياة . وفي هذه الحالة لا معنى أبدا لزواجنا . كما إنني لا أريد ان ينشا طفلي في
هذا الجو الكئيب ظل "جود" صامتا بضع دقائق ثم رفع عينيه نحوها ونظر
إليها بمرارة :
- بالتأكيد ... لقد نسيت أمر الطفل لنتحدث عن ذلك إذن ... إنني فكرت في الموقف كثيرا وأخيرا قررت الأتي : قررت الاعتراف بطفلك ... ولكن ليس عن طيب خاطر إلا أنني لا أريد الانفصال ألان ويمكننا إعادة النظر في هذه المشكلة بعد عدة أعوام .
سمعت "كليو" هذه الكلمات وهي في غاية الدهشة ... ان "جود" يرفض الطلاق ومن اجل المظاهر .يبقى على هذا الزواج وإلا رفض منح اسمه لهذا الطفل ... يا لها من أدلة ... ولكن كيف فكر في فرض هذا الزواج المستحيل عليها ؟
ثم استطرد من جديد قائلا : الامل المفقود
- وبما إنني أرى ان حياتنا معا لا معنى لها نهائيا فيمكننا ان نعيش كل واحد منا على حدة فتذهبين الى الريف مع طفلك بحجة انك لا تريدين له ان ينشا في المدينة .. بينما امكث هنا في لندن وبهده الطريقة نستطيع الحفاظ على زواجنا بصفة رسمية مع تجنب المشاكل والتوترات التي تحدث بيننا ألان .
- ولقد تحدثت معي فيونا بشان منزل يباع في الريف في منطقة قريبة من منزلها ويمكنني الاستعلام عنه وشراءه إذا أردت .
ان "جود" لم ينتظرها لترسم مستقبلها معه وعندما يتخلص من زوجته بدفنها حية في الريف يمكنه آنذاك ان يعيش بالطريقة التي تروق له دون ان يهتم بها نهائيا .
شحب وجه "كليو" وشعرت ان زوجها نجح في الإيقاع بها في الفخ فإذا رفضت هذا الاقتراح فسيرفض هو الاعتراف بالطفل .. وتكون الفضيحة أبشع بكثير من تلك التي يهددها بها فنتون .
فما كان منها إلا ان همست قائلة وهي تشعر بالقهر :
- حسن جدا .
- في هده الحالة وسابدا في البحث عن منزل لك بداية من الغد .لأنه من الأفضل تنفيذ هذا الاتفاق في أسرع وقت ممكن .أليس كذلك ؟ وعندما تستقرين هناك سأحضر لزيارتك من ان الى أخر .
هل يسخر منها شعرت فجأة بالحقد يملا قلبها والشحوب يكسو وجهها فقالت بصوت مرتعش :
- لا داعي لتضييع وقتك .فلن تدخل أبدا منزلي .
وخرجت وهي تغلق الباب وراءها بشدة .. هل يظن أنها ستتصرف دائما وفقا لإرادته ؟ بينما يبقى هو في لندن مع خليلاته . الامل المفقود
ان "كليو" ستتمكن – بالتأكيد – من الحياة وحدها .
لقد اعد "جود" نفسه لهذا الحديث من قبل لذلك وجد الأدلة والحل الذي يؤكد له حريته ويضمن له سمعته ...
أما "كليو " فلم يكن لديها الخيار ؟ولم تكن لتفعل شيئا غير الخضوع لأوامره وهذا ما يفرضه عليها مستقبل طفلها الذي أصبح كل شيء بالنسبة لها .
ولكنها لن تمنحه فرصة حبسها في قفص ذهبي وستجد مخرجا من هذه الخطة وتعود بعد ذلك الى لندن مهما فعل .
صعدت "كليو " السلالم بسرعة ثم رمت نفسها على فراشها في يأس شديد .
أغمضت "كليو "عينيها بينما كانت الشمس تداعب وجهها وكان "تورنود" في هذه اللحظة يقطع الحشائش في الحديقة فتصل رائحتها الى الفتاة وكم كان هذا الهدوء رائعا .
وفجأة اخرج صوت شقيقة "جود" الرقيق "كليو " من هدوءها عندما قالت :
- هانت تختبئين هنا لقد فكرت في الذهاب إليك في المكتب ثم جئت الى هنا عندما قالت لي "ميج" انك تلتمسين قليلا من الراحة هنا في الحديقة .
- عبرت "كليو" الحديقة بسرعة لتحتضن شقيقة زوجها بدفء وحنان .
- تهنئتي . لقد علمت كل شيء من "جود" ... هل أنت على ما يرام ؟
استراحت "كليو " في الكرسي الشيزلونج وقالت :
- حسن جدا .
نظرت إليها"فيونا" بعين فاحصة :
- يبدو انك مرهقة .. هل هذا الإرهاق بسبب الحمل ؟
اكتسى وجه "كليو " بالحمرة ما الذي تعرفه "فيونا "بالضبط ؟
ها اخبرها شقيقها انه يشك في أبوته للطفل ؟
أجابت "كليو " كاذبة : الامل المفقود
- نعم – بعض الشيء .
- والحق انه لم يكن الطفل هو السبب في إرهاقها بل كان والده ؟
- أما الطفل فهو السلوى الوحيدة ل "كليو " وستعطيه كل الحب الذي يرفضه "جود" ان التفكير في مستقبل الطفل هو الدافع الوحيد الذي يجعلها تحتمل كل ذلك .
الطفل ان "كليو " ستكرس حياتها كلها من اجله وهو أيضا قادر على ان يحبها بلا حساب أو شك ... حاولت كليو تغيير مجرى الحديث فقالت :
- كيف كانت رحلتك في باريس ؟
- جيدة .
نزعت "فيونا " الجاكت رمادي اللون وجلست بجانب "كليو " وكانت ترتدي بلوزة حريرية يعطي لونها الأصفر لوجهها جمالا هادئا . رفعت "فيونا " خصلات شعرها الأسود الى الوراء وبدأت تتحدث في الموضوع الذي أتت خصيصا من اجله .
- أنا لم احضر الى هنا لا حكي لك عن رحلتي ... ولنتحدث عنك أول ... لقد اخبرني "جود" بأنك ترهقين نفسك في العمل ولكنني سعيدة لرؤيتك تستريحين بعض الشيء . وتذكري الطفل دائما حتى لا ترهقي نفسك في العمل .
دهشت "كليو"ملاحظة زوجها ...فكيف له ان بعرف ما تفعله فلم يكن موجودا أبدا هنا .
والحق ان "كليو " تأثرت كثيرا بلطف "فيونا" وشعرت بأنها تهتم بها ولكن على الرغم من هذا لا يمكنها ان تخبرها بالمشاكل التي تعترض حياتها الزوجية .
قالت "كليو " الامل المفقود
- أنت على حق .فانا بحاجة الى الراحة هذا الصباح ... وسأعمل هنا فترة ما بعد الظهيرة لقد أحضرت معي التقارير فعلا .
اخدت "فيونا "تداعب الحشائش بلا مبالاة ثم قالت بدون ان ترفع عينيها نحو "كليو" :
- لقد اخبرني "جود " انك تنوين شراء منزل في الريف لتربية الطفل هناك ... شحب وجه "كليو " هل حكي "جود " لشقيقته كل شيء؟
وسألتها "كليو "
- متى رايته ؟
- مساء أمس لقد زارني في المنزل عقب عودتي من باريس مباشرة والحق إنني كنت في شدة الإرهاق وكنت أتمنى الراحة ولكنه جعلني مستيقظة معه ساعات طويلة وعندما رحل لم استطع النوم حيث جعلني عصبية للغاية ثم نهضت "فيونا " فجأة من مكانها وقالت :
- "كليو " أكاد أموت من العطش سأذهب لأطلب من "ميج " ان تحضر أنا أي شيء نشربه قبل الخوض في موضوع ما يهمني كثيرا .
- معذرة يا "فيونا " لقد نسيت القيام بواجبي .
ونهضت "كليو " على الفور لكن "فيونا " أمسكت بها وقالت لها مبتسمة :
- لا تتحركي استريحي فقط فأنني اعرف المنزل جيدا . الامل المفقود
سمعت "كليو " كلامها وعادت الى مقعدها ثانية لتستريح بعض الشيء فمنذ الأمس وهي تتخيل "جود" نائما بصحبة سيدات أخريات فتسيطر الغيرة عليها . ولكن كلمات "فيونا" جعلتها تشعر بالراحة بعض الشيء...
وما فائدة ذلك ألان حتى لو لم يكن ل " جود" صديقات فقد انتهى
زواجهما ..بقى ان ينسى كل فرد منهما الأخر تماما . وهذا ما اتفقا عليه ألان ... وضعت "فيونا " حدا لهذه التخيلات الكئيبة بعودتها وهي تحمل كوبين من عصير الليمون .
تناولت "فيونا " العصير الذي أعدته "ميج " وقالت وهي تضع الكوب :
- اسمعيني يا "كليو " اعتقد أنني متدخلة بعض الشيء ولكن عليك ان تغفري لي ... ما الذي يحدث بينك وبين "جود"
نظرت "كليو " بعينيها الرماديتين الى عيني "فيونا " الزرقاوين لتفهم نواياها والحق ان نوايا "فيونا " كانت جيدة جدا ولكن ما قيمة ذلك بالنسبة للحقيقة المحزنة ؟
فسألتها "كليو " بقلق :
- ما الذي أخبرك به "جود" ؟
- لا شيء ... ولكنني أرى ان هناك شيئا ما ليس على ما يرام لقد لحق بي "جود" في المنزل حوالي التاسعة مساء وبقى معي حتى الواحدة صباحا واخبرني انه ينوي شراء منزل في الريف لتعيشي فيه مع طفلك لأنه يرى ان بفاء الطفل في الريف سيكون مفيدا له عن بقائه في لندن ..فتحدثت معه بشان "دين يليس " وهو منزل على بعد عدة كيلو مترات من منزلي ويبدو ان هذا الاقتراح قد راقه كثيرا وأكد لي أنني استطيع اصطحابك الى هناك خلال عطلة نهاية الأسبوع؟
سكتت "فيونا " قليلا لتراقب وجه زوجة شقيقها ثم انفجرت قائلة : الامل المفقود
- ما هذه الفكرة المجنونة أنا لا اعرف شيئا عن هذا الطفل بعد ولكنني لا اعتقد ان طفلا صغيرا مثله سيسعد بإقامته في الريف في هذه السن المبكرة ولا تقولي لي ان طفلا صغيرا وليدا سيسعد بجريه في الحدائق وتسلقه للأشجار ثم ما هذه الخلوة التي تنوين العيش فيها وحدك ... هل تنوين دفن نفسك حية ؟
سكتت "فيونا " ثانية وعندما لم تجب عليها "كليو " استطردت
|