لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-11-13, 04:29 PM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2012
العضوية: 247070
المشاركات: 48
الجنس أنثى
معدل التقييم: radiant star عضو على طريق الابداعradiant star عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 159

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
radiant star غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

ماشاء الله أسلوب رائع أ.أحمد استمتعت كثير بقراءة الرواية

قصي الله يهديه بيكرّهني باسمه , ايش المزاجية هذي , تحب الحب الأول ومن تجربتك مع خصال ما ملى عينك إلا هو خلآص ابعد عن الحريم ! بس هو يفش نفسيته من فراق حبيبته الأولى بالعلاقات كل ما صادف وحدة بطريقه لازم يشبّكهآ , وأعتقد ما بيتوب إلا بعد ما يكمل عدد علاقاته بالحريم 13 علاقة وأعتقد أن هذا هو سر اسم الرواية D=

خصال صدمتني شخصيتها بقوة ما توقعتها خفيفة كذا وبسرعة تستسلم لقصي ! و صراحة دور الحبيبة المهتمة ما يليق فيها آنا مليت منها كيف هو المزاجي ؟

تالا إن شاء الله تستمر بهالقوة , خوفي يكون اتصالها بقصي متعمد بس هي تستهبل , و مادام خصال العاقلة انهبلت مع قصي ما استبعد يصدر الشي نفسه منها

سمر أعيذك بالله من شر هذا السوسة المتخبط , برائتها و طيبة قلبها لا تبشر بخير بوجود قصي

باسل صديق رائع أحببت شخصيته و متفائلة كثير إنه رح يترك أثر كبير بحياة قصي

شكرا لك مرة أخرى و بانتظار الجزء القادم

 
 

 

عرض البوم صور radiant star   رد مع اقتباس
قديم 08-11-13, 03:49 PM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2013
العضوية: 258684
المشاركات: 28
الجنس ذكر
معدل التقييم: Ahmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاطAhmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 121

االدولة
البلدKenya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Ahmad Rufai غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

مساكم خير :)

قرة عين أمي

براعم

والمتابعة الجديدة radiant star

لا تعلمون مقدار فرحتي بوجودكم وتفاعلكم مع قصي وباقي شخصيات الروايه ..

هذا الشي يبث فيني الفرح ويخليني أواصل الكتابة بحماس..

يمكن ما أرد على كل تعليقاتكم وردودكم لأنها تتحدث بصدق وتأثر أكثر من الرواية

لكنها وبكل تأكيد وسام أعلقه على صدري وأفتخر فيه

فشكراً لكم جميعاً من أعماق القلب.. حتى المتابعين الصامتين :)

وبإذن الله وقت تنزيل الجزء مثل ما هو.. كل يوم جمعه الساعه التاسعه والنصف مساءاً :)

دمتم بخير

 
 

 

عرض البوم صور Ahmad Rufai   رد مع اقتباس
قديم 08-11-13, 08:04 PM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2013
العضوية: 258684
المشاركات: 28
الجنس ذكر
معدل التقييم: Ahmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاطAhmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 121

االدولة
البلدKenya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Ahmad Rufai غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

-9-

ورجعت أنا و (باسل) من حيث أتينا، كان يملك سبباً وجيهاً لعدم السفر عدة أسابيع أخرى بل ربما لشهور.. حتى يتسنى له نسيان موت رفيق دربه..
قال لي في طريق عودتنا:
- تافه هو الإنسان حين يحاول التخلّص من ذكرياته الجميلة فقط لأنها انتهت!!
لم أجب فتابع:
- أعتقد أنك لم تفعل.. أليس كذلك يا قصي؟؟
نظر إلى عيني بابتسامة فرددت له الابتسامة وأنا أضغط على يده دون أن أتحدث.
ولأن الحياة لا تمنحنا وقتاً لنعيد ترتيب أوراقنا وترغمنا على الركض خلفها، كان علينا أن نقوم بأداء أعمالنا الجديدة تزامناً مع الأعمال التي أخرناها بسفرنا،
ولأنني لا أهاب أحداً ولا تستطيع الحياة إخافتي فقد جلست على الأريكة واضعاً قدمي على الطاولة أقلب نظري بين شاشة التلفاز وشاشة (اللاب توب)، أدخن سيجارة مستمتعاً باللامسئولية.. حين تستطيع التملص يوماً من مسؤولياتك أمام ضميرك ستشعر أن الأريكة رمل وأن التلفاز بحر وأنك في رحلة استجمام رائعة.. ستصبح أتفه الأشياء حينها ذات قيمة عالية، قال لي قلبي: خلقنا لنكون سعداء، لا لنحاول اللحاق بركب الحياة الذي لا يتوقف.
لم يعهد عني ذلك قبل الآن، لكنني متعب جداً وبحاجة إلى راحة من السفر والموت والحنين والعمل، وها أنا أرتاح الآن.
سمعت تنبيهاً يصدر من (اللاب توب) تبعه وجه مبتسم من (سمر) التي كنت قد نسيتها تماماً، كانت فرصة مناسبة للحديث مع شخص يشغلني عن التفكير في ما أهرب منه، فعندما يجتمع كاذب وكاتبة يصبح للحديث متعة تجمع ما بين خيال الأساطير وعذوبة اللغة مكونة منهما هرطقات فكرية جذابة.
ولأنها تملك الكثير من المصطلحات في قاموسها، رحت أنظر إلى حروف كلماتها وأعيد تعريفها بطريقة أخرى كما اعتدت أن أفعل دائماً، اكتشفت أنها تصبح أكثر جرأة عندما تكتب، أعتقد أن أغلب الكتّاب - ذكوراً وإناثاً - يستطيعون التعبير عن أنفسهم بشكل أفضل عندما يكتبون، لكنهم ما أن يصبحوا في مواجهة مباشرة مع الحياة فإنهم يشعرون بخجل يمنعهم من التحدث بشكل طبيعي.
تحدثنا لساعتين تقريباً ثم قام ضميري بتأنيبي عندما علم أنني لا أملك سبباً وجيهاً يمنعني من الذهاب إلى العمل فأجبرني على الاستئذان منها وسلمني إلى فراشي، وبالرغم من أنها لم تستطع منعي من التفكير في (تالا) -لأنها ارتبطت بها - إلا أنها كانت تفيض بشيء لا أعرف أصله ومعدنه يؤهلها لأن تكون صديقة رائعة.
في صباح اليوم التالي بدا باسل كأنه يحاول لمّ شتات نفسه، أن يعيد لنفسه نشاطها وتفاؤلها الدائم، ابتسمت له فرد لي الابتسامة بابتسامة واسعة تقترب من المبالغة لكنها لا تقع فيها، جميلة وهادئة كابتسام الأب لطفله حينما يحاول أن يريه رسمة صغيرة في كراسته، فيبتسم له ابتسامة كاذبة لكنها من قلبه!!
أحب هذه الابتسامات لأنها تملك طاقة تمكنها من التحدث دون أن ينطق أصحابها، فحينا تهمس لنا أن غداً أجمل، وحيناً تعلمنا أن الحياة لا تتوقف عند موت أحدهم، وأحيانا تقف على قارعة الأمل لتخبرنا أنها تصارع اليأس، وبغض النظر عن رسائلها إلا أن الروعة تكمن في قدرتها على الحديث.
قال لي باسل وهو يلمع حذائه:
- قصي.. لقد استلمت دعوة لحضور ورشة عمل في العاصمة.. لمدة أسبوعين..
أبعدت القداحة عن فمي بعدما كنت أنوي إشعال سيجارتي وقاطعته:
- رائع.. مذهل.. أنت تستحق.
بدا وجهه مرتبكاً وحاول الحديث لكنني منعته، أعلم أنه يريد بعضاً من الوقت بعد وفاة ابن عمه ليشحن نفسه بالطاقة ويعيد مزاولة الحياة من جديد، لكن الفرصة قد لا تتكرر مرة أخرى، قلت:
- ستكون أغبى رجل عرفته في حياتي إن لم تقم باستغلال هذه الفرصة، ما بك يا رجل؟.. أنا على ثقة أنك لست بحاجتها.. كل ما في الأمر أنك ستذهب إلى هناك لتخبرهم أن في غرب البلاد رجلاً يستطيع أن يخلق من الطبيعة مسرحاً رائعاً بأفكاره الجميلة..
ابتسم فتابعت بخبث:
- ثم إنني أمر بضائقة مالية.. سيكون من الجيد أن أتمكن من تأجير غرفتك لمدة أسبوعين.
ترك الحذاء من يده واستغرق في الضحك:
- لن تجد من يقبل بها.
أطفأت سيجارتي في المنفضة ومنحته ظهري متجهاً إلى المغسلة، قلت:
- لا تقلق.. لن أيأس من البحث عن مستأجر.
سمعت صوت باب الشقة بعد دقائق فعلمت أنه رحل، إذا أردت أن تعرف من هو أقرب شخص إلى قلبك فابحث عن ذلك الذي يأتي و يرحل دون استئذان دائماَ!!
في المساء أقليت (باسل) إلى المطار ثم عدت إلى البيت وأنا أشعر بملل شديد، جلت بنظري في أنحاء الشقة، ذهبت إلى المطبخ وأعددت العشاء ثم وضعته في الثلاجة واكتفيت بكأس حليب ساخن شربته وأنا أشاهد التلفاز وأقلب في جهازي بحثاً عن برنامج قمت بتحميله من أحد المنتديات الأجنبية لكني لم أجده، نظرت إلى ساعتي فرأيتها تشير إلى الحادية عشرة قبل منتصف الليل..
ما بال الوقت هذا المساء لا يريد أن يتحرك، وماذا أصاب هذا الحاسوب الذي بات يبتلع الملفات بغباء فلا أكاد أجد أي شيء أبحث عنه، كل شيء بدا غبياً وتافهاً إلا التلفاز الذي بدا سخيفاً كعادته، فدخلت إلى غرفتي لأقوم بترتيبها، لأجد بعض الألوان المائية على الرّف ولوحة (تالا) التي أهدتني إياها.. فخطرت في رأسي فكرة.
عدّت إلى غرفة الجلوس وفتحت بريدي لأجد (سمر) في حالة اتصال كما توقعت.
هممت بمحادثتها لكنني خفت أن تسألني عن رأيي في كتبها التي تركتها معي، ثم خطرت لي فكرة.. سأحدثها وفي حال سألتني عنها سأجد عذراً وجيهاً بلا ريب، قمت بفتح محادثة جديدة وأرسلت لها ابتسامة فقالت:
- أهلا (قصي) كيف حالك؟
- بخير.. وأنتِ؟
- الحمد لله.. وكيف حال باسل؟
- لقد سافر لتوه إلى العاصمة.. سيحضر ورشة عمل هناك.
- كم سيطول بقائه هناك؟
- لا أعلم.. قال لي أنه سيمكث أسبوعين على الأغلب..
- أتمنى له التوفيق.
- وكيف حال (هند) و (تالا)؟
- إنهن بصحة جيدة.. أعتقد أن هند لا زالت بالعاصمة في ضيافة والدتها، أما تالا فأعتقد أنها ستختفي ككل مرة قبل الظهور بمعرض جديد.
حاولت للحظات أن أجد صياغة لسؤالي بطريقة لا توضح أنني مهتم بتالا فقلت:
- كم المدة التي تقضيها عادة بين كل مرة تقيم فيها معرضاً لرسوماتها؟
- ليس هناك وقت محدد، كما أنها لم تقم سوى معرضين حتى الآن.. لكن بالمناسبة هل ذهبت إلى المعرض الذي أقامته مؤخراً؟
- في الواقع لا.. كنت مشغولاً ببعض الأمور التي منعتني من الحضور.. ثم ندمت على أنني لم أؤجلها، فأنا الآن لا أعرف أين يمكنني مشاهدة رسوماتها مرة أخرى.
- هل تود أن أحادثها؟
- لا.. لا داعي لذلك.
- لم؟
- في الواقع لا أريد أن أسبب لكما إحراجاً من أي نوع..
كان بقائنا في نفس الحلقة سيؤدي حتماً إلى إغلاقها وإنهاء المحادثة، وبالرغم من أن ذلك لا يعنيني إلا أنني خفت أن تشعر باهتمامي بصديقتها وتخبرها باسمي وعملي ويذهب كل ما فعلته أدراج الرياح، لكنها قامت بتغيير مجرى الحديث بطريقة أراحتني كثيراً، قالت:
- كما تحب.. بالمناسبة.. كنت أود إضافة بعض البرامج إلى جهازي لكنني جاهلة تقنياً.. هل بإمكانك مساعدتي؟
شرحت لها كيف تقوم بذلك وكنت معها خطوة بخطوة حتى أنهت ما كانت تريد عمله ثم استأذنت منها لأنام.
جاءتني ظهر اليوم التالي رسالة على هاتفي الجوال، الغريب أنها كانت من (تالا) تقول فيها (( سيقام الليلة حفل خيري لجمع التبرعات، يسعدني حضوركم جداً)) قرأت الرسالة لخمس مرات متتالية ثم وضعت الهاتف في جيبي لكنني ما لبثت أن أخرجته مرة أخرى لأتأكد من عنوان الحفل ووقته، لكنني تذكرت أمراً في غاية الأهمية.. سيمسي كل شيء عديم الفائدة إن أرسلت نفس الرسالة إلى سمر تدعوها للحضور أيضاً، مشكلتي في تواجد (سمر) هو ليس (سمر) بحد ذاتها فأنا لا أخشى حضورها بحجم ما أخشى أن أكون وليمة نسائية لرسامة وعالمة نفس تستطيع تحليل تصرفاتي القادمة بناءاً على دراستها، أحب أن أكون صاحب عنصر المفاجأة، لا فأر تجارب لهما!!
دخلت إلى بريدي في السابعة مساءاً أنتظر دخول سمر وحالما دخلت قمت بسؤالها مباشرة:
- أستاذة سمر.. هل ستخرجين مساء اليوم؟
ظهر لي أنها تقوم بالكتابة للحظات ثم توقفت لتكتفي بكلمة واحدة:
- لا.. لماذا؟
- في الواقع لدي موعد مع أحد أصدقائي بعد ساعة، وكنت أفكر في حال عودتي مبكراً أن أتحدث معكِ بخصوص الكتب التي أخذتها منكِ..
- سأزور الخياطة لنصف ساعة ثم أعود إلى المنزل.. سأكون بانتظارك.
- جيّد.. سأحاول ألا أتأخر.. لأعود بسرعة.
- لا..لا.. خذ وقتك، ولا تقد سيارتك بتهور.
- حاضر يا صديقتي..
- صديقتك؟؟!
- نعم.. أنت وباسل تتحليان بصفات كثيرة متشابهة.
لم ترسل رداً على كلامي واكتفت بإرسال وجه مبتسم فقط، فودعتها وقمت لأرتدي ملابسي على عجل.. الليلة ستكونين ملكي يا (تالا)، لي فقط!!
ارتديت ملابسي مستخدما جميع قدراتي على الجذب، فعندما تكون مدعواً لحفل خيري فهذا يعني أنك مدعو لمشاهدة مجموعة من رجالات المجتمع وهم يرتدون الأحذية اللامعة والساعات المذهبة يتظاهرون بمساعدة الفقراء، قدت سيارتي نحو الحفل وأنا أمني نفسي بأحداث رهيبة هذا المساء، لن أضيع فرصتي هذه المرة.
شدّ انتباهي وأنا أبحث عنها بين الحضور أن عدد الرجال يطغى على عدد النساء وهذا مالم أره في كل المرات السابقة، وجدتها أخيراً تقف منفردة مع إحدى صديقاتها، فانتظرت حتى نهاية المزاد الخيري.
اكتشفت أنها محطّ اهتمام الرجال، فبالقرب من طاولتها وعلى مسافات متقاربة كان سبعة رجال على الأقل يحاولون لفت انتباهها ومتابعتها بأعينهم.. للحظة فكرت في العودة من حيث أتيت لكن ذلك سيجعلني تافهاً على الأقل من وجهة نظري فاقتربت أكثر.
كنت أود محادثتها على انفراد بمعزل عن صديقتها، لأنني لا أستطيع التكهن بردة فعلها أمام الجميع كما لا أريد أن أكون فريسة لعدد لا بأس به من الرجال!!
اقتربت منها أكثر وأشرت لها بعيني فابتسمت لي ابتسامة هادئة شجعتني على الاقتراب منها وشكرها على دعوتها لي، قلت:
- أهلاً أستاذة تالا.. شكراً لهذه الدعوة الجميلة..
- أهلاً بك.. أي دعوة تقصد؟!
قلت وأنا أحاول إخفاء ارتباكي:
- لقد جئت بناءاً على دعوتك التي أرسلتها ظهـ..
قاطعتني:
- امممم.. تقصد الرسالة الجماعية.. أسعدني حضورك حقاً.
بالرغم من المفاجأة التي نزلت كالصاعقة على رأسي، إلا أن جملتها الأخيرة (أسعدني حضورك حقاً) كانت تشبه (وماذا تريد الآن؟؟)، حاولت أن أبدو طبيعيا قدر الإمكان، قلت:
- بل أنا من يشكرك على هذه الدعوة الجميلة.
توقعت ألا أحصل على اهتمامها لكنني لم أتوقع أن تكون مستفزّة لهذه الدرجة، ولأنني لن أتراجع فقد انتقلت إلى الخطة الثانية فوراً، اقتربت من طاولة الرجل الأكثر تأثيراً ولفتاً للانتباه.. والذي قام بدفع مبلغ باهظ لقاء لوحتين زيتيتين لـ (تالا) ثم سحبت الكرسي إلى الخلف وأنا أقول:
- مساء الخير.. أستأذنكم في الجلوس.
في عالم الرجال لا توجد صعوبة في إنشاء العلاقات، كل ما عليك فعله لتكون صديق أحدهم هو أن تسأله عن الوقت أو تطلب منه قداحة لتشعل سيجارتك، وبمجرد إجابته على سؤالك يمكنك أن تسأله عن اسمه لتصبحا صديقين حميمين في الغالب، لأنهم - أي الرجال- لا يتبعون تعقيدات معينة كالنساء في اختيار من سيقمن بالرد عليها تدخل ضمنها اعتبارات كثيرة كالجمال والمستوى الاجتماعي ونوع الهاتف النقال.. حتى طريقة تسريحة الشعر!!
تركت صديقي الجديد يتحدث وجذبت اهتمامه بموافقته في رأيه عن القروض العقارية والدراسة في الخارج، كان ذلك سبباً وجيها لأكون محط اهتمامه وإن كان عن طريق نظرات يقدمها لي بعينه طالباً مني موافقته أو تأييده لكنني قمت باستغلال أول فرصة يسألني فيها بشكل مباشر بعد حديثه عن علاقة الآلهة الإغريقية بالفن الأوروبي قال:
- هل رأيت الإبداع في لوحات بوتيتشيلي؟
- نعم.. كنت أتحدث عن ذلك مع سائق التاكسي نهاية الأسبوع المنصرم.. أخبرني أنهم يبالغون في أسعارها.
بينما ابتسم أحد الرجال ابتسامة واسعة، ضحك الثلاثة الآخرون بصوت عالٍ وبطريقة شدّت انتباه الأشخاص في الطاولات المجاورة فاكتشفت أن لديه أعداء كثر يتمنون أن يشهدوا لحظة انكساره.. حتى صديقة تالا، استطعت أن ألمحها وهي تغطي وجهها لتخفي ضحكة تريد المشاركة، أعدت المقعد إلى الخلف وأنا أقول:
- يبدو أن صديقكم يعيش في كوكب آخر.. أستميحكم عذراً.. سأقوم للتدخين..
توجهت نحو الشرفة وأنا أعلم أنني كسبت التحدي وبعد ثوان كان أحد أصدقاء الطاولة يقف بجانبي، قال:
- إنه رجل مريض، يحب استعراض ثقافته ولفت الانتباه إليه.
نظرت إليه بابتسامة، أعلم أنه ليس سوى متملق أحمق لكنني لا أريد التوغل في أمر جانبي يبعدني عن الهدف الرئيسي لمجيئي هنا، قلت:
- لقد نال ما يستحق..
عرفني باسمه الذي نسيته فوراً وعرفته باسمي فراح يحدثني عن بعض الأمور الحياتية، بعد قليل شاركنا رجلين آخرين ورجل مسن الحديث فاستأذنت منهم بعدما تأكدت أن (تالا) قد شاهدتني عندما كنت أقف هنا أمام الشرفة.
اقتربت منها في محاولة أخيرة، وأنا أرى صديقتها تبتسم، قلت:
- أشكرك مجدداً على دعوتك..
- على الرحب والسعة..
- أراكما على خير..
لم أنتظر سماع إجابتها لأنني كنت أتوقع أن يتغير موقفها قليلاً على الأقل، لكنها بدت تزداد بعداً وصلابة في كل مرة أعتقد فيها أنني تمكنت من الاقتراب!!
في السيارة قمت بفتح الرسالة مرة أخرى فضحكت لغبائي، كان واضحاً من النص أنها رسالة جماعية لكن حماقة الإنسان تجعله يهتم بالمرسل أكثر من الرسالة!!
عدت إلى المنزل وأنا أشعر بالإحباط نوعاً ما وكان من الجميل أنني وجدت (سمر) بانتظاري، وضعت كتبها أمامي على الطاولة ورحت أباغتها بالأسئلة حتى لا أمنحها وقتاً لاستجوابي أو سؤالي عن رأيي في كتبها.
انتقلنا بعدها بالحديث إلى عدة مواضيع، شعرت أن (سمر) انتشلتني من عالمي نحو الأعماق حيث كان لحديثها نكهة خاصة، تجيد العزف على أوتار الحروف بمهارة بالغة، استطاعت أن تجذب جميع حواسي للاستماع إليها بسهولة كما كان يفعل (باسل)، أعتقد أن الحظ أرسلها لتؤنسني في غيابه.
في الأيام التالية كان الحديث يمتد بنا حتى ساعات الصباح الأولى، شجعتني كثيراً على نشر مذكراتي التي لا ترتقي إلى أن تكون كتابات صالحة للنشر، قالت لي أن مجرد التعبير عن الذات شيء لا يقدر على القيام به كثير من البشر، مع مرور الوقت أصبحت أشعر أنها زرعت داخلي شيئاً أجهله.. لكنه وبكل تأكيد يجعلني أجمل.
جلسنا ذات ليلة نتجاذب أطراف الحديث، راحت تنتقل من حديث إلى آخر بتقنية محترفة ولم أشعر بنفسي حتى غازل النور زجاج نافذة غرفتي فانتبهت إلى الوقت، قلت:
- لقد طلع الصباح!!
- حقاً؟؟
- نعم.. يبدو أنني سأذهب إلى عملي اليوم دون أن أنال قسطاً من الراحة..
- أنا آسفة.. لم أنتبه للوقت أعذرني..
- لا بأس.. لا مشكلة.
- لم لا تنام الآن؟.. بقي على دوامك ثلاث ساعات على الأقل.
- لا أعتقد أنني أستطيع.. سأكون بحاجة لأن يوقظني أحدهم لأنني لا أسمع صوت المنبه.
بقيت صامتة لدقائق فظننت أنها محرجة ربما، قلت:
- أراكِ على خير..
- انتظر.. كم رقم هاتفك؟
- لم؟؟
- سأوقظك..
- لا أعتقد أن ذلك سيجدي نفعاً.. لا تقلقي سيكون كل شيء على ما يرام.. سأطلب من صديقي في العمل أن يفعل ذلك.
- أشعر بالذنب.. أنا آسفة..
- لا لا.. لا بأس..
- دعني أجرب.. أعطني رقم هاتفك.
أعطيتها رقم هاتفي ثم قمت لأصلي الفجر، شعرت أنها وفي غضون أسبوع ونصف استطاعت أن تغيير في نظام حياتي كثيراً.. أصبحت أحب غرفتي والحاسوب والشرفة كثيراً، وأطيل الجلوس في المنزل بصورة غريبة.
استيقظت في التاسعة والنصف على صوت هاتفي لأجد تسعة وعشرين اتصالاً منها، ذلك يعني أنها لم تكف عن الاتصال منذ التاسعة، لأن كل اتصال يستغرق دقيقة تقريباً، ابتسمت لاهتمامها ثم قمت لأتجهز بسرعة، بعد الظهيرة جاءني اتصال من رقم لا أعرفه، قلت:
- مرحبا..
نقلت لي الشبكة صوت أنثوي، قالت:
- كيف حالك؟
- من؟
- أنا سمر..
شعرت بغبائي وضحكت ضحكة قصيرة، قلت:
- أنا آسف.. كنت مستعجلاً جداً هذا الصباح.. نسيت أن أسجل رقم هاتفك.
- لا بأس..
- أشكرك على اتصالك بي.. لقد استيقظت في الوقت المحدد تماماً.
- الحمد لله.
شعرت بارتباكها الشديد، قلت:
- أراكِ لا حقاً.. مع السلامة.
- مع السلامة.
عدت لعملي لكنني سمعت صوت الهاتف مرة أخرى ينبئني عن وصول رسالة جديدة ففتحتها لأجد أن سمر قد أرسلت (لابد أنني سقطتُ من نظرك.. أنا آسفة).


يتبع..

 
 

 

عرض البوم صور Ahmad Rufai   رد مع اقتباس
قديم 14-11-13, 06:30 PM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 75049
المشاركات: 1
الجنس أنثى
معدل التقييم: pearls عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 12

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
pearls غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

إلى اين سيصل قصي مع تالا ؟
من سينتصر على الآخر ؟
إصرار قصي أم برود تالا المستفز ؟
و سمر هل ستجد نفسها غارقة في حب قصي ؟ و هل سيبادلها المشاعر أم انه لا يرى فيها الا صديق يحب الحديث معه ؟
أحداث مشوقة و اسلوب رائع استاذ أحمد
قلمك رائع و حروفك حية تنبض بالابداع
انتظر بقية الاحداث

 
 

 

عرض البوم صور pearls   رد مع اقتباس
قديم 15-11-13, 09:08 PM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Sep 2013
العضوية: 258684
المشاركات: 28
الجنس ذكر
معدل التقييم: Ahmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاطAhmad Rufai عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 121

االدولة
البلدKenya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Ahmad Rufai غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Ahmad Rufai المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: رواية 13

 

-10-

عدت لعملي لكنني سمعت صوت الهاتف مرة أخرى ينبئني عن وصول رسالة جديدة ففتحتها لأجد أن سمر قد أرسلت (لابد أنني سقطتُ من نظرك.. أنا آسفة).
لم أفهم ما تقصده برسالتها ولم أستطع أن أرسل لها رسالة خاصة لأنني أعلم أن الحديث سيمتد ولن تكتفي برسالة واحده فأجلت الحديث إلى المساء، ولم أرغب بالاتصال بها لأنني أشعر أنها ترتبك جداً عند سماع صوتي.
كان الوقت يمر بطيئاً في انتظار المساء، وحالما رأيت معرفها متصلاً على الشبكة سألتها:
- لم أفهم ماذا تقصدين برسالتك..
- لا شيء.. أنا فقط غاضبة من نفسي.. لا أعلم ماذا فعلت.
- تقصدين بخصوص رقم الهاتف؟؟
- لا.. ليس تماماً.. فأنت تستطيع الحصول على رقم هاتفي بمجرد اتصالك بالصحيفة التي أعمل بها..
- ما الأمر إذاً ؟؟
- لابد أنك تعتقد الآن أنني فتاة لعوب، أليس كذلك؟؟ صدقني يا قصي أنا أتحدث مع الرجال بحكم عملي أحياناً.. لكنني لم أحاول أن أوقظ أحدهم من نومه يوماً..
- وما المشكلة في ذلك أصلاً؟؟
- لا.. إنها خصوصية.. ذلك يعني نشوء علاقة بيننا..
- أنا أحترمك يا (سمر).. لا أجد بأساً في ما قمتِ به صباح اليوم.. نحن أصدقاء.
- لا يا قصي.. أنت تعلم أنه لا يحق لي ذلك، لا أحب أن أتجاوز الخطوط، أنت تفهم ما أقصده، أليس كذلك؟
- نعم.. لا تقلقي أنا أعي ذلك جيداً.
- ألا زلت تحترمني؟!
- بكل تأكيد.
في الواقع لم يخطر ببالي أن تكون (سمر) بهذه الروعة، فرحتُ أطمئنها وأخبرها أنني أحترمها جداً، شعرت بذلك حقاً عندما رأيت أنها تحترم العلاقات وتضع كل علاقة من علاقاتها ضمن قيود وضوابط محددة، ربما لا أحب أن أفعل ذلك لكنني أحترم النساء اللاتي يفعلن هذا كثيراً، شعرت حينها أنها وبالرغم من تحرر كتاباتها نسبياً إلا أنها أنثى رائعة تزن أفعالها وتتصرف بحكمة مع الناس، ربما تعتقد أن تصرفها ذاك جعلها تسقط من نظري لكنني اكتشفت أنه رفعها كثيراً.. كثيراً جداً!!
كنت أكتفي بالاستماع لقصصها اليومية حول مشوارها الروتيني إلى العمل، سائقهم الذي لا يفهم العربية جيداً فيذهب حين تطلب منه الانتظار ويبقى حين تطلب منه الذهاب، والدتها التي تطلب منها مشاركتها في أعمال المنزل، وأخوها الذي لا يحب أن يشتري شيئاً إلا بعد أن تنتقيه له بنفسها، صديقاتها المقربات والتي كانت تالا إحداهن، وأحلامها وما يؤرقها، وبالرغم من أنني كنت قليل الحديث جداً إلا أنني أصبحت أتوق للجلوس معها بصحبة شخصيتها المرحة جداً والتي نادراً ما تجدها في النساء، وقلمها الذي بات يظهر لي في كل مرة كنزاً دفيناً مخبئاً في أعماقها، ولم أشعر بنفسي إلا وقد أصبحت (سمر) جزءاً مهماً من يومي، علمت ذلك حين كانت أول من أخبره بقرار ترقيتي في العمل عندما أخبرني الأستاذ حسن - مديري في العمل - بذلك.
بدت سعيدة جداً تلك الليلة، قالت لي بحماس:
- متى ستستلم الوظيفة الجديدة؟
- من الغد.
- مبروك.. أنت رجل ناجح.. تستحق ذلك يا قصي.
- أشكرك..
قالت مازحة كعادتها:
- أهذا كل ما استطعت قوله؟؟ ألا أستحق هدية لأني منذ أن أصبحت صديقتك وحياتك تتغير للأفضل.. لا تحاول أن تنكر أنني قدرك الأجمل ومصدر الحظ الوحيد في حياتك.
قالت جملتها ثم أتبعتها بضحكة طويلة ظناً منها أنها استطاعت إحراجي، فكرت لثانية ثم قلت:
- بلى تستحقين، غداً سأعطيك هديتك.
- لا تصدق يا قصي.. أنا أمزح.. ثم أنني سأعلمك أمراً .. الهدايا لا تأتي بالطلب، إنما تمنح هكذا دون سبب أو مناسبة.. لأن المفاجأة هي ما تمنح الهدية طابعها الأجمل.
لم أعلق على كلامها، اكتفيت بابتسامة ثم سألتها:
- هل أكملت عملك المتعلق بالصحيفة؟
- نعم سأذهب غداً قبيل السادسة مساءاً لتسليمه.
- جيد.. تأكدي أن تطلبي من السائق ألا يغادر حتى لا يتركك كما يفعل دائماً..
- لا.. سأطلب منه أن يغادر لأن أمي بحاجته، وحالما تنهي عملها سترسله لي مرة أخرى.
- وهل لديك عمل آخر هناك؟
- لا.. سأتصفح بعض رسائل القراء ريثما يعود..
- أخشى أن زميلاتك سيشغلنك بالحديث معهن بدل قراءة الرسائل.
- لا.. غالبية الزملاء ينهون عملهم قبل الرابعة مساءاً.. لن يكون هناك سوى العم بركات والقليل جداً من الموظفين في الأقسام أخرى.
- حسناً..
كنت أسألها لأنني رسمت تصوراً لما سأفعله مساء الغد وكل ما أريده هو التأكد من بعض المعلومات حتى لا أفاجأ بشيء لم أضعه في الحسبان، وطوال النهار لم أكن أفكر سوى في ردة فعلها من تصرفي، ربما يكون ما سأفعله جميلاً لكنها قد تراه تجاوزاً للخطوط وانتهاكاً لحريتها الشخصية، ترددت كثيراً ومع كل خطوة أخطوها كان أزداد توترا.
توقفت أمام مبنى الصحيفة بعد السادسة بدقائق واتصلت بهاتفها لكنها لم تجب، حاولت التغلب على خوفي ودلفت إلى مبنى الصحيفة وأنا أحمل في يدي باقة ورود وهدية صغيرة، في الداخل كان كل شيء كما وصفته لي تماماً.. لون الحائط، المجسم الخزفي في آخر الممر والإنذار المعلق على باب مكتبها.. نظرت إليه فخيل لي أن الباب يبتسم فبادلته الابتسامة ونقرته نقرتين بأصبعي السبابة ليأتي صوتها شارداً من الداخل:
- أدخل..
فتحت الباب بهدوء وأدخلت رأسي فقط لأتأكد من عدم وجود أحد آخر كالعم بركات مثلاً، كانت تنظر إلى شاشة الكمبيوتر مرتدية نظارتها الطبية، وقفت لثوان أنظر إليها وحينما شعرت بوجود شخص في الغرفة نظرت ناحية الباب وحالما رأتني غزت ملامحها الدهشة لثوان ثم وقفت مسرعة بارتباك، قالت بنبرة هادئة تحاول أن تخفي غضبها:
- قصي!! ما الذي جاء بك؟؟!
ابتسمت وأنا لا أزال واقفاً في مكاني، قلت:
- لقد وعدّت إحداهن بهدية، وقد حضرت من أجلها.
اقتربت منها بخطوات بطيئة فابتعدت لتقف بجوار النافذة، وضعت الورود على طاولة مكتبها ثم فتحت المغلف الصغير وأخرجت منه قلماً ذهبياً بفصوص كريستالية نقش عليه اسمها بلون أبيض، رفعته في وجهها:
- لقد اخترت هذا القلم لأروع كاتبة في العالم.. أردت أن أشاركها به جزءاً من أفكارها الرائعة.
وضعته على الطاولة ثم ابتعدت قليلاً لأمنحها فرصة الاقتراب من طاولتها والنظر إليه ثم اتجهت إلى الباب وأنا أقول:
- أعتذر عن تصرفي.. سأراكِ لاحقاً..
فتحت الباب لأخرج لكنني سمعت صوتها يقول:
- قصي..
التفت إليها فوجدتها تحتضن القلم بكلتي يديها، قالت:
- أنا آسفة..
أجبتها بابتسامة:
- لا بأس.. أتفهم موقفك.
بدت مترددة جداً، قالت:
- هل تريد فنجان قهوة؟
رفعت كتفي إلى الأعلى بابتسامة، فقالت بمرح:
- عدني ألا تتصرف بتهور أولاً..
ابتسمت ثم اقتربت لأجلس على الكرسي المقابل لمكتبها مباشرة، فجلست وهي تنظر إليّ ورفعت سماعة الهاتف، وحالما جاءها صوت المتحدث في الطرف الآخر قالت:
- عم بركات.. فنجاني قهوة من فضلك.
أعادت سماعة الهاتف إلى وضعها لكنها سقطت على الأرض لشدة ارتباكها فأعادتها مرة أخرى وهي تبتسم بحرج شديد، قالت:
- أشكرك على الهدية.. لكنني كنت أمزح معك فقط.
اكتفيتُ بالابتسامة فقط فتابعت:
- لم لا تتحدث؟؟
ابتسمت لها ثم أعدت نظري إلى الأسفل، قلت:
- لا أجد ما أقوله..
نظرت لي للحظات ثم أخذت القلم وراحت تكتب اسمي على الورقة ثم طبقتها لتجعلها صغيرة جداً ووضعتها أمامي على الطاولة، قلت:
- هل سأتحول إلى ضفدع إن ابتلعتها؟
غطت فمها وقالت وهي تغالب ضحكتها:
- خبئ هذه الورقة في محفظتك.. ستجلب لك الحظ الجيّد.
التقطت الورقة ثم توقفت مباشرة، قلت:
- سأفعل.
- إلى أين ستذهب؟؟
ابتسمت لها دون أن أتحدث واتجهت نحو منتصف الغرفة باتجاه خزانة الملفات، قالت:
- وفنجان القهوة؟!!
أدركتُ أنها علمت أنني أود الذهاب بالرغم من أنني لم أقل ذلك مباشرة ولم أحرك رجلي من أمام الخزانة، فشعرت بتوتر شديد أفقدني القدرة على الحديث.. هذا يعني أنها تقرأ كل تصرفاتي وتفهمها جيداً.. فابتعدت متجهاً إلى باب المكتب مباشرة، سمعتها تقول:
- أنت مجنون.. أقسم أنك لن تدخل هنا مرة أخرى.. مجنون!!
ضحكت من ردة فعلها وأغلقت الباب متجهاً إلى المدخل الرئيسي عبر الردهة، هل أدركت (سمر) أيضاً أنني فعلت ذلك لأختبر قدرتها على قراءتي؟؟ سيكون هذا هو لبّ الجنون بلا ريب!!
جلست على مقعدي في السيارة أحاول أن أتذكر التصرفات التي قمت بها لكنني لم أجد دليلاً واحداً يشير إلى أنني كنت أود الذهاب، قطع تفكيري صوت هاتفي منذراً باتصال فعلمت أنها هي، قلت:
- ماذا أيضاً؟
جاءني صوت أنثوي مختلف تماماً:
- السلام عليكم.. المهندس خالد؟
نظرت إلى شاشة الجوال فوجدت اسم (تالا) ، قلت بارتباك:
- وعليكم السلام.. أهلاً أستاذة تالا؟!
- كيف حالك.. هل أنت بخير؟؟
بدا سؤالها كأنها كانت قلقة جداً، قلت بحيرة:
- نعم، الحمد لله..
- متأكد أنك بخير؟؟ أشعر أن أمراً أصابك..
- لا.. الحمد لله..
- هل أنت متأكد؟؟ أشعر أن صوتك مختلف..
- لا.. قليل من الإرهاق بسبب قلة النوم.
قلت ذلك فقط لأني وجدت إلحاحها يتزايد، أعلم أن الأنثى تحب أن تكون ظنونها صحيحة، قالت:
- لا تجهد نفسك كثيراً يا خالد.. أرجوك..
- بإذن الله..
- لقد حلمت بك البارحة فعلمت أن أمراً أصابك..
قالتها بطريقة اعتيادية كأنها تخبرني أنها تحلم بي كل يوم، فأربكتني ولم أعرف ماذا يجب أن أقول فظللت صامتاً حتى سألتني:
- ما الأمر خالد، هل أنت مشغول؟
- لا..
- ما بك؟؟ هل هناك شيء؟؟
- لم أكن أعلم أن.. أقصد أنني لا أعلم.. أنا.. كنت أفكر في..
قاطعتني:
- في ماذا؟؟
- في الحلم.. هل كان سيئاً؟؟
- لا تقلق نفسك يا خالد.. سيكون الأمر على ما يرام، المهم أن تنتبه لنفسك.. أحمد الله أنك بخير.. كنت أود الاتصال بك منذ الصباح..
الصوت كان لتالا لكن التصرفات مختلفة تماماً، فقمت بتغيير الموضوع، قلت:
- وكيف حالك أنتِ؟
- بخير.. خالد لا تتردد في إخباري إذا احتجت لأي شيء.. مفهوم؟
- سأفعل..
- أراك على خير يا خالد.. أتمنى أن تكون بخير دائماً.. في أمان الله.
- مع السلامة.
لا أعلم ماذا تريد هذه الـ (تالا).. فكلما حاولت الاقتراب منها قامت بالابتعاد، وكلما ابتعدت عنها قامت بالاقتراب مني بطريقة مربكة، اكتشفت أنني لازلت أضع السماعة على أذني بالرغم من أنها أغلقت الخط منذ أكثر من دقيقة، لم أنتبه لذلك حتى سمعت تنبيه الهاتف ينبئ عن رسالة وصلت ففتحتها مباشرة وكانت من سمر (لا أستطيع التعبير عن مدى شكري لك.. لكن أرجوك.. لا تكررها مرة أخرى).
ألهمتني (سمر) بطريقة رائعة للحديث، فعندما تعجز عن قول أمر ما لمحدثك قم بإرسال رسالة له تخبره فيها بما في داخلك، فتحت رسالة جديدة وكتبت فيها (ممتن جداً لسؤالك عني.. أشكرك) وأرسلتها لتالا فجاءتني رسالة منها قبل أن أقوم بتشغيل محرك السيارة (على الرحب والسعة.. أنت أهل لأكبر من ذلك).. وانهمر سيل الرسائل ماطراً بغزارة حتى المساء.
دلفت إلى الشبكة فوجدت (سمر) بانتظاري، كنت أود أن أسألها كيف علمت أنني أنوي الذهاب، لكنني خفت أن تعرف خوفي الدائم من أن يكتشف أحد ما بداخلي فتراجعت عن ذلك، قلت:
- كيف حالك؟؟
- لن أخبرك.. ولن أجيب على أي سؤال.. لقد تذكرت ما حدث البارحة حين سألتني متى سأذهب ومن سيكون هناك.. لقد كشفت لعبتك.. لن يكون بإمكانك أن تلعبها معي مرة أخرى.
- نحن متعادلان إذاً..
يبدو لي أنها فهمت ما أقصده، فغيرت الموضوع تماماً، قالت:
- لماذا رحلت سريعاً؟
- لقد شعرت بخوفك عندما اقتربتِ من النافذة.. فخرجت قبل أن تلقي بنفسك من الطابق الرابع.
- صدقني لم أكن خائفة منك.. كل مافي الأمر أنني لم أعتد أن يقترب أحد مني إلى هذا الحد، خاصة أنه لم يكن هناك أحد معنا في الغرفة.. تأكد أنني لا أقصد الإساءة.. لكنني تربيت هكذا..
- لا بأس.. أحترم ذلك.
- ما رأيك أن نلعب لعبة صغيرة؟ سيعترف كل منا للآخر باعترافات صغيرة صادقة.
- جيد..
- فلتبدأ أنت.. هيا..
- حسنا.. أعتقد أنني أخاف من الأماكن الضيقة جداً..
- ممم، أنا أخاف من الحشرات الطائرة.
- أستمتع بالوقت الذي أقضيه بصحبتك.
- وأنا أيضاً..
- أشعر أنني تائه دائماً..
- بدأ يراودني هذا الشعور مؤخراً..
- هذه كل الاعترافات التي أملكها حتى الآن.. كما أنك تعيدين كل ما أقوله..
- حسناً.. سأسألك أنا وعليك أن تجيب خلال عشر ثوان فقط، موافق؟
- ولم العجلة؟
- لأن علماء النفس يقولون أن الإجابة خلال عشر ثوان تمنعك من الكذب.
- حسناً.. اسألي.
- ما هو سبب شعورك بأنك تائه دائماً؟؟
- لا أعلم.. لكنه شعور يراودني كثيراً..
ومنذ لقائنا في مكتبها باتت (سمر) بالنسبة لي شيئاً مقدساً يشبه البياض في طهره والسماء في نقائها، لوحة فنية تخجل من تشويهها بنظرك أو تنفس ألوانها عن كثب، تشعر كلما اقتربت منها أنك تقترب من السماء ثم تكتشف أنك لست طاهراً بما فيه الكفاية للاقتراب من روحها.

*****

هل اقتربت من تالا حقاً.. أم أنني بدأت ألعب معها لعبتها المزاجية المجنونة، فهي لم تقترب مني بطريقة تمكنني من معرفتها، ولم تتركني لأمارس حياتي كما أحب، ولأنني لا أعرف قوانين لعبتها رحت أتبعها فقط.. بت أشعر أنها في وضع الهدوء الذي يسبق العاصفة، لكنها تحتاج إلى محفز قوي لتستطيع البوح بما في داخلها.
لم أقترب منها كثيراً، كنت بحاجة إلى وقت لأفهمها جيداً لكن رسائلها المتقلبة لم تترك لي أي فرصة لذلك، ولأنني كنت مندفعاً حد الثمالة فقد بات من الواضح أنني مهتم بها، وهذا ما كان يجب عليّ إخفاؤه تحسباً لما قد يحدث بعد ذلك، أما رسائلها فقد كانت تظهر لي أنها تبدو كعاشقة أحيانا، صديقة، زميلة أو عابرة سبيل غريبة.. ولولا أن رقمها هو الذي يظهر مع كل رسالة لأقسمت أنها ليست هي!!
اتصلت بي في منتصف الأسبوع تدعوني لزيارة مبنى جمعية خيرية لأنهم يرتبون حفلاً صغيراً للداعمين، قالت أنها ستكون سعيدة جداً في حال حضوري ثم أغلقت الهاتف بعد أن أخبرتني من أين أستلم بطاقة الحضور لأن الحفل سيكون الليلة.
ربما أرادت أن تختبر قوة تأثيرها علي، فحضوري يعني أنني قمت بتأجيل أعمالي المسائية من أجلها.. لكنني لم أفكر، ذهبت إلى البيت لأرتدي ملابسي وأذهب على عجل. ربما لأنني قررت أن أفعل شيئاً مختلفاً هذا المساء شيئاً يجبر (تالا) على أن تتحرك من الداخل..
اخترت أن أجلس على طاولة في منتصف القاعة، كأنني أحاول أن أخبر الجميع أنني نجم هذه الليلة، وأن تالا بكل أقمارها ستدور حولي، على الزاوية اليمنى جلس رجل أربعيني ببزة أنيقة ملفتة ينظر إلى المسرح بابتسامة متفائلة مبالغ فيها. أصدر جوالي صوت رسالة من تالا تقول فيها (أسعدني حضورك جداً)، الغريب أن ذلك الأربعيني فتح هاتفه في نفس الوقت والثانية التي قمت فيها بفتح هاتفي وتهللت أساريره بفرحة كأنه يقرأ نفس رسالتي فعادت إلى رأسي ذكرى الرسائل الجماعية.
بدأ الحفل وقامت (ود) صديقة (تالا) - التي كانت معها في الحفلة الماضية- بإلقاء كلمة رائعة عن التعاون والمشاركة، وحاجتنا كبشر إلى التكاتف والعمل بروح فريق بعيداً عن الأنانية..
بعد كلمة (ود)، صعدت (تالا) لتلقي كلمتها على المسرح فزادت ابتسامة الأربعيني بشكل ملحوظ، ثم وضع يديه على الطاولة كأنه يستعد للوقوف، ودون تفكير انطلقت نحوه بسرعة وأنا أمسك بهاتفي وانتظرت اللحظة التي يعيد فيها مقعده إلى الخلف ثم ارتطمت به فسقط على الأرض والتوى كاحلي جراء هذا الارتطام الذي أردت أن أجعله يبدو حقيقياً، وسقط هاتفي على الأرض متحولاً إلى أشلاء.
أمسكت بيده ورفعته عن الأرض، قال بصوت خافت وهو ينظر إلى أشلاء هاتفي:
- أنا آسف.. لم أنتبه أنك تسير بجواري حين كنت أعيد المقعد إلى الخلف.
ابتسمت له ابتسامة كبيرة وأنا أنفض غباراً وهمياً عن قميصه:
- لا بأس.. المهم أنك بخير سيدي.. كان يجدر بي أن أنتبه وأنا أتحدث في الهاتف..
ثم تابعت بمرح:
- يبدو أن الهاتف نال جزاءه قبل أن أنهي مكالمتي..
أدخل يده في جيبه مباشرة وأخرج هاتفه ووضعه في يدي، قال:
- خذ هاتفي وأكمل محادثتك.. لابد أنها مهمة..
وضعت يدي على يده وأعدتها إلى الخلف، قلت:
- ليس أمراً مهماً يا رجل.. لا تشغل بالك.
أمسك يدي بقوة، كأنه يرجوني:
- إنك تحرجني بطيب أخلاقك.. رجاء خذ هاتفي وأكمل محادثاتك كلها..
ابتسمت له وأخذت هاتفه ثم توجهت إلى الخارج لأجري مكالمة من نوع مختلف.. وحالما تأكدت أنه لا أحد بجانبي فتحت قائمة رسائله لأجد أن (تالا) كانت ترسل لنا رسائل متشابهة تماماً، وربما كان في الحفل أشخاص آخرون تحمل هواتفهم نفس الرسائل، شعرت بألم في كاحلي فتذكرت الكرسي الذي ركلته بقوة، ولكن لا بأس يا قدمي.. فالضمادة التي ستقوم بتضميدك لن تكفي أضعافها عشر مرات لتضميد قلب (تالا)، قمت بفتح رسالة فارغة وفعلت مالن تتوقعه (تالا) أبداً، ثم أخذت نفساً عميقاً ودلفت إلى الداخل وأنا أحاول أن أرسم على وجهي أجمل ابتسامة. أعدت له هاتفه شاكراً ثم جلست بجانبه نتابع بقية فقرات الحفل.
..

يتبع

 
 

 

عرض البوم صور Ahmad Rufai   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:58 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية