المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
وراء الأبواب الموصدة
رواية // وراء الأبواب الموصدة
" الجزء ((1))"
" صهيب "
صرخت بصوت عالي وأنا أشوف البنت الواقفة على حدود الجرف العالي"لا..انتبهي لا تطيحين "
لكنها ما التفتت لجهتي ابد، بل ما زالت واقفة على حافة المنحدر بشكل خطير.
تقدمت لجهتها بخطوات متشنجه خوفاً من أنها تلتفت وتسارع لرمي نفسها وتنهي حياتها بلحظات.
واصلت خطواتي وأنا أحاول أنتظم في سيري بخفة حتى ما تنتبه لتواجدي خلفها.
قبل لا أوصل بخطوات بسيطه فاجئتني بإلتفاته سريعه وهي تصرخ " لا تقرب مني"
رفعت ايديني حتى أهديها وكل خوفي بأنها تتهور وترمي نفسها " اهدي ما راح اقرب منك، لكن انتي بعدي عن الجرف لا تطيحين"
ملامح وجهها ما كانت متضحه بسبب الشعر الكثيف النازل على وجهها ، لكن عيونها كانت واضحه، والنظرة المستعرة فيها وهي تصرخ فيني حتى أبعد عنها كانت واضحة تماماً" مالك دخل، ابعد عني ، ابعد، هنا راحتي أنا "
وبعدها رجعت تعيد صرخاتها حتى أبعد عن المكان.
حاولت أتكلم معها بهدوء ممزوج بتحذير وتخويف " هنا المكان خطير ، مافي أي راحه هنا، هنا موت ، وعذاب"
رفعت يدها وبعدت خصلات من شعرها الهايج عن عيونها ومن بعدها أشرت بيدها على أسفل المنحدر " انت ما تشوف المكان هنا مريح وحلو، كيف تقول هنا موت وعذاب"
بهزة رأس ممزوجة بغضب جاوبتها" نظرتك خاطئة"
بلسان مستهزئ ردت علي" وهم بعد نظرتهم خاطئة"
بحيرة وإستغراب سألتها " من هم "
قالت وهي تحرك يدها بحركة تضخيم حتى تبين العدد الكبير اللي أردفته من بعد بكلامها" كلهم ..أهلي، صديقاتي، وكلهم متأكدين أنه هناك راحه، وشفهم ينادوني، أكيد ينتظروني"
وختمت كلامها وهي تقتنص نظرة إلى أسفل المنحدر الجبلي، وحركتها قربتها أكثر للسقوط
صرخت عليها " هناك موت ، وأفظع من الموت "
سألت بصوت كان يحمل قدر من السخرية " ايش أفظع من الموت ؟"
رفعت عيني لعينها وقلت لها بصوت جدي " أنك تتمنين الموت وما تحصلينه "
لاحظتها تحرك رأسها بعدم تصديق ونفي، ومن بعدها رفعت يدها بشتات لشعرها وقالت بضعف " لا "
في ثواني بسيطه اهتزت الصخره اللي كانت واقفة عليها بعدم اتزان، ولاحظت عيونها ترتد لعيوني وهي تحمل خوف ورعب ، ويدها تمتد لي حتى أساعدها قبل لا تسقط ..
لكن في ثواني قليله وقبل لا أوصل لها وصلتني صوت صرختها وهي تشق السكون اللي كان بالمكان
استيقظت من نومي بعد هالحلم اللي صار يتكرر بشكل دائم خلال هالسنة، ولكنه كثر في هالأسابيع الأخيره،
الضيق صار يملأ صدري بعد كل مره صرت أشوف فيها هالحلم ، مدري ايش نهايتي مع هالحلم.
امتدت يدي للدرج اللي بجنب سريري وأخذت آيفوني أشوف الساعه ، بعدها ثلاث الفجر باقي ساعتين قبل لا يأذن الفجر، فتحت الواتس آب أشوف آخر تواجد لماجد وحصلته قبل دقايق بسيطه اتصلت فيه وصلني صوته" ايش عندك صاحي"
"كنت نايم ومرتاح ، لحد ما رجعت أحلم هذاك الحلم وخرب علي نومي"
وصلني صوت ضحكته " أحسن ، لأجل تسليني، ولا أقولك لا تطول أبي أنام لي شوي"
جاوبته بإمتعاض" لا والله، أنا متصل فيك أبيك تشوفلي احد يفسر هالحلم ويفكني منه، وين عنك المرضى ما يسلونك"
" ابد المستشفى الليله فاضي، الظاهر أبقضي هالشفت بالنوم، الله يديم العافية على المسلمين"
قلت بضحكه " آمين ، روح نام عسى المدير يطب عليك وأنت نايم، ولا تنسى اللي وصيتك عليه"
قال بضجر " يصير خير"
أخذت تيشيرتي ولبسته وأنا طالع من الغرفة، نزلت للطابق الأرضي البيت هادي ومعتم كالعاده، توجهت للمطبخ المفتوح على الصالة بتصميم مريح ويناسبني أكثر لسهولة الوصول والإشراف على أي حاجه أطبخها لا تحترق.
دخلت كوب القهوه بحركه كسولة بالمايكروويف، وانتظرت لدقايق وأخذت كوبي معي وأنا أجلس على كرسي من الكراسي المرتفعه المحيطه بطاولة المطبخ الطويلة اللي جاية على شكل نصف دائرة.
أخذت رشفات بسيطه من كوب القهوه وتفاجأت بصوت الجرس ، من اللي جاي في هالساعه ، ماجد ومداوم أكيد توني مكلمه، لو أحد من الشباب كان اتصل ، وبعدين ايش اللي يجيبه في هالساعه.
رنين الجرس المتتالي ما ترك فرصة كبيرة للتفكير حطيت كوبي على الطاولة وتوجهت للباب الخارجي بخطوات سريعه ، لما وصلت وفتحت الباب تفاجأت بعمي طلال اللي صارلي سنين ما شفته واقف قدامي وملامحه متغيره كثير عن زمان، الشيب غزاه وترك علامات واضحه عليه .
سأل وهو ما زال غير متأكد " صهيب صحيح؟"
أكيد ما عرفني ، آخر عهدي بعمي طلال لما كنت بآخر مرحلة بالثانوية وقبل لا أدخل الجامعه في نفس السنة اللي توفى فيها أهلي بحادث أليم وكنت توني في بدء الشباب ، لكن أنا الحين واقف قدامه رجل غير الولد اللي كان يذكره.
" هلا عمي طلال ..تفضل..تفضل..إيه أنا صهيب"
بعدت عن الباب وأنا أحث عمي اللي كان صامت بشكل غريب ، حتى السلام ما سلم، ممكن سنين البعد أثرت وسببت برود في علاقتنا ..
دخل عمي وقبل لا أصك الباب من بعده تفاجأت بالكائن الأسود الصغير اللي وراه ، بعدت بسرعه عن الباب وتركتها تدخل،وتقدمت لجهة عمي، من هذي اللي معه يمكن زوجته ، بس رقم كم يا ترى ، اللي أعرفه أن عمي طلال إنسان يغير الحريم مثل تغيير السيارات من دون أي إهتمام، إنسان دنيوي من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى أنه كاره لذكر الأولاد حتى لا يتقيد بأي مسؤولية.
رحبت بعمي وأنا أوجهه للصالة ، لما استقر هو واللي معه بالكنب قمت حتى أجيب قهوه ، ماي، ما أدري من وين جايين، اذا يبوني أصلح لهم أي شي كنت محتار ..
لكن صوت عمي ما ترك لي أي فرصة قال بسرعه " لا تجيب شي ، أنا مستعجل بروح..وراي سفر"
أجل إيش جايبنك في هالوقت يا عمي قلت بخاطري !
تنحنح وقال بصوت هادي" أبي منك خدمه يا صهيب"
رغم البرود وعدم التواصل اللي بينا إلا أني جاوبته بحميه " أنت تآمر يا عمي "
قال بشكل مباشر وهو يأشر على الكائن اللي معه " هذي هند بنتي ، أبيك تخليها معك لحد ما أرجع من السفر"
لأول وهلة تخيل لي أني ما سمعت صح ، أو أني على الأقل يمكن ما فهمت كلامه ، لكني بعد ما قلت " كيف" وعاد عمي الكلام ذاته صرت أقل ما أوصف أني إنسان متفاجئ ومصدوم.
قلت بإستغراب " تبي تخلي بنتك معي أنا، هنا ببيتي"
جاوبني بصورة عادية، وكأن الموضوع طبيعي وخالي من أي موانع وتعقيدات " إيه، وأدري أنك ما راح تردني ، أنا إنسان مشغول ومو فاضي ، ما أقدر أوديها معي كل مكان "
سألت وأنا ما زلت أحس اني بحلم " وين أمها "
قال بإستغراب " أمها ؟!"ثم أردف " اهاا أم هند،، أمها بدوله ثانية "
بدولة ثانية ، طيب تآخذ بنتها معها " وليش ما تخليها مع أمها "
" أنا مطلق أم هند من سنين طويله، وهي تزوجت بعدها، لكن قبل خمس سنين جابت هند وقالت هذي بنتك انا تعبت من الإهتمام فيها "
سألت بتعجب من كلامه " وأنت قبل ما تعرف أنه لك بنت "
قال بضيق " لا ، أنا من الأساس رافض مابي أي عيال يربطوني فيهم ، لكن هذيك الغبية مدري شلون لعبت علي"
بعد كلامه هذا لان قلبي لهالمسكينة اللي تسمع هالرفض لوجودها من أبوها ، بعد ما سمعته أكيد من أمها ، إيش ذنبها يتقاذفونها كأنها شيء بلا روح ولا إحساس.
وصلني صوت عمي اللي قال بصوت صادم " والحين أنا بروح مستعجل ، مابي أتأخر"
لحظه لا يكون يبي يروح ويترك هذي هنا ، أعوذبالله من الشيطان الرجيم ، لا أنا أحل لها ولا هي تحل لي شلون هذا يفكر .
" والبنت؟"سألت بصوت عالي
قال بإستغراب " إيش فيها..خلها معك "
قلت وأنا أحس أني راح أطلع من هدوئي" كيف أخليها معي ما يجوز"
قال بلامبالاه " خلك من هالكلام بس"وتوجه ناحية الباب حتى يطلع.
" هند "
البيت اللي رحت له مع أبوي كان شكله غريب ، تصميمه مختلف من الخارج وحتى من الداخل، يجمع بين الحداثه والغرابة لكنه مودرن وجذاب ، لكن مو كثر صاحب البيت ، لو رفيقاتي هنا كان ماتوا على صاحب هالبيت شياكه وشباب وملامح ضخمه ولانجوم هوليوود أوبوليوود، لكن أنا ما عجبني شكله أحسه مخيف أكثر من كونه جذاب، لكن لو جينا للمعايير الحقيقية يبقى جذاب .أووف أنا وين والعالم وين القيت نظره عليهم ما زالوا يتكلموا بس ما يهمني كلامهم، ولا أبي أسمع أي شي، زدت على صوت مشغل الإم بي ثري وصوت الموسيقى العالي يتردد بأذني .
لما رجعت للعالم من حولي شفت أبوي واقف وواصل جنب الباب ، والغريب واقف بمنتصف الصالة ويحرك يدينه وملامحه غايمة كأنه متضايق.
وأنا إيش علي، قمت بسرعه من مكاني وتوجهت للباب لجهة أبوي مروراً بالغريب اللي مازال على وقفته السابقة.
أبوي رجع يلتفت للغريب وكلمه من هذا وثانية من هذا وأنا أراقب حركة أفواههم من دون لا أسمعهم ، يعني إيش راح يقولوا أكيد تفاهه وأمور عمل ما تنتهي.
فجأة شفت وجه أبوي يشرق أكيد تمت الصفقه بنجاح ..أخيراً راح نطلع من هالبيت اللي حسيته يضيق الصدر .
لكن الغريب وجهه أظلم بضيق ليش يا ترى، شكل الصفقة ما عاجبته وما هو راضي عنها .
فجأة شفت أبوي يرجع من عند الباب ويجلس بالكنب، الصفقة وتمت ليش ما نروح ونرجع البيت ،اووف شكل هالليلة ما راح تخلص .
جلست من جديد على الكنب وأنا خاطري أتمدد وأنام ،مجرد أمنية فقط ، ليتني بغرفتي ولوحدي الحين.
الغريب اختفى من الصالة ، لكنه رجع ظهر بعد ما لبس ثوب وشماغ وآيفونه بأذنه وهو ينزل من السلالم، وبعدها طلع.
رجعت بنظراتي لأبوي وجهه ما زال مشرق، شكلها جد هالصفقة شي ، أول مره أشوفه كذا فرحان ومرتاح.
مرت لحظات صمت طويلة ما تم خلالها أي تحاور بيني وبين أبوي، كالعاده مافي اختلاف ، لحد ما رجع الغريب وقام أبوي معه شكله ناداه ، نهضت أنا لما شفت أبوي طالع ، لكنه التفت ناحيتي وبدأ يتكلم نزعت السماعات بسرعه وسمعته يقول " خليك هنا ، ما راح أتأخر " وبعدين طلع.
مرت لحظات طويلة وممله، جالت خلالها عيوني في المكان ، مالمحت فيه اي كائن حي غيري، حسيت بالوحشه، لو أنه فيلتنا مماثله لهالبيت إلا أن حركة العمال والشغالات تخليها مختلفه عن هالبيت .
حسيت بحركه جنبي وشفت أبوي جايب كتاب وقلم وطلب مني أوقع ، على إيش أوقع لا يكون صفقة أبوي هذي تحت إدارتي وعلى شرفي أنا أو أنها أعمال بإسمي ، بس لو يبعد أبوي أصابعه حتى أقدر أقرأ اللي مكتوب وأفهم بس شكله رافض.
أخذت القلم ووقعت بإمتثال لأوامر أبوي اللي انحنى من دون لا أحس وقبلني على رأسي من فوق الغطاء وطلع بسرعه من دون لا أحس.
حسيت بأنفاسي تتقطع وتصعب وأعراض النوبة تجيني لكني حاولت أهدي نفس عادي هذا أبوي ، هذا أبوي، مو شخص غريب، وأصلاً هو راح يعني ما راح يصير شي..أخذت نفس عميق وحسيت بالإرتجاف يقل..
بعد لحظات طويله فتحت عيوني وبديت أتنفس بهدوء ، غريبة هذي أول مره أبوي يسلم علي مو بالعاده...لكن حتى انه بعيد بقلبه عني، إلا أن تواجده يحسسني بالأمان .
تحركت بخوف لما سمعت صوت باب يغلق وقفت وأنا أشوف الغريب يتقدم لجهتي ..أجل وين أبوي ...وين راح.
سألت وأنا أحس بأعراض النوبة تباغتني بصورة أكبر عن السابق " وين أبوي"
التعديل الأخير تم بواسطة تفاحة فواحة ; 29-09-13 الساعة 10:37 PM
سبب آخر: ازالة المد من العنوان
|