كاتب الموضوع :
سحر الشفق
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: وراء الأبــواب الموصــدة
رواية // وراء الأبواب الموصدة
" الجزء ((4))"
" صهيب "
انكسار الكاس شيء ما يستحق بأن يسبب نوبة رعب لأي شخص كان، لذلك لما شفت بوادر نوبة هلع في هند أرجعتها إلى خوف سابق متجمع من لحظة دخولي إلى غرفتها، وهو اللي أدى لهالنوبة، أو بإعتقادي أنه من الممكن أن يكون في سبب آخر خفي بالموضوع.
لما شفت نظراتها متجمده على منظر حطام الكاس، ومن بعدها يدها اللي ارتفعت تغطي آذانها وعيونها تغمض بشدة
حسستني كأنها تبي تبعد عن المكان روحياً، وما تبي تسمع أو تشوف اللي راح يحدث بعد ما ينكسر الكاس.
حاولت أفهم شيء من تمتماتها إلا أني ما استوعبت أي شيء منهم، مديت يدي على عضدها ووقفتها جنبي، وأخذتها للكنب وأنا أشعر فيها تمشي من دون أدنى وعي منها، مددتها بالكنب وبدأت أقرأ بصوت خفيف بعض السور والآيات المطمئنة اللي راح تبعث الأمان والإرتياح لقلبها، وتخفف من الخوف اللي فيها، لأني متيقن بأن القرآن أهم عامل لعلاج نوبات الهلع والخوف.
بعد دقائق طويلة حسيت في هند اللي بدت تصحى بين ايديني بدليل محاولتها للإبتعاد ، لكني رافض لبعدها عني، ثبتتها في موقعها وما استمعت لرجاءاتها الضعيفة ولا لجريان دموعها لأني أدري أن القران فيه شفاء ورحمه، وعلاج للأمراض الجسدية والنفسية والروحيه، وراح يهدئ من روعها .
بالوقت اللي اوصلتني فيه شهقاتها اللي تدل على استسلامها الواضح لضعفها، كأنها إنسانه تايهه وما هي عارفة إيش موقعها بالحياة، ولا عارفه كيف تتصرف وتواجه المواقف ، رق قلبي بأكمله لها ومن دون أدنى تفكير جذبتها وألصقتها بصدري ، أبيها تعرف اني جنبها وما راح أتركها ، للحظات حسيت بتجمدها ، ومن بعد دقات قلبها أصبحت في تزايد بخوف واضح، وهذا اللي ما أبيه ، ما أبيها تخاف مني لأني لا يمكن أأذيها ، أبيها تتعود على وجودي بحياتها، تقرب مني، تتكلم معي بشكل طبيعي، لكن من الواضح أنه هالقرب يبيله مشوار طويل قبل لا يتم.
ناديتها من وسط نحيبها وشهقاتها " هند "لكنها رفضت تستجيب لندآءاتي، إلا أني أصريت على سماع رد منها لحد ما وصلني رد خفيف منها ، من الممكن أن خوفها مني هو اللي خلاها ترد.
استمريت امسح بيدي على ظهرها حتى ترتاح شوي ويهدأ نبضها ..سألتها بهدوء " ليش تصيحين يا هند، أنتي خايفه مني "
بعد وقت طويل كنت راح أفقد خلاله أي أمل في أنها تجاوبني وصلني صوتها الضعيف " الكاس انكسر"
الكاس انكسر..! لا يكون تحسبني راح أتضايق من انكسار الكاس.." طيب ما صار شي يا هند، والكاس بداله ألف كاس..يفداك يا هند "
وصلتني شهقتها اللي تبشر بعودة نحيبها من جديد ..شددت عليها بأحضاني وقلت لها بصوت هادئ " وبعدين يا هند ، ما راح تقولي ليش تصيحين"
قالت من بين دموعها اللي بللت قميصي " أأأنت....ما راح تعصب ...لما...لما ..."
قلت لها بمحاولة في أخذ الحكي منها " لمن إيش "
" لما...انكسر...الكاس.."
معقول كل هالبكاء لأجل الكاس ..تفاجأت لأني ما توقعت أن توقعاتي خاطئة...قلت لها بطمئنة" أبداً..الكاس وانكسر عادي ما فيها شي، وانتي ما كنتي متعمده" ثم جات في بالي أفكار غريبة وسألتها بضربة حظ " من اللي كان يعصب عليك" حسيت بتجمدها بصدري،نوبة جديدة، رفعت وجهها بين يديني وقلت لها بهدوء " هند افتحي عيونك وشوفيني"
بعد عدت محاولات وكلام لين معها رجعت من جديد وفتحت عيونها ، والتقت عيني بعينها ، سألتها بجدية حذرة" مين اللي مخوفك يا هند"
قالت بشفاه راجفه " مدري"قلت لها بنفس الجدية " إلا تدرين، انتي تعرفي انك معي الحين، وما راح يوصل لك أحد انتي معي وبحمايتي ، فلا تخافي قولي لي يا هند مين اللي مخوفك "
من بين خوفها ودموعها وارتجافها لاحظت نبرة الإصرار اللي بكلامي وجاوبتني بضعف " عمي"
أبوي وعمي طلال وحيدين وجدي ما أنجب غيرهم ، لذلك من المستحيل أنها تقصد عمها أخو أبوها بالمعنى لكن عمها
شخص ثاني زوج أمها يمكن ، سألتها " زوج أمك "
جاوبتني بإيماءة من رأسها، هذا سبب رعبها وخوفها ، عمها مسبب لها نوبة هلع ورعب بحياتها ، إيش مسوي لها، ليته بين ايديني الحين واطلع منه حق الضعيفة المنهارة بين ايدني.
بعدتها شوي ، وأخذت يدها ونزلتها من الكنب واتجهت فيها لغرفتها ، لما وصلنا قلت لها بهدوء " هذا يكفي لليوم ارتاحي..وبكره يوم جديد..راح نتكلم فيه..الحين ارتاحي ونامي ..طيب يا هند "
جاوبتني بصوت ضعيف " طيب "
رجعت لغرفتي ورفعت آيفوني مباشرة وأجريت اتصال لجدتي، لو أن الوقت ممكن يكون متأخر شوي لكن ما أقدر أتحمل، لازم أسألها وآخذ منها معلومات عن زوجة عمي طلال أم هند اللي كان متزوجها، حتى أقدر أعرف من يكون زوجها .
" السلام عليكم"
" وعليكم السلام..هلا يمه كيف حالك..وكيف صحة جدي"
" هلا صهيب..كلنا بعافية..اشلونك انت يمه ، وينك من زمان ما شفناك"
"الحمدلله انا بخير يمه..والله مشاغل يمه..والسفر ما طرالي هالشهر، يمه عمي طلال ما مركم هالأيام"
" إلا جانا بالأيام اللي طافت مثل كل مره ، جلس شوي وراح..ما مدانا نشبع من شوفته"
"يمه ..تعرفين أن عمي طلال معه بنت "
" بنت ...طلال معه ذريه"
" إيه يمه معه بنت شابه ماهي صغيره ..من وحده من حريمه يقول ما معه خبرها إلا قريب يوم أنها جابت البنت له
وقالت اخذ بنتك "
سكتت جدتي للحظات طويلة، كأنها تبي تستوعب كلامي، ثم قالت" يالله ترحمنا ..وانت إيش يدريك يا صهيب"
" عمي زارني في بيتي يمه..وزوجني بنته "
" إيش هالعلم يا صهيب..انت تمزح "
" لا يمه ..ما امزح..البنت صارت زوجتي..وهي معي بالبيت"
" انت خبل واتبعت شور خبل..إيش يدريك أن هالبنت لعمك، وان المره ما كانت تضحك عليه يوم جابت له البنت، وبعدين من متى وانت تطيع عمك وانتوا من سنين ما تقابلتوا "
جدتي صارت مثل الإعصار من الضيق، ما تخيلت أنها ممكن تتضايق لهالدرجه من موضوع زواجي، طول عمرها لينه بالكلام معي ..وما اذكر انها زعلت مني بهالشكل..
" يا يمه اهدي شوي..لو البنت ما كانت بنته، عمي طلال أول من يتخلى عنها ويرجعها لأمها، لكن عمي طلال أكيد أنه عمل كل التحاليل وتأكد أنها بنته"
" ويوم أنها بنته ويبيها، ليه يزوجها لك "
" وأنا إيش ينقصني يمه "
" ما ناقصك شي يا امك،لكن عمك طلال ما ينوثق فيه..هو وليدي وأنا أدرى فيه "
"وأنا ماني بضعيف يمه..لا تخافي علي، إلا يمه أنتي تعرفين أحد من زوجاته "
.......
" هند "
قضيت أغلب ليلتي في البكاء وأنا متكورة في الفراش ومتغطيه حتى أقدر أخفي صوت نحيبي، وما نمت إلا لما قرب الفجر ينزل، لكني سرعان ما صحيت على قرع الباب، ما أقدر أصحى وأفتح عيوني توني نايمه، من هذا اللي يطق الباب الحين.
واصلت نومي من دون اهتمام لحد ما توقف طق الباب، تنفست براحه ورجعت أنام، لكن بعد فتره رجع الطق أشد من قبل حتى اني صحيت بإنتباه هالمره وأنا أناظر الغرفة اللي أنا فيها، يعني أحداث الأمس كانت حقيقه وما هي إحدى كوابيسي، صوت الباب قومني من سريري بإتجاه الباب فتحته على مشهد الغريب وهو متكئ على الباب والضيق باين في ملامحه إلا أنه قال " هند..انتي بخير "
إيه أنا بخير لولا طق الباب والإزعاج " إيه...بخير "جاوبته وأنا أرفع يدي لجبيني أهدئ من نفسي اللي بدت تثور بسبب لمحة الغضب اللي كاتمها الغريب إلا أني أقدر أشعر فيها، سألني بإستغراب " ليش قافله باب غرفتك"
" أأنا...أأنا كذا متعوده"
زم شفافيه ثم قال " اهمم..طيب خلاص مره ثانيه لا تقفلي الباب..ماله داعي البيت آمن وأنا جنبك ولو طلعت راح أقفل الباب الخارجي..طيب"
حركت رأسي بمواقفة بخضوع، ثم سأل من جديد " انتي صليتي الفجر "
ما تعودت أصلي، ولا عمري أحد سألني هالسؤال،لكن موضوع الصلاة يحسسني بثقل ومسؤوليه وشيء متعب
فكرت أسكته وأقول إيه حتى يروح ، لكن لو عرف أو اكتشف اني أكذب إيش راح يكون موقفه مني.
من دون لا أجيبه قال "قومي توضي وصلي الفجر" وراح..
فكرت أسوي اللي قالي عليه، وأقوم أصلي لأني أعرف طريقة الصلاة من المدرسه ، وكنت أنجبر أحياناً أصلي مع زميلاتي بالمدرسه، لكن ماهو برفيقاتي المقربات لأن أغلبهم مثلي، ما يهتمون بالصلاه وهالأمور.
بالأخير اقتنعت أني تعبانه كثير وما فيني حيل إلا للنوم ، لذلك رجعت لفراشي الدافئ وحطيت رأسي بالمخده وتغطيت ونمت.
مرت الأيام بسرعه كبيرة ، رغم أنه من المفترض أني أحس بالملل إلا أنه هذي حياتي في السابق كانت كذا، دايماً لحالي، ووحيدة في غرفتي أسمع أغاني ولا أتابع فيلم ولا نايمة ، بإستثناء أني كنت أكلم رفيقاتي وأتقابل معهم أحياناً والحين لا، كيف أرد على اتصالاتهم وأخبرهم باللي صار وأشمتهم فيني، أنا أعرف طباعهم، وأعرف أنهم راح يضحكون علي، وينشرون السالفة وممكن يضيفون فيها أحداث من عندهم ، عشان كذا ما صرت أستقبل مكالماتهم أبد من أول يوم قضيته في هالبيت.
مر أسبوع ما اتصلت فيه أمي ولا أبوي، ولا كأنه لي أهل شي ما هو غريب لكنه ما زال يجدد الألم في قلبي، الغريب أو صهيب مثل ما صرت أناديه بداخلي ، أحس أنه كل يوم جديد يصير فيه ألطف معي من سابقه، يهتم فيني ويوفرلي كل حاجه أبيها ، أصحى من كوابيسي وأنا مدفونه بأحضانه وهو يسمي علي وما يتركني إلا لما يتأكد أني صاحيه وهاديه والإرتجاف اللي يجيني بسبب الكوابيس مفارقني ، يظل معي حتى أوقف من البكاء بعدها يرجع رأسي للمخده
وهو يطمئني بصوته العميق أنه ما راح يصير لي شي وهو جنبي ، وكل شيء طيب وأرجع أكمل نومي.
الحياة هنا مع صهيب كونت بداخلي شعور غريب، أعطتني نظرة مختلفه من الحياة، صحيح أنه في كثير من الأمور ما أحبها، وأحس أنها تشكل فارق كبير بين شخصيتي أنا وصهيب، إلا أني ما أقدر أنكر بدايات للإحساس بالأمان لوجوده، رغم أنه ما يطلع إلا قليل إلا أني ما ارتاح إلا لما أحس بوجوده في غرفته أو تحت في الصاله.
صهيب محافظ على صلواته جميعها بالمسجد، ولسانه دايم الذكر لله، وصوت القرآن من التلفزيون، أو من جهازه يتردد بالبيت بشكل يومي، وهذا الشي ضد طبعي أنا.
وما أنسى اليوم اللي أخذت فيه الريموت وحطيت على قناة أفلام أجنبية متعوده أشوفها دايم واشتقت لها ، ولما رجع صهيب من الصلاة وشاف أني أتابع هالقناة أخذ الريموت وحط قناة ثانية، لما جيت أبحث عن القناة في اليوم الثاني حصلت كل القنوات اللي أبيها ممحيه من قائمة البحث.
هالأيام أحس عينه علي ومركز علي في أوقات الصلاة وهالشي مخوفني أخاف يكتشف أني ما أصلي ومن بعدها يعصب علي، لكنه ما صار وناقشني ، ببساطه تاركني لحالي.
لما خلصنا العشاء، قمت أغسل الصحون، وأنظف الطاولة بسرعه مثل كل يوم حتى أهرب لغرفتي وأكون لوحدي
لكن صهيب الليله له رأي ثاني " هند تعالي أبيك بالصاله "
سرعتي تحولت لبطئ مابي أخلص بسرعه حتى أتجنب الكلام معه، إيش يبي مني، إيش راح يقول، أكيد أنه ما مشت عليه كذبة الصلاة وعرف أني ما أصلي.
مررت فوطة التنظيف على الطاوله من جديد رغم أني متأكده من لمعتها، لكني أبي أشغل نفسي وأهدئ أعصابي
" هند وينك "
خلصت بسرعه ، وغسلت إيدي كويس ونشفتها ، أخذت نفس عميق واتجهت للصاله لما وصلت كان صهيب مشغول بالحاسب بين ايديه ، لكن لما شافني أقفل جهازه وحطه على طاولة القهوة ، وأشر على الكنب جنبه وقال بهدوء " اجلسي".
جلست جنبه ودقات قلبي في تزايد هدوءه الزائد عن الحد بعث الرعب في قلبي، رفعت عيني أبي أقرأ شي من ملامحه
لكن ولا شي، نفس البرود اللي يدل على أنه كاتم غضبه بشده، لأن ملامحه ما هي لينه ومتسامحه مثل كل يوم.
رددت في نفسي لو أستمر صهيب على هالصمت والبرود دقيقة ثانية ما راح أقدر أتمالك نفسي، متأكده أني راح أبدأ في البكاء.
" هند انتي مرتاحه هنا معي، ولا منتي مرتاحه "
جاوبت بسرعه من دون تفكير " إلا ...أأنا مرتاحه هنا "
رجع يسأل من جديد " طيب يا هند..في سبب يمنعك من الثقة فيني أو يبني حاجز بيني وبينك، وما يخليك صادقة معي"
ابتلعت ريقي وجاوبته بحركة نفي من رأسي ، لكنه قال " جاوبيني يا هند..أبي أسمع صوتك "
جاوبته بهدوء " لا..مافي سبب..أأنت طيب وكويس معي "
رفع يده لراسه وخلل أصابعه بين شعره الأسود الكثيف وقال " أجل راح تجاوبيني بصدق على سؤالي يا هند"
شبكت أصابع يديني ببعض وأنا أحس بقطرات العرق بين ايديني وقلت بإرتجاف " ايه "
حط عينه بعيني لأول مره من جلست معه وقالت بصوت جاد " أنتي تصلي ولا ما تصلي يا هند "
|