كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
أبريَـآءْ حَتــَى تَثبُتْ إدَآنَتــِهِمْ "
" البـرَآءةْ الأُولـَى "
تذكــرْ قَبلْ أن تغفُو على أيِ وِسـآدةْ
.... هَل ينـآمُ الليــلَ من ذَبحُــوآ بلآده ؟
؛
على سريرها المنفرد تُمدد جسدها بإسترخاء و أناملها الطويلة تتقن رسم الكلمات فوق لوحة مفاتيح كومبيوترها الخاص الذي تحتضنه ؛
إبتسَمتْ بخفةْ وهي تثبتْ نظرآتهآ الزيتُونيةْ على الشآشة الألكترونيةْ لتلتقطْ تلكْ الكلمآت المرسلة من أحدى الصديقآتْ العربيآت ،
اللواتي قآبعآت خلفْ شـآشآتٍ أخرى ْ ،،
" وشلُونْ الوضعْ عندكمْ بالعرآق الحين ؟؟ أن شاء الله أحسـن "
لم تتردد لـ ثآنية وآحدة في الأجآبة فـ كتبت مآ هي تعيشه من وآقع حآل بتلك الفتره ،
" لآ الحمدُ لله .. هسه إحنه بخييير .. كولش فرق عن قبل "
لـ ترد الأخرى بعد وهله " الحمد لله يآرب .. الله يدومهآ عليكم حبيبتي "
ثم تشعبت المواضيع و تعددت الاحاديث ،، وهي كانت كعادتها هادئة الى حد البرود المزعج ،، فهذه هي .. وهذه شخصيتها !
بعد وهلة قصيرة هدأت فقـط .. ولم تستطع ان تركز بكتابة حرف واحد
بل لم تستـطع حتى أن تفكر بعـد أن سمعت خطى مخيفة في سطح المنزل ،
من عسـآه أن يكُون ؟!
والدهآ نـآئمٌ في الأسفـلْ ،، وعلي في غرفته العلوية !
والشخص المستيقظ الوحيد هو مُصطفى الذي يشـآهد التلفآز في الصالة السفلية ،
إذن .. من إينْ أتـى هذا الصوت المخيفْ ؟؟
حآولت إن تقآوم رُعبهآ الخفي .. و هي تترك كومبيوترهآ الشخصي على سريرهآ و تنسـل من جلستهآ بهدوء ،
تلقآئيـآ همست بقوة " بسم الله الرحمنْ الرحيم .. الله يستر ياربْ "
إرتدت خفهآ الرمآدي و هي تتحرك خآرجة من غرفتها ،،
نيتهآ كـآنت وآحدة .. تذهب لـ توقظ آخآهآ عليّ ،
و بالفعلْ .. خطـت خطوتين نحو غرفته الآ إنها وقفت عندمآ سمعـت صوت أخيها الأصغر الذي صـعد للدور الثآني للتو .. ليقول برعُب لآهث : سمعتتتتي هذااا الصووووت ؟؟
شعـرت بـ خيط رفيييع بين تمآلك النفس و فقدآنها يبدأ بـآلإنفلآت ،
إستجمعت حروفهآ بـآلويل وهي تهمس بعد ان دارت بجسدها نحوه : إنته هم سمعته ؟؟
فتح فآهُ مذعورآ ممآ قالتُه إخته .. حآول التمآسـُك و هو يعيـد خطوآته للأسفـل .. حيث يقبع وآلده : أرووح اقعد بآبآ .. !!
صرختْ بفزع غريزي بعـد أن إستنـدت بكفآهآ على درآبزين الـسلآلم : لآ تخرررررعه مصطـفى .. على كيييفكْ وياااه
من جديد دآرت بجسـدهآ برعب بعد سمآعهآ صُوت الأكبر الذي يأتيهم زآئرآ بين فترةٍ و أُخرى .. صُوتهُ المُرعب في هذا الوقتْ .. جعلهآ أكثر خوفآ و رهبةْ : شكُووو ؟؟ شبيكم ؟؟!
فتـحت فمهآ لتـقول بـ رجفة : مـآ اعرف .. سمعت صوت بالسطح .. و مصطفى هم سمـ...!!
لـ تهرب الحروف منهآ .. بعد إن تنآهى لمسـآمعهم صُوت ابيهم الذي صـرخ من أسفـل السلآلم : عليِ بسرعه تعآل ، هذوله يمكن حرامية ديبوقون السيآرآت
قآل قُـوله هذا و هو يرتدي خفيه .. و من شـدة الصوت الذي بـدأ هذهِ المرة بـشكل عآري ،،
ركض مبتعـدآ من جديد من غير إن يرتـديهما ،، و يــدهِ تُحرك " المُسـدسْ " ليتأكدْ من إمتلآءه بالرصآصـآت القآتلة !!
فُـزعت و هي تركض خلف أخيهآ الذي نزل السلآلم بخطـى وآسعة وهو يصرخ بحدة وتعقل : ياااابه إنتــظر دقيقة .. أخااااف هوايه .. بس إنتـ...!
كُل شئ حدث في ثُوآني قليلة .. تُقســم إنها ثوآني فقـط ..
عندمآ سمعت ضرب الرصآص القآدم من الخآرج ،
لم يكن الصُوت إعتيآديــآ ،
و لمْ تكن الرصآصآت معدُودة ،،
جفلتْ وهي تتهآوى على درجآت السلـمْ بضعف وهي تصـرخْ من قلبها : بااااابااااااااااااااااااااااااااا
لـِمَ تركوهآ وحدهآ ،،
إينْ أخويهآ ؟؟!
لآ ترآهم .. لكنهآ تسمـع صُرآخ عليِ الرجولي يتدآخل مع صيآح مُصطـفى المرآهق ،
و الأثنـآن لآ ينفكآن ان يـنآديآ أبآهآ ،
لـ تفزع من جديـد على سيــل الرصآص الدآمي ، و قلبهآ لآ يعرف أيـنبض ؟ أم ينفجر من شدة رعبه ِ ؟!
وقفـت و الخوف أخذ منهآ مآ أخذ .. ثم ركضـتْ بخطُوآتِ سريعة بإتجآه المطبخ ،
عليهآ أن ترى مـآذآ هنآك ،
وقفـت برعب عند مدخلهِ وهي تنظر لأخويهآ الفزعين ْ ،
بعد ذلك .. هدأ كُل شي ،
كمـآ إبتدأ بالضبــط ،
لآ يسمعوآ دويآ أخر ،
ولآ يستطيعونْ رؤية شئ ... لتبلـغ القلوب الحنآجر ،
بعـد إن تفعلّت حآستهم الشمية أكثر من السآبقْ
ليستنشقوآ عطرْ غير عن كل عطرٍ سـآبق
عطُر تدآخلت معه روآئح البآرود و الرصآص ،
عطر جعلهآ هي و الأصغر .. يصرخُونْ بـ شدة وهم يسقطونْ أرضـآ بـلآ شعُور
نعمْ أحبتي .. إنهُ عطر الأطهآرْ
عُطر الأحيـآء الذينْ عِندَ ربِهمْ يُرزقونْ ،
عطر الشُهدآء الأبرآر ،،
هزت رأسها مستنكـرة وبشدة ما يترجمه عقلها البآطن من إستنتآج ،، نظرت لـ مصطفى الذي تكلـم برعب حقيقي : أبووووية ،، كتلووووه ... لكـــــــم كتلوووووا ابووووووووية !!
صرخت برفض قاطع وهي تقوم من مكانها مرعوبة و تتحرك بسرعة بإتجاههم : لاااء ،، لتكووول هيييجي ،،، اسسسم الله علييه ... لتخـ ـ ـآآف !!
لتـصمت وهي تشعر برجفة تعتريها بإكملها بعد سماعها صوت علي الذي بـدأ يشعر بقلبه ينقبض لا إراديـآ : مصطفى اخذ اختك و قفلوا باب غرفة عليكم ،، و دقوا على عمر خلوه من بيتهم يضرب كم طلقة بالهوا حتى اذا حرامية صدك فيخافون و ينهزمون !
مصطفـى صرخ مرعوبا وهو يقف بساقين مرتجفتين ثم يتقدم من اخيه بخطى بطيئة : لك اكلـــك ابوووية ضربوووه ،، والله ضربــووه
ليقم علي بتهدئته بضربه على صدره تعيده خطوات عديدة للوراء : كتلــك اخد اختك وولــي ،، يللا بسرعة قبل ليفوت احد هنا !!
لم يتحرك من مكانه ،، لكنها هي من كانت اكثر ثباتا منه ،، فتقدمت له بسرعة و سحبته وهي تشعر انه على وشك الجنون ، ادخلته غرفة والديها وهي توصد الباب بالمفتاح ،،
ليستوعب ما فعلت و يحاول ان يعود ادراجه حيث كان ،، الا انه تلقى من اخته كفا يعيــد له صوابه و يسكته ولو لـ ثواني قليلة
اليوم فقـط إكتشفت ان للثواني اهمية كبرى لم تعلم قيمتها مسبقا !
بحركات سريعة توجهت لـ جوال والدها قرب سريره لـ تلتقطه بـ اصابع مرتعشة وهي لا تريد ان تركز بنظرها على هذا الذي انزوى على نفسه و صوت نحيبه يقطع اوردتها و يدميها
ما باله هذا الغبي ؟!
لم استسلم للحزن بهذه السرعة ؟
الا يعلم مقدار قوة والدها ؟!
لــم اخذه تفكيره للجحيم و رضي بواقع المــوو...!!
كــــلا
لن تكن شبيهته ،، فهي دوما متماسكة ،، لن تكن كـ أخيها الغبي !!
لن تفكر هكذا !
كانت قد اتصلت على رقم " عمر " وهي تنتظر اجابته بـ رعب ،،
اطرافها تنتفض ،، و قلبها متوجس لمصيبة عظمى !
لكن لا يبدو عليها ما تشعر كما يبدو على اخيها
نسيت عداءها المستمر لهذا الذي رفـع الخط بسرعة قياسية و هو يصرخ بـصوت هادر ،، لم تسمعه منذ زمن : أبوووو علي لتقول هالصوت من بيتكم ؟؟
إرتجفت شفتاها وتقوس فمها للإسفل ،، لم تستطع التحدث ،، او حتى التفكير بماذا تريد ان تقول ،، ليصرخ من جديــد : أبووو علييي تسمعنـــي ؟؟
تدفقت الكلمات هذه المرة من فمها بسرعة ،، و لم تفكر بردة فعله : عمممممر ،، علي يقول بسرعة اضرب طلقات ،، هذوله حرااااميـ ـ ـ ـة
نعم ... حان الوقت لتستسلم وهي تسمــع صوت انفاسه التي هدأت وهو يقول بهدوءه المتعارف عليه ولكن صوته خرج مشدودا من هول الموقف : لينا ؟؟ حرامية ببيتكم ؟؟ ابووووج و علي ويييين ؟؟
لـ تفرغ رعبها و انهيارها بوجهه بصرخة من اعماقها : اكللللك اضرررب طلقااات ،، ابوووية طلع مااعرف شصاار بييه ،، و علـــي هميين برا ،؛ بس اني و مصطفــى بالغرفة !!
كان يسمع كلماتها الباكية و هو يشعر بالخوف فتت خلاياه العصبية ليمنعه حتى من فهم شئ ،،
تحرك بسرعة ليخرج " مسدسه " من مخبأه وهو يرد على تسـآؤل والدته و صراخ اخواته بـ : يوووم سكتيهم فدوه لعينج ،،
عاد للتحدث معها بحده والرعب سيطر عليه : دخلي اي غرفة و قفلي الباب عليج ولو الدنيا تنقلب لتطلعين منها زييييين !
ثم رمى جواله على اخته الصغرى التي ترتجف ذعرا و هو يقول بحده و يديه تحضر المسدس بإتقان و تمرس : احجوا وياهة و هدودهة ، لتخاف ان شاء الله ماكو شي
والدته تمسكت بذراعه بقوة وهي تهتف برعب : عمممر يووم شصاير على بيت ابو علي ؟؟
ليقف ثواني معدودة وهو يقول : طافر عليهم حراامي ،، الله يستر
خرج هو الاخر في حديقة منزلهم الصغيرة و هو يطلق الرصاصات بإحتراف في السمـآء الساكنة !!
بعــد دقائق طويلة على القلوب الخائفة و المترقبة ؛
الهدوء حل على الحي الراقي ،، لتسمع بعده اصوات انفكاك الاقفال التي توصد بها ابواب المنازل التي تعود الى اكثر الناس غنى و ترفا في بغـداد !
تحرك بإتجاه افخم منازل الفرع السكني ،، ذو التصميم الراقي الحديث ،،
عندما دخل حديقة المنزل كان قد أُلحق ببعض رجال المنطقة الذين خرجوا لإكتشاف ما حدث !
تسمرت نظراته على ذلك الجالس ارضا جنب .... هذا المطروح ..!
تقـدم بخطوات سريعة ليقف فوق رأسه و تبينت له شخصية الرجل المغطى بدمآءه ليصرخ بفزع : علــــي ؟!
رفع رأسه لتقع نظراته على رفيق دربه ،، حرك رأسه بهدوء و همس بخفة : لك كتلوووه .. كتلووووووا ابووية ... لك مووو حرااامييية ،،، ذوله متقصدييه .. لك عمــــ....!!
تهاوى بقربه و هو ينقل نظراته للجسد المطروح ارضا ،، تلقائيآ وضع يده على رأسه بعد ان سقط بجانبه سلاحه : إنـا لله و إنا اليه راجعـووون .. إنا لله و إنـآ إليه راجعون !!
علـي صرخ بصوت رجولي و الغضب ملأه : يااااااااااابة ...... واللـــــــه العظييييييم دمـــــك ميرووووح هـــــدررررر ،،، والللله العظييييييم اخذلـــ ـ ـ ـك حققققققك من الكلااااااب .. والله احرررررقهم واللـــه آآآآآآآه....!!
لينهي جملته بصرخة متألمــة ،، صرخة رجل مدمى بــدم أبيه الذي لم يُربى بكنفه !
صرخة عدم استيعاب وعدم تصديق ؛
ليشد صديقه على كتفه بقوة و هو يقول بصوت متأثر و عيناه تدمع من هول الموقف : قووول يا الله ،، علــــــي ،، قوووول يا الله ... الله يصبرك
على اثر صراخ أخيه ،، و صوت الضجة الخارجية ،، وقف من مكانه و سيول الدموع قد رسمت اخاديـد على وجهه ،،
فتح الباب الموصد بسرعة و أخته لم تعارضه او تحاول ان تمنعه ،، فـ هي ايضا تحس بخوفه من المجهول .. هي ايضا تريد ان تسابق الهواء لـ تصل لموقع الضجيج و لـ تعلم سببه !!
وصل الاصغر قبلها و عيناه تهل بالدموع ،، لكن خلاياه الدمعية توقفت عن الافراز بعد ما بدت له تلك الصورة المرعبة ،،!
علــــي ،،، وعمــر و دماءهما ،، والاهــم ....
والـ ـ ـ ـده !!!
مـ ـ ـآ هـ ـ ـذا ؟؟؟؟؟!!!!
ماذا حدث ؟!!!!
أيعقل ان تكون رؤيته صادقة و يكون هذا المدمى ابيه ؟!
كيف له ان يصـ ـ ـ ـدق ؟؟؟!!!!
صرخ مرعوبا و هو لا يكاد يسيطر على انفاسه : هـ ـ ـآي شنـ ـ ـوو ؟؟ أبـ ـ ـ ـوووووية ؟؟؟؟
لتتضح له الصورة اكثر .. و لـ تتأكد له مخيلته الغبية ،، هذا هو رجلهم الشديـــد
الدكتور صفاء الـ ....!!
ركض بخطى عثرة و هو يرتمي ارضا عنده و يصرخ بعنف و كل خلية يتكون منها جسده النحيل ترتجف على اثر صدمته : بــآآبــآآآآآآآ ؟؟؟؟؟؟ .... لـــــك بااابااااااااااا ... لك قوووووووم ،،، بااااباااااااااا !!
علي لم يحرك سـاكنا ،، تركه يصرخ و يعبر عن صدمته ،، انى لـ حاله ان يكون بعد أن رأى ما رأى ؟؟!!
إنه ابـووه ،، عليه ان يصرخ ،، و يصرررخ و يصـــرخ
عل الصراخ يهدئ من روووعه !!
بينما عمر حوّل كامل اهتمامه له .. مسك كتفه و هو يشد أزره : مصطفى حبيبي قول يا الله ،،، مصــ...!!!
صرخ مرعوبا من المنظر وهو يدفع عنه يد عمر ،، جسد والده مغطى بالدماء ؛
رأسه مثقوب بعدد هائل من الرصاصات !
يا ويلهم !
أنى لهم ان يفعلوا هذا بـ إنسان ؟!
أين هي البشرية التي يجب ان ينتمي لها كل بني ادم ؟!
ابتعـد زاحفا الى الوراء وهو يصرخ اكثر و الدموع لا تتوقف ،،و جملة واحدة تتراقص في رأسه
" كللللله مننننني ،،، أنـــــي كعدتتتته من النوووم ،، كلللله منننني "
بينما هو فـ نقل نظره الى علي ،، يريد ان يستشف ردة فعله بعد رؤية اخاه وهو بذلك الوضع ،، إلا ان علي كان صامتا جدا
مطئطئ رأسه ارضا ،، و أخيــرا
نزلت دمعه من عينه تعلن عن إنهزامه !
نعـــم ،، لقد هُزم !
لم يحظ قط برعاية ابيه ،، كان مع والدته طيلة السنوات السابقة ،، و ما الذي حصل عليه ؟!
لا شئ !
حتى هي لم تشعره بوجوده بحياتها يوما !
فقد عاشت لزوجها الاخر و اطفاله ،، و هو ... كان دوما هو !!
وحيـــدا !
و الان ،، لكي تتوسع دائرة فقده ،، فقد الأنسان الذي لطالما حلم ان يتربى في حجره ؛
هذا الإنسآن الذي امامه !!
رجـــل إستشهد بكرامته !
هنيئا له ما فاز به من جنات عدن إن شاء الله !
سمع جمل كثيرة حوله بخصوص الأتصال بالشرطة ،، والإسعاف ايضا ،، لكنه لم يتحرك من مكانه ،، حتى إنه لم يفكر بأخويه غير الأشقاء ،، لا يعلم هل تجمد احساسه ؟!
ام هو هكذا منذ الازل ،
لكن اما حان الوقت ليتغير قليلا ؟!
اليس هذا بموقف كافٍ ليجعله يتخلى عن صفاته الباردة ؟!
شعر بيد قوية تضغط على كتفه و انتبه لصوت جار والدهِ " ابو سارة " الذي قال بقوة و تماسك : قووووم ،، علـــي اوووقف و وقف اخوك ،، ابوووكم راااح شهييييد ،، اوكفوا على حيلكم و حمدوا ربكـــم ،، يللا ولــدي السباااع " ألأبطال " ..قوومووا
ياللا .. قوموا و اذكروا الله
نقل نظره للاخر القابع ارضا و كل مافيه يرتعش و صوت بكاءه يقطع نياط القلب : مصطفــــى قوووم ،، إنته مووو صغييير ،، قوووم ابني ،، يالللا صييير رجال ،، رووح شوف اختــك و بشرها ،، بشرها بشهادة ابوكم !!
ما به هذا الاحمق ؟
هل يفكر انه هكذا يسعدهم ؟!
بالنسبة لمصطفى ،، كان هذا الكلام كالوقود التي تُضخ على النار لتزيد من اشتعالها !
عليه ان يتوقف و الا حطم وجهه السمح !
هل عليهم ان يتظاهروا بالقوة ؟!
لا و الف لا ،، سيــصرخ و يبكي و يمزق قلبه الما ؛
أنى له ان يفعل العكس
لقد فقد والــده توا !!
لن يشعر احــد بما يشعر هو ،، لإنه ....... هو من قَتل ابيه !
نعم ،، هو من فعلها !
لولا إنه ايقظه بتلك الطريقة المرعبة ما كان سيستيقظ بتلك الرهبة ،، و كان سيفكر قليلا قبل الهروع مسرعا الى الخارج !!
عيناه انتقلتا الى قدمي والده العزيز ،، إن قدميه حافيتان !
يا الهي ،، الهمهم الصبر فقــط
لكن الكثير منه ،، فإنهم قد فقدوا الحياة للتوو !!
منذ ان ذكرهم هذا الرجل بـ إختهما و هو عيناه انتقلت مباشرة الى شباك غرفتها العلوي ؛
و كيف له ان ينسى موقعه ؟!
و لكنه لم يرَ شيئا ،، نقل نظراته لـ علي الذي يبدو انه ابتدأ بتمالك نفسه وهو يقف ببطئ و يمسح كفيه بـ قميصه و عيناه تذرفان بالدموع الصامته !!
وجهه المتضرج بالأحمرار يدعو للخوف !
علي .. الله وحده العالم عما يدور في خلده هذه الساعة ، لكن مهما كان يدور ، عليه ان لا ينساها
عليه ان لا ينسـى لينــا
تقدم منه بسرعة ليهمس بأذنه بشده وهو يشعر بالقلق يسيطر على كيانه الغبي : علي اختك ،، وينها ؟!
رمقه بنظرة باردة رغم تخثر الدماء في مقلتيه ثم نظر لداخل المنزل ،، وجدهـا ،، واقفة كالصنم !
لا تفعل شيئا سوى النظر للأسفل !
مهما كان قلبه حجر ،، كان لا بد ان ينكسر للوضع الذي امسوا فيه !
هذان المدللان ،، كيف سيتقبلا الصدمة ؟!
تنهد و هو يمسح وجهه غير ابه ببقايا الدم الطاهر الذي رسم خطوطه على وجهه : جيب امك وخواتك يمها ،، شوفها حتتخبل !
ليتركه واقفا مكانه و هو يتحرك بإتجاه اخيه الاصغر ،، مد يده الكبيرة و مسكه من ذراعه و هو يوقفه بقسوة ،، خرج صوته خافتا متحشرجا : لتبـــجي ،، كااااافي .. تسمعني ؟!
ليهز جسده النحيل قليلا يطالبه بالصمود رافعا طبقاته الصوتية : مصطفـــى تسسسسمع ؟! صيييير رجااااال و اثبت ،، و روح لأختك بسرعه قبل ليصير بيها شي ،، بســـرعة !!
صرخ رافضا الحراك ... إنه لا يقوى على شئ بالوقت الحالي ،، فـ كيف بإمتصاص صدمة شقيقته ؟!
بالتأكيــد إنها اصعب مهمة قد تقابله في حيآته !!
بينما هذاك فـ لم يستطع الاستمرار بالصمت وهو يلمحها تتقدم بخطى مفجوعة و وجهها شاحب و كأنه خالي من الدماء
لن يستمر بالوقوف مكتف اليديـن ،،
بدون ادنى شعور منه وجد نفسه يتقدم لها ليسد عليها طريق الخروج
هي لم تكن ترى امامها ،
لا تــرى سوى سيل جارف من الدماء في ارضية موقف السيارات ؛
هي ليست بغبية !
هذه الفوضى وهذا الصراخ و النحيب لا يعني الا شيئا واحدا !
و لكنها تأبى ان تصدق ،،
ما زالت لا تستطيع التصــديق !!
عقلها كان يجول في منحني اخر ،، منحني جعلها تكاد تضرب بهذا الجســد العريض الذي امامها !!
وقفت لـ أجزاء من الثانية تستعيد فيها انفاسها لـ ترفع مقلتيها بإتجاهه ؛
فتحت فمها لـ تقل بصوت متوسل ذليل : هذآ دَمممممم بـ ـ ـا بـ ـ ـاا؟؟!!!
هذه النظرة ،، هي ما كان يخشاها ،،
ولكن مهما حدث ،، و مهما تعاطف مع وضعها عليه أن لا ينسى من هي هذهِ الأنثى التي امامه !
هذهِ الفتآة ،، يا ويلها .!
كيف لها ان تغرس سكينة بقلبه ثُم تجعله يشفع لها كل شئ .. و لا يتمنى بهذه اللحظة سوى الصبر لـ قلبها الصغير ؟!
نظرة واحدة منهآ كانت كافية ليعود صوته هادئـآ .. يغزوه القلق : انتي طول عمرج قوية لينا ،، قولي يا الله .. قولي انا لله و انا اليه راجعـ ـ ـ ...!!!
إنصدم بردة فعلها العنيفة وهي تنقض عليه بقوة الجمته : لتكـــــذب ،، أبوووية ماااابيييه ششششييييي ،، انتتتتته كذاااااب ...طووول عمررك كذااااب
بدأت بضربه بقبضات عصبية و هي تجاهد من اجل التنفس الطبيعي ؛
اجهشت بالبكاء بطريقة مفزعة وهي تحاول ان تبعده عن طريقها لـ تخرج ،، تريد ان تراه ،، عليها ان تتأكد بنفسها
لن تصدق احد غير عينيها !!
أمسك ذراعيهآ بقُوة و هو يحآول ان يهدئ من ثورتها : كااافي ليييييين .. اششششش اهدي و قوولي ياا الله . ليناااااا اسمعيييييني .. اسكتتتتي !!
لم تسكت .. و لم تهدأ ،
بالعكس ثآرت اكثر و أصبح التنفس يضيق بشكل اكبر عندها ،،
جسدهآ إرتجف بين ذرآعيه و بدأ نحيبهآ يعلوو وهي تنآدي وآلدهآ بضعف قآتل ،
تمنـى من كل قلبه أن يحتويها بقفصهِ الصدري ،
فقـط ليهدئها .. و بعدهآ يتركهآ من جديد .. فـ هي ، لآ تريده ، لآ الآن و لآ في وقتٍ أخر !
لكنهآ في هذهِ اللحظة تحتآج أي شخصِ .. أي شخص !
و يحمـدُ ربهِ أنه هُو من كآن متوآجد ،
في الجهة الاخرى عندما رأى مواجهة اخته و صديقه ، ترك الرجال و هو يتوجه ناحيتهم مباشرة ،،
ثبت كفه على كتف صديقه وهو يهتف بخشونه : عمر شوية !!
ليتنحى عن طريقه قليلا تارك المجال له كي يدخل المطبخ وهو يحرر ذراع هذهِ التي تنتحب ،، لكنه لم يبتعد و لم يتحرك !
هو على دراية ممتازة بشخصية علي ،، و هو متأكد من انه لن يكن لها الصدر الحنون الذي يحتضن رعبها و يهدئ من هول مصيبتها !!
فهذا الرجل الفولاذي قد تربى بـ شدة اعتادها ،، و اصبح للقسوة شقيقا !!
و كان توقعه بمحله ،، إذ انه لم يفعل شئ سوى انه ربت على كتفها وهو يقول بعمق و صوته اخشن من المعتاد : ما اريــد صيــآح و عيااااط ،، لتفضحينااا ،، أفرحي بيه صار شهيييد ،، إنتي مو مثل اخوج .. لازم تقويين تسمعين ؟ لازم تصيرين اقوى و تتحملين الصدمة
الـ عمر كان الطرف الصامت ،، فهي لم تتوقف عن البكاء بعد رؤية الدم المُلطخْ وجه أخيهآ و ثيآبه ،، و الاخر لم يتوقف عن الكلام اللاذع اذ قال مكملا ما بداه : بسرررعة روحي لبسي لج شي فق هدومج ،، هسة يجوج نسوان المنطقة و لازم تصيرين ام البيت ،، لازم تاخذين عزة ابوج !!
إنهارت من قسوة الكلمات لتتهاوى ارضا بخنوع ،، لا يمكنها تصديق ما حدث ،،
تقســم بإنه حدث يستحق لقب سيناريو سينمائي بحت !
رفعها بقوة و سمـع صرخة عمر من خلفه : علي أحضنهاااا .. البنييية حتمووت !!
شعر بإنه غبي فعلي ،
فـ كيف لم يفكر بحآجتهآ له ؟!
إنهـآ مكسووره !
قلبها الصغير متحطم الآن !!
حضنها لـ صدره و بدأ يمسح على شعرهآ بهدوء شآعرآ بقلبه يخفق بعنف بين أضلآعه : حبيبتي كآفي .. اششش .. سكتي لييين .. إسكتي ،،
تشبثت به بكآمل قوتها و بدأ صوتها يرتفع اكثر فأكثر ،
حتى الآن .. هي غير مستوعبة كليآ لمآ حدث !
هل بالفعل قد فقدت وآلدهآ ؟!
حبيبها الوحيد ؟!
إنـــه كُل شئ ،
لطآلمآ كـآن كُل شِــئ في حيآتها !
عُمر تركهم و تحرك خآرجآ ،
نحو الأخر الذي يشعر بالألم يفتت كل ذره بجسده ،
جلس على ركبة وآحده جنبه على الأرض وهو يهمس بخفوت : حبيبي مصطفى قووم و صير رجآل .. أعرف هالحجي قالوه هوايه .. بس والله اني حاس بيك .. عشت الي دتعيشه .. وشوووفني هسه ؟؟ قوووم .. قوووم وقوول انا لله و إنا اليه رآجعون . .ياللا قوووم .. لتخلي رياجيل المنطقة يشيلون ابوك .. إنته و أخوك شيلوه ياللا !
وقف بإرهآق و هو يشهق بين الفينة و الأخرى ،
إتكـأ على كتف عمر قليلا وهو يترنح ،
نقل نظرآته التآئهة نحو وآلدهِ باللحظةِ التي خرج علي من المطبخ من جديد و وجهه مسُود ،
قـآل بحدة بعد ان إنتبه لرجآل الشرطة الذين دخلوآ المنزل توآ يقتربون من وآلده بحركآت سريعة : مصطـفى .. عمممر ، تعالوووا وياايه .. !
و إقترب قبلهم نحو وآلدهِ .. وهو يرد بجمود على أسئلة المحقق الذي صُدم من منظر " دكتور صفآء "
الرجل المتوآضع المشهور بأخلاقه العالية التي جعلته رجلا جديرا بإحترام الناس و حبهم !
في هذا الوقت دخلت بعض نساء المنطقة ،، تتقدمهم ام عمر الى المنزل ،، و بـدأ النحيب الحريمي يعلو و يسيطر على الجو ،
لا احد يستطيع تقبل صدمة كهذه ببسـآطة ،، حتى و ان كان بعيدا عن الموضوع !!
ام عمـر هرعت مسرعة نحو المطبخ وهي تصرخ بحشرجة واضحة و دموعها تملأ وجهها السمح : ليييييناااا ،، يوووم ليييناا وييينــج ..؟!
كانت متبوعه ببعض النساء اللواتي لا يستطعن كبح صراخهن و كلامهن الـذي يقطع نيـآط القلب بسكاكين عميآء !!
وجدتها .. لكنها صرخت مرعوبة و هي تدخل غرفة ' دكتور صفاء ' و تتقرب من لينـا المطروحه على ارضية الغرفة ؛
حاولت ان توقظها و هي تصرخ بها بفزع من جهة ،، و بالنسـآء من جهة اخرى ليساعدنها على ايقاظها او احضار الماء !
احضرت احداهن الماء بخطى مسرعة و تولت ام عمر مهمة رش وجه هذه المغمية بالميـآه مع ضربها بـخفة على خديها المتورمين
بدأت تستجيب بضعف للأصوات المتداخلة التي تناديها و ترثي حالها و حال ابيها و اخوتها !!
سمعت صرخة من هذه التي تحتضنها وهي تنهيهم عن الكلام و تأمر ابنتها الكبيرة بترتيب المنزل قليلا و جلب اي " عباءة أو حتى حجاب " للينـآ ، لإنه من المحتم ان المنزل سيمتلأ بالناس بعد قليل و على لينا ان تتقبل الوضع و تجهز نفسها لإستقبالهم !!
بتعب ارهقها ابتعدت عنها قليلا و هي تشعر بالدموع تختلط مع بقايا قطرات الماء التي على وجهها ،، همسـت بخفوت مع غصة اشعرتها بالإختناق : خـ ـآلـ ـ ـة .. بـ ـ ـآبـ ـ ـآآآآ مـ ـ ـ...!!!
لم تستطع ان تكمل ،، انهارت على الارض من جديد وهي تصرخ من اعماقها الممزقة ،، يالهذه الليلة التي قلبت موازين حياتهم !
الألـم مزق احشاءها و هي تسمع تمتمات النسـآء التي تكره و بشدة الاختلاط بهن !
هؤلاء البشـر ،، ويل لهم من عذاب يوم عظيم !
فـ برغم قسوة الحال و جبروت الموت ،، و رعب الموقف .. تجد البعض لا يشعر بشئ ،
و الاسـوء لا يفعل شئ سوى التجريح ،،
الجم لسانها و هدأ من صوت نحيبها القول الذي تردد كثيرا على مسامعها هذه الدقائق " ليييييش خليتوووه يطلع ؟! "
و كأن الامر بيدهم ؟
الا يفهم هؤلاء انه لو بقي في فراشه ، بل لو اختبئ في بروج مشيدة لوصل له الموت ؟!
كيف لهم ان يعترضوا على قدر الله تعالى هكذا ؟!
و من هم ليقولوا هذا ؟؟
الا يفهموا انهم هم اولاده ؟!
و هم من يشعرون بالتحطم هذه اللحظة ؟!
هم وهم فقــط .. و على الجميــع ان يصمــــت ...!!
.
.
.
لقد مرت ثلاثة ايـآم على إستشهاد الدكتور صفاء .. وحتى الآن لم يمتص اي من اولاده صدمته ،،
بالأخص مصطفى .. ربما صغر سنه جعله الأكثر تأثرا و الما ،، و زاد الامر قربه من ابيه !
ابيه ..!!
كم تمنى كبيرهم ان يقول له يوما كم هو فخور لكونه والــده ؛
لكنه كعادته الدائمة .. منزويآ ،، و مبتعدا !
و لن يستطع التعبير عن شئ بعد الآن ،، فـ كل شئ اصبح ضده ،، و اصبح هو بالنسبة لهم الأخ الكبير الذي يتحتم عليه ان يمسك زمام الأمور و يسيطر على الوضع المتأزم ؛
يا الهي .. كم يكره مجاملات الاهل البعيدين القريبين !!
فـ يجلس اعمامه بالقرب منه ،، كلهم يملؤن المجلس بحضورهم الطاغي ،، لكن كل ما يفعلونه مجرد مظاهر خادعة امام الحاضرين !
فـ بعد إنتهاء كل شي ،، كل منهم سيـذهب بعائلته لمنزله و يتركهم من غير سؤال حتى ،، لحين إجتماع اخر امام الناس من جديد !
إنه لا يسـئ الظن ابـدا .. فهو يعلم جيـدا اي الاقرباء اقرباءه ،، فـ بعائلتهم الكريمة يطبق مثل ' الأقارب عقارب '
التفت بخفة نحو هذا القادم بإتجاهه ،، لم يقف ولم يغير من وضعه و الأخر امال بجسده قليلا نحوه و مسك ذراعه ليوقفه بقوة : علــــي ،، صار ساعة ادق على موبايلك ،، فوت جوه امي تقول اختك كولش موزينة ،، فوت شوية خليها تاكل لقمة رح تموت كل شوية متخربطة " فاقدة الوعي " !
بدأ حاجبيه بالاقتراب من بعضهما ليقول بحدة وهو ينقل نظره ليـد صديقه : عممممر ايدك
ثم تمتم بأسى بعد ان ابتعد عمر خطوة عنه محررا يده : أستغفر الله العظيم ،، هسة هاي شسوي وياهه ..؟ .. رح يخبلوني هيه و اخوها ،، هسة هية بنية بس مصطفى الغبـ...!!
قاطعه بصوت شديد : علـــي يمعووود قول يا الله ،، شلون تريدهم يصيرون طبيعيين ، لك شافوا ابوهم غارق بدمه ،، اصبر عليهم خطية ماعدهم غيرك !!
تمتـم بحدة من جديـد : و الله مو متحممممل رووحي ،، بس لو تخلص الفاتحة " العزاء " و انفضها " ننتهي من الموضوع " ،، على الاقل اعرف شسوي !!
سكت قليلا ثم اكمل : عمر قول لأمك خلي تحاول وياهه ،، اني مااقدر افوت هسة ،، خلي الرياجيل يروحون اول شي !!
تغضن جبينه بإنزعاج وهو يبتعد من جديد .. !
تبــــآآآآآ ..!!
لم لا يستطع النوم منذ 3 ليالي ؟!
لماذا لا يريد ان يرتاح وهو يعلم بحالها ؟!
الى متى سيستمر بآلإهتمام بإنسـآنة رفضته و لم تزل ان تبين رفضها لوجوده ؟!
متـى سيحرر نفسه من هذا القيد الذي يخنق عنقه ،، و يمنع عنه التنفس حتى !
فـ هذا اخوها امامه .. قد عاد لمكانه و لم يهتم لأمرها كثيرا ،، فـ لم يكون هو المتألم الاكبر لوضعها ؟!
الفتاة المدللة امســت مكسورة القلب منذ تلك الليلـة ،، وهو لا ينفك ان يتمنى الصبر والسوان لخافقها الذي ادماه من قبل !
هه ، بالطبع ستدميه ،، فهي ،، صيدلانية المستقبل ، و ابنة احد اغنى الاغنياء في المنطقة ،، كيف ترضى بـ إبن المستأجرين الذي يشتغل لإعانة والدته و اخواته الثلاث بعد انترم دراسته ؟!
و الفرق الاكبر بينهما كما وصل له من قبل اخته ،، كل منهم من طائفة ،، هه الغبية !
ان كانت تظن انه سيصدق عذرها الواهي هذا فـ ستكن بالفعل غبية ؛ فلا ابوها او اخوها يهتمون لمثل هذه الامور او يفكرون بها ، حتى بعد المشاكل العنيفة التي اندلعت في البلــد !
لكن ليس باليد حيلة ،، هو يعلم ماتريده ان يفعل ،، تريد إبتعاده ،، وهو لها
فـ لن يفعل سوى الإبتعاد !
لكنها الآن تحتاجـ.ـ.ـ!
لا ... إنها لا تحتاج اليه ،، لا الآن ولا في اي وقت اخر .. بل هو من يحتاج ان يطمأن قلبه الأحمق ؛
لكنه لم يفعل .. و لن يفعل .. فـ لن تستطع اي انثى ان تهزم كبرياءه ؛
حتى و إن كانت هي ، محبوبة القلب !
الخطأ الأكبر كان من اخيها ،، صديق عمره الذي عرضها عليه من غير ان يأبه لرأيهـآ .. فهذا دوما علي ،، و هذه تصرفاته !
يعتقد انه الجميع لعبة بين يديه ،، و الآن بالفعل سيتحقق اعتقاده ،، فـأصبح لديه لعبتين ،، هي .. و مصطفى ،، كان الله بعونهما !!
.
.
.
افرغت غضبها بهذه التي تقول انها أسفة لحالها كل الاسف لكنها مجبرة ان تأكل لإنها تحتاج الى الطاقة لمواصلة العيش ،،
إن كانت بالفعل اسفة عليها أن تصمــت !
فهي لن تشعر احدا بالشفقة على حالها ،، هي قوية ، و صامدة و عليهم ان يفهموا هذا الأمر جيدا
لكنها لن تأكل شيئا ،، و هذا الامر يعود اليها ،، فلن تضرهم بشئ وهي تصوم الطعام و الشراب !
سمعـت صوت رافقها كثيرا هذه الايام : حبيبتي ليــن خلص لتاكلين ،، بس قوومي غسلي وجهج و توضي و تعالي نقره قرآن اني وياج ،، مو أحسن من هالبجي ؟!
ابتلعت ريقها بخفة ،، استقامت في وقفتها ببطئ و كانت على وشك السقوط لولا انها أمسكت بيد هذه المرأة الحنون الغير دارية عما فعلته هي بـ إبنها !
فلا احد يعلم غير اخاها و اخته !
ساعدتها ام عمر لكي تتحرك مغادرة المجلس النسائي المزدحم بالعديد من نساء الحي و نسـآء الاقارب اللاتي لا ينفكن عن النحيب و اللطم على الوجوه و كأن هذا الأمر سيعيده حيا يرزق
او كأنه اقرب لهم من اهله !
يال المظاهر !
نقلت نظراتها بتعب في المنزل الكبير وهي تشعر بالأسى حياله ، كل شئ مقلوب رأسا على عقب ،
لا شئ في مكانه .. و لا تعلم بالضبط كيف سيعود كل شئ كما كان ،، هذا إن عاد !
تقدمت بإتجاهها اخته ،، ملك ،، التي تنظر لها بشئ من الشفقة متناسية كل الخلافات بينهما ،
مدت يدها بالهاتف المحمول نحو والدتها وهي تقول بهدوء : ماما ،، عمر يريدج ؛
خطفت نظرة سريعة للهاتف الذي اصبح الآن بيد والدته ،، السيدة الطيبة ،، و سمعتها وهي تطلب من إبنتها ان تسـآعدها في الذهاب الى الحمام !
بانت نظرة الاستياء بعيني ملك ،، ثم اخفتها بسرعة رهيبة ،،
لكنها لم تفت لينـآ التي تحركت بمفردها قائلة بحدة مبالغ فيها : ما احتــآج مساعدة !
كانت على يقين بإنها كاذبة ؛
فـ هي لا تستطيع الوقوف بسبب قلة التغذية ،، بل لا تستطع التركيز بما حولها ؛
و هذا ما جعلها تثبت لـ ثواني في مكانها و هي تمد بيدها ناحية الجدار لتستند عليه لكنها لم تستطع ان تصله ،،
فإنزلقت يدها بسرعة و سقـطت ارضا من غير ان تشعر بأي شئ أخـر حولها ،، حتى الأصوات إختفت .. لا تحس بأي شئ !
يا الهي ،، أهكذا يكون الموت ؟!
انها تشعر بالبرودة ،، نعم اطرافها بـآردة ،، و جسدها خفيف
ماهذا ؟!
تشعر بشئ من السكينة التي فارقتها منذ ايآم ؛
ياله من شعور رائع !
لحظة ،، ماهذا الذي على وجهها ،، هل هو ماء ام دموع ؟!
انه بارد جدا !
بارد لدرجة جعلتها تنتفض و هي تفتح عينيها من جديد .. بدأ شعور الاحتراق يسيطر على مقلتيها بسبب قطرات الماء التي دخلت فيهما ؛
اغلقتها من جديد وهي تكشر بملامح وجهها بتيه ،، وصل مسامعها اصوات الجميع حولها تتداخل فيما بينها و شعرت بأكثر من زوجين من الأيادي تحاول رفعها عن الارض !
ها نحن ذا .. اذن هي حتى الآن على قيد الحياة
ما دامت تشعر بكل شي فـ هي لم تمت بعد ،، لم تذهب الى حيث يوجد والداها الأعزاء !
هي ليست بذلك الثقل ،، اذن لم لا يستطعن حملها ؟!
هل باتت سمينة الى هذه الدرجة ؟!
أم انهن لا يمتلكن القوة الكافية لحمل فتاة لا تستطع مساعدة نفسها قليلا ؛
لحظة .. ما هذا !
كيف رفعت فجأة بهذه الخفة ،، إذن لقد استمدوا القوة و نجحوا في حملها !
لا .. يبدو ان من حملها هو شخص واحد .. و كبيـر !!
فما تشعر به هو ذراعان قوية احداهما تحت ركبتيها و الاخرى خلف ظهرها !
تجمـد الشعور عندها و كانت على وشك الاغماء مرة اخرة عندما سمعت صوته الرجولي و هو يصرخ بإخته الصغرى : ميييس بســرعة فتحيلي باب الغرفة !!
اصابتها رعشة مستميتة وهي تقلص جسدها على قدر المستطاع ،، كيف أتى ؟!
ومن سمح له بالتجاوز لهذه الدرجة ؟!
من سمح له بحملها ؟!
الحقييييير ،، استغل الموقف !
فجأة شعرت بجسدها يهدأ على مفرش ناعم ،، تداخلت الاصوات من جديد و هي استسلمت لنفس اليدين التي بدأت هذه المرة تعديل وضعيتها على السرير
شعرت بـ قوة كهربائية تسري في شرايينها إثر ما سمعته من كلام حولها " خلـــص عمر يوم هاهية اطلع ،، هسة بلكت " عسى " نقعدها و ننطيها شوية مي و شكر " سكر "
عمـــر ؟!
بالتأكيـد إنه عمر ،، لكنها لم ترد ان تصدق ما تفكر به ،، وهاهي الآن عليها ان تتعايش مع الوضع ؛
وصل سمعها صوته البآرد وهو يقول بشدة : طبعا رح تتخربط اذا صارلها 3 ايام كلشي مماكله ولا شاربه ،، حتى علي هم احسن على الاقل حط له لقمه بحلكه " فمه "
لتقل والدته من جديد و لم يخفى عنها اوردة ولدها التي برزت في عنقه المتضرج بالإحمرار : كافي يوم لتصير عصبي ولتلومها ،، شتريدها تسوي ؟ اخوها و كتلوه قدام عينها شلون تريدها تاكل ، ياللا اطلـ ـ ـ...!
قاطعها بنفس الحدة و هو يتحرك بغرفة والدها نحو الثلاجة الصغيرة و كأنه على ثقة بإنه سيجد ظالته هنا : هسة " الآن " انطيها مغذي و اطلع !
والدته استنكرت وهي تنقل نظراتها لهذه الممدة على السرير بجانبها احدى عماتها التي قالت برفض : وانت تعرف تحط لها مغذي ؟ .. روح صيح " نادي " أبو عمار جوارينكم هوه مضمد " معاون طبيب " و يعرف !
زفر بغضب و قال من غير ان ينقل نظراته لها .. كان مشغول بتحضير المغذي : اني دارس 4 سنين طب و اعرف شدا اسوي !!
تغضن جبين العمة بإنزعاج حقيقي و تمتمت بكلام غير مسموع سوى لتلك الممدة بالقرب منها والتي مازالت جملته ترن في عقلها !
اذن حتى الان يهتم لإمرها هذا الـ " عمر " ..!
حتى انه يتابع ادق اخبارها ،، كم تكرهه .. !
ولـكن لحظة ...
ماذا تقصد والدته بقولها " اخوها " ،، يا الهي .. رحمتك ،، هل ذاكرتها تخبرها الحقيقة ام ماذا..؟!
بحركات سريعة استطاع عمر تحضير كل شئ بتمرس و مهارة بسيطة ،،
كان يشعر بقلبه يكاد ان ينفجر من شدة التوتر و الرعب عليها !
لم ينفك ان يقلق بعد ان سمع صرخة والدته في الهاتف مستنجدة به بعد ان رأتها تسقط امامها بكل ارهاق !
و بإعتباره اقرب صـديق لعلي ،، و اخ كبير لمصطفى " المرحوم " فكان معتادا على الدخول لهذا المنزل سابقا
فلم يجد صعوبة في الولوج مباشرة الى حديقة المنزل ثم الى المطبخ بعد ان صرخ لإعطاء النساء فرصة لفتح طريق لمروره !
نعم لقد اخفق !
كل مرة يقول إنه لن يبين لها ما يشعر ،، و هاهو الآن يشتعل نارا خوفا من فقدانها ،
لم يرها منذ الليلة المشؤمة .. ليلة إستشهاد والدها ،، و قد صدم الآن من مظهرها الذابل و هي مستلقية على الارض بلا حراك و والدته و امرأة اخرى تحاولان حملها !
عندما تقدم افسحتا له المجال حتى يبدأ بعمله المتوجب عليه ؛
لا يعلم مالذي عليه ان يفعل !
إنه مشوش .. مشوش جدا !
اكمل تحضيره للمغدي تساعده بذلك ميس التي تشعر بقلبها يكاد ينزلق من بين ظلوعها من هول الموقف ؛
صوت النساء و توافدهم الى الغرفة و انواع الصراخ و النحيب قد ذكرها بموقف لا ينسى ،، منذ سنين ثلاثة .. عندما فقدوا والدهم على يد القوات الأمريكية ،
هذه الامور اصبحت ملازمة لكل عائلة عراقية ،، فلم يسلم منها غني او فقير !
عمة لينا رفعت كم قميص ابنة اخيها المرحوم و مسكت ذراعها بقوة خفيفة تسمح لـ عمر ان يزرقها بالإبرة اولا ؛
الا انه قال بشئ من التوتر لم يلحظه احد : بله زحمة عليج ايـدج شوية !
إبعدت يدها و استقامت واقفه لتسمح له بالعمل الحر وهي غير راضية بتاتا عن الوضع ،، هذه العائلة تتصرف و كأن المنزل لهم ،، و كأنهم من باقي افراد العائلة !
و المشكلة الاكبر هو تعلق لينا الشبه خفي بـ والدة هذا المغرور ،، فهذا ما اتاح لهم فرصة السيطرة اكثر !
عندما ابتعدت تلك المرأة اخذ مكانها وهو يجلس بهدوء ،، اعطى الابرة لأخته و رفع ذراع لينـآ و احس برجفتها السريعة ،، اذن هي واعية لما يحدث ،، تبا .. سيواجه مشكلة حقيقية لو كانت حتى الآن تخاف زرق الابر !
بإهتمام ربط الشريط حول زندها ليضغط عليه مانعا تدفق الدم لذراعها و مبينا لـ اوردتها بشكل اوضح !
اخذ الابرة من يد اخته و انتبه لحركتها السريعة وهي تفتح عينيها و تحاول ان تسحب ذراعها منه بخوف واضح و وجهها يحمل كل معاني الالم والارهاق : وخـ ـ ـر .. مـ ـآ أريـ ـ ـد
نعم هذه لينا التي يعرف ،
عنيدة متكبرة ،، باردة واحيانا عصبية ..!
لكنها رغم كل شئ طفلة قلبه التي يعشق كل التفاصيل الخاصة بها
كره نفسه لإنه استنتج ردة فعلها مسبقا .. متى سينسى الامور المتعلقة بهذه الطفلة الانثى ؟!
أحكم قبضته على ذراعها و قال بصوت اكثر برودة عن ذي قبل : إششش .. متوجع ولا شي ،، بطلي سوالف الزعاطيط " الاطفال "
نمى الحقد في قلبها اكثر و لكنها ترجمته بدموع متألمه وهي تهمس بحدة و كره .. و لم تقف محاولاتها عن ابعاد يده : قلت ماااريييد وخـ ـ ـ!!
اسكتها بنظرة واحدة وهو يهمس بدون إهتمام : وراية شغل خليني اخلص و اروح يللا فضيني !
صدمتها جعلتها تهدئ و تستكين !
اغمضت عينيها بقوة وبانت التجاعيد فوق جفنيها الاحمرين ، كيف يتجرأ و يكلمها بهذه الطريقة ؟!
تبـآ له من رجــل ،، تبــآ له !!
تأوهت بدون شعور و مدت يدها الاخرى لتمسك بيده في محاولة فاشلة لإيقافه ؛
تسمرت نظراته لأجزاء من الثانية عليها ثم سيطر على نفسه و ابعد نظراته وهو يقول لإخته التي لم تبتعد عنهما و سمعت كل الحوار : وخري ايدها خليني اشتغل !
ميس نفذت ما طلب و لينا استسلمت لها بإرهاق من جديد ،، عندما اكمل عمله و قبل ان يقوم من على السرير قال لإخته بهدوء وهو يلاحظ الدموع التي ترسم خطوط متموجة على وجنات حبيبته المكسورة : هاهية ميس عوفيها !
كم تمنى لو ان بإمكانه الطبطبة عليها و مواساتها ،
ليته فقط يمسح هذه اللآلئ التي تحرق قلبه بنار تسعر !
لكنها هي من رفضت قربه ،، فهو اذن عليه ان يرفض حتى التفكير بتهوين مصائبها .. فـ لتفعل ما تشاء و لتصبر كما تشاء و لتواسي نفسها بنفسها !
كان على وشك الوقوف عندما سمع همستها الحارة وهي مغمضة عينيها حتى الآن ،، و خنقه صوتها المرتجف و كلمتها التي اصابته بالصميم : أكـرررهك !
هدأ صوته اكثر من المعتاد وهو يقف قائلا لـ والدته و كإنه لم يسمع شيئا وهو يفتح الرباط الذي حول زندها : يوم ساعة و نص و اجي اوخره !!
امه اقتربت منه وهي تنقل نظرها لتلك الباكية : صار ماما ،، عود اخلي اختك تخابرك " تتصل بك " تذكرك !
بانت نظرة سخرة عنيفة في عينيه النرجسيتين ،
و هل يحتاج الى من يذكره بشأنها ؟!
هذه الحبيبة العنيدة .. هه و كأنه ينقصه امرا اخر لتهديه هذه الكلمة !!
تبا لها و لقلبه و تبـآ لـ علي الذي لولاه ماكان ليعرفها !
بل تبا لبيتهم الذي يستأجرونه من والدها ،، فهو السبب الأول بقربه منها !
لكنها الآن قد اسدت له معروفا كبيرا ،، فـ من غير ان تدري ، أعطته الدافع الأكبر لينهيها من قلبه !
و لـ ترى وجهه الحقيقي .. من الآن ولاحقا
سينهي ليــن منه ولن تشغله هذه الفتاة من جديد حتى لو كان الإنشغال بينه و بين نفسه !
لن تهمه بعــد الآن !
ولن يحزن على فقدانها لـ والدها و اخيهآ في أقل من ستة أشهر و بأقسى الطرق !!
ليس بعد ما تفوهت به
.
.
.
[COLOR="rgb(112, 128, 144)"]
نهَـآيةْ البرآءة الأولَـى
حِــلمْ
[/COLOR]
|