كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
بسمْ آلله
/
صلآتَكمْ أولآ أحبتيِ
/
آلبرآءة آلخآمِسَة عَشَــرْ
إني خيرتُكِ فاختاري
ما بينَ الموتِ على صدري..
أو فوقَ دفاترِ أشعاري..
إختاري الحبَّ.. أو اللاحبَّ
فجُبنٌ ألا تختاري..
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنارِ..
إرمي أوراقكِ كاملةً..
وسأرضى عن أيِّ قرارِ..
قولي. إنفعلي. إنفجري
لا تقفي مثلَ المسمارِ..
لا يمكنُ أن أبقى أبداً
كالقشّةِ تحتَ الأمطارِ
إختاري قدراً بين اثنينِ
وما أعنفَها أقداري..
مُرهقةٌ أنتِ.. وخائفةٌ
وطويلٌ جداً.. مشواري
غوصي في البحرِ.. أو ابتعدي
لا بحرٌ من غيرِ دوارِ..
الحبُّ مواجهةٌ كبرى
إبحارٌ ضدَّ التيارِ
صَلبٌ.. وعذابٌ.. ودموعٌ
ورحيلٌ بينَ الأقمارِ..
يقتُلني جبنُكِ يا امرأةً
تتسلى من خلفِ ستارِ..
إني لا أؤمنُ في حبٍّ..
لا يحملُ نزقَ الثوارِ..
لا يكسرُ كلَّ الأسوارِ
لا يضربُ مثلَ الإعصارِ..
آهٍ.. لو حبُّكِ يبلعُني
يقلعُني.. مثلَ الإعصارِ..
إنّي خيرتك.. فاختاري
ما بينَ الموتِ على صدري
أو فوقَ دفاترِ أشعاري
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنّارِ..
للمبدع : نزار القباني
تلاشت أنفاسي وشعرت بالألم المفاجئ يـقصف شمال صدري ، تحركت خطوتان نحو الخلف وانا ارسل بنظراتي بعيدا ،
فتحت فمي لأقول شيئا ،، و لكني شعرت بأنه لم يسمعني ، قليلا ثم وصلني صوته بـ خشونة : ما اريد هسة ردج ، فكري بيها ، إنتي تعرفين أهلي ، و حتكونين لامي بتها الرابعة ، و انتي ادرى باخلاقها و طيبتها
أخفيت رعشة يدي بـ إحتضانهما امام صدري و بصوت مستميت ملئ بالبحة همست : لأ ،، ميحتاج افكر
أردفت بتوتر بالغ ، توتر لم أعشه يوما : اصلا ميصير افكر
عاد ليكرر طلبه بتوضيح اكبر : إنتي متريدين تتزوجين ، فـ هذا الشي احسنلج رح يأمن حياتج لحدما ترجعين لعلي و لبيتكم ان شاء الله ،، ليش تقررين بسـ ـ..!
بـ ذات الرجفة قاطعته : إنتتتته شدتقوول ؟؟ عمر انته خـ ـآطـ ـ ـب
عاد ليرتدي نظاراته و هكذا سيجعلني في حيرة اكبر ، ثم استطرق بصوت واثق : زينب عاقلة واذا فهمتها الموضوع مرح ترفض ، بكل الاحوال زواج على ورق مرح يأثر علينا بشي
إنتفض جسدي مطالبا لي بالثورة ، كم هو حقير و اناني !
يريدني ان اوافق على زواجا صوريا منه هو ؟!
انها الثانية يا عمر ، هذه طعنتك الثانية !
و لا اثنين من غير ثالث ،، و حدسي ينبأني بإن الثالثة ستكون القاضية التي ستزهق روحي بعيدا عنك
كم أشعرتني بالذل و الهوان ،، أوتعلم شيئا عما يسمونه الجحيم الدنيوي ؟!
أنا على أتم الإستعداد لأحترق به و لا أن ارضى بما تقدمه لي أيها الخائن
سأتزوج ضرغام ، و سـأكون سعيدة جدا بطعنك أنا ايضا ، فأنت لا تعلم ما بإستطاعتي عمله
و لكني أعلم ما سيحدث لك إن تم الزواج ، سـأغرس خنجري بخاصرتك يا عمر حتى أدمييك أمامي
فما فعلته الآن قد أدماني ، رغم إني أحاول إخفاء نزيفي عنك ، لكني متأكدة بأن رآئحة دمي قد توغلت بأنفاسك لتجعلك تشمت بإنكساري
ضغطت بذراعاي فوق صدري بقوة و كإنني هكذا أمنع نفسي من قذفه بـ ' أكرهك ' تلك !
جفاف حلقي جعل صوتي يخرج كـ صفيرا حادا : لأ ،، ما احب اخرب حياة احد
و ببقايا اشلاء كبريائي وضحت له تهديدي المبطن : أصلا لتفتح هيجي موضوع وياها ، رجاءا ما احب المشاكل
عاد ليقول : قتلج فكري اول شي
اصريت : و اني قتلك عرضك مرفوض ،
أردفت بزهو خداع : شكرا على اهتمامك ، بس ترة ضرغام خوش رجال و اكيد رح يغير فكرتي عن الزواج
كان علي قول ذلك ،، من أجل أغاظته ، أكرهه ، إني أكره كل ملامحه و صوته و طريقة كلامه
اكره كل ما يخصه
توتر وقفته ارغمني على رسم إبتسامة ملتوية حول فمي ، إذن .. إنه يكابح ذلك الشئ الصغير المتلحف بجدران صدره
سأزيد من معيار الكلام الحار لأرى تأثيره ، لأحرق شيئه ذلك ، شعرت باللمعان يزداد في عيني و الذي كان سببه نظرتي الـ ضائعة ، و لكن يبدو إنه فهمها كـ تحدي واضح ، و هذا ما كنت اتمناه
انزلت يداي بإستقامة جسدي و أنا أدفع بـ مقبض الخنجر أكثر : تعرف ، اصلا قبل لتجي اني جنت حيل مرتاحة ، خصوصا سألت عليه هواية طبيبات ، و الكل مدحه و مدح اهله ،، ' زفرت هواءا مشتعلا ومعترضا على تظاهري بالبرود ' ان شاء الله خير
كنت اوزع نظراتي هنا و هناك ، و لمحت بطرف عيني إنقباض كفه اليمين قرب جسده ، أرضيت غروري كثيرا ، فهممت بالإبتعاد و انا استرسل : والله عمر تساعدني اذا انته هم تسأل عنه الأطباء !!
:
حَرامٌ عليكِ..
حَرامٌ عليكِ..
أخذْتِ ألوفَ العصافير منّي
ولونَ السماءْ..
وصادرْتِ من رئتيَّ الهواءْ
أريدُكِ..
أن تمنحيني قليلاً من الوقتِ،
كَيْْ أتذكّر باقي النساءْ...
آلقبآني
أ إنتظرتموني لتعلموا مالذي قمت به من جنون حاذق ؟!
بالله عليكم اخبروني مالذي كان علي فعله و أنا أرى مهجة حياتي تستعد لشد الرحال ، أ أتركها تختار قافلة تبعدها عني حتى الممات ؟!
أ أجرؤ على الإستسلام من أجل ما يسمى بالكبرياء الحمقاء و العنفوان الاسود القلب ؟!
و مالذي سأجنيه بعد ذلك ؟
هم و كدر و شيب يغزو شعر رأسي ليذكرني بخسارتي النكراء ؟
هكذا لن اعيش !
بل سأعيش و لكن ليس كما اريد ، ليس كما احتاج
انا احتاج ان تعانق سمائي كل مساء ، فكيف لي ان اقحم نفسي في زنزانة الاعراف و الشرائع التي ستقصيها رغما عني بعيدا حتى عن مراكز تفكير دماغي في حال رضيت بـ ذلك الترحال
لو رفعت راية الكبرياء سأهشم وقتها أنف قلبي ، و هل للقلب انف ؟ نعم ، لا أعلم شيئا عن قلوبكم ، الا انني متأكد أن لـ قلبي انفا لو إستنشق يوما عبق فتاتي لـن يتوانى عن تناولها بفمه !
لا تنظروا لي هكذا ، فله فم ايضا ، و له قليب في جوهره ، و ذلك القليب يحوي عرشا صغيرا لا يتربع فوقه سواها
حبيبتي !
و بعد كل ذلك تريدوني ان افكر بأمي و زينب و اختي و فوقهم كرامتي ؟
بالنسبة للكرامة فلن يمسسها شئ ، فها أنا إستخدمت مطرقتي لأسحق لها غرورا يكاد يقتلني يوما ، و نجحت
فـ تغلغلت رائحة الخيبة نحو ذلك الانف الصغير الذي حدثتكم عنه ،، آه يا سيدتي !
أقسـم بإني لا ادري مالذي اقوم به من حماقات امامك و لإجلك ، رغم علمي بعدم إستحقاقك لكني واثق بكوني انا من يستحق السعادة
و واثق اكثر بأن سعادتي تلك لا تكمن الا معك انتي و بوجودك في حياتي المتعرجة
ويل لك و لي ،
ويل لما تفعلينه بي بهذه العنجهية الحمراء التي تحاكيني بها ،
تظنين بإنني طفل يسهل التلاعب به ،
فتارة تخبريني بالرفض ، و أخرى بالموافقة
أترين قلبي مصنوعا من سبيكة فولاذية او حتى مطليا بـ الحديد لأحتمل تقلباتك بـ رحابة ؟
كم هو زورك موجع ، كوني انتي مرة واحدة و اخبريني صدقا ابحث عنه في توترك و نظراتك الحائرة ،
هل اصدق لسانك ام قلبي ؟!
ذلك الملئ بالدم و المكون من نسيج لحمي فقط بإمكانك اقتلاعه بسهولة وعصره بين يديك ، فكما اخبرتك ، قلبي ليس مصنوعا من حديد
طال صمتي ،
ولكن عندما ادركت نيتها في الابتعاد إستوقفتها : ليناااا اعرف انتي مقااابلة ، و قبل شوية قلتيلي شنو هالتناقض كل شوية رأي
بسرعة قياسية اجابت وهي تشيح بأنظارها بعيدا عني : جنت دا افكر وهسة اقتنعت عااادي ،، يللا عمر أستأذن
و كإن شيئا لم يكن !!
و كإنني لم الق بكلماتي تلك فوق مسامعها
تلك الفتاة سأمزقها يوما ما و سترون ،
اولتني ظهرها و هي تبتعد فـ إتبعت خطواتها لإسبقها ، و ما ان دنوت منها تحدثت بجدية خالصة : نزلي من برجج العالي و فكري بمصلحتج شوية
أسرعت بخطواتي و أنا أشعر بـ تباطئها ، أظهرت تماسكا شديدا وانا إقترب من سيارتي المركونة في مواقف السيارات الخاص بالمشفى
رن هاتفي قبيل أن ألج الى داخلها ، فأخرجته ببطئ ،، إن مشاعري على شفا الضياع ،
أملت برأسي قليلا و إعتصرت أحشائي فور رؤيتي إسم المتصل ، آه يا أنتي !
كم لك من سنين الحظ السئ التي إلتصقت بـ كتفك ؟
عافاك الله ضعف قلبي يا زوجتي العزيزة
لم أتمن يوما أن أخطأ بحق أحدهم ، أي أحد ، فكيف بزوجتي ؟
لم أستطع الرد عليها ، فـ الآن أنا ملوث ، كل مابي ملفوف بالخطايا ، قلبي و روحي وحتى عضلة لساني ، فلا قدرة لي على نطق شئ بعيد عن حلمي ،،
أما واقعي ، فعلي أولا أن اتطهر قبل الخوض فيه !
بطبيعة الحال فـ زينب معتادة على عدم ردي بعض الأحيان ، فلن تستغربني الآن
أخرجت زفيرا حارا من رئتي و أنا أكرر إستغفاراتي ، فكما قلت ، أشعر بتدنسي ذهنيا بذنوبي !
.
.
.
يتلحف دخان الغضب أحدهم ، رغم مرضه الا إنه يشعر بكل ما حوله من الوان بيضاء عبارة عن نيران تسعر لغضب يستحل المحاني
على هذا السرير الاحمق يقضي وقته و لا حيلة لديه سـوى الانتظار لما قد يفعله ابن اخيه و صهره الاسمي ،
استفاق منذ ثلاث ليال و كل ما به يشتعل خوفا مما يحصل لإبنته حاليا ، هل تراها على قيد الحياة ام ان هنالك مكروها أصابها ؟!
هل إنتهك أحدهم شرفها ؟
هل ضاعت جلناره بين ' حانة و مانة ' ؟
إنه عقابه الثاني الذي يسقط فوق رأسها هي ، فها هو الله يرد له افعاله الشائنة بمن حوله ، كان عليه التوقف منذ زمن ، منذ أن خطفت للمرة الأولى !
تفكيره منصب حول شخص واحد لا غير ، عبد الملك ،، يشعر بإنه هو خلف هذه الحادثة التي تكاد ان تفقده ابراج عقله ،،
فالحكاية واضحة ، إكتشف الرجل بإنه هو من قتل إبنتيه فعاد لـ ينتقم شر إنتقام ،
و لكن انى له ان يعلم بالامر ؟ فـ حتى الجريمة قد قام بها ساعده الايمن هشام خوفا من اصحاب القلوب الضعيفة الذين قد يستسلموا من أول صفعة !
إذن من شبه الإستحالة أن يعلم عبد الملك ،، المشكلة انه محاط بالاعداء من كل صوب ، فـ يجد من الصعوبة تحديد الفاعلين ، بعيدا عن شكه الداخلي الذي لا يشير سوى لـ ذلك الرجل
كم كره ضعفه وهو يشعر بالعجز في هذا المكان الـغبي ، اين انت يا هشام ، عليك أن تأتيني بإبنتي و إلا سأسحق لك رأسك !!
أعيدوا ابنتي قبل ان اذبحكم واحدا تلو الاخر
سحقــا لضعفه وهو هنا ،، سيخرج اليوم ، لن يبقى هنا حبيسا و أخر عنقوده ، طفلته الكبيرة تلك لا يعلم عنها شيئا ، إنه لأمر غير وارد ، لا يهمه إن نال مصرعه و هو يجاهد من اجل ايجادها ، بل هذا شرف له
فأي حياة يعشها من غير ابنته !
جلنار حبيبته ، مدللته الغالية ، قد يغضب و يتلاعب بكل من حوله حتى زينة و روشن الا تلك الصغيرة التي مهما طاف بها العمر لن تزل في عينيه سوى تلك الطفلة المشاكسة العنيدة
تلك التي لطالما كانت تحصل على ما تريد رغما عن انفه ، لا يعلم لم هي الوحيدة التي لها تلك القدرة على سحب مقاومته لجعله ينتزع ذلك الوجه الحجري امامها ، ليكن لها كما تريد و يقدم لها ما تحتاج !
دوما كان على اتم الاستعداد لخنق الجميع من اجلها ، و فعلها و خنق هشام لـ 5 سنين وهو ينتظر اميرته تلك ، لم يود ارغامها على شئ ،، و لو جائته صباح ذلك اليوم رافضة إبن عمها لما توانى لـ دقيقة عن انهاء كل الترتيبات
فلا يهمه قول احدهم و لا فعله ، كل ما يهمه سعادة و سلامة جلناره !
تبا لكل من يريد الثأر بها ، لن يهرب منه ، كائنا من كان لن يستطيع الهرب بفعلته تلك !
طال الزمان او قصر سيظهر كل شئ لاحقا ، و يجب ان تكون تلك الـ ' لاحقا ' قريبة والا على جميع من حوله مواجهته !
إنتزع نفسه من خياله الملغوم بالافكار الحارقة عند سماعه مقتطفات الاحاديث قرب باب الغرفة التي يقطن بها ، و تبين له صوت هشام يحدث طاقم الحرس الـمتسمرون خارجا لـ حمايته ،
إنتظره قليلا فـ دخل ببدلته الرسمية ، كان قميصه يفتقد ربطة العنق و ازراره العلوية مفتوحة بتشتت و العرق يغطي جبينه ، حنى شعره بدا اشعثا متناثرا بإهمال ،
بادر بالتحية و عبد الملك قال بـ حروف مجهدة غير آبه برد سلامه : ملقيتوا شي ؟
انزمام شفتيه معا كانا ردا كافيا ، توقف قريبا ليـسند كفاه على خصريه باعدا طرفي السترة نحو الخلف وهو ينفث دخان صدره خارجا ،، اردف بعد حين : عمو مااااكووو اي دليييل على اي واحد ، دخلنا جواسيييس يم كل الي شاكين بيهم ،، مبقيييت واحد ، ماااكو اي واحد جابلنا معلوومة غريبة ، كلشي طبيعي
إستطرق بحدة و عيناه تضيقان : جنت شاك بعبد الملك اكثر شي ، دخلت بين جماعته رياجيل اثنين ،، واحد بالحراسة و واحد خليته يسوي نفسه فلاح لحديقة بيته ،، هوة قبل حبسها ببيته وقلت احتمال هسة هم ، بس مااااكووو اي دليل ضــده ، رااااح اتخبببببل
رفع يمناه حتى صدغه و ضغط عليه بقوة وانامله تغتسل بذلك العرق وهو يـستطرد : عبد الملك شغلته بعيييدة ،، مستحييل يعرف احنه ورة السالفة مال بناته ،، لإن جماعتناااا مو كلهم يعرفون ، يعني منو حيقله منوووو ؟؟؟
الأخر لم يكن احسن حالا ، ضرب بقبضته طرف سريره صارخا بغلظة : نعلعلااااا ابوووووهم ،، لك شلوووون ،، منوووو لععععد مااخذهااا منووووو ؟! أبووو ابووهم احرررقه ، لك ذولا الـ****** ميفلتوون منييييي
إقترب من هشام محاولا تهدئته : انته على كيفك وية نفسك ، اني احلهـ ـ .
زمجر به و النيران تتصاعد في عينيه : شتحلهااااااا ؟؟ صاااارلك اسبوووع مسووويت شششي ،، امشششي صيييح الطبيب خلي يطلعنني يللللااا
حاول الاعتراض الا انه لم يتلق سوى صرخات غاضبه اخرى جعلته يستسلم لها على مضض !
.
.
.
إنتفخت اوداجه غضبا وهو يستمع لما يدور حوله من صراخات متكررة ،، تلقى الاوامر كغيره للانتقال بسرعة نحو قسم الطوارئ
فقد وصلت سيارات الاسعاف بأولئك الضحايا لإنفجارين حدثا منذ دقائق قرب المشفى
أسرع نحو البوابة بدلا من ان ينتظر القادمين ،، بطبيعته هو ، و من ثم طبيعة عمله ، إكتسب برودا في المشاعر منذ زمن ،
فصار لا يهتز لإي شئ ظاهريا !
أما الآن ، فهذه المرة الاولى في حياته التي يقف ثابتا لا يستطيع الحراك و هو يرى منظرا لـشخص لم يتبين منه شئ ولا لذلك الذي يحتضنه
نعـم قد مرت امامه حالات تذيب قلب الحجر ، فرآى ما رآى في سنين مضت ، سمع صرخات الاهل و الاحبة ،
تمسكت به الكثير من الأيادي لـ يبذل قصارى جهده !
ولكن لم يهتز بدنه و لم يشعر بإرتجاف سيلان الدم في عروقه الا في مرات معدودة و هذه إحداها
جال ببصره حول جميع من وضعوا في ارضية المواقف كي يتسلمهم الطاقم الطبي و تعود سيارة الاسعاف مرة اخرى لموقع الانفجارات ،
عاد لـ ينظر لذلك الجسد المتفحم مع طفلا يتمسك بصدره و يبدو انهما انصهرا ليكونا جسدين ملتصقين
لا اله الا الله ،، لا اله الا انت يا الله
يااارب ، حسبنا انت ونعم الوكيل
يـارب لسنا سوى عبادك الضعفاء فأحل علينا رحمتك و ارزقنا بـ فرج و نصر قريبين
يا الله انت ارحم الراحمين فإرحم حال الثكلى و الارملة و اليتيم !
عاد ليتمسك بزمام ذاته التي تشتتت وهو يـردد في داخله ذكر الله و عيناه تحمر بشكل مخيف ،، بدأ يصرخ بمن حوله و هو يشاركهم العمل غير آبه بهاتفه الذي بدأ يرن بإلحاح مستميت !
.
.
.
أنزلت هاتفها وهي تشعر بقلبها يتقلص و رئتاها تضيق ،
عيناها لم تفارقا شاشة التلفاز وهي تعلن عن ذلكما أنفجارين قرب المشفى التي يعمل بها رجلا تبقى لها مما انبت رحمها يوما !
لم لا يجبها ؟!
الا يشعر يوما بخوفهم ؟
تبااا له !
ستتمزق رعبا و هو غير مهتم لإن يطمإنها قليلا
علي ، متى ستتغير انت بطباعك السوداء تلك ؟
اقتحمت دائرة رعبها بذلك الذي دخل يهز مفتاح سيارته بيده بشئ من اللامبالاة ، ما إن رآها حتى تقدم نحوها بهدوء : ها ماما شبيج ؟!
إبتلعت غصة مرتعبة : سرمد صاير إنفجار يم مستشفى الـ ****
بشئ من الإهتمام تقدم و عينه تلقائيا تتوجه نحو الشاشة ليتابع تلك المناظر التي تقشعر لها الابدان : يااااابة ،، الله يرحمهم شنوو ذوللااا
بتوتر تابعت ملامحه : علي يشتغل بهالمستشفى ، قلبي مثل النار ، اخاااف صار له شي
ملامحه المكفهرة إنفرجت لـيستدير نحوها بإبتسامة تتلاعب بطرف شفته : صدق ؟
الإرتياح الذي ارتسم فوق وجهه جعل دموعها تتهاوى من بين جفنيها بـ تيه : سرررمد ارووحلك فدوة دق عليه من موبايلك ، مديررد علية شلع قلبي
بـ شئ من الضجر وهو يعيد نظراته نحو التلفاز و بصيص امل بداخله يضيئ بعض الشئ ،، يريد له الموت بل و اسوأ
كم يتمنى ان يراه غريقا بدمه الآن في هذه الشاشة الصغيرة ، سـ يشبع نهمه خبر كذلك !
عادت لتردد فوق مسامعه ولولتها : سرررمد ماما خابره فدووة . يمممة علي اموت اذا صارله شي والله قلبي بعد ميتحممل والله
أردفت بـ ضعف و الدموع تملأ مآقيها الحزينة : ربببي دخييلك الا علي
لم يحتمل الانصات لها أكثر ، ربته كـ والدة بل و أكثر ،، عاش في كنفها و ترعرع تحت ناظريها و تشبع بحنانا اغدقته عليه وعلى أخته و حرمت ولدها منه !
أخرج هاتفه بكسل و لسان حاله يرفض الاتصال ولكن لإجل والدته لن يستعجل موته ، لم يأت إتصاله بنتيجة مغايرة
فكرة شرسة تدور في تجاويف جمجمته ، من الجميل جدا أن يـلقى مصرعه الآن من دون تدخله ،، فهو قد يعاني تأنيب ضميره بعد أن يحطم فؤاد والدة لم تنجبه
اما لم تشعر بألآم ولادته ولكنها عانت الام تربيته !
أسف يـآ أما لم اذق حليبك ،، كم أتمنى لو انني لا اشعر ما اشعر ولا انوي ما انويه نحو إبنك ،
ولكن نحيبك ذلك لن يطول مفعوله علي ، فسرعان ما سـ أعود لأفبرك مخططي و أنسج خيوطي لإتخلص من ذلك المتعجرف ،، المتعالي كإسمه !
كم امقته من رجل
.
.
.
(1)
يا حُبًّا لم يُخْلَقْ بَعدْ
يا شَوْقًا كالمَوْجِ بِصدري
يا عِشْقًا يَجْتاحُ كِياني
يا أجمَلَ رَعْشاتِ اليَدْ
يا صُبحًا يُشْرِقُ في وجْهي
يا فَجْرَ الغَدْ
يا جُزُرًا تَمتدُّ بعَيني ،
وبُحورًا أغْرَقَها المَدْ
الحُبُّ كموْجٍ يُغرِقُني
والشَّوْقُ الجارفُ يَشتدْ
والعِشقُ يَجيءُ كتَيَّارٍ
يَجرِفُني مِنْ خلْفِ السَّدْ
(2)
يا أجملَ عِشقٍ
جرَّبْتُ ..
أنْ أعشَقَ حُبًّا لا يُوجَدْ
أنْ أعشَقَ حُلْمًا يَتَبَدَّدْ
أنْ يُصبِحَ حُبِّي نافِذَةً
أفتحُها ..
عُمري يَتجَدَّدْ
أنْ أَبقَى العُمْرَ على مَوعِدْ
مُنتظِرًا عَودَةَ أحبابي
مُنتظرًا شَمسًا لا تأتي
لِيَدُقَّ الضوءُ على بابي
(3)
يا حُبًّا لنْ يُخلَقَ أَبَدا
أشواقي نارٌ لا تَهْدَا
قدْ تَبقَى الأحلامُ بَعيدَةْ
قد يبقَى وَجهُكِ في نَظري
شَيئًا لا أُتْقِنُ تَحديدَهْ
أَحيانًا أجْمَعُهُ خَيْطًا
أغْزِلُهُ وَجْهًا من نُورْ
أحْيانًا ألقاكِ رَحيقًا ،
ألقاكِ عَبيرًا ،
وزُهُورْ
أحيانًا يُصبحُ شلاَّلاً ،
وبُحَيرةَ ضَوءْ
أحيانًا يُصبحُ لا شَيءْ
أحيانًا وَجْهُكِ يَتَحدَّدْ ..
يَكْبُرُ في عيني ،
يَتمدَّدْ ،
يَتجمَّعُ كالطَّيفِ قَليلاً
وأراهُ سرابًا يَتبدَّدْ
معَ أنِّي دَومًا أتَأكَّدْ
أنَّي لنْ أجِدَكْ ..
في يومٍ
لكنِّي أحلُمُ باللُّقيا
فأرانا الآنَ على موعِدْ
وسأبقى العمرَ ..
على موعِدْ
آبدآعآت لـ : عبد آلعزيز جُويدة
منذ نهوضها باكرا وحتى الآن لم تتناول شيئا ، الساعة تقترب من الـ واحدة ظهرا ، و هاهي تضع اخر اللمسات على طعام الغداء خاصتهم
هنالك ما يجول بخاطرها منذ يومين ،، و لكن ما يحيل بينها وبين الاقدام الجرئ على تلك الخطوة هو الرعب الذي تعاني منه
تخاف الغرباء خوفا حقيقيا ولا تستطيع إئتمان أي كان
ولكن عليها تقرير مصيرها بعد إذن الله ،، فـ ما تفعله من تسليم زمام حياتها بيد رسام متهور كـ الدكتور علي قد يكون اكبر خطأ ممكن أن تقترفه يوما ،،
فمن المحتمل أن لا يحمل ذلك الدكتور سوى قلما واحدا حبره مستخلص من اجود أنواع الفحم ، ذلك النوع الذي لا تقضي عليه أي ممحاة ، و بالتأكيد سيكون خطه كـ أغلب الأطباء متعرجا و بطلاسم لا يفهمها الا اشخاص معينين !
و بما إنه إستثنائي فقد تكون طلاسمه تلك لا تفك الا عن طريقه هو وحده
فكم سيكون موجعا ان لا تفهم حياة وهبها الله لها بسبب تلاعب بني البشر ؟!
لم تراها تجازف بـ عدم فهم حياتها من أجل شئ لا معنى له ؟
نعم ،، تشعر إن ما تفعله لا معنى له ،، ليس بعد الآن و بعد أن علمت ما حال له مصير والدها ،،
كيف لها ان تصبر وهي تعلم بكل تلك المصائب التي قذفها غيابها على رأس ذويها
حتى و إن كان والدها سفاح و دكتاتور عالمي ، شملت سطوته الكون أجمع بكواكبه و مجراته ، ذلك لن يجعل دماءه تختلف يوما ،، فسيكون حتما هو نفس الرجل الذي تنبع لـ عروقه وتعود لتصب في قلبه ذات الدماء التي تدور فيها هي و اختيها !
عليها أن لا تجعل ضميرها و مهنتها التي تبحث خلف العدالة ينسوها من هو قاسم !
إنه والدا قضى حياته بأكملها و إشتعل شيب رأسه من اجلها و شقيقتيها
عاد ليثور ذلك الضمير صارخا بـ مشاعرها تلك و مؤنبا ،، حتى و إن كانت تلك الحياة قد قضيت في قتل ذاك و حبس هذا ؟!
أ يعقل ان ترضى إستمتاعا بحياة لا حق لها فيها ؟!
تلك الحرب الدامية في داخلها قد آرقت مضجعها منذ أن تركها علي تتخبط في سبل لا سراج فيها ،، أخبرها بدم بارد عن حطام حل بـ أهلها ونار اضرمت فيهم من أجلها
هي فقط من تستطيع إخماد تلك النيران ،، تكاد تجن
الأفكار تتنازع في عقل بات لا يفرق بين الخطأ و الصواب ،، تحتاج أن تعود لـ حضن إشتاقت عبقه ،، تريد العودة لهم
لا تطيق الصبر أكثر ،، إصراره يجرها عنوة لمشارف النهوض بعد ذلك السبات
فكما يبدو أن لا نية له في إعادتها في الوقت الحالي ،، إنه يتلذذ بكل ما يحصل ،، نشوة نظرته وهو ينقل لها فاجعة والدها أشعلت قلبها بفتيل الـخيبة !
هو طبيب ، عليه أن يكون اكثر رحمة ،، أكثر لطفا و شعور .. لكن هو بتركيبه المعقد دوما يقلب طاولة التوقعات فوق رأس الجميع !
إنه لا يخشى شيئا و لا يستفت أحدا ،
لا تعلم لم قبست ببالها ذكرى مليئة بالغبار ،، تلك التي حدثت في منزل عبد الملك
ذلك اليوم أظهر قسوة لاذعة نحو أمه
والدته
المرأة التي انجبته !
تلك الذكرى سحبت بها بعيدا عن عالم التفاؤل ، لتحبسها في حجرة الواقع المرير ،، لو أنصتت لكل ما يأمرها به لن تعود يوما لإهلها لإنه هو لا يشعر بشئ نحو اهله ، فلن يخطو يوما في أحلام ترسمها كل ليلة ليسمح لها بالعودة
و أكبر شارة هي لينا ،، إنه لا يشعر بمكامن صدر اخته ليريحها قليلا من عذاب بات يدحرجها بين سهاد و آرق !
يتلاعب بها كـ طفل يلهو بسيارته المتحركة بجهاز تحكم عن بعد ،، لا يهمه إن صدمت بذلك الباب او ضربت بتلك الطاولة ، الأهم هو أن تصل لـ بر آمان يراه بعينين صغيرتين
و لكنه رجل واع و متعلم ، ومن المحتم عليه أن يفهم إن شروط اللعب تقتصر على المواد المتجمدة بلا حياة ،، فلا يجوز له الإقتراب من المشاعر البشرية و اللهو بها كما يشاء ،، لا يجوز
أي رجل هو يكاد يـدنو بإختا لا شقيقة نحو ضياعا لا يحتمله نبض إنثى ، يربطها بـ حبل النكاح الذي إن لم تكن تهوى ملامسته لعنقها سيخنقها بـ سرعة مخيفة !
فلا يترك لها صدرا يرتفع لـ إلتهام الهواء و لا ينخفض لـ نفثه
بشئ من الجمود بدأت تـضع الطعام في اواني التقديم و حاستها الشمية تتلذذ الرائحة ، أن لها دواءا عليها تناوله
وهذا ما يجعل لتناول شيئا يسد جوعها سببا أخر !
ارتفعت وتيرة التوتر عند الخطوات العجوز التي تتهـادى لمسامعها ببطئ ركيك ،
لـ عشرة دامت من الشهر ثلثه كانت تعلم إن الجدة ليست بذلك الضعف ، و إن تلك الخطوات الـ رتيبة لها من الاسباب احدهم !
تركت ما بيدها من اشغال ، لتتحرك نحو المغلسة فـ تغسل يدين متجرحتين ، مليئتين بـ تشققات رفيعة باتت تشمئزها ، ثم استخدمت إحدى المناشف لـ تجفيف تلكما اليدين بشدة علها تكشط معها تلك الدهاليز الجلدية الكريهة
توجهـت بحركات هائمة الى الخارج فـ وجدت تلك المسنة تتخذ لها موقفا غريبا مستنده بـ جذعها المائل على احد الجدران
ما إن لمحتها حتى إستنجدت بـها : يمة تعالي ساعديني
بسرعة تقدمت بخطى خفيفة لتمسك يدها المليئة بتجاعيد مخطوطة من قبل سنون و سنون ،، إقشعر لها بدنا لـ ملامسة ذلك الجلد المتهرئ ، ليس لـ فقر مال ،، و انما لفقر صحة و عمر ؛
رتابة العلاقة بينهما لم تساعدها في زخرفة و تنميق الكلام في محاولة لـ سؤالها عن الخطب ، فوجدت نفسها تقول بـ رسمية :خير بيبي شبيج ؟!
اشارت لها بيدها السائبة نحو الأرائك القديمة الطراز : وديني خلي اقعد ،، إرتفع السكر عندي !
فعلت ما اشارت عليه بحاجبين معقودين ،، ذلك المتعجرف الاناني ، لا يهمه إن تزوجت لينا من شخص لا ترغبه
ولا يهمه إن حدث مكروها لـ جدته
جل إهتماماته تنصب على الإنتقام و كإننا نعيش في غابة مليئة بأولئك معدومي الضمير ؛
أجلستها على الاريكة متحدثة بلطف هادئ : أخذتي أبرتج بيبي ؟
هزت رأسها بـ الموافقة و جبينها متغضن بضيق و نفور ، جلنار اثارت العودة الى المطبخ ، فيبدو إن هذه المرأة لا تود محادثتها ولا حتى النظر لملامحها المرهقة
و لكن ، كيف لها الحراك وهي ترى المرأة المسنة بهذا الشكل ؟!
لـ ربما هذه ستكون فرصة مناسبة لمحاورة تناوش الأحاديث معها ،
ثبتت مكانها وهي تتجنب البرود الذي يغلف صوتها بإبتسامة طفيفة : بيبي شبيج ؟ ليش هيجي تخربطتي ؟
تلك تستند بذراعاها على مساند الكنبة ، و تلكما العينان تغيمان بالمجهول ،، كان يبدو عليها الغرق في ما لا تعلمه الفتاة ،، و عند سؤالها جرت بإنظارها نحوها لتقول بهدوء : ما بية ، بس هوة هذا العمر !
قد تكون محقة ، ولكن الاكيد بأن هنالك شئ يدور في ذهنها ، شيئا ذبذب نفسيتها وعلى آثره سـكرها !
كم انت اناني يا حفيدا لها ، مصلحتك تقبع في المراكز العليا و لا يهم من يرتبط بذيلك من شخوص أو أمور ،
المهم إن هامتك المغرورة ترتفع لتلامس السحاب !
لا أعتقد بإنني سأصمد لتلك الهامة لفترة اطول ، فـ بعد ما تبين لي مقدار قسوتك و شماتتك بت لا استطيع الإطمئنان على نفسي معك و مع اهل لك تمتلك من صفاتهم الكثير ؛
أمالت جذعها قليلا بمحاولة أخرى لـ تحلية ذلك الحديث المتسم بمرارة القهوة : زين بيبي تريدين شي ؟ حتى اروح اصب غدا النا و لبيت ابو جاسم
بيدها اشارت بالرفض ، و ملامح وجهها المكفهرة اثبتت ذلك ، هزت رأسها جلنار و إستقامت معتدلة لتتوجه بعدها نحو المطبخ ،
اكملت عملا بدأت به منذ مدة ، و يشعرها حقا بـ كونها خادمة لا اكثر في هذا المنزل الريفي حبيسة ذلك الغول الطيب القلب
فتلك هي ابعاد قصة الحسناء والغول ، إلا إن غولها لا يتمتع بـ صفات طيبة ابدا !
مجرم
عندما أكملت تحضير الصينية إتجهت مباشرة لتلك العباءة الموضوعة فوق الطاولة الصغيرة لتلتقطها بأنامل ترتجف ، فهاهي حرية قد قدمت لها فوق طبق من نحاس ،
عليها ان لا تفوت لها هكذا فرصة ، سترى الوضع بالخارج كي تعتاده !
تحركت بالصينية خارجا فـ وصلها صوت الجدة بـ إرهاق وهي لا تنظر بإتجاه تسلكه : طلعي هسة تشوفين جاسم وانطيهياه يوديها لإخوانه ' ثم إستطردت ' وبسرررعة رجعي
هزت رأسها ممتنة لاله السماوات الذي قدر لها المحاولة فقط ، فتحت الباب الداخلي للمنزل لتخطو خطوتين نحو الخارج فإجتاحتها رعشة سرت على طول اضلعها ،
قلصت قفصها الصدري بتوجع وهي تكشر ملامحها بضيق واضح ، مالذي تنوي فعله وهي تخاف كل شئ ؟
ستفشل ؛ حتما ستفعل !!
بقيت تنتظر لـ نصف دقيقة حتى ترآئى لها ذلك المراهق الذي يبدو إنه يبدأ الخوض في اعتاب الشباب ،
انتبهت لملامحه المتوترة وهو ينظر خلفها كل حين ، وهذا ما جعلها تلتفت قليلا لترى ما يزعجه ولكنها لم تجد شيئا ، عندما إقترب قليلا مدت له الصينية بـ لطف بالغ : تفضـ ـ ـل .. انتـ ـه جاسـ ـ ـم ؟
بوادر الرعب كانت تستحل روحها ،
هيا جلنار انه ليس الا فتى صغير لن يفعل لك شيئا ، لا تخافي فليس هنالك ما يضرك
و انتي امرأة بالغة بإمكانك الدفاع عن نفسك أمام الجميع
رغم علمها المؤكد بـ كذب عقلها الا انها بقيت تفكر هكذا حتى شعرت بالتحسن الطفيف ،
إستلم منها الـ صينية بعد ان القى التحية بصوت حاول تغليظه قدر المستطاع وبعد ان اجابها بالموافقة على سؤالها
إبتسمت له بشئ من الدهاء وكفاها يدخلان في عراك حاد لشدة التوتر : ما شاء الله رجال ،، عبالي ولد صغير
رفع نظراته المحرجة نحوها واستطاعت الحصول على إبتسامة طفيفة منه لتقول من جديد : إنت تدرس ؟!
ذلك الخط المستقيم المزموم الذي جمع شفتيه جعلها تفهم الرد ، فـ عادت لتردف : زين تقره وتكتب ؟
اجابها بصراحة : إي اعرف ، بس من خلصت ابتدائية بطلت من المدرسة
جيد ،، إستطاعت منحه الثقة التي يحتاجها كـ أي غريب ، برغم ما يعتمل بداخلها من اعراض رعب الا انها كانت نوعا ما متماسكة
وعلى كل حال لن يتمكن طفل كهذا كشف تلك العوارض الفاضحة ،
بإهتمام مزيف إستطرقت : لييش ؟ حرامات
هز كتفيه بـ قلة حيلة : اخواني صغار ، و ابوية وحده بالشغل ولازم اطلع وياه وهمين اهتم بأخواني و اقريهم
التزييف قد تبخر لـ تشعر برغبه قوية في احتضانه و تقبيله فوق رأسه ، كم تحب أشخاص كهذا الطفل
يضحي بمستقبلا لا يعلم ما كان سيكون غير الله ليكون قرب اخوانه و ساعدا ايمن لـ والده !
بـ عجل تحدثت بعد أن سمعت صوت الجدة من خلفها ، و كإنها شكت بنواياها العكرة : حبيبي ان شاء الله أشوفك بعدين ، و اذا تحتاج مساعدة وية اخوانك جيبهم لبيتنا اني اقريهم ، و انته قول لأبوك حتى سنة اللخ ترجع للمدرسة زين ؟
إبتسم مستنكرا لـ اهتماما تغرقه به هذه المرأة الحضرية ، رغم ما يبدو على وجهها من آثار غريبة الا انها تمتلك ذوقا واضحا في الحركات و طريقة نطق الحروف
علم منذ ان رآها بإنها ليست سوى إمرأة من بغداد !
.
.
.
منذ ان عادت من العمل حتى الآن وهي تتحرك بضياع هنا و هناك ، تشعر بالإختناق
لا تعلم كيف و لم و لكنها لا تبدو بخير البتة !
تمنت أن تكون الآن في منزلهم وعلى فراشها الخاص لتعبر لـ تلك الوسادة عما ينبض فيها من مشاعر تطفو في مستنقعات متسخة بالضعف و الحاجة
حاولت معها زهراء ان تتناول طعام الغداء الا إنها إعتذرت بكونها حضرت عزيمة لإحدى الطبيبات ،
تريد ان تشاور احد ما في ما يحدث حولها من جنون ، اي احد ، ستـذوب ضعفا وهي مكرهة
لا تحب ان تكون هكذا ، لطالما إتسمت بـ شخصية جريئة و صعبة الاهتزاز ، و لكن ما تراه الان هو ارتجاج لكل مشاعر قد تملكها البشرية ،
فهي تعاني جم من الأحاسيس المضطربة المتداخلة معا في كرة ملونة بكل الآلوان الغامقة
تريد الاتصال برسل ، فهذا سيكون أمرا مريحا ، و لكنها لا تهوى التحدث في كل ما يخالجها ، بالإضافة لإنها تعرف رفيقة دربها ، تلك لن تتوانى عن تذكيرها بعناد و طيش سابقين !
لكنها لن تحتمل هذا الكبت ، فلتفعل تلك الـ ' رسل ' ماتشاء ولتقل ماتشاء ، المهم ان تفجر تلك القنبلة الكلامية المزروعة في حنجرتها من قبل عديمي الرحمة علي و رفيقه
ذلك الذي استطاع لي ذراعها بـ عرضه الاحمق ، لم يختف طلبه لحظة واحدة من بالها طيلة الوقت ، و الأسوأ أن تلك الطريقة الخبيثة ، لم تختف أيضا
كم اوجعها ما قال ، و كإنها أصبحت ' لا شئ ' لتلك الدرجة ،، فـ بات لا يرغب بها كـ زوجة .. فقط ينوي مساعدتها للتخلص من تلك اللعبة التي يعد هو احد الاطراف الخاسرة فيها من غير تدخله في اللعب حتى !
قامرت نفسها دوما في مشاعره ، فلم تشك للحظة بكونه قد نسي من هي ، و لكنه اليوم أثبت لها للمرة الثانية ' أن بعض الظن إثم '
بدأت تفرك رقبتها بالكثير من العنف ،، و كإنها كذلك ستستخرج تلك القنبلة التي مزقت اوتارها الصوتية ،،
شهقت كما من الهواء و شعرت بتلك الدمعة الكروية تهوي نحو حضنها ،، فـ إنهارت لتنفجر فوق بيجامتها تاركة اثرا ضئيلا سيختفي بعد قليل !
وقفت من مكانها بالكثير من الإرهاق بالأخص بعد سماعها تلك الاحاديث العائلية المزينة بضحكات رائعة تأتيها من الاسفل لتصل بتلك العقد المكونة بين اسلاك المشاعر الى الذروة ، فلا احد لديه القدرة على فكها بعد الآن حتى هي !
توجهت نحو الباب لتغلقه ببطئ ، ثم أخرجت هاتفها من جيب الرداء الصيفي ' المستتر نوعا ما ' الذي ترتديه ،، فحتى لباسها تغير عند مجيئها هنا ،، فعندما كانت في منزلهم والجدة تقطن عندهم لم تكن ترتدي هذه الملابس الفضفافة ،، اما الآن فعليها احترام ذاتها !
هاتفت تلك البعيدة التي ما ان تهادى لها صوت رفيقتها حتى شعرت بذلك الخطر يقبل ،، فتحدثت بـ ترقب : لين شكو ؟ لتقوليلي رجعتي رفضتي ضرغـ ـ ـ..
أسكتتها الأولى بـ جملة واحدة : عمر خطبني
و كإنه عنوان لـ سيناريو اهم الافلام الصيفية ،، فلا يهم المحتوى بقدر الاهتمام الجلي بالإسم الذي يحكي القصة بأكملها !
نقلت لها ما حدث بأدق التفاصيل وهي تراقب الباب بين الفينة والاخرى ، فلا تريد ان يستمع احد لما يدور بينهما من جنون مشاعر !
رسل الجمتها الصدمة ،، فلم تزل تردد ' عزززة ،، لاا ،، صددق ؟ زيين وخطييبته ؟؟ بس شلوون ،، زين وانتتي شنو رأييج ؟ لا عفيية ، ماااا اعرررف شأقوول !!! '
بعـد لهيب المشاعر التي شاركتها بها رسل و بـطريقة مفاجئة لـ لينا ، دام بعض الصمت ، لـ تكسر حاجزه رفيقة الدرب تلك بـ صوت باهت : لين ، جديات .. إنتي شتريدين ؟
بـ حس متعثر باللهاث أجابت وهي تشعر بإمتلاء تلكما البركتين بدموع لم تعد حبيسة : رسسسسل هووة خاااطب ، وعاااقد يعني متـ ـ ـزوج
لـ تزفر رسل بالكثير من الهم : يعني انتي تريديه هوة ، مو ضرغام !
كان اسلوبها جازم و ليس استفهاميا ، فأعترضت لينا بضعف : لاااء ، أنـ ـي مقتنعـ ـة بس لإنو هوة مرح يطالبني بشـ ـي ، يعنـ ـي زواج على ورق ،، و مؤقت !
ثأرت لرفيقتها : شقد حقييييير طلع ،، شلووون قلبه نطاه هيجي يقلج ؟؟ شفتي شلون جانت عندج ثقة بيه ؟؟ هاي ثاااني مرة يكسر قلبج !
لتلملم شتات الكبرياء بـ سرعة خاطفة : شحـــدة يكسرني ،، لو يمووت اصلا ميقـ ـدر
لو كانت رسل امامها لرأت ذلك الاستنكار الذي بدا على ملامحها ،
عادت لتردف في محاولة لإقناع رفيقتها : رسسسل ما اقبببل لو يموت ،، هوة بس هاي العااايزة اتزوج واحد متزوج ' و بسخرية ' و منوو ، عمممر ،، حتى لو يموت علية هم ما اقبل !!
بحدة اخترقت اذنها جاء رد رسل : لينااا وسسسم ،، انتتي شوكت تبطلين هالغرور ؟؟ ورة كل هالمصايب الي سواها وبعدها ثقتج لهسة ؟ مو كاااافي ؟
عادت لـ صفعها بحروف لاذعة ،، هدفها ايقاظها من ذلك الحلم الوردي وليس الشماتة : الولد بينلج هوة مرايييدج ،، وماكو رجال يحب مرة و يقلها نتزوج بس على الورق !
لتقاطع حديثها المطول بـ ذات الكبرياء المتلاشية : يريد ينتقم مني لإن رفضته قبل !
لتجبها الأخرى بعقلانية : بالعكس ، يريدج متضوجين مرته ولا تخربيله حياته ، و حطج بالصورة من البداية حتى ميصير شي بعدين و لا تطالبيه بإلتزام !
ارتجفت شفتها السفلى لتتساقط الدموع خشية من عينيها ،،
أصابتها رسل بالصميم ،، لم لا ينفك الجميع عن إيلامها ؟ لم تؤخذ بذنب غلطة اكل عليها الزمان وشرب ؟!
لم لا تجد من يشعر بأوجاعها من غير تلك النبرة اللوامة ؟
إنها بشر ، سـ يتفجر آلمها يوما ما لكثرة المكابدة عن المشاعر ،، فإن أوضحتها لم تجد سوى اللوم والعتاب
مسحت دموعها بعد ان ابعدت الهاتف قليلا لـ تسمح لنفسها بشهق الذرات الهوائية لداخل تجاويف جهازها التنفسي ، ثم اعادته لأذنها فتناهى لها نهاية حديث رفيقتها : صدقيني هذا أحسن حل !
لتفتقر القدرة على تغليف بحتها : شنو ؟!
تلك صمتت الكثير من الوقت بعد ان فهمت ان غرور اللين قد اطاحه عمر بطعنته تلك ،
كم حقدت عليه ،، لم يكن سوى من أسوأ الرجال بعد ما فعل ،، لا تستطيع تخيل لينا و حالتها الآن ، و لو كان لها الحرية المطلقة في التصرف لإتصلت به الآن و آرته قدره ،، فليسعد مع زوجته الفعلية إن إستطاع !
كررت جملتها بذهن شارد هذه المرة : صلي استخارة ، و شوفي بلكت ترتاحين
أبعدت الهاتف من جديد وهي تمسح ما بوجهها من سيلانات دمعية وافرازات انفوية بعد سحبها لكمية كبيرة من المحارم الورقية ،، أعادت الهاتف محله لتهمس بضعف باكي : بعدين اخابرج
و لم تنتظر منها ردا فأغلقت الخط وهي تنشج عويلا غريبا ،، ليس ما قاله عمر هو السبب الوحيد
فقد تعددت أسبابها ، إنها تعيش ضياعا لا تحتمله ، هنالك ضيق عظيم يستحل جسدها ،، نفسيتها تقترب من الحضيض ،، تلتهم الهواء من حولها عل ذلك الضيق ينفرج و لكن لا نجاح في المهمة !
عيناها انتقلتا نحو السجادة المطوية بعناية فوق احد الأسرة و إشتاقت لتلك السجدة التي تجعلها تفرغ كل ما فيها من الآم ، علها تخمد نيرانها قليلا
بـ ملامح منتفخة بالوجع انسلت من الغرفة متجهة لحمامات الدور العلوي لـ تتوضأ ، فإن شكت لكائن من كان ، لن ترتاح كراحة تأتي بعد شكواها لمن يشعر بها حقا و يزيل ضيقا توسد صدرها ، فينبثق شعاع الأمل بالله ليرسم بـ أقلامه الملونة نظرة مشرقة في عينين لا حلم لهما سوى الفرج
.
.
.
يجلس مترأسـآ تلك الصالة الرفيعة المستوى ، و كإنها تعود لأجداده السلاطين و البشوات ،، انامله تتفنن في الانتقال بين ازرار جهاز التحكم الخاص بالتلفاز ، لم يبدي اي اهتمام بـ إعتراضات رفيقه المتكررة وهو يشد على اسنانه ليـثبت هذا الناقم على قناة واحدة
كرر ما قاله منذ قليل بطبقات صوتية أعلى : دكتور علي بلاا زحمة على حضرة جناابك قلبه على الفلم اريد اكمله !
و كإن ' كثرة الطرق تكسر الحديد ' ،، فـ وقف متمللا و رمى بالجهاز نحو الن الذي استطاع امساكه ببساطة وهو استطرق : كمل الفلم ، عبالك جاااهل بس يعوي
رفع حاجبه بـ تكاسل : اي جاهل ديللا وخررر من الطريق اريد أقلب
إبتعد بخطواته المتزمتة وهو يردف : اني طاالع
وصله صوت آلن بـ ريبة : شنو زعل الزعطوط ؟؟ هسة منو طلع جاااهل هاا ؟!
لم يجبه فقد كان ينوي محادثة تلك البلهاء الصغيرة ، قد أتعبته و ارهقته كثيرا هذه الفترة ،
لا يود إجبارها ، يقسم بإن هذا اخر ما يتمناه ، إلا إنها بذلك الانف المتعالي و المتطلب تستحق قليلا من الحزم او حتى كثيرا منه كي تعتدل بتصرفاتها الطائشة !
لو أعطته سببا مقنعا لترفض ذلك الخاطب لن يتأخر في الرفض و اعطاءها حرية الاقتران بالأفضل
الا انه كـ رجل يريد لأخته الاستقرار و الامان لن يجد بنظره أحسن من ضرغام ، بغض النظر عن عمر طبعا !
آه يا عمر !
لن أنساها ما حييت ،،
و لا يهمني تلك إنتقادات تافهة قد يقدمها لي الكثير ، فلا أحد يعلم بشأن ذلك الرباط القوي الواصل بين رأس و قلبين ،، فـ أنا الرأس و هما القلبان الضعيفان ،
و بما فعلته كنت انا الضعيف !
قدمتها له من جديد بوهن ، و عاد ليرفضها مجددا و كإن هنالك عيبا ما بأختي
تبا لك يا رفيق الدرب ، تبـا !
بل تبا لي و لثقتي العمياء بمن لا يستحقها ، في المرة الاولى كنت صاحب الحق برفضك فتاة صغيرة علمت من شقيقتك إنها تود مواصفات معينة لا تمتلكها انت
اما الآن فرفضك لا عذر فيه ، و إن قدمت لي واحدا سـ تعتبر جريمتك اقبح !
دلف الى الحديقة وهو يستنشـق الهواء النقي ،، يداه تقبعان بداخل جيبي البنطال وعيناه ترتكزان نحو نقطة امامه ،
بقي هكذا لمدة ،، فهو دوما ما يسترخي بهذه الطريقة ، رغم أنفه تشعره الطبيعة بالإرتياح !
تذكر إتصالات والدته المتكررة نهار اليوم ،، كادت تفقد صوابها بسبب عزفه عن الرد ، لا يعلم لم تمنى لو إنه رآى عينيها في تلك اللحظة ، فقط كي يتبين اهتماما لم يراه صبيا
رفع حاجبه بـ سخرية ،، ما باله يبحث عن مستحيل طواه الزمن ؟
بإبتسـامة هازئة اخرج شخيرا مرهقا ،، ليس جسديا و إنما نفسيا !
كل ما حوله يتلاعب بـ أعصابه الحسية ،، فذلك إنتقام بات قبسه يـخمد يوما بعد أخر ، و كإنه مل لعبة الثأر تلك !
لا يعلم لم لا تشتعل نيرانه عند ذكر تلك الاسيرة ، لايريد عقابها بذنب ابيها و لا يعلم ما السبب
فـ فقيدتاه قد عوقبتا بـ ذنب عبد الملك بدم بارد ، أ يعقل أن إنسانيته بمفردها ما تـسيطر عليه عند ذكرها ؟
لا يعلم !
إن كل ما حوله يثير سخريته في الاونة الاخيرة
ففي الوقت الذي يصدمه رفيقه برفض اخته
يصدم أكثر بإستسلام إمرأة متوحشة في بعض الأحيان ليتسلم عنها زمام قراراتها !
كل الحكاية ملتفة بتعقيدات عدة ، تعقيدات معقدة ،، صعبة الفتح و إن بذل قصارى جهدا يملكه !
نفث هواء صدره بـ بطئ ، ثم اعتدل بوقفته تلك ليخرج هاتفه الشخصي .. انتقل بخفة بين الاسماء ليـختر إسمها العنيد ،،
سبحان الله ،، فـ أخته إستثنائية في كل شئ ،، و تشذ عن كل القواعد فحتى اسمها لا ينطبق على شخصيتها و لا لينها !
توســد الهاتف صيوان اذنه .. قليلا و تذبذب صوت الرنين لـ أذنه الداخلية ،، و بعد إنتظار ممل وصلته نبرتها بكثير من التكاسل : ها علي ؟
تغضن جبينه بغيظ : شبيج ؟
أجابته بعد تنهيدة ازعجته : مابية ،، وعلي الله يخليك قول شتريد مابية حيل احجي
بسخرية : يعني مخابر دا اسولف وياج حتى مابيج حيل ،، هية دا اقلك شغلة وهاهية
مكالمة باردة بـ إسلوب منجمد !
سحقا لها من جينات توارثاها لـ ترفع بـ أنفيهما فوق السحاب ليتقاتلا هنالك من أجل البقاء
رفع حاجبه الأيسر و إستطرق : باجر من الدوام تعالي لبيتنا ،، لازم تنظفين وتتحضرين ،، العصر جايين اهل ضرغام ديشوفوج
صمت دام لـ ثواني قبل أن تستطيع إستخراج صوتها الضائع : لـ ـ .. لأ ،، ما أريـ ـ ـد
نفخ هواء صدره و زجرها : ليناااا كاااافي ،، تعبببي ، مللللي ،، الى متى تعاندين ؟! شوووفي اهله اذا مرتاحيتي خلص ،، كلشي ينتهي ،، بس شوفيهم و خلصيني مو حرقتي عشيرتي كلها !
إعتصر قلبه عند تنازلها للمرة الأولى لتتحدث بتلك نبرة مكسـورة : علـ ـي ما اقـ ـدر ، ما اريد ،، الله يخليـ ـ ـك ، حس بيـ ـه ،، ليـ ـ ـش تموتني هيجـ ـي ، رجعهـ ـآ ،، رجعهـ ـآ و خلينا نرجـ ـع لحياتنـ ـ ـآ ،، الله يخليـ ـ ـك
لم يشأ أن يقاطعها ،، فشعر بكل ألآمها تشعل له صدرا بات ضيق القصيبات
سعل بخفة ليستعيد سطوته الزائفة في هذه اللحظة : دتبجين ؟
بـ طريقة اللا لين ذاتها تحدثت : لأ ،، لييييش اببببججججي ؟؟ منووو يستاااهل ،، علي ســـد التليفون ،، و يكون بعلمك ما اجــي باجر ولا هم يحزنون
صر على أسنانه : زقنبووووت ،، وبعدين يا زمااالة انتي مو وافقتي وفضيتيني ؟؟ لعب جهال هوة كل شوية رأي ؟؟ تنجبين وتجين لا احرق اهلج كلهم
صرخت به بغضب و لم تهتم لأي احد بإمكانه الإستماع للمكالمة : إحرررقهم ، غيرت رأيي ،، اذا زوجتني رح اموت ،، و اني ما اريد اموت !
و إنتظرته مكرهة حتى أغلق الخط بعد أن قال بـ شدته المتعارفة : تاكلين *** و تجين ،، و نشوف يا بت ابوج شلون رح تفشليني قدام العالم
؛
جِبالُ الصَّمتِ
في عَينيكِ تَنهارُ
ويَجتاحُ ..
حُصونَ الصمتِ إعصارُ
أتانا حُبُّنا بَرقًا
أتى رَعدًا وأمطارا
أتَى .. عُمري يُطهِّرُنا
يُفَجِّرُنا يَنابيعًا
وأنهارا
فتَنمو في جَوانِحِنا
بُذورُ الشوقِ أشجارا
***
جِبالُ الصمتِ
في عينيكِ
تَنهارُ
ويَجتاحُ ..
حُصونَ الصمتِ إعصارُ
هو الحبُّ
وما اختَرنا
ومَنْ في الحبِّ يَختارُ ؟
لـ : عبد آلعزيز جُويدة
من جهتها ضربت الأرض بقدمها بـ عصبية لدرجة انفلات خفها بعيدا و نحيبها يرثي حالها و هي تتخذ السطح كـ منفذ لتفجير غيظا يستوطن اعماقا لها !
ما بال ضعف الكون تجمع من حولها منذ زمن ، و كإنه لا يرى غيرها احدا ، إنها تتألم
الوحدة و الحاجة و الضيقة كلهم لم يتركوا لها بصيص امل في المستقبل ،، بعد صلاتها تلك و ابتهالاتها الطويلة شعرت ببعض الراحة
و لكن الآن علي قلب لها مواجعا تقاتل من اجل الهرب منها ، فالـ هرب هو نصف المرجلة كما يقال ،، وهاهي فضلت الهرب على المواجهة
و لكن الى اين بإمكانها الولوج ؟
فكل الأبواب موصدة امامها ، غير اثنان لا ثالث لهما ،، اما ضرغام و زواج حقيقي ،، أو عمـ ـر بزواج صوري مؤقت !
نزلت درجة من سلم عنفوانها وهي تفكر في الافضل بالنسبة لها
لتتلوها بدرجة أخرى مع تذكرها الموقف بحذافيره
فـ ثالثة و رابعة حتى وجدت نفسها ترفع الهاتف لتقم هي بتلك الخطوة ،
علي لن يرحمها و لن يفكر بإحتياجها الحقيقي ، لن يرحم دموعها و تذللها الذي تقوم به لأول مرة ،، فهو ليس كسائر بني آدم ، إنه مختلف ،، حقا مختلف و ردود أفعاله دوما تكون مختلفة كـ هو !
و كما يبدو فإن قلبه البشري لن يكون في صفها و سـ تخسر إن تفاءلت به خيرا
بعد إستخارتها كانت تشعر بشئ واحد لا غير ،، خطورة الندم الذي سيسكنها إن رفضت عمر ،
و هذا ما جعلها تتماسك وهي تنصت بـ أعصاب ترتعش لذلك الطنين الذي يضرب طبلتها بقوته ،
فترة قصيرة كانت ثم جاءها صوت عمر الدافئ ،، كان مبحوحا و متكاسلا ،
ابعدت الهاتف بحركة سريعة وقامت بقطع الخـط و كل ما بها يرتجف
ما ضرب الجنون الذي تنويه ؟!
يستحيل أن تفعلها
تتصل به لتخبره موافقتها على عرضه القائم ؟
أين ركائز كبرياءها ؟؟ بدأت تفقدهم واحدا تلو الأخر ،
يا الله ،، إرحمني
كورت قبضة يمينها و بدأت تفرك بها يسار صدرها ،، تريد تمسيده عسى ولعل أن يخف الإنقباض و ترتخي تلك العضلة قليلا !
الهاتف الذي كانت تحتضنه يسارها رن فجأة فـ جفلت وهي تشتعل رعبا ، عاد ليتصل ،، ما الذي فعلته
يا الله يا الله ،، ما الصواب لتفعله ؟
إن أجابت ستخرب حياته في سبيل أن لا تخسر حياتها هي !
لكن ما ذنب زوجته ؟
هو مستعد ليكون ذلك القارب الذي يوصلها حتى الجانب الأمن من الشاطئ ،، ينقذها من أن تغرق في تلك الدوامة العنيفة التي إن التهمتها ستنهيها بذات اللحظة بلا شك
أما زينب ، فلا سبب يجعلها تشاركها ركوب ذلك القارب الذي لا يكفي الا فردا واحدا
و هي لا تريد أن تأخذ مكانا لتلك الزوجة
ا هذا وقت التراجع ؟!
لم لم تفكر بالامر مسبقا ؟
لقد فكرت ،، و لكنها الآن تفتقد تلك القدرة السابقة على إتباع تعليمات الدماغ
إنقطع الإتصال وهي شعرت بـ عروق رسغها الحاملة للهاتف تتقطع واحدا تلو الأخر فـ تجعلها تتلوى ألما
هذه المرة فلتت منها شهقة صغيرة عندما عاد ليرن ،، لن تهرب !
هو اخبرها بإنه سيتفق مع زوجته
و إن ارتباطهما لن يؤثر في حياته تلك ، رغم يقينها بإن ذلك مجرد كلام يقال
فـ وجودها بحياة عمر سيقلبها رأسا فوق عقب !
أجابته بتوتر و هي تشعر بالإختناق يكاد يأتي بمصرعها ،،ازدردت ريقها لمرتين متتالية ثم همسـت بـ ' نعم ' خافتة
وصلها صوته الـرخيم : لينا ؟
رفعت يديها لـ ذلك العنق الطويل لـ تعتصره ،
لا قدرة لها على رسم احلام بألوان باهتة ، يارب
عاد صوته ليـقول : لينااا هاي انتي ؟! خيررر شصاير ؟
تغضن جبينها بـ ضيق ،، و كإنه لم يطلب منها صباحا التفكير في الموضوع ؟
خرج صوتها ضعيفا جدا ، عليها الإسراع قبل أن تفقد وعيها : عمـ ـر ، أني ... مـ ـ ـوافقة !
؛
هذا .. الهوى ما عاد يغرينيَ ! فلتستريحيِ .. ولترُيحينيِ
إن كان حبكِ .. في تقلبه ما قد رأيتُ .. فلا تُحبينيِ
حبي . . هو الدنيا بأجمعها أما هواك فليس يعنيني
أحزانيَ الصغرى .. تعانقنيَ وتزورنيَ ... أن لم تزوريني
ما همني .. ما تشعرين به إن أفتكاري فيكِ يكفيني
فالحبُ . وهمٍ في خواطرنا كالعطر , في بال البساتين
عيناكِ . من حزني خلقتُهما ما أنتِ ؟ ما عيناكِ ؟ من دوني
فمُكِ الصغيرً ... أدرتهُ بيدي وزرعتهُ أزهار ليمون
حتى جمالُك , ليس يذهلني إن غاب من حينٍ إلى حين
فالشوقُ يفتحُ ألف نافذةٍ خضراء ... عن عينيكِ تغنينيَ
لا فرق عنديَ يا معذبتيِ أحببتنيِ ، أم لم تُحبينيِ
أنتِ أستريحيِ ... من هواي أنا لكن سألتكِ ... لا ترُيحني
القبـآآني !
تأوهت متفاجئا ، لقــد أعطتني موافقتها !
لينـا ، ستصبح فتاتي
يآ الهي
إن كان حلما فليته يطول دهرا بأكمله
لين ، يا قلبي الضعيف أنتي
لطالما كنتي ضلعي الأعوج ،
فرغم محاولتي البائسـة لوضع أخرى مكانك أجدني أفشل ببراعة !
و هل هنالك براعة في الفشل ؟
نعم .، فحين يتراخى قفصي الصدري معلنا عن اعتراضات وثورات يكون الفشل بارعا
محتجا ذلك القفص و مطالبا بضلعه الضائع ،، فلا شئ يجعله متماسكا مثل وجودك كـ ركيزته الأساسية يا أميرة أوجاعي
او لأقل يا عوجائي أنتي !
إمتصي دمي رويـدا و لكن لا تتركيني ، فمن الآن سأحتكرك يا لين ،
ذلك الضوء الأخضر هو ما كنت أنتظره عمرا بأكمله ؛
تشتت صوتها لـ تستطرد سريعا : بـــس مثل مقلت ،، زواااج صوري لحد ما يخلص كل شي
كنت على وشك ان افلت جملة ' أني مقلت صوري ' لكني تماسكت و استطرقت بـ صوت مثقل بهموم جديدة : الله كريم
هذه المرة جائني صوتها بقوة أكبر : عمممر ،، لازم اول شي تشوف خطيبـ ـتك و رأيهـ ـ ـآ
لم شعرت بتلك القوة تنهار في نهاية الجملة ؟
لين ،، فقط لو كنتي لي منذ البداية ، ما كان سيمسسك شئ من ألم يجتاح حناياك الآن
اجبتها بجدية خالصة : طبعا ،، رأي زينب الأهم
و أكملت بنية صادقة : و اذا معجبها الوضع ، عذريني ، لإن ما رح اكمل اللعبة !
اذا معجبها الوضع
و
لعبة
خنجران بنصلين حادين ،، أعلم بإنهما جاءا في روحها الضائعة !
ما الذي اقوم به ؟
إنني اتلاعب بالنيران من حولي
و يبدو ان ما سيأتي مستقبلا لن يكون أكثر من كوابيس مستمرة ،
كوابيس علي أن اعيشها واقعيا ، و لإجل هذه الأنانية التي وجدت بي بر أمانها سأفعل
لكنني بالطبع لن أكون بذلك البر السهل ، بل سأتراوح بين الجبال الخشنة تارة و الصحاري تارة أخرى
لين ،، لن تعش في سهولي الخضراء حتى تتصف بإسمها
ولكن في الوقت الحالي الأهم أن تكون لي
أغلقت الهاتف من غير ان اضيف غير تحية الوداع البسيطة ، انزلق من بين اصابعي نحو الأرض ،
أعدت جسـدي بثقله نحو الخلف ليتردد صدى اصطدامه بالسرير في أذني ، ذلك الإصطدام العنيف !
لا أعلم من أين رسمت تلك الإبتسـآمة الغير مصدقة حول فمي ،
رفعت بكفي لأفرك وجهي بقوة و كإنني أحاول تصديق ما حدث
يا رب ، أنت اعلم بما يعتمل في
لا تؤاخذني على انحيازي في مشاعري نحو فتاة لا استطيع رؤية غيرها بعيون قلبي !
يا رب ، إرزقني عدلا أدير فيه حياتي
لا اريد ان امارس اي نوع من الظلم نحو زينب
يا رب ،، هون على زوجتي ما سأطلبه
يا الله لا تفجعني بـ خسارة لينا بعد أن وصلت لها
شعرت بـ صوت والدتي يقتحم سكون الغرفة فتصلب ظهري بذلك الإستلقاء ،
اسندت جسدي بكفي لأجلس مرحبا بها ، نقلت نظراتها الى الأسفل فـ انزلت يدي أرفع ذلك الهاتف ، ثم رميته بـ لا مبالاة قربي ،
إبتسامتها السمحة جعلتني أشعر بنصل السكين يدمي خافقي الاحمق ،، قالتها يوما !
إنها تخاف أن أجعل رأسها يتطأطأ أرضا أمام رفيقتها ؛
إستقمت بـ هدوء : يوم ، تعااالي شوية اريدج بشغلة مهمة
نظرت لي بمكر : شنووو ؟ تريد تقدم موعد العرس ؟
اصاب عضلة لساني نوعا من الشلل المؤقت ،، فـ إتخذت الصمت حليفا لأشير لها بالإقتراب علي اكتسب بعض الوقت لكي أستعيد قدرتي على النطق
بان التوتر بصوتها وهي تتقدم لتتخذ سريري كـ مقعد مريح : خير امي ؟ عمر لتووقع قلبي و قلي بسرعة شكو ؟
أشرت لها بيميني لتهدأ : على كيفج يوم لتخترعين ، بس شوية الشغلة معقدة
أخذت انفاسا متباعدة و انا اقف امامها بـ جسدي الملتهب : يوم ، تدرين شنو انتي بالنسبة الي ؟ والله الروح ترخصلج ، و تعرفين اخر شي اتمناه انو ازعلج مني
مقدمات كهذه لها وقع مخيف في النفس ، اخرجت زفيرا حادا : عممر بلا هالحجي قلي شصاير و لتطلع روحي
إبتسمت لأسحق غضبا بات يظهر في عينيها : عندج ثقة بإبنج ؟!
هددتني : عممممممممر
حافظت على وتيرة التماسك : يوم ، علي يريد يزوج لينا ،، و هية ممواااافقة
جائني صوتها بـ شئ من الصدمة : صـــــدددق ؟؟ لاا ،، والله مو طلعة من علاوي ،، ليش يريد يغصبها زين ؟
زممت شفتيي : تورط بمصيبة كولش خطرة ، و يريد يضمن حياتها اخاف يصير له شي
ضربت صدرها برعب : يمممة اسم الله الرحمن عليه ،، ولك يوم شدتقول ؟؟ ليش لهالدرجة الشغلة خطرة ؟ زين فهمني ليييش ؟
هززت برأسي تائها : يوم شغلة طويلة ، المهم هسة لينا !
لم تتكلم ، و انا لم استطع النظر مباشرة في عينيها ، فأنا أعلم بإنها ستجردني من مشاعري حال ما تقابل نظراتي ، أكملت بهدوء : البنية تقول اموت ولا اتزوج بهالطريقة
بـ صرامة إستجوبتني : و انته شمدريك ؟
فركت رأسي بـ غضب داخلي : هوة قلي
تسلحت بما املك من جرأة لأرفع نظراتي نحوها و انا اكمل : يوم ،، هية هسة قاعدة ببيت عمها ، و علي ببيت آلن ، وضعهم صدق خطر ، و احنه خايفين عليهم ، بس هية متتحمل بيت عمها واكو واحد خاطبها فعلي يريد يستغل الوضع
أجابتني بإهتمام : عمر شنو هالمصيبة الي مسويها علي ؟
اخرجت من صدري زفيرا حارا : يوم والله سالفة طويلة ، المشكلة هوة مغلطان ، بس وقعت براسه المقرود ،، المهم ،، هسـة اني .... يعني .. ' جررت بنظراتي لأقصى الغرفة ' أني اريد اعقد عليها و أجيبها يمنا ، يوم يحتاجون وقفتنا !
بهت لونها و فتحت ثغرها بـ صدمة : نسيت زينب ؟
هززت برأسي و أنا أشتعل بـ نارا احاول إخمآدها بداخلي : اول شي اقللها ، و اشوف ردها ، أني ما اريد اظلمها ، و زواجي من لينا مجرد شي وقـ ـ ـ!!
لـ تقف أمامي غاضبة للمرة الأولى في حياتي : انتتتته تخبببببلت ؟؟؟
.
.
.
نهآية آلبرآءةْ آلخآمِسَةْ عَشَـرْ
حُلمْ
|