لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-13, 01:04 AM   المشاركة رقم: 71
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 


بسم الله الرحمنْ الرَحيمْ

أكرمنا الله و إياكمْ بشهر الخير و الفضائل أجمعُ
بآرك الله لكم و لنـا بهذه الأيام الثمينة و رزقنا طاعة و غفرانا و رحمة
تأخرت بـ الحضور و تبادل مباركات الشهر الفضيل
لكنكم بالقلب و البال دوما والله يشهد
أحبة الحلمْ
جئتكم بـ جزء طويل جدا .. يستحق إنتظاره
أتمنى أن يكون خفنيفا على جرح صنعته بيدي على سطح قلوبكم النقية
فإعذروني .. رجاءا


/

لا تؤخركم الرواية عن الصلاة و الذكر و القرآن
فضلا لا أمرا .. ^^

بسم الله نبدأ بـ رسم خطوط النهاية في


الـحكم الأخير


(1)






؛





مَضى عامٌ وبَعدَ العامِ عامانِ
تَجاوَزنا طُفولتَنا
وفي الأشواقِ طِفلانِ
مَضى عامٌ
وبعدَ العامِ عامانِ
وطَيفُكِ في مُخيِّلَتي
أُعانقُ وَجهَكِ الوضَّاءَ في صَمتي
وأبكي حينَ لا يأتي
أرى نَفسي بعينيكِ
أذوبُ بعِطرِ شَفَتيكِ
وأعرِفُ أنَّها نارٌ
أضُمُّ النارَ في صَدري
وأحرِقُ بينَها عُمري
ويَبقَى بعضُ ما قُلنا
وذِكرى أنَّنا كُنا
ومازلنا حَبيبينِ
وفي عينيكِ أيَّامي
وأحلامي
وأغلى ما كَتبناهُ
فيا صَدرًا قَضيتُ العمرَ يَحملُني
وأسكُنُ في حَناياهُ
خُذيني نحوَ أيامِكْ
أسيرًا أبتَغي أسري
خُذي عُمري
أَضيفيهِ لأيامِكْ
تُرى إنْ مرَّتِ الأيامُ تَعنينا ؟
وكيفَ العُمرُ يَعنينا !
وعامٌ قد مضى مِنَّا
وعامانِ
وإن مرَّتْ منَ الأعوامِ آلافٌ
فإنَّا يا مُنَى عُمري
حَبيبانِ .. حَبيبانِ



عبد العزيز جويدة









تطوى الأيام ببطئ يشحذ همته من قلوب الحزانى ، يعصرهم بين ساعاته الكسولة ، يكبرون ، و تشيخ قلوبهم لـ إدمانهم الوجع ، تغادر الضحكات المنازل ، و نبضات القلب تفتقر بعضها حتى يحين موعد الأجل ، تشرأب أنفاس العمر المبتئس ، و يضيق الخناق على اعناقهم المقيدة بأغلال الحنين

الحنين لأيام مضت كانت بها ضحكات البراءة هي كل ما يتعالى في البيوت بدلا من انتحابات لا حصر لها من ساكنيه ، صياح الأشقياء هو مصدر الإزعاج الوحيد بالأحياء ، بدلا من انهيارات الرجال المغدورين بـ طعنة فقد !
يعاني ساكنو المنازل من زحام الأفرع السكنية لا من إنغلاقها بسبب نصب عزاء جديد ، و هكذا ، قلب حال العراق ، و بكره بغداد ، و أخواتها
كرائم العراق ، الأرامل !

يستلقي على سبيل محاولة السلوى ، في حجر الـ " كفاح " ، يداعبها بـ إرهاق ، فـ للتو عاد من المقبرة ، بعد أن إنتهت مناوبته الليلية ، ليجدها و كما العادة وحيدة في غرفة شهيدتهم الراحلة ، يؤنسها قرآنها الكريم ، و تحتضن اصابعها مسبحتها العزيزة ، يجرها معه خارجا نحو غرفة المعيشة

كم من الراحة الإلهية تنبعث من حضن الأم ، سبحان من أغدق على " من كرمها بـ جنة تحت قدميها " بـ هذا المنبع العظيم من الحنان

يسحب كفها المداعبة شعره المحلوق كل حين ليقبل باطنه بسخاء عاطفي ، يتلكأ هاربا من محاولاتها المستمرة لـ تركها و الذهاب للإطمئنان على زوجته و من معها ، لكنه يرفض متعللا بأن " لا حضن كـ حضنها هي " ، يحاول مع اللين جاهدين أن يكونا لها كـ ظل ملتصق بـ قدها اينما ذهبت ، إذ دأبا على ذلك منذ أن ضاعت من على وجوههم الإبتسامة .. شعر بنبرتها الهادئة تتلكأ قليلا قبل أن تسأله : عموري

همهم بخفوت و الوسن صار يدغدغ جفنيه ليهديه من عند الكريم سلوانا : عيونه ؟

تأخرت في الحديث ، ليحاول جاهدا أن يتشبث بخيوط الصحو الرفيعة بنظره ، فصار ينقب بين الملامح السمحة عن سبب التوتر اللحظي الذي اهتزت به احرفها ، لتجيبه بإبتسامة لطيفة ، شاردة الذهن كعادتها : ألن ، ميخابركم ؟

تغضن جبينه بـ انزعاج ، ليتحدث بتروي مفكر : لاا والله ، صارله اسبوعين يمكن مختفي ، عادي تعودنا على سوالفه هاي

سكن جسدها لوهلة و طيف مصور لأحداث ذلك النهار يشق الذاكرة كل ليلة ، زارها الآن ، " رغم توافد خيوط النهار المخترقة لأوزون الأرض " ، فإن نجحت بلملمتهما سويا عند وضح الشروق ، فالوهن يدفعها للإستسلام عند السجى ، و إن عظمت قوتها لا سبيل للمجابهة ناهيكم عن كونها هي من تحن للتلطخ بدماء الوجع : زين هوة شلونه ؟

نطقت بها مهتمة لمعرفة تفاصيل ذلك المجازف ، لتأتيها إجابة ولدها مسبوقة بتنهيدة متكاسلة : زين ، نفس حاله ، توقعت من يروح لاهله يتغير ، بس هاي صارله تلث سنين هناكة و حالته على حطتها اذا مو انجس

ليفتر عن ثغرها دعاء إستغربه عمر : خطية هالولد ، الله يصبر قلبه

إستنكر بشدة ممتعضة : على شنو يصبر قلبه ؟ ليش هوة فهمنا حجى قال ،، شو هيجي فجأة راح بدون لنشوفه حتى

سحبت من بين اصابعه فتيلة الغيظ بقوله العطوف : أمي تدري امه جانت مريضة و جان لازم يروح ضروري

لكنها لم تفلح تماما ، إذ اصر على موقفه الرافض لـ غياب إقترفته يدا رفيقه بغير مبرر : و معرف يرجع وراهه و لو شهر ؟ يوم مو عذر ، ألن كلش تغير ، و اني مليت من الحجي وياه لإن مدا اوصل لنتيجة ، يعني تصدقين لهسة اني ما اعرف شنو الي غيره ، هيج فجأة تخبل و صار منعزل و بعدين قرر يسافر " علمود امه يابة عذرناه " ، بس هاي مو عوايده ، يعني هوة صارله كم سنة ببيتهم وحده ، شنو الي خلاه يقرر يروح للسويد و بعد ميرجع ! أكيد مو علمود امه ، لإن هية صارت زينة ، فالظاهر هوة جان ناوي عالروحة

بـ تأن قلق همست : و علي ، لهسة ميعرف شبيه ؟

إعتدل جالسا ، ليفرك رقبته الحنطية ، مديرا اياها ذات اليمين و ذات الشمال حتى تناهى له و لوالدته طقطقة فقراته العنقية : ما اعتقد ، و حتى لو يعرف ميقول

شردت نظراتها لبرهة ، إبتاعت من سوق الصبر دلوا لتسكبه في ثغر جرحهم الغائر فـ تخرس ثرثرته قليلا ، بعدها تمتمت بـ عقل غائم بالهدوء في محاولة لجذب إهتمام عمر على طرف أخر : صدق شلونه علي ؟

بـ هزء خفيف أجابها بعد أن تثاءب بـ خشونة انعكست بنظرة عطوفة فوق سطح قزحيتها : زين .... بيبيته تريد تخطبله

بنبرة رحيمة علقت : قوم أمي روح لغرفتك نام ، شوف عيونك احمرت
رفع حاجبيه دليل الرفض ، لتسترسل برقة حنون : لتخاف علية امي اقعد اقرا قرآني لحدما انعس و انام ، بس اليوم متغير جدولي مو ليونة اخذت حبيب بيبيته تريد تتعلم عليه فتأذيت

إستند بكسل على ذراع الأريكة ليشاكسها بنبرة ناعسة تبعث على الإبتسام : حبيب بيبيته ؟ و تقوليها قدامي ، ترة ميصير خاتون دتخليني اكره ابني ، و لتحاولين ما اقوم و اعوفج " ابنج لزززقة " ، إذا نعستي انتي روحي نامي ، و هم ما اعوفج اجي وياج لحدما اشوفج نايمة صدق

حادثته بـ سلاسة و فيض من الحب الصادق الكامن بين اضلعها صار ينساب كالدبق الملتصق بحروفها المرسلة لنبضه : عمر يوم لتشلع قلبي ، مو والله قلبي يوجعني من اشوفك تعبان

و لم تحصل منه سوى على غمزة شقية محببة : تعبج راحة كفوحة

زفرت ببسمة خفيفة : لا إله الا الله

ليرفع يمينه موسدا اياها صدره ، متمتما بـ : سيدنا محمد رسول الله
لحظات و اضاف بعدها : نرجع لموضوعنا ، بيبيته تريدج تلقيلنا عروس لعلاوي

بعجب لم تخفيه تساءلت : ياااه .. والله يا ام وسام ، متعرف ابن بتها يعني

ليسترسل هو بذات السخرية : لا و قالت للينا هم تدورله عروس ، وهم بمساعدتج طبعا

تنهيدة حارة افرغت ما بها من شجن إحتلها فجأة ، تلتها بـ : هوة ميدري موو

ضحكة خرساء سبقت رده الخافت : لا والله يدري بس مداير بال ، يقول لو تطخون راسكم بالحايط ما اتزوج ، ' ليستطرد بنزق ' وهاي بكيفها تحجي .. على بيبيته

إستغفرت بـ همس ، لتدلي برأيها الحاني : ميجوز من سوالفه هذا علي .. امي هوة مو صغير ، إنتة احجي وياه شي ، ميريدله طفل يشيل اسمه ؟ يعني الى متى يبقى هيجي

بملل واضح اجاب : والله بعد لا احجي ولا اقول ، علي مينجرع ، اصلا ظلم بحق اي وحدة تصير يمه ، امها داعية عليها الياخذها ، متشوفين بت عبد الملك الي من جنا جهال ندري بيها تحبه هم متحملته و تطلقت ، و بت قاسم هم صارلها كم سنة ميدري عنها شي ، منو المخبلة الي تتورط وياه بعد متسمع مصايبه ؟

: زين معرفت ليش طلق سارة ؟

بصمت أجابها نافيا ، لتعود فـ تستفسر : زين ليش ميطلقها لبت قاسم همين و صدق يتزوج الي تختارها بيبيته ؟ ابني قله حرام عليه موقف قسمة البنية ، يعني شنو ذنبها تبقى معلقة طول هالسنين

بـ هزء احتدم بالقهر علق بعد زفرة مشتعلة اللهب : يحبها يوم ، و احنة حبنا مال مخابيل ..... نعمة من الله ألن مو مثلنا و مـ تخبل على وحدة تطيح حظ حظه

تخشبت ، بكل ما للكلمة من معنى أصاب جسدها حالة من التبلد المهيب ، ترقبت أن يضخ الدم لأجزاءها فتستعيد توازنها الحيوي ، فطال إنتظارها حتى إستطاعت التخلص من شحوبها الواضح ، همهمت بـ ما لم يفهمه شبلها ، و ظنه امتعاض مما تقترفه يدا رفيقه ، ليضيف بإمتعاض باد على احرفه : والله يوم اني و لينا حجينا عليه لحدما ملينا وهم بدون فائدة فبعد سكتنا ، طبه مرض ، هوة يريدها بس ما ادري شموقفه .. و شمصبره

بحديثه عن الصبر بإنتظار قرب المحبوب ، إستل من صدرها حنو فائض لـ تشاكسه به : إي عاد إنتة خبرة بالصبر ، إسكت لتحجيني شلون مصبرت و متحملت

ظهر الإحراج جليا بصوته الرزين : هههه ، والله يوم لو صابر جان ضاعت من ايدي

لتمسح الحنون على ركبتها بخفة ، معلقة بنبرة تسودها الجدية : أمي مادامها نصيبك متصير لغيرك ، لتخاف ، سبحان ربك مقسم الارزاق

وافقها بـ رفة جفن يشتهي النوم : و نعم بالله
صدق كفوحـ ـ ـ

: خااااالة هاج ابن ابنج موتني مناااام اببد رح ابجي ، منمت غير ربع ساعة ورة الصلاة و هم قعدني بعياطه ، ماريييده بعد ، رح اروح للدوام واني منايمة تفوو عليييه

النبرتين الصارختين لـ " من لم يصبر على إنتظارها يوما " و لـ ثمرة مجازفته ، و عذابه " ، اخترقتا قلبه قبل سمعه ، ليعتدل بجلوسه المريح ، مراقبا البسمة الخفيفة التي حطت على ثغر والدته بإستحياء من التجاعيد المحيطة به ، هذه هي الكفاح ، لا شئ صار يؤنسها سوى الصغار
" مينا ، و ميان ، و الآن ... نور "

رفعت ذراعيها مرحبة بالصغير المتسربل بالبياض الناصع ، يسبقه صراخه الباكي " اللذيذ جدا لأسماعها " لترفع نبرتها متغنية بحضوره : هلااا بيه هلاا .. وبجيته هلاا

إستلمت من كنتها الكائن الضئيل ، بحجم الكفين كان ذلك الحبيب ، إبن شبلها الغالي الذي سرعان ما مال نحو من يتمطى بحضنها ليداعب بشرته الرقيقة المحمرة ، اليوم اتم شهر واحد منذ أن جاء ليلون بؤس البيت ، و يضيف نكهته الباكية على خلطتهم المرة !
صراخ الصغير الذي تعالى بإزعاج لا مثيل له من النظائر دعاه لأن يقف بـ ملل ناقلا بصره حيث القد الممتلئ المتسربل بالأصفر ، بـ ثوب فضفاض لا يكاد يصل الركبتين ، رقت نظراته و هو يلمح الدموع المالئة للأحداق المحاطة بأجفان متورمة ، ليشير لها مستفهما ، ناطقا بـ : شبيج عمري ؟

كانت على وشك الجنون ، هي لا تستطيع السيطرة على صغيرها الاحمق ، لم تنجح ابدا ، حاولت الليلة و للمرة الأولى أن تكون له أما مثالية و جربت حظها في هدهدته و تنويمه ، و لكن يبدو ان طالعها يناقض رغبتها ، فهاهي تعود به لأحضان جدته كما كل ليلة ، أكيدة هي بأن هذا الأفضل لـ حماتها الحنون ، فـ فيض مشاعرها يحتاج لـ بئر يبتلعه ، و لا بئر أفضل من فم هذا المزعج ، شبيه خاله !
يصيبها الذعر الحقيقي إذما يشاكسها احدهم بأن فتاها لابد و أن يكون نسخة مصغرة من خاله ، فـ كما يقال " ثلثين ' 2/3 ' الولد عالخال " ، لا ترغب أبدا أن يكون هذا الـ ' نور ' البرئ متوحش كـ ' علي ' ، فهي لم تفلح يوما بـ مجاراة خبث الأخير فكيف الحال مع صغيرها ، جل ما تتمناه ان يكون غصنا مطابقا للأصل العريق ، والده ، الحبيب !
أغدقت عليه بـ نظرة مغتاظة ، لتشير نحو صغيرها بـ زعل واضح : إبنننك هذااا مووتني

حاكاها برقة ويده تفتح أزرار قميصه الرمادي بـ كسل ، بينما نظراته يصبها على والدته و حنانها المتدفق صوب حفيدها الأول : والله ابنج انتي ، أني شعلية بيه

ترقرقت مقلتاها بمياه زمردية ، لتحذره من مغبة ان يواصل اللعب بأوتار اعصابها : عمررر جديات دا احجي

فرك عنقه المزين ببروز " لطالما هز تماسكها " ، لينقل نظراته نحوها متحدثا بـ جدية مصطنعة ظهرت رغم ارهاق نبرته : لعد اني دا اتشاقة ؟ ابنج نسخة منج و من اخوج ، فإنتي حيري بيه

: لتقووول يشبه علي

: عينن " شبه مطابق للأصل" علي ، دباعيه شلون مكشر 24 ساعة

: عمر يوم لتشلع قلبها خطية شوف عيونها منفوخات

بـ نبرة متسربلة بالغيظ المقهور علقت متوجهة نحو حماتها : لا خالة عادي خليه ياخذ راحته بالحجي علية ، شو هوة فد مرة قالب .. صاير مكروه
لتميل بعودها الممتع لناظره فتمسح بسبابتها و الوسطى طرفي ثغر صغيرها المجنون ، إذ علا صوت صياحه الممتعض من تلك الأنامل ، فـ ود لو يضربه حتى يحطم رأسه الملئ بالصراخ ، هذه الجميلة تحاول بـ إجهاد لا يليق بها أن ترتدي جلباب الأمومة الأنيق و مدلل جدته الأخرق يرفض يد الحب تلك !
راقبها بعين حانية و هي تجلس القرفصاء امام والدته الرابضة فوق الاريكة الطويلة ، تلاعب كـ طفلة اطراف انامله بـ إهتمام بالغ يناشد الحصول على الهدوء ، عدم ادراكها الكلي لـ ما المفترض عمله يؤرقها و هو معها ، إذ صارت تعاني جديا من هذا الكائن اللذيذ عند نومه فقط !


أخيرا تحرك تاركا إياهم " الأحب لقلبه " ، متوجها بخطوات كسولة نحو السلم ، ليراه طويلا بلا إنتهاء وهو بهذا الإرهاق الجسدي و العاطفي ، نغزات متكررة تهاجم عضلة قلبه ، قرب موعد الذكرى السنوية لـ غياب وجه الصبح عن منزلهم ، و كلما تقلص العدد المتبقي للأسابيع ، كلما إزدادت القرصات قوة و جموحا ، إن الوجع يتماشى طرديا مع الحنين ، و حنينه بئر لا ينضب !
الصغيرة ، كم من مرة قد مرت بذهنه خواطر تخبره بما كانت ستكون عليه بهجة المنزل من حال بوجود الصغير .. الصغيرة مدللته ، لربما حينها ستغار منه كما دأبت أن تفعل من أمه ، فهي من كانت دوما شاهرة لسلاح الغيظ بوجه كل من يستحوذ على عرش " و لو صغر " بقلب العمر ، يا الله كم يفتقدها !

وجد نفسه بشكل تلقائي يغير وجهته نحو الحجرة التي لطالما ملأت بصياح الفتاتين و شقاوتهما ، هجرت من بعدهما كما لم تهجر من قبل .. تبرعت والدته بكل ما إمتلكته تلك المشاكسة لإحدى العوائل المحتاجة ؛ و ذلك الافضل ، فـ لا يعلم ما كان سيصيبهم عند كل مرة يدلفون الى هنا ، قعر الذكريات !

فقط لو بإمكانهم التخلص من ذاكرتهم الخبيثة أيضا .. فهي لا تزال تتضخم " كورم سرطاني ينتشر بـ براعة بين اروقة العقل الباطن و الظاهر " ، لتسيطر على الوعي و اللا وعي ، فتخنقهم بها و بها فقط ! .. مسح الجدران مع الاثاث بنظرات مثقلة بالشجن ، زفر شوقا الهب صدره ، ليهمس بلا إدراك : لج مشتاقلج ، تعالي شوفي ابني ، تعالي تعاركي وية امي و خليني اصالحج وادللج
إنا لله و إنا اليه راجعون ، إنا لله و إنا إليه راجعون


هربت من عينه دمعة تيتمت بالحزن و توشحت بالشوق ، دمعة اخترقت صفحة خده كإخدود عميق تاركة خلفها أثرا لن ينسى على خد الرجولة المتزمتة ، لم يهتم بمسحها ، ظل ساكنا لمدة ، و أخيرا قرر الفرار من جلد قلبه بالـ إشتياق ، فولج خارجا ، مغلقا الباب خلفه بإهتمام ، و كأنه لا يود أن يتسلل طيفها لبقية المنزل أكثر مما يفعل ، و بذلك يحرم عليهم الحياة !

خطى خطواته المتعبة نحـو غرفة نومه و زوجته ، الطابق العلوي تقريبا سمي بإسم عائلته الصغيرة ، ما عدا حجرة الذكريات الذابحة تلك ، ما إن عبر عتبة الباب تفاجأ برؤية القمر قد تسلل كعادته من النافذة المفتوحة " بحسنه و هيئته المثيرة للعشق " يستلقي فوق سريره ، و يتكأ بوسادته ، ظل صامتا لحظات .. زفر بعدها بهدوء ، ليتقدم بخطوات رتيبة نحو السرير ، هامسا بإرهاق : شوكت نزل القمر ؟

بدلال سافر ، و لمعة من الحزن غطت الأحداق ، مع لمحة شجية اخترقت النبرة الهادئة المتغنجة لمن ظلت تراقب كونها بأكمله يدنو منها فينتفض قلبها ولعا لن يخف وهجه و لو طال العمر قرنا : قصدك شوكت صعد ، لإن جان جوة من إنتة و إبنك ضوجتوه

إبتسم بـ خفوت ، حتى وصل جهة السرير الفارغة ، خلع حذاءه بمساعدة تقدمها قدم لأختها ، ليكشر بخفة بعد أن وصله صوت الإستنكار الحاد : عمرررر كم مرة اقلك انزع الحذاء جوة بباب المطبخ ؟ اني و " ماما " قوة ننظف لا هية بيها حيل و لا اني اقدر اني و عمليتي

إنكب قربها بتعب بعد أن تخلص من قميصه بإهمال شبيه بذاك السابق ، ليرميه فوق السرير الصغير " عديم الفائدة " المتواجد بالقرب ، إذ إن طفلهما حتى الآن لم يستخدمه بطبيعية تذكر ، همس بصوت مرهق ويده تعبث بالحزام ليخلعه هو الأخير : لين تعبااااااان ، جسمي متكسر و الله ، فـ فدوة لعينج سوالف النسوان هاي المتعلمتلياها جديد عوفيها

بذات النبرة إعترضت ، مندفعة بجسدها بعيدا عن مرمى ذراعه : ماااا لتقوول نسوان ، نسوان شنو ، صااير تستخدم وياية اسلوووب محلووو " و بسخرية اضافت " مال ريااجيل مكروهين

رفع حاجبه ، ليرق قلبها برؤية الإرهاق الطافح من مقلتيه ، و قوله الهازئ لم يفلح بزعزعة موجة العطف التي اغرقت صدرها : لعد إنتي شنو ؟ مو مرة

خفت عنادها اللذيذ عنده ، و هي تتظاهر بتعديل استلقائها بطريقة صحيحة " تدنيها منه " ، فما كان منه سوى أن حبس إبتسامته الجميلة خوفا من جنون يشتعل بها فجأة : لأأأأ ، أني بنية

رمى برأسه على الوسادة بـ ثقل متعب ، ليتمتم ضاحكا : ههه لا والله ؟ و ذاك المفعوص الجوة منين اجة

إشتعلت وجنتاها إحمرارا خجلا لن يبرئ و إن طالت سنين علاقتهما الزوجية ، لتصيح به قارصة كف ذراعه التي وسدها عينيه : عمرررر

ليجيبها مهمهما بلا إهتمام : العفو يابة اسفين
إستدرك ليبعد ساعده فينظر لها و هي جالسة تقريبا ساندة نفسها لظهر السرير ، متهدلة الأكتاف و عيناها متورمتان من قلة النوم ، رف قلبه شوقا لـ قربها و إحتياجا شديدا لـ إحاطتها بين ذراعيه ، كما تفعل اضلعه و تحتجزها كرهينة لنهاية الدهر : لينا فركيلي راسي ، أريد أغفى عمري

بـ طاعة ما زالت تضحكه " فلم يتوقعها يوما من إبنة السلطان المتعجرفة " إعتدلت مقتربة منه اكثر ، بـ حركات بطيئة و يديها تحتضنان بطنها الـ " مشوهة " كما تقول ، شعر بالذنب لتخليه عن نبض قلبه ، و الإهتمام بإنهاك جسده ، حبيبته عانت من اجله و الصغير
لم يبارحه القلق ليلة واحدة منذ أن علم بأمر حملها لـ نطفته بين أحشاءها ، لم يستشعر لذة الفرح لكون عداد التوتر و الترقب كان يقارب القمة ، و لم يخطأ بخوفه ، فـ إرتفاع ضغط دمها المتواصل في شهورها الاخيرة ارعبه ، و ظل لأشهر طالت كـ من هدد بإنقراض السعادة ، يرافقها القلب ، و لكن رحمة الله وسعت كل شئ ، فـ ها هي الحبيبة تقبع قربه ، تحاول تخفيف حمله بـ يديها الأغلى عليه من عمره ، تتذمر من التأثير السلبي للعملية القيصرية " المنقذة لحياتها " : عمورتي

: هممممم

بـ إنزعاج واضح سألته و كأن همها في الدنيا هو هذا الأمر ليس إلا : مشفتلي فد طبيب تجميل ؟ بطني تشوهت من ورة ابنك ، و ياريييت يحبني الخبيث

لم يغير من وضعية جسمه ، مستلق على ظهره ، بصدر متماسك عار ، و البنطال الجينز رغم مضايقته إياه إلا إنه ما زال يرتديه ، ساعده الملئ بالأوردة الواضحة يحط فوق عينيه ، بينما الأخر يستلقي جنبه بإرهاق ، همس بخفوت لا مبالي : إبنج انتي

أوقفت عملها في تمسيج رأسه ، لتزفر بغيظ : اقلك تشووهت و انتة نااصب علية

بذات الإسلوب المنفر تمتم دون أن يغير من إسترخاء جسده : حبيبتي اني احبج بكل حالاتج لتخافين ، ما رح اتزوج عليج ميهمني شكلج أهم شي قلبج

تملكها الغضب لـ تحذره بشراسة أنثى : عمر جديات دا احجي

رفع ذراعه عن موضعها ليحاكيها بتأني و نظراته دائخة بالوسن : لج فرركي رااسي يللا لتلتهين باللغوة

لترد بـ تمتمة ناعسة مضحكة ، فلازال العناد قائدها : لتقوول لج و لتقول لغوة

نظراته توسلتها الرأفة بـ إنهاكه : العفوو مدام ، يللا فركيلي

مالت نحوه قليلا ، لتداعب بأناملها عقدة حاجبيه و كإنها تغريه بـ ما يمكن لـ أصابعها الذهبية ان تفعله : شتنطيني و افرك

أغمض عينيه إستجابة للهناء الذي حط على جبينه ، ليجر النعمة من الرسغ فيقبل باطن الكف الثمين ، مجيبا بـ صدق : روحي

تخضبت ملامحها بالدماء ، لتتلكأ أحرفها و يضيع منها العناد ، حاولت سحب يدها منه لكنه رفض ، إحتفظ بها فوق ثغره ، يشاكسها بأنفاس حارة كادت أن تأتي بمصرع نبضها الذي إخترق بسرعته تلك التي للضوء " كما تعتقد " ، كعادتها تختار الفرار منه بإسلوب تهكمي " جبان بنظره " : إي قشـ ـمـ ـرنـ ـي ، شـ ـسـوي بروحك

حرر رسغها ليصيح بها بـ ملل استفحل توه : لينا قومي ، قوومي يللااا بسرعة ، لو تنزلين يم امي لو تقومين تبدلين مو تريدين تروحين تشوفين شنو المشكلة بأجازة الامومة مالتج ؟ قوومي يللا روحي مظل وكت الساعة ستة ، لعبتي نفسسسي
فد يوم صيري مثل النسوان و خليني استفاد منج ، هاي نادرة بس تتدللين علية لو تتدخلين بكل شي ، بس الأشياء الي لازم تسويها معتزلة عنها ، يللا قومي خلصيني

لم تهتم لـ نوبة التعنيف تلك ، فهي اعتادتها منذ مدة ، فصار سماعها كعدمه ، اجابت عن الجزء الذي استفزها فقط رغبة منها بالثأر لـ كرامتها التي مسحت للتو أرضية الحجرة : عمر نعسااانة ابنك الحقير مخلاني انااام ، ما اروح معلية ، عود اخابر دكتور ضرغام اخليه يشوفلـ ـ ـ

فتح عينيه على إتساعهما ليخترق رأسها بـ شعاعين أحمرين : تخابرين منو يمة ؟

لم تحبس إبتسامتها الجانية بحق اعصابه التي اشعلتها ، لتتمتم مستفزة إياه : د ك ت و ر ض ر غ ا آآآي

جفلت و هو ينتصب جالسا لـ يسيطر عليها من علو ، مختارا البنصر كـ كبش فداء للسانها الطويل : ليش متخابرين الإسعاف حتى يلحقون يوصلون و ياخذون جثتج للمستشـ ـ ـ

صرخت بتلقائية و قلبها يتقافز بين جوانب قفصها الصدري خجلا من مظهره العاري وهو يعلوها هكذا رغم نظراته المتوعدة إياها بالقتل : إصبعيييي عمررر

خفف ضغطه حال ما شعر بـ طقة مفصلها الصغير ، ليخبو غيظه منها ، و يبرق أخر منه ، لم لا يستطيع تجاوز استفزازاتها بهدوء كما السابق ؟ : هيج شقة لتتشاقين بعد

لكن بوادر الذنب المحتقنة بمقلتيه تلاشت و هي تجيبه بحدة ، فاركة إصبعها المحمر بعد أن حرره : منو قلك شقة ؟ دا احجي جديات ، الرجال تزوج و صار عنده طفل و مرته حامل ، يعني الي صار قبل خـ ـ

زفر بـ عنف ليقاطعها بجدية : لييين تدرين بية اكرره ما عندي عنادج هذا ، ماكو داعي اذكرج الرجال جان ...... أستغفرك ياارب ، تقبلين هسة اخابر زينب اريدها بشغلة ؟

: إففففف

اهملها ليستعيد استلقائه السابق ، بنرفزة اقل ، معلقا بهدوء : لتتأفأفين

لم تصدمه وهي تقترب منه بـ خبث أنثوي ، مستجدية منه تفهم تبريرها : عمر والله العظيم نعسانة

إستدار برأسه نحوها ، لينتفض قلبه معترضا على حكم عقله الإستبدادي ، مهددا إياه بإسقاطه إن لم ينفذ رغباته ، و مطالبه ، فما كان منه سوى أن يرضخ للكثرة المتمثلة " بجميع أجزاءه " ، مرسلا إيعازاته لنظامه السادي من الأعصاب ، فإشتدت لـ تمتدت ذراعه نحوها ، مفرغا لها صدره كـ وسادة ، كما دأب ان يفعل : تعالي نامي ...... عمري

و كأن هنالك من أخبرها بنهاية مشاكستهما تلك ، فهي عادة اورثها الحزن الكاتم على انفاس المنزل ، حبيبها تغير جدا بعد فقدانه مدللته ، و هي لم تفلح يوما بأن تكون الصدر الحاني لـ وجع احدهم ، اعتادت أن تستقبل بطمع ، لا أن تعطي بسخاء ، إلا إنها تحاول معه و بـ كل جهد تمتلكه أن تكون صورة مصغرة لتلك الحنون ، و ليتها تنجح ، يا ليت
همست بعد مدة وهي مستندة على كتفه بـ إحراج خنق أنفاسها ، قمة الغباء أن تنفذ طلبه و هو بهذا الشكل ، لم لم تطلب منه أن يرتدي شيئا يقلل من انتفاضة جسدها " و كأنه سيحقق لها رغبتها و للتو قد تخلت عن تقديم يد العون له و تخفيف صداعه " : و الإجازة

لم يخف عنه تشنجها ، لكنه حاول التغاضي عنه محاولا تخليصها من بعض ما تعاني منه من خجل شديد لن يمله يوما ، علق بهدوء محتضنا إياها أكثر ، شاعرا ببقعة نار تحط على كتفه أصلها إلتصاق جانب خدها به : معليج بيها اني اوصي اي احد يشوفلجياها

لتجيئه جملتها اللذيذة الصادقة و هي ترفع برأسها قليلا لتمتزج نظراتهما الهائمة : عيوني مو إنتة تعبان

بشرود حل على ذهنه تغزل بها محتملا الرجفة التي اعترت جسدها المكسو بالأصفر الشهي : راحتي عيونج ، شو باوعيني ..... ليني ، عيونج ، سبحان الي خلقها

لم تخيب ظنه ، فكما العادة تتهرب منه كـ أرنب صغير يفر من انياب ثعلب ، الحمقاء : عمر فد يوم تغزل بشي ثاني غير عيوني ، تحسسني لو مو عيوني ما اسوى فلس

لكن الثعلب هذه المرة استخدم إحدى حيله للإيقاع بالأرنب الجبان : إنتي تسوين عمري ، عمري كله ، صارلنا شقد متزوجين ، و لحد الآن مرات اتخيل اقعد الصبح اشوفج ماكو ، و كل الي صار حلم ، حلم عشت عمري قبلج كله اعيشه دمرتيني والله
متدرين .... أبد متقدرين تدرين بالي جنت احسه قبل ، إنتي و أني و الظروف الي تمنع ، رفضج إلي ... فرق المكانة الإجتماعية ، المادة .. كلشي ، كلشي جان يخليني اخنق قلبي بيدي و أشوفج قدامي بالمستشفى مثل الوردة المتفتحة و ما اقترب و اشمج ، ما أتجرأ أخذج إلي ، عشت أيام ، الله ليعيدها

ذابت ، شعر بها فوق ذراعه كـ تكوين انصهر لتوه ، ليلتصق على جسده بحرارة تشعلهما سويا ، فلا وقت يطول ليجد نفسه هو الأخر ذائبا ممتزجا معها ، كانت تلتقط أنفاسها بـ سرعة رهيبة و هي تحاول الإبتعاد لبرهة من مرمى غايته : أسفـ ـ ـة عمـ ـ ـر ، أسفـ ـ ـة

: حبيبتي

: لأ أسفـ ـة ، بـ ـس ياريت يفيـ ـد إنو تعـ ـرف هسـ ـة إنتة روحـ ـي ، عمـ ـ ـري ، كلشـ ـ ـي بحيـاتي إنتة ... كلش أحبـ ـ ـك عمر ، كلللش ، فـ ـوق متتصـ ـور ، طول الوكـ ـت لمن إنتة مو بالبيـ ـ ت أختنق ، و الله أحـ ـس بشي يكتم على أنفاسـ ـي ، عمـر أني يمك بس و يم أهلك رجعت لطبيعتي ، فضلكم علية ورة رب العالمين ما أنسـاه


: ليني عمري ليش هالحجي هسة

حاول مقاطعتها لتمنعه بـ همهمة ضعيفة : إنتة بديت الحجي عمر ، لازم تعرف إنو لينا هذيج الكريهة ماتت

قبلة على الجبين كبحت جماح انفعالها ضد ذاتها : إششش هذيج لينا هية روحي ذكرياتي وياهه احلى شي بحياتي ، و هاية الجوهرة الي صارت ام ابني هية نفسي الي اتنفسه ، و اني ما اقدر استغني لا عن روحي و لا عن انفاسي

اغمضت عينيها تأثرا لتهمس بإنصهار تام لسبيكة التماسك الساندة عودها دوما : عمري إنتة

بدلا من أن يرتاح ، وجد نفسه كعادته باحثا عن راحتها هي : ديللا نامي

بعد انتظام انفاسهما لحين من الوقت ، دغدغت بشرته حروفها الهامسة : عمورتي

: هممم

لتسترسل بالحديث بنبرة مختنقة بالبكاء : ليش ما احب نور ؟ ترة دا اختنننق ، مدا اقدر احبه ، يعني ، ما اعرف ، قلبي يوجعني ، و اتمنى اشعر بفد رابط بيني و بينه بس مدا اقدر

كلاهما لم يفتح عينيه و لم يبصر الأخر ، فـ قلباهما قد تكلفا بالأمر ، صار يمسح على ذراعها بـ حركة متأنية ناعمة ، ناطقا حروفه بـ بطئ لترسخ في عقلها المجهد من هذا التغيير السريع في الأحداث : عمري مو امي قلتلج هالشعور عادي بأول طفل ، هذا نوع من الكآبة بعد الولادة ، حالة طبيعية ، لتخافين ، " فيضيف مداعبا " خليني اتنعم بحبج ، هية فترة و نور افندي ياخذ قلبج كله و يصير بس هوة و بس ، و عمر كلشي ميحصل

اعترضت بإصرار : مستحيل أحد ياخذ مكان عمر ، حتى لو جان هالاحد هذاك المخبل الي يعرف بس يعيط ، خلي عمر يصدق هالشغلة ماشي ؟

تنهيدة حارة اخترقت الهواء بينهما ، أتبعها بهمس شجي : ماشي يا روح عمر ، ماشي








.
.
.




 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 18-07-13, 01:07 AM   المشاركة رقم: 72
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 






يطوح الدهر بأيامه على الجميع ، و هي ليست إستثناءا ، فـ هذه السنين تمر و قلبها يرتدي زي الكبار .. نقف ، نلوح لما فاتنا بـ شرود ، نعد ذواتنا بـ قادم أجمل ، لنعود فنخذلنا بـ براعة ! ، نوهم أنفسنا و من حولنا بأننا افلتنا خيوطا تربطنا بماضينا ، لكننا نكذب ، و إن صدقنا الجميع فكيف سنصدقنا ؟!
بداخلنا نتيقن بأن هنالك حكايا لا مستقبل لها دون ماضي ، و نحن لسنا سوى ابطالها ، نرفض إيداع تأريخنا في صناديق محكمة و رميها في البحر ، لعلمنا بأن ثقلها سيجرف فيضانا على شواطئنا ، و يغرق ما كان حيا فينا ، بقايانا !

في " صمد " ، أحد أفخم مطاعم بغداد ، تشارك عائلتها المائدة ، أتى بهم صهرهم ، فـ الرجل الكبير و زوجته يؤديان مراسم الحج في هذه الأيام المباركة ، تربض على احد المقاعد و تقابلها شقيقتها الكبرى ، تجاورها إبنتها ، و من الجهة الأخرى شقيقتهما الأخرى ، يقابلها زوجها و قربه ولديه ،
على حجرها تجلس ذات العيون الزمردية ، تشاكس و تتبجح بمد يدها على كل ما تطاله من المائدة ، تحاول أن تستجدي " أختها " في السماح لها باللهو بالطعام ! ، ليأتيها رفضا قاطعا ممن تشد من إحتضانها و كأن من بين يديها تمتلك اجنحة تؤهلها للطيران ، و الهرب بعيدا !

: جوودة رح ابسطج ، خلي جوج توكلج ، لتمديين ايدج انتي و توقعين على هدومج

تلك الصيحة الخافتة مصدرها كانت " زينة " ، لتعاتبها " جوج " بنظرة ، محتضنة فتاتها بقوة عطوفة ، هامسة بإذنها بـ خفوت : جوودي قعدي عاقلة حتى اوديج لمدينة الالعاب

لتهامسها الصغيرة بشيطنة تسري بدمها : جوووج أهذاا وئــد ؟

: هههه وئد

بإسلوب كارتوني ، و بلهجة فصيحة تتقلب لركاكتها المعدة ضحكا علقت : لكنني اهشى أن بابا لا يئبل ؟ " أخشى ، لا يقبل "

: لا حبيبي " يئبل " ، نخلي ماما تقله ، ماشي ؟

: نعععم مااشيي

الإبتسامات إنتقلت بين الثغور كعدوى لطيفة ، و هم يرونها تتكتف بـ أدب فائض ، و نظراتها مصوبة على الصحن الماثل امامها ، رفعت رأسها قليلا لتلحظ إهتمامهم بها ، فتحدجهم بـ نظرات شرزا ، ثم تنكمش بـ حضن " جوج " أكثر ، ظلت تراقبهم حتى الهى الجميع نفسه ، لئلا يزعجون الجنية ذات المزاج الأزرق ، و العيون الزمردية .. كانت تتلوى مكانها على اتم راحة ، و كأنها تتوسد سريرا ما ، لتمتد يد رفيعة من جانبها فتقرص ذراعها " المليانة " المكشوفة .. صرخت بـ إنزعاج ملتفتة بحاجبين معقودين نحو الكريه الذي سرعان ما عنفها لـ إرتفاع صوتها : جود وجع شنو هالصوت العالي ، تأدبي و قعدي عدل ، اكو وحدة تصعد رجلها عالميز " الطاولة " !!

ليسترسل محدثا خالته هذه المرة : خاالة شنو هاي بتـ ـ آآ جود ، آآ .. خل تقعـ ـد عدل

إعتادت و تشبع قلبها من وجع المصاب ، و غارت جراحها حتى دقت بيبان العظم و خدشت طهارته البيضاء ، فصار نكئا بسيطا كهذا لا يفلح في تحفيز الأعصاب الحسية لتنقل الألم ، لتمسي معتادة على الوزن الثقيل من الضربات

ضحكت تتحاشى نظرات الجميع المشفقة ، لتعدل من وضعية فتاتها ، محدثتها بتعقل : جودة ليش متصيرين حبابة ؟ ترة ما اخذج لمدينة الالعاب

بإسلوبها الطفولي المحبب ، و صوتها الناعم الذي لا يليق بـ أقوالها الخشنة التفت نحو عدوها اللدود " هذه اللحظة " لتقول عابسة : ئولي " قولي " لهذاا بعد مئليييه بية " معليه ، لا دخل له " ، لا يتدهل في سؤووني " لا يتدخل في شؤوني "

حبست إبتسامتها بعد معاناة ، لتزم شفتيها و تحتفظ بملامحها المكفهرة معاتبة اياها بـ غيظ مصطنع : شوفي ؟ بعدج وكيحة " مشاكسة " ، الولد شقال ؟ هو مو اكبر منج و لازم تحترميه ؟

لتزفر الجنية بغضب ، مرجعة خصل شعرها المجعد خلف أذنيها ، عابسة عبوسا ارستقراطيا مضحكا : إففف جووج لا تسبهي مسل أهواتكي ، أنا أحببكي فكط أنتي و لا أحبهم ، لأنه انا وانتي حبابات فكط ، بينما هم فلاااا
" لا تصبحي مثل أخواتك "

حاولت مجاراة عقلها الصغير الملئ بجينات آل صفاء ، فـ آل قاسم لم يكن أحد منهم بهذا المزاج المتذبذب : لا حبيبتي همة هم حبابات و يحبوج بس إنتي وكيحة ، بس تصيرين عاقلة شوية يقومون كللش يحبوج ، حتى ليث يحبج ، و يخاف عليج ، فلتحجين وياه بقلة ادب ، عيب مامـ ـ أأ حبيبتي عيب

: لكنني لا أحب ليوسي " ليوثي "

: هههه اذا متحبيه ليش تدلعيه

فغرت فاها بغير ذي فهم : ها ؟

لترفع جلنار فكها السفلي و تغلقه بينما تدخلت روشن بفكاهة معلقة : هههههه ، سدي حلقج خزيتينا شكبره ، و بعدين ميلوقلج الغباء جودة خاتون
لتضيف زينة بـ جدية مستمتعين بـ جنون هذه العنيدة " الغريب " : لج جلنار كافي توكليها باعيها الا شوية و تنفجر خدودها

: أنتم لا دهل لكم بأمووري لأنكم لا تحبوني " لا دخل لكم "

ضحكت روشن ملئ فمها ، بينما زينة فـ اجابتها بلطف ضاحك : هئ منووو قال ما احبج ؟ أصلا أني أموت عليج ، بس إنتتتي وكييحة شويوونة
جوج .. " أختج " عدها نقص حنان ، حجيها كله بالحب ! فضحتنا

رفعت رأسها عاليا لتصيح بالجميع حتى صار عبد الله يتلتفت يقابل النظرات المبتسمة من حولهم ، و باله إنشغل مع الكلمة " أختج " ، أنى للجميع أن يكذب الكذبة و يصدقها ؟ : لا أحــد يحبني منكم ، فقط جوج و ماما و عموو عبد الله ، كليااتكوم كريهين مسل " مثل " بابا لا تحبوني

بـ نبرة ساخرة قلدتها سنا ، إبنة زينة : كلياتنا ؟ لا الله عليج

لتبتر حالة الإستنفار " المعتادة بحضرة وجود الجود " جملة بريئة إنطلقت من حنجرة فتى الثانية عشر بعفوية سرعان ما ندم عليها و هو يرى العيون المقبلة نحوه بنظراتها المستغربة : أني أحبج

وضعت كلتا يديها المنتفختين المزينتين بأساور وردية و أخرى صفراء فوق أذنيها كمن لا يود سماع الترهات ، و شعرها الأهوج ينتفخ فوق جمجمتها بطريقة جميلة ، محببة للقلب : و انا أكرررهكاا ليوسي

لتفقده أعصابه فيزمجر : أياااا حقيرة ، تف عليج و عاليحبج

تعالت ضحكاتهم ، و بالأخص " سنا " التي ترى في الـ " جود " وريثة لعرش الدلال من بعدها ، إذ إستلمت تاجها قبل أن تهنأ به هي ، شعر الصغير بكف خالته تحط فوق ساعده القريب ، لتميل برأسها نحوه ، هامسة له بـ لطف : ليووسي لتزعل ، ترة تحبك بس هية وكيحة لازم تعاند

اكتفى بالوجوم الذي حل على ملامحه ، ليستأنف تناوله لغداءه ، متناسيا بقهر ما قالته تلك الجنية ، متوعدا إياها بدين سيقتصه من عينيها المذهلتين لو ألزمه الأمر لإقتلاعهما !
جلنار أجلست الصغيرة على المقعد الخالي بقربها ، عقابا لها على قلة أدبها مع الجميع ، و حال ما أفلتتها ، حتى انزلقت الشقية من تحت الطاولة صارخة بهم بـ " نبرة مظلومة " : كليااتكووم اكررهم ، كليااتكووم ، و انتي أيضا جووج ، مااا عدت أحبكي

ليتدخل الرجل الشارد بذهنه : جودة كلنا نحبج عمو ، عوفيهم وتعالي يمي

: أنتة أيزا كاااذب

لتنسل من تحت ارجلهم هاربة ، بفزع استقامت جلنار و لكن إبن شقيقتها سبقها بالحراك ، قائلا بـ عجل : قعدي خالة هسة اني اجيبها

كمن إعتاد البحث وراء الجنيات الصغيرات " مذهلات الحسن " ، تحرك برشاقة سريعة بين الطاولات هنا و هناك ليجدها ، كما العادة تقف امام أحد الجدران ، تغطي مقلتيها بذراعين صغيرتين تسر مبصريها ، فيشتهوا غرس أسنانهم بها لروعتها ، بثوب قصير زهري اللون ذي جيوب صفراء ناعمة ، لا يكاد يغطي الحفاض بأكمله ، و من تحته تظهر ساقان متورمتان شديدتا البياض ، تنتهيان بحذاء أصفر صغير ، غريب أمره كيف يتحمل ثقل من يحملها ، لمح صغار ، غرباء ، يقفون قربها يحاولون الكشف ان كانت تلعب " الغميضة " أم هناك من يزعجها !

إقترب حتى وصلها ، ليميل نحوها من علوه ، ناطقا بـ إنزعاج و صرامة : جووود

أحس برجفتها إثر صوته الغاضب ، و تفاجأ بهرب الصغار بسرعة كارتونية من قربهما ، و لكن العنيدة الشجاعة لم تفعل ، بل ظلت مولية الـ " كون " ظهرها بزعل ، حاورها بإسلوب أقل حدة هذه المرة : جودي ، امشي نرجع يم خالة جلنار

ضربت قدماها المكتنزتان بالأرض رافضة بعنف : لا أريييد ، إتركني بمفردي

تودد لها بـ ضجر مراقبا الناس من حولهم كلن متشاغل بعائلته : جودي

لتعانده بـ شخصيتها المشاكسة : لا تتكلم معي ، هيااااا ابتعد عنيييي

نفخ بزفرة مغتاظة ثم إنحنى ليجلس القرفصاء قربها ، لامس شعرها الأشعث بـ كومة شقراء اللون ، مسح على رأسها بخفة ليهمس بألفة : حبيبتي جودي ، أني أسف ، يللا سامحيني ، إمشي وياية عيب الناس ديباوعون علية

ابعدت كتفها عنه لتصيح نافرة و لا زالت مولية إياه جنبها ، معتزلة الناس بالالتصاق في الجدار : إتررركني ، لا تلمس شعري

بـ قهر أبعد يده عنها ، ليحاكيها بإسلوبها الغبي الفصيح و بنبرة هامسة بالكاد تسمع ، فلا يود لأحد المارين أن يتنصت بـ فضول لـ " جنون " هذا المراهق : أعتذر ، أرجووكي جودي تعالي معي ، و لن اسمح لأحد أن يزعجك مرة أخرى

تهللت أساريرها ، لتبتعد عن الجدار قليلا ، ملتفتة نحوه تراقب ملامحه المتشنجة بـ عينين تبرقان أملا : حتى اهوك ؟

بملل كرر : حتى أخي

لتهدده بـ نظرات شرسة : و سنا أيزا ؟

مد يده نحوها قائلا : و سنا أيضا

بذكاء منفرد كانت تلك الصغيرة ، ذات الغابة الكثيفة الصفراء ، لم يعجبها إسلوبه لتضرب يده الممدودة نحوها صارخة به : أنتة كااااذب

كور قبضته ليهمس حانقا " يا حمارة وجـ ـ " ، لم يستطع إتمامها بالـ " عين " ، فهو لن يحتمل ان يراها متوجعة رغم إستحقاقها للأمر ، يحمد الله أن همسته المغتاظة هربت من قرب إذنها و لم تنفذ لداخل قناتها السمعية و إلا لكان الآن في موقف لا تحمد عقباه ، بـ صبر قرب ان ينفذ تحدث : لا لست كذلك جودي

هذه المرة إلتفتت لتقابله ، مهددة إياه بـ سبابتها الناعمة ، المصبوغة الأظفر بلون الزهر الفاتح ، بعبوس تحدثت و شعرها الواصل أسفل كتفيها يهيج من حولها أكثر : أنت تحب سنا ، لا تكذب

تهدل كتفيه ليعترف بصدق ، و بصوت حاني يبدو أنه وصل قلبها لترضى به : أنا أحبك أنتي ، اقسم لك

تكتفت هذه المرة ، لترفع أحد حاجبيها بإستفزاز : لن تتحدس مئها بئد الآن ؟

: نززلي حاجبج ، كم مرة قتلج عيب هيج تتصرفين

فعلت ما أمرها بسرعة ، ليستغل الأمر مستعيدا حوارهما السابق : قولي أسفة

: أسفة ، و لكنك لن تتحدس مع سنا مرة أخرى ؟ أليس كزالك ؟

تمتم بـ حيلة مفقودة و الإبتسامة تزين محياه : حاضر

لتكمل شروطها الملكية ، و كأن سلطان ما هو والدها ، فها هي تتدلل بغنج : و لن تزعجني ؟ ولن تدع اهوك يزعجنيييي ؟

بإستسلام تحدث و لو كان الامر بيده لرفعها الآن خانقا صياحها المزعج بيده و لتبك حتى بعد غد ، صار يمل تصرفاتها التي باتت تفتقد للأدب : حاضر

هذه المرة برقت مقلتاها بشيطنة : و ستقنع جوج لتأخززني مدينة الالعاااااب

: سأفعل

بضيق اعترضت : قل حاااااضر ليوسي

لم يستطع كبت بسمته المتناقضة مع عقدة حاجبيه و هو يكرر كالأبله " بنظره " ما يرضي الجنية المدللة : حاضر حاضر ، هيااا لنعود

لم ينقصها سوى التاج الخاص بالعائلة الملكية و هي تأمر و تنهي لتختم الأمر بـ مد ذراعاها نحوه معلقة بـ تعجرف : هيا إزن إحملني

رحب بأن يكون مدللها ، رفعها بسهولة ، ليتفاجأ بها تخنقه بإحتضان عنقه بسعادة غامرة ، فتهمس له قرب أذنه بـ سرها الصغير : أنا أحبك جدا ليوسي ، أنت و جوج ، فكـــط " فقط "

لم يستطع منع يده من الإمتثال لرغبة قلبه الذي رق لحركتها و حديثها ، فرفعها ليـثير زوبعة شعرها أكثر متمتما بـ إنقباض : و أنا أيضا أحبكي ، جودي .. أحبكي جدا




.
.
.





أنا أعتَرِفْ

ما كانَ لي فيكِ ..

اختِيارْ

اختَرْتُ حُبَّكِ

رَغمَ عِلمي أنَّهُ

أحشاءُ نَارْ

اختَرتُ حُبَّكِ

رَغمَ عِلمي أنَّني

سَأكونُ يَومًا مِن ضَحايا

الانهِيارْ

اختَرتُ لكِنْ لم يَكُنْ

بِيَدي القَرارْ

أحسَسْتُ أنِّي مِثلَ نَهرٍ جائعٍ

يَجري لِيحتَضِنَ المَنابِعْ

لكنَّهُ ..

زمنُ انحِسارْ

أحسَسْتُ أنَّ الموتَ آتٍ لا مَفَرْ

فَهَرَبْتُ نَحوَكِ

لَيسَ حُبًّا في الفِرارْ

لكنَّ حُبَّكِ

كانَ تَلقينَ الشَّهادَةِ

عِندَ ذلكَ ..

الاحتِضارْ




عبد العزيز جويدة






بجسد ضخم ، يكسوه بنطال من القماش الصحراوي ، يعلوه قميصا سمائي اللون ، و فوقهما المعطف الأبيض الخاص بعمله ، يتحرك بـ هدوء بين الأسرة ، يعطي ملاحظاته السريعة لمن يحتاجها ، يناقش تطورات صحة كل منهم على حدة ، و يتعرف عمن شرفهم الحضور حديثا ، عندما أتم دورته في ردهة الرجال ، إنتقل للردهة المجاورة الخاصة بالنساء ، لتقابله عند أولى الغرف إحدى الطبيبات المقيمات ، كردية الأصل ، و ذات لكنة عربية ركيكة ، سبحان من صورها ، كان هذا أول ما خطر بباله حينما قابلها أول مرة ، تبادلا تحية سريعة ليقف مفسحا لها المجال للمرور ، ففعلت ، لتشكره بـ رقة غير مفتعلة ، و بلهجة كردية إعتاد سماعها ، و فهمها و التحدث بها إن لزم الأمر : زور سباص دكتور " شكرا جزيلا "

ببسمة خفيفة هز رأسه ، ليتحرك خطوة ينوي الولوج للحجرة الأولى ، لكنها إستوقفته بـ رزانة مدللة ، و بلكنة لبنانية بإعتبارها الأسهل لفظا : دكتور آلي ، اليوم ره تهضر المؤتمر ؟ أو إنك مشغول بشي ؟

و كعادته ، إعتذر بلباقة هادئة : لا دكتورة ، شوية مشغول

نظرة الخذلان التي ظهرت بعينيها و تهدل كتفيها رسما إبتسامة هازئة على فمه ، " أوكي دكتور ، نشوفك بخير "

اطبق جفنيه موافقا ، ليتركها بأملها الخائب متحركا نحو عمله ليتمه ، كشف على مريضتين بملامح حيادية ، و برسمية واضحة ، و عند الثالثة ، بانت نظرة متفحصة بعينيه ، وهو يرحب بها بـ آلية ، معزيا إهتمامه بها لملامحها العربية الخالصة ، حدثته العجوز السمراء بـ كثير من بهجة : هلا بيك يمة ، الله يحفظك ويحرسك لشبابك

نظرة لطيفة طفت بمقلتيه و هو ينصت لـ ترحيبها الحار ، فحصها و هو مدرك لتفحها الأكبر له ، قاوم فضوله ، و ظن بأن له شبيها ما في حياة هذه المسنة التي بلا شك جعلته يفتقد صوت جدته التي حرمته من لذة وجودها منذ شهر مضى ! .. حين أفزعها بـ خبر طلاقه من زوجته .. زوجته التي تفيئت بظله لـ ثلاثة أعوام ، إعتاد وجودها ، يكذب إن قال العكس ، أو فكر به حتى

فـ سنين جمعتهما سويا أنشأت بينهما هدنة ما .. لم يجرؤ احدهما يوما على إعطاء علاقتهما إسما ، فليست صداقة ، و هي أبعد من أن تكون أخوة ، و سينهال عليكم بوابل من كذب إن أسماه زواجا حقيقيا ، لربما شركاء سكن هي التسمية الأقرب لما جمع بينهما و إنتهى برضا الطرفين
هو لم ينوي يوما أن يطلقها ، ترك الأمر مرهونا براحتها و رغبتها هي ، لو ودت أن تبقى معه دهرا لما كان تخلى عنها يوما ، لكن طاقة صبرها هي من نفذت ، و تحمل جور قربه الذي يشويها على صفيح حار قد وصل منتهاه ، حتى طلبت الإبتعاد الصامت ، فنفذ لها ما تريد !

: يمة خيرك خوما بيك شي ؟

ضيق نظراته يراقب الخطوط المجعدة ، المالئة وجه العجوز ، ليهمس بـ ثبات فاجئها و أصابعه تتلاعب بالقلم الرفيع بعد أن إنتصب عند نهاية السرير : حجية انتي جاية هنا قبل ؟ لو هاي اول مرة ؟

: لا والله يمة اول مرة ، قلبي مو زين وأنا أمك ، بس متحملة شسوي ، تعرف العملية غالية ، بس رحمة ربك جبيرة ، و ولاد الحلال هواية ، ساعدوني و جمعولي هالقاسمه الله و جابوني هنا ،، بس والله يا يمة عبالك شايفتك اني

تنهد باسما ، ليضع أحدى كفيه في جيب بنطاله مزيحا معطفه الطبي للخلف ، فـ إزداد وسامة و وقارا ببعض الشعيرات الخفيفة الرمادية المبعثرة بعشوائية على جانبي صدغه : و نعم بالله حجية ، و الله بيني وبينج شكلج هم مو غريب علية

بـ لطف سألته : إنتة من بغداد مو ؟

ليجيبها بتأني ، محاولا تخفيف غربتها بشئ من لطف و هو يخفي القلم بجيب المعطف العلوي : إي بس صارلي جم سنة انقلت لهنا

علقت بتفكير و بنبرة ضعيفة : يمكن يمة شايفتك بالمحكمة الي اشتغل بيها ، لإن والله يا يمة اني مرايحة مستشفى هناكة

ضاقت نظراته للحظة ، محاولا التفكر بجملتها ، ليهمس مميلا برأسه قليلا : بالمحكمة ؟ لحظة حجية ، إنتي تشتغلين بيا محكمة ؟

بملامح راضية نطقت : أشتغل معينة " منظفة " يوم بمحكمة الـ ، بشارع الـ ، تعرفها ؟

توسعت نظراته لبرهة ، ليضحك بعدها بصمت متعجب ، لمعت نظراته شوقا لما حدث هناك ، فوق أرض المحكمة ، حيث ضبطتهما هذه العجوز مختبئين كمراهقين في الحمام ! علق بعد حين ولا زال النبض يعاني من غوغائية هوجاء تلاعبت به حسبما تهوى : تذكرتج حجية ، بس لتتذكريني انتي احسن ، شفتيني بوكتهه بحالة . هه .....!

حين احجم بقية القول عن الهروب من كبوة عقله ، تحدثت هي ببشاشة متحمسة : موو داقوول شايفتك و اني ما انسى الوجوه يمة ربك ناعم علية ذاكرتي قوية ، بس مقتلي وين شايفتك ذكرني

كان لا يزال يحارب تلك السحابة المحملة بالحنين ، و التي لا تعرف فصولا و لا مواقيت ، فتختار الأوجع لها لتقرر إكرام ارض قلبه بغيثها ، بيده الحرة فرك عنقه الأبيض بالعا إختناق خفيف : لا يمعودة عوفيها الشغلة ، بس ذاكرتج ماشاء الله ، مضبوطة عاشت ايدج ، يللا حجية ديري بالج على نفسج ، و اذا تحتاجين اي شي قولي لاي ممرضة اريد دكتور علي

تهللت ملامحها براحة لتعلق بصوت شجي : دكتور علي ... فدوة لطولك الله يحفظك ابني ، بس والله ما اعوفك قبل لتقلي وين شايفتك

ثبتت يده على مقدمة عنقه ، لتخرج ضحكته القصيرة ، فتزيده وسامة فتاكة : ههه ليش تحرجيني يمعودة ، والله مو خوش شوفة

لتعبر عن إنبهارها ببهي الطلة هذا بكلمات لونت مزاجه : مينشاف هالوجه الحلو إلا بخوش شوفة ، ليش هيج تقول على نفسك

برفة رمش ، و البسمة تزين الوجه الرجولي إعترف : شفتيني بالحمام حجية .... أني و .. مرتي ... ها تذكرتي ؟

فتحت عينيها على إتساع صدمتها : بالحماااام ؟ إثنينكككم ؟!!
لتضيقهما هذه المرة مفكرة : اوقف يمة خلي اتذكر ، لتقول انتة الي جنت حابس بنية وياك هستوهة جايبة ؛ و ابوها جان برة ينتظرها يريد يطلقكم ؟؟

هذه المرة رفع يده بمستوى وجهه ليفرك لحيته و ذقنه و التسلي يتسربل بأطراف نبرته : ههههه الظاهر هواية حابسين نسوانهم بالحمام ، لا يوم اني مرتي مجانت جايبة

بترت حديثه بـ حماس وهي تعتدل بجلستها : بلي بلي " نعم نعم " ، جانت جايبة ، و صدرها يدر حليب اتذكر بوكتها قلتلكم قلتوا ما عدنة جهال

تحدث ببسمة جانبية و هو ينتقل ببصره بين الأسرة مدركا تأخره عند هذه العجوز : يمعودة حجية ذاكرتج طلعت تلف " سيئة "

رفعت كفها توقف إسترساله برفض ما تقول لتجزم بثقة تامة : و الله العلي العظيم تذكرتك ، حتى حطيتلي يا بعد قلبي فلوس على المغسلة و رحت ، هااا لتقول مو انتة ؟

نبضة لفظت أخر أنفاسها
و أخرى خلقت لتوها
توتر لاح بصوته وهو يهمس بوجه مكفهر : دقيقة دقيقة .. إنتي متأكدة من الحجي هذا حجية ؟

: يا حجي يمة ؟ قتلك تذكرتك انتة و مرتك ، و جانت المسكينة تبجي متريدك تطلقها

إستنفر جسده بإدراك متأخر ، ليتقدم نحوها الخطوات الفاصلة ، مستفسرا بصوت أبح : قصدي صدرها يدر حليـ ـ ـب ؟ جاانت جاااايبة هستوهة ؟؟

تحوقلت نظراتها فزعا و هي تقول : ليش انتة متدري ؟؟

كرر و غضب أسود ينبعث من عينيه ، إرتعدت له فرائص المسنة : حجيييية متأكدة انتي ؟

: و الله ما عمري كذبت عيوني ، و لا قلت شي مقلته ، مقتلي يمة انتة متدري بيها ؟

رفع كفيه ليغطي ملامحه بـ صدمة أفقدته إتزانه لوهلة ، إن كان ما تقوله هذه المسنة صحيحا ، فهو لم يكن سوى أحمقا طيلة الأعوام الماضية !
كيف لم يدرك الأمر منذ بدايته ؟!
يا الله .. يا الله
تلك الغبية الجبانة الـ ... يا الله يا الله !
عنادها من أجل البقاء مع عائلتها ، رفضها طلبه الدائم للعودة رغم إنها لم تكن تحلم بالأمر ، توسلها الغير منطقي لعدم طلاقهما ، و تناقض هروبها منه ،
حقارة قاسم و هو يخبره بإمكانية أخذها لأي مكان ، لعلمه المسبق بأنها لن تترك طفلها ! طفل ام طفلة ؟
يا اله السماوات .......... تلـــــك الصغيـ ـ ـ ـرة !
أيعقل ؟

هبط بجسده بلا شعور على طرف السرير ، شرد ذهنه و تقلبت عظامه فوق جمر تلظاها ، فغر فاه عقله شاعرا بغباوته و بلاهته ، كيف لم يدركه الأمر ؟ كل شئ كان أمامه واضحا ، ساطع الوضوح ، يا رب
سيقتلهم ، إن كانوا قد أخفوا عليه إبنته فسيسعد بذبحهم حلالا مستباحا ، فالظلم بالظلم ،
و القهر بالقهر
و الموت بالموت !
فعلتها و ربحت ، لتكون جولتنا الاخيرة في المبارزة هي الإبنة بالإبنة يا قاسم

و تلك الغبية ؟
عديمة الشخصية
مسلوخة جلد القوة ، و منتزعة الإرادة ، أ فعلتها و رضيت ان تذبحه بحرمانه من إبنه أو .... إبنته ؟ لن ينالها خيرا ، و الله لن يفعل

لا يدري كم لحظة قضاها بـ الإستيعاب ، ليستقيم فجأة مغادرا غير آبه لتساؤل العجوز " المتفقهة نوعا ما لما حدث له " ، ينفث الهواء كـ تنين مستعر الصدر بنيرانه ، تمشط قدماه الرواق بـ كعبي عملاق ثائر ، لم يهتم بنداء أحدهم و لا بإيقاف أخر له ، أكمل طريقه خارجا من البوابة الخارجية ليجوب الحدائق من حوله مخرجا هاتفه من جيب بنطاله ليتصل بـ عجل بأول من خطر بباله ، إن ظن بالجميع سوءا ، فهو أكيد بـ أن هذا لن يفعلها ، لا يمكنه أن يغشه طيلة هذه الأعوام
علاقتهما تطورت ، و تأصلت جذورها كـ صداقة غريبة ، و ليس من شيم الرجال الطعن بالظهر ، أليس كذلك ؟!

ذهابا إيابا يجوب الممر الرفيع بين حديقتين كثيفتي الأشجار ، محجوبا عن اعين الكثير ، ما إن وصله صوت الطرف الأخر مرحبا ، نطق بـ صلابة : وعليكم السلام ، وينك ابو ليث ؟ بعدك بعمان لو جيت ؟

صمت لم يطل وقعه و من ثم وصله الرد المتأني : ببغداد ، خير ابو حسين محتاج شي ؟

: أريد أشوفك ، و اليوم ضروري
هسة حاخذ اجازة و جاي

: هسسة ؟ علي الساعة بـ الخمسة الا شوية ، لحدما تخلص خفارتك ، و لحدما تاخذ إجازة تظلم الدنيا ، شوكت تلحق توصل

لم يهتم بتحريف احتراق اعصابه و اندلاع فتيل الغضب الكامنة بين الأضلع ، ليهم بإنهاء المكالمة : اليوم عبد الله لازم اشوفك ، لازم ، يللا فيمالله " في أمان الله "

على الطرف الأخر ، كان قد خرج من المطعم للرد على المكالمة ، و لم يتوقع ان تكون مختصرة لهذه الدرجة ، شئ بصوت ذلك الرجل كان يشتعل ،
يحترق !
شئ جعل رحم القلق المتأهب بحالة مخاض عسرة ، عله يكون مخطئا ، و ليس هنالك ما يدعو للـ " مصائب "
إنقبض قلبه فور أن تذكر الثقة المتبادلة بينه و الأخر ، سيخسره ، بل خسره بالفعل منذ زمن ، يتمنى أن تكون فعلته السرية كـ رد جزئي لدين برقبته نحو عديله ، دين الصداقة !
بتوتر أحاق الكون من حوله اعاد الهاتف لجيبه ، ليتحرك هذه المرة عائدا حيث جمع عائلة زوجته ، لم يتمكن من التظاهر بالـ لا شئ ، فبداخله قلبا يتأرجح خشية من حلول ساعة الصفر ، رغم ظنه بشبه إستحالة الأمر ، فهو على يقين بأن إخفاءه عمرا بأكمله هو تمام المستحيل

وقف قرب زوجته ، ليحاكيهم قائلا : يللا عيني قوموا ، خابرني الوالد محتاجني بشغلة ، فإستعجلوا لحدما احاسب أريدكم مخلصين







.
.
.



 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 18-07-13, 01:10 AM   المشاركة رقم: 73
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 


يا ويلتا من عمريَ الباقي
هذا سوادٌ تحت أحداقي
هذا بياضُ الشيب واعجبي
من مغرب في زِي اشراقِ
ويلي على كأسٍ معربدةٍ
وعلى دمٍ في الكأس مهراقِ
وعلى سراب خادعٍ وعلى
متألقِ اللمحاتِ براقِ
طاف الزمان به على نفرٍ
مالوا بهاماتٍ وأعناقِ
صُرعوا وأنت تظنهم سكروا
مات الندامي أيها الساقي
يا دهر لم أشك الكلالَ ولا
ملكتْ خطوبُ الدهر إرهاقي
عذبت أيامي بعِفَّتها
وقتلتها بصفاء أخلاقي
يا كم غرست وكم سقيت وكم
نضرت من زهر وأوراقِ
ما حيلتي والأرضُ مجدبةٌ
سيان إقلالي وإغداقي
أين الذين رفعت فانحدروا
وبنيتُهم بنيان خلاق
أن الوفاءَ بضاعةٌ كسدَتْ
ومآل صاحبِها لإملاقِ
إن كنتُ لم أغنمْ فقد ظفرا
مني بمغفرتي وإشفاقي
لكنني والجرح يُلهب لي
حسي ويكوي كَي إحراقِ
هيهات أنسى أنهم عبثوا
ووفيْتُ لم أعبث بميثاقي


إبراهيم ناجي





لا يدري كيف وصل سالما ، فـ حضوره السريع ضاربا بعرض الحائط إمكانية خط نهايته على الطريق الخارجي الملئ بالمصائب من كافة أنواعها ، كان احد ضروب الجنون المتهور ، لكنه لم يبصر أمامه سوى شيئا واحدا ، بلاهته !
لا يستطيع تصديق كل ما مر به ، المشكلة تكمن أن سنينا مرت اجبرته على نسيان بعض التفاصيل الصغيرة المهملة ، و لكنها لم تفلح بمحو ذكرى تلك الصغيرة المشاكسة ، " إبنة عبد الله " ، الخائن ، أيعقل أن تكون هي ؟ إبنته هو ؟!
و لم لا ..؟ التفكير يكاد يفجر برأسه قنبلة بعداد مؤقت ، أعصابه تلفت وهو يحاول التماسك فقط لحين رؤية أحد المجرمين أمامه ،
و ها هو وقت الإنتظار شارف على الوقوع في قعر الهاوية ، واقفا في الفرع السكني الذي أتاه سابقا مهددا بالسلاح ، متسربل الخطى بجريمة إقترفها بحق مذنبة ! ، و الآن يأتيهم باحثا عن ثمرة تلك الجريمة ، مذيل الخطى بعفاريت الجن اجمع ، يتراقصون حماسا لمتابعة عرس دماء قد يتجدد ، فيبهر خبثهم ، أي متاهة مصائب تلك التي ولى فيها مكبا على وجهه ليتيه بين جدرانها الضخمة !

كان قد إتصل بعبد الله ، مخبرا إياه بمجيئه ، لم يعر بالا لصدمة الأخير بسبب سرعة وصوله و ظل منتظرا كـ من يقف حافيا على أرض شائكة ، متكئ بجسده على مقدمة السيارة ، ممسكا بكبوة غضب إن أفلت فلن تحجمه أعتى القوى ، لم يحتاج أن ينتظر كثيرا ، إذ ظهر من خلف البوابة الضخمة عديله ، بـ رداء النوم المكون من قميص و بنطاله و قدماه مدسوستان بـ صندل بيتي ، يتقدم من وقوفه البعيد نوعا ما عن محيط " الشياطين " ، مشيرا للحارسين الصامدين بأن لا يقلقا من تقدمه الغير محسوب ، !

ما إن وصله و تبادلا المصافحة ، بادر بقول : ادري الوكت متأخر ، بس موضوعي مهم مو مال أأجله

: خير ابو حسين لتخوفني

: ابو حسين !!!! .. هه ، أبو ليث امشي نروح لبيتي لأن هسة حتى قهاوي ماكو ، و ليروح عمك الـ ـ " أستغفرك يارب "
المهم يللا نروح ؟

: نروح ،
بس دقيقتين ابدل واجيـ ـ

: عبد الله الشغلة مستعجلة مو مال تأخير ، أعصابي على نار يا تبدييل انتة اللاخ

: على كييفك يمعود والله دتخوفني ،
يللا امشي بس اقول للشباب يسدون الباب وراية

طيلة الطريق و لم ينبس بـ كلمة ، و يبدو ان مرافقه الأخر يعاني من مزاج متوتر قلق ، فكان هو الأخر صامتا ، يكتفي بـ بعض الأسئلة الروتينة عن الحال ، لتأتيه الإيماءات البسيطة ردا كئيبا ، ظل السكون حليف الإثنين بعدها حتى وصلا المنزل " المهجور " نوعا ما ، إلا إنه لم يكن مغبرا أو كئيبا كعادة أي شئ يترك ليذبل ، إتخذ عبد الله من أحد المقاعد الفخمة مقرا لـ جسده المستنفر و المتوجس لمصيبة ما ، بينما الأخر فظل قائم الجسد ، منتفخ الأوداج بشتائم لا حصر لها ، أغلبها بحق ذاته !
ثوب الصمت الساتر مزق بـ خشونة نبرة عبرت عما يعتمل بين لفائف العقل من غضب أسود ، لـ علي

: عبد الله ، سؤال واحد ماعندي غيره ، أني عندي إبن يمكم !

لم يكن سؤالا كما هو متعارف ، بل جملة جازمة قصد بها صفع تماسك من امامه رغبة بالكشف عن أسبار حكايا أحيكت من خلف ظهره ، و بـ خيوط غباوته ، و نجح
فتصلب ملامح المستكين على الأريكة بـ فاه قد فغر و عيون محملقة بـ صدمة لم يخطئ إرسالها لتدك حصون صداقته الزائفة ، التافهة !

لم يكد يفضح " الجميع " سوى ثوان ، فـ سرعان ما إستعاد سيطرته و هو يعتدل بجلوسه متنحنحا لإستخراج صوته من بئر النفاق ، و التلفيق ، و قبل أن يجد " قدرة على الكذب " أضاف الأخر مبتسما ..مبتسما بـ وعيد أحمر

: يعني عندي
تدري إنتو شنو ؟ تـــــدررررررررررررري ؟؟؟ قنااااادر ، ***** ،، انععععل ابوووكم لاابـ ـ ـ

: أبوو حسيين يمعـ ـ ـ

: خرررررة بأبوو حسيين الاثوول ، المطططي الي صدددقكم

: زييين بس إسمعني

لم يستطع كبت الثورة المندلعة بين اعضاءه ، ليصرخ هائجا بعد أن تقدم ليرفع عديله من تلابيب منامته ، فيقف الأخر صاغرا ، مستسلما لنوبة الغضب الأهوج : شسمممع ؟؟ قلييييي شسممممع بعد ؟
لك عبد الله ، جنتوا ناوين تضمون علية بتي لشوووكت ؟ لحدمااا تكبر و اموت واني ماااا ادري ، تعرف شنو يعني ما ادري ؟؟ مخفتوا من ربكم ؟؟؟ قلي مخفتوا من ربكم ؟
هاااي الثووولة المطييية اخت مررتك ، مـ خااافت من الي خلقها ؟ تضم عليية ؟ عبببد الله ، تضموون علية ؟
إنتتتة ؟ لك والله جنت معتبرك اخوية
تطاول ليهز الجسد الرجولي المستسلم بين يديه ، مسترسلا بسيل الشتائم و الإهانات الوقحة : بس ذيييل الجلب ميينعدل ، و إنتوو أنجس خلق الله ، أنجسسسهم يا جلاااب

لم يلمه للحظة ، بل إنه صار يحرث بـ قلبه وجعا لرؤية نظرة الخيبة الممتزجة بالإزدراء الطافحة من مقلتي هذا الثائر ، تحدث مستغلا الصمت القصير الذي حل على العلي لجذب أنفاس طويلة عجلة : حققققك والله حققك ، بس شوية إهدى خل افهمك ، علييي اعصااابك

دفعه بعنف ، محررا إياه ، فتماسك عبد الله بـ إرهاق عصبي ، كان الله بعونه ! لم يتمن أن يكون بوجه المدفع كبشا ، و هو الرافض لعبودية أوامر و تهديدات قاسم !
صراخ المطعون تعالى وهو يلقي بركلات عشوائية تدعى " شتائم " : أنعععل ابو علي الكلب ابببن الكلب ، القشمر الي مهان عليه يشوف بت الناس تنهان و تتدمر قدام عيونه ،
والله لو مخليها تاااكل *** و يتصخم وجهها و وجهكم ، شأخذت منها و من ابوها ؟ هااا ، شأأأخذت ؟ شحصصصلت من خووف الله و رجولتي ؟ مبقيتوا شي مسويتوا ، لك دخيل ربكم فهمووني إنتوو بشر لو شياطيييين

بـ ضياع ذهني تام تراجع خطوتين نحو الخلف ، ضاحكا بـ صدمة لم تزل تغشي على وعيه ، لا يستطيع ان يصدق أي وكر " ذئاب قذرة " قد وقع به ؟
السافلين ، تبا لهم
سييئت وجوههم يوم لا ظل إلا ظل الرحيم
سيقتص حقه منهم واحدا تلو الأخر
فها هو يستسلم من الثأر ، يعلن راية السقوط !
دكوه ، مزقوه أشلاءا ، لم يتركوا بقعة في جسده إلا و ختموها بطعنة
لم يكتفوا ، لم يشبعوا من إمتصاص دمه
و تلك الـ .... ، أثبتت بفعلتها القذرة إنها إبنة قاسم ، إبنته و لو ظن بأنها السنبلة المحملة بالخير ، فهو الأخرق ، الأحمق ، الأبله !


يد تستند على خصره ، و الأخرى تفرك وجهه بقسوة ، و كإنه يود إنتزاع جلده و إستبداله بأخر ، لذئب .. و لكن أو يفعلها مجددا معهم ؟ يقتص منهم عاما ليقتصوا منه تسعا !
حيز من تفكير وسع الفضاء الكوني ، ليستنطقه العدل ، و لا شئ غيره : وينهااا ؟

إزدرد ريقه بخفة ، ليجيب بـ تأن : علي مو صوجها ، أبوها جبرهـ ـ

ليثور باترا إسترساله بتفوه الترهات مشيرا بكفه و بصرامة صوت مصرور ، مصدره " القلب المفطور " : أنععل أبووها لابوها ، المرة الي مثلها متلزمني و لا تلزم اي رجال ، بشر ابوها ورقتها رح توصلها ، و قوللها لتروايني وجهها ، لإن والي خلق سبع سماوات ما رح اسيطر على نفسي ، و لا رح أخليلها قيمة ، فهمها هالحجي زين ...... " و بسخرية ، و بظن خائب حتى الوجع لفظ احرفه " هه ابو ليث

توتر فمه ، و شد على قبضته ناطقا بتوسل رجولي : علـ ـ

ليقاطعه الأخر بحدة ، رافضا الإنصات لـ وضاعة الأحاديث ، فلا شئ يذكر ليبرر ، ولا شئ يستحق أن يقبل كمبرر ، لا شئ إطلاقا : بتي وين عبد الله ؟

بـ إستغراب لم يخفيه سأل الأخر ، محتفظا بالنبرة الهادئة علها تمتص القليل من القهر ، و تخيط أشلاء طعنة الظهر : بتك ؟ شلون عرفـت ؟ اصلا شلون عرفتها بنية ؟؟؟

و لكنه فشل ، فالشرخ اعمق من أن يخيط ، و لو ود حياكته سيخبو بريق حماسه أيضا ما إن يصدم بمظهره المشوه لكل مسميات الإنسانية ، و الإسلام ، إذ إستعاد علي قابلية حنجرته على الصراخ الهادم لجدران الثقة بينهما : معلييييك شلووون عرفت ، هسسسة اريد بتي ، و من دنعل ابو ابووه الي يوقف بوجهي ، لا والله من باجر اجيبلكم امر من المحكمة و بلاغ من القسم اقول خاطفيها ، تعرف شنو يعني خاطفيها ؟

فما كان منه إلا أن تقدم خطوة واحدة صارخا هو الأخر محاولا جذب إهتمامه لضرورة الحديث : إنتة لازم تسمع ، لتببقى تصيح خليني افهمممك المصيبة الي كلنا اضطرينا نشوفها و نسكت

خفت صوته ليضحك هازئا ، و بصوت ملتوي متزامن مع ابتسامة صفراء علق : يعني تعترف انو حضرتك طرف بيها ، ناقص حالك حال ابوك ، و عمــك

حدجه بنظرة معاتبة لم تصل عتبة بصيرة الثائر امامه ، رافعا بيده صك أحقية الثوران و سفك الدماء إن إستحب أن يفعل : علي

ليكز على أسنانه متمتما بـ قهر واضح : شوف ، حجي و ودي و جيب ميفيدني بعد ، أريد بتي و هسة لا و الله افضحلك قاسم بكل مكان ، هسة عبد الله ، و لتقلي الساعة بالدعش إن شاء الله بـ تلاثة اريدها هسة يعني هسسسة

: علي البنية ممتسمية بإسمك لتخبلنيييي

جفل ، لتحتدم نظراته الجامدة على الملامح المتقلصة لوجه عديله : شنـ ـو ؟؟؟؟!!!!
يعني شنو ممتسمية بإسمي ؟
يا الله .. عبد الله .... إنتو شمسوويين بعد ؟





.
.
.



هجرت فلم نجد ظلاً يقينا
أحلماً كان عطفك أم يقينا
أهجراً في الصبابة بعد هجر
أرى أيامه لا ينتهينا
لقد أسرفت فيه وجرت حتى
على الرمق الذي أبقيت فينا
كأن قلوبنا خلقت لأمر
فمذ أبصرن من نهوى نسينا
شغلن عن الحياة ونمن عنها
وبتن بمن نحب موكلينا
فإن ملئت عروق من دماءٍ
فأنا قد ملأناها حنينا




إبراهيم ناجي






منذ السابعة صباحا و هاتفها لم يكف عن الرنين حتى جرت من قعر نومها جرا ، لتجدها " روشن " ، تطلب منها أن تتجهز مع " طفلتها " مطمئنة إياها بأن خروجهم هذه المرة سيكون من خلف الستارة ، فبالطبع خروجها صباحا لتناول الفطور و في فترة بقاءهم ببغداد له نوازع غير بريئة عند والدها " فرغم غيابه هم مضطرون لتسليمه تقرير شامل عن كافة تحركاتها "

تحركت بملل على السرير ، لتتلمس بيدها شريط الدواء الذي أنهت اخر اقراصه بالأمس ، تغضن جبينها بإنزعاج لترفعه فترميه بإهمال صوب سلة المهملات لكنها أخطئت التصويب ، فوقع أرضا !

تغاضت عنه لتقترب من الملاك الشقي الغافي بقربها ، أهدتها عدة قبلات مزعجة لتستيقظ باكية نافرة ، ضحكت تحتضنها و تغريها بـ أهمية استيقاظها لأن هنالك " مدينة ملاهي " تنتظرهم ،
و لكنها فشلت ، ففي دقائق الصحو الأولى تكون المشغوذة عبارة عن كائن باكي صارخ ، عديم السمع و البصر ، غادرت السرير تاركة إياها تتلوى فوقه ببكاء كاذب ، لتنهرها بـ هدوء : جووود اذا مقمتي اروح وياهم و اعوفج

لتفز الصغيرة بجسدها المكتنز بلحومه ، فتغادر السرير هي الأخرى ، بمنامة قطنية حمراء اللون أشرقت مع بشرتها البيضاء الناصعة ، لتتحرك بـ دوخة مبتعدة عن " اختها " ، متمتمة بـ تذمرات مختلفة ، لتقف قرب الباب المؤصد ، فتأتيها الجلنار ناطقة بـ حلاوة : صباح الخير ي حلو

: مووو سباح الهير

: ههههه

لما وصلتها رفعتها بسرعة مدغدغة إياها بـ حماس ، قليلا و إستعادت عنيدة الرأس وعيها لتستوعب " روعة الخبر " ، فتتعجل مع والدتها أو لنقل اختها في تجهيز نفسيهما

الحماس كله تلاشى حين قابلت روشن و عبد الله .. كان الوجوم واضحا على ملامح الأخير ، بينما شقيقتها فعلامات اللا فهم جلية على وجهها ، لم تحضر معهم زينة و لا إبنتها هذه المرة ، فقط هم الأربعة ، بان التوتر بنظراتها المستفسرة ، لتكبحها عمدا حتى عبروا اسوار المنزل و صاروا في مأمن تام من أيادي رجال قاسم ، في المقعد الخلفي تجلس مع عنيدتها المشاكسة ، و روشن تجاور زوجها في السيارة الرباعية الدفع ، من يراهم يظن بهم راحة !

: أبو ليث خير خووماكو شي ؟ شوو ما اعرف شلونك

: علي يريد يشوفج

قفز القلب حتى الحلق ، لتزدرده ببطئ موجع ، علي علي علي !
منذ متى لم تقابله ؟!
حتى الإتصالات الباردة ، فـ تتقطع بين اشهر طوال ، لا تنكر دلو الشوق الذي فاض حالما قرروا قضاء عيدهم بـ أرضهم ، رغم علمها بأنه اقام بشكل نهائي في اربيل ، إلا أن هنالك احمقا يسمى قلبا ، كان يدعو الله جهرا بنبضاته أن يتقابلا صدفة ،
ستكتفي بلمحة خاطفة من بعيـد ، لم تتجرأ بأحلامها و تتمنى لقاءه و الحديث معه .. لم تفعل ، و لكن الله تقبل نجوى الفؤاد المنكسر ، و اجبره بـ رغبة من ذلك الظالم المظلوم بلقاء

أ مل البعد حقا ؟!
أ عاد و بنيته استرجاعها ؟ كما دأب أن يفعل منذ ثلاثة أعوام ؟!
أم هذه المرة هي القاسمة لظهر الصبر ، فيخبرها بـ رغبته بالإنفكاك فما عادت له رغبة بالمستحيل ؟
إنعصر قلبها بعنف ، لتشعر بلزوجة الدماء الحارة تفيض بين الاضلع لتشمها ، حتى كادت تتقيأ شوقا ما تبقى من القلب ! ، إحتجزت نفسها بـ ذراعين التفتا حول القد " الرفيع " ، و لفترة لم تكن وجيزة ظلت ساكنة بلا حراك و كأن الموت قد حضرها ، ثرثرة غريبة استرسلت بها روشن ، مستفسرة بإسهاب عن عودة شبح الدم المتمثل بـ علي ، لتقوبل بـ إجابات مختصرة لا تسمن من جوع من قبل زوجها

بـ فزع لحظي نتاجه افكارها التي اوصلتها لبقعة حمراء واهمة " إن تطئها بقدمك يعني أن تحتجز عمرك بين قضبان الجحيم ! "

: عبد الله ،، و جــــووود ؟؟

الصمت الذي ظل مصاحبا لـ حضور صهرهم ارعبها ، ما باله ؟ أيعقل أن هنالك خطرا سيحيق بها ان قابلت ذلك العائد ، بشره و مصائبه ؟
قليلا و اجاب الرجل : ماكو داعي تخافين ، كلنا موجودين و تصرفي ..... طبيعي

: لالالالا ، ابو لييث دخيلك رجعني ، مااا اقدر ، مستحييل ، علي يمووتني ، اخاف يعـ ـ ـرف

تدخلت هذه المرة شقيقتها مستديرة بجذعها الى الخلف : جوج يمعودة شبيج ماكو شي ترة ، يمكن هوة من زمان يريد يشوفج و هسة لإن جينا لبغداد و بابا ماكو فقال يستغلها
لتضيف محادثة زوجها : مو صح عبد الله ؟

: اي

إجابته المقتضبة اشعلت موقد الهلع بها ، لترفض بحدة : لا مو اي ابو ليث ، اني اعرف علي ، و اخاف منه ، الله يخليك رجعنا ، او على الاقل رجع جود ، ما اريده يشوفها

: قولي يا الله جلنار ، إهدي شبيج

أهدى ؟!
و كيف أفعل و كابوس انكشاف الجريمة بحق " من كان قلبي " يزورني كل ليلة ، يجاورني بالمخدع ، يتلذذ بـ رسم الرعب فوق ملامحي بفرشة صنعتها يد الشيطان ، يؤرق ليلي ، و يسهد نومي !
يجرجرني من الحاضر " المستقر " ، ليرمي بي في منتصف أمواج تأريخي الأغبر

أوجعها فؤادها و هي تتعرف على الحي الذي وصلوه ، عادت للإستكانة ، فتعلم بأن الرجاء لن ينفع هذه المرة ، هنالك ما يحاك حول رقبتها كنسيج عنكبوتي واهن ، لا ليس واهنا البتة ، و ليس عنكبوتي الصنع ، بل هو حبل من مسد خطف أنفاسها بـ شدته !

بعيدا عن المبررات الكاذبة ،
قلبها يأن بـ الحنين ؛
الشوق دفعها لمراقبة البيوت في الفرع السكني العائد لمن سرقها حينا من الدهر ؛ ليملكها ما تبقى منه ،
يا إلهي ، علي .. إني لأمحوك من قلبي بممحاة غليظة فأجدني أمزقه و أبقيك كنقش فوق صخرة الملتقى !
قريبا سيجمع الدهر ما فرقا .. قريبا يا علي ، و لكن عدني ألا تذبحني بك ، أتوسلك


صماء كانت قرب احاديث الجميع ، حتى إبنتها كم من مرة حاكتها و لما لم تجد غير الشرود جوابا قررت ارسال برقيات استفساراتها الى من يتخذ المركز الثالث في قلبها
بعد الجلنار و إبنه ... ليث !
هربت انفاسها ، و تورم قلبها بـ هلع حالما توقفت السيارة قرب أحد البيوت ، ليفتح على حين غفلة منها الباب الذي تستكين بجواره الصغيرة ، ليلتفت الجميع متفاجئين ، فتفجعهم الصدمة و هم يبصرون الجسد الضخم الذي دلف بجذعه الى الداخل ، ليختطف من بينهم اصغرهم ، دون أن يقدم حرفا واحدا لـ جمع الموجودين

الرعب افزعها و خض قلبها بمضجعه لتصرخ بهستيريا لحظية : ويين ماخذهااا ، عليي عوفهااا ، عبدالله شوووفه شديسووي ، " و بذهول رددت و هي تترجل من الباب المجاور لها " : ماما ، يمة .. لا ياربي

حاولت شقيقتها السير بخطاها و الترجل ، إلا إن ساعد زوجها ارغمتها على الاستكانة لتكتفي بالإلتفات المرتعب مراقبة انهيار جلنار التي ما إن ثبتت قدماها أرضا ، حتى وجدته يستدير حول مؤخرة السيارة ، ليغلق بابها ، فتنطلق بسرعة مع حامليها مبتعدة !

ظلت جامدة محلها ، تحملق بـ لا استيعاب بالرجل الطويل الضخم الواقف امامها بشعره و لحيته الموقرة بالرمادي ، لتجر إنتباهها العقدة الشائكة بين حاجبيه ، فتخضها نظراته القاتمة ، المعتمة في وضح النهار ، يا الله ، ها قد جمعهما الله بعد أن ظنت كل الظن ألا يلتقيا أبدا !
شر أسود إنبعث من مقلتيه ليفيئها من الضياء ، لتظل دربها و القلب .. صارت أنفاسها مختنقة حد البكاء وهي تراه متخشبا متصلبا كمن يعاقبها بالصمت فقط ، كإنه يجلدها بـ جعلها تفكر بمئة إحتمال في الثانية عن كيفية عقابها ، تحاول الربط بين الأحداث الملتصقة ، إتصال روشن ، حضورهم و تشديد عبد الله على ضرورة بقاء الـ جود ، مغادرته و زوجته الآن تاركيهما قرب منزل هذا الأبيض المشتعل بدماءه الحمراء !
تكاد تشعر باللهب المستعر في اوردته يلسعها ، بللت شفتيها الجافتين ، و اسندت جسدها النافر قسرا ، همهمت بخفوت " علـ ـ "

لكن الأحرف الثلاثة بترت و هو يغادرها باعثا لها نظرة تصفع الضمير ، ظلت مكانها لحظات ، تراقب إختفاءه لداخل المنزل بعد أن ترك الباب مشرعا لها ، ضاغطا على " إبنـ ـ ـته " بين أحضانه بقسوة ، فهي لم تنفك ان تتلوى مرعوبة من هجومه ، ظلت تقاتله كي يفلتها .. و لم يفعل

إهتز جسدها ، لتسحب انفاسا طويلة جافة لسعت مجاريها التنفسية ، لتمد بيدها نحو إحدى اغصان شجرة الـ " نارنج " ، مستندة لها ، و لم تنتبه بكونها ضعيفة بالكاد تسند ذاتها ، فإنكسر الغصن وتعثرت هي بخطوات و تجرح كفها بـ إصابات طفيفة ، استقامت معتدلة ، تراقب الحي الساكن في هذا الصباح ، لتعدل من هندامها المكون من تنورة عريضة " غجرية " بنية اللون ، مع قميصها الأبيض الأنيق المغطى بـ سترة صيفية صحراوية ، رفعت اناملها لتتأكد من حجابها الكريمي بخطوط بنية ، و في صدد كل شئ كان الذهن يعمل بسرعة خيل في مضمار سباق ، لا تحتاج حفنة من ذكاء لتعلم بأن ما أخفوه قد سقطت عنه الستارة و كشف أمره ،
و إنها الآن ليست سوى مجرمة ، مذنبة ، إبنة لقاسم ، بنظر " زوجها " ، زوجها الذي لـ غرابة الأمر لم يصر والدها على تطليقها منه منذ أعوام حيث أخر زيارة له في شقتهم ، في الأردن ، فظلت علاقتهما معلقة بوقف التنفيذ ، ظلت تحن و تأن و تشتاق لترتعد خوفا من اللقيا ، ظلت تشاقق وجع الغيرة وهي بعيدة متأكدة بكونه يملك أخرى تشاركه الشقة ، و لربما كل شئ
لم تنسه ليلة ، و لم يسهو قلبها المسهاد عن الوجع بالفراق ، الغياب يشق القلب نصفين غير متطابقين ، و يبعدهما عن بعض بعد المشرق عن المغرب ، و كم من أحد حاول إتيانها بـ نصف قلب عله يلاءمها لكنه فشل !

و لا تدري إن كانت أنصاف القلوب المتهافتة نحو " نصفها " قد أكملته فنسيها ... لكنها رغم الفراق المحتوم ، شمخت بأنف صبرها و نجحت بـ إبتياع قناطير التماسك و التشبث بذراتها ، لن تتراجع الآن ، ليس بعد أن صنعت منها إمرأة بالغة تشيد بنفسها في " بعض " المواقف ، البعض فقط !

عليك ألا تنسي يا أم الجود بـ أن هنالك أسد هائج ، ثائر ، جائع و يود غرز أنيابه و الأظافر بجلدك ، و عليك ألا تخافي إن تحول تنينا ينفث ناره بوجهك ، و إصبري إن لدغك بسمومه بعد أن يصير ثعبانا تتمكن من إلتهامك كاملة

جرت انفاسا اخر ، لتتحرك بخطى بطيئة ، متوجسة خيفة و رعبا ، و إن أمدت نفسها بالصمود الكاذب ، فهاهي تذوي بخنوع ما إن عتبت قدماها موقف السيارة ، بغرابة حال اغلقت الباب خلفها ، ليصلها صوت صراخ الصغيرة ، شبيهته و عمتها ، ستقاتله فلا خوف عليها ! هي من يتوجب عليها الخوف ، بل الموت فزعا ، فهاهي بهذا البعد و فقط بسماعها زئيره الحانق تكاد تخر راكعة متوسلة الله أن ينقذها من هول الموقف
لم فعلتها يا عبد الله ، كيف سولت لك نفسك أن تضعني فداءا للجميع ؟ أوظننتي سأنجح بإخماد ثورته ؟ أ تعتقد بأنه سيكتفي بي مرتعا لإندلاع غضبه ؟

همست بـ " يا رب " لتتحرك بعدها بتأن نحو باب المطبخ المشرع ، حالما عتبت الباب و تبين لها جسده الضخم المسيطر على ذات الشعر الاهوج بين يديه حتى تقطعت أنفاسها ، و ابتل ريقها بدمع إنساب من أنفها و المقل ، كم تمنت أن تراه يوما يحملها كما فعلت سلفا ، أوشعر بأنه كان يحمل بضعته يومها ؟
يستحيل ، و إلا لما كان تركها ترزق بحياتها حتى هذه اللحظة

: جوووووج ، تعااااليييي انقذييييني

إنزرعت قدماها ارضا و رفضتا الانصياع لإيعازات العقل الهائج ، المتوسل منهما همة و شجاعة .. وجهت نظراتها نحوه ليلتوي قلبها ضعفا ، بل ينحني موتا ، نظراته قاتلة ، مسمومة ، موجعة يا الله ، كيف ستصطبر أن تغطى بكدمات سببها نظرات رجل مطعون بالظهر !
لم لا يتحدث ؟
يصرخ ، يعاتب
لم يتركها تتخبط كـ ضرير رموه في دار غريبة ؟ لكنها ليست بمكان غريب ، بل هي في موضعها الصحيح ، حيث انتماءها السرمدي ، بل العكس يا غبية ، أنتي لست من هنا ، و هو لا يرتضي منك إنتماءا بعد الآن ، بل سيفك قيدك ، و يزهر عمره مع إبنته ، و أنتي من تحترقين كـ زهرة ياسمين لا تحتمل شمس تموز

بشفاه مرتجفة ، و نبض متخلخل مرفوق بـ إهتزاز حبال الصوت لتنتج نبرة ذائقة الفزع معلنة عن بدء الحوار

: والله غصبا ما علية رضيت ، و الله العظيم غصبا عنيي ، لو حاجية شي جان خسرتكم ، إنتو الإثنين .... جان ابوية كتلها ، او كتلك .... لتقول ميسويها لإن بتي
والله يسـ ـ ـويها ، لإن يكرههـ ـا و يكرهنـ ـ ـي






؛



 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 18-07-13, 01:13 AM   المشاركة رقم: 74
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 


ثلاث سنين أم ثلاث ليالِ
هي البرق أم مرَّتْ كلمحِ خيالِ؟
وما كان هذا العمرُ إلا صحائفاً
تلاشتْ ظلالاً رُحْن إثر ظلالِ
وما كان إلا أمس لقياك إنه
لأثبتُ ما خطّ الزمانُ ببالي
وما العمر إلا أنت والحب والمنى
وما كان باقي العمر غيرَ ضلالِ!

إبراهيم ناجي





قلب ينبض ، و جسد يتعرق بغزارة ، عضلات تتقلص و روح ترفرف مترقبة ، هاج و ماج على إسفلت الشارع منذ السادسة ، لم يستطع اطباق جفنيه لـ دقائق ، و كيف يفعل بعد إكتشاف متأخر بأن له من صلبه إبنة !
صغيرة قضى من الأعوام ثلاثا دون أن يعلم بأن لها انفاسا ناعمة تشاركه بها الكون ، و أربعة منذ أن أكرمه الله بـ تكوينها في رحم من أمنها كـ نفسه ، و أكثر

اغتصبوا حقه بـ نسبها إليه .. قاسم الوغد ، يستحق أن يقتله ، أن يقتص حقه بخنجر يشق عنقه ، أن يحني يديه بدمه ، لكنه لن يفعلها
إكتفى من لعبة قذرة لا تناسب آل صفاء ، لعبة لم يربح بها سوى جولة واحدة ، هذا إن كان إمتلاك واحدة إجتثت قلبه من موضعه لتضعه في حقيبة سفرها و تغادر يعتبر ربحا !
لتعود ، نعم عادت لـ ترفع هذه المرة سيفها و تغمده من دبر فتنصف عظمة الكتف غدرا ، ليس ضعفا ، لا ضعيف امام الحق ، بل شيطان أخرس من يصمت متقبلا الظلم ، هو الأحمق الذي ظن بأن سقياه ستنبت من بذرة قاسم سنبلة مليئة بالخيرات ، هو الأحمق الملام !

عندما وصل عبد الله بـ إبنته ، و الخائنة لم يطيق صبرا لـ رؤيتها ، و حالما فتح الباب سارع لإجتذابها من بين الكومة الملوثة بقاسم الكلب ، ظل لحظات لا تعد باهت الوجه بتلك الصورة الملائكية التي يراها ، بـ براعة طبعت بمقلتيه صفحة الوجه الأبيض المزين بـ حجرين كريمين من الزمرد ، و المحاط بـ تاج ثائر ذهبي اللون ، خشن الملمس ، إذ لم يفتأ أن يدغدغ ذقنه و عنقه لتصدمه " المشاكسة " بمحاربتها إياه كمن تحارب الموت

صوتها الناعم النافر خطف قلبه ، ملامحها الجميلة ، نظراتها الشرسة الثابتة كادت ان تشككه للحظة في أن تكون إبنة هذه الغبية ، إلا إنها و من نظرة واحدة تؤكد لمبصرها بأنها ثائرة كأبيها و عمتها ، فذات الصوت الصارخ ، و الاطراف الهائجة هي قطعا تحمل دماء آل صفاء ، دماءه !
لما خلا الحي إلا منهما و ثالثتهم ، نقل بصره نحوها ، لينعصر قلبه و لم يستطع عقله إرغامه على التظاهر بالـ لانبض .. هزيلة الجسد ، مرعوبة الملامح ، متلألئة المقل ، إنخفض عداد غضبه لبرهة قصيرة ، عمر مر منذ اللقاء الأخير ، المحمل بـ بلح الحنين .. اللذيذ !
كاد أن يفتضح أمر شوقه ، فيؤثم .. فأرغم نفسه على التفكير بـ بشاعتها ، لولاها ما كان الآن يحاول أن يهدهد " إبنته " التي تظنه وحشا

لولا والدتها ... والدتها الحمقاء ، الغبية ، التي لم تكف عن الثرثرة المهتزة ، والدتها التي تخلت عن حقها في الظفر بهذه النعمة ، بل تنازلت كعادتها الخرقاء ، بعقل خرف لا يستطيع السيطرة على رعبه ، و التصرف بدهاء ،
لا ليست حمقاء و لا غبية ، بل هي خائنة ، خائنة لها من الوجع نصيب ، طعنتها الأخرى أدمت القلب الغبي الذي بحوزتها منذ زمن ، أنى لها أن تتبناه و من ثم تغدره ؟

كان واقفا يستمع لثرثرتها بلا تعابير ، إكتفى بالنظر لحركاتها ساخرا بإدلاءها لسلسلة تبريراتها الطويلة ، التافهة !
الصغيرة يئست من أن يحررها فتقبلت الامر و صارت تلهو بهاتفه الذي سلمها إياه لحين اقتصاصه الحق من امها ، نار تأكل أضلاعه و تتغذى على أنسجته ، نار " لولا فعلة عبد الله منذ اعوام " لكان ما حاول احجامها ولا كبت لهيبها ولو كان في الأمر عنقه هذه المرة

عديله طعنه ، لكنه حاول بـ الخفاء رتق الجرح الغائر ؛ حاول بجهده ، و يبدو أنه نجح و لو قليلا بـ تخفيف وطأة الوجع .. بينما هذه .. المذنبة الأولى في قائمته السوداء ، ذات الطعنة الأعمق أثرا ، قد أسرت له بالحب يوما ، لتخذل قلبها و قلبه ، و تغرس رمحها به شر غرسة ، لن يسامحها ، لن يفعل ابدا ، لا تتحدوه بنظراتكم الماكرة ، هو لن يسامحها ما دام حيا ، و أنتم الشاهدون !

: جاوبني
بس قلي إنوو مصدقني ، حاااس بية ؟ أدري انتة عمرك محسيت و لا رح تحس بية او بغيري
علي طول عمرك متحس غير بنفسك ، بس هالمرة لازم تفتهم موقفي ، جنت بين ناريييين ، شسووي ؟ تريدني اجازف بيك لو بيها ؟ فهمنننيي شتريد مني أسوووي و اني وحدي ، وحدي ارتبط بيكم كلكــم
اذا بابا صارله شي اني أحترق ، و إذا امي تعذبت من ورة مشاكلي فـ أنتهي ، و اذا ..... خسرت جودة فـ ..... أموت ، و إنتة ......... إنتتة ....
حس بية ، الله يخليك

جمود وجهه تغير قليلا ليبخس توسلها حقه ، و يشح عليها بـ كرمه ، رف جفنه ، ليرسل قلبه الساخر نظرات كادت تقتلها بهزءها ، لم يرد عليها و كأنه أصم قرب طحنها لتماسكها تحت كعبيها امامه ، إنهارت أكثر متمتمة : لتبااااوعني هيجي علي ، لتحسسني انو ممصدقني ، إنتة بقلبك مصدقني و تدري انو كلشي صار غصباا علية ، و تدري إنوو ........ أخاف عليـ ـ ـك

هذه المرة تطاول بإهانتها ، فأرسل لها إبتسامة ذبحتها بنصلها الساخر ، لتراقبه برجفة و هو ينحني أرضا ليحرر .... إبنتهما ، تلك التي سرعان ما ركضت نحوها بخطوات متعثرة تغمرها السعادة صارخة بـ حماس : جوووووج حبيبتي

لم تتحرك ، ظلت للحظات متسمرة النظرات على من تجبرت قسوة احداقه ، تجلى الرعب بـ مقلتيها و هي تلمح تحركه البطئ نحو الأريكة المتواجدة ، وكزها بـ مقدمة السيف و هي تنتبه توا لعرجه الواضح ، مر عمر يا حبيبي ، و ما زلت تعاني مما أغدقوك به من ظلم !

تابعته يجلس بـ لا إهتمام لوجودها ، رافعا ساقا فوق الأخرى ، ليذهلها و هو يخرج علبة السجائر من جيب قميصه ، فغرت فاها لوهلة تراقبه يشعل أولى سجائره ، لتزدرد ريقها بالخفاء ، ثم تمني النفس بقدرتها على معاتبته ، إذ خرج صوتها ثابتا نوعا ما وهي تقول بغيظ : علي لتدخن ، الطفلة شنو ذنبها

: جوووج إحمليني هيااا ، أين مدينة الملاهي ؟ ألم تقولي بأنك ستأخذيني إليها

اطرقت برأسها نحو صغيرتها المحتضنة ساقها ، لتميل شفتها ببسمة هادئة ، إنحنت بجذعها حتى وصلتها ، هامسة بـ رجفة لم تكبتها : حبيبي الحلو ، روحي قعدي على ذاك الكرسي ، و لعبي بالموبايل ، أني شوية و اخذج و نروح لأي مكان تريديه ، هسة حتصيرين حبابة و تسمعين كلامي ، ماشي ؟

: هممم .. ماشي

نطقتها بـ نبرة مرتفعة ، لتتحرك بخطوات سريعة نحو المقعد الذي أشارت عليه " جوج " ، لتتخذه مخدعا لها و هي تلهو بالهاتف بين يديها المكتنزتين ، إبتسمت بشجن أصابها بالصميم ، شاعرة بخضوعها للمراقبة المستهزئة ، لتدير وجهها نحوه ، فترى إنشغاله بـ نفث دخان " ثاني قاتليه " ، و متابعة حركات " إبنة أولاهم " !!

إنحشرت أنفاسها بين الفم و الحنجرة ، ظلت تناجيه بصمت أن يراها ، يعطيها من إهتمامه ولو القليل ، إنها تفتقده ، ليليا تأن بحنينها ، و تحن بـ أنينها المكسور قلبه ، تتوسل هاتفها أن يهديها صوته ، تهرع راكضة عند كل رنين يصدره حتى إذ مات الأمل و شيعته الى قبره ، فصار الهاتف بـ لا نغمة !
و ما حاجتها بها و من توده ، شحيح بـ الوصال ، أجودي في الغياب ! تلمه ، وهي الملامة و تعلم ، و لكن ما تفعل ، تحتاج أن ترمي بثقل خطأها فوق كتفيه ، فهي قد تهدلت أكتافها ، و دق عنقها لثقل ما تحمله !

تعلقت نظراتهما لفترة ، لتفر من عينيها دموع هربت بـ عجل من بين الأهداب ، قطع أنفاسها بديمومة صمته ، فـ إستجدته بـ ضعف : كافي تباوعني هيجي

شهقت وهي ترى كيفية سحبه لنفس طويل من سيجارته ، لتختفي ملامحه خلف سحابة دخانية تمكنت من شق جيب صدرها ، دهس العقب المتبقي بالمنفضة القريبة منه ، و نظراته مصوبة نحوها بـ طريقة أفزعتها ، لكنها حاولت السيطرة على ذاتها المنصهرة تحت اشعته الفتاكة ، لتتحرك نحو أحد مقاعد طاولة الطعام ، فتديره مقابلا لـ جلادها الصامت ، حتى إذ جلست فوقه بإنهاك ، أطرقت برأسها لتغمر وجهها بين كفيها مهمهمة بـ خمول : هسة شرح تسوي ؟
ابوية بالحج ، من يرجع نرجع لعمان ، و و ... جود ،، متعرف .... علي .... بـ ـ تـ ـي عبالها أني ...
رفعت رأسها لـ تريه أثار غيابه الموشومة ببقع داكنة تحت عينيها ، فتضيف كلمتها بـ إبتسامة متألمة : أختها

لم يرف جفنه ، و لم تمني ذاتها بـ غير ذلك ، إهتزت شفتاها لـ تهمس بنشيج يأن : دتقلي أنو الصوج بية ، دتتهمني بضعفي و بـ غبائي ، يمكن تكرهني لإن ضميت عليك ، و ممصدقني ولا مقتنع بحجاية انو اني جنت مجبورة
بس أريدك تفكر شوية ، تخيل شقد تحملت بهالتلث سنين ، أحضن بتي ... و لازم ادرب نفسي إنو تكبر على أساس إنو هية أختي ، تعررررف شنو يعني أخسر احلى شعور بالدنيا ؟ تتنغص فرحتي ببتي الي ابوها ......... تعرف ؟

إنتة انظلمت صح ، بس أني انظلمت بقدك مرتين ، على الاقل انتة مجنت تعرف ، مو تشوف و تنحررم ، بتي تكبر قدامي ، و اني لازم اسيطر على نفسي و ابعدها عني
اي اي اي ابوية ظالم و مخاف ربه ، و ما ادري شلون ديانة ديانته و هوة كل سنة ، كـــل سنة هيج وكت تلقاه ديحج ، ما ادري بيا منطق ديفكر و هوة مغير نسب ، بس لإني اعرفه ، و اعرف انو كلشي عليه سهل ، فـ إنجبيت ، و اختاريت حياتكم اثنينكم ، أعتبرها أختي و اتحمل ، و أعتبرك مـ ـاكو ... و أتعود !
لشوكت حتبقى ساكت ؟

: جوووج غير جميل هذا الموبايل ، أريييد هاتفكييي

نقلت بصرها حيث الصغيرة ، لتلحظ تمللها في مكانها ، و بعد قولها أدركت إنها حين غادرت سيارة عبد الله تركت حقيبتها ، و بها الهاتف ، فركت مقدمة جبينها بإرهاق ، لتحاكي الـ جود و صوتها بالكاد يعلو : موبايلي بالسيارة حبيبتي ، لعبي بهذا هسة

: و لكن هذااا غير جمييل ، إففف تبا
: جوج انا جائعة و أشعر بالنعاس
أيين الفطور ؟
أريد أن أنام

الجود و ثرثرتها التي لا تنتهي ، و رغم إنها لم تلق بالا من أحدهما وجداها تستمر بالهلوسة اللفظية ، لتنعكس النظرات العطوفة على عدستي والدتها ، تنهدت بـ تعب و كفاها تمسحان صفحة وجهها بـ هدوء ، معلقة بعدها دون أن تصوب نظراتها نحوه ، بل ظلت تراقب طفلتها و تحاكيه على مهل : ممكن افتهم شنو ناوي ؟ علي مو حالة صارلي ساعة أحجي و إنتة بس ساكت
كافي تحسسيني بالذنب ، قلتلك وضعي .... قلبي يوجعني علي ... يوجعني حيييل
نقلت نظراتها نحوه هذه المرة ، لتضيف بركازة كاذبة : إنتـ ـة ... مو طبيب قلب ؟ إلقيلي حل ، تدري ... أدمنت على المهدئات ، صار سنتين !

بصرها نفذ لما تحت جلده ، لتجفل إثر الرعشة التي سرت به ، و للإنتفاضة الدموية التي شعرتها بأوردته بعد قنبلتها الأخيرة ، و لـ عشق الحال وجدت ثغرها يفتر عن إبتسامة بلهاء ترضى بالشحة هذه !

إنقباضة كفه لم تخف عن ناظريها ، لتقرر الإسهاب بمعاناتها علها تلامس إنقباضة أخرى ، للقلب !

: ورة مأجيتنا ، بابا صار نار كبرة ، خفنا عليه ، بـ ـس مقدرنا نسويله شي ، شوية شوية صار يسمعني من احجي وياه ، بعدين فجأة يقلب ، و يرجع على حالته الاولى ، أتدمر ، جنت أموت و كل يوم يعاملني بطريقة شكل حسب مزاجه ،
بتي تكبر و أني ما أقدر أسوي شي ، بتي إلي انحرمت حتى من كلمة بتي الها ، انحرمت اسمع منها " ماما " ، قدامي تصيح لامي ماما ...... و لأبوية بابـ ـا

عبالك سهلة ؟ تذبح ، و الله تذبح بس مجان بيدي شي ، و لا رح يصير بيوم ، و هسة إنتة عرفت ، بس مستحيل رح تعرف معاناتي و لا وجع قلبي ، قتلك .. إنتة متحس غير بنفسك
مرح تجاوب ؟ فهمنيييي ليش دزيت علية و إنتة متريد تحجي ؟ جايبني بس حتى تلومني بنظراتك ، محسسني انو اني حشرة ، مستحقرني و كأنو سويت كل شي راضية ، دا اقلك انجبرررت ، فهمني شلون هسة

: رجعي من وين مجيتي

جف حلقها و طنت أذناها برنين متواصل ، و صدى صوته الفخم ينعكس على جدران قناتها السمعية ، ليخترق طبلتها راكضا نحو القلب ، فيرحب به الأحمق مشرعا بابه المؤصد أمام غيره .. فاتحا ذراعيه على إتساعهما مستقبلا إياه بـ حفاوة تليق به

كرر بـ إكفهرار و هو يراقب ملامحها المصعوقة : ردتج بس لأن ادري البنية مرح تجي وياية بدونج ، بس هسة هاهية ، إنتهت مهمتج ، طلعي برة و سدي الباب وراج

: نعم ؟؟

: إلي سمعتيه ، و بسرعة

: علـ ـ

: ماريد حجي زايد

: بتـ ـ ـ

: قصدج اختج ، إنتي تخليتي عن نسبها ، تخليتي عن تعب حملج بيهه تسع شهور ، بس اني لأ

: سبعة ، حبلت بيها سبع شهور ، و بوكتها توسلتلك تاخذني ، لإن جنت ضامنة بتي بداخلي و ابوية ميقدر يوصللها بس إنتة مردتني ، إنتة الي قلتلي انو تزوجت و كملت حياتك و متريد صلة بية و انو اني اصل المصايب بحياتك

هاج فجأة و هو يفز واقفا كمن لدغ لتوه ، نظراته اخترقت رأسها و أنهت مقاومتها فإضمحل ما إصطنع من تماسك و هي تتلقى قسوة كلماته : لعد كــذب ؟؟ إنتي مو اصل المصايب بحياتي ؟ إششفت من وراج و من ورة اهلج غير سم هاااري اتجرعه كل يووم و اني اشوف سارة قدامي بهالحال ،
انسى كل شي جلنار ،، كل شي ... إلا الي سواه الكلب إبن عمج بسارة ، و الي إكتشفت هسة انتي مسويته بية

إنكمشت على جسدها في موضعها ، لتلمح بطرف عينها الرعب المتجلي بوضوح في نظرات صغيرتهما ، حاولت لفت إنتباه قسوته لتخبو قليلا ، هامسة ببعثرة : علي الطفلة شنو ذنبها ، لتعيط ، لتخرعها

زفرات ملتهبة و عجلة تناوبت للخروج من فمه و هو يقف متخصرا بجسد مستنفر ، أبعد انظاره عنهما ليقول بشراسة : إذا متريديني اعيط طلعي برا ، و هسسة ، طلعي و إنسي .. هه بتج

سكنت كـ هيكل لتمثال صب فوقه الشمع توا فـ جمد ، متوسعة المحاجر متدلية الفك ، متوقفة النبض !
تبعثرت أنفاسها بـ هلع ، ثوان و إستوعبت ما يقول ، ها هو الكابوس الأول يدنو من التحقق ، يود حرمانها من طفلتها ، ألم يكتفي بأنها شبه محرومة منها ؟!
ألم تأخذه بها شفقة و رأفة رغم كل ما قاسته و أعلنته لـ توها ؟ .. أي بشر أنت يا عزيزي ؟.. و أي قدر جعلني أهواك فـ أخنق قلبي بيدي هاتين ، ألا أثير بك أي قهر أو عطف ؟ ألا ترآني مظلومة مسودة القلب ، ملكومة بالجراح ؟
متى ستبصر ما أحاق بي أنا الأخرى ، متى ستتخلى عن أنانيتك يا رجلي الشرقي .. متى ؟

عاكست رغبته و هي تقف لتتحرك مسرعة حيث جود فتقف لها الاخيرة مرحبة بـ خوف انعكس فوق سطح المقل ، رفعتها بـ هلع لتحتضنها بقوة و هي تراقب تقدمه العجل منهما و نظراته تحدجها بشر قاتم : جلنااااااار عوفيهاااااا

بهستيريا رفضت و هي تتقهقر بخطوات تجرها نحو الخلف : ماااا ، علييي تخبببلت ؟ شلون تريييدني اعوفهااا و ارووح ،، لااا اكييد تخبلت ، لو تموووت ما اعوفها هاااية كلشي بحيااتي ، لووو تموووت ما اعووف بتي

تعالى صراخ الصغيرة ليندمج مع صياح والدتها ، و زئير والدها الغاضب المشتعل يعلو فوقهما ، إذ إنه لم يرفق بـ قارورتيه ، و لم تهزه ادمعهما ، بل صب جام قهره فوق رأسي الإثنتين و هو يجر الجود منها و سبابه لم يتوقف لحظة ، إلا إن الطفلة رفضت قسوته وهي تتشبث بكل قواها بـ والدتها صارخة بـ كلمات " مضحكة لولا عسر الموقف " : جوووج انقذييني
أتركناااا أيهاااا المتووحش
النجـــــدة سااعدوووونااا ارجوووكم
يا الهــي أنقذناااا

: ووووجع سكتيييي

كانت صرخته كافية لصم أذن رجل بعمره ، فكيف بـ صغيرة لا تفقه عظيم الحال و الوقع ؟ يبس حلقها رعبا و زاغت نظراتها ، لتتلألئ عيناها بمياه صافية ، و ترتعش شفتها السفلى بمنظر فطر قلب الجلنار ، و لم يخدش بصره ، فظل مصمما على أخذها حتى إستسلمت امها و حررتها ، فالصغيرة تألمت نفسيا و لا حاجة لإيلامها جسديا بإقتتال غبي بين الوالدين !

ما إن صارت بين يديه ظلت تتلوى ، ليعصرها بـ غيظ داكن اللون ، و بيده الاخرى مسك زند جلنار ليحركها نحو باب المطبخ ، متكلما بـ صياح : دييري بااالج تقولين عليها بتج ، ديري بالج ، إنتي عفتيها ، بس اني ما اعوفها لو بيها موتي سمعتي ، و يللا روحي لأبووج هه " حجي " قاسم الله يحرقه بجهنم ، سلميلي عليه و قوليله هاهية ديننا خلص ، ياخذ بته و اخذ بتي

قاومته بشراسة و هي تركله تارة ، و تحاول فك قبضته القوية الموجعة أخرى : لالالالا علي اوووقف ، إسمعنييي ، أمووتك ، و الله اذا حرمتني من بتي اموووتك ، إنتتة مخبببل شلوون تريدني اعوفهااا .,آآآآه اييدي
ما اروووح ، اصلااااا هية موو بتك ،، ممتسجلة بإسمك ، و الله العظييم اروح اجيبلك الشرطة هسة و اقول خاطف أختي ،، و الله

إرتخت قبضته للحظة فـ أختها حتى حررها ، ليرفع كفه محيطا فكها هذه المرة ، ضاغطا فوق عظامها الضعيفة بقسوة و تجبر ، لتضطر الوقوف على انامل قدميها و عنقها تمدد بإنبساط متألم ، نطق بتصلب أمام فمها المرتجف خوفا و نظراته تتحدى مقلتيها أن تقاومه : زين و الله ، فوق مصيبتكم انتي تكذبين ... يكون بعلمج يا .... هه مرتي .... نسيبكم الي هوة عديلي ، و الي كالعادة طلع اشرف منكم كلكم ، مسويلي هوية لبتي ببغداد ، هوية تثبت أني أبوها ، و ميحتاج أقلج شلون ..... إنتو متعلمين عالوووصخ ، المهم ، فهيجي حركة حلوة منج تطيح حظ ابوج و حظج
سمعتيني ؟ تخيلي تجيبين الشرطة ، و تراويهم الهوية الـ يمج ، و اني اراويهم الهوية الـ يمي .. و تكبر القصة و نروح نسوي تحليل

: آآآآه علـ ـ ـ

: إششششش ، خلي أكمل ، و تطلع البنية بتي ، و أني أقدم بلاغ ، و كلكم .. كلكــــم تطبون للسجن بقضية تلاعب بالنسب ، هه ، النهاية السعيدة .. المجرمين بالسجن ، و المظلوم إلي مبقيتوا شي مسويتوه وياه يعيش بسعادة وية بته .... بتتتتتتتتته

صراخه الهائج بكلمته الأخيرة أفزع إبنته لتصرخ هي الأخرى وهي تثور لتضربه بقبضات هلعة و لسانها يكرر بـ هستيريا باكية : عووووف أختيييي ، أتررركهااا أيهااا المجرررم ،
النجـــدة ، أنقذواااا اختييييييي

ليفعل و يترك " أختها " ، ليغير وجهة قبضته نحوها ، وهو يثبت ذقنها و لكن " بشدة أقل " ليجعلها تبصر أختها وهي تشهق طلبا للهواء و دموعها تغرق الملامح الشاحبة ، ليلقنها بـ غضب هامس : هااية مو اختج ، هااية امـــج سمعتي ، أممممج
والله اذا سمعتج تقولين اختج اموووتج

فيحرك وجهها نحوه هذه المرة مكملا : و انييي ابوووج ، إفتهمتي ، هااي الغبية الثولة امممج واني ابووووج

كادت تفقد عقلها الصغير و هي تتلقى منه هذا الجنون ، لتصيح مرتجفة محاولة رمي نفسها من علوه الشاهق رغبة بالنجاة : إبتتعد عنييي ايهاا الكاذب ، أمييي سوووسن و ابي قااســـ

: من دنعل ابووج لابوو قااسم ويااج

افزعها للمرة العاشرة ، فإنكمشت على نفسها و هي تنتحب بطريقة تدق بالقلب مسمارا ، ليعلق فوقه صورة إحدى أسوء مواقف حياته ، و أعظمها
كرر مجددا تلقينه : أنييي ابوووج ، سمعتيي ؟ أني بااباا ، و رح تبقين يمي ، و هذولاا الناس الي جنتي يمهم ايييييع .. هذولا خـ**

افلتت عقال وعيها و هي تتوسله جارة بساعده بعيدا عن وجه صغيرتها ، بقلب مذبوح تراقب امارات الفزع تغطي ملامحها الباكية وهي تهز برأسها موافقة برعب طفولي مؤلم : عليييي حرااام عليك عوف الطفلة ، ابوووس ايدك عوفها ، عوووفهااا لتعقدهاااا ، هياااتني قداامك فرغ عصبيتك بية ، هية شنوو ذنبهاا دتخوفها ... عوفهااااا

و كأنها صفعته على خد وعيه ليستفيق ، إنهال عليه ضميره بالركلات و اللكمات ، ليستقبلها بملامح مذنبة ، و هو يبتعد عن مرمى يدي الغبية مقبلا رأس الطفلة لـ ينزلها أرضا ، فيهمس بإذنها رغم علمه بأنها لن تسمعه وسط ضجيج عويلها " أسف باباتي "

إنتصب بإعتدال ، ليعتصم قلبه عن النبض بعجل ، شاهرا بوجه اسلحته ، مهددا إياه بالتوقف إن قرر مواصلة الطريق الوعر ، فيفضل الموت على إتباع اهواءه الساذجة ، و لم يصدم بقراره قلبه المخذول المتهدل الكتفين !

تحرك خطوة عائدا حيث كان ، رغبة منه بإنهاء هذه المهزلة ، لترتطم " المهزلة القادمة بعجل " بصدره ، فـ جمد معها لبرهة بها تعانقت نظراتهما ، و تآلفت القلوب ، مقبلة بعضها البعض بـ شوق لم و لن ينضب يوما بينهما
لم فعلتها ؟
لم لم تتوشجي بي طالبة العون ، ألم تكفيك صولاتي البطولية لأبرهن لك بأني قادر على حمايتكما ؟ بدمي !
لم ما زلت تجتثين الأوردة بأناملك ، و لم أرآك و أصمت راضيا ؟!
أخبريني سر الهوى الذباح ، فإني أشم ريح دمك و أنتي تتمزقين أوردة و شرايينا ، إخترتي أن تكوني مع الفؤاد ندا لـ عقلي ، و قهري ، أوتظنين بأنك ستبسلين بالفلاح ؟! خسئت و خسأ القلب بالجحيم !
على ذكر القهر ، أني لألوكه بين فكي كـ علقم .. ملأ بطني فصرت به متخوما ، و عليك تحمل قيئي به !

بهيام سافر كانت تبصر احداقه ، تحاول زرع مودة بينهما و سقيها بـ دمعة ، شكته غيابه و الوجع ، إستقبلت عتابه بـ بكاء صامت ، و إحتمت به من قسوته !
أنت بـ وجع لـ ضغط يده على ساعدها ، و كم ندمت ، إذ إنه إستعاد ذهنه ، و إشتعاله ، ليجرها بقسوة متحركا بها نحو باب المطبخ ، محذرها بـ زئير : و الله العلي العظيم قوووة لازم نفسي ، اذا مـ وليتي هسة أحرررق الدنيا على راسج و راس الخلفووج ، اشتري نفسج و ولي منااا ، و مثل محرمتيني من بتي رح احررمج منها ، حتى تعرفين الي دا احسه هسة من ورة استغفالج

تجلى الضعف بنبرة بالهم تحتضر ، و بالبكاء تختنق و هو تتوسله مذهولة من القلب الأخر الذي يملكه .. فيفزعها به : علي الله يخليك لأ

: الله ليخليني إن شاء الله ، يللا وليي

: انتة تخبلللت ، رسممي تخبببلت ، جنطتي عفتها بالسيارة ، حتى موبايلي مو يمي ويين أولي

انتحاب الصغيرة من خلفه لم يثنيه عن طرد والدتها ، و هو يدفعها بقسوة تركت أثارها على جسدها المضحمل عوده ، و من دون ان يحررها تحركت احدى يديه لجيب قميصه فأخرج لها عملة نقدية متداولة ، ليثبتها بكفها ، صمت لثوان ملاحظا الخدوش الحديثة العهد الممتدة على باطن الكف و الرسغ ،
جر نفسا ثقيلا ليرمي إهتمامه كعقب سيجارة يدهسها بحذاءه ، فتقسو نظراته مجددا وهو ينطق بسخرية : هاي فلوس التكسي ، يللا روحي و لتنسين تقولين لقاسم مبروك ، بته رجعتله
إحتضن كفها بين يديه ، ليدهسها بغلظة ، ثم يضيف مقتدرا على القتل : باجر ورقتج توصلج جلنار .. باجر

تراخت أطرافها ، و هربت الورقة المالية من بين قبضتها ، لتطير مع النسمات العليلة في أول ساعات الصباح و التي صفعت تنورتها و طرف الخمار ، ليتطايرا بـ ثورة هائجة ، معترضين على سكون الأموات الذي أحاق بجسد صاحبتهم ، المذبوحة الكرامة
و الملكومة القلب
و الخالية الحضن من إبنتها !!!!





؛




اين حبنا
يركض حافيا في البرية
و قد اطال شعره و اظافره و اضاع ذاكرته !


غادة السمان




أوصد الباب خلفه بقوة ، ليلتفت و انفاسه تتلاحق معلنة حالة إستنفار غير مستتب ، راقب إجفال الصغيرة بعقل غاضب ، و قلب حانق ، بكاءها المرتفع لم يزعجه البتة ، بل وجد نفسه يتقدم نحوها بخطى بطيئة بغية اعلان السلام ، و أوجعته بـ رعبها الذي جعلها تتقهقر مدبرة ، فارة من قبضته الشريرة ، و صوت صراخها الفزع يعلو اكثر

بخطوتين وصلها ليرفعها بملامح ممتقعة ، فرجفتها و تلويها بين يديه كانا ذوي أثر سلبي في قلبه ، حاول هدهدة خوفها بـ لطافة غير محسوبة ، ماسحا على شعرها تارة و على وجنتيها أختها : إششش بلة بجي بابا حبيبتي سكتيي ، إشششش أسف اسسف والله بعد ما اصيح يللا سكتي

نجح بـ خفض مستوى الطنين الصارخ ، ليتحرك بها قاصدا حوض المغسلة في المطبخ ، فيغسل لها وجهها من أثار البكاء ، مضييقا نظراته المفكرة ، لتزداد وتيرة النبض و يشتد حبلها ، إزدرد ريقه متوقعا أنه على حق ، و أن هذه الحسناء الصغيرة قد توسدت حضنه في سالف الاعوام ، داعبها و إستمتع بجمالها الملائكي

شهقاتها الباكية سرقت لبه ، ليحاول بجهد جهيد أن يتواصل معها و قلبه يخنقه بالعتاب ، هاهو ينجح و بتفوق برسم صورة الوحش الشرير كـ بصمة اولى له في حياة ابنته .. يا الله ، أ يعقل أن تكون هذه الجميلة الذهبية اللون إبنته ؟
بالطبع يعقل ، فـ لو رآها صدفة لـ شبهها بعمتها المغترة بنفسها كـ هرة ، مال ليقبل الوجنة المكتنزة ، هامسا بـ صدق يناجي به الرحمن : الف الحمد لله و الشكر يارب .. الف الحمد لله و الشكر

تململت و هي تعاود البكاء ، مشيرة بسبابتها نحو الباب الزجاجي ، مطالبتا إياه بـ فتحه و إطلاق سراحها ، لتعود لحضن اختها : أرييييد جووج ، أرجووك ... أريييد أختي

هذه المرة كان العقل سيد الموقف ، إذ تحرك بها نحو الأريكة ليجلس و هي تتخذ من جحره عرشا ملكيا لها ، عرشا لا يليق إلا بفتيات آل صفاء .. ثبت كفا خلف ظهرها لئلا تقع ، و الأخرى تحتضن كفها الصغير .. يحاكيها بـ تمهل ، عيناه تحملقان بكافة تفاصيلها الشهية ، و سعادة لا مثيل لها فاضت لتغرق كونه فـ يبرد بها قلبه المحترق

: باعيني ، خلي نحجي شوية .. و بعدين شتريدين اسويلج زين ؟

هزت رأسها برجفة ، و لا يزال بوزها يتمطى بحلاوة : سييين

أبعد خصل شعرها الشائكة من حول محيط وجهها ليقول : حبيبتي إنتي شسمج ؟

: إسمي جود

: الله .. حلوو إسمج ... جود الحلوة تدرين اني منو ؟

: إنتة لص !

: ايااااا بت الكلب .... هوة بس باقي انتي علية و تكمل السبحة

ببلاهة مطت شفتيها لتنغمس معه بالحديث : مازا ؟

ضيق نظراته ليتمتم بـ شرود " مخبلة هاي شلون معلميها تحجي !!!! " ، إرتدى زي البهلوان و أعقد صفقة مع نفسه لتسمح له بتقديم العرض الغبي معها : لا شئ عيني لا شئ
بس اني موو لص ، عيب هيج تقولين على ابووج

تغضن جبينها لتصرخ منفعلة : لكنك لست أبيييي

إبتسم على مضض و ود لو يحطم لها ما تبقى من أسنانها ، كاذب ... لن يفعلها فهذه الجنية تربعت على عرش عال ، لم تطئه قدم أحدهم من قبل ، و كأنه خلق ليملأ بجسدها الممتلئ القصير

اكمل حواره بـ لطف : حبيبتي .. اني ابوج ، و ..... جوج أمج سمعتيني

رددت بذهول : و لكن جوج اختي

: لا بابا جوج امج ، ماما ... و اني بابا
اذا صرتي حبابة و سمعتي كلامي و صرتي تقولين الية بابا و لجوج ماما شتريدين اسويلج

: هممم ، مازا بشأن بابا كاسم ؟

: الله ياخذ كاسم وعشيرة كاسم ، الكلب ابن الكلب حتى ببتي لاحقني

: هااا ؟

: حبيبتي هذاك خلي يولي ، هوة مو ابوج .. ميحبج مثلي

: نعم انتة محق ، هو لا يحبني ... و لا يحب جوج ايضا

إبتلع ريقه ليشعر بجفافه فيجفل ، يا الله رغم عظيم فعلتها تراه حتى الآن ينبض بها ! ، همس بتأن و كأنه يستحي أن يسمع نفسه متراخيا امام اوامر الفؤاد : ليش ميحبها ؟

رفعت كتفاها الصغيران و معها الكفين بعلامة الجهل ، معلقة بـ " لا أئرف " ، ليوشك مع حركاتها أن يقضم خديها الواحد تلو الأخر ، كم هما شهيتان تلكما التفاحتان

بتوجس سألها و الإهتمام تجلى بـ نظرته المعتمة : زين هوة يضربكم ؟

لتهز رأسها رافضة تلك الوحشية ، و بملامح مكفهرة نطقت : كلااا ولكن إن تحدسنا معه يزل يصرخ بقوووة .. أصلا هوة لا يحبنا

هز رأسه للحظة ، ليتناسى أمر اغلاقه باب حياته بوجه إبنة " كاسم " ، متجاهلا تهديده الأخير عمدا ، فهو بالطبع لم ينطقه بلحظة غضب ... هو قد أخذ قراره و لم يتبق سوى تنفيذه ، و إن قدمت له تبريرات الكون أكملها لن تزحزحه عن موضعه !

: زين جود باعيني ، أني احبج كلش فبعد قوليلي بابا ... زين ؟

فغر فاه وهو يراها ترفع حاجبيها و تتنقل بنظراتها من حولهما لتقول و سبابة يمينها تنصف شفتيها طولا : همممم لحظة دعني أفكر

سعل بخفة ، منتشيا بهذا الكائن الممتع : فكري يابة فكري

لترفع يديها بعد ثواني و بـ فرح صاخب صاحت : تم التفكير .. نعم سأفعل و لكن بشروط

: هلووو يابة تتشرط بت الكلب .. يللا عيني شنو شروطج بت جلنار خاتون

لم تفهم ما يقول ، فركزت إهتمامها صوب شروطها و هي تعدد على أصابها الصغيرة التي ظل عاكفا على إشباع جوعه بالنظر إليها : تأخذني الى الالعاب كل يوووم ، و لا تزعجني .. و تشتري لي اللعب الكثييييرة ... و اخيرااااا تحبني كثيرااا جدااا

ضحك ملئ شدقيه كما لم يفعل منذ زمن ، ليعتصرها فوق صدره بقوة و ضحكته المجلجلة تتسرب حوله كغاز سام قاتل !!
أبعدها عن صدره قليلا ليتمكن من إبصارها جيدا فيحاكيها بـ لطف : تأمرين بت الكلب .. تتدللين ، شتريدين أسويلج .. بس قولي بابا

بخجل شقي غطت فمها بكفيها و هي ترفع كتفيها لتغمر رأسها بينهما ناطقة بنطرة مشاكسة : بابااااااا

: يا روح بابا

سعل متفاجئا من حاله الغريب ، و إندماجه الاغرب مع هذه المشعوذة القزمة ، و كأنها تملك عصاة سحرية قلبت به مزاج ازرق بلهب أحمر رافقه منذ الأمس ! بل و منذ اعوام ، لربما تقارب سنين عمره الـ أربع و ثلاثين !

: زين حبيبة أبوها شتحب بعد ؟

: هممم ، تحب جوووج
وسع حدقتيه مهددا ، لتعدل كلمتها بإمتعاض : ماما
ثم تضيف بـ حماس لحظي أدركها فور تذكرها من تحب : ئمو ئبد الله و ليوووسي

رفع حاجبه لينطق بـ نبرة لم يستسغها عقله : ليوسي هذا منو ؟

: ليوووسي .. كيف لا تعرفه ، إنه ليووسي

: إي والله العتب علية ما اعرف منو ليوسي هذا ... شنو جلب ؟

: لاااااء ... لاا تقل عنه كذلك .. ليووسي ابن خالة روشن

: ليوووثي ... هلاو يابة فسدولي البنية من هسة ، سمعيني عيني .. بعد ماكو لا تحبين ليوسي و لا بطيخ ، تحبيني بس أني زين ؟

: لأ موو سين ، لإن ليووسي يحب جودي

: إي بس جودي تحب ابوها

: اي و تحب ليوسي و جـو .. ماما ماما .. و ئمو ئبد الله وووو بسسس

ثرثرته معها لم تتوقف ، شعر بأنه قد صغر عشرين عاما ، ليضعوا بيده دمية صغيرة مشاكسة ، أمتعته بحق هي و لسانها المعوج ، إستخدامها اللغة الفصيحة كاد يخنقه بضحكه ، إستطاع جذب إهتمامها ، و مشاعرها ، فلم يبق شئ إلا و عمله لها ، من الجيد أن غرفة لينا ما زالت تضج بـ ممتلكاتها ، ليقدم لصغيرته الكثير من الدمى من أجل أن .... تحبه !

سألته اكثر من مرة و بتذمر عن إختفاء جوج ، و لكنه كان يلهيها عن الجواب ، و يغريها بـ مستقبل ماطر بالسعادة الكارتونية ، و ود لو يكسر جمجمتها مع والدتها الحمقاء ، كيف لها أن ترتضي رجلا غريبا يزعم إنه والدها ؟ أي تربية خرقاء ربتها تلك الجلنار عليها !




.
.
.






تقف متحاملة على ألآم جسدها قرب الموقد ، تجهز الطعام لـ زوجها الحبيب ، فموعد وصوله قد دنى ، و والدته الحنون تهتم بالصغير و ازعاجه ، ليصير أمر تجهيز المائدة من واجبات تشترك بها مع الحبيب ، إذ إنه يساعدها في اغلب الأحيان رغم رفضها القاطع ، فـ وجوده في المطبخ يعني حالة إستعداد للمصائب

فتارة يجرح يديه بعد حرب عناد يفتعلها لصنع السلطة ، و أخرى يحطم البيض إن قرر اعانتها بترتيب المشتريات ، و كثيرا ما يفلت الصحون لينتهي به الأمر مجروحا عند محاولته رفع ما هشمته يديه !

إبتسمت عند سماعها صوت محرك سيارته ، ليهتف قلبها شوقا لطلته الحبيبة ، كم تحبه ؟ ... لا تعلم ، و متى بدأت تغوص في بحره ؟ لا تعلم أيضا ، لكنها متيقنة بأنها قربه تشعر بأن قلبها ذو عمر يناهز المليون نبضة !
كما دأب أن يفعل أدخل سيارته للموقف دون إزعاجهم بفتح الباب له ، عكفت على مراقبته من النافذة المطلة على المدخل ، لتراه يترجل بكسل ، ممتقع الملامح إثر الحرارة الحارقة لشمس الظهيرة ، لم يبادلها الإبتسامة كما تحب منه ، بل دلف المطبخ على حاله الواجم ذاته ، و ما إن تبادلا التحية نطقت متوجسة : شنو حبيبي خير ؟ خوما اكو شي ؟

: شي متتخيليه

علق ليتحرك نحو الرواق و هي تتبعه كظله ، و منه الى الحمام شامرا عن ساعديه ليقف امام المغسلة و يحاكي قلقها الواضح بإبصار صورتها المنعكسة بالمرآة : علي طلع عنده بنية !!!

: شنوووو ؟!!!

فزعت و بلحظات فقط جال ببالها مئة إحتمال ، بل مئة و واحد كعادة النساء ، لكنه بتر عليها سبيل المبالغة و هو يكمل : بت قاسم من رجعت لاهلها جانت حامل

: جلنااااار ؟

هلعها المستفسر رسم البسمة الخفيفة على وجهه و هو ينحني قليلا ليغسل وجهه و عنقه بـ حركات سريعة ، ثم يدخل رأسه كاملا اسفل الصنبور ، فيختفي صوتها المحمل بالصدمة القلقة ، حالما اعتدل واقفا جر الفوطة القريبة ليفرك بها رأسه مجيبا على ما التقطه من إستفسارات : هوة خابرني قبل شوية ، عصبي و روحه واصلة لخشمه ، بس هية مو هنا المصيبة

إلتفت نحوها لتقاطعه بـ ذهول : بعد اكوو مصيبة اكبر من انو جانت حامل و مقلتله ؟ عزززززة بعينهااا يمممة شلون مخااافت الله ... عزززة ،، عزززة .. والله يكتلها ، عزززة عمر إلحقه

خرج من الحمام ليقابلها ، فيحاول امتصاص رعبها بحسن الحديث : عمري على كيفج ، ادري صدمة و ادري الله يساعده ، بس لتخافين ميسويلها شي ..... يحبها

نطقت بغيظ جعل منها نسخة من الـ ملك ، حينما كانت تعتبرها تهديدا لـ عقل شقيقها و قلبه : يااا يحبها ؟ عمر انتة متعرف علي قابل ؟ يعرف يحب احد ؟ حبتهااا حيييية
بس لحظة ترة انثولت ، شلوون عرف هوة ؟ هية قلتله لو شلون ؟ يعني هسة بته شكبرها ؟ مامااا ، هسة اخوية متخبل ، " لتسهب بذهول " يمة عمري .. حبييبي ابو ... ههه

علق المنشفة على كتفها ليقول بـ مشاكسة : لين لين لين على كيفج ، على شنو اجاوبج هسة .. ترة اني الي انثولت من أسئلتج !!

: لا جديات عمر ، و الله مدا استوعب

: تدرين .. يقول تشبهج ، بس خلي يولي هذا الذوق سز " عديم الذوق " ، إنتي وين و بته الجكمة وين ، اصلا وين اكو مثل حبيبتي

ارتعش قلبها شوقا ، ليختض جسدها وهي تلتصق بذراع زوجها صارخة بصخب متحمس : اوووووي حياااتي ، عمووورتي اخذني هسسة ، الله يخلييك خلي نرووح ، هية وين هسة ؟ يمه ؟ اخذنييي فدوة لطولك ارييد اشووف ملامحه وهوة صاير ابووو

: اي يمة هية ، و امها همين ، و همة ببيتكم !

: هـــئ ، جلناار يمه ؟ شجاابها ؟ و هوة .. شلون خلاها تجي

: والله ما ادري مفهمني شي ، بس قلي المصيبة و جان عصبي يجدح نار ، بحيث والله لو وياه اي احد غير بت قاسم جان قلت رح يذبحه اكيد
انتي مو هنا السالفة .. يقول ابوها مسمي الجاهلة بإسمه

توسعت احداقها و جف ريق القلب صدمة ، لم تنطق بشئ ، ليسترسل هو : بس زين طلع عبد الله عديله مسويلها هوية لخ ببغداد ، ما ادري شلون لعبوا هاللعبة بس همة ناس ايدهم واصلة و شيريدون يسوون

: عزة ... عزة .... عزززة ، لالالا ، هسة يكتلهااا
اخوووية رح يكتلهاا و حققه منوو يلوومه ، عمر خلي نرووح ، الله يخلييييك أخذني ، لنخليهم وحدهم والله تصير مصيبة ، ليروح ابوهاا يسويله شغلة ، مصدقنا على الله رجع طبيعي يريدون يخبلوه مرة لخ .... الله لا ينطييييهم ان شاء الله

: لتخافين عمري ، أبوها بالحج ، و قبببل لتقولين شي ، لا يزكي الأنفس إلا الله ، بس قولي الله يحنن قلبه على بته ، و يهديه حتى يعوف هالمصايب

: هسسة عوفنا من ابوها ميخالف ، بس اخوية .. محتاجنا هسة ، خلي نروح فدوة ، قلبي مثل النار علييه ، و اريد اشووف بته ، رح امووت

: إسم الله على حبيبتي
لين عمري خليهم شوية يتفاهمون ، أكيد الها مبرراتها ، كلنا ندري بيها البنية تحبه ، فأكيد أكوو شي ورة الي صار ، العصر نروح إن شاء الله
إنتي هسة خابريه و هديه شوية بلكت يسمع كلامج ، ولو اشك اخوج يسمع احد غير نفسه







.
.
.

تتوسد الصغيرة صدره بعد أن غفت إرهاقا ، و بعد أن حضر لها وجبة طعام بسيطة ، إذ إنها كانت على وشك أكله لشدة جوعها ، ستة ساعات إنقضت عليهما سويا ، و لم يجزع أو يمل كعادته ، بل على العكس قد غضب لسرقتها منه بالنوم .. واكبت تحركاته خطوة بأختها حتى ارهقت ، لم تبتعد عنه حتى في صلاته ، بل تعلقت برقبته عند سجوده ، فـ أطال سجدته هامسا لـ ربه حمدا لا يكفي عظمته و جلاله ، ما دام قدره من الله ألا يحتضنها صغيرة كل ليلة ، فـ بالأمر خير سيناله عاجلا أم آجلا ، و بالله محسن الظن لا يخيب ظنه

لا يدري ما حدث مع " تلك " ، تمنى ألا تتقهقر بصمتها مولية مدبرة ! ود لو إنها حطمت النوافذ للوصول لطفلتها ، لكنها و كما العادة ، كانت كتلة من يأس متحرك
وخزة ضمير ، تبعتها اخرى للقلق ، قرصا قلبه ، منزلهم ليس بالقريب ، و ليقينه بوفاء ذاكرته فهو أكيد بأنها تخاف التورط مع الغرباء ، أيعقل إنها تحسنت ؟
تغير حالها و صارت أخرى لها من القوة ولو بذرة ؟
أ جعلت منها الأمومة شجاعة ؟
لا يظن ... لا يظن ابدا
بالذات إنها و حسب قولها قد أدمنت المهدئات !!!!!
قاسم قاسم قاسم ..... أنى لك أن تخاف الله برعيتك ؟ آل بيتك يا قاسم لهم عليك حق و أنت تبخسهم حقهم .. فقف و حاسب نفسك قبل أن تحاسب من قبل العظيم

مدد الصغيرة بإهتمام متأن على الأريكة واضعا الوسائد الصغيرة على جانبها لئلا تقع ، ليقرر بعدها البحث عن والدتها ، فلا يعقل أنها إستسلمت نهائيا .. و رضيت بما قرره فغادرت .. و لا يعقل أيضا أن يجدها خارجا تفترش الأرض منتظرة منه فكا للحصار !
تحرك نحو الباب الزجاجي ، لتحتد نظراته و هو يفقد أي أثر لها " و كأن المنطق يخبره بتوجب حدوث العكس " ، قسى قلبه و طالبه الصمود ، لن تمت ، لابد أن تخرج " بأعوام عمرها الذي عبر الثلاثين " بحيلة ما تساعد بها نفسها

زفر بـ غيظ متخيلا حالها الآن ، ليعنف نفسه الضعيفة ، و يقرر تناسي أمرها كما فعل لساعات .. و في خضم صعوبة تنفيذ سهل القول ابصر الورقة النقدية التي اعطاها إياها منحشرة قرب إنبوبة الغاز ، إكفهرت ملامحه و أحتقن الغضب برأسه ، ليفتح الباب بسرعة و بلا أدنى تفكير ، بحث عنها هنا و هناك ، ومن خلف الأعمدة الضخمة للمنزل ، حتى وجدها ... تجلس على الإرجوحة رافعة قدميها و محتضنتهما ، الشمس تسطع بحرارة عبرت الخمسين ، و هي تتكور هنا .. تحت أشعتها مباشرة !

لم ترفع رأسها نحوه ، و لم توليه إنتباها ، ليكور قبضته حانقا ، ثم يتقدم نحوها و نظراته منصبة على الكفين الناصعين ببياض محمر يخطف العقل ، بياض يشابه ثلوج أربيل ، نقاء خالص يعاكس ما يتوارى خلفه !

لما وصلها نطق بصرامة تنافي الرتابة النبضية التي اصابته بعد إطمئنانه عليها : بعدج هنااا

جفلت ليجفل قلبه ،
رفعت رأسها نحوه بسرعة ، ليهلع من الإحمرار القان و أثار الكحل الملطخة للملامح ، العرق بنداه يلتصق على الجبين النابض بـ عرق بارز .. خنق انفاسه !
إزدرد ريقه ليخفت صوته حد الهمس ، مائلا نحوها قليلا : شبيج ؟ جنتي نايمة ؟








.
.
.



نهايةْ الجلسةْ


حُلمْ يُعانقْ أرواحكمْ



 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 18-08-13, 03:44 PM   المشاركة رقم: 75
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

بسمْ الله وعلى بركَتهِ


الفصَلْ مُهدىَ لـ أناتْ الرحيلْ
مرجُوجةْ
لماذا إذنْ
الفائزات بمسابقة الهرمْ ،

اسفةْ .. هديتكُمْ تأخرتْ ^^


الجلسَةْ

(2)




لأن الصدود وفعل التصدي لعودة عهد الصراع يؤدي
فإني أعد لأيام حرب أراها بلا أي حصر وعد
ولست حزينا لموت السلام وخوض غمار المعارك وحدي
لأن السلام الذي عشت فيه تبدد في الزمن المستبد
فصار حبيبي الوديع عدوا وخان عهود ودادي وودي
صرخت :لماذا ؟ وظل سؤالي يجلجل مثل الصدى دون رد
وأصبح للحب طبع البحار فمن شح جزر إلى فيض مد
فهل في صراعي مع الحب جدوى محال ، ولا الحب في الحرب يجدي
سأمنح كفي مخالب صقر وابني أمام العواصف سدي
ولن أتردد في ذبح قلبي إذا ما عصاني وهيج وجدي
ففي الحرب أغلق باب الحنان وأقرع بالسيف أبواب مجدي
وأدفن ذكرى الهوى في جراحي بصمت وأعلن في الحب زهدي
لأن الحبيب بضعفي عليم ويعرف ماذا أسر وأبدي
فلا بسمة الوجه تخفي شجوني ولا دمعة العين تشرح قصدي
ولا في المكان رحيلي لأني تساوت جميع الأماكن عندي
فلا فرق ما بين بعد وقرب بغير الهوى صار قربي كبعدي
ولكنني راحل في الزمان على صهوة الأمل المستجد
أفتش عن قاتل لا يزال يعيش طليقا بلا أي قيد
لأن القتيل أنا ، جاوزت نداءات ثأري حدود التحدي
وأعجب كيف أظل محبا وبالحب أطفئ نيران حقدي





مانع سعيد عتيبةْ







تتوسد الصغيرة صدره بعد أن غفت إرهاقا ، و بعد أن حضر لها وجبة طعام بسيطة ، إذ إنها كانت على وشك أكله لشدة جوعها ، ستة ساعات إنقضت عليهما سويا ، و لم يجزع أو يمل كعادته ، بل على العكس قد غضب لسرقتها منه بالنوم .. واكبت تحركاته خطوة بأختها حتى ارهقت ، لم تبتعد عنه حتى في صلاته ، بل تعلقت برقبته عند سجوده ، فـ أطال سجدته هامسا لـ ربه حمدا لا يكفي عظمته و جلاله ، ما دام قدره من الله ألا يحتضنها صغيرة كل ليلة ، فـ بالأمر خير سيناله عاجلا أم آجلا ، و بالله محسن الظن لا يخيب ظنه

لا يدري ما حدث مع " تلك " ، تمنى ألا تتقهقر بصمتها مولية مدبرة ! ود لو إنها حطمت النوافذ للوصول لطفلتها ، لكنها و كما العادة ، كانت كتلة من يأس متحرك
وخزة ضمير ، تبعتها اخرى للقلق ، قرصا قلبه ، منزلهم ليس بالقريب ، و ليقينه بوفاء ذاكرته فهو أكيد بأنها تخاف التورط مع الغرباء ، أيعقل إنها تحسنت ؟
تغير حالها و صارت أخرى لها من القوة ولو بذرة ؟
أ جعلت منها الأمومة شجاعة ؟
لا يظن ... لا يظن ابدا
بالذات إنها و حسب قولها قد أدمنت المهدئات !!!!!
قاسم قاسم قاسم ..... أنى لك أن تخاف الله برعيتك ؟ آل بيتك يا قاسم لهم عليك حق و أنت تبخسهم حقهم .. فقف و حاسب نفسك قبل أن تحاسب من قبل العظيم

مدد الصغيرة بإهتمام متأن على الأريكة واضعا الوسائد الصغيرة على جانبها لئلا تقع ، ليقرر بعدها البحث عن والدتها ، فلا يعقل أنها إستسلمت نهائيا .. و رضيت بما قرره فغادرت .. و لا يعقل أيضا أن يجدها خارجا تفترش الأرض منتظرة منه فكا للحصار !
تحرك نحو الباب الزجاجي ، لتحتد نظراته و هو يفقد أي أثر لها " و كأن المنطق يخبره بتوجب حدوث العكس " ، قسى قلبه و طالبه الصمود ، لن تمت ، لابد أن تخرج " بأعوام عمرها الذي عبر الثلاثين " بحيلة ما تساعد بها نفسها

زفر بـ غيظ متخيلا حالها الآن ، ليعنف نفسه الضعيفة ، و يقرر تناسي أمرها كما فعل لساعات .. و في خضم صعوبة تنفيذ سهل القول ابصر الورقة النقدية التي اعطاها إياها منحشرة قرب إنبوبة الغاز ، إكفهرت ملامحه و أحتقن الغضب برأسه ، ليفتح الباب بسرعة و بلا أدنى تفكير ، بحث عنها هنا و هناك ، ومن خلف الأعمدة الضخمة للمنزل ، حتى وجدها ... تجلس على الإرجوحة رافعة قدميها و محتضنتهما ، الشمس تسطع بحرارة عبرت الخمسين ، و هي تتكور هنا .. تحت أشعتها مباشرة !

لم ترفع رأسها نحوه ، و لم توليه إنتباها ، ليكور قبضته حانقا ، ثم يتقدم نحوها و نظراته منصبة على الكفين الناصعين ببياض محمر يخطف العقل ، بياض يشابه ثلوج أربيل ، نقاء خالص يعاكس ما يتوارى خلفه !

لما وصلها نطق بصرامة تنافي الرتابة النبضية التي اصابته بعد إطمئنانه عليها : بعدج هنااا

جفلت ليجفل قلبه ،
رفعت رأسها نحوه بسرعة ، ليهلع من الإحمرار القان و أثار الكحل الملطخة للملامح ، العرق بنداه يلتصق على الجبين النابض بـ عرق بارز .. خنق انفاسه !
إزدرد ريقه ليخفت صوته حد الهمس ، مائلا نحوها قليلا : شبيج ؟ جنتي نايمة ؟

: هممم

راقب تضييقها لعينيها و محاولتها لفك دبوس خمارها الخانق لعنقها بعين طبية ، أدرك حينها بأن هنالك ما تعانيه ، حتى الآن لم تستوعب وجوده و لا حالها ، هنا !
فركت رقبتها حال ان تحررت من قيدها الخانق و ظل هو يتابع الإحمرار الشديد المتشكل بهيئة خط رفيع مكان الدبوس " المجرم " ، وخزه قلبه ! .. حاول بموت إحتكار غضبه لما بعد ، فالآن بحق لا يستطيع أن يتصنع اللا مبالاة و هو يبصر حركاتها العفوية في نزع خمارها عن رأسها و فركها العنيف لجيدها البراق بـ سيول عرقية تدفقت لإشتعال جسدها تحت كرم الأشعة الشمسية

: صارلج شقد نايمة ؟

كمن وخز بـ إبرة رفعت رأسها نحوه بأعصاب مشدودة لتتمتم بـ ذبول و مقلتاها تضيقان لنفوذ الضوء الساطع لهما : ما ادري

بحركة إصطنعت العفوية تحرك يمينا حتى غطاها مما أزعج عينيها ، و نبضه المتلهف يتوسله أن يكون لينا هذه المرة و ينصت إليه ، فجل ما يتمناه هو ملامسة الشعر الأسود المرفوع بـ كعكة محكمة يتخلل العرق خصلاته ، نهر نفسه و شتمها ، ليقول بـ حاجبين متعشقين مواريا خلف جلده ما يفضح ستر قلبه : انتي متفتهمين ؟ مو قتلج ولي لأبوج شعندج باقية

: الله يخليك ...... إسكت

همهمة ضعيفة نطقتها وهي مشغولة بـ مسح اثار انصهارها الحراري بـ خمارها ، نبرتها ثقلت بالإرهاق ، و لم يحتاج الكثير من النباهة لإكتشاف إصابتها بنوبة حمى ، دنى منها الخطوتين ، ليجاورها المكان .. فلم تتحرك و كإنما لا جسد يوشك على
ملامستها ، أمالت رأسها نحو الذراع الحديدية للإرجوحة ، لتفز من لسعة الحرارة التي صفعت خدها ، و لم تدرك حينها فزة قلبه هو الأخر !

إستقرت الأنفاس بعد وهلة من الوقت ، لينبثق من ديجور الوجع همسا خافتا ، مرصعا بالشرود : جود وين ؟

: نايمة

لم يلتفت نحوها و لو أن ما به يبصرها و يعلم جيدا استكانة جسدها بوهن تستند به على ظهر الأرجوحة ، و قدماها تدلتا لتلامسا الأرض من تحتهما ، جر نفسا طويلا عله يملأ به الجوف الخاوي ، ظلت تعابيره جامدة مصطبرة على إنتفاضات اطرافه المستقتلة لـ كسر حدود عمرها من الأعوام ثلاثا .. منذ اللقيا الأخيرة !

دام صمتهما ، فـ هو لم يعتب أبواب تجاوز الصدمة حتى الآن ، و هي .... لا يدري ما يتخلل جنبات صدرها و اروقة المخ " المشكوك بأمر وجوده "
تنفس بعمق و نظراته مصوبة أماما ، تارة يبصر بها قطة راكضة ، و أخرى يلمح تمرة تهبط من علوها الراسخ فوق جذع نخلة رشيقة القوام ، راسخة الجذور بأرض أبيه ، لينتهي به الأمر متابعا لـ طيران حمامة رمادية الريش ، ممشوقة القد .. هزء بذات اللحظة لتذكره تشبيها مضت عليه السنون
كان به يظن أن من تقبع قربه ليست سوى حمامة سلام بيضاء نقية ، و الآن و بعد أن لاك العلقم بفكيه جيدا أدرك أن الغراب يكون اقرب لها وصفا ، فـ أينما تحل ، تسابقها المصائب !
إستغفر بـ زفرة حارة ، فالتطير لم يكن يوما من شيم المؤمنين ، أعاد ظهره ليستند على الكتلة الإسفنجية " المريحة " لمن هم اقل حجما منه ، تبادر لذهنه إعادة سريعة لشريط مضى منذ ساعات معدودة ، و كأين من ترف ورثه بالأمس فقط تحت ترتيب إلهي عطوف ، رب السماوات عطف بشأنه و بـ غفلته لـ يرزقه بـ من يتوجب أن يكون المؤذن الأول في أذنها الصغيرة !

يجلس مسترخيا بمواجهة عقله الرابض فوق الأريكة يراقب تخلجاته الرتيبة ، يشمت به بنظرات و ينغزه بـ إيماءات لا تقارب العفوية بشئ ، يتنحنح كل ذي دقيقة ، ليسعل بعدها قاذفا اللوم كـ رذاذ أخرس ! .. لم يعاتبه ، فعلى ما يبدو صار رقيقا بشأنه ، فتراه مواسيا بالسكون ' إن تغاضينا عن نظرات السخرية و حركات الشعوذة الدماغية '
بينما هو ، فـ وجوده بين رئتين قد انقذه من الضياع ، ساندته الإثنتان خير مساندة ، ربتتا على كتفه المحني قهرا ، و واستاه بـ أنفاس متثاقلة .. فهما كحال بقيته لا تزالان تعانيان من ربكة الخبر .. بل وعكته !

: شوكت جنتي ناوية تقوليلي ؟

نطقها بشرود تجلى في نظراته الكفيفة و صوته الراسخ بلا إلتواءات تهز تفاصيله ، تجرعت حنجرتها حنظلا و هي تأن بـ هذيان هامس أجبره على تشييع وعيها بـ حدقتين ضيقتين !

: راسي ... علي مو هسـ ـة

أصم أذنيه و كمم فم من إنتفض بين الاضلع ، لـتحتضنه الرئتين خوفا من أن تثار ثائرته ، و رعبا من حرب إن قامت بين ربانين لغرقت سفينتهما ! فهذا الهائج قد جاهر بمعصية التماسك لمرات ، و ما عاد له من مؤونة تحمل فرصا .. بـ خشونة لا يردعها إبصار من يهوى .. تهوي تحدث مسترسلا

: لو مجنتي ناوية تقولين اببد و تروحين لربج بمصيبتج ؟
أبوج النااقص مو مريض و يومية يوقع عليكم ؟ شلون عنده هالعين القوية ! ميخاف يموت ؟ ميخاف الله يقله انتة شسويت ؟
تسربلت اذيال لكنته بالسخرية و هو يضيف و لا زال مستقيما في جلسته ، متغاضيا عمن بجانبه : هه مو تاب و تاب لو توبتكم بكييفكم تتوبون عن شي و تبقون على اشياء انجس

كانت شبه مستلقية بجلسة مهملة و رأسها يتخذ له وسادة من ذراع الإرجوحة ، بمقل تتفتح جزئيا ظلت تتابع تخلجات جانب وجه جلادها ذي الضلع الأعوج ، الذي منه صيرت .. همهمت بـ تلكؤ و رأسها ينتفخ بـ ألم عنيف ، فـ نومها تحت اشعة الشمس التي تجبرت بحقها أحرق قابلية جسمها على مواصلة التماسك : مو كافي ؟

بنظرة جانبية مثقلة بالهزء علق و نبرته تتبرم و تلتوي لنضوج الوجع في داخله : رح اخابرلج عبد الله ياخدج ، لإن اذا بقيتي ساعة لخ احتمال انفجر بيج ، إحمدي ربج مسويت شي لهسة .. اذا تفتهمين فروحي لبيت ابوج و خلصيني و خلصي نفسج

إعتدل جسدها فزعا من إصراره على تنفيذ ما هددها به في ليال تعاظمت بها الكوابيس ، لتعود فتنحني بإرهاق بان على ملامحها المتقلصة و هي تهمس بإستجداء لا تحدي : بدون جود ما اطلـ ـ ـ

ليبتر هو ما تراه حقا لها و يراها ضيعته بالتخلي الضعيف ، جاءتها نبرته أقسى من ذي مضى و هو يلتفت هذه المرة نحوها بكامل ضخامته الشرسة : هه حلمي ، و الله يا بت ابوج اذا مخليتي شياطيني نايمة لا اخليهم كلهم يطلعون فوق راسج
ترة بعدني ممصـدق المصيبة الي مسوييها من وراية .. و يرادلي وكت لحدما اصدق و استوعب ، بوكتها نتحاسب ... هسة ، جهرتج " وجهك " ما اريد أشوفها

يمينها رفعت الخمار من جانبها لتمسح به وجه إنتفخ حرا و رعبا ، و كأنها بذلك تمسح أثار صفعات حروفه الملتهبة ، أنزلت يدها لجحرها و همس ضعيف خلا من الحياة عاد ليطرق بإصرار فوق باب فؤاده : علي تعبـ ـانة .. إرحمني دخيل الله

ليشرع لها النبض بابا قد أحكم إغلاقه بالأمس فقط !
نبضة إنفعال عنيفة إكتفى بها مرحبا بـ وهن أنثاه ، لتتبعها أخرى طاردة إياها ، بـ عبوس !
و ما بين مرحب و طارد ، أعلن رايات الإخفاق ، معلنا السقوط في جحر سيلدغه مجددا لا محالة !
رؤيتها تشتعل إحمرارا آلمت لحيمات قلبه المفجوع بما كان سيسره لولا اللعبة القذرة التي اتقنت بأياد أكثر قذارة و إنحطاط ، شعر بتوجع منقبض يسار صدره و هو يشد لسانه ليقول ما لا يحب قلبه و يرضاه ، بردت نظرته فعلق بقسوة لم تكن في موضعها ، فكل ما به يرفضها و يعترض

: لا أرحمج و لا ترحميني ، خلصيني منج يا بت الناس و لتخليني اشوفج و أتعبج .. انسي بتي

إسترسل بـ نية صادقة بان إنعكاسها على سطح الأحداق المتوسعة بتهديد عار : لإن والله لو تقلبون الدنيا متوصلولها ، القانون وياية و اي حركة *** من ابوج اصير أ*** منه و افضحكم و طبكم مرض واحد واحد ، سمعيني زين ، ذاك علي الأثول الي جان يدور وياكم حق ياخذه بإيده مااات ... هسة بعد اي خطوة جايفة اوصلها للشرطة ، و للجرايد ، و حتى للتلفزيون

قبل أن ينهي حديثه كان قد أخرج هاتفه من جيب قميصه العلوي بعد أن حارب من أجل سلامته من الغزو الذي شنته عليه ذات الكتلة الصوفية الشقراء .. لاحت بعينيه نظرة وليدة الـ ' حال الجديد و الإبوة المتأخرة ' ما إن أبصر بصمات الأنامل الصغيرة المغطية لصفحة الهاتف ، لم يفعلها و يمسح أثارا لا يصدق حتى الآن إنها تعود لـ من إحتلت بساعات مملكة المشاعر و افلحت كمحترفة في اللعبة ، في دق عنق كل من يواجهها فوق رقعة شطرنج منظمة ، لتصل المنطقة المحظورة بعد أن تجاوزت كل فرد في المملكة ، حتى تفننت بخنق انفاس الملكة و حاشيتها و اخيرا لتتوج نفسها الحاكمة الجديدة ، الأمرة الناهية في عالمه الرمادي ، ذو العباءة السوداء

: عبد الله تعال اخذ بتكم

بقلب من حديد ، و إرادة من نار إنتصر على خفقانه الأحمق ، ليقرر ، و ينفذ دون نية بالعودة ، و كأنه بجملته فتح صمام الأمان ، لينساب الإرهاب بكل تعجل ضاربا ما يواجهه بـ عنف احمر ، جفل و هي تلقي بنفسها نحوه في محاولة لالتقاط الهاتف من بين يديه ، و نبرتها تتشح بالإنتحاب ، متوسلة إياه أن يكون عادلا .. و بنظرات معاتبة لنبضات خذلتها : عليي لاا .. لتذبحني هيج

كانت يده لاتزال معلقة بالهاتف و نصفه المقابل لها شل لحظات و هو يستشعر النار التي لسعت جلده المستنفر ، حنينا !
اعتدل مقابلا لها ، ليهمل توسلها محكما القبض على يديها هو هذه المرة ، نقل كفه حيث جبينها ليسند ظاهرها فوقه ، عبست ملامحه ليهمس منفعلا : إنتي ليش زمالة ، من شوكت نايمة هنا ؟

حول لمسته الطبية حيث خدها ، لتكون النتيجة سوية ، إرتفاع حاد في درجة الحرارة فز لها جسده ، فتصدأ الحديد الواهي الذي طلى به قلبه .. حتى تقشر !
ليظهر له لمعان الأصل ، الثائر عليها قلقا

صه يا قلب إكتم نبضك و إنزوي بين الأضلع لا تغادرها و إلا ستكون بمرصاد يديي ... صه !

استقام واقفا و احدى يديه تولت مهمة جرها لتشاركه الوقوف ، علق بقناع متضجر يواري خلفه سوءة توتره الذي فضحته الاحداق
: إمشي سبحي .. هيج حتتخربطين ، ضربتج شمس

تحرك بها بـ شئ من شدة ، فكادت تقع إذ سحبها بقوة لم تجد في بدنها ما يوازيها ، فتزلزل ثباتها ، و تحشرجت أنفاسها لتهتف بـ إختناق : مـ ـا أقـ ـدر ، علـ ـى كيفـ ـك

للحظة تصدع تصلبا كان قد تمكن من عقله ، ليقف ممسكا بها ، فتفجعه بميل عودها نحوه ، متشبثة بـ أنامل ترتجف بقماش قميصه ، بسرعة تداركها دون السقوط الذي قد يغشى له نبضه .. كـ عجينة حارة تسللت من قبضتيه ، فجاذبية الأرض أثبتت إنها الأكثر فخامة هنا ، و هو لن يستطيع مجابهتها بـ جموده ، كان لابد أن ينحني ليرفعها قليلا هاتفا بـ قلق : جلناار ... قوومي يمعودة شبيييج

: مـ ـا أقـ ـدر

تمتمتها جاءت بأحرف مبتورة ، لتبتر معها فتائل الغضب التي لم تفتأ أن تؤكل بنيران لسعت قلبيهما بـ ولاعة رد إعتبار رجولته المخدوعة !
أنصف ضعف بنيتها ، ليسندها عليه كاملة ، ثبت ذقنه فوق رأسها المطرق لوهلة ، في غمار حرب الذات شهر فؤاده سلاحه ، ببسالة عاشق نجح في المبارزة ، و بتشجيع ما حوله من المتفرجين .. إستعاذ بالله من الشيطان الرجيم لينحني قليلا فيلتقطها كاملة لتكون بموضع إبنتها منذ قليل !
تحرك بها و بشكل سريع نحو المطبخ ، متغاضيا بإرادة لا تنضب عن الإنصات لأهازيج العرس القلق بداخله ، فلم يفلح في كف النشوة الغبية لجلده الذي ظن أن لقياه بمن تخدره سيطول أكثر .. ما إن دلف المطبخ حتى أجلسها بتأن على أحد المقاعد الفردية متفحصا إشاراتها الحيوية بيد متمرسة ، غوص جسدها في الأريكة أجبره على إحاطتها بذراعيه ليعدل من وضعها فيكون رأسها على مستوى أعلى من القلب ، لم يحتج كثيرا من الجهد ليكتشف ما تعانيه ، " الرعن " و ما غيره ، فهي قد ظلت لفترة طويلة و بعز الظهيرة في الخارج .. إكتفت بـ لعق جراحها بصمت منتحب معزية ذاتها لفقدان الحياة !
ضربة شمس إقتصت له منها بعضا من حقه المسلوب ، أودت بتماسكها و بقدرة خلاياها على المقاومة فتراها تخر كـ شبه جثة امامه ، إرتفاع ضغط دمها هو المسبب للإنتفاخ المصاحب بوجع الرأس و الذي صرحت عنه قبل برهة ، و هذا ما إضطره لتعديل شبه إستلقاءها على الأريكة ، بـ " إهتمام طبيب ... و توتر محب " تحركت يداه مسرعة لتخلع من على كتفيها سترتها الصيفية ، فترميها مع الخمار على إحدى الطاولات بصورة مهملة .. عجلة
توجه بعدها نحو حوض المغسلة ، كان قد بلغ سيل قلقه زباه و هو يقف منتظرا أن يملأ كأسه بالماء ، ليعود فيسعف به إرتفاع حرارتها بـ غسل وجهها المحمر و نحرها و الذراعيين المكشوفتين من القميص الأبيض ، لم يؤاتيه الوقت و لا التوتر ليهتم بفك طلاسم هذيانها الحاد ، كرر ما فعله لعدة مرات غير آبه بـ الأثار السلبية التي طبعت بـ عجلته على ملابسها الأنيقة " حتى دقائق مضت " ، قاس نبضها و الضغط ، ليجد بهما تخلخلا واضحا و لكن ليس بدرجة قد تخيف " قلبه "

لما أحس بوعي راح يدركها ، طالبها أن تتحرك معه نحو الحمام لتغتسل ، رغم الخمول الشديد المتفشي على حركات عضلاتها وجدت نفسها تنساق لما يقول ، و يأمر !
إذ ساعدها بالإستقامة ، لتبصر حينها صغيرتها تتكور على إحدى الأرائك بالقرب ، فتهمس و المقل تكاد تطبق لشدة الإعياء : علي وكلتها لجود ؟ ترة جوعانة

بصره انحصر بمحيط الجنية المشاكسة ، لتتلألئ احداقه بلا شعور و تشتد وتيرة النبض به دون أن يرد ، ما كان ليصدق أن يهديه الله ملاكا كـ هي ، فلم يكن يوما ممن يستحقون العطايا ، لكن الكريم تفضل عليه بكائن لشدة روعته يشتهي أن يأكله
و لفرط إرهاقها لم تنتظر إجابته و قررت التحرك بـ مفردها خارجة من المطبخ لتلج الرواق ، و قبل أن تتوه بين الأبواب وصلها صوته القريب ، و إمتدت يمينه جنبها مشيرة لها الى المكان الذي تشوش عليها تذكره بحالتها هذه
: قداامج و عاليمنة

ببطئ راحت تدنو مما أشار إليه ، للحظة إستوقفها الدوار ، لتقاوم بـ ضعف ضبابية الإبصار و الغياب الحسي ، شعرت بقبضة عصرت ساعدها يفترض أن يكون هدفها " الشد من أزرها !! " ، و كف اخرى تدفع بظهرها اماما ، إستجابت له حتى أدخلها الحمام ، و لم تلق بالا لصدمة اعترتها حالما رأت إمتلاء حوض الإستحمام ، رفعت يمينها حيث الجبين المجعد بمحاولة لفك إنبعاجاته بصمت دائخ .. حينها كان التوتر المنبعث من نبرة " زوجها " كإلقاء نكتة في ساعة عزاء

: قعدي بالبانيوو شوية ، المي الي بيه بارد لإن انتي مصخنة .. من تنزل حرارتج طلعي منه .. زين ؟

رفعت رأسها بإتجاهه ليزورها ضيف كان دوما من أهل الدار لكن زيارته المفاجئة ' هنا ' لم تكن مرحبا بها ، إرتجفت شفتاها و اختنق الحديث بين الحنجرة و الحلق ، العينان إستلمتا المهمة لتحاولان توسله أن ينتزع من على جلده ما يرتديه من قشرة صلدة صارت تجرح أناملها الراجية مواساته و إياها !

لكن كعادته ، كان من الصوان أقسى ، إذ اشاح ببصره عنها ،' كأنه ضرير لم يبصر ما بها من إستجداء ' معلقا بذات نبرة تكللت بعنجهية عظمى ، و بهزة رأس يشير لـ بضع من ملابس معلقة خلف الباب : هاي هدوم من لينا .. موجودة بغرفتها جانت

خفتت الأنفاس ، و قرع طبول الأفئدة تضخم وقعه ، خطفت من وعيه لحظات صدق ، كانت بالشوق تمتلئ !

' يااااااه شقد مشتاقتلك '
' شلون قبلتي يذبحوني ... بأيام ربيتج مثل ما اريد ، ليش رجعتي و صرتي مثلهم ؟ '
' مو بيدي ... إنت متدري ، متعرف لو يريدون عمري كله و ميأذوك مستعدة انطيه .. لتلومني اذا صرت مثلهم حتى احميك '
' هالحجي ميفيد ، بت قاسم '
' بت قاسم مشتاقتلك ... حييييل ، دتحس ؟ '
' أحس بشي واحد ... قلبي يوجعني ، و إنتي السبب '
' ياريت وجعك كله يصير بقلبي ، سامحني '
' هه '
' تعرف شأتمنى ؟ اعرف شغلة وحدة .. مشتاقلي مثل ما أني حموت عليك ؟! '
' اني ميت .. و بشوفتج .... متت أكثر '

و هل للموت درجات ؟ كما للشوق !
أ مثله يأكلنا ؟ و الله لينجح الوله في نخر ما تيبس من أشجار الوصل عند حلول الخريف المفرق ! إني أعلنها أمام شحوب وجهك الذي كان وضاءا ، و جفاف شفتيك الراجفة ، و توهان نظراتك .. آه منها يا أنتي ، أن من إتقنتي ذبحه يا سيدتي قد براه الوجد ليال لست بقادرة على عدها ، من خدعته فسجنته بـ محراب نقاوتك ثم مارستي أبشع قذارات آل قاسم بحقه ما زالت لهفته نحوك تقضم أطراف أعصابه .. يا من شطرت الجسد لشطرين أحدهما يود إلتهامك عقابا ، و أخر شوقا و إتقنتي فن الشطر ، أعترف دون سمعك ، إشتقت !
و رب جمعنا بـ ' الجود ' إنني لـ مشتاق و عندي لوعة ، و لكن مثلي لا يذاع له سر يا إبنة قاسم .. لن يذاع سري لإبنة أبيها

شهقة مريرة فرت بإنهزامية من صدرها ، و أخرى من احداقها .. شهقة سخيفة حفزت منبه الوعي برأسه ليرن .. إستوعب الحوار الصامت و الخواطر المتواردة بين رأسيهما ، بل القلبين ! ليقطع أي إتصال و إن كان حسيا بينهما ، إذ حدجها بـ نظرة سخرية و بسمة إمتهان أوجعتا عضلات الوجه مع الصدر .. فهي لم ترد ان تجني بحق " خير جيرانها و أحسنهم " ، من لها في القلب نصيب .. و مسكن !

تراجع خطوتين جارا بالباب معه و نظراتها تراقب إندثار ما بينهما خلف فاصل خشبي ، و قبيل أن تفقد أثار حدقتيه سمعته يأمر : اذا حسيتي بأي شي صيحيني ، أي شي ، سمعتي

لم ترد و لم ينتظر هو الأخر ردا ، إبتعد عن الباب المؤصد ليتحرك و انفاسه تتثاقل عائدا نحو المطبخ ، توجه مباشرة نحو الأريكة الطويلة ، يجلس على احد طرفيها مراقبا بهدوء " مشدود " كيفية نوم الصغيرة و كأن بها تتوسد مخدع ملكي ، شبيه بذاك الذي ملأ جوفه و حواها ، حانت منه إلتفاتة صغيرة نحو الرواق ، بلا إدراك وجد قبضة فكيه تفلت " نفخة غضب من الذات " ، التشتت ملأ عليه تفكيره ، ليس من السهل أبدا أن تجد لك من صلبك من خفي عنك و نسب لغيرك ، و ليزداد الأمر وجعا يكون بك حاكما متحيزا للجاني ،
كيف ستقتص حقك و أنت لم تتخذ موقفا معاديا لمن قتل و تفنن بتمثيل الجثة ؟ علو الأصوات و إنتفاخات الأوداج لن تأت بفائدة إن لم تكن قد قررت ' بحق ' تداين بعضا من أساليبهم الحقيرة ، هل ستفلح في حرمان هذه الصغيرة ممن حرمت منها اعواما ؟
ما ذنبها في أن تكون " قطرة " ملوثة بوحل القذارة القاسمية قد توزعت بين عروقها لتتوسخ !
إشتدت قبضته و اغشى بصره القهر ، كم قهروا رجولته آل قاسم ، من كبيرهم للصغيرة الماثلة أمامه ، هل سيأتيها يوما تكون به نسخة لأحدهم ؟ هل سترث منهم تلك الأفعال القذرة فتقصم ظهره !
يا ويح عمره إن حصل ، عليه إبعادها حالا .. هي تنتمي لسلالة صفائية بمظهرها و الجوهر ، نقية كـ جدها و مصطفى ، بريئة كـ يسر و مرحة كـ ضي .. اما العناد و المشاكسة فليس له أصل سوى اللين !
كوني كـ عمتك يا صغيرة ، لن أعاتبك إن قاتلتني ترفضين من أجبرك عليه' لأنه من يستحق أن يكون رجلك ' ، لن أقف كـ صنم فخاري قرب أوجاعك ، و إحتياجك ، لن أكون معك كما كنت معها ، أعدك .. كوني كـ هي و إياك و الإقتراب من تجاعيد والدتك العجوز ، لا تكوني لها شبيهة و هي من لا تستطيع لم العتاد و شهر السلاح في وجه ما يعيق لها حياة تتنفسها شوقا .. من الآن خذي مني إشارة خضراء و إنطلقي لتتشبثي بأذيال اللين المزعجة ، فتصيري حينها كـ هي ، خلقا و أخلاقا

على غفلة من وعيه و إبصاره لها كادت أن تقع ' هبة الرحمن ' و هي تتقلب على الأريكة لتركل من جانبها الوسائد ، ألحق بها بسرعة ليجد نفسه " أخيرا " يحمل كائن باكي ، يقف متحركا به ذهابا و ايابا موسدا إياه صدره و مهدهدا لإزعاجه

: إششش بابا كافي ، إششش بلة بجي كاافي باباتي

لم تكن تبكي بالمعنى المتعارف ، بل هي وجبة ما بعد الإستيقاظ من التدلل المزعج ، أنين كاذب ذاك الذي تصدره حنجرتها المتمكنة ، لكنها لم تعرف حينها بأنها الآن بين يدي من لا يحتمل سخافة كهذه ، إذ تراه يشتمها بملل : لج بت الكلب كافي
سكتي لا انعل ابوج
استغفر الله العظيم
و بعديييين ؟ شوكت تنجبين ؟

هذه المرة حازت الحنجرة على اعجابه بعد ان اثبتت امكانيتها في الخوض بإحدى مسابقات البحث عن المواهب لتكون هذه المزعجة فنانة " أوبرا " قد لا يكون لها مثيلا ! فهاهي تصرخ و كأن بها فهمت تأففه و ضجره لـ تعاقبه بـ شق طبلتيه ، صار يهزها بـ عجل محاولا إرضاءها و هو يتحرك متوجها نحو الرواق متمنيا أن يرى والدتها قد تحسنت لتحملها عنه و تفك قيد راحته المأسورة .. هتف بملل : أسف أسف .. العفوو يابة ، إنتي و أبوج على راسي ... لج كافي عووي ... يللا حبيبتي عفية بالشاطرة ، " لما لحظ منها تقبلا طفيفا اضحت حركته أبطئ عله يخدرها و نبرته خفتت و هو يداعب بسبابته حليمة أذنها المزينة بقرط ذهبي ما زاد حسنها إلا بهاءا " : رجعي نامي .. يللا ناامي حبيبتي ، يللا نـ ـ
بتر استرساله فجأة ليضيف بـ نبرة رقيقة و بسمة استغراب علت ثغره : جود ، إسمج حلو و الله

لم تتحلى بالذوق لترد على ثناءه ، إذ كان الوسن قد وصل قمته عندها ليتخلخل عندها الوعي المزعج ، فتغفو بين ذراعيه ، وجد إبتسامته تتسع لتصل عينيه و هو يميل نحوها مهديها قبلة الجبين العميقة ، مباركا إياها في حضور حياته و تلويينها بـ شعرها الأشقر ، همهمت بـ إنزعاج و هي تحاول تحرير وجهها مما يلامسه ، فساعدها مبعدا الخصلات اللولبية عن دغدغة بشرتها ، هامسا بـ بهجة خفيفة : المفروض يسموج ام كفشة ... شنو هالكفشة هاي ولج منين جايبتها

هذه المرة أخذها لـ غرفة والده القابعة في الطابق السفلي من المنزل و التي صارت تعنيه منذ مدة طويلة ، اللين لم تنفك أن تهتم بتنظيف المنزل " قدر ما تستطيع بسبب حملها و الولادة " ، فالمنزل لم يبدو كغيره مما يجاوره في الحي ،
كم من " قصر " بما تعنيه احرفه قد هجر لتسكنه الأتربة و الغربان .. كم من أعزة قوم ذلوا و تركوا خلفهم أملاكا يضيع من احصاها ، فما كان مما ترك إلا أن يكون مرتعا لتكدس الأغبرة و صدى الذكريات .. تتوجع الجدران فتبكي حزنا على من غادرها ، تتوسلهم الحنين ، و فض من على النوافذ ادمعها و إن لم يكن لها اصلا سوى ذبول السحب و تثاقلها مما تحمله .. لتقذفه على سطوحها الخشنة لطول الفراق !

ما إن عتب تلك الغرفة حانت منه نظرة سريعة نحو الصورة المعلقة ببروازها الخشبي الفخم ، الحاملة لمن كانت له نظرة تندر وجودها فيمن يوازييه مكانة بين طبقات المجتمع العلمي ! .. نظرة تواضع !
جر بصره عندها لمن تستكين بين احضانه ، لينحني مجددا طابعا فوق كومتها الشقراء قبلة طويلة ، تستحقها ، ثم مال أكثر ليهمس بـ إذنها بـ لا شعور بـ " الله أكبر .. الله أكبر "


كبرتي يا صغيرة و لم تسمعي من والدك تكبيرا و لم ينشرح صدر أبيك بـ آذان يرفعه لقلبك الصغير ، لا يدري ما أحسه توا ، أ يعقل أن تسكنه غيرة من رفيق دربه الذي عاش لحظات أبوته كما يتمناها أي رجل ؟
تغضن جبينه معاتبا نفسه التي تطاولت على أمر القدر ، كن مؤدبا مع قدرك يا أنت .. فـ قدرك قد كتبه الرحمن ، كيف لك أن تمتعض و أنت تعلم بأن ما وراءه خير لو علمته لخررت ساجدا ، حامدا شاكرا

بـ إهتمام متقن وضع طفلته بمنتصف السرير و إبتسامة لطيفة غازلت عينيه بخجلة، فهو يذكر يوما إجتمع به مع هذه الحلوة ، لكن الصورة المعروضة على شاشة ذاكرته ليست بدرجة الوضوح التي يشتاق أن يبصرها به ، يوم أن ظن إنها إبنة عديله !
بالتأكيد إنها هي ، فـ تلك قد ترآءت امامه في حافظة صور هاتفه أكثر من مرة فـ أحب التسلي بـ مشاهدتها بين كل حين و أخيه ، و هذه صاحبة اللسان " العربي " لا يمكن أن تكون إلا هي .. بعينيها اللامعتين كالزمرد

غادرها تاركا الباب خلفه مشرعا ، ليتجه نحو الحمام ، رفع معصم يساره يكتشف الوقت ، ليرى أن نصف ساعة و تزيد قد قضتها " المدام " تسترخي .. وقف أمام الباب للحظات ، زجرته نفسه المذهولة من هول ما يفعله ، أ تريد الإطمئنان عمن لم تترك لك وجودا في قرارات إتخذتها ؟ من رضيت صاغرة بنسب طفلتك لأبيها ؟ ذبحت بك الإبوة و لو مر من الأعوام مائة لن يبرئ العنق المذبوح و لن تسقط السكينة المعلقة على جنبه ، تبجحت بخوفها من رتق الجراح تاركة إياك تتخبط في دماك المندفعة كـ نافورة بـ أذرع متعددة !

يمينه الممتدة لتطرق الباب انكمشت ، ليجئ دور الـ "طبيب " الخامد تحت اعماق صلادته ، فيستفيق من سباته .. إرتدى زيه الأبيض و رفع سماعته و النظارة فيحدثه بمنطق قد لا يدركه غيره .. أو ستتركها بلا إطمئنان و أنت تعلم أن لولا حقدك ما كانت ستتغطى بـ شمس حارقة لعدة ساعات و أنت اعلم منها بما قد يؤول إليه قهرك ، و غباءها .. إطمئن فقط فـ أنت مجبر بإسم ' مهنتك ' ، بإسم قسم قد أقسمته و ستحاسب على إهمالك إياه يوما .. لم تنوي ذبح أبيها من قبل لتفعل ذلك الآن معها يا علي
كن صادقا و لو لمرة مع نفسك .. لن تهون عليك و إن أقسمت أن تجعلها هينة ، ستضطر لـ صيام كفارتك يا عزيزي ، فـ إصمت !
بـ عز جريمة اقترفتها مع عائلتها القذرة ترى بك جزءا يلين ، يتمنى لو كان قدر اخر جمع شطريكما فألصق كل ذي نصف نصفه

و لكن ليس للأماني أريكة لتستريح فوقها هنا ، فالمكان ضيق ، و مزدحم ، فلتتفضل بأمانيك خارجا ، أو إنثرها من نافذة منزلك ، و غلفها بـ ظرف من دعاء ، لتطير ، علها تصادف بابا سماويا مفتوحا يستقبلها بحفاوة ، فيدركك تحقيقها

و بين " حانة و مانة " ، و قبيل إتخاذ قرار صارم إنفتح الباب بوجهه ، لتطل من خلفه الحمقاء !
وجوده أفزعها لترتد خطوة الى الخلف بتقهقر ، شهقتها المجفلة وصلته لتحفز به الاعصاب الساخرة ، النافرة ، فيشتد عرق بخده و العضلة .. عبر عن إستياءه ببسمة هازئة و هو يلقي عليها كاملة نظرة متفحصة بالمنامة " المصيبة " التي اختارها لها ، قميص بـ الزهري و تدرجاته ، و بنطال لـ منامة اخرى برتقالية !!
يدها مثبتة على رأسها الملفوف بالمنشفة الحمراء ، و ملامحها منتفخة مرضا !
عيناها منطفئتا البريق ، و فمها مفتوح ليقوم بمهمة التنفس ، أنفها محمر و متورم ، بينما تحت الأحداق فـ ظل من كآبة رسمت بإتقان شجي ، و فوق هذا و ذاك لمح أثرا قد إنطبع على صفحتي فكها السفلي ، فعلتها أصابعه و ثأرت ! .. دون أن يترك لـ حالها مجالا أوسع للسيطرة على أفكاره التي انحرفت تقدم خطوة نحوها مادا بظاهر يمينه حيث جبينها لترتخي نظرته الطبية بعد إطمئنانه
رجع خطوات الى الوراء ، و ظل لبرهة يراقبها بغموض ، كور قبضته ليفعلها الابهام الغبي و يصر على ملامسة ظهور بقية إخوته بحسد ! فهم قد لامسوا الجبين اللجين ! قطع صمته اخيرا متحدثا بخشونة و هو يفترسها بـ نظرات حارقة تود تقطيع ملامح البؤس هذه من على الوجه الذي كان يوما ما وضاءا كـ بدر في منتصف الشهر : شلون صرتي ؟

قاس كما كان دوما !
دلكت جبينها بـ شمالها و اليمين تعتصر طرف المنشفة العاملة عمل الخمار فوق رأسها لتهمس بـ نبرة ضعيفة و هي تصب انظارها على ارضية الحمام الرخامية : أحسن
لتضيف بـ صوت متهالك من تحت أكوام الترقب : أأأ ... جـ ـوو

: بعدها نايمة

تحركت خطوتيها لـ تلج من الحمام بقدمها اليمين ناطقة بـ خفوت " الحمد لله الذي حفظني و عافاني " ، لم يفت جسدها المرتعش نظراته الحادة المرتكزة على كافة أجزاءها ، وكأنه يطمئن بأنها لم تفقد أحد أعضائها ذائبا من الحرارة .. شدت اوتارها الصوتية بـ براعة لترفع رأسها نحوه ناطقة بصوت أكثر ركوز : أريد أصلي .. وين ؟

: ماكو داعي ، على يا صخام وجه تقابلين ربج

جملته الساخرة وكزت خلاياها الدمعية لتدر الأخيرة قطرتين كانت لهما الاجفان بالمرصاد و تم حبسهما بنجاح حتى بخرتهم نيران القهر ، زمت شفتيها لـ تضغط على حروفها ناطقة بـ تماسك كذب و إن صدق : الله يزكي الانفس مو إنتة .. و الله يدري الي سويته جنت مجبورة عليه

: هه هوة هاي انتي ، إنجبرتي قبل تشوفين سوالف ابوج و تسكتين و " إنتي محامية ها " كله وفاء لأبوج ، و بعدين انجبرتي تنخطفين و تسكتين .. متقولين منو خطفج ، وفاء الية و لمساعدتي إلج .. وراها هم انخطفتي .. و هالمرة انجبرتي تجين وياية و تسمعين كلامي ، ليش ؟ علمود أبوج يحس بذنبه و بلكت يصير أدمي
أكمل لو تعبتي ؟

بسمة مغتاضة ، و نبرة إستحقار تسربل بها صوته و هو يعود خطوات حتى إتكئ ظهره على احد الجدران و عيناه تراقبان إنتفاخ ملامحها بالقهر ، و إمتلاء أحداقها بماها ، لم يهتم .. فما يستعر بين ثنايا صدره عند إبصارها يدحر أي رأفة تسكنه لدى غيابها عن ناظريه

: و بعديين تزوجتيني هــم غصبااا علييج و مجبورة حتى ترجعين لأهلج ...!!! ما ادري كمية الغباء الي بالعالم كلها مجتمعة و مالية راسج و اني ابتليت بيج لو شنو القصة !

: علـ ـ ـ

بتر عليها ما تود التفوه به ، مشمئز الملامح هادر الصوت : و لمن رجعوج اصدقاائي .. هم خطية سويتي نفسج كبش الفدااااء و الشريييفة الي ضحــت بنفسهاا علموود واحد ساعدها .. زييين لييش مكملتي جمييلج ؟
هم انجبرتي مو ؟ أي أكيد إنتي متعرفين تصيرين ادمية .. لازم احد يجبرج و انتي مثل الزماااااال ورااااه

ظن بأن الشمس قد صفعت طبلتيها فصار السمع عندها عسيرا وهي تقف امامه متبلدة المشاعر ، جامدة المقل ، و مريضة الوجه !
فما كان منه سوى أن يزيد مكيال التعنيف ، ظل على حاله ، مستندا بكسل " ظاهر " على الجدار و ذراعيه تتربعان فوق مخدع الصدر ، رأسه مطرق قليلا ، ليضيف بوحشية صقيعية ، تشابه رعب أحدهم من أن يكون فريسة الثلوج ، و لقمة مستساغة لدببة القطب الشمالي !

: مسويتلي نفسج بس إنتي و بس ، بس انتي انظلمتي ، و بس انتي انخطفتي ، و بس انتي تزوجتي " مجبورة " ، و بس انتي و بس انتي وبس انتي .... يابة لعبتي نفسي والله
هية القصة كلها كل الي صارلج تستاهليه ، عمرج مـ جنتي بقد المسؤليية ، تنهزمين من كلشي بالبجي و العوي و الضعف ، بحيث ملينا ، صرنا مندير بال إن شاء الله متي بدموعج ... صرتي مقرفة و انتي تغلطين و ترجعين تبجين ، بعيدا عن كون قاسم كلب إبن سطعش الف كلللب ، بس والله اني لو منه و راجعتلي بتي متزوجة .. لا و حامل ... إلا أذبحها ، " ليثقل صوته بتهديد أحمر و نظراته تتوسع بإرهاب دموي " تعرفين شنو يعني اذبحها لو هاي هم صعب تفتهميها ؟؟؟

ضاقت نظراته هذه المرة و ضاق عقله ذرعا باحثا في صفحة ملامحها عن تأثر و لم يجد ، فظل ممسكا بعروة الكراهية ، و إستمر بـ إغداق ضميرها بوابل من سجيل : و لو بجتلي دم مو دموع ما اخليها تشتم النفس ، يمكن عبالج اني قاسم الـ **** و راح تقوليلي ابوية جبرني و خفت عليك و تبجيلج دمعتين رح اصدق و اقلج هاهية .. بعد محد يجبرج و لتخافين من شي
لا يابة لا ... انتي تروحين تجين بت قاسم النجس ، شقد ردت اعدلج متعدلتي ، فـ أني و بتي بغنى عن خدماتج

: وين اصلي

إنشدت أعراق جسده كاملا لينتفض بإستقامة أسد على وشك الإنقضاض على غزالة جريحة ، و بعد جوع يوشك أن يأتي بمصرعه ، لكنه أدرك فجأة بـ أن هنالك في اطراف البرية حفنة من صبر يستطيع التغذي عليها ، و يكتفي لفترة !
إذ ليس من شيم الليث أن يغرس أنيابه بفريسة و معدته تضج بالطعام .. و هو كذلك ، فـ لتصلي الآن ، و من بعد ذلك له معها محاكمة منصفة ، بعد أن تتقيأ معدته صبرها !

بـ فكين ' يودان لكمها بـ احرف أثقل وزنا ' تحدث مشيرا بهزة رأس الى ما يمينها و يساره : ذيج غرفة بيبيتي ، و القبلة على الزاوية الي يم البوفية ' الدولاب '

لم تتحرك ، فعاد لينظر نحوها فـ تكلمت بـ هدوء أوشك أن يتحرش بشياطينه لـ تثور بحفل راقص جديد : هدومي واقع عليها مي ، أريد أشرها

ظل ساكنا يتابعها بصمت أزعجها و سلخ من على جلدها هدوءه ، توترت ، فهربت عائدة بخفة لداخل الحمام و لم يطل اختفاءها ' ليهدي نفسه أنفاسا حرة ' حتى ظهرت مجددا امامه رافعة سلة الغسيل و بها ملابسها !
تغضن جبينه و بلحظات فقط فهم ما تنويه و هي تتجه نحو الـ سلم بـ ' أريحية ' قرصت جنونه ، من تظن نفسها و ما تظنها فاعلة ؟ تتصرف و كأن بها ضيفة أو مالكة لهذا المنزل الشريف الذي لم يطئه الوحل من قبل ، سوى من سولت لهم أنفسهم بـ قتل الدكتور صفاء ' بحثا عن السلطة ' ، و القذارة المرتزقة الأميركية ' بحثا عن الأسلحة ' !

أوقفها بحدة و أمر أخر أجبره على ذلك ، فهي لا تزال متوعكة ، و بـ موقعه كـ ' طبيب ' عليه أن يعاكس رغبته الإنتقامية منها : وين رايحة ؟

كانت قد وصلت مقدمة السلم ، لتلتفت فزعة من حدة نبرته ، عقدت حاجبيها بغيظ ، و كابرت حزن جلدها بسياط التأنيب لتجيبه برجفة ودتها لو تكون أكثر ثباتا : اصعد ادور السطح ، إنتة بللت هدومي فغسلتها و هسـ ـ

: عوفيهم و روحي صلي ، بسرعا فضيني .. يااللااا

أجفلت بشهقة وصلته ، لتزم شفتيها و تزفر بقهر دفعه لرفع حاجبه مهددا ، لكنها لم ترتعش كما ظن بل أنزلت السلة أرضا و تحركت متوجهة نحو الغرفة التي أخبرها إنها تعود لجدته ، و لما وصلت قربه نطقت بحدة مرهقة : روح شرهم انتة .. أصلا إنتة بللتهم








.
.
.







: هاااا شقااال ؟؟

كان جالسا على طرف الأريكة ، و بداخله موقد يشتعل بـ حطبه ! قد يكون أخطأ بما فعل ، و لكن أي حل قد يرتضيه عديله بعد اكتشافه تلك المصيبة ؟ أي حل ؟
أجبر على الإنصات له و فعل ما يريد ، فيظل هو الجاني بنظره و كأقصى درجات الرحمة عليه أن ينفذ له ما يأمر ، عله يصفح ، و يقرر تخفيف الحمل الذي قصم له ظهره

: عبد الله شصاااار ؟ شسووى هذااك المخبل بأختي ؟

أعاد جسده رميا ليسنده على ظهر الاريكة متيقنا بأن زوجته لو إملتكت قوة عضلية تمكنها من دق عنقه لما كانت ستتهاون عن استخدامها معه .. إبنة قاسم ، التائب المنيب لربه !!
ببسمة تخفي خلفها توترا حول نظره نحوها مجيبا اياها بلطف : قال خليها يمي اليوم
و لما افزعته بـ صرختها المستنكرة إعتدل بجلوسه مستخدما نظاما عقلانيا في الحديث : روشن عيني قتلج مرح يأذيها .. إنتي ليش خايفة عليها ؟ جم مرة راحت وياه و رجعها سليمة ؟

: سلييييمة ؟؟ إنتة من كل عقلك تحجي ؟ لو راجعة سليمة مجان هذا حالها هسة

: روشن كافي اختج جابته لنفسها

: لتخبللنييي شلون جابته لنفسها ؟ إنتة و انتة رجااال هم تخاف من ابوية و تعرف اذا عصب محد يقدر له هسة اذا واحد من الحرس قلوله جلنار و بتها مو هنا تدري شيصير بيه ؟

بثبات نبرة ، و غيظ نظرة كلمها : إنتي قلتيها .. شيصير بيه ، يعني اخاف عليه مو منه يا محترمة

تلكأت بـ خجل محرج ، لتقابله على اريكة منفردة : أسفة .. و الله اسفة حبيبي ، مجان قصدي
لتتنهد بخفة و صوتها تشبع بالإختناق و هي تضيف : بس انتة افهمني هسة ، علي مو طبيعي عبد الله ، و الله مو طبيعي ، ليروح يسوي بيها شي

: قاابل شيسوي بيها يمعودة دقولي يا الله

: يا الله يا الله .. بس و الله حقي اخاف و كلششي يقدر يسوي بيها و اختي ثوولة تسكتله ادري بيها

: روشن شبيج ؟ يعني انتي تشوفين لازم تناقشه ؟ على اي اسااس تناقشه و هية حارمته من بته صاار تلث سنين ؟ غصبا ما عليها تسكت و تتحمل كل الي يقوله

: لاا مو غصبا عليها ، هية مو بمزاجها سكتت ، و لتحسسني انو انتة الي قدرت توقف بوجه ابوية حتى هية تقدر

: روووشن كافي لغوة مابيها معنى ، هوة ابوكم مو ابوية ، و علي رجلها الها و جود بتها ... مو جان لازم تدور مصلحة رجلها و بتها قبل مصلحتها ؟

: إي لعد هية شسوت غير هالشي ؟ مو ضحت بنفسها و بأمومتها علمودهم ؟ لو نسييت ؟ عبد الله شبيك ؟؟؟ يوم واحد رحتله صرت تحجي مثله

: طول عمري هذا حجيي بس ساكت لإن ماكو شي بيدي غير الي سويته

: لتقوول سويت شي ، إنتة مسويتله اي شي حتى هسة تعتبر نفسك احسن من جلنار و احسن من عدنة كلنا

: لا سويييت روشن سويت .... نقذت الطفلة الي مالها ذنب .. حاولت الملم شوية من المكسور و طلعتلها هوية تحفظ نسبها




.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t189827.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ذ¯ذ½ذ´ذµذ؛رپ This thread Refback 05-10-14 12:13 PM
ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© ط¨ط¯ظˆظ† ط±ط¯ظˆط¯ This thread Refback 18-08-14 03:21 AM
ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© ط¨ط¯ظˆظ† ط±ط¯ظˆط¯ This thread Refback 01-08-14 12:45 PM


الساعة الآن 11:39 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية