لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-04-13, 08:33 PM   المشاركة رقم: 66
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 








لم يتبق على آذان الفجر غير نصف ساعة ، و هذه الشقية لم تزل مستيقظة بدلال يزعجها و تعشقه ، للحظات تقرر خنقها ، لتهم بتنفيذ الامر فتجد نفسها تحتضنها بـ قوة لا يحتملها جسدها الضئيل ، لتعطيها سببا مقنعا للصراخ الباكي هذه المرة ، تكاد تجزم بأن الوحش المسمى بوالدها لو لمحها لـ عرف حالا من تكون ، فـ هي ليست سوى نسخة صغيرة من اللين بعينيها الزمردتين و أنفها الناعم !

بـ وسن داعب أجفانها صارت تحاكي الصغيرة المتلذذة بتناول طعامها غير مهتمة بـ سهاد والدتها من أجلها : ماما حبيبتي مـ نعستي ؟ لج راح اناام على نفسي كاافي شوية اغفي حمووت ،
إففف من منو اطلب الرحمة من بت علي افندي ، تدرين مرات اريد اخنقج بس لإن انتي بته !

' وااااااء '
علا صراخها الكاذب مبعدة فمها عن ثدي والدتها و كإنها تعترض على تجاوز هذه المرأة حدودها بالحديث عن والدها ، منذ الآن تجري العنصرية بدمها هذه الصغيرة ، هزتها برقة لتسخر من نفسيهما ضاحكة : إشششش ماما سكتي إششش هسة يقعد جدوو و بعدين يطردني اني وياج بهالليل
هذه المرة ثبتت كفيها تحت ذراعي الصغيرة لتوقفها مقابلة لها و مستمتعة بـ الإيحاء الباكي الشهي على شفتيها المتقوستين أسفلا : هممم جوج باعيني ، أغوووو كيكيكيكي ههههههه يمة فدوة للحليقاات ' مصغر حلق ^^ '
همزين حلقج طلع صغيروني على ماماتج ، لإن ما شاء الله حلق ابوج غاااقة ' بمعنى كبير ' جان بقيتي على قلبي و محد يتزوجج
تدرين أبووج شرييير ، إي لتباوعييني هيج ، أبوج شرير و خبيث و مجرم ، انجبي لتعيطين ، يا ادبسززز تدافعين عليه ؟
هـــئ زين و اني ماماتج ؟؟؟ تحبين بابا ؟ بس بابا كخخخ وعععع ، بابا عوعووو ' الوحش الكاسر عند الاطفال ^^ '

منذ نعومة اظافرها اثبتت هذه الشقية كونها مثالا لـ ' كل فتاة بأبيها معجبة ' ، كان الله بعون من يحاول إمتلاكها و إنسابها لنفسه عروسا ، هممم من يا ترى قد يناسب ' أبي الجود ' ؟! حتما إنه قد عمل عملا شنيعا يستحق أن يعاقب عليه ، أخيرا إستسلمت بعد أن خابت امآلها بتغير نظرة الصغيرة عن والدها : إي عيني حبيه ليش متحبيه ، يعني عليمن ' على من ' تطلعين قابل ، ثوولة على امج : '(
هههههههه لج اوووووي شقد احبج اني شقققققد ، كووجي كوووجي ، فااتيكااا ، جكجكجكجك

: ييمممممة اسم الله الرحمن .. وج شدتمسلتين ' تثرثرين ' بهالليل ؟ دتحضرين جن ؟

: هههههه
رفعت صغيرتها الودودة ' بما إنها تبصر اعين بشرية ساهرة لراحتها ' لتراقصها مقابلة خالتها : سوووفي خاالة زينة ، يللا قوليلها هلااو خاالة سلوونج

: إشششش جلناار وجع صوتج يلعلع لغرفتي ، تدرين اذا قعد بابا شيسوي بيج ؟

: إييي يطردني اني و بتي ، و نطييير لبغدااد نروح لأبو حسين

: ههههههههههههههه و الله اذا عرف ابو حسين بمصيبتج لا يشمرج انتي و بتج بـ دجلة

: لالالا ميشمرنا يحبناا
لتحدث ابنتها بـ شقاوة : موو جوجة ؟ بابا يحبنا صح

: إييييييع خربييييج خرب خرب خرررب
علا صياحها فجأة فيتزامن مع صوتها بكاء الصغيرة بعد تقيؤها ما تناولته من حليب على وجه والدتها و صدرها ، بتقزز غادرت السرير حانقة و رافعة بالطفلة الباكية تتبعها زينة بـ حديثها الساخر : كلللش يحبكم يمووت عليكم ، ههههههه بحيث حتى بتج الجنية هم زوعت ' تقيأت ' من هالكذبة
: زيننننة مو وكت شقة تدرين بية نفسي تلعب ' أصيب بغثيان ' بهيج مواقف
: دنطيني اني اغسلهاا
: ماااااا ، عوفيني اتعلم بس اني هسة بهاللحظة اكرههااااا
بحديث لائم جارت خطواتها شقيقتها : والله صوجج مخبلة انتي هستووج ' للتو ' مرضعتها و قاعدة ترقصيها ؟ صدق خبلتج هالجود و من قبلها مخبلج ابوها

لتدخل الحمام بقدما اليسرى و ما إن فتحت صنبور المياه و تأكدت من دفئه حتى تمتمت مشمئزة من الرائحة بتكشيرة تعلو الملامح : سكتي محد مطيح حظي غير هالاثنين





.
.
.





يُخَيَّلُ لِي

بأنَّ العُمرَ لن يَكفي

وأنِّي سوفَ أبقَى العُمرَ

مَصلوبًا على خَوفي

على شَطِّ الهوَى يومًا

سألقَى مُنْيَتي حَتْفي

تَعالَي واسنِدي رأسَكْ

على كَتِفي

وقُولي لي ولا تُخفي

فإنْ مِتْنا مَعًا عُمري

فقد كانَ الهوَى داءً

وجاءَ الموتُ كي يَشْفِي



عبد العزيز جويدة




لكم تمنى أن يكون محلها قبلا ؛ منذ اللحظة الصاعقة التي تلقى بها الخبر اللئيم ، لكنه الآن فقط شعر بـ مدى عنف أن تتمنى العمى ! هو الآن يفعل ، لربما لو كان ضريرا ما كان سيستقبل الخناجر لتجتث ما بين اضلعه و هو يراقبها بعينين بائستين حبيسة السرير الأبيض و الملابس البيضاء في الغرفة البيضاء ،! و رغم كل البياض يكاد يستنشق رائحة اشتعال الفحم ، و كأن بأجسادهم الثلاثة صارت حطبا لموقد المرض ، بجسدها النحيل تستلقي كاملة ، و رأسها يتوسد كنف أخيها الغير شقيق ، بينما شقيق روحها و توأم عمرها يستقر بـ جسده على المقعد القريب يراقبهما بسكون ، يستمع لأحاديثهما و لو كان بحال طبيعي لكان أدهشه إصرارها المستميت على علي لـ يذهب لمقابلة زوجته ! علي الأخرق ، يكاد الجميع من حوله يدرك مدى تمسكه بإبنة عبد الملك إلاه ، لا يسكنهم شك بأنه قد سقط بـ بركة عشقها لربما منذ سنين سلفت ، لكنه لا يود الإعتراف حتى لنفسه بأن تلك البركة الراكدة السخيفة تمكنت من إغراقه بها حتى انفه ! لا يعلم لو كان محله ما كان سيفعل ، فهو رغم كل شئ مغامر في الحب ، قامر بـ كل شئ من اجل الظفر بـ محبوبته ، ولكن هل كان سيفعل لو كان أبيها قاتلا لأختيه ؟! تعقيدات القصة مربكة بحق ، و علي عوقب بـ مشاعر الجمت فك قسوته نحو الشخص الخاطئ ، في الزمان الخاطئ ، كان الله بعونه !

أما الأخر ، فكان متخشبا في جلسته ، فـ شد عضلات فخذه بتلك الوضعية تجره الى لجج الوجع ، لكنه يتحامل من أجل لحظات قد لا تتكرر أبدا ، فـ ليست اخته العنيدة من ترتمي فوق احضانه ، و ليس هو من يستقبلها ، كل شئ كان إستثنائي هنا ، حتى مسير افكاره ، فهاهي أنيقة الفكر رغم مرضها تنجح في إنتزاع عباءة السلاطين من على جلده ، مشيرة لكونه يحتاج أخرى أكثر رقة ، و أنعم بشرة ، و لشدة غبطه على ذاته تراه يفعل ،!
نور الدجى قد هل على ذهنه ، ليغتال لجج الظلام التي احتبسته بها لـ شهور ، إنبلاج الصبح بـ صدره شعر به حالما سمع صياح ديك الفجر مناديا للذكر ، لربما حان الوقت للإقدام على خطوة رسمية ، واحدة تقطع اعناق الرافضين ، فالسيف سيفه و الحرب حربه !
زفر بـ عمق في نهاية الحديث ، ليحاول تعديل جلسته المتألمة لما بلغ السيل الزبى به ، فـ شعرت بـ تأوهاته المكتومة لتبتعد عنه بسرعة فتصيح منزعجة : هااي اني آذيتك بالقعدة ؟! ليييش مـ قتلي ' قلت لي ' !!

غمز بأنفه بـ خفة ليميل على رأسها فيقبله بحنو مرددا : فدوة إلج

كم أوجعها بـ إسلوبه ، و كم تعشق وجوده حولها ، هي الآن و رغم مرضها تشعر بأنها الأوفر حظا بين نساء الكون ، و كيف لا و رجلي حياتها يلازمانها كل حين ، بـ أفئدة تنبض لها قلقا و خوفا ، لطالما كانت أنانية ، و الآن لا تستطيع أن تنسب لنفسها صفة غيرها وهي ترى ما بهما من إنكسار لأجلها و تسعد به ، لم تدرك بأن لها في قلب الـ علي كل تلك القصور المشيدة ، لـ تتنقل بينها بـ رشاقة شقية ، فكيف لا تفرح بكونها حازت و بنبل على مكانة لا تظن بأن اخرى وصلتها في جيب صدره ، او ربما قد وصلتها ، أو فاقتها .. تبا ، أيعقل بأنه يحب الـ جلنار أكثر منها ؟! هممم ، لا يهم ، كل ما توده أن ينتقي لنفسه زجاجة السعادة السحرية ، و ليس عليه أن يجوب وديان و جبال و براكين جحيم لإيجادها على شجرة التفاح المحروسة بـ كوبرا ضخمة ، كل ما يحتاجه هو سيارة أجرة توصله للعمارة التي تقطن بها تلك السعادة ، و شئ من شجاعة لـ يدق عنق الثعبان المسمى بـ ' قاسم ' و العازل بينه و بين مستقبل مريح
تهلل وجهها بـ شفافية منصتة لهمسه اللذيذ قرب أذنها : رح اسمع كلامج و أروح ، بس إذا مـ جتي بعد لو تضربين راسج بعشر حياطين ' جدران ' هم ما اروح

: ههههه ، ماااشي حبيبي

شعرت بـ عينيه ترمقانها بـ جام من حنان أبوي ، إبتسمت بوجهه بسمة ممرغة بالتعب ، لتحرك شفتيها بلا صوت ، فقط دعاء هو ما تسربل من فوهة الروح صامتا عند البشر ، مسموعا عند رب السماوات و الأرض !
ما إن غادر حتى غرست هذه المرة بمنكب الأخر ، كان قد جلس قربها بإستلقاء نصفي ساندا جسمه على ظهر السرير ، و جانبه الايمن يلامس جسدها بينما ساقه اليسرى مثبتة أرضا ، اما ذراعيه فتلتفان حولها كـ طوق من حرير !

كعادتها المحببة لقلبه ، داعبت كتفه بأرنبة أنفها متمتمة بنبرة ذابلة : عمر
قبلة طبعها على شعرها ليبقي أنفه هناك بين غاباتها الثمنية المعبقة بأطيب أنواع الورود : هممم
نبض المشاعر يتعالى بـ سرعة ذاهلة قرب هذا الرجل ، أسدلت جفنيها خافية خلفهما بريق المرض لتهمس قلقة : تتوقع رح ترجع وياه ؟
لم يتغير حاله ، إكتفى بتشديد احتضانها و قول : و الله ما اعرف ، المشكلة اخوج ما عنده اسلوب ، لو يحجي وياهه بـ ' عيني و اغاتي ' و الله تلين
لتتسربل من بين الشفاه الشاحبة تنهيدة طويلة تتبعها احرف مشتتة : اعرف والله ، بس مرات انقهر عليه .. عمر ، هوة هيجي لإن تربى ببيئة جامدة ، مو صوجه ' ذنبه ' والله
زرع قبلة ثانية و ثالثة فـ رابعة بنقطة واحدة ، و كأن روحه أدركت بأن هذه البقعة الحبيبة هي من ستثقب ، جلى حنجرته من بطش فتك بـ صبره : أعرف عمري اعرف ، بس بت الناس منو يقول تتحمله
لترفع هي بيسارها حيث صدره ، فـ تتغنج بالتلاعب بقماش بلوزته الصوفية : إذا تحبه لازم تتحمله
بسمة يائسة رسمت على ثغره ، لـ يتمتم شارد الذهن : هوة الي يحبكم انتي و اخوج يبتلي على عمره
صاح بها بعد أن إنتقت جانب كفه موقع ثأر لها و أخيها : آآخ ، لج لتقرصين
حاولت الإعتدال قليلا ، ليساعدها فترفض بدلال صرف : عوفني ، لعد شنوو يبتلي على عمره ؟! يعني اني بلووى ؟

حررها مراقبا إياها تحاول بجهد الجلوس كـ هو ، صوب بين الرئتين رمح اعمى نصله ، جلى حنجرته ليتمتم ببسمة اعلنت إحتضارها : و احلى بلوة بحياتي كلها
حالما خبت حماسة صوته رن بقلبها جرس الإنذار ، لتعود فتتحرش بـ مزاجه الحسن : إي عبالي
لم تصل إبتسامته عينيه ، إكتفت بالتخشب الميت على طرف الشفاه ، ملتفتا نحوها ليرفعها حتى إستندت على ظهر السرير ، ثم غير من جلوسه حتى صار أمامها ، يثني رجله الشمال قربها بينما اليمين تسنده قاعا ، داعب مقدمة أنفها بـ رقة ، لتكون ردة فعلها بـ نكهة الفلفل الأحمر ، حيث رفعت كلتا كفيها لتحتضن يده ثم تقبلها بـ إمتنان صرف ، بلغ فؤاده الحنجرة ، كاد أن يصيح بها متوسلا الرأفة ، أحلم هو أن تكون سلطانته بهذا السخاء الأجودي ؟ إبنة السلطان تقبل كفه بعاطفة تكاد بعاصفتها الهوجاء تزلزل الآف المباني ، يا أميرته ، رفقا بـ قلبه ، لا يحتمل إستنشاق العبير جرعة واحدة بعد أن إعتادت يداه التشقق بأشواك زهرتك ! أراك تستبيحيه عذرا بقبلة على الكف المخدش ، هنيئا لك قلبا يملكه لا تسكنه الضغينة ، بل لا يسكنه غيرك و أحبابه ممن يحلون له ! أرأيت كم أنت محظوظة به

: حبيبي
كانت نبرتها محملة بكثير من التوتر وهي تناديه ، فقابلها بـ جدية متابعا رقص اناملها على منصة يديه : ها عيني ؟
تموج صوتها بالعبث ضاغطة بسبابتها فوق عرقه البارز بكفه الايسر : لتقووول عيني
تنهد بطولة بال ، ليصحح كما تحب : ها عمرري ؟
عاودت تلك الرقصة المغناجة ، ليأتيه قولها بخفوت يقارب ذاك الذي يغزو النبرات عند الوسن : إممم ، اريد اقول شي بس لتعصب
ظن للحظة بأنها ستغفو بين يديه كما العادة ، و يظل بقلبه المسهاد مراقبا إرتفاع صدرها و إنخفاضه بهوس عاشق يخشى صفعة من لهيب الفراق : قولي
زال دلعها و برقت نظرتها بـ حكاوي هادئة ' مزعجة ' لتحتضن كفه هذه المرة فوق بطنها فتردف بشك عاري الملامح : أكييد متعصب ؟
حاول مناغاة الطفلة بداخلها ، هذه العقدة بين حاجبيها مصدر إزعاج له ، و لا يرضيه ان يلمحها فكيف أن يكون سببا بها ، تموج رده بين مرح و ' قلة أدب مقصودة ' : شوفي اذا عصبت اعاقبج بطريقة تحبيها حييييل ، يعني بكل الحالات انتي الربحانة ' الرابحة ' ، فقولي شعندج
شحوب البشرة أعتى من أن ينجلي بـ لحظة خجل ، فالإحمرار لم ينبل بالوصول لوجنتيها وهذا ما زعزع قلبه نحو اليمين : ههههه ، إحم اوكي
هربت بنظراتها هنا و هناك تحاول تمشيط الغرفة الفارهة بنية البحث عن الـ ' لا شئ ' ، لتقول بـ خفوت مغموس بـ وحل التوتر : اممم يعني مثلا ، ورة العملية احتمال جبير يصير بية فد شي يعني خلل معين ، يمكن عيني يمكـ ـ ـ
تعلم جيدا بأن هذا الامر يقرص شياطينه ، الحديث عن مرضها يؤدي بعقله نحو جهنم ، وهي لا تنفك أن تتمنى له رحلة موفقة ، تبا .. هدر بها حانقا ليجر بكفه من يديها بشئ من عنف : لينااااا
لم تخضع لتأنيبه بل حاورته بعلو صوت : إنتتتة قلت محتعصب
رشقها بـ نظرة غيظ تمكنت من قلبه و الفؤاد ، ليزأر مجددا : تدرين بية اكره ما عندي السخافة بموضوع صحتج
رفعت حاجبيها بـ ' ذهول كاذب ' لتجاريه بالنقاش : عمررر مو سخاافة هذا واقع انتة متريدنا نحجي بيه بس لازم نتناقش من هسة
زفر آملا أن ينتزع لحاف الضيق الخانق لروحه : تفاءلوا بالخير تجدوه ، اني حاط املي كله برب العالمين
ترقرقت مآقيها بالدمع الهزيل لتهمس : و نعم بالله ، بس اكو منطق
ختمت على صدره بإنكسارها هذا فـ تمنى لو يجوب سبع بحار غوصا و لا أن يكون هنا : هذا مـ يتسمى منطق ، كافي سدي الموضوع
تهدل كتفاها لتصيح بثورة مكنتها من الإحتفاظ بماء الدمع في المحجرين : شووووف شووف شلون عصبت
حدجها بنظرة عتب لينتصب واقفا و لسان حاله يتوسلها أن تنازل الضعف لئلا يطفو بسيادة على سطح المشاعر : خلص سكتي
زاغ بصرها هلعا لتهتف : وين رااايح ؟
نتوء نبت في سقف حلقه صار يخدش لسانه عند اي محاولة للحديث ، اجابها بـ ملامح مكفهرة و يده تعبث في جيب بنطاله مخرجا هاتفه النقال : أصلي
رجف ثغرها بنية الإنتحاب ، هاهو ذا ، لا يتقبل منها نقاشا عقلانيا يتمحور حول مرضها ، عليه أن يدرك بأنها هي الأخرى تتجرح بهكذا حديث و لكن الغوص في بركته شر لا بد منه فعلى كل حال هي ليست أول ضحية : الصلاة بعد نص ساااعة !! ، من هسة وين تروح و تعوفني
تمالك ' قلبه ' نفسه و لم يخر قربها : هسة رسل رح تجيج
تكتفت مصرحة بـ أدمع هلت من الاحداق : أني ما اريد رسل
نبض بـ عنقه احد الأعراق و احتقن التودد بـ حنجرته ليستمر في عقابها و عقابه : ليش ؟ خليها تجي و ابقي تبجبجي يمها
فغرت فاها لتصيح بـ قهر كافة من على الوجنتين قطرات الندى : عمرررر منو المريض اني لو انتة ؟ شو اني الي لازم اخاف على نفسيتك

تلون وجهه بالأحمر القان على غفلة من قلبه ، و كإن كما ضخما من الدماء قد ضخ خصيصا ليرسل ببرقية مبهجة للرأس ، فيأتيها جوابه بـ حرقة قلب أشعرتها بإنصهار أضلعها و تراخي قفصها الصدري بمحتوياته : إييي اني المريض و الميت و المحتررق قلبه ، أنيي الي دا احس بروحي رح تطلع ، زين هيجي ؟
أجهشـت بالبكاء منتفضة الروح كـ حمامة للتو أصاب قلبها قناص بـ دم بارد : حبيبـ ـ ـ
رمى بهاتفه في جيبه مجددا ، ليرفع يمينه مانعا اياها من الحديث : خلص يللا راييـ ـ
هلعت لتحاول بـ جنون الهبوط من على السرير ، لا لن يذهب وهو مختنق بهمها ، لن يجرؤ على ذبحها به : مااا لترووووح
الماكرة تعرف جيدا كيف تلوي قلبه ، تقدم منها مسرعا و نبرته علت بهدير : لج لج لج لتتحركييين
حالما وصلها ليمنعها عن الحراك ضربت كتفه القريب صائحة بـ قهر باك : لتقووول لج
أجبرها على العودة لتجلس و قبع رغبته في فقع رأسها العنيد : استغفر الله ، العفوو ، لتتحركين مدام
حاوطت ذراعه لتمنعه من الفرار و كل عرق بها يضج بالنبض الثائر ، ناكشته بـ مرح يشوبه التوتر : مدام عمر لو سمحت
رفع حاجبه الأيسر بحدة ، ليرمقها بنظرة معاتبة ، لم يطيلها كثيرا حتى تمتم مستسلما لوجيب قلبه : مدام عمر
رفعت بجسدها قليلا متخذة من ذراعه مسندا لها ' متقصدة ' لتجبره على الجلوس حتى تصله لـ تميل نحوه مقبله أسفل فكه برقة ' مستذئبة ' : عفية حبيبي

لم يجد بدا من الإبتسام ليستقبل هذه المرة قرصة خفيفة بذات الموضع و نبرتها الشقية تتسلى باللهو بأوتار روحه مشكلة عزفا مجنونا متخضب بالمتعة : أوووي فدوة اروح لهالضحكة !
كان ملاصقا لها بكتفه ، رأسه ثابت نحو الامام ، فقط عينيه ما تتحركان لتراقباها بـ سخرية متلذذة : لا لا لا ، هاي منو ؟ إنتي لينا ؟ لا ابد ما اصدق ، منو انتي ؟ روحي صيحي ' نادي ' مرتي
عصرت ذراعه القريبة بإحتضان باحث عن الآمان لتغمس وجهها في البلوزة هاتفة بدلال : والله اني مرتك الحلوة الحبابة الي تموت عليك
أطرق برأسه قليلا ليتابع حركاتها و بسمته لم تبارح الثغر : الله الله ، الحنان ديتدفق هالايام
رشقته بـ نظرة عتب رافعة بذقنها نحوه لتقول بحدة : مو زييين ؟
لـ يعترف مداعبا خدها بقرصة ناعمة : إي والله زين وكولش زين ، بعد شيريد عمر اذا لين صايرة هيج حبابة
إنشرح صدرها بعد أن أنسته او بالأحرى نجحت في جعله يتناسى غيظه السابق ، لتتمتم بضحكة خفيفة : عمرر تدري من تقول اسماءنا سوة اريد اضحك ، شايف لين على طيور الجنة ؟ أبوها اسمه عمر ! شلوون صدفة
تصنع الاهتمام قائلا : لا والله ؟ ايباااه شلون صدفة !! عجيبة
ضربت كتفه بقبضة صغيرة مرددة : عممممررر ، بدل لـ تقول إن شاء الله يصير عدنا بنوتة نسميها لين على إسمي لإن إنتة تحب امها كووولش
رفض بجدية متغاظيا عن الشطر الثاني ' العابث ' من حديثها : لا عيني لا ، اني عندي لين وحدة ميصيرون اثنين ، عود بوكتها ان شاء الله نلقالها اسم بس ' لينا ' ديري بالج تقتربين منه
: على فكرة جنت دا اختبرك
انفجر ضاحكا بإستمتاع صادق ، ليلحظ ابتعادها عنه ليأخذ راحته ، ظل لحظات حتى إسترد انفاسه ، فـ تحدثت هي بـ ملامح مرتاحة : اليوم مخابرت البيت ؟
رقب لمعان عينيها فأجابها بصوت حاني : خابرتهم انتي جنتي نايمة
فـ إستفسرت : إي و شلونهم ؟ خالة شلونها ؟ خوما محتاجتك بشي ؟
ليجيب : على الله الحمد لله بس بالها يمج ، و ممحتاجة غير ترجعين سالمة
بـ ثقة عالية بالرحمن علقت : حبيبتي خالة ، لا قوللها إن شاء الله ما بية شي
تمتم بعدها : هههه ، ان شاءالله
تظاهرت بالإنفعال لتحدجه بنظرة شرسة : ليش تضحك
ليتصنع التوتر باسما : لا هيجي سلامتج
فأخرجت لسانها بشقاوة طفلة : أها ، حلو الخوف .. ' ثم استطردت سريعا بحماس دب بها فجأة ' صدق سوكي شلونها ؟ حياااااتي مشتاااقتلهااا
راقبت ملامحه تتصلب لوهلة ثم ينطق : زينة
لم تهتم كثيرا ، فدوما ما كان متحفظا عندما يتعلق الامر بتلك الصغيرة : أوووي عمرري اني ، عموري الله عليك دق على ميس هسة سكايب خلي تصورلياهه اموت و اشوفها
ضرب على فخذها بخفة معلقا بلطافته المعتادة : مو هسة لين بعدين
راقبته و هو يرقب عقارب ساعته لتهتف بضجر : لييييش
إبتسم لها ليغمز مشاغبا : هسة اريد ابقى يمج وحدنا ، ' ليعلل بمنطقية ' شو اخوج مخلالي شي ' لم يبق لي ' ، و شوية و تجي رسل خانم ، هالمرة تريدين تاخذين هالدقيقتين لبزونتج
تحوقلت نظراتها نحو السقف لتتغنج اكثر : يعني تغار ؟
فرفع حاجبه مهددا : جدااااااا
دفنت عنقها بين كتفيها ' بطفولية ' معبرة عن المدى الواسع الماثلة له سعادتها : ههههههههه الله لا يحرمني منك و لا يحرمك منيييي ياااارب
هز رأسه بكسل : هههههه بس لو افتهم انتو ابوكم شموكلكم ' مالذي اطعمكم إياه ' و انتو صغار ؟ يا اختي عليكم ثقة !!
حذرته بـ : مـ يحقلنا ؟
تأوه بإصطناع كردة فعل لضربتها الـ ' عاشرة ربما ' : يحقلكم عيني ليش لأ
لو كان لكل مريض شخصا واحدا فقط كهذا الرجل لـ شفي الجميع بلا إستثناء بعد إذن الرحمن شفاء روحاني ، و كم تحب إستغلال لحظات سخاءه بالعاطفة : لتقوول عييني كم مرة قتلك ما احبها عبالك دتاخذني على قد عقلي
شاغبها بـ عفوية : اي و عقلج جبير ماشاءالله
لتصيح بقهر : عمرررررر
راقبته يميل نحو خدها ليطبع قبلة رقيقة فوق سطحه الباهت معلقا بنبرة رجولية خشنة : ههههه العفوو اغاتي
اعترضت مجددا لتتلحف مختبئة عن غزاة الخجل : هالمرة اغاتي !! وين قاعدين بقهوة ؟؟
غادر السرير متخذا من الضجر قناعا له : لج شتريدين
لتتوسع حدقتاها بإفتعال الصدمة وهي تراقبه يطمئن على وجود الادوية قربها و علبة المحارم : لج ؟؟
ليتوجه نحو احدى الزوايا فيأتيها بالسلة الخاصة لـ إستفراغها المرضي : لين صايرة كلللش زعطوطة
تابعته وهو يضعها بالقرب ، لتدرك بأنه يجهز لها الحاجيات لـ قرب مغادرته ، فـ إستباحت دم الكتم لتعترف : عمر ، إنتة امي و ابوية ، و اني وية ابوية جنت هيجي ، و ملحقت اشبع منه ، فـ لتستكثرها علية الله يخليك
هاجت بـ روحه احرفها ، ليترك ما بيده و يعود فيجلس أمامها جارا جسدها نحو حضنه و عاطفته لونت صوته الهامس : إششش ، تعالي



لأني أحب ابتسامة ثغرك
فعقلي وقلبي هما طوع أمرك
إذا قلت جمر اللظى بارد
أجبت نعم بارد مثل خمرك
فما النار في الحب يا خل إلا
سلاما وبردا فجد لي بجمرك
وإن قلت : إن الغروب شروق
أجبت : بلى ذا شروق لسحرك
فحين تطل تضيء دروبي
وأفهم سر الشروق وأدرك
وإن قلت لي أنت عبدي فإني
فخور بما كان مصدر فخرك
نعم إنني ملك أحلى يمين
وأقسم ما كنت ملكا لغيرك
ولست أنادي بحريتي
لأني سعيد بأصفاد أسرك
أنا بك أرفع قدرا وشأنا
وما عاد شأني سوى رفع قدرك
فإن سألوني : لماذا ؟ أجبت :
لأني أحب ابتسامة ثغرك
لأني أحب ضياء العيون
وسحر الجفون ولألإ نحرك
فأنت حبيبي وسيد قلبي
قليتك تفتح لي باب صدرك
وتشرح همك يا سيدي
فقد صار همي إراحة فكرك
تربع على عرش قلبي أميرا
وحيدا فما كنت بالحب أشرك
ودع لي همومك إني لها
وسيفي جدير بتحقيق نصرك
إذا شئت أعطيت حبك عمري
وعشت لتحقيق أحلام عمرك
وإن شئت أن تستبد وتشقي
فؤادي الوفي بآلام هجرك
فسوف تراني صبورا رضيا
أرى نور عدلك في ليل جورك
تمتع بتعذيب روحي حبيبي
فلن تلهج الروح إلا بشكرك
فإن سألوني : لماذا ؟ أجبت :
لأني أحب ابتسامة ثغرك
لأني أحب صفاء الفؤاد
وهمس الوداد وأنفاس عطرك
وأنسى إذا ما رأيتك همي
فأنسي رضاك وأرضى بذكرك
لماذا تخبىء في العين حزنا
وتنكر دمعا هما فوق زهرك
وأنت مليك على العالمين
تطيعك حتى حوادث دهرك
أنا الشهد فاشرب هنيئا مريئا
ومرني لأشرب كاسات مرك
وأشرق كشمس الصباح ودعني
لأغسل قلبي بأنوار فجرك
حبيبي أنا لك طوع اليمين
وأحرص منك على حفظ سرك
فماذا يضيرك إن تنجلي
خفاياك عند العليم بغورك
بنيت سفينة آمال عمري
لخوض غمار مجاهل بحرك
فإن سألوني : لماذا ؟ أجبت :
لأني أحب ابتسامة ثغرك



مانع سعيد العتيبة



؛


صرير الباب ، و من ثم : إحم إحم

إكتفى بأدارة رأسه قليلا ، و ما إن لمح القادم حتى تنحنح بحرج ليبعد عنه الحبيبة ' المحتاجة ' ، هامسا لها بـ شفافية قلب : فضحتينا ، هسة شتقول رسل ؟ كل ما تجي تشوفنا بموقف اسخف من اللاخ
ضحكت ملئ شدقيها ، لتنمحي لمحة الحزن التي غطت على الملامح لوهلة مضت ، إستقام مغادرا و مرحبا بـ رفيقة زوجته بحفاوة : و عليكم السلام ، اهلا وسهلا ، شلونج رسل ؟

: الحمد لله بخير ، إحم سوري دخلت هيجي بس مو خابرت علي و قال ماكو احد ، فـ سوري عذروني
: لا يمعودة مصار شي بس الظاهر انتي حالفة تشوفينا بهيج مواقف
تشاركا ضحكهما ، لتقاطع هي ' الاندماج ' المزعج بـ : عمر حبيبي مـ بقى شي عالصلاة يللا توكل

إن ظنت بأنه لم يفهم فهي لم تعرفه بعد ، و إن تحسبه سيكشف أوراقه فالحظ السئ هو ما يحالفها ، إبتسم مشاكسا ليعلق : ها جتي صديقتج بعد متريديني ؟ لا إله إلا الله ابد ما عندج صاحب صديق ' مثل شعبي لمن يتقلب بين الناس حسب أهواءه '

حالما خرج اقتربت رسل من صديقتها معلقة بضحكة : خزيتوونا ، فضحتوونا ، خليتوا كل دكاترة المستشفى و الممرضين يخافون من هاي الغرفة ، عززة هسة شيقولون عالعراقيين ؟ شوهتوا صورتناا يم العالم ، لج اخاف عبالكم غرفة بفندق هاي ؟
: رررسل وجع صايرة ادبسزز
: ماكوو ادبسز غيرج ، شوية تحملي تبعدين عنه ، تدرين عندي اقتراح شوية يستر عليكم هههههه ، حطوا لافتة بباب الغرفة ' ممنوع الإزعاج ' ترة فكرة موو
: ترة كلما بطنج تكبر سخافتج تزيد ملاحظة هالشي ؟
: اوه نوه ، صدمتيني ، ليعلمج ' للعلم >.< ' مرح الحامل دليل على انجابها لطفل صحيح الجسم و الذهن
: صدق ؟
: هههههه ، الكل ينطي استنتاجات بدون دراسة بقت علية
: ههههه عابت عبالي صدق
: شبيج هوة اكيد هالشغلة زينة
: إي ان شاء الله ، بصراحة اريد اضمن صحة صهري المستقبلي
: فشرر ، مـ باخد بنتك لأبني فش بنات مشان أخدها !
: دنجبي إنتي و بتج ، الله ليعوزنااا عليكم



.
.
.


 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 21-04-13, 08:36 PM   المشاركة رقم: 67
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 






لماذا أسلم للبحر أمري و أمنح للريح أيام عمري
و هل للبحار سوى العاصفات تروح بلؤم و تغدو بغدر
و كيف أصادق في الصبح مدا و في الليل أمنح ودي بجزر
تعبت من البحر لكن قلبي يصر على البعد بؤس بري
تعالى حبيبي فما فات مات و ما هو آت جميل كصبري
أمدها أليك يدي لاشتياقي و دمع عيني من العين يجدي
تناديك روحي و تزف جروحي و قرع فؤادي على باب صدري
فلا تتجاهل ندائي حبيبي فإنك تعلم ما بي و تدري

مانع سعيد العتيبة



هذه العمارة ، قد شهدت يوما لقاءا غابرا بينهما ، يشعر و كأنه يستنشق عبير ذلك اليوم ، و لكن هل للذاكرة عطر يفوح مع مخزوناتها ؟ ربما ، فـ بما إن الشم هي اقوى الحواس امتلاكا للذاكرة فـ بالتأكيد أن الذكريات تحتفظ بعبقها في زجاجات فاخرة !
دهس كل أولوياته ، و مزق كافة قيمه من أجلها ، أتراها تستحق عناء المحاولة ؟ بلا شك تفعل ، لكن فقط لو تنصت إليه و تأتي ! لم يظن يوما بأنه سيتخلى عن التزامات حياته و يضرب بـ أعرافه عرض الحائط من أجل إمرأة ، تبت يداها من إمرأة تتلون كالحرباء في ضعفها و إستسلامها ، و أحيان جنونها اللاذع !
منذ أن ارغمها على الإندساس بين ثنايا عمره و يقين يسكنه بأنها اللعبة الممنوع الإقتراب منها ، لا يدري لم يشبهها في سجارته الاولى ، يذكر جيدا كيف سببت له عاهة مؤقتة من قبل قبضة ابيه الراحل ، و لكن ما رأيه لـ صفاء إن رآه هذه المرة يتطاول بالخطأ و يستنشق نيكوتين ' حوائي ' سام التأثير ؟ أ سيطفأها بمنفضة قلبه ليشعره بمدى بشاعة و ضرر قربها بعاهة مستديمة الامد ؟ أم سيترك الأمر له ، فـ ليعالج نفسه بنفسه ؟! لا يعرف صدقا ، و كم يتمنى لو يظفر معه بـ فرصة لقاء معدود الدقائق ، يستشير به حضرة البروفيسور والده ، و لكن ما كان يوما نيل المطالب بالتمني .. بعد إتمامه صلاة الإستخارة منذ قليل بعد الفرض في المسجد القريب عقد العزم على الانصياع لـ نهاية هذه المحاولة ، فـ لتكن الأولى ' الجادة ' و الأخيرة .. لا زال غير مصدقا بأن إبحاره التائه قاده لأحد أعتى المرافئ و أشرسها ، لا يدري إن كان هو من غرس مرساته بالقرب من هنا ، أخبروه أكان هو ؟! رغم كل شئ قد وصل ، و عليه إتمام ما جاء من أجله ، و إلا لن يكون وقتها بـ علي !
علم من ' رسل ' رقم الشقة الخاصة بتلك العائلة الميسورة الحال ' بإمتصاصها دم ابناء شعبها ' ، و هاهو منتصب القامة المديدة امام الباب الخشبي ، بعد أن ضغط على الجرس الصغير ، ليستمتع هو بـ زقزقة العصفور المنادي لأهل البيت ، من الجيد أن عائلة رفيقة اخته تقطن هنا ، و إلا لما تمكن من الولوج إلى العمارة بكاملها ، فـ هم من سمحوا له بتشريف المكان !

لحظات مرت بـ بطئ أضجره ، ليفتح بعدها الباب فتظهر بوجهه الجلنار ، و لكن في سن متقدم ، أ ضاعف البعد عمرها بـ عشرين عام ؟ ملامح السيدة لم تخف فزعها الباد كـ قرص شمس في وضح النهار ، لسبب ما تلون وجهه بسخرية عارية ، ليحيي من امامه بهزة رأس ' محترمة ' و صوته خرج خشنا كما العادة ، و لكن بشئ من اللطف : السلام عليكم .. أم زينة ؟!

راقبها وهي تلتفت نحو الخلف مرتعبة ، و كأنها لمحت الموت قادما بعصاه صوبها ، ارتفع فمه ببسمة هازئة و هو يستقبل لا ترحيبها المرتجف : علي ؟ إنتة علي ؟ خاالة شعندك هنااا ؟

: هذا سؤال ' عمة ' ؟ جاي اشوف مرتي و بيت نسابتي

: دخيل الله ابني روح من هنا ، أبو زينة موجود و اذا شافك يسوي مصيبة

: مصيبتيش عمة ؟ ترة مـ جاي اتعارك ، جاي اخذ مرتي و اتوقع هالشي حقي ، و بعدين انتي حتى السلام مرديتيه ، شنو ' عمي ' مـ يقبل ؟

' عمة و عمي ' كان جليا على احرفه الكم الباذخ من السخرية التي اجبرت السيدة على ارتشافها بمرارتها ، لكنها لم تشأ أن تندلع فتيل حرب جديدة هنا ، في بلد أخر و بين إناس أخرين ، و الله ليسببون فضيحة تتقاذفها الألسن بما تشتهي و تظن !

:: علي عيني قول يا الله و صل عالنبي ، هسة روح و تعال باجر الصبح يكون ابوهم طالع و شوف مرتك ، بس هسة استهدي بالرحمن

: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله و صحبه ، و ترة مستهدي بالرحمن و قبل لا اجي قلت مية يا الله ، و هسة ارجع و اقلج اني مجاي بنية العركة ، ' و بجدية جازمة اردف ' ام زينة الوضع هذا مـ ينسكت عليه ، بتكم بعد جم شهر يصيرلها سنة يمكم ، و هذا مو حال

: بس انتة تدري انو هية طالبة الطلاق

: أبوهاا طالب الطلاق ، و هالشي ما اسويه ما دام ما اريده ، و خلي شيسوي قاسم ' بيك ' يسوي ، فهسة مدام هوة موجود خليني افوت و افهمه هالحجايتين ، و أشوف مرتي ، و يمكن أخذها وياية شمدريج ، إحتمال تهدى النفوس و تنحل المشاكل بيني و بين ابوها

' سووووسن منووو بالبااااب ؟ '

الهلع الذي اصابها و هي تسمع نداء زوجها بخشونته المرعبة حرك به خيط من شفقة ، عليه أن يكون أكثر تحضرا كي يكسب هذه الـ ' جلنار الكبيرة ' في صفه ، فـ تنحنح قليلا وهو ينصت لـ كذبة لفقتها بـ سرعة : ذولا بيت ام ادهم ، هسة جاية ابو زينة

أدرك الآن فقط ممن امتلكت تلك المجنونة حس اكاذيبها ، ما ظلمت إن شابهت هذه السيدة ، و ما أصابه مكروها إن كان سيشيب قرب واحدة تشبه من امامه ، لربما سيكون الأمر أكثر لذة من تصوره ، سيجازف بالتجربة !
بخطوات محسوبة و انيقة تقدم ليحشر نفسه بين ' حماته ' و الباب معتذرا بلباقة لا تليق بفظاظته ، للحظة الاولى من ولوجه الشقة شعر بالتيه ، لكنه سرعان ما تتبع صوت المذيع الأخباري ، ليجد نفسه واقفا أمام قيصر الاعداء !! شعر بالرجل الستيني يتصلب محله ، ليبادر هو بإلقاء تحية كسولة ، عابثة بالهزل : السلاام عليكم ' عمو ' شلونك ؟!

: شجابك هنا ؟

: أوف أوف ، حتى السلام تستكثروه ؟ مع الاسف !

: قتلللك شعننندك هنااااااااا ؟!!!

لو كان بإمكانه الضحك لـ فعل ، اجمل ما في الأمر هو أن يصيب هدفه بقلب هذا الحقير ، اعوج فمه بإبتسامة مستفزة و هو يجيب بلا مبالاة اتقنها : جاي اشوفك .. تصدق مشتاقلك ، و اخر مرة من تشاوفنا مـ شبعت منك

تمكن الغضب من قاسم حتى شعر بـ جفاف حلقه و تحوقلت نظراته ، هذا الجرذ تعسا له ، و لا بارك الله بـ من تربت تحت جناحه ، وما إن تمكنت من الطيران إتخذت من عش هذا الحقير مفرا لها ، أرآقت ماء وجهه ، ماذا يقول و الخطأ يتلبس ابنته الخائنة ؟ أ يلوم هذا و الملام هو نفسه ، فيبدو إنه لم يفلح بـ تربية بناته ، لم يفلح أبدا !
غير وجهة نظراته ناحية زوجته المنكمشة جانبا بفزع يخط بـ اقلامه فوق ملامحها ، ليشير لها أن تأتيه بـ كأس ماء ، فـ صوته خبى و كأنه لم يكن ، لحظ توترها قبيل المغادرة و قلقها من تركه مع ' قاتل إبن أخيه ' كان جليا ، إلا إنه لم يهتم للامر ، فـ يقينا أن هذا الشاب لا يملك من الشجاعة الكافية لقتله بـ سلاح ! لكنه ربما سيفعل بنقاش ، أو مجرد نظرة .. له قابيلة عظمى على الإستفزاز ، و بالحديث عن ذلك راقبه يتخذ من احد الارائك مقعدا له ، ليجلس فوقها بـ عنجهية أزعجته واضعا ساق فوق الاخرى ، ليصرح بوقاحة نادرة : وين مرتي ؟

بهذه اللحظة جاءت زوجته بالماء ، ليبل ريقه بـ بطئ فخم ، و ما إن تمكن من استخراج صوته حتى أشار له باليمين نحو الطريق الذي أتى منه : إمشي اطلع برة ، ما عندك يمنا مرة ، و ترة لا عبالك ساكتين عالطلاق ، بس اصبر علية شهر و توصلك دعوة المحكمة

بسخرية نطق : لا بربك ؟ بصراحة فاجئتني ، ' ليسترسل بوقاحة ' إنتة شنو ما عندك غير التهديدات الفارغة ؟ يا اخي شوية استوعب انو بنتك اصلا مـ تريدك ، خليها تروح تعيش بمكان حلال وية واحد يخاف ربه

فما كان من الاخر سوى أن يجاريه بهزءه : يخاااف ربه ؟؟ قوووية هاي ! و الي يخاف ربه يطعن بعرض العالم ، و يخطف بتهم لاا و يتزوجهاا على كيف الخلفوه !! هذا خوف من الله ؟ شوف بابا ، إنتة مو أحسن مني بشي ، و يجيك يوم و توصل و تلقى إنو أكو قنادر ' أحذية ' ميفيد وياهه الا الدم ، و طبعا اكبر مثال هوة عمك عبد الملك الله لا يرحمه

إبتسم ، فعل ليغيظه لا أكثر بينما داخله يستعر كـ فوهة بركان : هاا ، فوقاهه تبرر لنفسك ؟ يعني هيجي عين قوية اني مـ شايف ، تدري ، تمنيت لو مسجلك هالحجي ، و أروح اقدمه للدولة و رياجيلها ' الشرفاء ' دنشوف الواسطة هم رح تطلعك

سحب نفسا متقطعا ، ليشعر بتشنج عضلة قلبه يزداد ، فـ تضيق معه قصباته الهوائية ، خفت صوته كثيرا ليحرك يمينه بثقل مشيرا لزوجته : طلعيه منا

فإعتدل ' المطرود ' بـ جسده ، مراقبا كافة التغيرات الطارئة على عدوه بشئ من تلذذ ، و ما إن رفع يده لتمسيد قلبه ببطئ لم يجد بدا من القلق ، استقام محله و بدل ان يخرج حادث حماته ، بـ اهتمام محايد : عنده ذبحة مو ؟

لتقترب السيدة من زوجها بعجل ، لتحاول ان تقوم عنه بمهمة تدليك عضلة القلب ، متوسلته بجزع : فدووة لعينك رووح ، الله يخلييك رووح ، ما عدناا غيره و اذا صار بيه شي نتهجول ' نتشرد '

لم يفعل بل تقدم قربهما ، و بحدة ' طبيب ' صاح بها متابعا إزرقاق وجه ' رجلهم ' : الدووة مالته وييين ؟

ترددت في المغادرة ، فما كان منها سوى أن تصرخ منادية ' إبنتها ' غير موافقة على ترك هذا الثائر برفقة زوجها و كل من هنا يعلم بأنه أكثر من سيرقص طربا لو لقي حتفه ! راقبته و هو يستلم منها مهمة تمسيد صدر بعلها بعد أن فتح الأزرار العلوية لقميصه الشتوي الثقيل ، من دون أن يلتفت نحوها تحدث بصوت مشدود : شووكت أخر مرة صارت بيه النوبة ؟

: ما ادري ما ادرري ، صار فترة ، هواية !

: زين لازم تاخذوه للمستشفى لو ' الانجسيد ' يقومه ؟

: لا بس الدوة كافي
لتلتفت معه بتلقائية نحو الباب حيث وصلتهم الشهقة القوية و صوت ارتطام العلبة الدوائية في البقعة الخالية من السجاد ، لم يبالي كثيرا بـ الهلع المرتسم ببراعة على وجهها ، بل كالها من الامر مثقالا اضافيا وهو يصيح : بسرررعة جيبي الدوة

و لما رآها متصلبة كـ شجرة مهجورة محتضنة لصدرها شيئا ما متدثر بلحاف كبير تغضن جبينه و وجد نبضه يتخلخل بلا وعي ، ماذا تحمل ؟ تنفس ببطئ ليستلم من والدتها قرص الدواء بعد أن فقدت الامل بإبنتها ، ليقوم سريعا هو بـ إسعاف الحقير ، و عروق جبينه بارزة بأكملها ، كان قد انزله بمساعدة طفيفة من حماته ليفترش الارض ، و بعد دقائق كان قد إستعاد صحته المتزلزلة ، و لكنه اكتفى بالبحلقة الصامتة في وجه صهره المشرف عليه من علو ، للحظة خلت ظن بأنه قد مات ، و إن وجود هذا الشاب هو أول إمارات العقاب الالهي ، فـ قد ظلمه و ما زال مستمرا بالظلم ! دقائق طوال قضاها هكذا ، حتى إستعاد قدرته على التركيز و اشتغلت حواسه بـ بطئ محسوس ، تقصد أن يمد يده بإتجاه هذا الجرذ ، و لم يفاجئ بـ مساعدة حصل عليها ليجلسه حتى إتكأ بظهره على الاريكة ، ظل مراقبا اياه بصمت ، و الاخر إكتفى بـ الامر ، استلم من زوجته كأس الماء ليبل شفتيه قليلا ، و فجأة ، إرتفع رنين مزعج اعتادوه بالفترة الاخيرة ، إلتفت الجميع نحو المصدر ، لتتوسع محاجره بعد أن شاهد منظرها و الطفلة ! بسرعة التفت حيث العنصر المكمل لشبه المركب حتى يتم التفاعل و تكتمل الصورة ، ليجد نظره مصوب نحو الخائنة إبنته ، تنفس الصعداء فعلى ما يبدو إنه لم يعلم بعد بأمر طفلته ، ماذا لو فعل ؟ هل هذه المرة سيقوم هو بقتله ؟
ربما لن يفعل بل سيكتفي بإبعاد الصغيرة عن والدتها ، و بهذا يمزق قلب صغيرته و هذا الذي لن يسمح بحدوثه و ان كان في الامر موته ، كان نصفه السفلي ممدا على السجادة و اليدين مرميتان بتعب في القرب ، ليرفع يساره لإنشات قليلة مكلما زوجته بلسان ثقيل : سوسن شيلي بتج و روحي من هنا !

زاغ بصر الشابة لتحتضن صغيرتها اكثر و حلقها جف برعب ، يا إلهي ، أبعد عقله عن التفكير ، لو فكر لوهلة لعلم بـ إكذوبتها ، حمدا لله إن والدها لا يرتضي ان ينطق إسم الصغيرة فلو فعل الآن لـ كشف المستور و لربما زارت هي القبور !
من المفترض ان لا تحتاج ' سوسن ' الكثير من التفكير لتعلم من هي إبنتها ' المقصودة ' لكنها لم تستجب ، فتحركت قاصدة الجلنار لتقول : ماما امشي

و لعجبها فـ أن الساق الخشبية الصلدة للشجرة قد تحركت رافعة ' ثمرتها ' لتقدمها لها ، من دون ان تكلف نفسها عناء هدهدتها لـ تسكن ! ، استلمتها منها بـ رعب ، لتهمس و ما زال الخوف ينفخ رأسها من وجود ذلك الشاب : خليه يروح بسرعة قبل لا يموت ابوج

ارتعشت شفتاها رغبة بالنحيب ، آه لو كان الأمر يسيرا ، لركضت بإبنتها نحوه و لأستمتعت بـ غضبه و ثورته في وجهها ، سيهدأ يوما حتما سيفعل ، لكن أن تستمر هي بخداعه رغم صدقا ' لا تستحقه ' يمارسه بحقها لهو أمر موجع ، ممزق للشرايين و مهشما للعظام !
نقلت بصرها حيث والدها ، لتسير نحوه بخطى متأنية مستغلة حاله المريض لـ تفرز الادمع من مقلتاها ، جثت قربه بـ تردد ، و كان ذلك في محله ، إذ انها ما ان حاولت لمس كتفه حتى لطمها بقوة استجمعها بعد ارهاق ،

احتضنت كفها المحمرة لـ صدرها برهبة و حركته افلتت عقال بكاها ، لتغرق بشرتها بالدموع الحارة و كأن بكلتا حدقتيها مرجلا يفور بـ ماه ، ليتقلب و من ثم يندلق على الوجنتين لاسعا إياهما

: وخري من قدام عيني

نطقها والدها و هو يشيح ببصره للجانب البعيد ، و الله تشعر و كإنما سمعت صوت إرتطام قلبها على الأرض ليتهشم لقطع متناثرة لا تبصرها الاعين المجردة ، غطيت القاع بـ بلورات زجاجية مخضبة بالدماء ، لتدوسها بقدمين حافيتين فتنزف أكثر حتى زحف الشحوب لوجهها ! إبتلعت لعابها و الالم يعصرها ، أملها يحتضر بالحصول على مسامحة أبيها ، يلفظ أنفاسه الاخيرة ، و جاء موقفه الأخير كـ نصل في خاصرته ليزيد الطين بلة ، و يختزل من دقائق الانتظار العقيم !
رفعت رأسها فجأة و بلون باهت ما إن لمحت الكف الكبيرة التي تمتد إليها ، يا الله ، إنه هنا حقا و ليس أضغاث احلام مدانة بالعشق ، و لكن مالذي أتى به ؟ أ لم ينهوا كل شئ بتلك المكالمة المشؤومة ؟ أ نسي حديثهم الأخير و ختام شجارهم ؟! ألم يخبرها بأنه إتخذ من تلك الـ ' سارة ' زوجة له ؟! كانت معه ، بقربه .. وهي هنا تشوى على جرف جهنم الأفكار ، تجوب صحاري الشوق علها تجد له سرابا متمثلا بـ مكالمة او حتى رسالة صغيرة ، لكنه لم يهتم كعادته ، أعوذ بالله من قسوة الرجال على نساءهم ، و هو قاس ، قاس لدرجة ترعبها ، تتفتت عظامها لو جال ببالها عقابه إن علم بأمر إبنته ، يا الله مالذي سيفعله بها ؟ هل سيكتفي بتفريغ حضنها منها ؟ أم سيقتلها قبيل الرحيل ؟!

: قومي

عادت تحبو من براري رعبها من هذا الصقر المرعب ، لتجده أمامها بنظرات ثاقبة ، و جناحه ما زال ممدودا لها ، أ ستتفيئ به من وهج الشمس المشع ؟ هل تتخذه ظلا من إندثارها تحت اكوام الثلوج ؟ عقراها ، هذان الرجلان أبدعا في ذبح عنقها ، لم تستجب له ، بل أجهشت بنوبة بكاء مريرة بعد تثمير شجيرات اليأس في نفسها ، إنها تخسر من الكل شئ ' كل شئ ' ! تخاف أن تفقد صغيرتها لتبقى في الدنيا خالية الوفاض و بصدر خاو من قلبه !
غطت وجهها بكفيها منتحبة بوجع شاعرة بمقدار الالم الناخر لروحها ، و الله يا علي إن غيابك بتر من القلب نصفه ، نصفه و ربك ، فعدت بدونك بـ قلب معطوب حتى المنتصف ، أخبرني ما علي فعله و أنا أتدحرج بينكما كـ كرة منبوذة ، تريدني الآن ؟ هل ستنسى ما احدثته من جلبه في سكون حياتك ؟ هل سـ تحتضني راميا عقد الماضي خلف ظهرك ؟ لا أظنك يا رجلي ، فـ أنت أقسى من أن تفعل
جفلت عند ارتطام علبة المناديل بـ ساقها ، لترفع رأسها سريعا نحوه ، فتجده يحدثها بـ توتر صعقها : تعالي بأي مكان دا اريد أحجي وياج

عيناها المخضبتان دما توسعتا بـ صدمة ، لتزدادا بجحوظهما وهو يجلس القرفصاء امامها قرب والدها الصامت ، جلى حنجرته لـ يقول مشيرا ببصره نحو المناديل : مسحي دموعج ، و قومي وياية أريد نتناقش



؛




لأن الطريق اليك احتضار فأنت هو الموت والانتصار
ولابد لي من خطاب اخير ولو ان ما ساقول الدمار
فيا ايها المستبد الموشي بأوسمة العدل اين الفرار
تجرّد من الزيف حتى اراك فقد طال بي يا حبيبي انتظار
رسمتك من هم قلب محب صباحا له في القلوب انتشار
وما كنت اعرف انك ليل طويل وما لدجاه انحسار
ولما سمعت الحقيقه تبكي اصاب جدار يقيني انهيار
قرعت بقبضة قلبي الوفي على باب صدرك والهم نار
فلم تفتح الباب الا لشكٍ وكيف تعمر بالشك دار؟
فقلتُ:الرحيل وهيأت نفسي لان السكوت على الضيم عار
وحين مددت يدي بارتجاف ودار بصمت الوداع الحوار
عرفت بأني سأجني عليك فليس لليلك بعدي نهار
وما في فؤادي مكان لثأر الى اين؟ضج السؤال وناحت
طيور وفائي وضاع القرار الى اين؟تسألني يا حبيبي
ام ان السؤال الذليل اعتذار نعم سوق ابقى فعد مستبدا
فما عاد لي في هواك اختيار سأصنع من ضحكاتي قناعا
وازعم ان النفوس كبار واعلم ان رحيلي خلاص
وان بقائي لديك انكسار ولكنني اخترت دربي اليك
ودربي اليك حبيبي انحدار ومابي اشتياق لأرجع حُرا
لأن التحرر منك انتحار




مانع سعيد العتيبة



منذ أن لمحها بتلك الهيئة ' المدمرة ' تقف حاملة صغيرا بـ أحضانها و بداخله تزلزل الثبات .. لا يدري أ تحق له الصدمة برؤية زوجته ترتدي منامة صوفية بلون الرماد ، بيجامتها يتداخل معها الكحلي بـ رسوم مبعثرة ، و بلوزتها تفتخر بـ رسمة ' أرنب ضاحك الثغر ' ، شعرها مرفوع بـ كعكة تتسربل منها الكثير من الخصل بعشوائية شهية ، ملامحها الـ ' مترفة ' بالحسن تضج بالدماء بطريقة أغاظته ، فيبدو أن آلية قلبها ما زالت مستمرة بالعمل الصحيح ، و هاهو يقذف الدماء لـ كافة الاجزاء بـ دقة متناهية ، منذ مدة ولت ادرك بأنه صار لينا عند بكاها ، فكيف الحال بعد ان ابصر إنكسارها اللا مرئي و انصت لـ صوته الصامت !!
كم تمنى لو بإمكانه أن يقيد معصميها بـ سلاسل من ' شرايين ' ليزج بها بين الضلوع بتهمة السرقة ، إبنة الظلمة و اللصوص قد سرقت منه راحة باله و لا مبالاته ، و عليها أن تعاقب على ما اقترفته يداها جورا و بهتانا ، يحق له أن يقاضيها فـ يحبسها أبدا ، حتى تشيب و يشيب ، !

' قومي '
حثها بـ إمساكه لـ زندها محاولا أن يحصل على تجاوب جسماني منها ، لتفاجئه بـ إعتراضها المرتعب ، و هي تلتفت نحو الباب الذي اختفت خلفه والدتها و الصغيرة ! على ذكر الصغيرة إمتقعت ملامحه ليقف مكفهرا ، أ تراه توهم سماع قاسم يدعوها بإبنته ؟ أ يعقل هذا الامر ؟ رجل بعمره و بـ ' إنفتاح عقليته ' يجازف بـ إنجاب طفلة ؟ أم الامر يقتصر على ترتيب قدري لا يد بشرية بإمكانها الوقوف دونه ؟! حالما إستقام ، هي الاخرى فعلت مستندة على الاريكة القريبة بيد و الاخرى تحمل حفنة من المناديل تجفف بها السيول الدمعية ، راقبها بـ جدية مفكرة وهي تختلس النظر لوالدها خوفا من اعتراضه ، لينقر برأسه مطرق ما اصابه بـ هزة دماغية هيضت فيه فكرة ذات تأثير عميق ، ما دامت رؤيته من قبل قاسم دكت حصون مقاومته و اودته مذبوحا ، إذن فالثأر قد تم ، و صار هو مصدر شؤم و رعب لهذه العائلة ، و هذا الأمر يكفيه إنتقاما لأختيه ، بينما سارة فـ قتله لذلك الأعوج هو أقصى ما إستطاع فعله ، و ليته يكفي .. غام بصره بـ صورة كثيفة حارقة ، هو و هذا الرجل و الجلنار ، و السفح الغارق بالدماء ، يا إلهي كم كان ذلك النهار معذبا ، يجزم بأن رائحة السرداب الخانقة بالبارود و الدم ستظل عالقة ' كـ صورة اثيرة للملك الاول ' فوق جدار الذاكرة ، صورة لن تنتزعها ايادي الصغار !
بفكرة سريعة انعصر فؤاده متخيلا أن يكون محل قاسم ، مالذي سيحدث له و هو يرى إبنته تبدي عليه رجل ما .. ؟ قاسم من اشداء الرجال ، و غيره كان سيلقى حتفه بذات اللحظة التي يستقبل بها رصاصة الذرية !! بذهن منشغل تحدث و لأول مرة بإسلوب ' محترم ' : أبو زينة ، بتك مـ تقبل تجي تحجي وياية ، مـ رح اخذها لمكان ، اتوقع مرتي و من حقي اسوي اكثر من الحجي ، بس اني هسة مرايدها غير بحجايتين .. وهية مدتقبل خايفة منك فـ قوللها تجي

لم يرف جفن لقاسم و لا كإنه سمع ، و كاد هو أن يخر ضاحكا ساخرا من طلبه ، فهو قد أخذها و هرب بها فـ تزوجها و الآن يطلبه الأذن لمحادثتها ؟ وهي قد رمت اعرافهم و سمعتهم و شرفهم نصب سهام الالسن و الآن تخاف مجرد الحديث معه ؟ أي وقاحة تملكها يا أنا ؟! .. تدارك جملته بـ : اني جاي و بنيتي الصلح ، بس إنتو استقبلتوني بـ عركات و طردات ، و بصراحة ما رح اطلع اذا مـ قلت الي عندي ، ممستعد اكمل عمري بهالـ ' نص عيشة '

إذن أنتي بـ نصف قلب ، و رجلك بنصف حياة ، لم لا تمتزجان فـ تكتملان يا أنتما ؟ يا أنصاف بعضكما البعض !
تقابلت الاعين و انعقدت الألسن ، فما يستنطقه القلب يرفضه الواقع ، و ما تتوسله الروح يخنقه المنطق .. لغة العيون ، كم أعشقها ، و كلي إعتقادا بمصداقيتها ، عقلي دوما ما ينصت لـ نظرات من حولي ، لا لحكاويهم ، فهي الأصدق والاجدر بأن تسمع
بعد هينة من الوقت اشاحت ببصرها مكرهة فـ تنحنح هو مكملا حواره مع حماه ، بـ تأن : فهسة ، خلي نعوف على صفحة ' على جانب ' كلشي صار لدقايق ، و خليني أحجي ويـاهه شوية

: أخذها وين مـ تريد أخذها وخلصني من عارها

بعض القلوب تكون الموطن الأصلي لمستعمرات الحقد ، و قلب والدها أحدهم ، إرتعش فمها بالتوسل الباكي ، لتنتزع أي رغبة بالتماسك من صدرها ، فـ تقع مجددا قربه لتتشبث بذراعه هذه المرة و عويلها يصم آذان الجدران من حولهم : بابااا كااااافييييي تعبببببت

لم يهتز و لم يتحرك ، ظل جامدا كما هو ، رأسه شامخ رغم إنحناء كتفيه ، و نظراته تتسمر على نقطة غير مرئية تربطه بالواقع ، بـ هستيريا احتضنت وجهه لتدير رأسه نحوها ، فقط لو يرى حالها سيعطف ، لكنه بخل ، إذ رفع يمينه دافعا بـ كفيها بإشمئزاز غاض ببصره بعيدا ، خرجت نبرته بهزل كاره : قومي روحي وياه ، قومي ، يللا مو هذا الي طيحتي حظ نفسج و حظي علموده ؟ هيااته طلع رجال و جاي يريدج ، روحي وياه يللا يمكن ينغسل عارج بروحتج

بذات اللا وعي صرخت رامية بنفسها فوق صدره و لا تدري من اين لها كل هذه الجرأة لتفعلها ، أتراها تشجعت بوجود الـ علي ؟ أ أدركت بأن لا احد سيؤذيها إن كان يحيطها بـ هالته الفخمة ؟ لا احد حتى قاسم ؟! صرحت بـ لا قلب ، و لا عقل ، و بترانيم شجية يعصرها الإنتماء الدموي ' باابااا ما اريييد ، مااا ارووح والله ما ارووح ، ابقى يمممك بس إرضى عليية ، باابااا النااس كلهم يرووحولك فدووة ، اني ارووحلك فدوة بس سامحني والله ما اريد احد غيرررك '

لم تدرك جرمها بحق من توليه ظهرها ، و لا بحق ' النصف قلب ' المزروع بها ، ليأتيها رد والدها الهامس الجازم كـ قشة قسمت ظهر ' وعيها ' : تريدين تبقين علمود بتج ، و لا أبوج فمن زمان نزلتي راسه للتراب

ذو القامة المديدة بمنكبيه العريضين ، كان واقفا كعادته بـ زاوية حادة بين ساقيه رغم إعوجاج الطرف الايمن قليلا ، نظراته منصبة على المسرحية الهزلية القائمة أمامه ، لدقائق خلت وجده يعترف بحقها فيما تفعله ، لكن ان تصل سماجة قلبها لـ يدوس كل ثمين ارخصه لـ أجلها كالكبرياء ، فـ قد أخطئت ! و بجسيم الاخطاء ، راقب والدتها المفزوعة تخرج من حيث دخلت قبل قليل وهذه المرة بمفردها ، يشيعها صراخ طفل باك ، تقدمت بـ عجل نحو زوجها و ابنتها لتحاول تخليصه من هيجان صغيرتهم ، و إنقاذها من تمزيق ذاتها
أولاها ظهره مدبرا ، و بنيته العودة حيث اخته و خنق عنقها ، و من ثم عنقه ، لكن صرختها الهستيرية إستوقفته ليستدير بكامل جسده نحو الاب و الام و ابنتهما ، فيراها بنوبة هيجان مرعبة ، بكومة شعر هوجاء تحيط الوجه المنتفخ ، لتحاول تقطيع خصلاتها عن بكرة أبيها ، أفزعته بـ تعاستها ليدرك عجلا بأن تدخله السريع واجب يستلزمه به عمله ، و قلبه !
فعاد الخطوتين الفاصلة لينحني نحوها فيجرها بقسوة من الأرض حتى تقف ، فتفاجئه هي بـ ثورة اعلنتها ضده هذه المرة ، طارت فلولها ، فأضحت بلا رادع يستوقفها ، بـ لكمات و لطمات توجهها عشوائيا نحو انحاء جسده و كأن روحها تنازع في لحظات رمقها الاخير : عووووووفنييييييي ، كلللللله مننننننك عوووووفنييييي

قيد ذراعيها بجانب جسدها و احاطها بذراعيه ليرفعها من على الأرض سريعا صائحا بـ حنق متوعد و شعرها الثائر قرر لسع وجهه بسياط ' إشتاق لهيبها ليحرقه ' : صوووووتج ، كااافييي إصصصصص

رفسته بقدميها بهلع محاولة بإستماتة التخلص من براثن إنتماءها له : نزلنيييي نززززلنيييييي وخررررر الله يااااخذك الله ياااخـ آآآآه عوووفني عليييييييي

: إصصصصص قلللت كاااافييييي

تحرك حاملا اياها متفاديا قدر إستطاعته ضرباتها ، ليلج بها بأقرب حجرة ألا وهي تلك التي دلفتها والدتها منذ قليل ، ظلت هي تصيح به و تحاول ان تلوذ بالفرار و لكن جاءت محاولاتها سدى ، فـ إستطاع أن يحتجزها بين ذراعيه الملتفة حول جسدها و زنديها ، لتصير ضرباتها مقتصرة على ركلات رأسية لصدره و ذقنه ، نجح في الخلاص من بعضها و فشل في الأخرى ، زئيره الرجولي لم ينفعه بشئ ، إذ إنها كما ادرك توشك على الاصابة بإنهيار عصبي حاد ، أو ربما أصيبت و إنتهى الأمر .. غرسها به حتى أغلق الباب خلفهما حاشرا اياها بينه و الباب ليحرر ذراعاها و تعود لـ خرمشة وجهه و لطمه بعويل ثكلى : علييييي إشجااااابك قلييي إشـجااابك ؟ ابووووية يكرررهنييييي
من وراااك يكررررهنيييي ، انيييي اكررررهك اكرررهك اكررررهك ، عوووفنيييي يللااا عووووفنييي

لتعتقه من ضرباتها محوله عنفها للذات ، حاولت مجددا انتزاع شعيراتها من جذورها هاتفة بهيجان صرف : اطللللع من بيتناااا رووح هنااااك روووح لمرررتـ ـ ـ

يمينه شدت كفيها بقبضة حديدية رادعا اياها عن الاسترسال في الجنون ، و التبذير بكومة خيوط الليل الحالك ، ليكتم صوتها بـ يساره متمتا بـ حدة ' كافي تخبلتي فدمرة شبيييج '
انتشر السكون في المكان ما خلا وجيب قلبيهما حتى لاحظ ازرقاق بشرتها طلبا للهواء ، فـ أبعد كفه قليلا ماسكا بذقنها مهدهدا هيجانه لتتنفس هي بشراهة طفل جائع ، إنتهى بها الامر منحنية نحوه لتسعل بـ إفرازات دمعية و انفوية كـ طفل يتيم ، نعم يتيمة هي بدون قاسم ، تشعر بذلك و الله ، لفظها من رحم ايامه ، والدها قذفها بعيدا بإزدراء !

و كما خبى صياحها عاد و إندلع : آآآآآآه أبووووويااااااا ابووويااا ابوووويااااا حيموووووت من ورااييييياااا

تزامن صراخها مع ضربات تسددها بجمجمتها الى الباب من خلفها ، ليحتضنها هو بقوة مقربا إياها منه شاعرا بـ صدره يفرغ فجأة من محتوياته ، إنه يتصلب رعبا من أن تجن ،
عصرها بقسوة شرقي على وشك أن يفقد ' إكسير ' حياته غير آبه بـ دكه لعظامها بين ذراعيه ، ليهوي معها ارضا فخرج صوته متوسلا إياها الرفق به ، شاعرا بـ رزمة من الليل تتسلل بخفة لتحتجز نفسها بين شفتيه ، و لأول مرة يقسم بـ أنه اضحى مستعدا لـ فقدان نبضه و قلبه ، و كله فقط كي لا يمس هذا الكائن الضعيف الكسير مكروه ، فـ لتتوسد صدره عمرها بأكمله ، فـ لتكتفي به مخدعا ، فما حاجتها لقاسم وهو هنا يفصح عن إستعداده لـ دك عنق أعتى الأحزان لئلا تمس قلبها : كااافيييي ' حبيييبتي ' كااافييي سكتتييي إصصصص ؛ ماكووو شي مرررح يصيير شي ، إصصصصصص لخاااطريييي كااافييي ، إهدي

و بين ' أنينها ' ، و همساته الرجولية لبطش وجعها ، علا نحيب أخر ناعم و حاد بذات الوقت ، شق قلبه بمشرط يملك من الأسنان سبعين واحد !
و كإن الجود ما إن شعرت بـ عطر ' أبيها ' يفوح قررت الإنغمار بـ صدره ، أوليست هي احق به من أمها ' المخادعة ؟ ' ، تعال يا أبتي فـ إبنتك هنا ، نسبت لـ غيرك زورا ، يا أبا الجود متى ستدرك بـ أن لك قطعة من الجنان تنمو بين شياطين الجحيم ؟!
أما إكتفيت من حضن أمي يا ' بابا ' ؟ .. إبنتك تغير ، فـ إدنو منها و ارضها بقبلة على الجبين !

.
.
.









حاملا بين السبابة و الإبهام إسطوانة رفيعة ، معدنية المظهر ، ثمينة كـ النفس بل و اثمن ، جسده الضخم يقابل النافذة الطويلة المطلة على الشارع المزدحم بالسيارات المختلفة الانواع و الاحجام و الالوان .. كل الكون من حوله يخلو إلا من تلك الطفلة السائرة بـ قد يلفه الأبيض ، كـ عروسة ' حب ' تبدو في وضح هذا النهار ، النهار الاخير ' المودع ' ، أهداها كله ، فـ أهدته بعضا منها و رحلت !

يراقب تحركها البطئ نحو سيارة النقل الجماعي ، بـ صدر ينتفخ بـ صدى وجيبه الهائج ، و من هناك بين الجموع المنتشرة ، إرتفع رأسها لـ تتقابل نظراتهما من على بعد يتناسب مع بعد عالميهما ، و دينيهما ، قفز قلبه بين الاضلع و إنشدت اعراق جسده كلها ، لتستصرخه رغبة في الصياح لم يكبتها ، بل زأر كـ أسد جريح ، بل ذبيح !

نافذة و هواء هما الفاصل بينهما ، و بعد خمسة طوابق عن الأرض ، لكنه يشعر بـ تسللها عبر الأوردة ، من هي إذن ؟ أ تلك التي ما إن رأته يراقبها تبسمت ؟ ام هذه المتجولة ' كـ خيالة في إسطبلها ' بين الاوردة و الشرايين ؟!


كل شئ حدث بـ لمح البصر ، لم يكد يرف جفنه ، لم تكف هي عن الإبتسام ، لم تغض طرفها ، و لم يبتر توصل روحيهما ، ولم و لم و لم ! لا ينفع النفي هنا ، فـ الإثبات واحد ، بجزم و بسبق إصرار و ترصد ، تناثرت بثوبها الأبيض ، تناثرت حتى لم يتبق منها شئ ، تناثرت فـ إندفع هو معها لينتهي طيرانه بإرتطام حاد لـ جسده حتى أبعد جدار
تناثرت ' ذات الأبيض ' بدمها كـ أمها بغداد !







.
.
.




 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 02-07-13, 06:26 PM   المشاركة رقم: 68
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 

بسم الله الرحمنْ الرحيمْ

×
صلاتكم أيها الأحبة .. ثم كونوا معي



الإدانة العشرونْ / الأخيرة


×



مَتى مِن طول ِنـَزْفِكَ تَستـَريحُ ؟
سَـلاماً أيـُّها الوَطـَنُ الجَريحُ !
تـَشابَكَت النـِّصالُ عليكَ تَهوي
وأنتَ بكلِّ مُنعـَطـَفٍ تـَصيحُ
وَضَجَّ المَـوتُ في أهليـكَ حتى
كأنْ أشـلاؤهـُم وَرَقٌ وَريـحُ !
سَـلاماً أيـُّها الوَطـَنُ الجَريحُ
وَيا ذا المُسـتـَباحُ المُستـَبيحُ
تـَعـَثـَّرَ أهلـُه ُبَعضٌ ببَعض ٍ
ذ َبيحٌ غاصَ في دَمِه ِ ذ َبيـحُ !
وأدري..كبـرياؤكَ لا تـُدانَى
يـَطيحُ الخافِقـان ِوَلا تـَطيحُ
لذا سَتَظلُّ تـَنزفُ دونَ جَدوى
ويَشرَبُ نَزفـَكَ الزَّمَنُ القبيحُ !
سَـلاماً أيُّـها الوَطـَنُ الجَريحُ !
عبد الرزاق عبد الواحد



هي امرأة هزمتني في أول لحظات اللقاء
لكن انا رجل لا يعترف بالهزائم

بشير الشمري








نشيج الروح قد يعلو ليصم الآذان ، و نحيبها قد صم قلبه لـ برهة من الزمن ، كآبة عظمى لفت من حوله لتخنقه ، ماذا فعل ؟ أي ذنب إقترفه بحق احداهن ، لم يكن يوما من فئة الظلمة ، لم سمح لنفسه ان يستأسد و يستذئب قربها ؟ لم لم يقتص انتقامه الغبي بـ طريقة اكثر ' شرفا ' ؟ هو آلمها ، فـ أوجعته ! قد لا تدرك بأنه فعلا يشعر بالندم ، الندم كلمة لم تكن لها معنى في قاموس تصرفاته الهوجاء ، لكنه الآن فقط و بعد عام من ارتداء قناع الوحوش ، يجد نفسه مطئطئا لرأس الرجولة ، باحثا بدواخله عن عذر بجح يبرر به وقح عمله ، أدخلها بدوامة الثأر ، لـ يكون هو أول من يجر بحلزونيتها المرعبة ، بين يديه تأن ، ذاك الأنين الحقير كم كان له دور في حكايتهما .. يتداعى أرضا مستندا بظهره على الباب المؤصد دونهما و ذلك الكائن السخي بإزعاجه الباكي كل ذي برهة ، لتقع هي كـ مغشية بين احضانه ، لا يصله منها سوى تمتمات غير مفهومة لأسماعه ، و واضحة كقرص شمس تموز لـ نابضه ، ذاك الذي لم يكف عن الإرتجاج بصدره ، و كأنه أسير عاد توا لأرض الوطن ، الوطن ! دوما ما تقارن حواء بالأوطان ، و يبدو إنها تستحق ، فكل إبن آدم بـ دونها ' غريب ' ، و لو كان في حضن الوطن ، لكم إشتاقها يا الله

تتوسد صدره بجذعها ، جانب خدها ينام بـ هناء تام فوق عضلة تكاد تنفجر لشدة إرتجاجها ، تهذي بحكاوي غريبة و كإنما حمى ' رؤيته ' قد أصابتها ، من الجنون ان تعود لها حالة الهستيرية الآن ، و كأنما لقياه هنا ، في أرض آل قاسم له من الأثر أعمقه في خدش خلايا المخ و تحفيزها للإنفلات لتجعلها تهيج بأشجانها ، يأتيها بكاء الصغيرة الراجي ، فتقابله بالخمول ، و الجمود .. لتصمت تلك مجبرة ، و لا يطيل الامر حتى تعود متوسلة حضور والدتها الشاردة ، لا تشعر بشي إطلاقا ، و كإن بها قد ألقت بوعيها في قارورة زجاجية لتحكم إغلاقها فترميها في بحره ، بل محيطه ! علي ، لم إخترت العودة ؟ لم أكد أتقبل فقدانك الأبدي و بقائي معلقة بـ جيدك و رباطنا هو هذه الباكية التي لم تكف عن إبداء إنزعاجها من حضورك ، لم ظهرت الآن ؟ فاقد القلب لا يعطي حبا يا حبيبي ، و أنت بـ فقدانك كل شئ لن تستطيع تقديم ' نتفة ' لي و لـ صغيرتك ، لن تفعل ، صغيرتك التي إنشقت من نسبك بفعل قاتل ، و مجرم ، بفعل والدي ، قرة عيني .. إني أتوجع لهذا القرب ، يكاد قلبي يميز من النبض بنبضات ترتعش لوجودك هنا معي و إبنتنا و أمام اعين أسدي ! لم احلم قط بهكذا لقاء ، فمنذ زمن تعلمت كيف أكتم صوت الحلم ، فأكمم فمه و أعصب عينيه و أخيرا أربط كفيه و القدمين ، و بـ برود ميت أشعله بـ ولاعة الواقع ، آراه يتلوى امامي طالبا العون ، لأشيح بوجهي ضعفا و يأسا ، لا تلمني إن عبست لـ رؤيتك ، فإني أخافك و أخافه ! هل تدرك مابي من ضياع ؟ هل يؤلمك كوني إمرأة عتبت الثلاثين و كل مابي يستصرخ الطفولة ؟ إمرأة اعتادت منذ أعوام أن تكون كيسا يلقون فوقه قبضاتهم كمصارعين هائجين ، و لـ ويل قلبي لم أتلق تلك الضربات إلا من كل حبيب و غالي ! فهل لك أن تستجيب لوجعي و ترحل من جديد ، إرحل فما عاد بـ جسدي مكانا لـ كدمة ، إزرورقت حتى اظافري ، فهل لك برحمة لترحمني بها ، سيدي ، نبض قلبي ، إني أشتاقك ، و أتنفسك بالحضور و الغياب ، غادرني قبل أن يزل قلبي و يعترف لك بجريمته الشنعاء ، بجوره بحقك ، أتوسلك الغياب ، لكن قبله إشبعني بك ، فأنا أتضورك شوقا ، صومي إياك يكاد يقتلني ، جفت أوردتي من مصلك ، فهل لك أن تسخى علي بجرعة تكفيني لعام أخر ؟! ضمني إليك أكثر ، علي

رأسه المطرق نحوها أضرم بها ثورة من خجل و إثارة ، فأنفاسه الحارة لم تفتئ أن تصفعها كل ثانيتين ، مسبلة الأهداب لكن الفؤاد يبصر ما ألم بمالكه من جنون ، فعيناه لم تتركا إنشا بين طيات الملامح إلا و مسحته بالكامل ، و كأنه يملك أشعة سينية فتاكة كاشفة عما ينوء بعيدا عن الأعين ، إشتعل القلب رغبة بعد إذ أحست بأنامله الخشنة تحط فوق خدها الناجي من الغرق بمحيط صدره ، حركاته الناعمة تكاد تغشيها فهي لم تعش معه يوما بـ عقل ! و لم يلمسها بهذا الشغف الرقيق ، و كإنه يحتضن بين يديه كائن هلامي يخاف أن يتزحلق منه أرضا ، ظل يتلمس ملامحها بإفتراس رغم فزعها منه إلا إنه أنعشها ، و جفف ما تبقى من الادمع من على الوجنتين ، لينير قبس من ذكرى قريبة في دماغها ، ذلك اللقاء ، في دورة مياه المحكمة ، لقد كان شغوفا يومها و بشدة ، أرادها و لم يتوان عن إخبارها بذلك ، نحت ملامحها بـ أصابعه كما الآن ، لكن رشفة الحنو هذه هي ما تستغربها ! ما باله هذا الحبيب ؟ هل يدركه الهم فـ يودها كـ " عادته " مرتعا لانفجاراته بكافة أشكالها ؟


إنتفضت بلا شعور حينما ثبتت سبابته على ذقنها ، لتتمايل برقة مدغدغة فوق سطحه المشتعل و المنتفخ إثر البكاء ،! فرجت شفتيها دون ان تدرك و نبضها يتعالى حتى ظنت بأنه سمع ضجيجه فـ أبعدها لإزعاجها إياه !!
و لكن ظنها خاب و هو يرتشف من نبعها الصاف بـ هدوء خدر أطرافها ، ليتجمد الكون كاملا في هذه اللحظات ، لا تنصت إلا لضجة أنفاسهما ، و همهمات تنطلق منهما بحالة من اللاوعي ، إختض جسدها بين يديه ، بيمينه حل عقدة شعرها الذي طالته يداها بجنون صرف فتشعث ترتيبه ، أما اليسار فكانت كعقد من جحيم يلف عنقها النابض ، رافعا بطرف سبابته ذقنها نحوه


فالشوق فاض بمكاييله عنده ، أدرك للتو معنى النفي ، هو قد نفي من جنتها ، حرم من إرتشاق عذب الزلال هذا ، أي رحيق هذا الذي يملأها و لا ينضب ، إنه يكاد يلتهمها ، تأوهاتها بدل أن تبعده كانت تثير رغبته المرعبة بها أكثر غارسا انامله بين خصلات الليل و جارا لبويصلاتها بجنون مشتاق ، لتلهث في غفله من تطلبه المصر : كافي

لا يدري كم مر من الوقت وهو يعاقبها و نفسه على الحرمان حتى ترهق و تطالبه الإبتعاد ، هذه المرة غرس أنفه في ليلها الحالك ، منتشيا بعبير الزهور و الاعشاب الذي شق صدره و إستكان به ، يا الله ، كم لها من التأثير العنيف على صدره ، يكاد يقسم بأن قلبه لم يختض بين اظلعه يوما كما يفعل عند كل لقاء بينهما

' علي ، شبيك ، كافي ' همست به بلهاث متواصل تحاول ثنيه عن لحظات فقدان السيطرة هذه ، ليسكتها مجددا بما اشعل عودها الفتان لعينيه النهمة ! كانت تتلوى بين ذراعيه و وجيب القلب يسابق سرعة الأنفاس من منهما يثبت عشقه أكثر ، كان قد ألصقها بصدره و كأن هنالك غراء يمنعها من فك الإلتحام ، ليفقد تماسكه لوهلة فيقرر أن يتخم نفسه بما حرم منه بإصرار و ترصد من ذاته المترفعة ، و كأنه بهذا المكان " الملوث " لا يعلم عمن تشتعل تحت يديه سوى عشق يتآكلها ، و يحرقه ! تمادى بـ إرهاقها ، فأبعدها لبرهة ، هامسا امام وجهها بـ صوت أجش خدرت له كافة أعضاءها الحيوية ، إلا عيناها ، فما كان منهما سوى التحديق بـ حدقتيه المتمثلة بجمرتين متقدتين نارا : جلنار ، إنتتي .... جلنار !

إنفرجت شفتاها لوهلة ، لتدرك عظيم خطأها و نظراته تتسرب من مقلتيها للثغر المستعر ، و برقة نادرة مال بجذعه و بها نحو الأرض ، متمتما بـ سباب أفزعها ، صدرها يعلو و يهبط بسرعة اجفلتها ، إدراكها بمراقبته لكل تخلجاتها اصابتها بالدوار ، لتقرر الهرب بـ إرخاء جفنيها ، فما تحس به قمة في الفوضى و كأن إعصارا قد جاءها به فـ حطم ما بنته منذ أشهر ، إقتلع تماسكها من جذوره ليعيد لها فداحة خسارتها بين ساعديه ، خسارتها التي ما زالت تعاني من توابعها حتى هذه اللحظة ، تأوهت بـ وجع شاعرة بيديه تجر شعرها من جذوره بـ رجفة ، رعبها السادي قد بلغ أوجهه و هي تحس بـ علوه فوق جسدها المستلقي على السجادة الفخمة ، ذاك العلو الشاهق الذي بات يتناقص تدريجيا لا تعلم إن كان الجبل قد قرر الهبوط نحو السفح ، أو أنها قد حملت بـ ساعدين لتوازي قمة الجمل بعلوه ، حتى عاد لها الدوار لكونه قرر معاودة الإرتشاف ، إبتعد عنها لـ يهمهم بـ إشتعال خض قلبها بين حناياه المتراقصة : يا الله ، يا الله

و أخيرا قرر تحريرها ، ارتخى جسدها كـ قطعة من زبد إضطرمت تحتها نيران لتصهرها ، فهاهي تنساب من بين أنامله بعد إهداءها قبلة على الجبين ، ليرتطم ظهرها بالقاع ، لا لم يكن إرتطاما ، بل هو شئ اقل شدة ، و أكثر رقة ، تأوهت لدى ملامسة حروفه المشتعلة بإحتراق قد طال اذنيها و هو يهمس : إنتي ... إنتتتي ، ما أقـدر أعوفج بعد ، رجعي وياية جلنار ، رجعي

يراقب شفتيها المكتنزتين بمشاعر أودت بعقله نحو الجحيم ، بعد سكرته اللذيذة بها أحاقت به الفكرة ، لم يجيئها بنية تناولها السريع ، ما يرغبه اعظم ، يودها كاملة ، تفر بنفسها من عائلتها البائسة و تلتصق بظهره ، يود أن يجد بها فناءه و بقاءه عند كل إشتهاء ، و إحتياج ، ما تذوقه الآن ليس سوى غيض من فيض .. فهذه السخية المشاعر تمتلئ بالكثير ، و هو الأعلم بالأمر !
تابعها و هي تميل على جنبها مولية إياه ظهرها ، إحتضنت جسدها الغض و جفناها انفرجا لتتركز نظراتها امامها بذهول ، مالذي فعلته ؟! كيف إنساقت وراءه كالغبية ؟ لم قربه لا تجد بدا من المقاومة ؟ بعد ما حدث الا يفترض بعودها ان يشتد و يقسى ؟ لم تراها لينة تذوي بين انامله ؟

آه
فلتت منها حالما شعرت بضغطه القاسي على جانب خصرها ، أغمضت عينيها لتتحدث مجفلة و بلا شعور منها عادت مآقييها لتمتلأ بالدموع ' ممكن اعرف ليش رجعت ؟ ' ، ألا يكف عن قسوته ؟ هل يدرك مقدار ما تعانيه بضعفها الغبي قربه ؟ إنها تحترق ، كارهة لذاتها الصاغرة امام سيدها الجائر ، جسدا و روحا هي جارية لدى هذا السادي المتغطرس ، الخائن !
يا الله ، كيف نسيت غدره و تلاعبه بأعصابها و هو هنالك ، يتهنأ برفقة أخرى ، و لربما مشاعرها ، آه ، يؤلم ، قصتها بأكملها تدمي الروح .. فهل لك بإغداقك صبرا علي يا رحمن ، نشيج خافت فلت منها ، لتتدارك الأمر بتكميم فمها بقبضتها ، لكن لم يطل الأمر لتشعر بدفء يحيطها ، لا لم يكن دفئا ، بل نارا مشتعلة إلتفت حول قدها ، ليديرها نحوه مجددا ، رافعا إياها نحو صدره ، ليهدهدها بخفوت جمد إحساسها بالكون فجأة ، هذا ليس برجلها ؛ ليس بعلي ! من المستحيل أن يكون هذا هو ذات الرجل الحاقد المستعر بجنون انتقامه ، ذاك الذي شق ستر عاطفتها ، و جسدها ! لمساته الحانية على شعرها المسدل ببعثرة طرقت على ناقوس الخطر بداخلها ، لن تستسلم له مجددا ، آه ، ليتها تنجح ، فليكف عن التلاعب بشرايين فؤادها ، فـ ليرحمها ، هتفت بحنق مختنق بالبكاء و شفتاها تلامسان عضلات صدره المتشنجة : علييي ليييش جييت ؟ موو انتة خلص ، موو اخر مرة تخابرنا عرفت سارة يمك ، مو إنتة متريدنـ ـ ـ

تألمت بحق فما كان منها سوى الاعتراض " بآهة بغيضة " عن عنف يده التي جرت بشعرها قليلا حتى يرتفع عنقها و تواجهه ، أخرسها قوله الشرس و هو ينقل بنظراته الحاسمة بين مقلتيها بتوتر اخافها : ديري باالج ، ديري بالج تقولين اني ما اريدج ، لتصيرين غبية ، إنتي تدرين ... تدرين إنو إنتي أكثر شي بحياتي كلها اريده ، أريدج ! .. حيل أريدج " جدا "

زاغ بصرها رعبا و فمها عبر عن بلاهة حالها و هو يرتخي بـ ذهول صرف ، اهدابها ترفرف بـ سرعة رسمت على ثغره بسمة عطوفة رغم نظراته المتقدة ، لم يقاوم رغبته و لا لبرهة ، لم يجئ بنية الفطور ، لكنه فعل ، و بما أن صومه كان طويلا ، و قاسيا ، فـ على فطوره أن يكون مشبعا ، و ثقيلا ! مال نحوها مجددا مثبتا لها مصداقية حديثه ، مهمهما بعبارات غير واضحة ، غالبيتها تحتوي على " أريدج ، جيت لإن اريدج ، بعد ما اقدر ما اريدج "

كمحوم كان ، و كـ مصابة بعدوى صارت ، لتتعلق به بغير ذي صبر ، و لا عقل ، هامسة له بين لهاثها المغري غامرة رأسها بين سترته وقميصه : علي ، لتروحلها ، لتبقى يمها ، أني أحبك بس ، لتخلي غيري يحبـ ـك ، لتحب احد انتة ، اني الاولى بيك ، لتقترب من غيري


طنين اصدره نابضه و إستقبلته أسماعها بـ سعادة زقزقت لها عصافير حول رأسها ، لكن الصورة إنطفأت بعد قوله الصارم : لعد تعااالي وياية

هتف بقوله الصارم و انفاسه تتلاكم من منها اولا تصل لتقبل بشرتها الشهية ، لتنطفئ اللهفة بصوتها ، و ينسل الوجع من بين همسها الخافت وهي تبعد نفسها عنه مكرهة : مستحيل ، ما اقدر

خبت ثورته بدجاها ، ليعدل من وضعها أخيرا ، محاولا بشتات ان يتمالك نفسه ، بصعوبة قسوى حررها بعد إذ تناولها راضية هذه المرة ، و متوسلة ، إستقام بـ تكشيرة ملامح مستندا بثقله على قدمه اليسرى ، و ما إن إستقر ناظرا إليها من مرتفع ، مد يده نحوها ، لتتقبل اعانته بـ إستسلام اذهله ، و ما إن وقفت جرت بيدها لتتحرك مبتعدة عنه نحو السرير الوحيد في الحجرة .. و كأنما للتو قد وصلته ذبذبات الصوت المزعج للصغيرة ، تغضن جبينه لوهلة مدركا بعقل مغطى بغيمة من الشرود أنه حتى هذه اللحظة لم يتحدث معها بعقلانية حول رجوعها الواجب معه ، ان ظنت انها ستنتهي منه بـ " مستحيل " فعليها ان تكون اكيدة بأن ظنها اثما ، الجبين المجعد قد ارتخى مراقبا هذه الرمانة الشهية و هي تميل بجسدها المغطى ببجاما صوفية ثقيلة ، لترفع الكتلة الباكية الصغيرة و التي سرعان ما اتخذت من صدرها وسادة ، و لكم تمنى تبادل دوريهما الآن ، هالة من الحنان تشكلت حولها فأعشت عينيه برقتها ، إكتفى بالانصات الصامت و المتابعة الهادئة لحركاتها الرقيقة في معاملة تلك الطفلة ! ، إقترب منهما قليلا بحركته المائلة نحو اليسار ، ليشعر بتشنج عودها المياس و انحباس أنفاسها بات ظاهرا ، لتكتمل صورة الرعب بـ إزرقاق شفتيها ، لم يستطع إشاحة بصره عنها ، همس بخشونة متلاعبا بعاطفتها مشددا على احرفه : تعالي وياية ، و خلي نجيب جهال و نربيهم سوة ، جلنار كافي ، جم مرة قتلج رجعي !

صامدة بمواجهته ، السرير خلفها و هو امامها و طفلتهما بينهما ، يا لطيف إلطف بي ! ، كـ مارد مرعب يسيطر عليها من علوه ، و هي الجنية الصغيرة المرتعدة الفرائص قربه ، لكنها لم تكن مرتعدة حقا ، بل متخشبة ، لا شئ بها قد عاود لعمله الطبيعي ، حتى هدهدتها للصغيرة قد خبت ، و الأمر ' للعجب ' لم يزعج الجنية الصغيرة ذات المزاج الازرق الشبيه بمزاج " مارد كبير " ، كان رأسها مرفوعا قليلا حتى تبصره ، لتنتقل انظارها حيث يده الممتدة على غفلة منها لتحط تحت ذقنها اليابس ! ، مسح بإبهامه بشرتها بـ دغدغة آلمتها ، ليعود فيستطرد بنبرة لم تخلو من الإعتزاز ، رغم جوهرها العاري بـ إحتياجه : اني تعبان ، خايف على أختي ، و ما ادري بأي حق بس مدا اقدر انسى الي صار ، و لا إنتي ناسية و لا رح تنسين ، خصوصا اني ما اطلق ، لو الدنيا تنقلب ما اطلق ، و ابوج مثل مشفته مناوي يسامحج ، فتعالي وياية و خلصي من هالعائلة الزفرة

شمخ رأسها بحدة ، لتكز أسنانها و نظرتها الوديعة العاشقة قد ذوت لتحل محلها شعلة من إحتراق أجبرته على الإبتسام و التقدم خطوة أخرى حتى لامست بطنه ذراعاها المحتضنة للصغيرة ، إنكمشت برعب افزعه ، لتتقهقر خطوة للخلف كادت بها ان تتهاوى على السرير لتصرخ بـ هلع لحظي بسبب " حلاوة الروح " ، و لحسن حظها و الصغيرة إستطاع أن يجرها من زنديها بقوة أجفلتها لتتلصقان بشدة بصدره وهو يهتف بقلق " الله الله الله ، على كيفج يمعودة شبيج " ، و هنا أعلنت صافرة الإزعاج الصغيرة عن غضبها ، لتسحبها من سكونها الجسدي و الحسي ، فتحاول جاهدة ان تسكتها بـ هزات خفيفة متمتمة بـ : إشش كاافيي حياتيي ، كاافيي عمرري ، دوودي ي حلووة كاافي أششش ، خلص خلص إسسم الله ، حياتي مامـ ـ

انشد حبلها الشوكي بقسوة لترفع رأسها على اثره نحو رجلها بصورة مباغته و الفزع قد لون ملامحها التي شحبت فجأة و كأن الموت قد أدركها ، تبا لها لقد اخفقت في التماسك ، يا الهي فقط لو إنه قد سمع ، سيقتلها ، لا محالة سيفعل ،


: شبيج ؟!

استفسر بإقتضاب مراقبا هيئتها الذاهلة بملامحه ، كان قريبا جدا ، ملاصقا لها و الكائن الباكي المزعج ، ألا يضاف مع هذه الدمية زر لكتم صوتها ؟ و لتزداد حيرته هزت رأسها بسرعة هائلة ضيق إثرها عينيه ، حاول ان يستشف منها ما تخفيه و لكنه فشل ! فلم يجد سوى أن يكرر : جلنااار لتصفنين بوجهي ، أني عايف اختي بالمستشفى و جااي علمودج ، تعرفين شنو يعني اعوف اخر شي بقالي من اهلي و اجيج ؟ اذا تعرفين فبدون حجي زايد هسة تحضرين غراضج و تجين وياية ، و ابوج اني اتفاهم وياه ، لتخافين

بضعف اهلك جسدها إرتأت أن ترمي بحملها فوق السرير ، لتصرخ المزعجة طالبة النجدة بمن يحملها و يهدهدها ، كما اعتادت لتتدلل ، و لكنها لم تلبي نداءها ذاك ، اكتفت بهزها في حجرها و عيناها شاردتان ، لحظة لحظتان و ثلاث ، ظلت تفكر بجدية في نهاية ما تخفيه ، لابد أن يكتشف علي أمر إبنته ، سيفعل و لو طال الامر دهرا بأكمله ، هي لن تفلح بمواراة الحقيقة طويلا ، قلبها يتآكلها لوقع الإثم الذي اذعنت له كشيطان اخرس ، مالذي فعله هذا الشهم ليتلقى منهم كل هذا النكران ؟ ألم يكتفوا بما سلبوه منه ؟ اختيه و قريبته و شرفه و فوقهم جسده ! ، لم يشبعهم الأمر لتتمادى اياديهم القذرة فتطال طفلته ، نسبه ! يارب ، إرشدني للفلاح ، أعلم بأني إن عريت الحقيقة امامه لن اكون سوى متهمة ، و قد ينفيني بعيدا عن مملكته التي ظل ساعيا لشهور كي اعود لها و انا الملكة ! لأجاوره ، و الاهم من ملكوته ، سيعمي بصري و و يلكأ قلبي و يأخذها ، هذا الرجل الذي تعرفه كما تعرف خطوط يدها إن علم فقط بأنه قد ظلم بمقدار ذرة فإن ما به من شر كامن في دواخل نفسه سيتفجر لـ يستوطن الاحداق و الفؤاد و يتحول من كائن بشري لأخر جحيمي !

أرعبتها هذه الفكرة ، فوأدت نيتها بالبوح ، يا الهي ستجن .. كلهم يعصرونها غير مدركين مقدار الجفاف بداخلها ، لم لا يرحمها قاسم و يفض عن جيدها حبل الندم ؟ و الخوف ؟ شعرت فجأة بأن السرير سيقع بأعمدته الاربعة الضعيفة حالما استقر المارد فوقه ، قربها ، ملامسا لكتفها بكتفه ،

: ليش متحجين مثل الاوادم ، جاوبيـ ـ

بـ هدوء اجش علق فجأة حالما وقعت عينيه سهوا على " الكائن الاحمر المزعج " ، تاهت حروفه و جف حلقه فجأة ليفغر فاهه لأقل من ثانية ، بلا وعي منه همس : ما شاء الله

رمش بـ خفة ليمد يمينه نحو من سكنت عن الصراخ مراقبة الجسد الضخم و العينين المعتمتين بفضول من يستكشف الكائنات من حوله ، قرب سبابته من القبضة الناعمة ، لتتدغدغ اعصابه بهيجان اختض له قلبه فما كان منه سوى أن يبتسم بعفوية ، متمتما بـ : لج هاي شقد حلوة ؟ بتمن ؟

' بتك و الله بتك ، بتك و بتي ، عليييييي لو تعرف بيها رح تموتني والله رح تموتني ، إلهي قلي شسوي رح اتخبل '
جفلت اثر ملامسته لكفها الراسخ على بطن الـ " جود " ، رفعت رأسها نحوه لـ يحادثها بقوة ضاغطا على اناملها : انتي ابد مو طبيعية فهميني شنو السالفة ؟

: ماكو شي

همست بها لكنه اصر ، فما كان منها سوى أن تصيح بنفور راجف : رجاءا روح ، مناقصة هم أني ، أني ابوية برة حيموت من وراية و انتة تريد تريح نفسك


توسعت احداقة لثوان فقط ، شقت رائحة الغضب الفواح مسامات جلدها لتلسعها برعب و هي تراقبه يرفع كفها ليعتصر بنصرها بقسوة ، و عيناه اظلمتا بقهر فاض به مكياله : تدرين مليت منج ، و من سلبيتج و غباااءج ، و يكون بعلمج اني جيت مو لخاطر سواد عيونج ، بس لينا حلفتني اجي .. عبالها انتي عاقلة مثل العالم و الناس ، بس متدري الله بلاني بوحدة زمالة

اهانات متكررة و قاسية نفثها بـ حدة " المرفوض " بوجهها محاولا بإستماتة ان يستل له منها غضبا و جمرات متقدة ، لكنها ظلت على حالها الساكن لتقلبه على صفيح يصل بين جرفي سعير

: موو صووجج صوجي قدرتج و جيت ، انتي وحدة مو ماال احترام

بحنق صاح بها راميا بكفها بعشوائية لتضرب وجه الصغيرة التي هاجت فجأة و كإنما اسبابا تنقصها للثوران ، زمجر كـ ليث جريح لـ يهب واقفا ضاربا عرض الحائط كون ثورته سهلة التسلل لأسماع قاسم ، فالجرح بالجرح و البادي أقسى ، و هي اول من آتتها شجاعتها الواهنة لخدش كبرياءه التي ابداها هي عليها أكثر من مرة ، لتكرر تخيبها لظنه : الي علية سوييته و زاييد ، ميية مرة قتلج رجعي ، ثبتتلج تمسكي بيج بس إنتي غبية ما عندج شخصية ، انسانة ضعفها مقررف ، تعرفين شنو يعني مقرف ؟ أني واحد اريدلي وحدة قوية توقف بوجه اكبر واحد علمود ' لأجل ' نفسها و علمودي ، شسوي بـ زعطوطة مثلج ، رح تطخين التلاثين و لهسة تصرفاتج مال زعاطيط ، شوووكت تكبرين ؟ شوكت تعرفين انو كلج على بعضج غلط ؟

نفث بـ غضب لم يتحكم في لجم جماحه حتى تفجر لينهب المحيط من حوله بـ إشتعاله ، كموقد فحم قد اضرمت به نيران من كل الاتجاهات ، لن يكتفي بتدفئة المنزل ، بل و سيفجره كذلك ، القى عليها نظرة معاتبة دكت حصون مقاومتها ، لتقف هي هذه المرة ، حاكت صغيرتها بهمسة خافتة اودعتها قلبها الضئيل ، لتضعها رغم انتحابها المبكي على سريرها ، متجاهلة أهمية وضعها بالسرير الصغير الخاص بها ، و متعجبة لكون الـ علي حتى الآن لم يلحظ كثرة الدلائل المشيرة للجريمة من حوله ، أم إن انشغال عقله بـ مرض أخته قد الهاه ؟ لا تعلم ، ليسطع فجأة نور من ماض بعيد ، يهديها قولا من تلك الاخت المريضة ، حيث أخبرتها بأن هذا الشامخ احيان كثيرة لا يهتم بصغائر الامور بل لا ينتبه لوجودها حتى !


تحركت نحوه بعجل قبل ان يقرر المغادرة ، لتقف امامه غالقة الطريق دونه بجسدها المملوء بجاذبية ، و لم تصدم لما دفعها بقسوة باعدا إياها عنه ، إلا إنها بإصرار عادت لتحشر كتلتها بينه و الباب ، فتهمس بتحشرج واضح : اني غبية و ضعيفة و زماالة و كلشي قلته ، بس علي خلي نفسك بمكاني ، أني وجعت قلب ابوية ، شلون تريدني اعيدها وياه ؟ قلبي مينطيني والله ، لو على موتي ما اعيدها

لتنكمش هلعا حال أن ضرب بقبضته الباب من خلفها ، لتقترب من صدره بـ فزع و تكتفي باحتضان تلابيب سترته ، لتشدها بقوة متوسلته الشعور : حس بية


أتوسلك أن تفعل ، فأنا أرهقت ، و جدا .. لكنه لم يفعل ، فـ إذا بذراعه تمتد محررا سترته من قبضتيها نافضا يديها بقسوة ، لينحيها عن طريقه مجددا غير آبه بتسمرها فاغرة الفاه ، زفر بـ غضب مكبوت : ولي من قدامي لا ابتلي بيج

هذا هو ، قد عاد لها الغائب الآن ، فذلك الغريب الذي ردد على اسماعها كلمات الاحتياج بالتأكيد لا يقرب لهذا بصلة ، عاندته لتقف مجددا امامه و هذه المرة احتجزت بين الجدار على يمينها ، و يده الراسخة فوق إكرة الباب الساكن خلفها ، انتفض قلبها بجزع و هي تراقب نظرة السخرية بـ احداقه الباردة ، همت بالحديث ليقاطعها بنفور : و ضيفي على الي قلته ، متناقضة متعرف تتخذ قرار ، يللا وخري

بجرأة اجفلته مدت بيدها لتقبض على يده الماسكة للإكرة متمتمة بقهر سافر : إنتتتة ليش متحس لخاطر الله ؟

استرسلت و الألم فاض بها : حرااام عليييكم كلكم ، و لاا واحد يحس بية ، كلكم تشوفوني الغلطانة الي جابتلكم المصاايب ، إتقوا الله بيية ، انتة اتقي ربك بيية حرام عليك والله ، بس تذكر الي صارلي ، تخييل وضعي انخطف مرتين و كل مرة احس بالموت اكثر من القبلها ، تلوومني لإن دخلتك بحياتي بس لوم نفسك انتة الي سويت نفسك عنتر و نقذتنـ ـ آآآي عليي

تود إستفزازه ، قبض على فكها بقوة ليهمس بوعيد نافثا امام فمها انفاسه المشتعلة غيظا : إنجببي ، سدي حلقج و انجبي ، لو مو انيي صرت عنتر على قولتج جـان هسة اني بخير ، عاايش حياتي مرتاح بلة مصايبج انتي و اهلج الـ ***

رفعت كلتا يديها حيث قبضته لتحاول افلات وجهها لكنها فشلت ، فنطقت بذل كئيب : محد قلك ساااعدني حتى هسة تتندم
ثم أضافت هامسة بحشرجة ارتعش لها نبضه : كاافي عاد يووجع

لكنه كابر ليزمجر : حييل " تستاهلين "

نظرة عتب لامعة ، أدركت تأثيرها عليه و هو يحررها مبتعدا خطوات نحو الخلف " بعرج اوجع فؤادها " ليوليها ظهره ناطقا بحدة : شتريديني اسوي و اني اشوفج يمهم و ادري بيهم ميخافون الله ؟ عندي خوات و خفت عليهم تخيلتج بمكانهم

تصلب ظهره اثر حدة صوتها و هي تناقشه بـ غضب جامح لا يدري من اين آتاها : يعني هسة تتمنى اختك بحالي هذاا ؟ تقول علية متناقضة و انتة اكبر متناقض ، تدري بية مظلومة و مع هذا مستمر بتعذيبك

استدار بقوة لـ يزأر : إنتتي زماالة ؟ جم مرة قتلج اني مستعد ارجعج و اصلح حياتج ؟

: علي لتكذب ، إنتة محترجعني علمودي ، إنتة اناني و تريد ترجعني لنفسك

ضيق بؤبؤيه و ثار النبض به متخبطا تحت الاظلاع ، زمهرير مر كان لعابه الذي ازدرده بالخفاء ، يا ويلها ، كيف علمت ؟ نعم ، هو آتاها لنفسه لا لها ، لكونه لن يصطبر أن يبقى منفيا منها اكثر ، جزيرته الخلابة التي استساغ طعم التملك اللذيذ لها وحدها ، و لكن هل هنالك من فرق لكونه يودها لنفسه أو لأجلها ؟ ما دامت النتيجة هي إنغمارها فوق صدره المنتفخ بـ غيظه منها الآن

على حين غفلة اجهشت بالبكاء ، مراقبة لشئ خلفه ، لم يزيح ناظريه عنها ، مدركا بأنها تتابع الصغيرة المجهولة حتى الآن ، آثر الصمت و إنتظارها لتسدل الستارة عن هذه المسرحية المبتذلة لكن انتظاره طال ، فـ خبا سنا غيظه ، و تفجرت نظراته قهرا ، ليشتم بقسوة افزعتها و هي تنكمش على نفسها اكثر محتضنة وجهها بكلتا كفيها ، وحيدة تلعق جراحاتها كـ قطة متشردة من حضن مالكها الآسر ، اشتعل قلبها بـ قبس توتر و هي تشعر بخطواته الدانية منها حتى تلقتها ذراعيه لـ تتلوى بين احضانه بمواء غر ، سعيدة بـ عودتها حيث تنتمي ، تدرك بأنه محق ، و بأنه مما لا شك فيه أن مقدار تناقضها المبجل يدعو للسخرية ، فما ان يبتعد تتوسله التريث ؛ و ان طالب بحقه في رجوعها تهرب متقهقرة في قمقم مؤصد كـ طفلة مخطئة ، و لكنه لا يعلم ، و لو عرف سببها لبطل عجبه !

تأوهت عندما لفحتها انفاسه الحارة و هو يهمس مغتاظا : ليش البجي ؟ فهميني شتريدين مني يا بت الناس ترة خبلتيني ، مرة تريديني و مرة ..... إنتي شنووو قصتج فهميني ؟ خايفة من ابوج ؟ قتلج اني احجي وياه ، و اصلا هوة ديقول اخذها ، شنو الي يمنعج .. صار جم مرة اسألج و متجاوبين و بديت امل و ماريد اعرف السبب ، بس اريد افتهم هسة على شنوو هالمناحة ؟

كانت لا تزال مغطية لملامحها بكفيها ، مهمهمة بـ اصوات ضعيفة ،، حروف مبعثرة لن يسعفه ذكاءه بلملمتها ، لم يجد بدا من الانسحاب ، فـ قد أرهق ، جدا ، و هذه الـ " غالية " لن تصل بـ مركبها لأي بر ، ستبقى متخبطة هكذا بين مد و جزر ، و هو لا يريدها بهذا الخنوع ، لن يحتمل انغماسها في وحل الضعف ، ليتها كانت كـ اخته ، او كـ سارة ، محاربتين ضد اي عدو يهدد بالهيمنة عليهم و سلب مصالحهم !

لم لا تكف عن المكابرة و تعترف بأن ما يشدك لـ هذه المرتجفة فوق صدرك هو ذاته ما يبعدك عنها ، الشئ المستفز بها هو احتياجها لـ كف تمسك بيمينها و تيسر عليها اختيار الدرب الصحيح ، لكنه حاول كثيرا ، جدا ، حتى مل انتظار ما لن يتحقق قريبا ، لذا سيرحل ، فالبعد أولى به من غيره

آه يا علي ، ما أروع وجهك الأخر ، أقسم بأنه لا أجمل من رؤيتك تعامل من يهتمون لأمرك بالمثل ، لأتمادى قليلا بأحلامي ، و أتخيلك محتضنا صغيرتك ، يا الله ، كم ستكون صورتك معها مثالية ، نقية و ممتعة ، أنت و هي و أنا " إن سمحت لي " ، علي إني أموت بكم ، فإنصفوا ضعفي و قلة حيلتي ، كن أنت العادل إن لم يفعلها قاسم ، أرجوك !

إن قلبي صار كـ إرجوحة تتدلى بين اضلعك فـ كفاك هزا له بحق ربك ، بـ هدهدتك تلك تكاد تستل الشرايين الموصلة به ، لتتقطع واحد تلو الأخر ، كـ شعرة تفصل من بويصلتها ! ، لم تكد تنعم بلطفه ، ليدفعها عنه بهدوء متحاشيا بقسوة النظر لها ، ليهمس بعد زفرة ضيق : ديللا وخري داروح

ابتلعت ريقها بجمود ، لتردد متوترة بهمس خافت ، شارد : تروح ؟

: إي اروح شعندي باقي ، جيت علمود شغلة و مصارت فضت خلصت
تنهيدة فلتت من صدره و هو يتابع اختلاجاتها القلقة ، ليضيف بجدية : وضعج هذا ميعجبني ، من تحطين عقلج براسج تعرفين شلون توصليلي ، و وصلي لأبوج اني مرح اطلق ، و خلي يشد حيله بالي يريد يسويه ، مرح يخلص مني إلا بموتي ، زين هيج .. يللا وخري دا اطلع

تألقت مقلتاها بدمع نقي ، زمت شفتيها الكرزيتين لداخل فمها ، لتهز رأسها رافضة بخفة ، لا تعلم إن كانت إبتسامتها الحزينة هي السبب بـ عقدة حاجبيه ، إلا إنه بدا أجمل ، و أكثر وسامة ، هذا الكائن الضخم قد كان يوما لها ، و ما زال !

لا تنسي إنه وحيد ، و هنالك العديد من الفراشات الهائمة حوله ، سيسلبونك إياه قريبا ، إن كنت تعتبرينه ملك لك يا إبنة أبيك ، و أنتي ، بفداحة ذنبك بحق ربك و من ثم حقه ، ستعلمين قدرك جيدا ، و سترين ما بإمكان إبن صفاء أن يفعله ، سترين شخصه الشرس موجه لك أول مرة ، و حينها ، إذكري الفرص التائهة من بين يديك ، واحدة تلو الأخرى

افزعتها ما توصلت إليه من قرارات ، لتهز رأسها مجددا و بحدة أكبر شدت انتباهه ، ليراها تبتعد خطوة الى الخلف ، هاتفة به بـ توتر نبضت به هزات جسدها و صوتها المحمل بـ دلو ملئ بالعبرات ، إذ جاءه مخنوقا ، ميتا : دقيييقة بس هسة ارجع ، لترووح انتظرني

راقبها و هي تغادره بسرعة قصوى ، مغلقة الباب دونه ، ليرفع كفيه نحو ملامحه الصخرية فاركا إياها بعنف ، مزمجرا بـ زئير غاضب محمل بسباب ، الغبية الغبية الغبية ، ماذا تريد أكثر من الذي فعله ؟ إنه ليحتقر ذاته التي صغرت لأوامر قلبه الحقير و نفذت توسلات المشاعر ، مالذي جناه الآن سوى رفض متجدد من سيادتها ؟ ، تبا لها و آل قاسم أجمعين ، و تبا لقلبه الأخرق ، البائس ، يود لو أن بإمكانه اجتثاثه من محله و عصره عقابا ، الغبي !

بتر عليه جلسة جلد القلب تلك صوت سقوط شئ ما ، متبوعا بصرخة باكية عالية الحدة افزعته ، ليستدير بإجفال ، فتكشف له نظراته ذلك الكائن الصغير و قد تكوم أرضا يدفنه الغطاء الوردي ، نحيب عال ، و انتفاضات عديدة بمحاولة فاشلة للنجاة من قبل المزعجة ، جعلاه يدنو منها بـ سرعة عرجاء ، لينحني رافعا اياها ببساطة ، لحظة فقط ، اكتفت بها الصغيرة لـ إخفات صوتها ، و لكن الشهقات المتواصلة لم تنتهي ، و أكثر ما شده هو ارتجاف شفتها السفلى البارزة بـ " برطومة " سرقت نبضه !

فلتت منه ضحكة قصيرة ، متناسيا " عمدا " كل ما حوله ، ليرفع من يعتقد إنها الفرد الجديد لعائلة عديله ، عبد الله .. لم يجد صعوبة في حملها بالطريقة الصحيحة ، و عيناه تمشطان ملامحها الجميلة جدا ، من الأذن المتألقة بحلق لماع يخطف انفاس الفتيات بالتأكيد ، الى الأنف الصغير و الفم الواسع المضحك ، إنتهاءا بـ المقل ، سبحان من صورها ، دائرتين متسعتين بلون الزمرد الآخاذ ، لا يعلم لم تذكر عيني اللين ؛ تبدو هذه المزعجة و كإنها إبنتها ، ذات العينين ، و بالتأكيد اللسان السليط ، فهذه الجنية الصغيرة لم تكف عن إظهار امتعاضها من وجوده الطويل مع خالتها ، لـ تطرق اسماعهما كل برهة بـ بكاء متواصل ، حتى لون الشعر ، يكاد يكون ذاته لـ أخته ، إن كان ما امامه يسمى بالشعر ، فهو لا يزيد عن عدد من الرموش الرفيعة المعلقة بـ فروة رأسها الحمراء

: إشششش ، كافي عموو ، سكتي

و كأن اذنيها الصغيرتين لم تسمعا من قبل صوتا لـ غول ! أحس نفسه وحشا قد زمجر وهو يراقب معاودتها الارتجاف و صراخها الذي صم اذنه ، فما كان منه سوى ان يصيح بها غاضبا : وووجع و سم ، إشششش سكتي لج شنو هالصوت العالي ، خرررب سكتي لا انعل ابوج هسة ، بت الكلب إنتي شقد حلووة ، ايا ناقص يا عبد الله ، شلون بتك بهالجمال و انتة وجهك وجه النعال ، لا وفوقاهة دبة ، شيوكلوج انتي ؟ رح تنفجرين

أصابعها الصغيرتين صارتا وجبة شهية لفمها الكبير المتصل بآلة تجيد الصراخ ، عيناها تبرقان بـ الدموع ، و بقايا منها تغرق الملامح ، سال انفها بمحتوياته ، و كأي ' طفل ' لا تدرك قذارة ما تفعله صارت تلطخ وجهها ، ليكشر هو بإشمئزاز واضح ، و لم يتوان عن سحب كومة مناديل من العلبة الموضوع قرب السرير ، ليمسح بها وجهها بـ انامل حاولت ان تتلطف بالكائن الاحمر قليلا ، وجد نفسه بعد ان اتم مهمته يهمس بخفوت : شنو هالخلقة ماشاء الله ، تخبل

هذه المرة الانامل الصغيرة الكروية ، إمتدت لتلامس وجه الغول المتوحش ، في بادئ الامر امتعض كارها ليتوارى برأسه الى الخلف بملامح منقرفة ، و لكن تهديدها له بـ " برطومتها اللذيذة " قد أجبره على الاذعان لها و تركها تسرح و تمرح بالتعرف على ملامحه ، عاد ليشتمها و " أبيها " ، متمللا من تأخر خالتها التي طالها السباب ايضا
لا يدري مالذي دفعه لتقريبها له أكثر متلذذا بـ إستنشاق ....... يا إلهي ! عطر طفولي ممتزج بـ رائحة غمرته قبل دقائق ، خليط جعل جسده يختض بالتوتر ، لم يدرك مدى انفعاله و صدره يرتفع فيهبط بـ عجل ، هذه المرة لوثت خده و ذقنه بقبلات " مقرفة " امتزجت بـ لحيته ، أبعدها حامدا الله إنها بترت حالة الارتجاف الكلي التي هزت بدنه ، حاكاها بـ غيظ مبعدا إياها قليلا عن مجال وجهه ، غير آبه لتهدديها الصرف ، فلتبك أو تحترق تبا لقرف الاطفال !
اختارت ان تبكي ، فـ تجعل العفاريت يتقافزون من حوله ، و كاد أن يرميها على السرير بعنف متخلصا من إزعاجها ، و لكن شئ ما منعه ، وجد نفسه يتشبث بها بقوة ، مدركا بأن هذه الجنية اللا لطيفة إبنة اخت تلك الغبية ، يا ترى هل كانت تلك بمثل هذا الجمال الملائكي ؟ هل فعلتها و قبلت الغرباء بـ سوائلها المقرفة ؟ لا يعتقد ، فخالتها اضعف من ان تسكن قرب اي كان ، و بالتأكيد لن تصرخ بأذنه كهذه !

مال عليها مقبلا وجنتها المكتنزة بالشحوم المتراكمة ، مداعبا خدها بـ أنفه تارة و مزعجا إياها بـ لحيته اخرى ، يا الله ، هذه الرائحة ستقتله ، و تراه كـ مدمن يأبى الإبتعاد ، ما سر هذه النشوة الغريبة ، جلنار ، لقد تمكنت مني و جدا ، فها انا أراك بكل شئ ، كل شئ يا غبية !!


ضحك لسماعه ضحكتها الناعمة إثر دغدغته إياها ، و كرر مشاكستها ، فتارة بعض خدها ، و اخرى دغدغة رقبتها المنتفخة ، و ثالثة بتقبيل بطنها المليئة بالطيات اللحمية المغرية للمداعبة ! ، تواصلها معه كان مذهلا ، لم يعرف نفسه و هو يخرج هاتفه من جيب سترته الداخلي ، مجلسا الصغيرة على حجره بطريقة محسوبة و مناسبة لعمرها الصغير ، و يده الأخرى إلتقطت لها اكثر من صورة محدثا إياها بـ مشاكسة : بت الكلب سمحيلي اخذلج جم صورة اراويها لاختي ، تحتاج تشوف هيج وجه حلو حتى تصير زينة ، بس بطريقي اهدد ابوج القرد بهالصور ، تدرين كله صوج خالتج الزماالة ، لو باقية وياية جان هسة عندي ولد و الا ازوججياه ، هالجمال مو مال يتفوت

ما إن إكتفى بعدد لا بأس به من الصور ، أعاد الهاتف لـ جيبه ، و استقام حاملها بإهتمام بالغ ، متمتما بأذنها بمناغشات لطيفة ، فتضحك بـ جنون لدغدغته اياها بأنفاسه ، و يكتفي هو بإبتسامة صادقة مقبلا ملامحها المملوءة كل ذي ضحكة !

نسي أمر خالتها ، و أخته ، و صدقا هاله ما يفعله ، قضى عمره مدركا أن بداخله كره غير مفهوم للاطفال ، إلا " يسر و ضي" رحمهما الله فهو من قام بتربيتهما على حد ذاكرته ، إلا إن هذه الصغيرة قد سلبت لبه .. و كأن ذكر اختيه قد اضرم بداخله حريق ، ليشتعل صدره الحامل لتلك الصغيرة الملوثة بقذارة قاسم ، يا رب السماوات ، كيف سهى عن الأمر ؟ ألم تكفيه خيانة واحدة لـ عائلته و الآن تنضم إليها إبنة شقيقتها ؟ برر لنفسه بكونه احبها لأبيها ، لـ رفيقه الشهم !

حاول ابعادها عنه بحدة لم تستسغها فوجدها تداعب أسفل فمه و لحيته الخفيفة بـ سعادة ، و اصوات غريبة تنطلق من حنجرتها الصغيرة ، ليتساءل عن مدى عظمة تلك الحنجرة القادرة على الصراخ كصافرة إنذار تنبئ بـ قصف دمعي مدفعي !

رفع رأسه حالما تناهى له صوت انين منتحب ، و لم يحتاج لذكاء لمعرفة صاحبته ، تملل بوقوفه ، مادا الصغيرة نحوها ، معلقا بتوضيح ، لا تبرير : شلون تعوفيها عالجرباية ؟ وقعت و دوختني بمناحتها ' بكاءها '


لتأتيه ، لكنها لم تستلمها ، ظلت تنقل نظراتها بينه و بين المزعجة ، و هو إكتفى بمراقبة اثار البكاء المفجع النافخ ملامحها اجمع ، ليتجاهل وجيب قلبه الذي يستجديه للسؤال عن السبب ، ضاربا بـ التواء معدته " المتوسل إياه أن يحتويها مجددا " عرض الحائط ، لن يهتم ، قالها لها ، سينتظر أن تتعقل و تدرك عظيم خطأها ، و حينها سيكون الرأي رأيه ، و القرار قراره ، و هو من يختار إما ان يتخذ فيها حسنا ، أو يتخذ لكرامته ثأرا !

نظراته ارتكزت على فمها الذي تفغره لثوان ، فتعود لتغلقه بوجع باد على ملامحها ، و بذات اللحظة التي هتفت بها باكية " علييي اكووو شي لازم تعرفه " رن هاتفه بجيبه ، ليتغضن جبينه بـ تساؤل ، مميلا برأسه قليلا فيستفسر : شكو ؟

رجفة شفتيها انتقلت لتشمل الاهداب وهي تهمس : شوف منو بالتليفون ، الموضوع مهم

مد يمينه الرافعة للصغيرة نحوها ، موجها لنظراتها المنصبة عليه بسمة خفيفة ، ليداعب اصابعها بـ سبابته حالما صارت بحضن خالتها ، بينما اليسار كانت قد اخرجت الهاتف لتفتح الخط على مكالمة ألن ، و ما إن سمع الصوت الآتي من دار " الموت " حتى إبتعد عنهما ، جارا اصبعه من الكف الصغيرة ، فقد كان ما قاله ألن رعب ، رعب بزغ له شيب رأسه !!

" ميس ماتت "

من دون الإلتفات لما وراءه ، و من دون النبس بكلمة ، إختفى من امامها و الصغيرة كـ أنه لم يكن !!


إنشداه تام جعلها تظل متسمرة مكانها لـ لحظات بعد إختفاءه ، و لم تعود لواقعها إلا عندما سمعت صوت والدتها التي دلفت الغرفة لتوها قائلة بـ صيحة مرتاعة : قلتييله ؟جلنااار قلتييله ؟

رجفت شفتاها ، لتهز رأسها بـ " لأ " مرتعشة ، فما كان من الـ سوسن سوى ان تتنفس بعمق مرددة بحبور مرتاح : الحمد لله و الشكر ، شفتي ، قتلج لتقوليله ، أمي مناقصنا مشاكل ، ابوج يموت ، و الله رأسا تصير بيه جلطة و هالمرة ميقوم منها ، و مرح يفيدج حجيج .. ماما علي اذا يعرف ياخذ بتج و يحرمج منها ، و انتي متقدرين بدونها

إرتج قلبها بين اضلعها ، لتتمتم شاردة الذهن ، و ما زالت غير مستوعبة رحيله : اني ردت اقله ، بس هوة مـ راد ، و اذا مرجع و سأل ، بعد ما احجي






.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 02-07-13, 06:29 PM   المشاركة رقم: 69
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 


قبلها بـ ساعة إحتضار





من يدخل الجنة اوالا
من مات برصاص العدو ام من مات برصاص الاخ
بعض الفقهاء يقول رب عدو لك ولدته امك

محمود درويش






و هل للـ قلب حواس ؟! أسألكم أن تجيبوني بعلمكم و خبرتكم ، أ جرب أحدكم شعور أن يكون لـ نابضه من الحواس خمسا ذوات تأثيرا جامحا على ذاته ؟ ، لابد أن يكون ، فكيف صار يحس بإنكماش جلد القلب ' بغفلة من الزمن ' إن لم يكن بأمر منه جملة و تفصيلا ، أ ترى القلوب تتشابه عند هوتها من علو ؟ أ تهم بقضم أنامل اصحابها بأنانية صرفة ؟ أم إنه هو فقط من يمتلك فؤادا مبدعا بالحقارة ، يتلذذ بـ ذبح الأنامل البريئة من جرم ألصق بها زورا و بهتانا ، و لكن لنتفكر لهينة ، أ يكون الجرم زورا إن كان قد حصل بعد إصرار و ترصد ؟!

متكئ على مقعده المريح ، يتابع عمله بـ جهد صادق ، ناهيكم عن لحظات الشرود ' العشقية الطبيعية ' لمن هم بمثل حاله الاغبر ! أدرك متأخرا بأنه قد ظلم ، و ظلمه سببه إثنين ، تلك المسلمة ، و نفسه ! فـ و الله حرام عليها أن تتركه يتلظى على جمر الشوق ، يترقب بهاء حضورها بين الدقيقة و رفيقتها ، منذ أن صافحهم ' أحد ' الإسبوع و حتى اليوم ' الخميس ' وهو منتظرا ، فهي من أخبرته بمجيئها المحتم ، و ليتها لم تفعل فتتركه كـ من يحتضر بخرس ، متمسكا ببصيص أمل لا يرى !

على حين فجأة قد أبصر أمله كـ شعاع وهاج أنار حلكة قلبه ، شقت الإبتسامه خده الأيسر و برقت احداقه بـ حبور ، أنامله ثبتت على ازرار لوحة المفاتيح لـ تدوس الأحرف بـ بغياب ذهني ، و حضور قلبي .. لمح بسمة الوجه الخجل فـ أطاحت بقلبه أرضا ، سأم الجلوس ، فـ الصغيرة تستحق الوقوف إحتراما لـ روعة حضورها و صدق وعدها ، بعد إستقامته الصامتة تقدمت هي وجلة فحشرت أنفاسه بـ جيب صدره ، إختارت أن تكون أول من يحي ، فـ يؤجر : مساء الخير

الخير هو أنتي ، و بك مسائي يختلف ، و أيامي ، و عقود عمري الفاني .. قولي لي يا صغيرة ، كيف سـ أنقذ جسدي الذاوي من طوفان سيأخذني بعد رحيلك الملوح بآفآق الأمل الكاذب ، أخبريني كيف يصطبر العاشق بعدا يهتك كيانه المريض ؟!
لو كان الأمر بيدي لـ جررتك من تلابيب قميصك و تناولتك قضمة واحدة لتدخلي بي ، فأنت العلة و الدواء ، ويلك مما جنته يداك ، فـ أمرضتني بكرم و تبخسيني الآن حق المداواة ، ترفضين أن تكوني مصلي المشافي ! و هل لي أن أتجرأ لأطلب منك ان تفعلي و أنا من رجوت ان اصير بك عليلا ؟!

جلى حنجرته من أحاديث ملأتها ، ليجيب بحشرجة خشنة و نظراته أحاقت بـ انحناءات الملامح المتوردة : مساء الخيرات ، شلوونج ؟!

: الحمد لله على الله

إهتز قلبه فتدلى حتى نقر المعدة طالبا العون ، كل ذاك بعد لمحه إياها تزم شفتيها بقوة اوجعته ، و كإن بها أمرا يجهله ، بل يدركه و يخشى تصديقه ، أ صار اخيرا تكوينا شفافا عارضا ببذخ ما بداخله ؟ هل باتت صورتها المحفورة كـ نقش سومري على سطح القرنيتين مريئة بالنسبة لها ؟! و إسمها الملائكي الذي عطب جدران القلب الملكوم هل فعلها و عرى نفسه هو الأخر لـ تقف هي خجلة من رؤيته عاريا بها هكذا ؟!


لاح له ترددها و هي تضيف بـ بركة حياء رسمت إبتسامة يتيم في صبح عيد فوق ثغره ، إبتسامة ' عويل ' صامت ، فالصمت أعتى من أن تمزق وشائجه بـ نحيب المحتاجين اليتامى : و إنتة شلونك ؟

إكتفى بـ هزة رأس خفيفة ، أعقبها بـ ' الحمد لله ' ، ليتحرك من خلف مكتبه ، مشيرا لها بـ لا إدراك نحو احد المقعدين المقابلين له محاولا توسلها هذه المرة كـ مسكين يرجو الصدقات عند باب مسجد : تشربين شي ؟

نبرته الـ راكزة كما نطقها ، يبدو إنها لمست تبعثرها المختبئ خلف الصوت الرجولي الاجش ، لمستها لـ تشتعل من جمرات إتقادها ، فتقرر الهرب فور وقوفه البعيد نسبيا عنها ، إلا إنها لم تختر البعد بل حللت لـ نفسها حراما بتعذيب قلب رجل ، يا إلهي فـ ليلتأم جرح هذا الرجل مني عاجلا غير آجل ، و الله لم اود أن أغمد بـ أحدهم سيفي الأعمى ، فـ كيف بـ ألن ؟ المسيحي ؟!
لا تدري لم جال ببالها حديث تبادلته مع شقيقتها منذ أيام ، إعترفت به عن جنونها لـ الغوص في محيط المستحيل ، أيعقل أن هنالك من يفعل بسببها من دون ان تتفقه قبلا ؟! و ما بالها الأخرى ؟ أتراها ترفع ذيل فستانها اللؤلؤي لـ تمد بأنامل القدمين حتى تستشعر برودة ذلك المحيط ، لتعتذر العاطفة من كل ما حولها ، و تختار أن تكون الرائد الوصولي ، فتنتهز فرصة إنتظرتها منذ دهر ، هاهو جسدها يتقدم فريسة لـ أمواج المحيط الثائرة ، مدركة جيدا ما هي مقبلة عليه من جنون ماجن

أدركها الذهن و هي تقترب خطوتين حيث هو ، زمت شفتيها لداخل الحلق مانعة إياهما من تعرية الرجفة التائهة ، تلك النظرات التي تهيم في عينيها تكاد تفقدها صوابها فتقع امام قدميه مغشية ، ما الذي تفعله يا رفيق أخي ؟ ألا تدرك حرمة الأديان ؟ و الأصحاب ! إلهي ، فقط إرزقني تماسكا أتشبث به و لو بقوة قد خبا نجمها منذ أن عتبت الباب الساكنة خلفي ، و الممثلة خلاصي هذه اللحظة

تحشرجت أنفاسه مراقبا إياها بجزع و هي تتهاوى على غير هدى في سبيل باهت الألوان ، بل إنه يسطع كما القوس قزح ، إلا إنها هي من تعتزل الرؤيا الواقعية و ترتدي العدسة المعتمة للهرب !


: تفضل

إقتحم صوتها الرقيق خلوة قلبه بـ " روحها " و هي تمد له بـ شئ ما ، لم تسعفه قريحته لإكتشافه من دون النظر ، فالأحداق تصر أن تبقي إتصالها قائما مع مقلتيها ، و لن تستبيح هذا الحق ' المهضوم ' لو قدمت له نفائس الأرض و ما تحتها ، لـ تجد نفسها و للمرة الـ ' لا تعلم عددها ' تهرب من عينيه بـ حرج أدمع له قلبها الذي إختار أن ينبض ' إضطرابا ' لتيقنه بـ ضراوة ما يحدث من حوله .. نادته مجددا و اتقنت التلاعب بأوتار صوتها لـ تجفله بـ ثباتها : ألن تفضل ، و أترخص أني لازم أروح

جر نظراته جرا من متعة التمقل في أهداب منسدلة كما السنابل حيث اناملها الرقيقة الممدودة نحوه ، إبتلع ريقه بـ الخفاء ، ليتقدم خطوة بينهما ، راسما على ثغره انحناءة صغيرة نبتت إثر نبضة ' خلخت توازنه لثوان ' ،
بـ ضحكة خافتة إستلم منها العلبة الإسطوانية اللماعة ، رفعها بـ يمينه متسائلا عن ماهيتها ، لتجيبه بخطوات سحبتها عنه لتنأى بعيدا عن مستوى نبضه ، قليلا حيث استكانت لـ تقرر النطق : هذا قلم ، جبتلكم كلكم ، همم يعني ، اعتبره ذكرى صغيرونية من أختك

لتعقب جملتها الـ ' آسرة القاهرة ' ببسمة خفيفة تتلوها انحناءة عنق اودت بعقله للجحيم ، تعلم ، صغيرتهم المسلمة تعلم بـ عشقه و ترفضه كما الجنين الشيطاني الملفوظ من رحم الجنة ، يستحق ، بالفعل يستحق أن يتدحرج حيث قمقم الجحيم ، موطن الاوغاد الممرغة انوفهم بوحل الخطيئة ، حيث إنتماءه بعد إستباحة دم المستحيل !

اطرق رأسه يلاعب الإسطوانة الرفيعة بكلتا يديه ، ليتوسل نفسه التلاهي فـ يخرج القلم من مخبئه ، و لشدة دهشتها لمحت الإعجاب اللحظي يطفو على نظرته الراكزة فوق قد هديتها ، ليرفع رأسه على غفلة منها ، فيشكرها بـ إبتسامة مبتورة الاطراف : كلش حلو ، عاشت إيدج

و بـ إنتعاش طفلة ، كشرت ملامحها راضية على انجازها البرئ ، لترفع يمينها نحوه معلقة : بالعافية ، يللا أستأ....


: هاهية يعني حتروحين ؟!

جملته اللا حسية فلتت من بين قبضة فكيه لتتسلل خفية نحو قناتها السمعية و منها القلبية مستقبلا من قبل الفؤاد ، ليهيج بنبضه المرتاع ، كان و كأنه يتوسلها النفي ، يستجديها أن تخبره العكس ، رف قلبها حزنا و رعبا لـ تتخلى عن الذوق قائلة بجمود و قدماها تتحركان بعكسه ، حيث منفذ هربها : إي طبعا

ثم اضافت بـ شئ من مزاح تغطي به عري الوجل الطافح بنظراتها : أخيرا رح تخلصون مني ، ديللا مع السلامة

: زييين مـ محتاجة شي ؟ كملتي كل اوراقج ؟

آثرت التسمر عند الباب ، ممسكة بإكرته بقبضة صغيرة مرتعشة ، طاردها شبح الحقيقة ، لـ تدخل فارة منه في متاهة لا تعلم إن كانت ستخرج منها يوما أم إن البقية من العمر ستضمحل في الضياع ، اجابته بخفوت مسح دمعة قلبه اليتيم ، المسكين : لا تسلم ، كلشي مبقالي

بل بقي لك .. و الله إن هناك ما ينتمي إليك و سيظل دهره أكمله ناذرا نفسه للقياك مجددا ، سترحلين و تخلفين وراءك عاشق إضطهدته مسلمة بـ براءة و رقة طفولية ، بمشاكسة فتاة لم يتخطى عقلها اعتاب الصبا ، بـ رفة رمش تذبح !! تذبح و ربك الأعظم

تذبح و أنا المذبوح بأنصالهما ، دمي مسفوك و كبدي يفيض بـ نزفه ، لإتوسلك هذه المرة الرحيل ، إرحلي و إتركي لي قليلا من عطر ، و قلم ! سأأنس بهما ، العطر ، كم تمنيت لو شممته يوما ! أدركت لتوي معنى أن يكون له ذاكرة ؛ و معنى أن أحرم من إستنشاقه يوما لـ أتذكره بغدي ، أدركت إنني أضعت مني ذهبيتي ، هيا غادري و إتممي علي بأسك

: الله وياج

قالها لـ يجبر نفسه على الإستدارة الفورية حول المكتب ، متظاهرا بالإنشغال حد الإنغماس في العمل ، لا يعلم لم تلكأت أقدامها عن الرحيل ، أوكانت تنتظر منه سؤال أخر ؟ لفتة أخرى على فقدانه لعقله ؟ إستفسار عن ما هية علاقتها المستقبلية بمن يسمى ' حسن ' ؟! أظنت بإنه سيرفع الستار عن مسرحيته الهزلية ؟

ثوان ، مرت لـ تكتمل الدقيقة ، فالدقيقتين ، و الثلاث .. و عندها آثر الكشف عن ' قلمها ' ، بل قلمه ، إصمتوا ، لا تستكثروا عليه أن يكون لها منه ملكا ، لم يستطع المطالبة بـ " قلب " ، فـ كوفئ بـ " قلم " ، يالقسوة الحروف ، ميم و باء لم لا تتبادلان لـ ساعة ، لن ابخس حق نفسي و اطالب بدقيقة ، ساعة فقط تكفيني و من ثم عودوا لأصلكم الـ جاني بحقي

لم يطل جلوسه ذاك ، متمنيا لنفسه عمرا حزينا بمفارقتها ، الشقية ، و كأنها جاءت الشركة بغية السرقة ، و ما أن اتمت مهمتها هربت " كـ أي فارة " عن تلقي القصاص ، رغم أنه و الله ما كان القصاص بنيته ، يكفيه إسترداد ما سرق ، يكفيه
رفع القلم الفضي بيمينه ، و اليسار اكتفت بالإنقباض و هو يقف هناك ، أمام النافذة ، يحاكي طيفها الراحل ، يستنجد به للعودة السريعة ، أو الغياب الأبدي ، فربما يكون الأبد أفضل الحلول أحيانا ، فـ معه تفنى الأحزان ، و تتألق الأوجاع في سماء النسيان ، لإن الزمن لم يكن يوما ممن ينتظرون مخبولا يرافق خيال المستحيل

هيئته الصخمة إرتجفت كما لم تفعل يوما متلقيا منها نظرة و إبتسامة ، وصلتاه من اسفل خمس طوابق ، أصابت مشاعره هستيريا عظمى إثر غوغائية الهجوم النبضي العنيف ، ازدرد ريقه يحاول جاهدا أن يتماسـك ، شئ يشده لأن يبتعد عن النافذة ، و الحجرة .. شئ يتوسله لأن يركض خلفها طالبا إياها العودة ، فما زال الوقت مبكرا للرحيل

فـ لتبق قريبة ، مضيها يعني موت مشاعره ، إكتفى بـ المسلمات ، إكتفى و تخم قلبه ! و فجأة ، و من دون أي أنذار مسبق ، دفع جسده الضخم بقوة هائلة لم يسعفه عقله الكشف عن ماهيتها ، ليرتطم بأحد الجدران ، منكمشا على جسمه بمحاولة طبيعية للإحتماء ، الكون من حوله اصابه جنون صم اذنيه !

الزجاج تناثر ، و البنيان تصدع ، أبخرة من الجحيم تصاعدت لتملئ المحيط و صدره ، بصعوبة اعتدل جالسا لـ يسعل بشدة موجعة ، إختنق بالنفس الملوث بالبارود و رائحة الدماء و الشواء !!!!
ظل لـ ثوان و كأن لا ذاكرة لديه ، فلم يستوعب ما يحدث ، جل ما يريده هو ان يجر انفاسا طبيعية ، كسائر البشر ! ، أدمعت عيناه لشدة اختناقه ، و كاد ان يغشى و يستسلم لنوبة الربو المرافقة له منذ الصغر ، إلا إن الذهن عاد لعمله ، و لو ببطئ ملحوظ ، ليدرك بعد لحظات ، مجرد لحظات ، أن إنفجار استهدفهم ، هم ،، هم ، هي !!
يا الله
استند على الحائط متجاهلا طنين اذنه العنيف ، دوت اصوات الرصاص في الانحاء ، ليستعيد ذاكرته بشكل جزئي ، و بصرخة لم تتجاوز الهمس نطق : ميس

و كأن حروفها قد صفعته لترد له وعيه ، ركض متعثرا بأجزاء مكتبه المتناثر ، غير آبه بتقلصات قصبته الهوائية ، فقلبه من ينكمش لينتفخ بسرعة قصوى ، حالما خرج الى الرواق حتى تعالت الاصوات و تبادل الجمع الغفير من حوله الكلام المجنون المبتور ، لا أحد يسمع الاخر ، كل همهم ان يخرجوا من هذه البناية ، ينجوا بنفسهم قبيل أن يقرروا الاوغاد تفجير مفخخة اخرى تستهدف التجمعات الكثيفة حول ضحايا الانفجار الاول ، سياسة حقيرة اتبعوها ، و ادركها الجميع

تعثر بهذا و ذاك ، ضرب كتف هذا و دفع هذه ، عقله يعمل بسرعة الضوء ، يصور له فقدانها !! فقدانها الابدي ، يا الله ، أتوسلك ألا تأخذها ،، أصوات التكبيرات من حوله تقشعر لها الابدان ، صياح رجال و عويل نساء مرتعبات ، فـ انهيار شابات ، الجميع يردد الاستغاثة بإسم الله ، يتراكضون و يتدافعون ، فيتعاونون


: أحـــد يساااعدني ، الله يخليييكم احدد يساااعدنيييي

لم يهتم ، لاول مرة يصير انانيا و يتوانى عن تقديم العون للتخلص من الموت ! فهو بهذه اللحظة يشوى و كأن جسده الملئ بالرضوض قد تمزق و تناثر كأشلاء لحم متبعثر ، حشر جسده الضخم بين الجمع الهابط ، لينجح في اجتياز اربعة درجات ، و كل ما به يستصرخهم متوسلا ان يسمحوا له بالمرور السريع ، لا يعلم لم عاد ينصت لتكرار تلك الصيحة المستنجدة المنتحبة وكأن صداها إلتصق بأسماعه ، ليصرخ بإستنفار و يعود ادراجه راكضا متدافعا مع الاجساد البشرية ، حتى وصل للرواق الذي سمع منه الاستنجاد ، بحركة سريعة صار يبحث بين الحجرات ، حتى وجد ظالته ، لثوان زاغ بصره و هو يبصر هول المنظر للمرأة الحامل و الدماء المحيطة بها كبركة مرعبة ، وجهها غير باد المعالم لـ غرقه في نزفه ! ،
ركض ليحملها بلا ادنى إنتظار ، و عاد بها ادراجه نحو الاسفل صارخا بهذا و ذاك كي يفسحوا له المجال ، و عينه مغشية عن كل شئ ، لا يرى سوى صغيرته بثوبها الأبيض ، سيموت هلعا ، يا الله إلا هي ، خذني و اتركها لأهلها يارب ، لن احتمل موتها ، و لا عمر ، و لا السيدة كفاح ، الشقية إن رحلت سأموت !

هاجمته نوبة السعال العنيف كلما دنى من الطوابق السفلية حيث مركز الحدث ، و الفزع هنالك اضعافا ، هول المنظر صلبه لثوان ، لينتصب عند بقايا باب الشركة المنهارة بشكل مرعب ، يراقب ما حوله من الفوضى العنيفة ، و كأن الكون انقلب ، و كأنه يوم القيامة ، الحشر ، النبأ !
يتراكض الناس فزعين ، يهرعون للمساعدة و بعضهم للنفاذ بجلدهم المحترق ، كاد ان يخر باكيا من فزع المنظر يا رب ، يارب ، فكيف حالنا سيكون يوم الفزع الاكبر ؟
إلهي ، رحمتك ، إلهي أنت من يبصر ما احاق بـ عبادك الضعفاء ، فإنصرهم ، يا رحمن إرحمهم ، يا جبار إجبر قلوبهم المنكسرة ، يارب يارب صبرهم على مصائبهم ، قوهم بك على خساراتهم ، عوضهم منك سلوانا و قوة .. يارب

عدد لا بأس به من المنتمين للكادر الطبي الذين وصلوا حالا قد توفر من حولهم ، ليستلم منه احدهم المرأة التي يحملها ، و ما إن خف حمله حتى عاودته نوبة الربو ، ليختنق بشدة ، و عيناه تمتلئ بالدموع ، رفع بلوزته ليكمم بها فمه و انفه ، هاربا من رائحة الدماء المشتعلة ، و البارود الحقير ؛

دفع من قبل احد ما ليبتر عليه لحظات تسمره اللا ارادية ، فهو حتى هذه اللحظة غير مستوعب لما حدث ، و الأهم خائف ! نعم انه يرتجف خوفا من ان يراها بقايا ، كما هؤلاء المنتشرين ارضا ، ركض بسرعة باحثا هنا و هناك كالمجنون ، يدفع بهذا و ذاك حتى تتوضح له الرؤية و لكن ، لم يفلح

سعاله ازدادت وتيرته ؛ و حاول احد المسعفين مساعدته ، فرفض بهستريا ، و اخر من رجال الدفاع دفعوه للابتعاد عن المنطقة المخضبة بدماء من رحل ، و جثثهم ! فقابله بالصراخ المفتقر للتعقل ، ظل يتحرك بتيه مختض ، ينقب بين اشلاء من تبقوا ، و كأن قلبه قد أدرك الفقد ، و أيقنه عقله ، فلم يبحث بين من سلم ، هاهو يتراكض بين جثة و اخرى ، يتوسلهم ان لا يكونوا هي !

مزمجرا بكل من يعترض طريقه ، بكل من يسأله المساعدة ، بكل من يحاول ابعاده عن الخطر ، أي خطر اقوى من فقدانها ؟ أي وجع ينهش في الروح اقسى من وجع رؤيتها ...... !

لا ، ليست هي ، أتوسلك ربي ان لا تجعلها هي ، اتوسلكم انتم ان تخبروني بأنها لم تكن ترتدي الاحمر
أليس كذلك ؟
ثوبها الملائكي كان بلون اللؤلؤ ، أكيد هو ، إذن تلك الـ ... " نصف جثة " ليست هي ؟ أليس كذلك ؟ تبااااااا لكم لم لااا تتكلموون ؟ أخبرووني بأنني أعمى ، بأن عقلي فقد وعيه و صار يخيل لي من كوابيسه واقعا ، إصفعوني و إيقظوني من سباتي ، هيا افعلووووا

مالكم تصمتون ؟ سيئت حقيقتكم ، سيئت قلوبكم القاسية ، أرجوكم إكذبوا !!
يا الله ، يا الله .. لا تجعلها هي ، لا أستطيع ، لن اقدر ، ياااااارب

لا يدري كم ظل خائفا من الاقدام على الخطوة اللازمة ، يقف على بعد مترين ممن يرتعب ان تكون " هي " ، يتابع بقايا الجسد المسجى بدماءه ، و المقطع أشلاءا ، فلم يتبقى سوى جذع و رأس و اليمين !!!

أين البقية الباقية ؟
أين المسلمون ؟
أين العرب ؟
أين الإنسانية ؟
أين بغداد من هذا كله ؟
ألم تشبعي منهم يا أرض الكرام ؟
ألا يكفيك ما التهمت اراضيك ؟!
بربك ألا تخجلي و أنتي ترينهم يغطون عري حزنك بـ دمهم و أشلائهم
هيااا أخبريني يا من سميت بدار السلام اين السلام و أينك ؟
أينك من كل ما يحدث ؟!
هيا إنهضي ، ثوري ، قاتلي
فـ من يطئك بقدمه جبان ، فاشل ، حقير
لم ينصر أحدهم ويلاتك ، فإنصري نفسك أتوسلك
هيااااا إنهضي ، لا وقت للكسل ، لا تحقيقا للأمل
من تأملين بهم ضعفاء يا بغدادي ، أضعف من أن يكفوا الأذى عن أرضك
هاك يميني إستندي علي و إقصمي ظهري بثقلك ، فقط إنهضي .. فـ موتك صار يقتلني !

أضحى من الترف ان يدفن أبناءك بجثة كاملة ، صارت امنية لا يدركها الجميع ، يغادرون دنياهم بـ بقايا أجساد ملئت بأرواحهم الطاهرة يوما ، تستقبل القبور بعضهم المتبقي ببكاء ، أرأيت قبرا يبكي مقبوره ؟
أطفال و شيوخ و نساء
شباب لم يجدوا عن الموت مصرفا ، و عن التمزق مهربا !

يارب ، يارب ، يارب ، إنا لنشكوك ضعفنا و قلة حيلتنا ، إنا لنشكوك عبادك الكفرة و من معهم و من يمدهم بالاعانة
إنا نستجير بك من كل ظالم هلكت على يده الامم ، نحتسب أجر صبرنا و كمدنا و فقدنا بك و نعم الوكيل أنت يا الله


لم يجرؤ على التقدم ، طافت عيناه من حوله ، و صار الآن كمهووس يبحث عن وجودها بين الاحياء ، عنقه يستدير مع كل نداء استغاثة او صرخة وجع تنطلق من احدهم ، كل صوت اطلاق ناري يجفله ليبحث عن مصدره و يهيم حوله عله يرى طيفها ، يا الهي ، لا يعقل ان تكون هي ، يارب

لحظات مرت ثقيلة ، يشعر و كأن خرسانة عظمى القت فوق صدره و نجحت بهد رئتيه ، لا نفس يلج لصدره ، صار يسعل بقوة ، رفض مساعدة احد الرجال بـ شراسة ، لتتحول الى ثورة جنون حالما صفعته يد الواقع ، مخبرة إياه أن لا مجال للـ إنكار
هي من رحلت !
زاغت نظراته بفزع مبصرا لرجلين يقفان قرب ما تبقى منها ، يحاولان التأكد من موتها !! موتها

: لااااااااااااااااااااااااااااااا

صرخ بها بـ زئير ارهب من حوله ، و رغم الضجة العنيفة الا ان صرخته قد إخترقت الاثير و شقت صدورهم و لكئت رتق القلوب ، سقط على ركبتيه مكررا صرخته بـ صوت مبحوح ، هو السبب ، تبا له لو إنه تمسك بها ، لو اجبرها على البقاء ، لو حبسها بين يديه ، يا الله يا الله لقد ماااتتت
فقدها .. لا يمكن ، لااا

استقام من على القاع متعثرا بكل ما حوله من الاجساد و الجمادات المبعثرة من المحلات المنهارة ، نظره مصوب نحوها بإنشداه ، ما زال غير مصدقا و كيف يفعل ؟
لا تلوموه ان تشبث بالأمل ، فالواقع مشتعل ، أحرقه بـ جمرات متقدة لتترك جلده يعاني من بعدها إلتهاب كاسح !

: مـ يـ ـ س
رددها بذهول ليخر قربها و عيناه توسعتا قهرا ، مالذي ابقوه لها ؟ سلبوها حقها في اطرافها ، في روحها ، في حياتها

: م ي س

عاد ليكرر و البؤس حل عليه ، تعسا لهم إختطفوا منه روحه ، كم سيكون جميلا لو سكن قربها هنا ، لن يكون مضطرا لتحمل وجع القلب هذا ، فؤاده صار ككرة نارية ضخمة إلتصقت بجوفه فلا قدرة له على لفظها ، و لا قابلية يملكها ليقاوم الم الاحتراق بها

مد يده بـ إرتجاف نحوها ، يحاول لمسها لـ يستحي منها و من أخيها ، فيعود راميا إياها قربه ، يرفض الحقيقة التي اعتلت المنابر الشاهقة في عقله ، يناور تصديقها ، يتشبث بالوهم ، فقط كي لا يكون أول من يشتعل بفقدانها ، هي حية ، و ستستيقظ
لا يهم ان فقدت أطرافها ، سيعوضونها بأخرى ، سيفعل مع عمر و علي المستحيل من اجلها ، لا يهم ، المهم أن تتمسك بروحها ، فإن رحلت لن يتوان عن ذبح نفسه من الألم !
كرر نية لمسها ، و بعد عدة محاولات ، حطت يمينه على يسارها المتبقية ! هزها بعناية ، برقة ، بـ أمل شهيد ، مال برأسه نحو رأسها ليهمس قرب إذنها بغصة بكاء : قومي ، ابوس ايدج لتحرقين قلبي ، قععععديييي ميييس قعدييي

أسند رأسه المطرق على كتفها المصاب ، شعر بدماءها النقية تبلل جبينه ، لفحته صفعة عطر إستنفرت لها جميع حواسه و لهبت خلاياه الشمية ليختنق أكثر ، عطر ترك لنفسه بصمة غامقة على جدران ذاكرته و لو مر من الآن مئة عام لن تخبو القشعريرة المصاحبة له ، تمنى أن يستنشق عطرها ليعيش تفاصيل ذكراها ، و ها هو يفعل ، تشق أنفه رائحة دماءها العميقة الاثيرة ، ظل يكرر توسلاته لها لتستيقظ من دون أن يرفع رأسه و يلمح وجهها المخضب بالأحمر النازف

: ميس ، قومي حتى اقلج شي ، انتي تدرين ، تدرين بية أحبج ، لج امووت عليج ، لج قووومي ، إذا رحتي اموت ، ما اقدر ، لخاطر امج لخااطر عمر قعدييي لخاطر اي احد بس قوومي ، لتموتيين ، لج شلوون ، لج اممج تتخبل ، مييييس ابوووس ايييدج قووومي ، تعاركي وياااية ، قوليلي ما اتدخل بقراراتج ، قومي و روحي وية حسن وين متروحين ، تزوجيه ، حبييه ، بس لتروحين .. لتعوفيني و تموتين

: أخووية قوول يا الله ، إنا لله و إنا إلييه راجعون
: إنتة تعرفها ؟
: جاوبنا يمعود اذا تعرف اهلها حتى منحطها وية المجهولين

تداخلت الاصوات من حوله ، ليزمجر بهم بجنون ، بعد أن افاق و إستعاد تركيزه : عوفووووهااااااا ،، محـــد منكم يطخهااا

اعتدل جالسا ، ثم خلع سترته ، ليتحرك بوجوم موحش ، مغطيا الصغيرة بها ، ليتبعها بخلعه البلوزة الصوفية مكتفيا بالقميص الأبيض ، إنحنى بجذعه نحو " شهيدته " ، يمسح اثار الدماء من على ملامحها بـ ' البلوزة ' ، يحاول جاهدا أن يتمسك بتلابيب الشجاعة و لا ينهار ، لا أحد هنا ، عليه أن يضع هذا الامر بالحسبان ، لا علي و لا عمر ، فعليه هو أن يكون حملدار الحزن ، ليوصله حيث ينتمي !

بهت لونه و هو يتبين إبتسامتها الخفيفة لكن الواضحة ، حاول إبتلاع ريقه ليفشل ، أخر ما فعلته في دنياها إبتسامة بحقه ؟! أ ظلت ملتصقه بملامحها رغم ألم الموت ؟ دمعة قهر إنحدرت من عينه اليمين ، متمنيا بحق لو كان بإمكانه الإنتحاب ككل من حوله ، مال نحوها مجددا ليقبل جبينها الندي ، الحار ، هامسا بـ همهمات مبتورة ، موليها رسائل عشق لم يسعفه دينه لأن يدلي بها ، معترفا بذنبه في حق برائتها ، و إخوته لشقيقها !

: ميس ، حبيتج ، و حتبقين اغلى شي عندي .... روحي يم ربج احسن ، و ابقى اني اتعذب ، أتعذب حييل ..... إدعيلي إنتي ربج يصبرني ....... الوجع الي بقلبي ديموتني ، ديحرررقني ميس ، يحرررقني .... رح يموتني ، و ياريييت اموت ، لأن ماعندي استعداد افتح عيني و انتي مو بهالدنيا
لج ميس ليش .. ليش ، أني مـ نااقص والله مـ ناقص !

قميصه الأبيض تلطخ بدماها الدافئة ، لتلامس صدره و بطنه و ترسل ذبذبات الإندلاع لكافة اعصابه شاعرا بالجو الخانق من حوله يكتم كل خلية بجسده و يعصرها ، لكنه تحامل على نفسه ، و ابتعد عنها قليلا ، ليخرج من جيب السترة المغطية لها هاتفه ، و لتغريه بذات اللحظة السلسلة الطويلة المزينة صدرها المدمى ،
توترت يداه ، و إشتعل القلب شيبا ! لكنه تحامل و إنتزعها من على رقبتها برقة ، مقبلا اياها بالدمى الملونة لاجزاءها ، بدون تفكير إرتداها و نظراته مصوبة على إبتسامة حبيبته الصغيرة ، أخفى المدالية الحاوية على " اللهم صل على سيدنا محمد " تحت قماش قميصه ، ثم وضع الهاتف بجيبه ، ليقرر الإبتعاد ببقاياها عن هنا ، احكم اغلاق السترة على جسدها المتبقي ، ليرفعها و تقسم قلبه خفة وزنها ، متحركا بها بخطوات تجر نحو الجحيم ، ضاما اياها لصدره كطفل يحتضن امه !








.
.
.




لما وصل موقف السيارات الخاص بالشركة ، لم يفجع بالإنهيار الحاصل ، فحسب ما تناقلته الألسن الصارخة و ثقب اذنه ، أن سيارة " حمل " لـ اطنان هي من فخخت ، لذا فإن الضحايا البشرية و المادية كاونوا ذات قيمة عظمى يكافئ عليها من أنجزها

وجد سيارته بصعوبة ، و بأخرى أبلغ فتح بابها الخلفي ، ليقرر إيداع حياته بها " مؤقتا " ، حتى يبحث عن بقاياها !

أ تتوجعون ؟ أ إنهمرت دموعكم قهرا لحالي ؟ لن تتدركوا أبدا ما أعانيه ، أبدا .. إني لأشعرن بأن ذرات الهواء المستنشقة كحبات جمر تشعلني دون إنطفاء ، أشعر وكأين من خنجر يطعن كبدي والرئتين ، و أن هنالك من فقأ عيني بسبابته والوسطى ورش فوقهما ملحا كزبد البحر ، كل أجهزتي الحيوية تبكيني و تبكي حزني ، أتمنى السقوط بلا وقوف أخر ، لكني أدرك جيدا بأن هنالك الكثير لأفعله قبل أن أستسلم لـ كمد الوجع ! يا الله ، إني أتلظى فوق اللهب ، نفسي تؤلمني و جدا ، يارب صبرني

عاد حيث بقعة الموت ، حاملا بيده ملاءة وجدها في سيارته ، و يده الاخرى تتصل بـ أول من خطر بباله ، علي !
طال إنتظاره قليلا ، حتى اجابه رفيقه ، و ما إن سمع صوته حتى تملكته رغبة عارمة بالبكاء ، يا الله إنه ليحتاجه الآن ، يحتاجه جدا ، لم يستطع منع رجفة نبرته وهو يبادر بتمزيق أول الصدور ، و لكن ليس مثله ممزق ، حتى والدتها لها منها بقية ، لها شقيقتاها و عمر ، ستلهى بهم ، إلاه ، فهو بفقدانها فقد الوان الحياة السبعة !

: ألـــن إحجي شكو ؟
: ميـ ـس ......... ما .. تت
صمت حل على الطرفين من بعد تلك الجملة الموجعة ، ليقطعه علي بنبرة مصدومة راجفة لا تليق به : شنووو

لا يدري لم لم يستطع كبت دمعة فرت من مقلته ليجيب بحشرجة مزقت طلبة الاخر ، حتى كاد يبكي رفيقه و حالة اللا وعي التي تلبسته : لك راااحت ، و الله العظيم مجنت نااوي اسوي شي ، لك سكتت ، حطيت قهري بقلبي و انجبيت ، بس راحت ، لك قدامي ، عليييي قداامي شفتها غرقانة بدمها ......... علي ،
ما اقدررر اقولهااا ، شلوون اقولهااا ، قلبي مينطيني آآآآخ لك آآآآخ ، تعااال طفي نااار اخوووك راااح اتخبل

: ألللللن اسمعنييي ، اوقف بمكاان عدل مدا اسمعك زيين ، أوووقف و فهمني شصاار ، لك شلوون مااتت ؟ عمر يدري ؟ أمها تدري ؟ فهمنيي شصااااار

: الحقني ، إلحق اخوووك لك رااح امووت ، نااار دتاااكلني

: إسمعنيييييي ، إثبت شوية و اسمعني
قول يا الله ، يللااا قوووول

: علـ ـ

: قووووول
: يااااا الله يااااا الله يااااا ررررب
صمت ران بينهما ، لا يتخلله إلا صراخ متواصل و ضجيج اخرق أخبر علي عما حدث ، لكنه إستفسر بـ شحوب ملامح : فهمني هسة ، شصار

أجابه الأخر متخذا من احد الجدران مسندا لجسده المرضوض ، و قلبه المكسور : انفجار يم الشركة

بتوتر سأل و هذه المرة كان هو من يعاني من الانكار : إنتة متأكد إنو ماتت ؟ يمكن ضاعت و مـ لقيتهـ ـ

: قتللللك شفتهااا ، شلتهااا ، حجييت ويااهاا بس متجاوب ، قوول حضرة الدكتوور ، من تشووف نص جسم ، بلا ايدين و رجل ، من تشوف وجه مليان دم و مبتسم ، يعني صاحبه عااايش لو مييت ؟ عاااايش لووو مييييت جااااااوبنيييي

: لا إلــــــه الااا الله ، ياااارب رحمتتتتك ، إناا لله و إنـــا إلييه راجعووون
ألــن حبيبي شوية اصبر شووية لحدما ارجع ، دخيل ربك قوي قلبك ، لك والله ادري صعبة بس .. إصبر

: هسة شسوي ؟ فهمني شسوي وانتو مو يمي ؟ شسوي لحدما تجون ؟

: مااادري ، اوقف خلي استوعب ،
هية هسة وين ؟

: بـ سيارتي

: ألـ ـ

: لك راح اموت ، لك علي شلووون ؟ فهمني بربك ، دخيل محمد نبيكم ، قلي إسلااامكم يقول ذبحوا بالعالم ؟ يقووول خلوا البشر بنص اجسامهم ؟ يقووول غلسوا الشوارع بدمهم ؟

: لك إسلاامنا يقول هدم الكعبة ارحم من دم مسلم ، لك ذولا يهود كفرررة ، ذوولة ربهم ميخافووه

: شسوي اني هسة ؟ شسوي فهمني

: عندك رقم واحد من نسابة عمر ؟

: ما ادري ، يمكن عندي رقم ابو مينا

: اني عندي ، هسة ادزلكياه أخاف ما عندك ،و اني اخابره اقله ، إنت اخذهه لمستشفى .... بـ ـ ـس

: بس شنو ؟

: لقيت الـ ـ

: بقية جسمها ؟ هههههههههههآآآآآآآآخ آآآآخ علي آآآخخخخ ، لأ ملقيت شي ، هسـ ـ ـة اروح ادو....ور

: ألـ ـ ـن

: إرجع بسرعة ، قبل لا اموت

: لتخابر احد إنتة ، لتخلي احد يشوفك بهالحالة و تفضحنا

: يااا فضيحة ؟؟؟؟؟ تخبببلت انتتتة اقلك راااح امووت و انعل ابوو كل واااحـ ـ

: ألــن إسمعنننيي زين ، البنية طوول عمرها طاهرة ، لتشكك الناس بيها ورة ما الله رحمها و اخذها ، اصلب طولك و اثبت قدامهم ، و صدقني ما يجي الليل الا واني و عمر يمكم و لحد ذاك الوكت اريدك تتحمل ، دخيل ربك اتحمل

: ماااا أقدددددررررر

: غصباااا مااا عليييك تقدررر ، إذااا تحبهاا مثل متقوول تقدرر

: إذا احبهاا ؟ هههههههآآآخخخخ لك يوووجعني قلببببي
يللا روح خابر رجل اختها ، خلي يجي اني ما اقدر اسوي شي

ما إن أغلق المكالمة حتى أكمل طريقه باحثا هذه المرة عن أشلاءها الحبيبة ، كيف سيجدها وسط هذه الفوضى لا يدري ، لكنه لن يفعلها و يتقهقر بـ صدمته و ألمه ، سيكرمها بإيجاد اجزاءها كاملة ، لتدفن و فوقها قلبه ، إلى الأبد !




.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
قديم 02-07-13, 06:32 PM   المشاركة رقم: 70
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو مبدع
كونتيسة الأدب النتي


البيانات
التسجيل: Mar 2012
العضوية: 240233
المشاركات: 841
الجنس أنثى
معدل التقييم: حلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالقحلمْ يُعآنقْ السمَآء عضو متالق
نقاط التقييم: 3128

االدولة
البلدIraq
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
حلمْ يُعآنقْ السمَآء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : حلمْ يُعآنقْ السمَآء المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم

 




إنهار على احدى درجات السلم ، جالسا بـ ذهول ، يده الحاملة للهاتف تهاوت قربه ، مرت عليه برهة من الزمن وهو شارد الذهن تماما ، لا يرى سوى الضحكة الشقية المرسومة بإتقان على ثغر تلك المشاكسة النابضة بالحياة ، يا الله
هل غادرتهم فعلا ؟
أ جاء عمر مع زوجته لأجل تخليصها من خطر الموت ليفقد شقيقته هناك ؟! سبحانك ربي ، و رحمتك
شعر و كأن جسده رغم ضخامته يفتقر لطاقة تمتلكها نملة ! متخشب الظهر غير واع لجلوسه الغير منطقي هنا " من وجهة نظر سكان هذه العمارة " فهو ليس سوى غريبا في عقر دارهم ، ظل على حاله لفترة ، لا يحس بشئ من حوله ، يحاول رسم خطط مختلفة لكيفية إخباره عمر !
يا رب ، كيف ستؤاتيه الشجاعة لفعلها ، أنى له أن يذبح قلب رفيقه ؟! فرك وجهه مستغفرا بمرارة ، بغداد تحتضر ، فـ يا طبيب الكون هل لك بدواء سريع ؟ تستجديك أراملها و اليتامى و من ثكلت ، فإرحمهم يا ارحم الراحمين

احس بصعود احدهم ، و لم يهتم فعلا بتغيير حاله ، ليفاجئ بـ عديله واقفا امامه ينظر اليه بإستغراب و لهاث عجل يفصل بين كلماته اللا واعية : ها شبيك علي ؟ خير يمعود خوما صار شي وية عمي ؟

أدرك الأخر بكون من قدم جاء على اثر طلب خاص ، و لم يحتاج لتفكير عميق فيدركه المرسل ، زوجة قاسم و من غيرها !
بـ حشرجة انفاس اجابه و هو يستقيم بـ وقفة مائلة مستندة على الدرابزين : اخت نسيبي توفت

: لا إله إلا الله ، انا لله و انا اليه راجعون
البقاء لله اخوية

: و نعم بالله

هز رأسه متمتما بـ خفوت ، بعد ان حمل هاتفه ليبدأ عمله شاحنا نفسه بطاقة " منتهية " ، بغياب ذهني واضح .. صار يلامس صفحة هاتفه ، من دون ان يدرك ما يتوجب عليه فعله ، و الاخر يراقبه بكثير من إهتمام و قلق ، ليقدم على قول : ابو حسين شمحتاج ؟ إعتبرني اخوك

رفع رأسه نحوه ، ليهزه بـ خفة ، و كأنه يود إسترداد ذاته ، فيتحدث بعد حين : متقصر ابو ليث
بس وصلني لمستشفى .... إذا عندك مجـ ـ

: صدق كذب تأمر أمر ، يللا السيارة بباب العمارة ، و اذا تحتاج اي شي ثاني لتتعطل بطلبه

: إلقيلي حجز طيارة اليوم ، لشخصين

: بعيني




؛




لا يدري كم ظل هنا يرافق المنكوبين الباحثين عن ابناءهم ، و أجزائهم ، كم ود لو أنه يشاركهم البكاء و العويل ، لكنه لم يفعل ، فيعلم جيدا بأن لا كف ستطبطب على كتف فقده ، فبكل الأحوال مجبر اخاك لا بطل .. بعد حين من الموت ، إستطاع العثور و " لملمة " ما تبعثر ، و لا يدري أنى له أن يتعرف ، و لكنه فعل !

قال أن الدموع اللبقة لن تعتب عينيه ، لكنه كذب ، فهاهو نشيجه يعلو لتلتقطه الأسماع ، و هو يخفي بقايا الصغيرة في الملاءة ، حاملا اياها بعناية ، و متوجها بها حيث سيارته التي ما إن وصلها و فتح بابها هاجمه العطر و ذكراه الدموي ، لم يمنع نفسه من الإستسلام لرغبته ، و الجلوس خلفا قربها ، واضعا رأسها في حجره ، ماسحا ملامحها للمرة الأخيرة بهذه الحرية ، يحاول إختزان صورتها ، و عطرها ، و الإبتسامة !

ويل لقلبه كيف سيصبر ؟ إنحنى على جبينها يقبله مجددا ، ليهمس بـ رعشة بادية شاعرا بطعم دموعه الممتزجة بشئ من دمها : حبيبتي ، الله يرحمـ ـ ـج ، شقد جنت أحبج ميس ، هواية ، ما أدري شراح اسوي بنفسي وراج ، ما اريدها و الله ما اريد نفسي ، فهميني شلون اصبر ؟
ميس جنتي تدرين ؟ تدرين صديق اخوج المسيحي المخبل يحبج ؟ اصلا مصار مخبل الا لما حبج ! حبج حب مـ حبه بيوم لأي انسان حتى اهله ، بت عمه الي المفروض جانت خطيبته ، أمه .. و هسة ما رح اتعذب من شي بقد ما راح اتعذب من حبج
حبيبتي ، صغيرة ، الله يرحمج
و أسسسف ، أني أسسسف لأن خليتج تروحين .. حيييل أسف ميس ، أسسف يا قلبي لأن ذبحتك بنفسي

قليلا و طرق بذهنه مطرق الإستيعاب ؟ مالذي يفعله ؟ أليس من الأكرم لصغيرته أن تكون تحت رعاية طبية ، فهي تستحق ذلك بعد كل شئ !
تركها مستلقية على المقعد الخلفي ، ليترجل و من ثم يتخذ مكانه خلف المقود ، فض بقايا الدمع من على وجهه ، و تحذير علي يرن بأذنه ، لا أحد عليه أن يعلم بأن قلبه يحتضر و من ثم ترسم له خيالاته ما لن يرضاه بحقها ، لن يسمح ابدا أن تمس الشقية بسوء




.
.
.



الترقب المتوتر هو الوحيد السادي بغلظة فوق بقية المشاعر الساكنة به و هو يتبع علي خارجا من غرفة زوجته .. تاركا إياها متخبطة في الحيرة ، وهو ليس بأفضل منها حالا ، فحتى الآن ، رفيقه لم يفصح عما هنالك ، قلبه يعتصر بالقلق ، يخاف أن تصدق مخاوفه و يكون هنالك شر قد أضمر لأهله !

وجود عديل رفيقه معه شتت رعبه نحو عائلته لبرهة ، فلو كان فعلا ما دخل هذا ؟ لربما المشكلة تعود لعلي ، و إبنة قاسم !!
لم يتوان علي عن الإفصاح بعد أن صار الثلاثة خارج بناية المستشفى ، واقفين بإحدى الحدائق ، تصفعهم الريح الباردة ، و تجمد حركات جسدهم بـ قوة غريبة ، متقابلان بوقفة مهيبة ، أحدهما ينبعث من نظراته القلق ، و الأخر الشجن ، ليكون صوته مسجى بالوجع و هو يبادر بالقول : ابو خطاب ، إنتة مؤمن بقضاء ربك و تدري كلشي مكتوب ، و كلنا على هالطريق

قفز قلبه حتى الحلق ، ليرفع يمينه فوق رأسه ، ضاغطا على جمجمته بقوة ، ليصيح بـ رجفة لم تدعه وشأنه : أمي ؟

تقدم الأخر حتى وضع كفيه فوق كتفي رفيق دربه ، باثا به شئ من تماسك ، هامسا بحرارة مشاعر تتلظى ، و لا يدري لم عصره قلبه على ألن ، فهو من واجه المصاب الأول بمفرده ، لا شئ يتمزق معه سوى وشائج قلبه و حنايا روحه

: ميس ... استشهدت بإنفجار

لا يدري كيف فلت من تحت يديه ، ليخر راكعا بلا طاقة ، جلس علي القرفصاء قربه ، ليتناهى له همساتها الضعيفة المذهولة ، المنهارة : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ، إنا لله و إنا إليه راجعون ، يااارب لا
اختي
اختي
يارب رحمتك
يارب اختي !
ميس
صغيرة
ربي ، بعدها طفلة
يا رب ،
حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الله و نعم الوكيل
إنا لله و إنا إليه راجعون

ظل يكرر عبارات المواساة لنفسه حتى هدأت روحه المذبوحة ، و تقبل ذهنه فزع المصاب ، لتنساب دموعه بـ فراسة أب ، والد فقد قرة عينه ، ميس صغيرته ، مدللته ، إنها الأقرب لقلبه ، أكثر شقيقاته ملئا له ، الشقية المشاكسة نبض الجنون في المنزل
سيموت ، منزلهم سيموت بـ ....... غيابها !

يداه المتهاويتان ارضا ، ارتفعتا لتتعاونا على عصر رأسه ، بعقل مغطى بملاءة الصدمة القاتلة صار يردد : شلون ؟ وين جانت ؟ الله ياااخذهم ، الله ياااخذهم شلووون ميخافوون ربهم ، علي أختي شلون ماتت ؟

شد أزره بضغطه الحاد على كتفه ، ليهمس بتفهم ليس من طبعه : أصبر عمر ، إنما الصبر عند المصيبة الأولى ، اذكر الله حتى يقل وجعــك

صاح باعتراض و الحرارة تشع من كل انش من جسده ؛ شاعرا باللهيب الداخلي يترك علاماته على اجزاءه : يقل وجعععي ؟ لك شلعت قلبي من مكانه انتة ، لك هااي مييس ، شدتقوول ، تعرف شنو يعني ميس ؟ ضحكة البيت هاي ، لو مو هية .. كلنا ....
. علي ، احلف والله راحت ؟ لك مدا اصدق ، الصبح خابرتني قلتلي حتروح للشركة ، الصبح تشاقت وياية علمود لين و رزلتها على استهتارها بالحجي ،، سديت التليفون بوجهها .. قلتلها ولي بعد ماريد اسمع صوتج و سديته
أخر شي سمعته صوت ضحكتها و هي تقول " لتحاول ،، متقدر على فراقي " ، تدري ، هية تدري بغلاها ، تدري ما اقدررر ما اسمع صوتها ، علي فدوة لربك انتة متأكد ؟

تلكأ متشبثا بـ امل مدرك بكونه لا يتجاوز كونه سرابا : زين
زين ، زين بلكي بس مصابة ، يعني مو ميتة بس .... إصابات ؟ دخيلك قول احتمال ، قشمرني و قول إحتمال

: عمرررر قول يا الله شبيك ، شنوو هالحجي ، هاي عود انتة الرجال لعد امك وخواتك شراح يصير بيهم

بصدمة لم يستطع تجاوزها نطق : راح يموتون
ليستطرد بـ ألم باد : حقك ركضت ورة قاسم تريد تطفي حرقة قلبك
اختي حرقت قلبي ! حرقته

بأسف حقيقي كرر علي ، و هو يحاول ان يكون عونا حقيقيا في هذه اللحظات : عموري حبيب قلبي

ليبتر مواساته المفرغة من النتيجة بقول : أني لازم اروح ، امي .... هية ، أرييد أشووفهاا

تجلى القلق على ملامحه التي شحبت ، على وصف ألن ، رؤية عمر لها ستؤدي بعقله ، رغم إيمانه الشديد " و الذي يغبطه عليه فهو ما جعله متماسكا حتى هذه اللحظة " ، إلا إن رؤيتها كـ بقايا ستطارده كعفاريت حمراء حتى تفلت منه خيوط اعصابه : ان شاء الله اليوم نروح اني وياك .. وصيت ابو ليث يحجزلنا

فرك وجهه بقسوة ، ماسحا بقايا الدمع .. متمتما بشرود : أمي درت ؟

كان يراقبه بمبالغة في الاهتمام و قلبه ينتفض بصدره مذكرا إياه بحاله عند كل فقد ، والده ، مصطفى و الصغيرتين : لأ

كاد أن يأن بحاجة للإنتحاب ، صورتها طبعت على جدار قرنيته لتراه يهمس متوجعها : لتقولولها ، خلي ارجع

حاكاه علي بتماسك ، محاولا أن يتشبث بالواقعية : مترهم عمر ، منو يقول نحصل حجز اليوم ، واكيد هسة بالاخبار علنوا عن الانفجار يم الشركة و رح ياكلها الخوف

تحرك بتخبط ، ذات اليمين و ذات الشمال ، تارة يفرك شعره ، و أخرى ذقنه ، يليها عنقه النابض بحرارة ، و غم ، بإختناق تسللت الحروف من بين فكيه فخرج صوته غريبا لا يمت له بصلة : أحسن مما تاكلها الحقيقة
وقف قليلا ، و معه مراقبة علي و عبد الله ، اذ تابعا نظراته التائهة و هو يهمس بلا تركيز : ألن .... صار بيه شي ؟

زم شفتيه على ذكر ذلك الاخرق ، ليجيب و كل ما به ينبض بالقلق : لأ

عاود حركته المريبة ، و هو يهمهم بأشياء غريبة لم يتوقعا ان يفهما منها شيئا ، بأخرها توقف مطرقا رأسه نحو القاع ، رافعا كفيه نحو وجهه ، لينطق بتشنج و نبرة البكاء باتت واضحة بصوته : هسة منو يمها ؟ هية وين ؟

إنفطر قلبي الرجلين ، أن يرى رفيقه على شفا الإنهيار محاولا التمسك بقشة لئلا يتكوم ارضا لهو أمر شديد ، يدمي الوريد و ربكم ، تحدث بـ حنو متذبذب : ألن حياخذها للمستشفى ، و خابرت ابو مينا و هوة خابر محمد و راح يروحون وراه

ليزفر بقوة ، ثم يتسمر مكانه و كأنه تذكر توا ، ليحاكي رفيق صباه و الطفولة بترنح بين الشرود و الصحو : إنتة لترجع ، لينا مو مال تبقى وحدها ، و عمليتهـ ـ

ليقاطعه الأخر بثبات لا يرجو النقاش : لازم ارجع ، معليك بلينا عمليتها سهلة ان شاء الله

تغضن جبينه و طنت أذنيه بأصوات متفرقة ، مرعبة ، ضغط صدغه محاولا التخلص من هيمنتها : شنو سهلة ؟ منو يبقى يمها ؟ أختـ ـ ـك تخـ ـاف

كم توجع للفظة " أختك " ، كاد ان يخر راكعا ، ساجدا ، متوسلا رب البرية ان يكون علي كاذبا ، أن يكون ألن ممازحا ، أي شئ ، فقط أن لا يفقد أخته الحبيبة ، مدللته ، مالذي بإستطاعته نسيانه ؟ أي موقف و أي مشاكسة و أي قبلة خد او ضربة على الكتف مباغتة ؟

أنى له أن يبصر نورا بمنزلهم و يسمع دويا للفرح ؟ فرح ؟ و أي فرح سيزورنا بعد فراقها ؟ الحزن وحده من سيرافقنا كـ ظل ظليل ؛ وفيا مخلصا لا يبتعد عنا حتى في أسرتنا ، يحتضننا حتى العصر ، يهشم أضلاعنا الواحد تلو الأخر ، و لا يهتم : خابرت رسل ، و فهمتها الوضع و محجت البنية ، تبقى هية و امها يمها لحدما ارجع اني

ليأتيهم صوت عبد الله متدخلا بتوتر و الألم مرسوم على ملامحه بدقة : علي لتخاف على اختك ، اني هم هنا ، و ان شاء الله يومية اجيب ام ليث تبقى يمها ، إنتو توكلوا على الله ، لتشيلون همها هسة ،، المهم نلقالكم حجز
هز رأسه موافقا ، و ممتنا لـ رجولة عديله ، لينقل بصره حيث المنكوب ، يحادثه بتأني : عمر لتقلها و لتبينلها شي للينا ، نقلها ألن متأذي و رايحين علموده

رفة جفن خفيفة دلت على سماعه ، و موافقته ، ليتحرك بخطى مترنحة متجها نحو إحدى المصطبات ، راميا فوقها جسده الواهن ، المريض بالفقد ، لم يكادوا يهنئوا ، و يسلوا عن فقدان شهيدهم الأكبر ، حسين ، لتتبعه صغيرته

يا إلهي إنها ميس ، كيف سيتصبر بفراقها ؟ أنى له ان يتجرع قارورة العلقم و يلوك الصنوبر بين فكيه دون أن يختنق ؟ هل عانت ذات الوجه الضاحك ؟ هل تألمت و هي تستسلم لقدرها ؟ مالذي كانت تفكر به في اللحظات الأخيرة ؟
أأدركت بأن فقدانها يعني فقدان منزلهم لكل معاني الحياة ؟ سنتضور بعدك بؤسا ، يا صغيرة ، يا حبيبة

: عمر ، رايح اشوف لين

لم يبدي أي إنفعال ، فقط رفع كفيه لوجهه ، فاركا ملامحه بـ رتابة ، صدره يشتعل ، يكاد يستنشق دخان احتراق الاضلع ، يا رحمن ، إرزقنا صبرا و سلوانا ، يارب
أيان مرسى الحزن ؟ أ سيجئ يوما تنطفئ به إنارات المآتم ؟ يتلكئ به الدفانون عن عملهم ؟ هل سنبصر يوما من دون دم ؟ أم إن أراضينا أدمنت السقيا بالدماء ، ما عاد الماء كافيا لها لـ تنبت !
شظايا ، يشعر بروحه انقصمت لشظايا تناثرت و اضاعها ، طعنات غدارة تشق جيب صدره لتساهم في مذبحة القلب و نثر دماه ، يا الله
مالي سواك نصير ، فـ قوني بك
هنالك من تحتجنني ، و أنا أحتاجك ، فـ كن عوني يا رب
حسبي أنت و نعم الوكيل
حسبي أنت و نعم الوكيل
حسبي أنت و نعم الوكيل








.
.
.

: وهسة ؟ نروح لعمتي نقوللها ؟

: ما أدري ، والله ما ادري ، هية قلبها ديلعب .. أني وصيت ام مينا متخليهم يشكون بشي ، بس ما عندي ثقة ميعرفون ، خصوصا هية كل دقيقتين تخابرني

: إنتة الله يسلمك ، لو قايللها الصدق

: محمد صعبة .. خليها عبالها حالتها خطرة احسن

: قولولها لام عمر

إلتفت الإثنان نحوه ، صهرا رفيقه ، قابلهم بنظرة باردة ، مهمهما بـ فتور مهيب " أحسن " ، و هالة الرعب توسعت بـ لطخات الدم المالئة وجهه و ملابسه ، و كأنه قد سبح في وريد الحوت الأزرق !!

تحدث زوج الكبرى بـ تعقل : لا خلينا ننتظر عمر ، وجوده ضروري بالنسبة لأمه

ليقاطعه محمد : بس اخاف يتأخر

فيجيبه الاخر بهدوء ، و نظراته مصوبة نحو المسيحي " المحتضر " : لا جايين بالطريق ، مو مال نقوللها وهية وحدها ، أعرفها متتحمل

توجس الاصغر من نظرات عديله ، ليعلق قاصدا الغريب بينهما : ألن ليش متروح ترتاح ؟ إنتة من الصبح على وقفتك هاي ، على الاقل بدل هدومك اغسل ، و بعدين من يجي عمر إرجع

تغضن جبينه لـ ثانية ، مطرقا رأسه لينظر لـ قميصه المغموس ببركة حمراء ، شاعرا بإلتصاقه على جسده ، حاميا له من اي لفحة برد قد تعصف بالجالسين من حوله ، زفر بضيق ليكبت رغبة ملحة تسكنه للذهاب لمنزل عمر ، يرغب برؤية والدتها ، إحتضانها ، الانتحاب بين ذراعيها ، فهي الاقرب لحزنه ، و الأمثل لـ وجعه منهم جميعا

لم يعير قول محمد إهتماما ، إكتفى بـ تكشيرة خفيفة ، فهذا جل ما إستطاع جسده التعبير عنه ، إنه مرهق ، مرهق حتى الموت !
و زاد الأمر سوءا نوبة الربو التي عصفته ، لتجعله تحت رحمة الأوكسجين المضغوط لأكثر من ساعة ، ليتهم لم يسعوا لإسعافه .. يا ليت

يغمض عينيه بين لحظة و اختها ، يمينه تضغط من فوق القميص على ميدالية السلسلة التي يرتديها ، يشعر بحرارتها تلسع جلده الأبيض ، فتترك عليه وصماتها الحارقة
مر حين من الوقت ، لا يدري إن كان طال او قصر .. لتنتشر ضجة في الانحاء ، جعلتهم الثلاثة يديرون رؤوسهم حيث مصدرها ، إستنفرت وجوه المسلمين ، أما هو ، فـ كأنه وجد الجنة ! استقام من على مقعده ، متابعا الحركة البطيئة لـ تلك الأرملة ، الثكلى ، كان أنانيا لدرجة مرعبة ، فتراه تقبل وجودها بـ راحة ، كان ينتظرها ، فـ أتت !

لحظة فقط و تحولت الأنانية تلك لكومة من رماد ، سرعان ما هبت عليها ريح الإنسانية ، لتتناثر و كأنها لم تكن ، النظرة التي ظهرت في احداقها المتوسعة الزائغة كانت كافية لتجعله يتمنى لكم وجهه بقوة ، ماذا كان سيخسر لو إنه غير ثيابه ؟ تبا له !

تقوس قلبه بجزع ، و هو يتابع ترنحها الأخير ، قبل أن تتهاوى فاقدة للسيطرة ، لكن وجود ابنتيها قربها منعها من الإرتطام بالأرض ، ليتقدم الرجلان بسرعة نحوها ، فيتحركا بها نحو احد المقاعد ، ما إن اجلساها ، حتى صاحت بالجميع بـ رهبة و وجهها الشاحب أخافهم : بتي وييين ؟؟ ميييس وييين ؟ و ديروووا باالكم تكذبوون علية ، قولولي الصدق ، أتحمل ، بتي شصار بيها ؟

وصل سمعه زمجرة الاكبر التي القاها بغضب على قلب زوجته المنتحبة ، يلومها على عدم انتظارها عودة شقيقها للإدلاء بما تعرف ، و مالذي تعرفه من الواقع ؟!
اهتز جسده حينما حل الصمت كجواب للمرأة المثقوب قلبها ، لتفزعه و هي توجه توسلها اليه هذه المرة ، متمتمة بـ ذهول مرتعد : عزة بعيني ، ألن لتقول هذا دم بتي ، أبووس ايدك لتقول دمها

أجفل ليرتد خطوة الى الوراء ، همسها المذبوح خوفا ادماه ، لم يعلم ما الاجدر لفعله ؟ منذ دقائق فقط سألهم أن يخبروها ، و الآن هو من يقف بوجه المدفع مطالبا بإجابة من قبلها و ابتتيها رغم صمتهم ، آراق الحزن دماءه ، و دموعه التي فاضت بها احداقه رافضة النزول خشية على " نقاء صغيرته الراحلة " ؛ فـ وجد نفسه بلا أدنى تماسك يذبل أمام اصرارها ، ليتحرك هذه المرة بإتجاهها ، أشار لـ أية الجالسة جنبها بإنهيار أن تبتعد ، لتأتيها ذراع زوجها منقذة لها ، فيخلو المقعد له ، جلس قربها ، مقررا البوح ، لا نفع من التشبث بخيوط الوهم الشبيهة ببيت عنكبوت ، الألم ذاته بوجود عمر او دونه ، فـ ليتقبلوا خسارتهم الآن ، لن يدركوا عظيم إنكسار عمر لحظة عودته مبصرا الأمل في نظراتهم ، أن يذبحه بمقصلته سيكون ذبحا حادا على قلبه ، أما هو ، فقد إعتاد الوجع ، و اعتاد طعمه
و لن يجد نكهة أكثر مرارة مما يتذوقه الآن ، لا شئ .. فليكف عن يدي رفيقه الجريمة ، ما إن سكن قربها ، رفع كفه ليثبتها على كتفها ، يشيح بنظره دونا عنها ، لا يستطيع ذبحها و ابصار دمعة الموت في مقلتيها الكئيبتين ، سينهار !
ضغط على كتفها ، ليصله صوتها المرتعش ، متوسلته بـ دمع لم تقسو على نفسها و تمنع انحداره على الوجه المفجوع : بس قلي عايشة ، كلشي ما اريد من الدنيا ، بس قلي عايشة الـــن

: خـ ـالة

: بتي عايشة مو ؟ بعدها صغيرة ألن ، فدوة اروحلك لتحرق قلبي

وجد نفسه بلا ادنى شعور ، مائلا نحو رأسها ، بفيض اشجانه الآكله لحم صمته إعترف ، أدلى بما دأب شهورا على إخفاءه و كتمه بل و خنقه !

بنبرة لم تخلو من النشيج الرجولي الأجش نطق هامسا ، حيث لا أذن تستطيع تلقف ما اطلق لسانه المرهق غير أذنها : خالة ..... بتج حرقت قلبي .... حرقتني ....... أخذت روحي وياها و راحـ ـ ـت .... عافتناااا و راااحت

بهت لونها أكثر ، تهدل كتفاها بـ جزع ، تمتمت مرددة خلفه بلا إستيعاب لكل ما قيل : راحت ؟

ليثبت جبينه على كتفها ، تماما كما فعل مع فراشته الشهيدة ، تلك التي كرمت بالطيران نحو الحياة الأنقى ، الحياة التي تستحقها !
عمق الحزن يدفعنا للبوح ، و الفعل الخطأ ، وهي الآن غير مدركة لكل ما يحدث ، فقط وجع ، يداها ، كتفاها ، قدماها ، حتى العينين ، كل ما بها يتلوى وجعا ، دماغها يؤلمها لشدة التفكير ، و لشدة الترهات الكاذبة التي يوهمها بها !
فالقلب كان صريحا ، منذ أن تلقت الخبر من بكرها بكون الصغيرة ' اصيبت ' في إنفجار اليوم ، بل قبل ذلك ، منذ الصباح عندما غادرتها الشقية ، لتعود فتقبل وجنتيها و تعض يدها بـ مشاكستها الدائمة ، إحتضانها كان غريبا ، مخيفا وهي تقول بـ ضحكة لذيذة بعد إن أرغمتها على الخروج من المطبخ " إي إي طرديني ، بس مو من اروح و بعد ما اجي تموتين نفسج تريديني ، ترة اذا راحت ضحكة البيت تبقون بكآبتكم ويييع ، محد يتحملكم ! صدق عموري مكانه خالي ، خابرته داأقله مشتاقتله رزلني الخبيث ، ما أدري شبيكم علية إففف ، يللا بيباي كفوحة خانوم "
لتخرج راكضة و دعوات كفاح خانم تشيعها

هكذا فقط ، هذا كان اللقاء الأخير !!
لا ، لم يكن الأخير ، فقطعة القلب لم تمت ، ألن يكذب ، يهذي ، لابد إنه مخمور ، نعم ، قد يكون سكرانا
حاولت ابعاده عن كتفها و هي تستحلفه بـ بدن يختض : امي لتلعب بأعصابي ، أني حيل ما بية ، ألن خالتك مريضة ، قلي بتي وين اريد اشوفها
ولكم شبيييكم ساكتين ؟ محممممد ؟ عبد الكرييم .. إحجوووا بتي ويين ؟ ولكم مييس وييين ؟ لييش ساكتين ؟

: ألن قلناالك انتظر عمر ، ليش حجيت ، شبيكم انتو لخاطر الله

كانت زمجرة عبد الكريم ، رافضا بعنف ما يحدث من حوله ، ليقف ألن بضياع ، مراقبا بوادر العزاء البادية على وجوه الجميع ، أية منهارة بين يدي زوجها ، و ملك تجلس على مقعد بعيد تكتفي بالعويل الصامت ، عادت انظاره لتحط على الخالة كفاح ، ليراها متشبثة بـ طرف قميصه المنسدل فوق البنطال ، تصرخ به بجزع : لتقووول بتي رااحت ، لتقوول هذااا دمهااا ؟ لك لييش تريد تحرق قلبي ؟ ولك شمسويتلك اني خاالة ؟ قلي شمسوييتلك

هبط رأسه ليحط فوق رأسها مقبلا إياها بنشيج باكي فوق حجابها الأسود ، مكملا سيل الاعترافات الخرقاء ، الماجنة بحق براءة ملاك : خالة عذريني ، عذريني ، قلبي مات وية بتج ، اخذته و راحت ، ما اقدر ، راح اروح ، ادعيلي اصبر ، يمكن اموت ، لازم اموت !

ليتركها فارغة الفاه ، متحركا بعيدا عن الجمع الملكوم قلبه ، مستقبلا صرخاتها المخترقة جسده من كل مساماته




.
.
.






لم يزل المفتاح الإضافي لهذا المنزل بحوزته ، و هذا من افعال الرحمة الإلهية ، فـ رفيقه على أتم إستعداداته لفعل أي شئ بنفسه الآن ، دلف الصالة الهادئة ، و منها الى بقية الأقسام ، ماسحا بنظراته المتوترة المكان ، فـ سيارته تقبع خارجا ، سيارته المذبوحة بالدم !

اثناء تنقيبه الباحث ، عن " جثة المسيحي " ، سمع نشيج باكي يصله من إحدى الغرف ، لم يطل الانتظار ، إذ تحرك مسرعا ، بعرجه المعتاد حتى وصل الباب المشرع ، و كأن السقف إنهد فوق رأسه ، ظل متسمرا لحظة مكانه يراقب ألن الجاثي أرضا ، مغسولا بالدماء الجافة ، العالقة على اجزاءه ، محتضنا شئ شبيه بالسترة فوق وجهه ، يبكي كـ طفل خسر والدته لتوه !
يا إله السموات !

هذه المرة الثانية التي يرى بها هذا الأخرق محتميا بـ جدران منزله ، مزلزلا لكل ثوابت العقل ، ناكثا لأقوى العهود الرافضة لجنون ما يفعل
ظل مكانه دقائق ، حتى إنتبه له ذلك المنتحب ، ليفز واقفا ، و بـ ظرف ثوان فقط ، كان قد تقدم ، ليستلم الجسد المرمي نحوه ، المنتحب بطريقة أرسلت القشعريرة على طول عموده الفقري ، لتجعله يهمس بـ ذبذبة صوت بين التماسك و الانفلات : يمعود ألن قول يا الله

: لـــــك علييييييي قلبييي احتررررق ، إحترررررق

وجد نفسه يشد من قبضة ساعديه حوله ، محاولا لملمة شتاته ، و خنق تأوهاته المنهارة .. و لكن ، باءت كل محاولاته بالموت ، فـ رفيقه من اليوم قد أعلن التحني بدماء الحبيبة ، و الإخلاص للحزن و لو كان نهايته .... شريان قلبه








.
.
.





' صدق الله العظيم '


أتم قراءة سورة ياسين ، ليرفع المصحف ضاغطا به على جبينه ، مواريا دمعته المسجاة على الخد الحزين ، يجلس بمفرده ' تقريبا ' ، في تلك المساحة الشاسعة المليئة بـ من رحلوا ، و غابت أرواحهم عن هنا !
أنزل الكتاب الكريم ليستقر فوق فخذه ، لتحط يمينه فوق البناء البسيط الذي يستقر أسفل منه جسدها الحبيب ، لكم إشتاقها .. إن ظن بأن الأعوام الثلاثة الماضية قد أفلحت برتق الجرح فهو مخطئ ، فـ ما إن يستقر وحيدا ، حتى يأتيه شبح الحزن زاحفا على ركبتيه ، مبتسما بشناعة ، مهددا إياه أن يطرده ، فهو ضيفه الليلي ، لا يغادره و لو ترجاه ليفعل ، بل صار صاحبه و خير الأصحاب !

استقام واقفا اخيرا ، بعد ساعة قضاها هنا ، يتنفس الهواء المهيب المحمل بعبق البخور ، و ماء الزهر الذي غسل به القبر الغالي ، ودعها على أمل اللقاء ، و القلب يشهق بإعتياد على الوجع المرافق للحظات الوداع القاتلة هذه







.
.
.


نهايات الإدانات

و ها قد أثبتت الأدلة إدانتهم ، و إقترافهم لجرم الهوى
ظنوا أنهم أعلى من القانون ،، و إستباحوا الظلم لأنفسهم
سأدعوكم من الآن إلى إصدار الحكم الذي تستحقه أياديهم
إنتهينا هنا
و سنبدأ ببداية جديدة ،،
بـ جلسات الحكم الأخير الصادر بحقهم



*

و ما زالَ الحُلمُ ينبضْ

 
 

 

عرض البوم صور حلمْ يُعآنقْ السمَآء  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t189827.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ذ¯ذ½ذ´ذµذ؛رپ This thread Refback 05-10-14 12:13 PM
ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© ط¨ط¯ظˆظ† ط±ط¯ظˆط¯ This thread Refback 18-08-14 03:21 AM
ط£ط¨ط±ظٹط§ ط­طھظ‰ طھط«ط¨طھ ط¥ط¯ط§ظ†طھظ‡ظ… ط§ظ„طµظپط­ط© ط§ظ„ظ‚طµطµ ط§ظ„ظ…ظƒطھظ…ظ„ط© ط¨ط¯ظˆظ† ط±ط¯ظˆط¯ This thread Refback 01-08-14 12:45 PM


الساعة الآن 11:17 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية