كاتب الموضوع :
حلمْ يُعآنقْ السمَآء
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
رد: أبرياء حتى تثبت إدانتهم
أناشدك الهوى هل أنتِ مثلي
نهاري فيكِ أشجانٌ وليلي
زمانٌ لا يفارقني عذابي
ولا زمني الشقاءُ به كظلّي
كأن الليلَ أصبح لي مداداً
أسَطر منه آلامي ويُملي
حياتي فيه قفرٌ بعد قفرٍ
وعمري فيه كالأبدِ المُمِلِّ
أبعد جوار هندٍ والأماني
أكابد جيرةَ النجمِ المُطِلِّ
أحبكِ لا أَمَلُّ لقاكِ يوماً
ومن لي بالذي يُدنيكِ من لي؟
أحبكِ لست أدري سرّ حبي
وعلمي فيه أشقاني كجهلي
أقول لعلّ هذا الدهرَ يصفو
ويا أسفاه لو تُغْني لعلِّي
أحاول سلوةً وأرى الليالي
بغيرِ هواكِ لي هيهات تُسلي
ابراهيم ناجي
ما إن عتبت قدماه باب الصالة لتحط نظراته على ذلك القد الواهن المستلقي بكنف والدته ، إستقبلته نظرات الحنون و شقيقتيه ، ليلقي التحية فتردنها بأحسن منها ، ظل يراقب جفنيها علهما يبتعدان فـ يسقيان ضما روحه لـ طمإنينة نحوها ، لكنها بخلت .. إقتربت منه الصغيرة مينا تطالبه بـ عناق طويل ، ليرفعها فتتعلق بعنقه ثم تطبع قبلة عميقة الأثر على خده ، فـ تهمس عند إذنه بما دربتها خالتها على قوله ' الله يشفيلك خالة لينا '
أبعدها عن عنقه قليلا ليقبلها بـ حنان ، متمتما بـ تضرع ' اللهم آمين ' ، أنزلها أرضا ليستقبل هذه المرة شقيقته الكبرى ، تلك التي نطقت بـ تأن : صلوات عالنبي حالتكم متحسنة ، حتى وجه لينا الاصفر صاير احسن ، إن شاء الله كل شي يتيسر عليكم لتخافون حبيبي
هز رأسه بصمت ، ليتقدم من الأريكة منتزعا نفسه من السترة الرسمية ، ليكتفي بـ قميص رمادي مع بنطال أسود ثقيل القماش ، رمى بـ سترته على الطاولة المنصفة للجلسة ، ليتخذ من ذات الاريكة الطويلة مقعدا له ، فيحشر ساقيها الرفيعين بين ظهره و الاريكة ؛ مال نحو كف والدته الراسخة فوق جبينها ليقبل ظهرها بـ حنو : ها يووم عيني ، شلونها ؟
لترفع الحنون ذات الكف فتحط به على فك شبلها لتمسح عليه برقة ، فتجيبه بـ نبرتها الدافئة : تحت رحمة الله امي ، بس ما شاء الله مثل مـ قالت اختك دتصير أحسن
إحتضن كفها ثانية ليقبل باطنها ، ثم علق و نظراته تمشط الملامح المصفرة لمهجة الفؤاد : دنتعبج عيوني
اعترضت حديثه بـ حدة : لتقول هيج امي ، شعندي غيركم اني ، و محد يتعب من جهاله ، بس كون ' عسى ' انتو تصبرون و تتحملون و تفرحون قلبي
لم الجميع يحدثه و كإنه يناصفها معاناة وهن الجسد و مرضه ؟ أ يبدو عليه التشتت لهذه الدرجة ؟ أ فضحه عقله الشارد في متاهات الواقع المظلم ، الخطر يحدق بـ مصيره و يتربصه الإنفلات الذهني إن ظل على حاله اللا ادراكي ، و لكن ما باليد حيلة !
مال بجسده قليلا نحو الحبيبة ، ليقبل جبينها البارد ، فيهمس بعدها قرب إذنها بـ : شلونه قلبي اليوم ؟ أحسن ؟
: إممم
إقتصر ردها على هذه الهمهمة البسيطة لتؤلم به القلب أكثر ، صار يمسح على ملامحها بسبابته ، مستفسرا عن كل شئ يخصها : نفسج بعدها تلعب ؟ ' تشعرين بالغثيان '
: شوية
ثبتت نظراته على الثغر المبيض ، ليكاد أن يتجرأ بلسمه إلا إنه حذر نفسه من التهور لئلا يغفل عن وجود اهله ، تنهد بـ طولة بال على الـ كآبة ، ثم رفع إبهام يمينه ليدلك العقدة بين حاجبيها ، مرددا : زين عمري الضوة هيجي زين لو تريدين اوديج للغرفة و اطفيه كله ؟
همهمة جديدة اجبرته على الانحناء اكثر ليحصل على لمسات شقية من شفتيها لـ صيوانه ، ' لا حبيبي عادي لتبقى هيجي خايف ، أني زينة ' ، أحسها قبل أن يسمعها ، و لكنه هو من لا يرى في الامر إعتيادية ، تسألينه أن يكف الخوف عنه ، و هل للأم صبرا أمام إعوجاج اضلع ولدها ؟ أشعرني كـ أمك يا حبيبتي ، أكاد أحتضنك لـ أدخلك بي كما فعلت هي ، و لكني لا املك سوى غرسك في كتفي و فوق فؤادي ، لتدق خفقاتي فوق طلبتك بـ لحن بغدادي شجي ، يعرف العراقي بشجنه ، و أعرف أنا بعشقك ، و لا أخجل الأمر بل أفخر بـ كوني أنصفت بـ حبي نصف المجتمع ،
يود الإنفراد بها ، فمعه وحده تعبر ولو بـ همسة عن نغزات الاوجاع ، و كإن من اصطبرت عليه تسعة من الأشهر قد علمت بما يعتمل به ، فتحدثت بنبرة حانية : أمي قوم بدل و إتعشى ، و بعدين اخذ مرتك فوق خليها ترتاح بغرفتكم اذا تريد
رفع رأسه حيث امه ، و ما يزال جذعه مائلا نحو الجسد المرهق ، و انامل يمينه تداعب الخد الشاحب : مـ مشتهي والله ، خلي اخذها هسـ ـ ـ
هذه المرة تكفلت مريضتهم بالإعتراض بعد أن كشفت زيتونية النظرات بـ تكشيرة ملامح سببها إنزعاج بؤبؤيها من الضوء السافر المنطلق نحوهما : لا عمر اتعشى اول شي
بقربه ذاك كان يتبادل معها الشهيق بزفيره ، و كم ود لو يسلبها ورمها فيسكنه قلبه ، و لكن الحمد لله على كل حال ، فبالأمر خير لا يرياه إلا بعد حين .. داعب بـ إبهامه اسفل ذقنها كما يهوى ان يفعل دوما ، و خفقاته تعلو كـ دوي سلسلة من الانفجارات اللا منقطعة ، عادت لتغمض عينيها بلا تعود ، ليعلق هو ساهم النظرات على اكفهرارها الآني : شنوو ديوجعج ؟
حركت شفتيها و عضلة اللسان لينطلق صوتها متعبا : ماكو شي عمر ، قوم اكل حبيبي
و قبيل الاعتراض رفعت يمينها لتحيط بها ذراعه المنصفة صدرها حتى ترسخ الانامل فوق الذقن المزين بـ غمازة رقيقة ، شدت على ساعده بـ ادنى قوة متمتمة : عمر لخاطري قوم اتعشا ، ورانة سهر !
يعلم جيدا ما نوع السهر الذي ينتظر كلاهما ، و إنه ليؤرقه و يحرقه و ربكم الاعظم ، كان مرهقا بالفعل ، فـ إستقام من محله ليتوجه هذه المرة على اريكة منفردة منصتا لـ سؤال شقيقته : عمر طلعت الفيزا مو ؟ شووكت حتروحون ؟
: إن شاء الله الثلاثاء
قالها راميا برأسه على المسند خلفه بكثير من الارهاق ، استفسر محدثا الصغيرة : مياسة باجر حتروحين للشركة مو ؟
هزت برأسها موافقة بعد أن قاومت لتغطي على غصة الانفاس بـ داخل صدرها ، يؤلمها جدا ان تراه مكبلا بقيود الاستسلام هكذا ، لم تعده بهذا الوجع من قبل ، و لا تلمه لـ خوفه ، و لكنه تلوم اللين على امتلاكها فؤاد شقيقها حتى الانصهار بها !
التفتت حيث والدتها نطقت : والله يا ميس ما اعرف ليش معاندة تعوفين الشركة ، امي عبالج سهلة تروحين لمكان جديد ، على الاقل هناكة ألن وياج ، و حتى حسن موجود
لوهلة فقط ، عند ذكر إسم ذلك المسيحي قد فقدت احدى الخفقات ، لا تعلم اين خبت ، و لكنها صارت و كإن لا وجود سابق لها ، إزدردت ريقا جافا لـ تعلق بلا اهتمام مفتعل : ماما عادي ، أول و تالي لازم اتعلم اعتمد على نفسي ، و الدائرة الحكومية احسن بمية مرة من الاهلية ، على الاقل مستقبلها محفوظ ، و اني اصلا من يوم الي علي حجى على شركتنا واني طاالعة من عيني و بس اريد اطلع منها
ليتدخل : معليج بعلي انتي ، عمرج مشفتي شي من احد هناك ، فـ لتظلمين بدون دليل ، المهم انتي داومي تجربة بهاي الدائرة اذا محبيتيها فـ عادي رجعي المدير يقبل و ألن اكيد يتوسطلج
ألن ، ألن ، ألن ؛
هو سر شقائي بـ ذاتي ، إتركوني أجد لنفسي منفذا أهرب به ، أبعدوه عن طيف مخيلتي أتوسلكم ، إني أخاف الغوص بـ محيط التوهان ، أخاف أن أبتلع مياهه المالحة فأغص بها مختنقة ، دعني يا عمر لئلا ينتفخ عقلي رعبا ! ، فـ ذلك الـ ألن صار رمز الإرتياع بحياتي ، أخاف قلبه ، أخاف تهوره و إنفكاكه من قيود الأعراف و الأديان ، يتآكلني منه القلق رغم إلتصاق إسمي بـ غيره ، بذلك الـ حسن ، ما زال ' ألنكم ' جل ما يحرق أعصابي حد التفحم !
: كيفج ماما ، بس قومي هسة صبي لأخوج عشا
: ليش إنتو متعشين ؟
: محد مشتهي يا امي ، انتة معليك بينة تعشا و مينا الحلووة هم تاكل وياك
نقاش قصير بين والدتها و شقيقها نجح في تغير دفة أفكارها و معه خبى انبلاج المخاوف المتقدة ، لتستقيم من مكانها بنية الحركة ، و بـ لحظة واحدة أدركها الـ تصلب ، تيار من شحنات كثيفة شقت كعبيها لـ ترتفع بسرعة هائلة على طول الجسد فينتصب مستجيبا لحدتها ، كل نهار بليله تكتشف بـ أن للين في قلب العمر حجم ينازع حجم الأرضية بـ ثلاثين ضعف !! نبضها يتخلخل عندما تلمح نظراته فكيف الحال بها هي ، زوجته ؟
يا رب ، إحفظها و سلمها و عافها من أجله ، عمر لن يحتمل أن يفقدها ، سيذوي بـ فقده و وجعه لو كافئت حبه بالغياب ، و هو لا يستحق ان يكافئ سوى بـ إنتزاع قلب يسكن في الشمال ليوصم عليه رسمه ، و إسمه ، و ختم إبهام يساره ، كي يبقى هو حق من حقوقه ليوم يبعثون ، فقط لو كان لها من بين العالمين عاشقا كـ شقيقها لما بخلت عليه بـ مكافئة كـ تلك ، بل و ستزيدها نحتا للفؤاد بـ ملامحه العاشقة المتيمة ، تغبط اللين على ما رزقها الرحمن من رجلا يكاد اشباهه ينقرضون في زمن تقاس الرجولة بـ لذاعة اللسان و دمامة الأخلاق ، و إمتلاء الجيوب !!
كانت في المطبخ تتحرك بهدوء سيطر على تحركاتها في اخر آونة حينما سمعت خطوات تقترب ، و لم تستغرق الكثير من الطاقة لتكتشف من صاحبها ، كانت الكبرى تدلف محدثتها بشئ من خذلان : ميس دتشوفين عمر ؟ رح يمووت من خوفه
إلتفتت نحوها لوهلة ، ثم إستعادت عملها معلقة : سكتي ملك سكتي ، أني خاايفة عليه اكثر مما خايفة عليها
لتتخذ الاخرى من احد المقاعد سكنى لجسدها المنتفخ بـ طفل على شفا الدنيا ، اجابت مكرهة : تدرين ، توقعتها رح تتعبه اذا اخذها ، تغيرت حيييل عن قبل ، جانت تافهة و شايفة روحها ، هسة وييين !! و حبيبي الله يساعد قلبه من صارت ادمية هالمرة تمرضت
يديها العاملتين اهتزتا برجفات متتالية ، تمتمت بـ صبر : قدر الله و ما شاء فعل ، يا ربي تقوومله بالسلامة و تريح قلبه
تنهيدة طويلة فرزتها حنجرة ملك ، أتبعتها بـ : اللهم آمين
ثم استطردت مراقبة توتر الصغيرة : صدق إنتي شبيج ؟ شو مو على بعضج ابد من البارحة ، كل هذا لإن باجر راجعة للشركة ؟؟
أوشك الصحن الفارغ بيدها على الوقوع لولا تماسكها السريع ، لتهتف معترضة : طبعاا لااا ، قابل شعندي بالشركة ، بس هيجي .. يعني دا اشوف لينا و انقهررر و اخاف ، هالمرض اذا لزم احد بعد مـ يعوفه
: قولي يا الله ، ربج كريم لتخافين
لتردف بعد هينة من السكون : اهل حسن شقالوا من دزيتولهم خبر حتى ميجوون ؟
اجابتها و نبرة التوتر لم تنجلي كليا من الحلق ، بل ظلت تتراقص قلقا على اطراف الحبال الصوتية : لا عادي تفهموا الموضوع و إنو هسة جنتنا مريضة ، التوقيت كللش غلط
بـ سؤال سريع استطرقت محققة : إنتي شنو رأيج بالولد ؟ قابلة بيه ؟ تحسيه شاريج ؟
كانت قد أتمت صينية العشاء ، لتتركها محلها على الطاولة التحضيرية خشية الانفلات ، ثم إستدارت نحو شقيقتها لتجيبها بـ توجس : إي ، حرام مبين يحبني كولش و شارييني ، بس يعنـ ـي ما اعرف
: مـ تعرفين شنو ؟
: يعني ، لـ تضحكين علية ، بـ ـ ـس
شايفة ... هممم شلون اوصفلج الشغلة ادري بيج محتفهميني
برزانة اكدت : جربيني
ليشتعل وهج الخجل بها : يعني ،، باعي ، إممممم
ازعجها سخف الموقف لتشد من حدة صوتها : دحجي عااد فتيتيني
بقهر ضربت قدمها في الارضية الرخامية معللة بـ غنج اخر العنقود : اففف مو ما ادري شلون ، يعني
ضبطت نبرة صوتها لتستكين ثم اردفت : شوفي شوفي خصم الحجي مـ تحسيه هذا الحب الحب !!
: شلون يعني ؟
: يعني حب عادي ، مال جهال ، واحد حب وحدة وخطبها عادي مو شي سبيشل
لم يعجبها الموضوع فـ سخرت متحدية : لعد شتريدين يمة ؟ يحبج و يصادقج بعدين يقلج اسف اهلي خطبولي قرايبنا ؟
توترت اكثر : لج لااا ، قصدي محسيت بصعوبة حصوله علية ، يعني ملك كلشييي يحلى لو جان صعب و مستحيل ، مثل مـ تقول احلام مستغانمي ، لذة الطريق تفوق لذة الوصول و اني محسييت بأي طريق !
سكن الملل نبرتها فإستطرقت : بلا فلسفة زايدة ، فوق مـ الولد قدرج و كبر شأنج و خطبج رأسا ' مباشرة ' ، إحمدي الله و شكريه البنات يعنسون على قلب اهلهم ، و غيرهم يتورطون بالحب المستحيل على قولتج و يبقون عمرهم كله متندمين على الفرصة الاولى الي انطوها للطرف الثاني و محصلوا من وراها نتيجة
بتأفأف مدلل علقت : باعي .. مو قتلج مـ رح تفهميني
بتعقل ثلاثيني العقد تحدثت : حجيبج سخيف و مو مال واحد يسمعه شلون عاد يتعب نفسه و يفتهمه ، عايشتلي مراهقة متأخرة
صممت على موقفها لتدافع بثبات عن مبدأ يملأ تجاويف صدغها : لج والله الاستحاالة احلى شي ، من تقعدين عالسجادة و تدعين بـ يارب سهلها و انتي تدرين هية مستحيلة إلا على رب العباد فد شعووور لاا يوصف خصوصا من تكون عندج ثقة عظيمة برب العالمين انو حيحققها
نبرتها شابها اللا تصديق بمقدار هلوسة الصغرى : لا والله ؟
و اذا مـ تحققت ؟ تبقين عمرج كله تندبين حظج ؟؟
بذات الإقتناع اكملت : لا بالعكس ، أكون على ثقة تاامة انو الخيرة فيما اختارها الله
لتهز رأسها ساخرة وجدا : زين الله يكملج بعقلج
تحوقلت نظراتها لـ تتمتم : دا احسج ناصبة علية ' تسخرين مني '
أشارت بيدها ساخرة : لا أبد
دروحي ودي العشاا لعمر لـ يبرد
بتنهيدة حب نطقت : أرووح فدوة لعمر و حب عمر ، هوة هذا قصدي بالحب المستحيل و الحلم البعيييد الي اذا تحقق يحس الواحد بيه ملك الدنيا و ما بيها
: هسة شتريدين أصفقلج ؟؟ لو اجيبلج واحد تحسين وياه بمتعة الطريق ؟
ميس بطني دتوجعني و دا احس بتقلصات مميتة و مناقصني تووتر من حجييج المراهق ، روحي ودي عشا اخوج يللا
: إفففف من هذا المنزل ، وينهاا ايووتة والله جانت تفتهمني
تحركت بالطعام خارجة من المطبخ ، لتقابل في الرواق شقيقها متحدثا بالهاتف ، لتوشك الصينية بمحتوياتها على الانقلاب عندما اقتحم ذلك الاسم الثلاثي الاحرف سكينتها المؤقتة ، ليسارع عمر على مساعدتها هاتفا بخفوت : الله الله الله ، على كيفج ميس شبيج !!
أغمضت عينيها بـ رجفة لتترك المكان بعد أن إنتهت مهمتها ، إرتقت السلم متوجهة لغرفتها و القهر يملأها ، لم صارت ركيكة التماسك عند حضوره و الغياب ، ما بالها ؟ لم الارتعاشة تلك وهي لم تخطأ بشئ ؟ لم تخطأ و الله سوى بـ كشفها خبايا المستور و المطمور تحت كثبان رملية كثيفة ، و لكن تلك الرمال قد خبثت كعادتها ، فـ تراقصت بـ بهجة على انغام الشياطين ، لتقذف ما يندس تحتها من خفايا الامور ، تقيأت سر ذلك المسيحي المخبأ بـ كنز رمز قفله لم يكون سوى احرفها هي ، مـ يـ ـس !
.
.
.
لو كان الأمر بيدي ، ما كنت سـ أؤلمك هكذا ، و الله ما كنت لأفعلها عمر ، أنت جملتني بـ روائع خصالك ، شبهتني بك و ما احلاك يا حبيبي ، صيرت من اللين نسخة أنثوية لـ بديع العمر ، فـ أحببت نفسي ، عقدين و منتصف أحدهما لم أشعر بمعنى أن يكون المرء لـ نفسه محبا ، و أنت علمتني ذلك !
علمتني أن أذوب بك عشقا و حزنا و موت ، درستني أبجدية الهوى ، هاء فـ واو فـ ألف مقصورة ، لكن هوانا لم يكن مقصورا و لا قصيرا ولا حتى مقتصرا على التعليم النظري ، عمليا دربتني على الإستمتاع بتفاصيل تلك الأحرف و الغوص بـ سيول براكيينها من دون الاحتراق ، صرت معك مستعدة لأغلي نفسينا عند فوهة بركان من أجل الكشف عن درس أخر ، و تقليب صفحات فصل جديد و نادر من كتابك العشقي ، لا أدري ممن إستعرته يا أنيق القلب ؟
أ أعارك إياه قيس بن الملوح بحبه لليلى ؟ أم الشيخ الجواهري بحبه لبغداد ، شيخنا عشق بغداد حتى ذابت به عشقا و أنت تولعت بـ إبنتها حتى ماتت بك ولعا ، غطست حتى اذنيك في بحار الشوق ، حاملا إياي على كتفيك لئلا أغرق ، علمتني السباحة ، و من بعدها التسابق على الخيل الأصيل في مضامير الذوبان في الأخر ، ليكون الحب بيننا كـ كرة صفراء لا تتجرأ على الهرب خارج اسوار ملعبنا ، ! جعلتني أتقن فن الرماية أتعلم ؟ فـ صرت أرمي بقلبك كل ليلة سهم و رمح و رصاصة !! و لـ روعة خلقك تستقبلهم بـ ثغر مبتسم
قلبي يلهث عند ذكرك يا عمر ، و الله يلهث ، و أنا بت بك متعبة ، أخاف أن يصيرني المرض عظام متصلة لا يكسو عريها سوى جلد رقيق ، فـ حينها الألم و الموت يهددانك قبلي ، أ رأيت شخصا يعشق عمره خوفا على الاخر ؟ لـ ربما لو كان لي أما لـ فعلت ، لكنني لم أحظى بـ واحدة ، فجئتني أنت لأختبر بك كل شئ ، فـ تارة أكون طفلتك ، لـ تصير بعدها ولدي المدلل الخائف من غياب يلوح في سماء والدته ، و تارة تكون لي أبا و شقيق ، إثنان فقدتهما منذ زمن لتأتيني أنت بـ روحهما و جسدك ، قل لي بربك كم من قرن احتاجه و كم من بحر حبر يلزمني لأكتبك بديوان الهيام ، يا سلطاني ، و أميري ، يا نعمة الله من بها علي ، يا رحمة الرحمن على عبده ، إني لأحبك حتى الرمق الأخير ، و لكم أتمنى أن يكون بعيدا جدا ، بعيدا للحد الذي أشبع من دلو هواك فيه ، و لكن أتراني سأفعل ؟
تجلس بإستلقاء نصفي و ظهرها مستند على الوسائد الحائلة بينها و خشب السرير ، ذراعاها معقودان لصدرها و مقلتيها مغمضتان تحت دثار من الجفن الرقيق ، الغرفة من حولها اخذت تبرد ، فهو لم يدلفها بعد ، تنهيدات من التعب السافر تفلت من بين الشفتين كل حين ، من دون ان تردع يأس نفسها ، جفل بدنها لـ إرتفاع رنين الهاتف بمفاجئة ، فتحت عينيها بتكشيرة خفيفة رغم ضعف وهج الانوار من حولها ، رفعت محمولها من على السرير قربها ، لتبتسم بخفوت عند رؤيتها للمتصل ، من دون تعقيدات عقلية ردت ، لـ يأتيها الصوت الفخم فـ يضرب زجاج قلبها بـ حجر صيوان عنيف ، و تراها تبتسم له ، كم صارت تحبه !
: السلام عليكم
همست مبتسمة الثغر و مقلتاها عادتا لتتحلفان الظلام : وعليكم السلام ، يا هلا
بـ نبرته الثقيلة الوقع حياها : شلونج لين بابا ؟
خمس أعوام فقط يا أبي هي ما تفصلني عنك ،
لم تشيخ بعد يا حبيبي ، لربما فعل قلبك قبل عمرك ، و كم أأسف لفقدك ريعان شبابك بهذا الآسى المتخشب : الحمد لله تحت رحمته ، إنتة شلونك عيوني ؟
ليجيبها بهدوء لا يليق به : عايش الحمد لله ، بس قوليلي ، شلون دتصيرين ؟ ما اقدر اجي قبل الثنين علمود الروحة لعمان ، بس والله اريد اشوفج
بـ إندفاع نبضات هتفت : يا عيوني إنتة
علي والله الحمد لله صرت زينة ، يعني .. أحسن شوية
ألم تقل بأن الهدوء لا يليق بجلالة و سيادة و عظمة مزاجه الأزرق ؟
لكنها تحبه ، و يكفيها ذلك : لين ادري بيج كذابة ، روحي كذبي على غيري ، فقوليلي بالضبط شلون دتصيرين ؟
ناورته بـ دلال متعب : ههه ، يعني لا انتة و لا عمر يمشي عليكم كذبي
لحظات صدق سرقت من قلبه اعتراف ضئيل : لإن احنة الاثنين نخاف عليج اكثر من نفسج
لـ تقابله بورد يفوح طيبه : و اني اموت عليكم اثنينكم ، الله يخليكم الي
ضحكت برقة حين صمت ، و كإنها قد نطقت بما هو محرم ، لـ تشاكسه بنبرة مرهقة حد الإغماء : عادي اذا قلت آمين مرح يصير بسيادتك شي
ليتهكم منزعجا : إنجبي لينا
ابتسمت متلذذة بهذا الصفاء الشاب ، قليلا و اطرقت رأسها لـ تهمس متوجسة : علي ، ممكن أقول شي ؟
: قولي
: هممم بس لتعصب
: إحجي
: ههه ، فدوة لله سي السيد ما عنده واحد اثنين
علق بإزدراء لـ تفاهة اسلوبها : لينا بلا سخافة عندج شي قوليه ما عندج انطيني تقرير عن حالتج بالضبط
بـ فكاهة لا منطقية تهكمت : لزمتني من ايدي التوجعني ، أوكي حقول
هممم علي فدوة لعينك عاجبك حالك ؟
ليتصنع اللا فهم : ليش شبية ؟
فكانت له بالمرصاد : شنوو شبيك ؟ صحيح سارة يمك بس على حجي بيبي انتة اصلا مموجود بالشقة طول الوكت ، و علاقتكم مبينة عبالك غربة ، فهمني ليش هيج تسوي بنفسك ؟ و اصلا جلنار شلـ ـ
زجر بضيق : هاي بيبيتج فد يوم الزمها و اخنقها
لتحاول امتصاص غضبه : هههه ترة هية بيبيتك إلك على فكرة ، و تحجي هيج من خوفها عليك
و كـ دلو فاض بعد ان تشبع من ثرثرة لا نفع منها تمتم : ماريد خوفها هذا ، عبالك زعطوط اني ، رجال شكبرني شعرضني تخاف علية على شنوو ؟
لترتدي الصغيرة رداء المدافع عن حقوق المرأة : إففف علي شووكت تقوم تحس بينا ؟ عبالك ' تظن ' إلي دنسويه كرها بيك ، يا أخي والله من حبنا الك نريدك سعيد و مرتاح ،
يعني إنتة شقد جنت تقلي على عمر ، شقد تمنييت اصير إله و اريح قلبك ، وشقد عاندتك اني ، تدري والله العظيم هسة ندمانة بقد شعر راسي على عنادك ، إنتة جنت صح و اني مسمعت كلامك بس علمود العناد
بـ لا إهتمام نطق منتفعا من زلة لسانها : و مازلت صح و اعرف اخذ قراراتي فلتتدخلون بحياتي
لتهاجمه مجددا : لا علي والله مو صح ، تدري مرات اسأل رسل على جلنار ، تقول ابوها لهسة حابسها ، تصدق صااار شقد من راحوا لعمان و لهسة رسل مقدرت تشوفها ، حتى من تروح لبيتهم متشوف غير اهلها وهية كإنهو مموجودة بالدنيا ، و إذا سألت ابوها يقوللها مااااتت خلص
سكنت لـ لويحظات ظنا منها أن تكشف عن رجفة نبضاته ، لكنها لم تفلح ، فقررت الاسترسال مجددا : من وراك ابوها بعده معاقبها عبالك مسوية جريمة ، علي الله يخليك تعال ويانة و روحلها ، أخذها من اهلها ، هم تخلصها و هم تخلص نفسك من هالعذاب
بـ نبرة مشوبة بلا تصديق تمتم : يا عذاب ؟ هاي شبيج انتي ؟
تأفأفت لـ عدم تساهله لتضيف : ماشي مو عذاب بس خلصها هية من ظيمها الله يخلييك
كاد أن يزجرها : لينـ ـ
لـ تقاطعه بحديث مرسل من قبل الفؤاد : علي لخااطري ، الله يخليك اذا تحبني و تريد تريحني ، اسمع كلامي هالمرة انتة ، والله العظيم الحالة النفسية للمريض اهم شي و انتة ادرى مني بهالشي ، و اني اريد اتطمن عليك والله خااايفة عليك و مقهورة ، مقهورة لإن اتمناالك تعيش براحة مثلي ، حبيبي انتة بس حااول ، و اذا تريد اجي وياك احجي وية ابوها أجييي
ضحكة ساخرة قصيرة قذفها ، ليعلق بعدها : أصلا هية متقبل ترجع
صدمت ، لتتعرى صدمتها بـ نبرة قلبها مخلوع : شنوووو ؟؟؟ يعني انتة قلتلها ؟
و بـ أكثر نبرة يبدع فيها ، السخرية : أكثر من مرة
تلعثمت احرفها رعبا : أأأ ... أكثـ ـر من مرة ؟؟
لتجزم بعدها بـ صرامة : علييييي إنتتتتة تحبهاااااا !!!
بالطبع لم يسعفه عقله فرصة للرد ، لتستغل صمته بـ الافصاح عن اماني قلبها و مكنوناته : حبيبي الله يخليييك حاول مرة و مرتين بعد ، أحتماال هية خايفة من ابوها ، احتمال مهددها بشي ، خلي نقااشك وية ابوها دخيلك ، إنسى هية بت منو بس لتنسى انتة شنوو الهه ، تدري بيها تموت عليك فـ الله يخليك حااارب علمودها
أشعرها بأنه كان لهذا البوح منتظرا منذ الازل : و الي يقلج ابوها الكلب بنفسه قلي اخذها اذا تريد و قداامها ، و هية الي مقبلت و لتقوليلي ليش لإن لهسة ما ادري
تخاف أن يملها ، إن فعل لن يتمكن أحد و لو عظم منصبه في قلبه من زحزحة رأيه من جرف الهجران لذا هتفت بجزع سافر : مستحيل ، لالالا
علي جلنار تحبك ، تمووت عليك والله ، متدري شصار بيها لمن خطفوك ، و الله تخبلت ، خافت عليك بقدنا و يمكن اكثر ، علي الله يخلييك لتستسلم
نبراته عادت لتخبو بـ كسل : لين ، حبيبتي ، إنسي الموضوع و خليج بصحتج و عمليتج القريبة
كم هو دميم القلب !
ما هذا الرجل ؟ أ يعقل أنه يمتلك بيساره كتلة حية نابضة ؟ شتان بينه و بين ذلك الرفيق الحبيب متقد المشاعر
قررت اللعب بالنار ، و لا يهمها إن اشتعلت اناملها ، فالغايات دوما ما بررت قبح الوسائل : و الي يقلك ما اسوي عملية اذا متسافر ويانة و نروح لبيتهم ؟
صمت لثوان ثم استنفر جنونها الهائج : إنتي من كل عقلج تحجين ؟
لتثبت له مصداقية تهديدها بقسم لفظي : إي ، و الله العلي العظيم ما اسوووي عملية إذا منروح لاهلها و نحااول نرجعها
حذرها من متابعة اللهو : إنسي
لتكون لعناده شقيقة لا اخت : حلفت ترة
بلا مبالاة كاذبة اجابها : صومي كفارة
تمسكنت بـ دهاء انثوي : حرام عليك اني مريضة وعندي ادوية شلون اصوم
فما كان منه سوى ان يكون كما هو دوما ، رجل اللا اهتمام : مشكلتج محد قلج حلفي
بحدة تذمرت : شقد كريه
ليحاول جرها عن حافة السخافة : يللا الغي ' ثرثري ' شلوون صحتج هسة ؟
لتصر هي بثبات صفائي لا يتزعزع : تجي ويانة
فيكون لها ندا : نفسج بعدها تلعب ؟
: حضر جوازك ، حخلي عمر يقدم على الفيزا
: راسك ديوجعج ؟
: علي والله تجي
: لينا لتحلفين و كافي سخافة ، و يللا ولي خلصت استراحتي ، و لو مفتهمت منج شي بس وجعتي راسي
: أخذ بنادول و من ترجع حضر ملابسك
: إنجبي
: أشوفك على خير حبيبي
: هه ، صايرة حيل سخيفة
: جيب وياك هدوم ثقيلة ترة عمان ثلللج هسة
؛
وانتحينا معا مكاناً قصياً
نتهادى الحديث أخذاً وردّا
سألتني مللتنا أم تبدلتَ
سوانا هوىً عنفياً ووجدا
قلت هيهات! كم لعينيكِ عندي
من جميلٍ كم بات يهدى ويسدى
انا ما عشت أدفع الدين شوقا
وحنينا إلى حماكِ وسهدا
وقصيداً مجلجلاً كل بيتٍ
خلفَه ألفُ عاصفٍ ليس يهدا
ذاك عهدي لكل قلبك لم يقض
ديونَ الهوى ولم يرعَ عهدا
والوعودُ التي وعدتِ فؤادي
لا أراني أعيش حتى تؤدَّى
إبراهيم ناجي
تقلب ذات اليمين قليلا بـ تعب جسد منهك ، لتصطدم ذراعه بفراغ المكان ، فزع منه اختفاءا ليجلس منتصبا و حملقات قلقة تدور في العتمة بحثا عن مصدر النور الوهاج في عمره ، مد يده لـ المصباح الموضعي قربه ليضئ الغرفة و لكن عين قلبه رفضت الابصار ، فـ فجر النور الحقيقي لم يبزغ بعد ، أين هي ؟
عاتب نفسه و زجر سلطان النوم الذي سيطر على جهازه العصبي ليدخله سبات اخرق ، غادر السرير بـ عجل ، و قبل أن ينتعل خفيه إنتبه للبقعة الملوثة لـ جزء من اللحاف !!
يا إلهي ، لم تنجح بالوصول لوعاء التقيؤ القريب منها ، تبا له و لنومه ، تبا له ، إن قطعة الروح تلك تذوي يوم بعد يوم و هو يستسلم لـ تعب عضلاته و يريحها ؟ لا أراحه الله يوما إن كان بذلك إيلامها و جزعها
تحرك مسرعا و من دون أن يمتطي خفيه ، ليغادر الغرفة و من الرواق عجلا الى الحمام ، و لحسن حظه إنها لم تغلق الباب خلفها ، فـ إقتحم عليها المكان لـ يبصر بجزع كتفاها المائلان نحو المغسلة ، اندفع نحوها شاعرا بخواء صدره و ضرب الهواء لدواخله ببرودة صقيعية أوجعته ، إحتضن خصرها بحنو كي لا تجفل و لم تفعل ، و كأنها اكيدة بأنه سيستشعر غيابها و يأتي ، أسندت ثقلها عليه كاملا من دون حتى أن تشطف فمها ، إكتفت بـ مد يدها بخمول تحت الصنبور من دون ان تحرك الانامل ،
ليقوم هو بـ غسل يديها و الوجه و تمتمات ناعمة تفصل بين قبلاته العديدة لـ شعرها المفرود ، شعرها الفاقد لكثير من حيويته و كثافته ، ما إن اتم عمله احتضنها كاملة ليرفعها كـ صغيرته ، ذراع تحت ركبتيها و اخرى تحت العنق المائل صوب صدره ، كفاها متكوران ناحية قلبه ، و كأنها تمسده لئلا ينفجر منها رعبا ، غسل لها قدميها الحافيتين ، ليتحرك بها خارجا من هذا الجزء الكريه من المنزل و الذي صار لهما كـ حجرة اخرى !
أجلسها على كنبة طويلة في الرواق ، ليميل نحوها فيقبل جبينها هامسا : بس هسة اغسل رجلي و اجيج
ثوان هي تلك التي غاب بها ليعود ، وجدها تحيد عن المقاومة و تعلن بإنهزامية إستسلامها للوهن ، رفعها مجددا و هذه المرة شدد من احتضانه لها و غصة قلبه تزداد لضعف بنيتها فهي لم تتمسك بتلابيب قميصه كما كانت دوما ، لم تغرس أرنبة انفها بين ترقوتيه ، و لم تقبل تفاحة ادم البارزة من أجل التلذذ بملمس ثغرها ، حتى إنها لم تتغنج غرورا بـ ثورة نبضاته الهائجة ، سعل ضعفه قرب وجعها مقتربا بها من السرير
جلس و ما زالت تتكور بين احضانه على جهته النظيفة ، ليهدهدها كـ طفلة صغيرة ، أبعد خصلاتها المبللة عن كرستالية الجبين و الخدين ليهمس معاتبا و نظراته تفيض بالألم : عمري ليش مـ قعدتيني ؟
حركت رأسها قليلا لتغرسه في صدره و همهمات الضعف تنطلق منها لتدمي خاصرته و الحنجرة ، صارت تبكي ، الحبيبة المدللة المغرورة تبكي بين احضانه وجعهما ، تبكي قلقه و رعبه ، تنتحب لـ نظرات الفزع المشتعلة بمقلتيه ، ظل يقبل كل ما تطاله شفتاه من وجهها و العنق و الأذن علها تهدأ ، لتفعل بعد حين من الوقت
فتبتعد قليلا عن صدره لتشير بنظرات تائهة نحو اللحاف المتسخ : شوف شسويـ ـ ـ
اسكتها بـ حنو هازا بجسدها كـ أم تحتضن رضيعها : إشششش ، فدوة إلج ، هسة إنتي نامي و ارتاحي و معليج
لتفتح فمها بغية الكلام ، و رجاء نظراته اصابت صدره بمئة مقتل : عممممـ ـ ـ
مال على لجينية الجبين ليلثمه طويلا ، و من بعد الإرتواء تمتم : يااا رووحه كافي بجي ، لج لين دتقطعيني دخيلج كاافي
تعلقت اناملها الواهنة ببلوزته الصوفيه فتوسلته منتحبة : عمـ ـ ـر تعبـ ـ ـت ، ما اريـ ـ ـد
ليهدهدها مجددا و جسده يتورم بـ مشاعر لم يظن يوما إنها ستجتاحه بهذا العنفوان الأبي ، لم يعتقد بأن اطرافه سترتعش لإحتضانه أنثى ، إنه يرتجف بها جزعا فكيف يلام : إشششششش ، كافي عمري كافي قلبي ، امي انتي كافي لتبجين ، قولي الحمد لله ، حبيبي رح يصير زين ، إن شاء الله يصير زين خوما يعووفني وحدي ؟
لتتمتم بـ خفوت صوت يصبو من الإختفاء : الحمد للـ ـه
ظلا على حالهما دهرا ، يحاول أن تغفى طفلته بين يديه ليس لـ يرتاح جسده ، بل روحه ! يريد لها النوم علها تسلى عما يقض مضجعها ، ليحاول بعد أن كسب منها هدوءا رقيق : ليني الجمييل ، تدرين منو خابرني البارحة
لتجيبه مرهقة حد الانخراط مجددا بنوبة الإنتحاب : ما اقـ ـدر أحجـ ـي
إزدرد ريقه فسكن قلبه عن الخفقان ، و ما إن كتب له عمرا جديدا قرر إعادة المحاولة : بس اسمعي حبيبي ،
خابرتني فد وحدة
بقت تسألني عليج ، و تسلم ، و قالتلي ابوها هم يسأل عليـ ـ ـ
لتجفله حركتها المفاجئة وهي تبعد بـ رأسها قليلا ، لتحاول عبثا أن ترى مصداقيته في صفحة الملامح المتماسكة بلا ثبات : ياسمييييين ؟
فيبتسم هو بـ رقة محاولا جذب إنتباه غيرتها : إي خطية دتسأل عليـ ـ ـ
دوما ما كانت غيرة قلبها المسهاد من تلك الصبية نقطة الموت بها ، و يعلم ذلك جيدا فيحسن العبث بها حين يود : الله يااخذهااا شتررريد هاي اللزقة ؟ و إنتتة مو قتلك لتشييله اذا خابرت ؟ لييش تعاند ؟
لييش جاوبتها ؟
هاية تريد تستغل الوكت الزمالة
بلا صوت تحرك فكيه بما يشابه الضحكة ، ليعلق ببسمة طفيفة : مو متقدرين تحجين ؟
كررت محترقة الاوصال و ما زالت محاولتها في ابعاد جسدها عن الالتصاق بـ حضنه قائمة ، و لكن أتملك برادة الحديد قوة لتجتذب نفسها من حضن المغناطيس الضخم ؟! : عمررر بلاا شقة ' مزح ' ، هاي الانسانة الكلبة اني اموت منها ، تريد تنسق وياك عبالها رح امووو
ليعنفها بـ غضب أشعل نواجذه حتى حاول دفعها عنه منتفض الجسد : ليييين بلااا حجي تافه ، لتحولين الشقة لقهر ، أصلا البنية لا مخابرة و لا شي دا اتشااقة وياج
لما احست بـ خطئها عادت لتتمسك هي به معلقة بـ صوت مجهد ، بحة الوسن به كادت ان تفقده نهاه : لتقوول عليها بنية هاية شيطان
عاد ليلف ذراعيه حولها فيهمس متغضن الجبين : أستغفر الله
ببطئ حركة رفعت سبابتها حتى جبهته الحبيبة لتحاول فك عقدة الغضب هناك بلمستها السحرية ، ليحقق رغبتها بـ سماحة قلب ، زحفت بأناملها حيث الشامة اسفل حاجبه الايسر ، و ظلت تلاعبها قليلا ثم تسللت منها نبرة لعوبة ماكرة رغم ضعفها : لتدااافع عليها
مسك رسغها المكار لينزله بموازاة شفتيه ، فيملأه قبلات متعطشة : ههه حبيبي مدا ادافع دا استغفر ربي ، بلكت يرزقج العقل
لتحاول ' كاذبة ' ان تتحرر منه و صوتها يهتف بدلال لا تدري كيف عاد ليتلبسها : عممممر
لا تفته حيلها الماكرة ، لكنه يعشق المكر بعينيها ، الذئب الساكن في غابتيها الخضراويتين يشتهي حضوره إشتهاءا : لين
لتستمر هي بإظهاره بـ براءة مصطنعة لا تليق بـ النظرات الهوجاء : شتريد ؟
شدد من احتضانها و بصرامة رجولية : جاوبيني عدل
ليخبو سنا برق المكر قليلا : نعم ؟
فـ أصر هو : عــــدل
ليأفل نجمه كاملا : نعم عمر ' بيك ' ؟
فظل هو مستمتعا بكل خطوة بطيئة يخطوها نحو المكسب : عدل لين
حتى جاء مكسبه اللذيذ : ها حبيبي ؟
ليشاكسها كعادته ، لكن نبرة الشقاوة قد أفلت منذ اسابيع : مو على بعضك أحسك ؟
ضحكت برقة لترفع اناملها حيث لحيته الغير مشذبة ، كحشائش غابة استوائية ، هزت برأسها لـ تجبره على الاستمرار بـ سرقة كلمات القيصر لـ يصل غايته : ها حبيبي ؟ لخاطري لا تأذي نفسك
منو الزعلك ؟
لتقرص خده بـ خفة تكاد لا تحس مجيبة : إنتتتتتتة
فما كان منه سوى أن يحتضنها بقوة سرعان ما علم من تأوهاتها تهور فعلته ليمنحها قليلا من الهواء كي تتنفسه ، لتثير جنونه مجددا بهمس صاخب : حبيبي
علق الصوت بين حباله متأرجحا ، ليجلي حنجرته فيعلق ملتهما مقلتيها بنظراته : الله ليحرمني من هالـ حبيبي
قوليها لين ، ميت و اسمعها
لـ يلوح له ذئبها الماكر مجددا : شنية ؟
داعب اسفل شفتيها بشغف : هذيج الكلمة الحلوة
شعر بريقها يجف ، و ود لو يرويها ، لكنه ضمآن وربكم : يا كلمة ؟
بنبرة قاربت على الاختفاء اجاب : فد كلمة حلوة الناس يقولوها من يصيرون حبابين
سيدة المناورات هي ، لا شئ تبرع به مثل اللهو بمشاعره : هممم حباب ؟
هذه المرة إنتقل عبث انامله للشفتين : لين
لتقبلها فتصعقه بمئتي تيار مستمر ، ثم ترويه و ترويه و ترويه بما يشتهي ضمأه : أحبك عمر ، أحبببك فوق متتخيل و تتصور ، أحبببك فوق ما اي احد بالدنيا يتصور ، إنتة امي و ابوية و اخوتي ، إنتة اهلي كلللهم
مال ليقبل جبينها اللماع رغم عتمة الحجرة السلطانية : عمـ ـ ـ ـري
: أحببببببك ماما عمممر
إنها ماكرة
محتالة
و انثى متثعلبة و مستذئبة
و إنه ليعشقها
فـ يارب إحمها ثُم إحمها ثُم إحمها لـي ، و لا ترنيِ فيها وَجعا
.
.
.
نهايةْ الإدانة الـ ثآمِنةْ عَشرْ
وسَـأعيشُ أحلُمْ .. حتَىْ أتخبطْ بحلميِ واقِعاً بإذنهِ تعَالى
|