كاتب الموضوع :
آجر.
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: رواية : أنتِ فجري لا غدى صبحي ظلام ، وأنتِ نوري لا طفت كل الشموع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم/مساءكم :$
كيف حالكم ؟ عساكم بخير وسعادة ؟
- بالتأكيد روايتي خيالية ، لكنها تُلامس الواقع ، فأرجو من القُرّاء أن يتذكروا أنها مجرد خيال ولا يتسابقون إلى قول "لا يوجد أشخاص هكذا" ، ولربما تكون واقعية في مكانٍ ما ..
- أرجو من أي شخص يرغب بنقل روايتي بأن يذكر مصدرها ، تقديراً لجُهدي
- ملاحظة : الشخصيات والأحداث لا تمت بصلة إلى الواقع فهي مجرد أسماء وتخيلات.
-
الجزء الرابع
[ أتبكي ؟
- نعم
- لِما ؟
- لما لا !
- لا فائدة من الدموع ]
ضحكت : أخيراً فيه شخص عربي أتكلم معاه
دارت نظراتها في الطلاب بهدوء : هههههه حتى أنا بديت أحس بالطفش ..
عفاف : أتمنى انه حفل تخرجي ، حظ أخوي
فجر : حظ بنت عمي
التفتت عليها : يعني انتِ حاضره لبنت عمك ؟
فجر : أنا وابوي ، أمها وعمي ساكنين هنا ..
اتسعت محاجرها لتعود وتنخفض : أهااا
لم تطيل بالحديث معها ، ظنت بأنها قد تتعدى على خصوصياتها ، ظلت تعبث بأساورها ، تبحث بعينيها على طارق ووالدها ..
: بتطولون هنا
الحمدلله تحدثت : إيه يمكن أسبوع أو أقل
فجر : احنا بنجلس أسبوع ويومين تقريباً .. عادت إلى صمتها ثم استرسلت .. أبي رقمك !
توّجست خشيةً منها ، لم تعتاد على الغرباء ، عاشت في بيئة مشددة ، يحيطها وجوه مألوفة : آآ .. مدري والله ..
أمسكت هاتفها : سجلي رقمي عندك
أمسكت عفاف هاتفها بغير إرادتها ، وبدأت بتسجيل الرقم ..
: نبي نكون على تواصل ، مع السلامه عفاف هذا ابوي جاء ..
آتى رجلاً بدأ وكأنه في مقبل الـ 40 ذو جسد معتدل تبرز عضلات في ذراعه ، ابتسم لعفاف ابتسامة سريعة وأمسك بيد فجر التي ظلت تلوّح مودعة لها ..
كان يوم جميل ، مليء بالصراخ "الأنثوي" والتشجيعات "الذكورية" ، السماء تمطر علينا قبع تخرج ، أوراق تُرمى على وجوهنا دون أي سبب يذكر ، ابتسامات ، دموع ، دموع ، والكثير من الدموع !
عدت إلى البيت بعد الإرهاق والجهد الذي بذلته ، ضربت جبهتي الطويلة على الفراش الواثر ، أظن بأن هناك حُمى قادمة في الطريق ..
عمي وعفاف لم تكن حالتهما أفضل مني ، فالإثنان وقعا ضحية الفراش ، كاميرة الفيديو مرمية في الطاولة ، كنت أريد أن ارى الحفل بشدة ; لكن التعب أعياني ، وغطيت في نوم عميق ..
استيقظت عفاف ، تناولت حبوب صداع ، ثم عادت للاستلقاء على السرير وهي تشعر بأن الأرض تدور بها ..
"كم الساعة الآن ؟"
أمسكت بهاتفها ، وجدت 8 رسائل "WhatsApp" ، قرأت الرسائل واحده تلو الأخرى ، تهنئة ، سؤال ، قصيدة ، نكتة .. الخ
ضغطت على أيقونة جهات الاتصال ، نظرت إلى اسم "فجر" مطولاً ، كانت تضع صورة غريبة وأما في الحالة كتبت 'للأبد وحيدة' ..
ترددت هل تحادثها أم تترك التدخل في شؤونها ، توّكلت على الله وحفرت بأصابعها : أهلاً .. انتظرت دقائق حتى إجابتها
فجر : أهلاً أهلاً ، عفاف
عفاف : كيف حالكم بعد الحفل ؟
فجر : شبه ميتين *أيقونة بكاء*
عفاف : ههههه ، أنا توّني صحيت واحس رأسي بينفجر
فجر : مثلي يا اختاه
عفاف : ....
فجر : انتوا في فندق ، صح !
عفاف : لا في شقة أخوي
فجر : أها
عفاف : أظن أني برجع أنام ، مع السلامه ..
عادت إلى غرفتها ، تسير بخطوات مبعثرة وكأنها تبحث عن شيء ما ملتصق بين أصابعها ، وقع أقدامها ايقظ دانه ..
: غريبه ما نمتِ !
فزّت رعباً : من وين طلعتِ ؟؟
ابتسمت بسخرية : من النافذة !
فجر : وش تبين ؟
استلقت على الأريكه : تعالي أجلسي أبي أسولف معك ..
ضيقت نظراتها : لا ، أبي أنام
أنا سيئة ، سيئة جداً واعلم هذا ، لكنني أكره ما أفعله ، ودائماً ما أشعر بالندم بعد كل مكالمة ، كأن هناك خيط رفيع يلف رقبتي ويعصرني ويعود ليتوسع ثم يضيق مجدداً ، كل خلية في جسدي تتمنى الموت على أن تعمل لتبقيني حية ، كل نبضة ينبض بها قلبي تلعنني ستون ألف مره ، الكون يضيق بي ، الكائنات الحية تصرخ في وجهي ، توّبخني ، ديني يفتح أبواب التوبة لي واعود لأغلقها كالبلهاء ، لكن هذه المره مختلفة ..
هذه المره حتى نظرة والدي استكثرها في حقي ، لا استحق ابتساماته ، دعواته ، أو حتى أن ينطق اسمي ، تعديت الحدود ، خطوة فخطوة إلى الحدود الحمراء / المشتعله ..
الله وحده أعلم ماذا ستفعل دانه بهذا الشريط القذر ، ولكن ما اعلمه بأن ذنبه سيلحقي إلى يوم القيامة كسلسلة رُبطت بكرةٍ حديدة قاسية في ساق مجرم قذر لا ينظر الناس إليه ..
ربي سامحني ..
عادت إلى غرفتها ، رمت جسدها على السرير ، عضت الوسادة وهي تكتم صوتها ، دفنت نفسها في الدموع كالعادة ..
استيقظ من النوم في الساعة 6 صباحاً ، حرّك رقبته يميناً ويساراً ..
صوْت منشار يفتك في رأسه ، الخلايا تُقلع من محاجرها ، وكأنه قد دخل حرب وخرج منها قتيلاً "حياً" بشكل ما ..
استحم بسرعة وهو يرتجف من برودة الماء ، يهمس بشتائم كي لا يسمعه عمه ..
جلس على سريره وهو يلف لحافه حوله ، كأنه طفل يترقب برنامجه المفضل ، صوت أسنانه ايقظ العصافير على النافذة ..
فتح درجه الصغير ليبحث عن هاتفه ، لكنه وجد قرص "دانه" المدمج ..
امسك به ، حركه بين أصابعه بتأمل ..
اخرج اللاب توب ووضعه في حجره ، ادخل القرص وهو يتثاءب "بخار" ، ضغط عدة مفاتيح حتى بدأ الشريط بالعمل ..
-
الجزء الخامس
[ دائماً يتسلل الحظ وينام بجانبي واصحو لأجده قد رحل ]
ظهرت شاشة سوداء ..
انتظر بدء الشريط ، لكن اللاب توب توقف عن العمل فجأة " يا الله الشاحن " !!
فتح أدراجه بحثاً عن ذاك السلك الأسود الطويل ، وجده متلو ، امسك به وثبت قابسه جيداً وشبك رأس الشاحن في الجهاز ..
أمسك هاتفه بينما هو ينتظر ، اتصل به صديقه "لوك"
_ المحادثة بالانجليزية مُترجمة للعربي _
: أهلاً لوك
بلكنه غريبه : أهلاً يا صاح
: شكراً على الهدية ، ألا تظن بأنها مبكره قليلاً ؟
باستغراب : هدية ماذا ؟
طارق : دع عنك المُزاح ، ولكن لماذا أحضرتها ، والدي موجود لقد كان موقف محرج جداً
لوك : يا أبله عم تتحدث ؟ لم أحضر لك شيء !!!
أيعقل ألا تكون مزحه ؟! : الفتاة ، الفتاة التي وجدتها في غرفتي ؟
لوك : لم أحضر أحد ، أنا أعرف حدودي جيداً ، انت مسلم والمسلمين لا ي ...
قاطعه باستعجال وهو يضغط المفاتيح ليعمل الفيديو : أعلم أعلم ، لكن إن لم تكن انت من أحضر الفتاة إلى غرفتي ، إذاً من يكن ؟؟
لوك : عجيب !
طارق : هل تظن بأنه أح ...
اشتغل الشريط
: أك ل أكلمك بعدين
لوك : ألم أخبرك بأني لا أتحدث العربية ؟!!!
اغلق الهاتف في وجهه ..
صدمه !
هذا أنا
هذه البنت
والشريط
مع
دانه ؟
فقزت من السرير ، تفكك جهازي المحمول ، وتناثرت قطعه حولي ..
لا لا لا ، لا مستحيل ، كيف لهذا أن يحدث !!
سأنتهي ، سيغضب عمي ، ستكرهني عفاف وهيفاء ، سأصبح اليتيم المنبوذ .. سيجد نادر سبب ليغيظني ..
كيف فعلت هذا ؟ كيف دخلت شقتي ؟ من هي الفتاة ؟ أين كانت آلة التصوير ؟ هل
هل أرسلتها لعمي بعد ؟
حياتي بين يدي دانه
وحياتي قد انتهت فعلياً ..
تجلسان أمام التلفاز ، تفكران في موضوعين مختلفين يؤديان إلى الشخص نفسه .. طارق
: تصدقين أني عطيت طارق الفيديو اليوم
اعتصر قلبها بألم : طيب
تقدمت نحوها وعلى محياها ابتسامة بريئة : لا يكون ضميرك صحى ؟ يا حرااام
امتلأت عيناها بالدموع : ممكن تتركيني
دانه : بدال ما تشفقين على نفسك ، تذكري وش سوينا من قبل ! ترا ما فيه فرق ألا انك قابلتيه ، لا تحسسيني انك سويتي شيء عظيم
تفجرت أعصابها ، ظهرت العروق في عنقها ، تعرقت راحة يدها : انتِ مجنونه ، مالك قلب ؟!!!
دانه بغضب مماثل : ليه ما يكون هو مجنون وماله قلب ؟؟ ترا حتى هو هددني بفيديو ..
توّسعت عيناها بصدمه : أي فيديو
بلا مبالاة حركت يداها : فيديو لمّا كنت عنده في الشقة
فجر : أي شقة وأي خرابيط .. وش مسويه معه ؟؟؟
نظرت إليها بضيق : ما راح تفهمين شيء
نهضت ولحقت بها فجر ، أمسكت بذراعها وسحبتها نحوها
صرخت بها : وش مسويه معه ؟؟؟!!!
صرخت دانه بدورها : ما سويت شيء ، مالك حق تشكين فيني كذا !
فجر : طيب ليه يهددك دامك مو مسويه شيء ؟!!
بتضييع للموضوع : مدري عنه ، يمكن مسوي فبركه
نزلت دموعها بقهر : أنا ليه جيت ، ليه !!
يوم جديد ، إزعاج الأطفال يقلق المسنين ، ويثير شتائمهم ، الجرائد تُرمى في كل ناحية ، ابتسامات خجولة ، نظرات متمردة ، وورود متبادلة ..
يجلس بينهما بشرود نظراته ، الأفكار تُحذف في عقله بالملايين ، "كيف استطيع استدراج دانه لناحيتي ، أخذ الشريط منها !
وكيف اضمن بأنها لا تملك نسخ أخرى ؟ "
أبو نادر : ما ودكم نروح للسوق نجيب هدايا قبل ما نرجع للسعودية ؟
قفزت عفاف عند سماعها كلمة "سوق" : إيه إيه لازم .. ضغطت بأصابعها على خصر طارق .. طارق مو معنا اليوم
طارق : هلا
بحنية أب أمسك بكتفه : وش فيك يا بطل ؟ اليوم مو على بعضك !
عفاف : يمكن بيشتاق لكندا !!
ابتسم لهما ، أما أبو نادر وعفاف تبادلا نظرات الاستغراب ..
استأذنهما لدورة المياه - أكرمكم الله - ..
دخل غرفته واغلقها من بعده
أمسك بهاتفه واتصل على دانه
: نعم
طارق : أبي أقابلك
دانه : وأنا ما أبي أقابلك
طارق : خلينا نتفاهم
ضحكت بصوت آثار تقزز طارق : ما شاء الله ، اللحين تبي تتفاهم !! مين اللي هدد بالفيديوهات بالأول ؟
طارق : أبي أقابلك
دانه : أستغفر الله ، طيب وين ؟
طرقت باب غرفتها بهدوء : فجر ؟
فتحت الباب : هلا !
دانه : تبين نغيّر جو ونروح للمول ؟
احتاج إلى الهواء النقي والى أي شيء قد يغير نفسيتي التي تتأرجح في الحضيض : طيب نروح ، أبوي وينه ؟
أمسكت بسلسال صغير وهي تلفه حول رقبتها : أتوقع راح لبابا علشان البيت الجديد
فجر : أها
في المركز التجاري ..
: أمم فجر ، أنا بقابل وحده من صحباتي في مقهى فوق تقد..
قامت بمقاطعتها : روحي
: شكراً فجر
هروّلت بسرعة لتقابل طارق ، ربما تهدأ الأمور ، أو تزداد اشتعالاً !
جلست في مقعدها وارسلت رسالة لطارق تسأله عن مكانه ، ما هي إلا ثواني وجلس طارق أمامها بقميص رسمي أسود وبنطلون جينز أسود ، يبدو في حالة مزرية ، شعره مبهذل ويرتدي نظارته الطبية ، واثار الجروح من الحلاقة السيئة ، لكنه يبدو وسيماً على أية حال ..
: أعطيك كل الفيديوهات اللي عندي وتعطيني النسخ اللي عندك
دانه : لا
ضرب الطاولة بقوة من شدة غضبه : يعني كيف ؟ هاا ؟ تبين توصلينها لعمي ؟
صرخت به : حتى انت تبي توصلها لأبوي !!
طارق : أسمعيني وشغلي الحديده اللي في رأسك ، إذا عطيتيني الفيديو اللي عندك ما راح أعطي أبوك شيء
دانه بعدم اقتناع : لا لا ، خل عندك فيديوهاتي ، واترك فيديوهاتك عندي ، علشان نضمن إن ولا واحد فينا يفضح الثاني
طارق بغضب شتمها ولعنها ، التفت جميع من في المقهى صوبهما ، نهضت دانه بسرعة حتى لا يحرجها طارق أكثر
لحق بها وصرخ : من الـ **** اللي دخلتيها غرفتي ؟
اشمئزت من وصفه لفجر بهذا الاسم : مالك خص واحفظ لسانك
أمسك بيدها وجرّها ناحيته : والله واللي خلق هالروح ، لو عرفت ان الفيديو وصل لعمي لاقتلك واشرب من دمك وتراني مجنون واسويها ..
تسارعت نبضاتها بخوف : ما راح أرسله لعمك إلا إذا وصل الفيديو لأبوي
افلت يدها وعدّل ياقته : المهم وصلت لك المعلومه
تجمعت الدموع في عينها : طيب
مشى متنائي عنها ، راقبت ظهره وهو يبتعد ، ارتجف جسدها من تهديده وبقيت تلعن غباءها وتلعن فجر !
الجميع يبحث عن شيء ما يحتاجه ، ربما فطرة في الإنسان ، يترك جميع ما حوله ويبحث عن شيء آخر "جديد" ظناً منه بأن حاجته له قوية ، لكن بعد العبث به والاستمتاع فيه ، يرميه وكأن ما كان لم يكن ، كهؤلاء الجشعين ، الذين يبحثون عن ملابس جديدة
أتعلمون ما حاجتي ؟
حياة
احتاج حياة جديدة ، حياة خالية من البشعة "دانه" ، خالية من أصحاب الفساد "أصدقائي" ، خالية من عمي وعائلته للأسف ، تخلو من نادر المغرور ..
والاكيد والاهم تخلو من طارق القديم
سأصبح إنسان جديد مع الحياة الجديدة ، انسلخ عن ماضيّ وأقبع في صفحة جديدة ، لا لا كتاب جديد ..
وسأكتب فيه ما أشاء ، ربما معاصي أخرى ، أو ربما توبة ، أو أعيش مع زوجة ويكون لي طفل صغير يحمل اسم جده سواءً ملك والداً عاصي أم تائب !
وربما أرسم ، فأنا لا أحبذ الكتابة أبداً ، تأخذ وقتي ، تنهرني ، وتثير عاطفتي ، تبكيني كفتاة مراهقة ، أنا الذي هربت من حصص "التعبير" كي لا أكتب وانتزع المستور من قلبي ..
أنا الذي تعودت إن أصرخ وأشتم كي افلت من عناء الكتابة ..
سأرسم وجهي ، أنفي الطويل سأضيف له كسرة خفيفة ، فهذا ما يميزني عن عائلة عمي ..
أنوفهم الطويلة ، البارزة كسيف كشف عنه حامله ..
أما أنا ، أحمل علامة تفرقني عنهم ، كسرة أنف صغيرة ، تجعل من أنفي معكوفاً ..
لولا اعتكاف أنفي الغبي لأصبحت فتنة وأكتملت وسامتي ..
عيناي الناعستين ، كظل ليل هبط على نور شمس ضعيف ، لم أتظاهر يوماً بأني أريد النوم ، لأن عيناي تقومان بالعمل دون طلبي منهما .
حاجباي ، ذقني ، خدي ، فمي ، شعري الأسود ، بشرتي السمراء ، طولي الفارع ، عرض أكتافي ، هالات السواد تحت عيني مباشرةً ، ظهري الطويل ..
عندما انتهي ، سأخربش عليها ، واطمسها ثم أعيد رسمي من جديد ..
فأنا كل ثانية أكبر ، اكتشف شيء جديد في حياتي لم أعرفه قبل .. كذب ، خيانة ، علاقات محرمة ، نفاق ، سرقة
وحتى الحب
اكتشف بأني لم أحب أحدهن يوماً
بل أني أقع في غرام وجوه ، أجساد ، لسان عذب ..
إنسانه ؟
لا
لم أحب يوماً ، وحتى دانه
لم تكن يوماً في قائمتي السوداء للفتيات اللواتي استغللتهن ، ولم تكن أيضاً في لائحة الحب
كانت في أحدى الهوامش ، قصة وعدت ، علاقة وفسدت ، حب وانتهى ..
في الحقيقة بعد التحدث عن اللوائح
سأضيف لائحة جديدة سأطلق عليها اسم "لائحة الانتقام" تحمل أسماء الأشخاص اللذين أرغب بشدة الانتقام منهم ، اسم نادر يترأسهم ويتلوه اسم البشعة دانه
نادر لم يفعل شيء ، لكن سانتقم منه ، المهم إن يتعذب ، ذاك المغرور المتكبر
دانه
هه
وماذا بقي لم تفعله بعد ؟!
لا يهم
المهم هو تلك الـ ***** ، الفتاة التي اقتحمت غرفتي وكادت تنهي حياتي مع عمي ، تلك التي لها جميع روابط الصلة مع دانه ، أنا أكره أي شيء يرتبط بدانه ، فما بالكم بفتاة مثلها ، أصبحت أكرهها دون إن أعرف أي شيء عنها ، ربما استأجرتها ..
لكن دفاعها عنها يؤكد بأنها تعني لها شيء ، بل شيء كبير جداً
والشيء الأخر بأنها لم يتضح شيء منها في الفيديو ، فقد شاهدته ملايين المرات محاولاً إن اكتشف شيء يؤدي إلى فضحها ، لكن لا شيء منها يتضح إلا جسدها من الخلف ، وشعرها المبعثر على أكتافها وهذا يعني بأنها لا تريد إن تُفضح ، لهذا إن كانت مستأجرة لن تبالي وان ظهرت عارية أمام الكاميرا ..
لا أنكر أنني قد تأملت بها كثيراً ، أو بالأحرى ظهرها وشعرها ، لكنني لست بطماع ، فهذا القدر يكفيني ..
أن أسمع لغتها الناعمة دون أن أفهم ما تعنيه ، تبدو لغتها لاتينيه ، لا أعرف أي شخص ينحدر من أمريكا اللاتينيه ، لهذا حاولت أن أبحث عن معنى حديثها في قوقل ترجمة ، لكنني لم أوْفق ..
شعرت بالصداع يداهم رأسي ، عيني وجبيني ..
كنت أجلس في المقاعد خارج غرف القياس في انتظار عفاف ، التي لم أُلاحظ وقوفها أمام عيني قبل 10 دقائق ، كُنت شارد الذهن ، أفكر في الكتابة والرسم وانفي والفتاة .
أمسكت عفاف يدي وهي تلاحظ ضيقي ، جرّتني خلفها لم أمانع وأنا أمشي خلفها بإطاعة ..
كان ظهر عمي يقابلنا ، وحين التفت ناحيتنا كان وجهه أسود غاضب ، وعيناه ترسلان أشعة غضب ..
إلا تلك العينان لا تغضبان علي ، فأنا نلت من الدنيا ما لقيت ..
تلك النظرة تشابهه النظرة التي تخيلتها وهو يتلقى شريط موْتي ، بردت أطرافي ، ارتجفت خلايا جسدي ، وثقُل رأسي ، وتعرق جبيني ..
أرجوك إلا انت
إلا انت يا أبي
نطق وهو يكبح غضبه : بتجيني مصيبه من وراك
-
الجزء السادس
[ يا دياري لا تقلقي ، فقد تركت أخطائي بعيداً عنك ]
لا أريد أن أسمع ، أقتلني ولا تكلمني ، لا أريد سماع خيبتك ، صوتك الحنون يتحوّل إلى غضب ، فقط أنبذني عن عائلتك ولا تكرهني
سأعيش بعيداً عنك ، سأبكيك دم ، واعيش ألم اليتم مرة أخرى
: بتجيني مصيبه من وراك
لا لا لم يقل هذا !!
أنا سمعت شيء آخر !!
: بتجيني مصيبه من وراه
تسارعت أنفاسي وأنا ألهث : م مم من ؟
أمسك جبينه : نادر حسبي الله على إبليسه
هذا مضحك جداً
كدت أن انهار تحت قدميه وأنا أتأسف ، أن افضح نفسي ، أخبره بكل شيء وانه مجرد سوء فهم
سمعت الشيء الذي من المفترض أن يقال ، أن المصيبه تأتِ من ناحيتي ، أنا المُصدّر الأساسي للمصائب
لحظه لحظه
المدلل نادر
قام بمصيبه ؟؟؟
أسرعت بالقول : ليه وش مسوي ؟
أبو نادر : باع الأسهم في الشركة يقول إنها بتكون ربح
تحدثت عفاف بخبرة طويلة في الأسهم : وهو صادق ، أكيد فيها ربح
التفت ناحيتها بغضب : إن شاء الله خسارة وش يهمني ؟
تعقدت حاجباها باستغراب : أجل ليه معصب ؟
تنهد : لأنه ما أخذ برأيي ، سوا اللي يبي بدون شوري
عفاف بتفهم : الله يهديك يا يبه ، مصيبه ومصيبه واخر شيء علشانه ما أخذ برأيك
أردت إشعال الأمور : إلا أبوي صادق ، ليه بزر هو علشان ما يأخذ برأييه ؟ ولا الشركة صارت باسمه
هزّ والدي رأسه بموافقه
أما عفاف اكتفت بأن تلقي نظرة على حقيبة يدها ..
قبل نصف ساعة
أو أثناء مقابلة طارق لدانه بالتحديد ..
كانت تنظر إلى الملابس بملل ، تمسك بقطعة وترمي الأخرى ، تشتري أي شيء لتبعد تفكيرها المنحصر على "طارق"
لم يكن تفكير إعجاب أو حب ، بل همّ المصيبة التي ستقع على كاهله من دانه والفيديو الذي تظهر فيه
لمحت فتاة تقف بعيداً وتبتسم لها ، اقتربت منها وهي تركز نظرها فيها لعّلها تذكر أين رأتها من قبل !
عفاف !!
صافحتا بعض وسؤال عن الأخبار ، حتى انتهى بهن الحال وهنّ يتسوّقن سويا
اشترت عفاف فستان على ذوق فجر ، وأشترت فجر قميص جميل من اختيار عفاف
اتخذن أحد المقاعد مجلساً لهنّ وبدأن بالحديث
عفاف : أبوي مضطرب ، شكلنا بنسافر قريب ونرجع للدمام
فجر : عجيب
نظرت إليها : ايش العجيب ؟
ابتسمت وهي تركّز نظرها في العصير : حتى أنا ساكنه في الدمام
ابتهجت : حلو ، نقدر نشوف بعض يعني
نظرت إليها وهي تضحك : أصلاً لو أنّك في آخر السعودية جايتك جايتك الله لا يعوقه بشر
ضحكت عفاف وأنسكب بعض من عصيرها في حجرها ، شتمت العصير "المسكين" وهي تمسّح بقاياه بمنديل
فجر : ما عندي صديقات
نظرت ناحيتها بصدمة : كيف !!
تأملت في الأطفال أمامها : ما أحب أكوّن صداقات
عفاف : آفا ، أحسك اجتماعية
فجر : لا ، الزبده أنك صرتِ صديقتي ، صح عادي كذا ؟
ابتسمت لعفويتها : وانتِ صديقتي بعد ، بس ايش اللي عادي ؟
بإحراج تحدثت : يعني عادي تصيرين صديقتي من فترة بسيطة
ضربتها بـ "دفاشة" لا تليق بنعومتها مباشرةً على كتفها : يا شيخة أنا أكره الرسميات
تماماً كما توّقعت عفاف ، فإن والدها عجّل في رحلة العودة لتصبح غداً ..
ليلٌ هادئ ، العجوز السيدة كالين أو كما يسميها طارق "الريّس باللهجة المصرية" المالكة للشقق التي يسكن فيها طارق ، صوت صراخها في الأسفل ، تطارد المتأخر في تسديد الأجار ، لا يمكنك الأنفلات من لسانها المغمس في الشتائم
أمطار خفيفة ، ربما دموع كندا على فراق "طارق" ، نوم الزهور الدافئ ، اختفاء الطيور المعتاد ، وغياب السيارات ما عدا سيارات الأجرة ، وطبعاً لا ننسى أصحابنا "السكير" و "العاشق" ..
كان يتفقد ملابسه ، وتذكاراته ، الهدايا المقدمة من أصدقائه كما يزعم ، بينما هي مقدمه من "عشيقاته" السابقات ، يودّع أصحابه ، ويرّتب ما تبقى من ملابسه حتى سمع نغمة هاتفه ..
قفز فوق السرير إلى الناحية الآخرى من الغرفة ..
أمسك الهاتف دون رؤية اسم المتصل : يا هلا
: أسمعني زين ، مشاكلنا خلّها بيننا
ضحك بشدة وهو يميّز صوت المتصل ، وكيف ينساه !
طارق : طيب بارك لي على تخرجي على الأقل
: موب لازم
طارق : أسمعني انت ، أنا ما سويت شيء
نادر بهدوء : أبوي متصّل عليه يهاوش ويقول ليه تعتبرني بزر ! وهو في البداية ما قال شيء أبد ، بس بعد تحريضك شبك عليّ
تلذذ بهذه اللحظة كثيراً : ما قلت له شيء ، والغلطة غلطتك لا تلزقها فيني
نادر : انت تدوّر الزلة علي ؟؟ أنا ما غلطت
طارق : شاطر ، اللحين فارق
نادر بغضب : تهبى
لعنه بجميع اللعنات التي عرفت في التاريخ ، شتمه ، سمّاه بألقاب أقل ما يقال عنها وقحة ، حتى صمت نادر باستغراب من عدوانيته المعتاده ، لم يقل شيء يستحق هذا كله !!!
لكن طارق يستغِل أي فرصة لشتمه ويوّضح كراهيته له ، عقدته منذ صغره ، يهوّل حجم المشاكل لتكبر وتكبر ، ولا تنتهي ، لكن نادر ينهيها من حيث لا تحتسب ..
نادر : أبي أعرف وش مسوي لك علشان تكلمني كذا
طارق : ما سويت شيء ، انت ملاك طاهر
نادر بابتسامه : ورا خشمك
اغلق نادر الهاتف وترك طارق يُكمل ما بدأه من شتائم ..
الحمار قفّل في وجهي !!
استغربت هدوءها المفاجئ ، تقدمت نحو غرفتها وهي تتعوّذ من الشيطان ، بالتأكيد صديقتها قالت شيء ما عكّر مزاجها ..
فتحت الباب لتجدها جالسه على الأرض أمام أدراجها شاردة الذهن ..
أمسكت كتفها ونادت : دانه فيك شيء ؟
بجحوظ عيناها تمتمت : ما راح يشرب دمي
عقدت حاجبها : من اللي بيشرب دمك ؟
سمعت صوت نداء والدها في الخارج ، ركضت للخارج وهي تطمنه بأنهما سوف يتسامرنّ في الغرفة ، أغلقت الباب وعادت لتجلس أمامها ، حوّطت وجهها الصغير بيديها : من يا دانه اللي بيشرب من دمك ؟
قفزت دانه كالمقروصة : بكره بيسافر ، برسل الفيديو المنحوس وما راح يشرب من دمي
انصدمت وهي تترجم كلام دانه في رأسها ، فهمت من تعني ، أمسكت بدانه : لا دانه تكفين لا
دفعتها كالمهووسة : أنتِ مالك شغل ، ما راح اسمح له يشرب من دمي
امسكت بهاتفها وهي تكتب البريد الإلكتروني للرجل الذي سينهي حياة طارق ..
همس فجر المترجي ، دموعها ، دعائها على نفسها ايقظ دانه
بحلقت فيها بتأمل واردفت : ليه أنتِ متأثره لهالدرجة ؟
فجر بدموع وهمس امتزج بالشهقات : أرجوك كافي الذنوب اللي بتلحقني ليوم الدين
ابتسمت بسخرية : إحنا فرقنا أزواج ، هدّمنا بيوت ! وتوّك تحسين بالذنب ؟
تمسّكت بآخر آمالها : أنا خنت ربي قبل أبوي ، لمست رجل مو مُحرّم لي ، أنا اختليت فيه ، أنا ملعونة يا دانه !
بغيض شديد : هذه مشكلتك ، أنا مشكلتي طارق
تذكرت حديثها عن الفيديو الذي هددها طارق به : وش بتستفيدين ؟ حتى هو معه فيديو لك وبيرسله ولا ينشره
كيف فاتت علي : ..
أمسكت فجر يد دانه وهي تبعد هاتفها عنها : تعوذي من الشيطان ، أتركي هالمشكلة تنتهي على خير
ضربت دانه صدرها وبكت بصوتٍ مؤلم : كيف تماديت كذا ! ليه طاوعتيني ! الله يأخذني الله يأخذني
عانقتها ولو شاءت لحطمت ضلوعها ، هذا الذنب العظيم يُقسم بأنه لن يدعُنا ما حيينا ، سنظل نحمل وشمه ، ستفوح رائحته من ناحيتنا ، لتسبب نفور الناس مننّا ، لا يوجد ماء نغتسل به لنطهّر ، ولا تلك الممحاة السحرية التي نستطيع منها محو كل الأمور التي تزعجنا وتعكر صفوْ عيشتنا ..
ولا هناك صدر نبث له حزننا ويمتَصّه كأسفنجةٍ صغيرة ، فقط سنبقى نلطم أحزاننا ونعض أصابعنا ونشتم شراستنا ، هذا الذنب هو نقطة تحوّل في حياتنا ، من الآن فصاعداً ستتغير الأمور لتُصبح أكثر مرارةً وبشاعة.
حين شعرت بأنفاس دانه تنتظم أمسكت بيدها وهي تحثّها على الاستلقاء على سريرها لعلّها تهدأ وتنام ، أفسحت دانه عن المجال ، طالبةً بنظراتها أن تنام فجر بجانبها ، نامت فجر بجانبها وهي تصارع قطرة ماء ضعيفه ، قويةً بالنسبة لها
حتى غطت في نوم هادئ ..
يوم الإقلاع ، يوم السفر ، يوم التوتر وصراخ الأب "أين حقيبتك وأين هذا وذاك " وبين تذمر الطرف الأخر "أين أضع هذا ؟ لماذا أجلس هنا ؟ هل أحضرت التذاكر ؟ بطارية هاتفي قد نفذت !"
أمسكت عفاف آلة التصوير وهي توّثق اليوم لعودة طارق المتخرج إلى الديار ، إلى أحضان جميله الجميله ، وصوت هيفاء الرقيق والناعم ، وجمود نادر ، والعودة إلى الحرب الأسطورية
سمعوا النداء ، نداء جهور وقوي ، أقرب إلى التوبيخ ، بأن يصعدوا إلى الطائرة ..
فوق أرض كندا ، وتحت قدمي السحب البيضاء ، واصوات بكاء الأطفال ، لهجات عربية مختلفة ، نوم عفاف العميق ، وترتيل عمي الشجيّ ..
يجلس في مقعده وصوت المُضيفة يزعجه من حدته ، تأفف بملل وهو يمضغ علكته ، أسند رأسه إلى الخلف وعاد بكاء دانه ليدغدغ طبلة أذنه بانتصار ..
ليلة البارحة
اتصل بها ، مهما حدث ، سيظل بيننا أيام جميلة وذكريات ممتعة لن أنكرها أبداً ، لهذا أردت إن أتحدث معها حديث الوداع ، لتبقى بصمة هادئة لي في حياتها ..
: الو
بصوت مُرتجف : نعم
ابتسم من خوفها : تدرين أني بسافر بكره ؟
دانه : وش اسوي لك !
طارق : حبيت أوْدعك بطريقة لطيفة
دانه : ...
لمَ لا أعبث معها قليلاً ! : أقول دندون ، ناويه ترسلين الفيديو أجل !
ردت بسرعة : لا ، بس إذا أرسلت حقي بسوي مثلك
تحدث بجدية اتضحت في صوته : بقول لك الحقيقة ، أنا داشر واعرف هالشيء ، وعمي يدري أكثر مني ، واكثر من مره شافني وأنا سكران للأسف ، ووبخني وقوّم قيامته علي ، يعني إذا شاف الفيديو ما أتوقع بيأثر فيه كثير ، يمكن يصرخ ويهدد وكل شيء ، بس ما تفرق معي ، لأن أنا مالي أحد في الدنيا ولا أبي رضى أحد علي ..
هل يمزح ؟
أيعقل أن يكون بهذا البرود ؟ ما هذا التبلد الشديد الذي أصابه ؟! لم أعد أملك شيء يؤثر عليه ، أصبح مخيفاً في نظري ، أنا الفتاة التي يهابها الكل من قوْة شخصيتها ، أشعر ولأول مره بالخوف من طارق ! الرجل الضعيف ؟
المتيم بي ؟
أصبح بشعاً ، مشوّه القلب ، حتّى عمه أصبح لا يعنيه ، نبذ الكل قبل أن ينبذه أحد ، رمانا بأسهم اللامبالاة قبل أن نجهِّز خطط قتالنا ، ربما قتَل ضميره بدمٍ بارد ، أو أن ضميره مثله بشع.
بضعف نطقت وصوت بكاءها يخترق أذنه بشدة : كذاب
ضحك بهدوء ثم أردف : أنتِ جربي
امتلأت ذرات صوتها بالبكاء : حقير ، أكرهك
أغلقت الهاتف ورمته على السرير ، سمحت لدموعها أن تنهمر ، ركضت إلى إدراجها بحثاً عن الشريط ، تناثرت الأوراق حولها ، وتعبّأ وجهها دموع ضعف وخوف ، أمسكت بالشريط بارتجاف ، تمتمت : ما راح يشرب دمي
أخيراً
الوطن ، السعودية ، والدتي ، دياري ، مسقط رأسي ، عشقي الأبدي ..
أظن أن قلبي بدأ بالاحتفال مبكراً ، فإنه لم يتوقف عن قرع طبوله منذ أن رأى أنوار الدمام ، أصابعي التي توّترت وغدت تضرب بعضها بعض ، عيني التي تجحظت حرفياً ..
كان الطريق إلى المنزل غريب ومُخيف ، كُل خمس ثواني أشعر بيد عمي على قدمي تربت عليها لتطمنني بأن لا شيء قد تغير ، واني سأظل ابنهم اليتيم ..
ما أن نزلت وأنا اُراقب المدخل ، ظللت مدة طويلة وأنا انظر إليه ، حتى شعرت بعفاف تسقط علي ، التفت عليها بخوف وجدتها قد تعثرت بحذائها ساعدتها على الوقوف والاتزان ، مشيت خلف عمي وأنا أذكر اسم الله ، دخل عمي وهو ينادي بصوته الصاخب : يا أهل البيت
فجأة خرجت عمتي جميله ، ضربت على صدرها بصدمه ، ركضت بسرعة ناحيتي متجاهلة عمي الذي مدّ ذراعه ليصافحها ، كُنت سأضحك لكنها حوّطتني في عناق دافئ ، أجبر عيني للرضوخ للدموع ، سمعت صوت هيفاء الرقيق بجانبي وهي تدعو ، هذه الفتاة هادئة ورقيقة ، صوتها حنون وهي كذلك ، ابتعدت عمتي وهي "تزغرط" عانقت هيفاء ، بللت قميصي الرسمي بالدموع ، وكحلها الأسود ، فجأة
تجمعت العائلة بأكملها لعناق جماعي ، وبكاء جماعي أيضاً ، كان اللقاء حنون ، دفء عائلتي لذيذ ، صوتهم ، حركات أجسادهم جميعها لها لذة ، طعمٌ آخر ..
كُنا نتحدث ، ضحِك ودموع عمتي ، "لكاعة" عفاف ، ابتسامة هيفاء الخجولة ، توّجع عمي و "حلطمته" من الطائرة ..
حتى ظهر
نادر
هدأ الجميع ، فهُم يعرفون طبيعة العلاقة بيننا ، واجزم بأنهم لا يريدوننا أن نلتقي أبداً ..
نهضت بدأ بالسلام على أبي ثم اقترب مني صافحته وعيني على جميع الأشياء المحيطه به ، لن انظر إليه
لكنه أبعد يدي عنه واقترب وهو يعانقني ..
ابتعد ابتعد ابتعد ، يا للقرف
كُنت أصرخ ، لكن بداخلي
كُنت معترض ، لكن فقط في عقلي
فقلبي أراد أن يعانقه بشدة ، ليس اشتياقاً له ! بل اشتياقاً لمشاكلي معه ، فالحياة ممله بدون صراع أخويّ ، أليس كذلك ؟!
حسناً حسناً أنا أُكابر ، لقد اشتقت لهذا المتغطرس ، قليلاً فقط
اتسعت المساحة بيننا ، وأبتعدَ عني ، أمسك برأس عفاف وهو يقلبه يمنةً ويسرة بين صراخ عفاف المستنجد بعمتي ، ونهّر عمتي له
رائحة القهوة العربية ، رائحة "حنا" عمتي في كفِها ، ورائحة العود ، جميع الروائح استفزت ذاكرتي في هذا المنزل
المنزل الذي احتضنني كثيراً ، واحتضن طفولتي ، عنادي وتكبري ، يومي وليلي ، صلاتي ومعاصيي
أحب هذا المنزل
تركنا الجميع ، بقيّنا أنا وهيفاء ونادر
كُنت استرق النظر إليه
اسمر ، أنف طويل ، عين وسيعة سوداء ، وجه عريض ، عضلات رقبة ، شعرٌ أقرب إلى اللون البني ، وعضلات تتضح من ثوبه السعودي ، مثالي !
أنه أقرب إلى المثالية
وأنا ؟
بشع
اغار منه كثيراً
تباً له.
-
الجزء السابع
[ استقبال مِن "ضمير" ]
أمسكت هاتفي وأنا أُحاول أن أشغِل نفسي به ، رأيت بطرف عيني أنّ هيفاء نهضت وتركت الغاز بجانب النار ..
اعتدل في جلسته وشبك أصابعه كما يفعل دائماً ، أما أنا ارتديت نظارتي الطبية لأنني أعلم ماذا سيأتي بعد هذه الجلسة : أسئلة
أردف : مبروك التخرج
همست بسخرية : مبكّر .. رفعت صوتي ليسمعني .. الله يبارك فيك
نادر : حلوه كندا ولا لا !
هذه الأسئلة أعرفها ، هذه اسئلة الخدعة ، جلست مثل جلسته : وش تبي توصل له ؟
ضحك بهدوء : بتأكد من مصايبك اللي وصلتني
يا للسخرية : لا يا طويل العمر ، المصايب تجي منك انت أذكرك ولا تذكرت ؟
نادر : على الأقل مصايبي يجي منها خير ، بعض الناس مصايبه ما وراها إلا القلق والضغط والسكر
طارق : الحمدلله ما عندي مصايب ولا عصبت أبوي مني
تعمدت أن أنادي عمي ب"أبي" ليس من هذه اللحظة بل طيلة حياتي وأنا أناديه هكذا ، فقط عند نادر ، ليعلم هذا المتغطرس بأنه والدي أيضاً مهما حاول أن يبعدنا عن بعض
ابتسم بسخرية : يا الله ما عصبت البابا منك ؟
غضبت من سخريته ، احتد صوتي وأنا أردف : أسمع يا آل**** ، أنا ساكت ومحترمك لأنك أكبر مني ، ولا كان صفقتك لين تعض الأرض
ردّ نادر وقد بانت عروقه في جبينه : أنا ما أرجي منك احترام ، دامك ما احترمت أبوي وانت مبتعث
هذا وش يقول ؟ : ليه وش سويت بعد ؟
نادر : علاقاتك مع البنات قاعده توصلني من الألف للياء وساكت ما أبي أفجع أبوي في بلاويك
قفزت من محلي وأنا أصرخ : أي علاقات ؟
وقف نادر بدوره وهو يقترب بشكل مخيف : تشبك البنات ومغازلات وتقول أي علاقات
ضحكت بقوة ، للحظة شعرت بأنه يعلم بأمر دانه : يا شيخ يا اللي ولا مره غازلت
اشمئزت ملامحه بوضوح : لأنك رخيص
غضبت من وصفه لي هكذا ، أنا أبحث عن أي غلطة بحقي لأحولها إلى دراما كاملة ..
دفعته بعيداً وعاد ليلصق جبينه في جبيني ويمسك بياقة قميصي ، صرخ بتهديد : سوّ هالحركة مره ثانية يا البزر وشو..
ضربته بقوة ، وقفزت فوقه كالمجنون ، دائماً يناديني "بزر" إذا غضب مني وهذه الكلمة تستفز اي رجل شرقي
سرعان ما تحوّلت المشاجرة إلى
ساحة معركة ، سمعت صراخ هيفاء المستنجد ، وحضور عمي وزوجته
التي وقفت تبكي بعيداً عننّا ، لكن هذا لم يمنعنا من إكمال القتال
أصبح نادر فوقي بحكم حجمه ، على صراخ عمي وشتائمه وبكاء عفاف الصامت وترجي هيفاء ، إلا
أنني سمعت همسه التهديدي : انت تدري أني أقدر أدفنك في محلك ، وبتركك لأنك أخوي ، لأنك أخوي فاهم
نهض عني وتلقى ضربات من عمتي جميله "كفو" ..
أما عمي فاكتفى بأكمال "حلطمته" : يعني توّك جاي من السفر وفيك حيل تتضارب مع اخوك ؟ وانت *أشار على نادر* أطول مني واعرض وتتهاوش معه ؟
ابتسم نادر لي : نمزح مع بعض وانتوا كبرتوا السالفه
حملتني هيفاء ، مسحت دموعها بأصابعي وأبتسمت لها رغم أنّ خدي يؤلمني من الضرب الذي تلقيته من المسخ
سنغادر كندا قريباً ، فوالدي قد أنهى أعماله مع عمي هُنا ، لم يكون هناك احتكاك بيني وبين دانه ، تجنبتها قدر المستطاع وتجنبتني هي بدورها ، فهذا أفضل لنا
حملت جميع ملابسي ، وقعت عيني على
القميص الذي اختارته لي عفاف
أول فتاة تقبلتني كما أنا ، هه
ربما لأنها لا تعلم عن "سواد وجهي" ، هذا أفضل
لن أفسد فرصة بقاؤنا صديقات ، من يعلم ربما يكون لنا لقاء في الدمام ، فأنا أعيش هناك ..
كان قميص أبيض مرتب ، في الخلف شفاف يظهر كل شيء بأكمام طويلة ضيقة ، إزارير ذهبية ، جميل المظهر ..
كُنت قد بدأت بالتخطيط ، إنني سأرتدي
هذا القميص عند لقائنا بإذن الله ..
حين انتهيت من ترتيب ملابسي
تأكدت بأن جميع آشيائي قد حزمتها في الأمتعة ..
جلست على سريري ، وكالعادة بدأت في
التفكير بالشريط ، أنا أعلم بأني قد فعلت أشياء سيئة جداً
واعلم بأنها كانت عظيمة ، لكن هذه المرة كانت مختلفة ، شعرت بمدى فظاعتي وقبح أفعالي ، ندمي لم يكن
مقابلة طارق فقط ، بل للمعاصي السابقة ، مكالماتي ، قصص الحبْ "الكاذبة" التي عُشتها ، الهدايا التي
تلقيتها ، الفتيات اللواتي ساعدتهن ، لم تكن دانه بمثل جراءتي ، أحياناً كانت معارضة ، ومتذمرة ..
أما الآن فالعكس
أصبحت الخائفة وهي المقبلة لعمل
ما في رأسها ، أنا النادمة وهي إلى الآن تظن بأن ما فعلته مباح !
حقيقة ، أن الإنسان تختلف تصرفاته بمقدار مصلحته
فإن كانت له مصلحة أصبحى مِقداماً
ولا يهمه ضميره الذي يصرخ
وإن لم تكن له أي حاجة
استيقظ ضميره من سباته العميق
إلى الغرفة ، إلى النوم ، إلى تلك الجنة الدنيوية : سريري.
رميت جسدي المُتعب ، سقطت جفوني وتعانقت
أهدابي ، هدأ المنزل فجأة ..
شعرت بأصبع يستكشف كبدي ، لا لا بل معدتي ، استيقظت لأجد وجه عفاف يقابل وجهي واصابعها الغبية تخترقني ، همست لي : طارق نايم ؟
يا إلهي أي عذاب نفسي هذا ! : باللهِ ؟
جلست بتملك شديد فوق سريري وتأففت : طفش
أمسكت بالوسادة وحشرتها فوق رأسي : اطلعي برا أبي أنام
عفاف : طويرق قُم .. وبدأت بتحريك الوسادة واللحاف
همست لها بحدة : ما نمت إلا 3 ساعات أرحميني
بحلقت بي : يوم كامل صار 3 ساعات ؟؟
تعدلت في جلستي : ايش ؟
ضحكت بصوت عالي : يا بابا لك يوم كامل نايم .. فجأة ضيقت عينها وركزت نظرها بي .. لا يكون ما صليت ؟
قفزت وأنا أمسك هاتفي واتأكد من كلام المجنونة ، لأجد بأنني فعلاً قد نمت يوم كامل !!
هل كُنت مُرهق إلى هذا الحد ، أم أنّ ضرب نادر قد أعياني !
أمسكت بملابسي
متجاهلاً ثرثرة عفاف ، اتجهت لدورة المياه -أعزكم الله- للاستحمام
انتهيت بسرعة قياسية ، ارتديت قميص بأكمام قصيرة لونه أبيض مع بنطال جينز ،
لم اعتاد الثوب بعد !
نزلت للأسفل ووقعت عيني على
عمتي جميله تطهو ، قبلت رأسها وأمسكت بي وهي توْبخني على نومي الغريب
أجلستني في أحد كراسي طاولة الطعام ، أحضرت جميع أصناف الأكل التي يعشقها بطني
بدأت بألتهام الأكل بشراسة ، ضربت عمتي جميله صدرها بأسف ، وبدأت بترديد جملة
"ويلي عنك يا وليدي ما أكلوك شيء الأمريكان"
هل كان من المفترض أن يقرع دي?يد لويد حاكم كندا باب منزلي ويحضّر لي الإفطار ؟ وهل أصبحوا الكنديين "أمريكان" ؟
ربما جدّر على الأمريكان أن يطعموني
جيداً ، ويجب أخذ وزني قبل أن أسافر إذا زاد فهنيئاً لهم ، كسبوا رضى عمتي
وإن نقص يجب أن يُضربوا واحداً تلو الأخر
من قِبل يد عمتي المغطاه بالحنا ، وضرب دي?يد على مؤخرته وتوبيخه
: شرايك نشتكي عليهم يا ميمتي ؟
ضربت يدي وهي تبتسم بإحراج : هذا جزاي خايفه على صحتك
حمدت الله على نعمته وقفزت مسرعاً حين رأيت عفاف قادمة ، فأنا أعلم بأنها ستبدأ بثرثرة لا نهاية لها ..
صعدت إلى الدور الثاني ، رأيت غرفة نادر مغلقة
إذن فهوَ في الشركة !
دخلت غرفة هيفاء لأجدها تقرأ قرآن بصوت خاشع وهادئ ، هذه الفتاة هادئة بشكل عجيب ، خجولة جداً
ورقيقة بشكل مبالغ ، حتّى نظراتها توحي بالهدوء والسكينة ، صوتها الدافئ ، ضحكتها الناعمة ، كانت بمعنى آخر "بريئة" ..
جميع من يراها ويرى عفاف بجانبها يُجزم بأن عفاف هي الكبيرة لولا أن ملامح عفاف تبدو أصغر ، ولكن
مع تصرفاتها تشتت الأفكار ، وتجعل الناس في حيرة من أمرهم "من الكبيرة ؟"
هي بنفس عمري ولكن لم تكن
علاقتي معها كعلاقتي بعفاف ، هذا لا يعني بأنني اتصرف برسمية معها ، لكنني أفضّل عفاف عليها
أذكُر رفضها الدائم لِخُطابِها ، لم توجد الأسباب ، لكن رغبتها ستنفذ ..
في البداية كُنت أظن بأنها قد
تعاني مِن مرض ، وقررت أن أحُثها على الفضفضه لي ، كنت أبلغ من العمر 18 سنة ، أحاول أن اتصرف بمسؤولية ..
أمسكت يدها وأنا أردف
"إذا كان فيك مرض وتخجلين منه نقدر نعالجك"
أذكر كيف ضحكت بشدة ثُم بدأت الحُمرة
بالتسلل إلى وجهها الدائري وقالت بأنها بصحة جيدة ، ولكنها لا ترغب بالزواج ، لا تعلم لماذا ولكنها لا ترغب ..
هكذا أجابتني
واظن بأنّ عمتي قد يئست منها ولم تعد
تلُح عليها بالزواج ، وكذلك عمي ونادر ..
أنا بالتأكيد لستُ راضياً عن قرارها ، لكنها تعرف مصلحتها أكثر مني ..
رفعت رأسها وهي تبتسم لي ، بياض ونقاء في وجنتيها عيناها تحيك سعادتها المطلقة أما ثغرها ممتلئ بالرضا ، قبلت رأسها ودخلت غرفتي ، حان وقت الذهاب إلى
صديق عمري ابن عمي "سامي" ..
بحثت عن ملابس أنيقة ، عجيب !
كيف استطاعت عمتي ترتيب ملابسي بهذه السرعة ؟!
لا يهم
ارتديت تي شيرت رمادي مع بِنطال
أسود وحزام أبيض ، فوقه الجاكيت الرسمي لأبدو أكثر جدية ، فأنا في طريقي إلى المول ، إلى الفتيات ..
سرّحت شعري بطريقة عشوائية ، أغرقت نفسي
بالعطر وأنا أسمع عبارات الاستهزاء تخرج من فم عفاف ، لم أشأ إحراجها ولكنني أردفت بِخُبث : تراني رايح مع زوجك
صمتت وتلوّن وجهها بجميع الألوان ، ضحكت عليها وأنا أُكمل أناقتي ، هذه الطريقة الوحيدة لقطع أفكارها ..
نعم نعم سامي يكون خطيب عفاف منذُ 3 سنوات أو 4 ، لا أعلم بالضبط ، كُل سنة يحصِل تأجيل من طرف عفاف ، ومن طرف سامي لحفل الزفاف ..
أظن بأنّ سامي ليس مستعد ، مع العلم
بأنه يملك وظيفة جيدة وشخصية رائعة ، وعمرُه مناسب للزواج ولكن لا أعلم ما السِر الذي يخبيانه
عني ، لكن سأعرف ما يدور بينهما قريباً ، فقط في الوقت المناسب ..
خرجت وأنا ادندن بلحن غريب ، دخلت
سيارتي وأنا أُعدِل نظارتي الشمسية لتكتمل بها وسامتي ، اتصلت بسامي لأخبره بقدومي واتفق معه على مكان التقائنا ، تذكرت
مقابلتنا أنا ودانه ، طردتها من رأسي ، فَهي فصل سيء قد انتهى ..
دخلت المول ووقفت عند البوابة ، أمسكت بهاتفي وأنا أطبع بأصابعي "وينك ؟" فجأة شعرت بضربة في ظهري ، أو ربما فيل قد اصطدم بي ، ألتفت لأجد ابتسامة
قد شقّت آخر بوابة في المول ، اقسم بأني ضحكت حتى كادت عيناي بالبكاء ، وجهه أحمر دلالة على أنّ
الدموع على وشك الانهمار ، ارتمى في حضني أمام الناس ، أمام الفتيات ، يا للإحراج ..
ابتعد عني وهو يصرخ بكمية اشتياق هائلة ، ضربني
على كَتِفي وهو يردف "يا عمي تغيّرت" ، أنا الذي تغيرت ؟ هو الذي قد بدا وكأنه عارض أزياء أجنبي !!
في السابق كان بديناً ، منتفخ بمعنى آخر ، شعره خفيف ولا يحُب أن يُطيله أكثر ، ضعيف البُنية ..
أما الآن !
يبدو نحيل جداً بعضلات بارزة ، العروق تمتد من رسغه إلى كفّه ، وجهه المستقيم ، وجنتاه اللاتي حُفرن من فرط النحالة ، شعره أسود كثيف مُجعد ، أصبح طويل أو ربما لطالما كان طويل ولقد لاحظته للتو !
بالإجمال كان وسيم جداً ، بالطبع أكثر وسامةً مني ..
جلسنا في أحد المطاعم لنتحادث قليلاً
أمسكت بهاتفي وأنا أعبث به بين أصابعي : إيه ، وصرنا رشيقين
ابتسم بإحراج : والله من الطفش ، ما كان فيه أحد عندي قلت ادخل نادي واسوي رجيم
ابتسمت له : بس ما تحس أن الرجيم قلب عليك ؟
تعقدت حاجباه : آفا ، ليه ؟
طارق : نحفت بزيادة
نظر إلى الأطفال يلعبون في السلم المتحرك : الشكوى لله
كانت تجلس على السرير تراقب حركات هيفاء المُنتظمة ، تتأفف بصوت عالي لتلفت انتباه هيفاء ، اردفت بملل : هيوف عطيني جوالك
بضياع أمسكت جبينها : والله مدري وينه !
تجمدت ملامحها : الله يعطيني شويه
من برودك ، لو جوالي مو في يدي كان .. قاطعتها صوت رسالة ، صرخت بفرحة .. واخيراً كائن حي
قفزت إلى غرفتها ، ورمت جسدها على
السرير ، وجدت نُكته ، صرخت بقهر " يا الله " نظرت إلى محادثتها مع فجر ، ترددت هل تحادثها أم لا !
لا سأدعها وشأنها
جلست بملل وهي تراقب حركة الستائر
بفعل التكييف البارد ..
طارق نسونجي والجميع يدرك هذا ، هل يا ترى سامي مثله ؟
فالطيور على أشكالها تقع ، ربما هو المُعلِم هه !!
لا أُحبه ، فقد وضحت له هذا في رسالتي السوداء ، وهو وضّح لي بأنه لا يطيقني أيضاً ، غضبت من وقاحته ، فأنا لم أقل بأنني أكرهه ، فقط أجده واحد من إخوتي .. لكنه وقح ، لم يُراعي مشاعري ، وانوثتي ، فأنا أنثى والانثى لا تقبل
الرفض حتى وإن كانت تشاء هذا ، تُحب أن تُدَلل ، لكِن هذا الأحمق ..
لا يوجد شيء لاخسره في هذه الزيجة ، لهذا وافقت
والسبب الثاني لأجل طارق ، فهو عندما علِم بأمر خطوبتي منه اتصل علي من كندا ليبارك لي ، كان يظُن بأني
قد وافقت ، فهو رفيق عُمرِه وأبن عمه المُفضل ، لم أشأ أن أُحطِم فرحته برفضي هذا وافقت ، أنا أعرف بأن شخصية
سامي ضعيفة ، جميع العائلة تعرف هذا ، لهذا أنا تجرأت وارسلت رسالة أوْضِح فيها أسباب موافقتي عليه ، لكنه
صدمني بردِه ، تمسّك بي وطلب تأجيل الزواج ليبقيني معلقة ، لكنني لم أُمانِع هذا .. فهذا أفضل لنا
اليوم هو عوْدتنا إلى الدمام ، لستُ مُتحمِسة بلْ أشعر بخيبة أمل لم استطع تحطيم ذلك الشريط ، لم أفتأ التسلل إلى غرفة دانه بحثاً عن ذلك الشريط ، لكنني لم أوْفق واجده ..
تبدو دانه أكثر هدوءً ، قالت لي بأنها حزينة لعودتي إلى السعودية وتركها في كندا وحيدة ، لكنني وعدتها بالاتصالات والرسائل ، لم نتطرق إلى الحديث عن طارق ، أو أي شيء قد يدُل عليه ، بل بقينا نتحدث بسطحية ..
صعدنا على متن الطائرة ، اتصل أبي على والدتي واخبرها بقدومنا ، فرِحت كثيراً ، طلبت محادثتي وعبأت رأسي توْصيات كثيرة بأن أجلس بجانب والدي ولا أغفو حتى لا أُخطف ، وأن ابتعد عن الأكل المشبوه والى آخره من قلق الأمهات ..
يتبع ..
قراءة مُمتعة للجميع ..
" اللهمّ واجعلني عظيمةً في رحيلي وأحسن لي الختام يا حيّ يا قيّوم "
|