كاتب الموضوع :
الامل المفقود
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
لعيونك يا غالية وهذا الفصل الأخير
8- الفصل الأخير طلاق أو سعادة :-
قالت تينا لجون اثناء تناولهما فطور الصباح انها تفكر باقامة حفلة عشاء تقتصر على عدد قليل من الاشخاص . اجابها بالموافقة ولكنه اراد ان يعرف مسبقا من هم هولاء الاشخاص .
(( رالف وبولا ... وكذلك داسييه دوبندريمون وامل ايضا في ان تقترح لي اسم شابة لطيفة كي ادعوها كرفيقة لرالف ))
(( هناك جانيت ماكراي ))
ثم اضاف بنبرة استفزازية بعض الشيء
(( انها لم تتجاوز التاسعة عشر من عمرها . ولكننا نحن الكهول نحبهن صغيرات برئيات كندى الربيع )) ماذا سيفعل هذا الزوج الساخر لو انها استدارت حوله فجاة وضمته بعنف ؟ ولكن لماذا تطرح على نفسها سؤالا كهدا ؟ عادت الى موضوع الفتاة التي التقتها عندما ذهبت وجون لاحضار ليزا من منزل ماكراي انها شابة جميلة وذات شخصية قوية ومنفتحة ومن المؤكد انها ستكون تحولا طيبا بالنسبة لرالف ... الذي يمضي وقته بكامله مع تلك الاخت المتحجرة .
(( جانيت رفيقة ملائمة جدا لرالف ))
(( انه شاب طيب للغاية ويعمل بجهد واخلاص حقيقيين في ادارة ممتلكاتك واعماللك واعتقد انه سيكون زوجا رائعا للفتاة الملائمة ))
اختفت الابتسامة من وجه جون وحلت محلها نظرات قاسية وحادة ثم سالها :
(( وما هو دور بولا في هذه المسرحية ؟ هل تظنين ان ذلك الثري الفرنسي ينوي اخدها معه الى مارتينيك ؟ ))
تمنت تينا من صميم قلبها ان يكون داسييه مهتما عاطفيا ببولا عله ياخدها معه الا انها لم تكن تتوقع ذلك فمع انهما يبدوان كشخصين عاشقين على اهبة الزواج الا انها لاحظت في الليلة السابقة ان داسييه ينظر ببرودة ... وربما بشيء من الازدراء ... الى بولا . انها ليست بالمراة التي تستهويه كزوجة .
انهيا فطورهما فانصرف جون الى عمله وذهبت تينا الى الشاطئ سبحت مسافة طويلة وراحت تغطس وتطفو وتقفز كطفله صغيرة وبعد حوالي نصف ساعة عادت الى الشاطئ واستلقت على معطفها القطني البرتقالي اللون المخصص للبحر او للحمام اغمضت عينيها واخدت تفكر بانواع الطعام التي ستقدمها في الحفلة المقبلة و ...
ستيقظت بعد فترة من الزمن وراحت تداعب الرمال الدافئة باصابع ثابته وقوية وفجاة سمعت رجلا يقول لها :
(( انك رائعة الجمال يا حلوتي الصغيرة ))
استدارت بسرعة الى يمينها لتشاهد داسييه دو بندريمون جالسا قربها مرتديا ثيابا رياضية جذابة وياكل برتقاله وقبل ان تجيبه وضع برتقاله اخرى في يدها وهو يقول :
(( اني اجد هدا النوع من الفاكهة لذيذا ومنعشا الى درجة كبيرة ))
ادركت تينا وهي تاكل برتقالتها انها موجودة الان قرب شخص متفهم ويمكن الاعتماد عليه الا ان هاتين الصفتين لا تبدوان عليه تماما ومع انه بالتاكيد رجل يعرف الكثير عن النساء الا انه لا يستغل تلك المعرفة بل يتظاهر باسلوب جذاب بانه لا يزال معرضا للوقوع فريسه الاغراء
(( هل اتيت الى هنا بهدف مقابلتي ؟))
(( نعم فقد بدا عليك امس انك حزينة بعض الشيء هل فقد زوجك الطيب اهتمامه بعروسه ))
احمر وجهها خجلا وقالت له :
(( انه سؤال شخصي جدا يا سيد دو بند ريمون " سؤال يمكنني تجاهلة بكل سهولة ثم ... انها المرة الثالثة التي نلتقي فيها وحسب))
(( مرة واحدة قد تكون عادة كافية لشخصين معينين كي يعلما انهما متعاطفان مع بعضهما ))
ثم اخرج علبه سكائره وقال لها :
(( اتصور انك لا تدخنين اليس كذلك ؟ ))
هزت راسها واجابته بهدوء :
(( لا فانا من الطراز القديم ))
(( لا تاخدي موقفا دفاعيا بالنسبة لهذا الموضوع يا ... يا تينا ))
واشعل سيكاره ثم اضاف بسرعة :
(( امل ان تسمحي لي بمناداتك باسمك الاول " ))
ابتسمت وقالت له انه لا باس في ذلك وتساءلت صامته عما اذا كان يحاول مغازلتها . لم يغازلها احد من قبل الا نادرا ... غازلها جون بطريقة علمية بحته ربما لان رغبته في الحب حفت وماتت منذ فترة طويلة .
(( بماذا تفكرين يا تينا هل تظنين بانه لا يحق لفرنسي عازب بان يصف سيدة متزوجة بانها رائعة الجمال ... وبان عليه التظاهر بانه يفضل التطلع الى ... الى شجرة نخيل مثلا ؟ ))
اعتقد ان اشجار النخيل جميلة وجذابة جدا ))
واخرجت وشاحا صغيرا من جيب معطفها لتربط به شعرها وفي اللحظة التالية كان داسييه ياخده من بين اصابعها برقة ونعومة ويلقيه على الرمال قائلا بلهجة الامر :
(( دعي شعرك كما هو الان الأشياء الجميلة يجب الا تربط وتدجن ))
ضحكت تينا وقالت له :
(( اوه كفى يا داسييه انه لأمر جميل ان تحاول رفع معنوياتي ولكن إياك ان تبالغ كثيرا ))
هز كتفيه بمرح ظاهر وقال :
(( أذن فإطرائي لزوجة جون تريكارل يذهب سدى عم نتحدث الان عن الزواج ؟))
(( انه موضوع يثير الاهتمام باستمرار ))
(( انه مثير ومعقد في ان وبخاصة عندما تمنح شابه قلبها الى رجل في سن والدها تقريبا وكان متزوجا من قبل هذه خطوة لا تقدم عليها الا فتاة شجاعة ))
نظرت اليه باستغراب وأحست بانه يبدي اهتماما حقيقيا وصادقا بمشكلتها وانه لا يحاول التدخل بشؤونها لمجرد أرضاء فضوله وأضاف قائلا وكأنه قرأ أفكارها :
(( نعم اني اهتم بأمورك يا تينا انك شابه مخلصة طيبة القلب واعتقد ان لديك قدرة هائلة على تكريس حياتك بإخلاص وتفان لمن تحبين . لو التقينا قبل زواجك من جون تريكارل لكنت اختطفت قلبك وحملتك على أجنحة الحب والسعادة انك تضحكين مرة اخرى وتظنين انني امزح ))
(( اني حقا اعتقد انك تمزح واراهن على انك اختطفت قلوب عدد كبير من النساء في حياتك ))
(( يقطف الرجل عادة الثمرة الناضجة اما النوع الخجول والأخضر فيتركه معلقا حتى يشعر بانه يحتاج الى زوجة او يريد زوجة ))
(( وبهده الطريقة يحصل الرجل على سعادة مزدوجة ... يلهو مع من يعتبرهن متحررات ثم يختار فتاة خجولة ومهذبة كزوجة من المؤكد ان امنا الطبيعة تفضل جنسكم ))
(( طبعا أنها انثى ثم ... الا تصبح الحياة مملة عندما يكون الرجال كالحيوانات الداجنة تشدهم النساء من أنوفهم ؟ لا اظن انك تحبين ذلك ... فانت انثى بكل ما في الكلمة من معنى انا لا احب ابدا النساء اللواتي يحاولن التصرف كالرجال ))
ضحكت وسالته ببراءة :
(( هل تعرفت الى عدد كبير منهن ))
(( ليس في مارتينيك او باريس ولكن هناك عدد لا باس به في الولايات المتحدة وبريطانيا وانا بالتاكيد لا ارغب في الزواج باحداهن ))
(( انت بالطبع تريد ان تكون السيد ))
ابتسم ورد مازحا :
(( ساسمح لها ببعض الامور ... ان تختار مثلا ابريق الشاي الذي يعجبها وان تضع اناء الزهور في هذا المكان او ذاك ))
(( اوه هل هذا ما يقترحه الرجل الفرنسي لتامين زواج سعيد ))
ثم تنهدت واضافت قائلة قبل ان يتمكن من التعليق او الاجابة :
(( تبدو حلول المشاكل الزوجية دائما سهلة ما دمنا اننا لا نوجهها ))
(( ما هي مشكلتك يا تينا ؟ هل يساعدك التحدث عنها ))
(( لا ... لا اعرف ولكن من المؤكد ان اختيار ابريق الشاي الذي يعجبني لا يحل شيئا "))
تطلع مليا الى وجهها الحزين وقال بهدوء :
(( نحن لا نعرف بعضنا الا منذ فترة قصيرة ولكن كلا منا يعلم اننا اقمنا علاقة تفاهم وصداقة وطصديق سوف اتحدث اليك بصراحة فائقة انت لست سعيدة وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها وجدت نفسك في وضع يثير دهشتك ويوتر اعصابك وانا لا احب ان اراك هكدا قلت لي في اللقاء الاول ان ذكريات الماضي لا تزال تلاحق زوجك حتى الان هل ما زالت الاشباح موجودة هناك في الشقة البحرية تخيم على علاقتك مع جون تريكارل ))
ارتعش جسمها تاثرا واحست بالحاجة لتعاطفه وتفهمه فقالت :
(( اعتقدت في البداية ان بامكاني مساعدة جون على تناسي الماضي ولكنني بحاجة الى الحب ... حبه لي " وبدلا من ذلك هناك جدار بيننا نبتسم لبعضنا ... نبحث في امور يومية ... ولكننا نشعر بالحاجز الذي يفصل بيننا كلما لمس احدنا الاخر ))
واحست بانه امسك بيديها وشد عليهما فيما كان يقول :
(( الزواج الذي يحزنك كثيرا ولا يفرحك الا قليلا ليس لك يا عزيزتي فالحب من جانب واحد لا يحمل في طياته الا بذور الكارثة وعندما تنضج هذه البذور فانت التي ستحصدين الموسم السيئ والمرير ... ))
(( لا ... لا . ارجوك "))
وضعت راسها على ركبتيها وكانها تشعر بالم جسدي اذ انها لم تعد تتحمل سماع كلماته التي تحمل الكثير من الحقيقة احست بانها فراشة صغيرة عليها ان تطير او ان ... تحترق امسك بخديها ورفع وجهها نحوه ثم انزل يديه الى كتفيها وشعرت فجاة بحرارة جسمه الملتصق بها تسمرت في مكانها ... انها بحاجة للحنان للحب ...
(( لا توجد اشباح في حياتي يا تينا . قلبي يريدك انت ... انت فقط ))
ماذا يقول ؟ ماذا يفعل ؟ انتبهت الى انه مددها على معطفها القطني وحجب الشمس عن عينيها بمنكبيه العريضين وانها تنظر اليه وتشعر بوجوده مع انها لم تدرك بانه يحدثها ويتصرف معها ... كعاشق " وضعت يديها على صدره ودفعته عنها قائلة بحدة :
(( لا . لا يجب الا تفعل ذلك يا داسييه " ))
حملت معطفها بسرعة وركضت تجاه الدرج المؤدي الى ساحة المنزل وفي منتصف الدرج اصطدمت برجل اخر ينظر اليها بعينين قاسيتين ووجه كانه قد من حجر .
(( جون ))
قالت اسمه بصوت مرتعش وهي تحدق به حائرة مذعورة بعد ان ادركت انه كان يرى الرجل الفرنسي منحنيا فوقها ... و ...
( الن توجهي دعوة الى صديقك الوسيم لتناول الغداء معنا ؟ اعني ان ضيافتنا له يجب ان تشمل ايضا قاعة الطعام بدلا من ان تقتصر على الشاطئ ))
وقفت امامه دون حراك وغير قادرة على الاجابة . ضاعت الكلمات ... عقدت الدهشة لسانها وحبست الصدمة كلماتها في حلقها وسمعت داسييه يصعد الدرج وراءها ويقول لجون :
(( يجب ان لا تسي تفسير ما شاهدته لتوك يا تريكارل كنا نتحدث ليس الا ))
(( يبدو حسبما رايت انه كان حديثا ... ممتعا جدا ))
كان جون كالبركان الذي سيثور خلال لحظات حارقا ومدمرا وعندما شاهدت في عينيه الباردتين القاسيتين نظرات الاحتقار والشماته تراجعت بطريقة لا شعورية الى الوراء وكان غريزتها دفعتها الى طلب الحماية من داسييه واثارت تلك الخطوة المزيد من السخرية اللدعة في لهجة جون ذا قال :
(( اذا كنتما تريدان القيام بالمزيد من هذه الاعمال المثيرة فمن الافضل ان تتم حيث لا يمكن لي او للعاملين في خدمتي ان نشاهد كافة التفاصيل ام ان علاقتكما بلغت مرحلة لم يعد معها بامكانكما السيطرة على مشاعركما ؟ ))
شهقت تينا وصرخت بوجهه محتجة على الاستنتاج الذي توصل اليه :
(( جون كيف تجرؤ على التفوه بمثل هذا الكلام لا اقبل ان توجه الي اتهامات على هذا النحو ... وبخاصة ان لا ساس لها من الصحة ))
اقترب منها وقال لها فيما كانت عيناه تقدحان شررا :
(( يا عزيزتي انت لست اجتماعية الى مثل هذه الدرجة من الارتياح والسرور ... حتى مع زوجك رباه الوضع معي هو عكس ذلك تماما اليس كذلك ؟))
المتها سخريته وردت عليه كحيوان صغير اصيب بجرح ثاخنة :
(( لسنا جميعا ممن يريد اقامة علاقات غرامية وعاطفية مع اشخاص اخرين ولذلك فلا تحكم على وفقا لمعاييرك ومقاييسك ))
حدق بها بقسوة ومرارة فيما غابت الدماء من وجهه ثم استدار بسرعة وتوجه الى البيت كاد يقع وكان رجله اليسرى خانته وضعفت امام حملها اطلقت تينا صرخة الم وهمست لداسييه :
(( لم ... لم اكن اعني ما قلته له ))
امسك داسييه بمرفقيها وقال لها بحنان ظاهر :
(( يا صغيرتي المسكينة ماذا يمكنني ان اقول كي اساعدك ؟ انك تحبين رجلا لا تزال جراح قلبه القديمة تنزف ))
تنهدت وقالت :
(( لا ادري ما اذا كان بالامكان استخدام كلمة حب اني اشعر بعداب جهنم على الارض ))
(( اذا كان زواجك غير طبيعي فيمكن ابطاله يمكنك ان تطلبي الطلاق ))
(( اعرف . نعم اعرف يا داسييه واسمح لنفسي بالقول ان الطلاق قد يحدث ))
(( تعالي معي الان فمن الواضح مما شاهدته في زوجك انه رجل عصبي المزاج الى درجة الشراسة وانا اخاف عليك يا صغيرتي الجميلة ))
ومع انها احست بان زوجها كان غاضبا بما فيه الكفاية كي يقتلها الا ان اخلاصها الذي هو جزء من حبها له جملها على القول :
(( اوه لا اظن انه سيضربني ))
(( انك تشير الى زوجته الاولى اليس كذلك يا داسييه ؟ صحيح انها توفيت في ظروف غريبه الى حد ما ولكن لا يمكن تحميل جون ... اللوم كله اعتقد انك تصغي كثيرا لبولا ومعلوماتها المشوهة ))
اجابها بهدوء :
(( بولا تحكي وانا اسمع ولكني انا الذي اتوصل الى النتائج و الاستنتاجات واقول لك ان جوانا انتحرت وان اصدقاء العائلة اخفوا الحقيقة ))
ردت عليه تينا بانفعال واضح :
(( وهل قالت لك بولا ايضا ان جون نفسه كاد ان يقتل في تلك الحادثة ؟))
لماذا طلب منها جون في الليلة الاولى لوصولهما الى سانت مونيك ان تمنحه السلام والطمانينة والا تتعب نفسها بالتشكك بهده المراة او تلك لماذا اوحى لها رالف بان جوانا كانت تحب التملك الى حد غير طبيعي ؟ لماذا قالت لها دانا كورتني ان جوانا لم تقبل ان يمضي زوجها نصف وقته معها زنصف الاخر في عمله ؟ هل عليها ان تستخلص من ذلك كله ان جوانا لم تكن تريد ان يشاركها بزوجها اي شخص او اي شيء ... في اي وقت ... وشهقت ثم قالت بأسى وانفعال :
((من المؤسف جدا ان جوانا وبولا حاولتا تملك زوجي وتمزيقه اربأ فيما بينهما كلبوتين شرستين ))
ثن نظرت الى قصر الماء الأزرق بمحبة وحنان أرادت ان تركض نحو جون لتمنحه كا ما لم يجده في بحثه عن الحب ...
((تريدين ان تهرعي أليه يا صغيرتي وحاولي ان تعيدي المياه الى مجاريها وإذا كنت بحاجة إلي ... الى صديق فسوف أكون بانتظارك في الفندق ))
ابتسمت وقالت له بامتنان ظاهر فيما كانت ترتدي معطفها
(( شكرا لك يا داسييه . سأراك في وقت لاحق ))
ابتعدت بسرعة عن ذلك الرجل العملاق الذي لم يؤذها ...
وربما أحبها لم تكن تأمل كثيرا في تحقيق اي نجاح مع جون ولكنها تحبه ... وستقول له انها تحبه وإذا ظل مصرا بعد ذلك على ذهابها فانه استعض على جرحها وتذهب دخلت البيت وركضت نحو غرفة نومها وقفت في منتصف الغرفة وحبست أنفاسها علها تسمع حركة او صوتا في غرفة زوجها ... وعندما تاكد لها انه ليس في غرفته استحمت وارتدت فستانا حريريا ثم توجهت الى قاعة الطعام ولما فتحت الباب وتبين لها ان طعام الغداء معد لشخص واحد أحست بانزعاج كبير قرعت جرس الخدمة ... وعندما دخل رئيس الخدم كادت تبكي فرحا فالأشباح لم تسيطر بعد على المنزل والعاملين فيه ابلغها الرجل المسن بتهذيبه المعتاد ان السيد جون ذهب بسيارته الى مكان ما قبل حوالي نصف ساعة وطلب منه الا يعد له طعامه أرغمت نفسها على الابتسام وقالت :
(( شكرا وبالمناسبة لا تتعب نفسك بإحضار الحلوى ))
حياها باحترام بالغ ثم غادر الغرفة وأغلق الباب وراءه تناولت طعامها ثم شربت القهوة التي أحضرت لها وبدأت تقطع الغرفة جيئة وذهابا ... حائرة وحزينة وغاضبة كانت متأكدة من انها اذا اتصلت هاتفيا بمنزل رالف فان شكوكها سوف تتحقق سيقول لها رالف انجون حضر الى منزله واخذ معه بولا الى الحقول أليست هي المرأة التي لجا إليها في السابق عندما ساءت علاقته مع زوجته الأولى ؟
((
ووجدت تينا نفسها تسير نحو الغرفة ذات السقف الزجاجي وكانت كانها تمشي في نومها واستيقظت فجاة امام الباب فيما كانت تفتحه وتدخل تلك الغرفة التي يمضي فيها زوجها ساعات طويلة كل يوم . تركت الباب مفتوحا ثم تقدمت الى طاولته وراحت تتحسس الادوات التي كان يستخدمها ذلك الصباح ومدت يدها الى قطعة القماش المبللة التي تغطي التمثال الذي يعمل عليه منذ عودتهما من بربادوس . لم يدكر لها ما اذا كان تمثال امراة او رجل وكلما كانت تساله عن التمثال كان يبتسم ويقول لها ان عليها الانتظار حتى ينتهي من صنعه رفعت الغطاء بيد مرتجفة وحدقت بما كان تحته ومن خلال الدموع الحارة التي ملات عينيها . شاهدت تمثال فتاة يتلاعب الهواء بشعرها الجميل . كان تمثالا جميلا ليس لان صاحبته جميلة ولكن لان جون ... الفنان المبدع ... حولها من فتاة عادية جدا الى شابه مفعمة بالامل ... بالوعود ... بالحياة ...
(( اوه جون )) همست باسمه باكية وهي تنظر الى الفتاة التي وجدها جون وارادها ... ثم اضاعها في الزوجة التي كانت تعترض على عناقه ومغازلته . انها فتاة الشاطئ التي التقاها جون للمرة الاولى في تشور لي ولكن لماذا لم يخبرها ؟ لماذا لم يقل لها انه ...
واستدارت شاهقة عندما سمعت صوت اقدام وفاحت في الغرفة رائحة عطر جميل غالي الثمن .
(( هل اخفتك . يا عزيزتي ؟ انك تنظرين الي الان وكاني شبح مخيف . كان الباب مفتوحا و ...)) وتوقفت بذهول عندما وقع نظرها على التمثال الذي لم ينته بعد لتينا .
(( اذن كنت تقفين امامه كي يصنع لك هذا التمثال ؟ ))
(( لا . لا " كان يستعين برسوم اعدها قبل ذهابنا لي بربادوس ))
(( انها قطعة رائعة . اليس كذلك ؟ قد تكون احد افضل اعماله الفنية ))
ومدت بولا يدها نحو التمثال فاحست تينا بالخوف عليه وتحركت بسرعة لحماية هذا العمل الذي لا يقدر بثمن
(( ابتعدي عنه ستترك فيه اصابعك اثارا قد تشوهه "))
ضحكت بولا بشيء من التهكم وقالت :
(( اوه كم انتح ساسه وعصبية المزاج " هل تظنين بانني الحق الاذى باي شيء يخص جون ؟ ))
لم تتمكن تينا من السيطرة على انفعالها فاجبتها بحدة
(( اعتقد انك تضعين قواعدك الخاصة با غير ابهة بالنتائج وبغض النظر عمن يتادى او يتالم ))
(( حقا ؟انني لا اعجبك يا تينا اليس كذلك ؟ اذن يجب ان تعلمي ان هذا الشعور متبادل . هكدا تكون عادة مشاعر عدم الاعجاب في حين ان الحب والكراهية مرتبطان ببعضهما . فما يفصل بينهما دقيق للغاية .. حتي اننا احيانا لا نعلم ما اذا كنا نحب هذا الشخص حتى الجنون او نكرهه الى درجة مماتلة . انا مثلا لا يعجبني العسل او اللبن وكذلك جون . ولا عجب في انه اصبح يمل منك كثيرا بعد ان ذاق حلاوتك الظاهرة . ليكتشف لاحقا مرارتك الباطنية ))
ونظرت مرة اخرى الى التمثال ثم اضافت قائلة :
(( كنت غبية جدا عندما تزوجت جون . انه يكبرك بحوالي سبعة عشر عاما ولم يعد مثلك ذلك المراهق الذي تثيره عناقات يتبادلها مع الحبيبة في ضؤ القمر . وكدلك ... لا . ربما يجب الا اكون صريحة الى هذه الدرجة ... ما لم تكوني راغبة في الاطلاع على كافة الامور " ))
(( اعتقد ان من الافضل كشف مشاعرنا الحقيقية . وبصورة نهائية ))
مشت بولا في تلك الغرفة الفسيحة ووقفت لحظة امام ذلك التمثال الذي لا وجه له بعد . ثم استدارت نحة تينا وقالت لها :
(( انت فتاة بسيطة تلميذة مدرسة . وليس لديك شيء تقدمينه لرجل مثل جون ))
(( تزوجني . اليس هذا كافيا ؟ ))
(( اوه ايتها المسكينة " الم تسمعي الاسطورة اليونانية التي تقول ان هناك حبا حقيقيا واحدا لكل رجل وامراة ؟ انت تعرفين ان هذه حقيقة واقعة وتعلمين ان جميع العقبات في العالم لن تحول دون عودتهما الى بعض في النهاية . انت طلبت مني الصراحة وعليه فسوف اكون صريحة معك الى ابعد الحدود جون يحبني انا وست زيجات لن تبعده عني ))
شعرت تينا بان رجليها لم تعودا قادرتين على حملها اصفر وجهها واحست بان قلبها يتحرق الما سالتها بتاثر واضح :
(( ولكن ... لماذا تزوجني ؟ ))
(( الجواب بسيط للغاية . فعلى الرغم من تلك المظاره القاسية التي تبدو عليه فهو انسان ذو عقلية قديمة ومتزمتة بعض الشيء انه لا يحب اقامة علاقات غرامية . وبالتالي فقد كان بحاجة لسوط يضربني به . انه يلومني يا عزيزتي السخيفة المسكينة لوفاة جوانا . انا بالطبع غير مسؤولة ابدا عما حدث لها . ولكن تشككه شكل حاجزا بيننا طوال هذه السنوات . الحق بي الادي مرات عديدة وباساليب متعددة ... هذا هو الحب ؟ اذا كنا نخشى الاذية فعلينا الا نلعب بالنار ولكن ... من منا يقدر على الاقتراب من السنة اللهب الجميلة الا الجريء والشجاع ؟ ))
ثم ابتسمت واضافت بخبث واضح :
(( انت تعرفين ان داسييه معجب بك الى حد كبير وهو اكثر ثراء من جون . فلماذا لا تذهبين معه ؟ ))
(( لانني بكل بساطة لا اريده انا احب جون يا انسة كاريش ))
(( شيء مؤسف حقا سمعت ان لدي داسييه منزلا رائعا في مارتينيك وانت تناسبينه اكثر مما تناسبين جون فزوجك رجل معقد مزاجي صعب وشبق الا ترين بنفسك ان جون وانا نناسب بعضنا كثيرا ؟ ))
هزت تينا راسها بتعب واسى وتطلعت حولها وهي تسال باكية :
(( اين هو جون الان ؟ ))
(( اني هنا يا عزيزتي ))
لا . لا يمكنها ان تتحمل المزيد ... لن تتمكن من مواجهتهما والاستماع اليه يقول لها ستخرج وبولا ستحل محلها . هرعت الى الباب فوقف امامها يمنعها من الخروج .
(( اتركني . دعني اذهب " اخبرتني بولا كل شيء ... فلا داعي لاي حديث اخر ))
(( اعتقد ان هناك اشياء كثيرة يجب التحدث بشانها . يا حبيبتي ))
حبيبتي . كادت تهوى على الارض من جراء هذه الصدمة ولكنه طوقها بذراعه وضمها اليه فيما كان يقول لبولا بلهجة قاسية :
(( كنت واقفا في الخارج استمع بذهول الى اكاذبيك المزعجة لو لم اصغ لرالف بعض الوقت لكان بامكانك على الارجح ان تنجحي مرة اخرى . انه يعرفك على حقيقتك . ويعرف انك كذبت على جوانا عن تلك العلاقة الغبية التي اقمتها معك ... والتي ندمت عليها منذ ذلك الحين ... والتي لم تكن العلاقة الغرامية المطلوبة بالنسبة لك لم احبك انذاك ... ولا احبك الان . ومهما كان ذلك الشيء الذي جدبني اليك فانه مات وزال منذ سنوات . مات ... عندما ماتت جوانا ))
حدقت به بولا بعينين تقدحان شررا كعيني نمرة متوحشة وفجاة كالت له كلمات تدل على الكراهية ... الكراهية وليس الحب وبعد ان صبت جام غضبها لبضع دقائق خلاجت من الغرفة واغلقت الباب وراءها بعنف وشدة . ارتعش جسم تينا . التي كانت تطوقه بذراعيها وكانها تريد حمايته من تلك الانسانة اللعينة الحاقدة وعندما نظرت اليه . ابتسم بمحبة وحنان وقال لها بهدوء :
(( اننا حقا شخصان غريبا الاطوار يحب كل منا الاخر حتى الجنون ولكننا نخشى الافصاح عن حبنا خوفا من الصدمة ... من رد الفعل السلبي "))
(( الهذا السبب كنت غاضبا الى تلك الدرجة صباح اليوم ؟))
(( كنت اريد ان اطيح براس ذلك الرجل الوسيم من على كتفه كان ... كان منحنيا فوقك وكنت كالنعجة ... لا تشدين شعره ولا تحاربيه كقطة صغيرة متوحشة ... ))
قاطعته همسا :
(( جربني الان "))
امسكها بقوة وشدها اليه بعنف وكانه يريدها ان تصبح قطعة منه . تالمت جسديا ... ولكنه كان ذلك الالم الذي ترحب به وتتمناه . انه يحبها حبا صادقا وصحيحا . ارادت ان تقول له انها ...
ولكنه خنق الكلمات بعناقه الحار تنهدت وابعدت راسها عنه ثم دفنت وجهها بين كتفيه وعنقه وهي تردد اسمه بمحبة . حملها بين دراعيه ونزل بها الى القاعة . وفيما كانا يشربان القهوة التي احضرها رئيس الخدم بسرور بالغ تحدثا عن جوانا .
(( كنت احبها في البداية كانت جميلة الى ابعد الحدود ... كحلم رائع يتحقق . ولكن الحلم تحطم عندما افقت من رقادي واكتشفت الحقيقة . الحب هبة وليس تملكا الحب شعور يمنحه الانسان بمل ارادته ... انه ليس شيئا يؤخد او يفرض بالقوة ... ومن المحزن جدا ان جوانا كانت تريده على ذلك النحو ))
وقف لحظة وهو لا يزال ممسكا بيد تينا ثم اضاف قائلا :
(( اعتقد ان ليزا ستكون على ما يرام انها مثلي ))
(( انها مثلك تماما يا جون ))
حضن وجهها بين يديه القويتين وقال لها بوداعة واضحة :
(( اني احبك ... احبك جدا يا تينا هل تعرفين ذلك ؟ تالمت كثيرا تلك اللية التي رفضتني فيها " شعرت بانك تحسين بالاشمئزاز كلما لمستك او اقتربت منك "))
(( كنت اريدك ان تحبني ... ان تريدني ... لنفسي لم اكن اطيق التفكير بانك تجعل مني بديلا لشخص اخر "))
(( لبولا ؟))
ثم ضمها الى صدره بحنان ظاهر وقال لها :
(( سوف نترك سانت مونيك وصديقتنا بولا . سوف ابيع البيت والحقول والمعمل . ونعيش في بربادوس سنكون قرب ليزا وسنحيا بسعادة وهناء ))
سالته هامسة وهي تكاد تذوب بين ذراعيه حبا وهياما :
(( ومتى قررت ذلك ؟ ))
(( بعد ان شاهدتك على الشاطئ مع ذلك الفرنسي داسييه قدت السيارة بسرعة و اخدت اردد لنفسي بان هذه الجزيرة هي مصدر ألامنا وإحزاننا ذهبت الى رالف لأستشيره في هذا الموضوع فوافقني من صميم قلبه أليست خطة جيدة يا حبيبتي ؟ ))
(( انها خطة رائعة ))
وعندما تمكنت من فتح فمها قالت له بهدوء :
(( قبل ان ينسيني الحب كل شيء اريد ان اعتذر لك عن تلك الكلمات القاسية التي قلتها لك صباح اليوم على الشاطئ . لم اكن اعني ايا منها ))
ابتسم بحنان وسرور وقال :
(( كنت تعنين كل كلمة قلتها ايتها الغشاشة الصغيرة والاعتذار وحده لا يكفي لإرضائي ))
ضحكت وقالت بمحبة ودلال :
(( وماذا تريدني ان افعل لأرضيك ؟ ))
(( سأفكر بشيء ما ستكون حياتنا سعيدة من الان فصاعدا . اليس كذلك ؟ ))
(( اني متاكدة من ذلك يا حبيبي ))
وضمته الى صدرها بقوة وحنان . فيما كان يداعب شعرها وعنقها . اه كم كانت تتمنى تحقيق هذا الحلم " ان تتأكد تماما من انه يحبها حبا حقيقيا ... يريدها ... يحتاج إليها " نعم سوف تكون حياتها سعيدة مع هذا الرجل الذي تحبه وتعشقه وهذا الحبيب الذي لم يعد شخصا غريبا لا يظهر اهتماما او عطفا لأنه لم يكن متأكدا ... من حبها له
انتهت بحمد الله وشكره
أتمنى لكم قراءة ممتعة وارجوا ان تعذروني اذا تأخرت عليكم
الى ان نلتقي فر رواية أخرى دمتم مع تحياتي و حبي
|