كاتب الموضوع :
الامل المفقود
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
(( صباح الخير يا ليزا " ))
(( صباح الخير يا ... تينا ))
واحمر ذلك الوجه الصغير الجميل قبل ان تضيف قائلة :
(( هل من الخطاء ان ادعوك هكذا ... باسمك فقط ؟ لدي صديقة في المدرسة تزوج والدها مرة ثانية في الاونه الأخيرة وهي مضطرة . لمناداة زوجة أبيها ... يا خالتي " ))
جلست تينا وهي تتمتم بكلمات شكر لجون . ثم ابتسمت وقالت للفتاة الصغيرة :
((أني لا اشعر أبدا كأني خالتك يا ليزا. ربما كشقيقة كبرى ... فما رأيك ؟ اعتقد انني يأكل قطعة من هذا اللحم المجفف وما تبقى من الأناناس ))
ابتسم ليزا وبدا الارتياح بوضوح على وجهها الناعم ثم وضعت ذراعيها بمحادة ذراع تينا وقالت مداعبة :
(( كم تبدين بيضاء بالنسبة لي ولأبي "))
ضحكت تينا وقالت لها :
(( أني انوي ان أصبح برونزية اللون مثلكما تماما خلال أسبوع واحد بإذن الله ))
ثم أضافت :
(( انه لسوار جميل حقا يا ليزا . هل شاهدت جميع هداياك ))
(( ألقيت خلسة نظرة سريعة الى السرج. انه رائع الجمال ومهري سوريل سوف يعتز به كثيرا عندما أضعه على ظهره ))
ثم ابتسم وقالت لوالدها :
(( يبدو انك أحضرت هدايا جميلة ومتنوعة يا أبي ولا أرى بدا من القول إني معجبة بالهدية التي أحضرتها لنفسك ))
(( آه منكم يا صغار هذا العصر " ))
قالها ضاحكا ثم التفت نحو تينا وأضاف :
(( هاك يا عزيزتي لقد حصلت ألان على الموافقة التي كانت تقلقك كثيرا ))
وحول نظره الى عيني ابنته الحائرتين وقال لها :
(( نعم يا ليزا كانت تينا بالطبع قلقه من أنها لن تنال إعجابك ))
وضعت ليزا احد أصابعها على خاتم تينا وقالت بارتياح ظاهر :
(( غريب " كنت أظن أنها قد تكون متكبرة ولا تأبه لطفلة امرأة أخرى . انه لأمر يدعو الى ارتياح كبير يا تينا انك رائعة الى هذه الدرجة ))
ابتسمت تينا بمحبة وحنان يشوبهما بعض الاستغراب وسألتها :
(( هل تعتبرينني حقا رائعة ؟ ))
ردت عليها ليزا بلهفة وإخلاص قائلة :
(( بالتأكيد " فأنت لست مراوغة أو مدعية بل صادقة وطيبة كان سيقضى علي لو ان أبي تزوج امرأة لديها تلك الصفات السيئة ))
كانت لهجة الفتاة حادة وتحمل الكثير من المعاني ونظرت تينا الى جون لتعرف ما إذا كان إدراك الهدف من وراء تلك الجملة الصريحة والعنيفة كان جون يحدق بابنته ويوجه إليها نظرات قوية وجادة أفزعت تينا وأدخلت الهلع في قلبها نعم انه يعرف ان ليزا لا تحب بولا كاريش وربما كان هذا احد الأسباب التي حملته على مقاومة رغبات تشده الى تلك الناحية ... وعلى منح ابنته إما ثانية تكون صغيرة السن وغير معقدة " اخرج غليونه وسال زوجته بهدوء وكأنه يحاول تغيير الموضوع :
(( هل تسمحين بان أشعل غليوني فيما أنت تأكلين ؟ ))
هزت تينا رأسها موافقة ثم نظرت الى ليزا وسألتها عن فترة عطلتها المدرسية . ردت الفتاة بوجه مشرق :
(( أسبوعان كاملان . ما أروع هذه المناسبة " سنمضي ثلاثتنا أوقات سعيدة مليئة بالبهجة والمرح والسرور ))
التفت جون نحو تينا وسألها :
(( ماذا تفضلين ان تفعلي هذا الصباح ))
(( أود التعرف على البيت وجواره ))
(( فكرة طيبة يمكن لليزا ان تكون دليلك في الجولة المقترحة لدي بعض الأعمال التي يجب الانتهاء منها . ولكننا سنقوم بجولة حول الجزيرة في فترة ما بعد الظهر و ... ))
قاطعته ليزا بتهذيب ولكن بحماسة ظاهرة :
(( تينا وأنا سنذهب للسباحة ))
(( تأكدا من البقاء قريبا من الشاطئ . ابلغني جو هذا الصباح انه شاهد في الاونه الأخيرة عددا من اسماك القرش خارج السلسة الصخرية كذلك فان تينا ستكون بحاجة للزيوت التي تحمي الجلد من أشعة الشمس الحارقة ضعي الزيت يا تينا بكمية كبيرة تحت عينيك وعلى انفك بشكل خاص )
أحست تينا بانفعال شديد وبخاصة عندما وضع أصبعه على انفها الصغير وشاهدت تلك النظرات الساخرة في عينيه استجمعت قواها وقالت له محتجة :
(( لا تعاملني كطفلة .يا جون ))
(( أني اخشي على جلدك الناعم والرقيق يا عزيزتي . وداعا أيتها الطفلتان الحبيبتان ))
وغادر الشرفة على عجل فيما كانت تينا تحاول ضبط أعصابها وغضبها وليزا تقول ضاحكة :
(( أليس أبي مضحكا ))
(( الى درجة مذهلة ))
عادت الجدية فجأة الى وجه ليزا وسالت تينا :
(( هل تعرفين ما هي الحرباء ))
ابتسمت تينا وإجابتها دون ان تدري السبب الحقيقي للسؤال :
(( أنها أحدى الزواحف التي تغير لونها تمويها . هل تدرسون عنها في صفكم ؟))
(( لا . ولكني قرات عنها في احد الكتب . بولا مثلها أليس كذلك ؟ ))
دهشت تينا لهدا التشبيه وخشيت من ان تكون بولا قالت شيئا للطفلة عن والدها . وسألتها بسرعة :
(( لماذا تقولين ذلك يا ليزا ؟))
هزت الفتاة كتفيها وقالت ببراءة الطفولة :
(( أنها لا تحب ان ترى الناس سعداء أو مسرورين ... أنها تعمل دائما على إلحاق الأذى بهم ... هكذا تفعل مع الخال رالف لأنه إنسان طيب للغاية أني أتمنى من كل قلبي ان يتزوج إذ أنها ستضطر لمغادرة بيته ))
ثم أمسكت بذراع تينا ووضعت خدها عليه ثم قالت بمحبة صادقة :
(( اوه تينا " كم كنت خائفة ان يتزوجها أبي ))
وضحكت بتشف وقد علت وجهها ابتسامة المنتصر واضافت :
(( اني متاكدة من انها تتحرق غضبا وغيظا وحسدا لانه لم يفعل دلك ))
تناول الثلاثة طعام الغداء واحضر جونالسيارة الكبيرة المريحة ليقوموا بجولتهم المرتقبة حول الجزيرة نظرت إليه ليزا التي كانت وتينا تجلسان قربه في المقعد الأمامي وسألته بسرور :
(( هل نبدو جميلتين يا أبي ؟ ))
(( كوردتين رائعتين " إنني رجل محظوظ " ))
وانطلقت السيارة نحو الحقول الخصبة حيث قصب السكر والموز والذرة . وشاهدوا احد الشبان المحليين يتقي حرارة الشمس الحارقة في ظل أحدى الأشجار لاستوائية الضخمة . ابتسم جون وقال لتينا :
(( هل لاحظت كيف نظر هذا الشاب إلينا ؟ انه لا يفهم كيف إنني لم استسلم للعادة المتبعة في هذه الجزيرة والتي تقضي بالاستراحة أثناء الظهر هل تشعرين بالحر يا تينا ))
(( أني أحبة . كنت دائما متعطشة للشمس ودفئها ))
ولما وصلوا الى منطقة قريبة من الشاطئ أوقف جون السيارة وقال لتينا :
(( يذكرني هذا الشاطئ بكور نوول حتى تاريخها الحافل بقصص القراصنة وتحطم السفن متشابه الى درجة كبيرة ))
نزلت ليزا من السيارة لتجمع باقة من الأزهار البرية فيما جلس جون وتينا على حافة الطريق يتأملان الطبيعة الخلابة والشاطئ الساحر ثم وضع جون يده على ذراع زوجته وقال لها بنعومة :
(( انظري الى ليزا ))
تطلعت تينا نحو الفتاة الصغيرة التي كانت تقفز بفرح وسرور وتداعب خديها بباقة الزهر الجميلة .
وتمتم جون قائلا :
((كم لتمنى ان انحت تمثلا لها وهي على هذا النحو ولكنه مشهد يتغير ويتبدل بسرعة فائقة انظري أنها تنتقل ألان الى اكتشافات أخرى ))
سألته تينا بوداعة وهدوء :
(( أليس بإمكانك ان تعتمد على الذاكرة ))
هز كتفيه وضم ركبتيه بذراعيه وقال :
(( الذاكرة معرضة ... لأخطاء كبيرة " تحفظين شيئا وتغيب عنك أشياء بسبب الغموض المحتم . وتأتي القطعة الفنية ناقصة ومبتورة بدل ان تكون كاملة كي ينجح الفن حقيقة يجب أولا ان يرضي القلب والعقل والروح انه نوع من الحب والفنان المبدع ... كالعاشق الولهان ... يجب إلا تساوره الشكوك ... وألا فلن يكون ثمة إشباع أو ارتياح حقيقي لدى الفنان أو الحبيب ))
أحست تينا بان قلبها يكاد يقفز من مكانه عندما تبين لها المعنى المقصود في كلامه وتأكدت بأنه يقول لها ضمنا بان علاقتهما لا يمكن ان تصبح وثيقة إذا بقيت الشكوك قائمة بينهما هذا هو قراره النهائي على ما يبدو وهي مضطرة للقبول به بسبب حيائها
وألمها وضعف خبرتها إلا ان لديها عزة نفسها وكبرياءها ... وقررت ان تحاول التصرف كزوجة فلعل ذلك يساعدها حياتيا ونفسيا فسألته :
(( هل لديك مانع من ان اشتري حاجياتنا بنفسي ؟ اعتقد انك وليزا سوف تتمتعان ببعض الوجبات التي تذكركما بالوطن وسيكون من دواعي سروري ان أعدها لكما كذلك فان توباز سوف تساعدني ))
(( طبعا . طبعا ))
ونظر بهدوء الى وجهها المتوتر بعض الشيء ثم أضاف قائلا :
(( ليس عليك يا تينا ان تطلبي إذني للقيام بأي تغيير او تعديل في بيتك انا لست طاغية متعنتا كتلك العمة المعقدة ))
(( أني اعرف ذلك تماما ولكني غريبة نسبيا على هذا المسرح ... كما ان لبعض الرجال طرقا وأساليب معينة لا يحبون الخروج عنها او تعديلها ))
(( لن يزعجني أبدا ان أتناول بين الحين والأخر فطورا مؤلفا من اللحم المقدد والبيض ومع الشاي عوضا عن القهوة والطاهي الذي يعمل لدينا ليس خبيرا بصنع الحلوى وبخاصة تلك التي تحتاج الى الربي ))
ثم وضع يده على خدها مداعبا وأضاف مبتسما :
(( هل ارتاح بالك ألان يا فتاتي الخجولة ؟))
اومات برأسها علامة الموافقة ولكنها لم تتمكن ألا ان تقول له :
(( على أي حال فانتم الرجال يمكن ان تكونوا أحيانا مخلوقات مزعجة ))
ارتفع حاجباه بسرعة وقال لها ضاحكا :
(( ان كنت أزعجك قليلا فلأنني فقط اكبر سنا وأكثر خبرة ولكني لا أنسى ما أخبرتني به من انك لا تعرفين الكثير عن الرجال بسبب كره عمتك للجنس واشمئزازها منه ))
ثم حدق بها ومضى الى القول بشيء من التهكم :
(( ان لم تتمكني من فهم الإيحاءات والتلميحات المختلفة التي أوجهها لك عن ابتعادي عنك بعض الوقت فيمكنك ان تقفلي باب غرفتك بالمفتاح أني اشك كثيرا في قدرتي على تحطيم ذلك الباب الخشبي القوي ))
احمرت وجنتاها بشدة وقالت له :
(( لا داعي للتفوه بكلمات كهذه تأكد بأنني فهمت تلميحاتك كاملة ))
(( إذن يمكننا تناسي الموضوع برمته ))
قالها بلهجة جدية ونبرة حادة كالفولاذ وشعرت تينا بارتياح عميق عندما شاهدت ليزا تقترب منهما بسرعة وتضع أزهارها في حضن صديقتها الجديدة وتقول :
(( أوه ان الحر شديد للغاية ))
وجه إليها والدها امرأ فوريا قائلا :
(( أذن اهدئي واجلسي في الظل ))
تبرمت ليزا قليلا ونقلت نظراتها بين أبيها وتينا بقلق ثم قالت :
(( لا تقولا لي أنكما بدئتما بالشجار منذ ألان ))
تجنبت تينا نظرات جون وقالت لليزا فيما كانت تتظاهر بتأمل الإزهار البرية الجميلة :
(( بالطبع لا يا حبيبتي ))
ثم ابتسمت وأضافت :
(( هل تريدين ان اعد لك إكليلا من هذه الأزهار الزرقاء الرائعة ))
وفيما استلقى جون على الحشائش الخضراء واضعا يديه تحت رأسه كانت ليزا جالسة القرفصاء تراقب تينا وهي تعد لها الإكليل الذي سيزين رأسها وما ان انتهت تينا من عملها حتى توجه الثلاثة الى مطعم على الشاطئ . البحر حيت شرب كل منهم زجاجتين من العصير المنعش حاولت تينا جاهدة ان تشعر بالارتياح إلا ان أعصابها ظلت متوترة تأملت بإعجاب كبير سلسلة جبال جمايكا التي كانت تبدو قرمزية اللون أثناء المغيب وفي طريق العودة وضعت ليزا رأسها على كتف تينا وأغمضت عينيها وأحست تينا بدفق من الحنان والمحبة تجاه تلك الطفلة الحبيبة فطوقتها بذراعيها ... فيما كان جون يقود سيارته غير مبال بما يجري قربه وبما يمكن لهذه الزوجة الشابة ان تقدمه من حب وعاطفة ولأنها صغيرة السن وحساسة وتخشى التدخل في شؤونه فقد تركته غارقا في تفكير عميق وأغمضت عينيها ...
اكتشفت تينا في اليوم التالي ان ذهابها الى السوق برفقة توباز تطور رائع ومثير للغاية أوصلها سائق جون حتى رصيف الميناء حيت طلبت منه تينا انتظارهما هناك لحين عودتهما كانت توباز تسير قرب تينا وعلى رأسها سلة كبيرة مخصصة لحمل الحاجيات القليلة التي تنوي السيدة ابتياعها .
وتساءلت تينا بصمت عما اذا كان من الحكمة القيام بهذه الجولة في السوق الشعبي الذي يعج بأبناء الجزيرة من صيادي اسماك وعمال ومزارعين . وبعد تحليل دقيق للدلائل الكثيرة التي تشير الى أنها قد تصبح كضيفة في ذلك القصر الكبير ما لم تتصرف بقوة وبسرعة وجدت ان خروجها الى السوق كان ضروريا الى حد كبير وتذكرت كيف شعر الطباخ وكبير الخدم بالامتعاض عندما استجوبتها ذلك الصباح عن بعض الأمور المتعلقة بالمطبخ وبالطعام وكيف أنها لم تتراجع بل أصرت على موفقها ... وانتصرت ... أنها ربة البيت وعلى جميع العاملين فيه إطاعة تعليماتها وأوامرها ... مع أنها على أتم الاستعداد للاستماع الى أرائهم الاخد بالجيد منها وتذكرت كيف سألها الطاهي بشيء من العصبية وهو على أهبة رمي القلنسوة البيضاء وصدار الطهي :
(( هل تدمر السيد جون من المأكولات التي أعدها له ؟ ))
حاولت تينا طمأنته وتهدئة أعصابه قائلة :
(( انك طاه جيد يا جايسون ولكني أريد اطلاعك على كيفية أعداد بعض الوجبات التي نحبها في بلادنا ))
وتذكرت كيف أنها شرحت له عن الإمكانات المتعددة لتقديم بعض أنواع الطعام وعدم الإصرار على تقديمها دائما بالطريقة نفسها نظر إليها جايسون بغضب وقال لها بحدة :
(( الخضار المسلوقة لا باس بها على الإطلاق ))
بالتأكيد ولكن يجب إلا تقدم على هدا الشكل أكثر من مرتين في الأسبوع . اسمع يا جايسون . انا لا أحاول محاربتك ولكني متأكدة من انك تولي مصلحة السيد جون وراحته اهتماما قلبيا بقدر اهتمامي أنا . وعليه فان تنويع وجبات طعامه ليس بالأمر السيئ ))
ولان الرجال في جزر الهند الغربية يعجبون كثيرا بالنساء اللواتي يسهرن على راحة أزواجهن ويعملن على إسعادهم فقد علت وجه جايسون فجأة ضحكة عريضة وسمح لها بفتح الثلاجة وخزانة المأكولات وتفحص محتوياتها وانتبهت تينا الى أنها وتوباز وصلتا الى الساحة التي تقع فيها المحال والمخازن التي تنبعث منها روائح الأسماك واللحوم الطازجة بالإضافة الى الفاكهة والخضار وكل ما تشتهيه المعدة
اعدروني مزال صفحتان من الفصل الخامس
غدا باذن الله سوف تنزل مع الفصل السادس
|