كاتب الموضوع :
الامل المفقود
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 83 - حائرة - فيوليت وينسبير - من روايات عبير القديمة
((انك حقا فاتنة يا صغيرتي . ربما كان علي ان أتركك في سباتك كي يأتي فارس أحلام في مقتبل العمر والشباب ليوقظك ويحلق بك الى ... ))الامل المفقود
قاطعته بسرعة مبدية احتجاجا صادقا ونابعا من القلب :
(( أنا لا يعجبني الشبان الصغار . تعجبني طيبتك وكرمك نحوي ))
ثم وضع يده على كتفها وأضاف قائلا بلهجة جادة :
(( أني أريد زوجة يا تينا وليس طفلة ترقص وتتدلل على هاتين الركبتين تأكل قطعة من الحلوى
أو تتلهى بلعبة صغيرة . أرجو ان تفهمي ذلك جيدا ))
(( طبعا يا جون ))
دخلا الفندق الصغير فأرشدها مالكه الذي يديره بنفسه الى غرفتين مجاورتين ثم ابلغهما بان العشاء يقدم في السابعة والنصف وبعد ان غادرهما الرجل سمعت جون يسألها من غرفته :
(( يمكننا ان نقوم بنزهة قصيرة في الجوار قبل العشاء فما رأيك ))
أعجبتها لهجة الدلال في سؤاله فابتسمت وإجابته بهدوء:
(( يسرني ذلك كثيرا ))
(( حسنا . سأحضر غليوني وانضم إليك فورا ))
حركت أصابعها بطريقة لاشعورية فأحست بالخاتم الذهبي يداعب يدها . أنها ألان سيدة متزوجة
" يا لغرابة هذا الشعور الذي انتابها عندما شاهدت رجلا طويل القامة يدخل غرفة نومها وله كامل الحق بذلك .
(( مستعدة ))
وضعت يدها في يده الممدودة نحوها وهزت رأسها علامة الموافقة والترحيب وافتر ثغرها عن ابتسامة بريئة وجميلة . وفي داخل تلك الغابة المحيطة بفندقهما الجميل . رفعها جون ووضعها على جدع شجرة باسقة وراح يتأملها بإعجاب بالغ . ثم قال لها :
(( أنك تبدين ألان كإحدى تلك التلميذات في لوحة كآتي هوبكنز المشهورة . سيقول الجميع أنني اختطفتك من احد الصفوف المتوسطة ))
أنها تدرك تماما ان وجهها وجسمها لا يعكسان أبدا حقيقة سنها . وان بعض الناس قد يقولون أنها ليست اكبر بكثير من ابنته . ابتسمت وسألته بهدوء :
(( وهل يزعجك أو يضايقك ان يقولوا ذلك ؟))
(( ليس الى درجة كبيرة يمكن للثرثرة والأقاويل ان تشكل مصدر غيظ وانقباض للإنسان ولكنها من النادر ان تكون مميتة أو قاتلة ))
جذبت غصنا صغيرا وتظاهرت بأنها تتأمل وريقاته . فمع انه قال ان الإشاعات ليست مهلكة ألا انه كانت ثمة أقاويل عن علاقته المزعومة بابنة عم جوانا في ذلك اليوم المشئوم قبل ثماني سنوات لان الحزن والشك كانا يسودان أفكارها ومشاعرها يجعلانها اقل عناية واهتماما بنفسها ؟
(( هل يقلقك يا تينا ان يصفونا بالكهل والمراهقة ؟ ))
كان يبتسم ولكنها أجابته بجدية :
(( لا يقلقلني سوى رد فعل ليزا . فمن الأهمية بمكان في أي زواج ثان ألا يكون الأطفال ممتعضين أو مستاءين . وأنا لم تسنح لي الفرصة بعد كي أتعرف على ليزا قبل ان أخد منها والدها ولو بصورة جزئية ))
الأطفال يا عزيزي مخلوقات قابلة للتكيف وابنتي بحاجة لام لإنسانة يمكنها ان ترتاح إليها وتكشف لها عن أسرار قد تخجل أو تمتنع عن الإفضاء بها لأبيها . صدقيني يا تينا إنني كنت أفكر بها أيضا عندما اخترت الزواج منك . فكونك طفلة يتيمة يجعلك تشعرين أكثر من غيرك مع أطفال في وضع مماثل . وأنت تعرفين أيضا كيف يشعر أي طفل يحرم من حنان الأمومة وعاطفتها . وليزا طفلة ذكية . وسوف تدرك على الفور الرابط القوي الذي يجمع بينكما ))
(( أذا كانت ليزا مثلك يا جون . فاني متأكدة من إنني سوف ... أقيم معها علاقة طبيعية وطيبة ))
لم تتمكن من استخدام كلمة حب . لم ترد ان تكشف له عن عمق مشاعرها نحوه . وبخاصة بعد ان اخبرها صراحة ان سبب اختياره لها زوجة كان بدافع الاهتمام بحاضر ابنته ومستقبلها " وفي طريق عودتهما قالت له بهدوء :
(( كان علينا ان نصور فندق ... شهر العسل ))
(( يمكنك ان تفعلي ذلك في الصباح . أيتها الصغيرة ))
ثم أضاف بشيء من الجدية :
((لا تاخدي مني موقف الدفاع يا تينا . فانا لا انتظر أغراء امرأة مجربة ومحنكة من فتاة بمثل تربيتك وتهذيبك . ولمعلوماتك . فالبراءة لها فتنتها وسحرها ... وإغراء خاص بها ))
أريد ان أكون زوجة لا تخيب ظنك او أمالك ))
(( الزواج . كما قلت لك سابقا مقامرة بالنسبة للزوجين وربما خاب أملنا نتيجة لهده القفزة التي قمنا بها معا في ظلام المجهول ))
تألمت.. . تأثرت ... هل يفكر بجوانا والسعادة التي تقاسماها ؟ هل يتوقع ألا تكون حياته مع تينا شبيهة بحياته مع جوانا ؟ ودخلا الفندق فيما كان العمل قائما على قدم وساق استعدادا لتقديم العشاء الى النزلاء . ارتدت تينا الملابس التي اقترحتها جاي لعشاء هذه الليلة بالذات وتذكرت ما قالته لها من ان توتر الأعصاب في الليلة الأولى لا يقتصر على النساء فقط . فكثيرا ما يكون الرجال ... حتى المجرب والمحنك بينهم ... متوتري الأعصاب الى درجة مماثلة ولا بأس من تهدئتهم وتلطيف أعصابهم بارتداء ملابس معينة . توجهت الى النافدة وراحت تتأمل الحديقة الجميلة وتتنشق الروائح العطرة التي تنبعث منها سمعت طرقة على الباب الذي يفصل بين غرفتيهما فلم ترد أو تلتفت الى الوراء أرادت ان يقترب منها ويطوقها بذراعيه ويشم الرائحة الطيبة التي عطرت نفسها بها . ولكنه لم يدخل الغرفة بل سألها :
(( الاتنوين النزول معي للعشاء ؟ إني أتضور جوعا ))
وفيما كانا يتبعان نادلا الى طاولتهما سمعت سيدة مسنة تقول لزوجها :
(( ما أجمل هذين النزيلين الجديدين " إنهما بلا شك رجل وابنته يمضيان عطلتهما معا ))
أرادت تينا ان تنشق الأرض وتبتلعها وعندما تجرأت أخيرا ونظرت الى جون لتتأمل رد فعله على تلك الملاحظة شاهدت وجهه متوترا ترتسم عليه ملامح القسوة . تنولا طعامهما بصمت تام وكانت تينا حزينة ومتضايقة بحيث لم تتمتع بالعشاء الشهي . فيما كان جون يأكل بحماسة ودون انفعال . وبعد شرب القهوة . اقترح عليها جون ان تذهب الى النوم ... إذا كانت ترغب بذلك . وهو سيمشي قليلا في الخارج ويدخن غليونه وقفت وهي لا تدري ماذا تفعل . أنها ليلة عرسهما ومع ذلك لم تبدر منه إشارة دفء او حنان .
(( إني متعبة قليلا ... هل سأراك ... في وقت لاحق الليلة ؟ ))
(( أذا كنت نائمة عند عودتي فلن أزعجك ))
نامت بعد عناء وحلمت بان بعض الأصدقاء يقيمون لها حفلة عيدها الحادي والعشرين . وتأهبت لإطفاء الشموع ... وأفاقت من حلمها وهي تنادي زوجها بطريقة لا شعورية . دخل غرفتها وكان على ما يبدو قد عاد من نزهته. وقال لها بحنان واضح :
(( عودي الى النوم يا حبيبتي . كان هذا يوما طويلا ومرهقا بالنسبة لك وغدا سنمضي الساعات الطوال في السفر المتعب والمضني ))
ومع انه استخدم تلك الكلمة الرقيقة ألا أنها أحست بأنه يتحدث الى طفلة ... الى ليزا ؟ ولكنها ليست طفلة ... أنها زوجته "رمت الغطاء عنها بعصبية عندما أدار ظهره وعاد الى غرفته ولحقت به حافية القدمين وهي تقول له بشيء من الحدة :
((جون لا تعاملني كطفلة " عندما كنا في السيارة . كنت ... كنت مختلفا " أني مستعدة لأكون زوجة لك .لا مجرد رفيقة أو صديقة . أريد مساعدتك لكي تنسى ... ))
(( أنسى ماذا ))
(( أنت ... أنت تعرف ))
نظر إليها بقسوة ظاهرة وقال بعصبية :
(( زواجي الأول ؟ هل هذا ما تشرين إليه ))
تراجعت الى الوراء خائفة من تلك النظرات القاسية وبدا انه رجل غريب قادر على القيام باي شيء امسك بكتفيها وقال لها :
(( الحديث عن زواجي الأول لا يأتي بسهولة يا تينا وربما عليك ان تعرفي ألان وليس في وقت لاحق ان هناك أمورا أفضل ان تبقى طي الكتمان إذا ظلت هذه الأمور على ما هي فإنها لا تؤدي كثيرا إما بالنسبة لنسيانها فاني اشك كثيرا في إمكانية ذلك ))
((( أنا ... أنا آسفة يا جون ... يا جون ))
لم تكن الكلمات كافية ولم تتمكن من منحه حبها . لم تقدر ان تقول له انها تريده بالرغم من كل شيء . وارتعش جسمها عندما أبعدها عنه برفق قائلا :
(( عودي الى سريرك يا تينا . انك تبدين مرهقة جدا ))
(( جون ... هل ندمت على هذا الزواج ؟ ))
(( اعتقد أنها فكرة جيدة ان يتعرف كل منا الى الأخر بطريقة أفضل هذا ما تفضلينه أليس كذلك ))
هزت رأسها وهي تعلم ان هذا ما يريده هو ...
(( هيا . لأضعك في السرير ))
حملها بين ذراعيه ووضعها في سريرها برفق وحنان ثم أزاح خصلات من شعرها عن عينيها قائلا :
(( تصبحين على خير يا عزيزتي ))
ظلت تنظر إليه كطفلة صغيرة تتطلع الى والد محب وحنون . احني رأسه وهو يبتسم ثم طبع قبلة خفيفة على جبينها وغادر غرفتها دون ان ينظر وراءه .
وهكذا ... انتهى يوم زفافها "
وبهذا يكون قد انتهى الفصل الثالث –
اتمنى ان تستمتعوا معنا بقراته **
|