كاتب الموضوع :
Re7ab Re7ab
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
رد: (حصري) 323 ضاع قلبها دارسي ماغوير
14 - انه حلمها، ولكن . . .
***
كانت الغرفة واسعة، يستخدمها الموظفون للحفلات التى يقيمونها. ولكن اليوم لم تكن الضحكات تتصاعد فى ارجائها، بل على العكس، بدا جوها صارما بل كئيبا. جلست كلير على رأس طاولة مستطيلة الشكل تم إحضارها إلى الغرفة خصيصا من أجل هذا الاجتماه الهام. كانت كلير تدير ظهرها إلى الحائط، وقد وضع الكرسي الذى سيجلس عليه العدو قبالتها تماما.
جلس فرانك بالقرب منها واضعا يده فى يدها. جلسا يعدان الدقائق من دون أن يتفوها بأية كلمة، مدركين تماما أهمية هذا الاجتماع. وأخيرا، فتحت تانيا الباب:
- تفضلوا أيها السادة، ينتظركم المالكون فى هذه الغرفة.
أبعدت كلير يدها عن يد فرانك?ووقفت، فهى تعرف جيدا مدى تأثير الانطباع الأول. لن تدع أحدهم يخال بأنها عاجزة عن تحمل ما سيجرى، وخصوصا كينج. حبست أنفاسها. فتح الباب على مصراعيه، ودخل عدد من الرجال يرتدون بذلات أنيقة. رمقها كل منهم بنظرة استخفاف كما لو أنها غير مهمة فى نظرهم.
توجهوا نح الكراسى الموضوعة حول الطاولة، ووصل كينج وراءهم. كان يرتدى بذلة رمادية داكنة، وبدا وسيما جدا بشعره الأسود، وكتفيه العريضتين وعينيه الثاقبتين. وقف عند رأس الطاولة:
- آنسة هاريسون، أتساءل ما اذا كنا نستطيع التحدث على انفراد قبل استهلال جلسة المفاوضات هذه.
- لا شكرا، أنا بخير.
جلست وراحت تنظر الى الأوراق الموضوعة أمامها، وقد زاغ نظرها.
- قد نتمكن من التوصل الى اتفاق ما.
نظرت اليه كلير ببرودة:
- أفضل أن يتم الاتفاق هنا. شكرا، سيد كينج.
حاول الرجال المرافقون تشويش كلامها بسعالهم. جلسوا بعد ان جلس كينج، بانتظام كما لو أنهم تدربوا على طريقة الجلوس، وشعرت كلير بأنه ينظر إليهل.
اطلع الرجال على الأوراق، ثم وقف أحدهم قائلا:
- نحن مجتمعون هنا اليوم كى يناقش السيد كينج عملية شراء حصة السيد فرانك بولتون من شركة ترانس-انترناشيونال.
رمت كلير نظرة باردة نحو كينج، او على الأقل . . . لقد ظنتها باردة! كان شعره مسرحا الى الخلف بعناية، وعيناه لامعتان، وبذلته خلابة. ولم يتجنب النذل اللعين النظر مباشرة فى عينيها، فشعرت برعشة تسري فى كل أنحاء جسمها.
نظر أحد الرجال الى فرانك:
- سيد بولتون، هل المستندات فى حوزتك؟
- نعم.
وقف فرانك وقد احمرت اذناه وانفه. اخفض عينيه، وراحت يداه ترتجفان وهو يمرر الأوراق الى الرجال المجتمعين حول الطاولة. مد كينج يده، وتناول الأوراق، فحبست كلير أنفاسها.
تصفح الأوراق ورفع احد حاجبيه، ثم رفع عينيه ببطء:
- هذا ليس صحيحا، أين بقية حصتك؟
استدار فرانك نحو كلير وحدق اليها بعينين واسعتين كما لو أنه يرمى الكرة فى ملعبها.
وقفت كلير:
- حسنا سيد كينج، يبدو انك تسرعت قليلا. فعندما تحدثت مع فرانك وقدمت عرضك نسيت أن تحدد كم تريد أن تشترى من حصته.
حدق إليها وقد فرغت عيناه فجأة من المشاعر:
- لقد اشتريت كمية كافية من الأسهم لتصبحى مالكة الحصة الأكبر فى الشركة.
بدا صوت كينج قويا وحادا.
- ولأبقى أنا المسيطرة.
اتجه كينج نحو فرانك:
- ظننتك تريد ان تحصل على مبلغ جيد لتتقاعد.
تنحنح فرانك:
- نعم هذا ما اريده. عرضت كلير شراء ما تبقى من أسهمى تباعا فى السنوات القادمة. إلا اذا كنت . . . لا تزال تريد التفاوض بشأنها.
حدق الى يديه الموضوعتين بشدة على الطاولة. وقفت كلير فجأة وبدأت تجمع أوراقها:
- اذا، اظن أنك لم تعد تريد شراء حصة فرانك بعد الآن، الباب خلفك. استعمله بحرية.
ابتسم كينج بطريقة خطرة:
- على العكس . لازلت راغبا فى شراء أسهمك سيد فرانك.
شعرت كلير بالارتجاف عندما عاودتها ذىكريات ارتمائها فى أحضانه. حدقت اليه وقد بات عقلها مشوشا. ما عساه يفعل بحصة فرانك المتبقية؟ لن يتمكن بعد الآن من تقسيم الشركة وبيعها أجزاء، لأنه لم يعد يسيطر عليها. لم تفكر فى أنه سيود شراءها بالرغم من ذلك. كانت قد ظنت أنه سيستشيط غضبا ويغادر، ولن تراه مجددا.
عادت وجلست فى مقعدها.
حدقت بحذر الى الرجال الجالسين الى الطاولة، وهى توزع الأوراق وتمرر الأقلام. وقع فرانك على العقود وكذلك فعل كينج.
شعرت باحمرار اذنيها وتشوش تفكيرها وباتت عاجزة عن فهم المنحنى الذى اتخذته الأمور. وأخيرا صفق كينج بيديه:
- حسنا، انتهى الامر. هلا غادر الجميع الغرفة من فضلكم. أظن أن على والآنسة هاريسون مناقشة بعض الترتيبات العملية.
أحست كلير بالضياع بعد أن غادر الآخرون، لقد ضاعت ثقتها بنفسها. ورمقها فرانك بنظرة عجز وتنهد وهو يغادر الغرفة.
أغلق الباب خلفهم، واستدارت لتواجه كينج. فبغض النظر عن الخطة التى ينوى تطبيقها، لن تخضع له هذه المرة ولن تنخدع به.
- ماذا تفعل؟
- أعقد أول اجتماع عمل بيننا.
- تعقد ماذا؟ لن يكون لك أى دخل بهذه الشركة او بى.
- على العكس. فأنا أمتلك حصة فى هذه الشركة، وسواء أعجبك هذا الأمر أم لا، يا عزيزتى، فأنا شريكك.
وقفت فاغرة فاها. يزعجها كثيرا ان تبقى منفردة مع مارك وجسمه المثير الرائع.
- لكنك ستكون منهكا باهتماماتك الأخري. ولن يتسنى لك الوقت . . .
- فى الواقع، اننى افكر بتعيين مجلس إدارة يهتمون بشؤون أمبراطوريتى، كى أتمكن من التركيز على المكان الذى يهمنى البقاء فيه أكثر من غيره.
- هنا؟
جاء صوتها متقطعا، وعضت على شفتها لتخفى ردة فعها لمجرد التفكير بأنها ستمضى وقتها كله مع مارك.
- نعم هنا، بجوارك. أتستطيعين أن ترشدينى إلى مكتبى الجديد؟
كيف عساها تتحمل رؤيته يوميا؟ فها هى مشاعرها تنقاد وراءه منذ الآن.
وهو عدائى ، لا انه العدو! وبالرغم من كل شئ هى واثقة أن الأمر لن يطول كثيرا قبل أن تعود وتجد نفسها بين ذراعيه.
- طبعا.
قالت بهدوء. لا بد أنه يلعب لعبة ما! لا يعقل انه مهتم بالجلوس فى مكتب فرانك عوضا عن مكتبه الراق. فهل سيتحمل مكيف الهواء المعطل فى الصيف، وفواتير الغاز المرتفعة فى الشتاء؟ توجهت كلير نحو مكتب فرانك السابق مدركة تماما أن مارك يتبعها بنظره. توقفت أمام الباب، وأخذت نفسا عميقا هادئا، وهى تحاول جاهدة ألا ينهال عليه بسيل من الشتائم:
- ها هو.
ابتسم لها وجال بعينيه عليها. ألقت نظرة على ثيابها، فهى لم ترتد ملابس مغرية بل جدية، واذا كان لا يزال يجدها جذابة فهذه مشكلته. انها لا تهتم البتة لجمال بذلته الرمادية وجسمه الخلاب ولا لعينيه المثيرتين.
الا ان جسمها لم يبد متوافقا مع تفكيرها هذا ، فقد سرت فيه ارتعاشة لذكرى عناق مارك الدافئ.
دخل كينج مكتب فرانك وتوجه نحو الطاولة القديمة ثم جلس على الكرسى الجلدى. وراح ينظر فى انحاء الغرفة.
- هذه الغرفة لا بأس بها. تحتاج فقط الى طلاء جديد وتدمير هذا الحائط . . . فتصبح عندها مكتبا لائقا.
وقفت كلير صامتة وقد فغرت فمها.
- قولى لى كلير، اذا خيرت بين إدارة شركتك وإيجاد الحب فما الذى تختارينه؟
لم تتفوه بكلمة ، بل حدقت إليه لبرهة والألم يعصر فؤادها، وبعد هنيهة ردت:
- انا لا اؤمن بالحب. كيف تتجرأ وتتحدث عن الحب؟ أتراك تعرف ما هو؟ فأنت تتجول ، تمزق حياة الناس وتبيع شركاتهم أجزاء. أنت تستغل الناس عندما يحلو لك ذلك وتعود لترميهم بعدما تسأم منهم.
اخفض كينج نظره محاولا إخفاء ألمه:
- هل اعتبر هذا ردك؟
- نعم ، طبعا.
جحظت عينا كلير لحدة مشاعرها. حدقت الى حذائها، وراحت تعد نبضات قلبها وهى تجاهد منع نفسها من البكاء، فهى لا تريد ان تبدو ضعيفة امام احد وخاصة امام كينج. سمعت حفيف اوراق وصرير قلم، ثم رمى كينج مجموعة من الاوراق امامها. نظرت اليه:
- ما هذه؟
- هذه شركتك، كلير. انها مرادك فاسعدى بها.
وقف كينج وتوجه نحو الباب وقد بدت عيناه باردتان كالصوان. نظرت كلير الى الاوراق. لقد حول اسهم فرانك اليهل، وتشوش عقلها . . . باتت الشركة ملكا لها.
سرح فكر كلير فى الاسواق الكبرى وشراء المزيد من الشاحنات واستخدام موظفين جدد وانشاء فروع اخرى . . . لكن كل ذلك بدا لها فارغا . . . فارغا.
شعرت بالاضطراب ، فهى لم تجن ذلك بعرق جبينها. ألعل السبب فى ذلك أن مارك قدم لها هدية لا تقدر بثمن؟ قدم لها حلمها على طبق من فضة ومن دون مقابل؟ حدقت الى الباب . . . لقد ادرك ما الذى تحلم به وقدمه لها . اذا هو بهتم لامرها! لم تدر ما عليها ان تفعل. واغمضت عينيها فانهمرت الدموع منهما.
هل هى مستعدة لتفتح قلبها من جديد وتعرض نفسها لآلام الحب؟
واكن ايعقل ان تختبئ طيلة حياتها وان تتخلى عن الحياة وعن الحب؟
فتحت كلير الباب وهرعت الى المدخل. نظرت يمينا ويسارا فلم تجده. كان مارك كينج قد اختفى.
*****
نهاية الفصل الرابع عشر
|