كاتب الموضوع :
عبير قائد
المنتدى :
الارشيف
رد: فعاليات عبق الرومانسية الرمضانية "روحانيات"
فضل صوم رمضان وقيامه
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه من المسلمين، وفقني الله وإياهم لاغتنام الخيرات، وجعلني وإياهم من المسارعين إلى الأعمال الصالحات، آمين:
سلامٌ عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فيا أيها المسلمون، إنكم في شهر عظيم مبارك ألا وهو شهر رمضان: شهر الصيام، والقيام، وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تُجاب فيه الدعوات وترفع الدرجات وتُغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات ويجزل فيه لأوليائه العطيات، شهر جعل الله سبحانه وتعالى صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأمر الناس بصيامه، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن من صامه إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه، ومن قامه إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه، شهرٌ فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم، فعظموه رحمكم الله بالنية الصالحة والاجتهاد في حفظ صيامه وقيامه، والمسابقة فيه إلى الخيرات، والمبادرة فيه إلى التوبة النصوح من جميع الذنوب والسيئات، واجتهدوا في التناصح بينكم والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى كل خير لتفوزوا بالكرامة والأجر العظيم.
وفي الصيام فوائد كثيرة وحكم عظيمة، منها: تطهير النفس وتهذيبها وتزكيتها من الأخلاق السيئة والصفات الذميمة كالأشر والبطر والبخل، وتعويدها الأخلاق الكريمة كالصبر والحلم، والجود والكرم، ومجاهدة النفس فيما يرضي الله ويقرب لديه.
ومن فوائد الصوم: أنه يُعرّف العبد نفسه وحاجته وضعفه وفقره لربه ويذكره بعظيم نعم الله تعالى عليه ويذكره أيضاً بحاجة إخوانه الفقراء، فيوجب له ذلك شكراً لله سبحانه وتعالى والاستعانة بنعمه على طاعته، ومواساة إخوانه الفقراء والإحسان إليه، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الفوائد في قوله- عزّ وجلّ-: { يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصِّيام كما كُتب على الَّذين من قبلكم لعلَّكُم تتَّقُون } [البقرة:183].
فأوضح- سبحانه- أنه كتب علينا الصيام لنتقيه سبحانه؛ فذل ذلك: على أن الصيام وسيلة للتقوى. والتقوى: هي توحيد الله- سبحانه- والإيمان به وبرسوله وبكل ما أخبر الله به ورسوله وطاعته ورسوله، بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه من إخلاص لله- عزّ وجلّ- ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقي العبد عذاب الله تعالى وغضبه.
فالصيام شعبة عظيمة من شعب التقوى، وقُربة إلى المولى عزّ وجلّ ووسيلة قوية إلى التقوى في بقية شؤون الدين والدنيا، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض فوائد الصوم في قوله: « يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفجر، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء » [رواه البخاري، ومسلم].
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين » [رواه البخاري، ومسلم].
وأخرج الترمذي، وابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إذا كان أول ليلة من رمضان صُفِّدت الشياطين ومردة الجن، وغُلقِّت أبواب النار فلم يُفتح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب، ويُنادي منادٍ يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة » .
وعن عبادة بن الصامت- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه ويُباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيراً فإن الشقي من حُرِمَ فيه رحمة الله » [مجمع الزوائد للهيثمي، وقال رواه الطبراني].
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إن الله- تبارك وتعالى- فرض صيام رمضان عليكم، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه » [رواه النسائي].
وليس في قيام رمضان حد محدود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت لأمته في ذلك شيئاً، وإنما حثهم على قيام رمضان ولم يحدد ذلك بركعات معدودة، ولما سُئل صلى الله عليه وسلم- عن قيام الليل قال: « مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى » [رواه البخاري، ومسلم].
|